سنة عشرين وستمائة من الهجرة
من الأعيان
من الأعيان
الشيخ الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد
ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر ، شيخ الإسلام . مصنف المغني في المذهب ، أبو محمد المقدسي إمام عالم بارع ، لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه .
ولد بجماعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، وقدم مع أهله إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين ، وقرأ القرآن وسمع الحديث الكثير ورحل مرتين إلى العراق ، إحداهما في سنة إحدى وستين مع ابن عمه الحافظ عبد الغني ، والأخرى سنة سبع وستين ، وحج فيسنة ثلاث وسبعين ، وتفقه ببغداد على مذهب الإمام أحمد ، وبرع وأفتى وناظر وتبحر في فنون كثيرة .
مع زهد وعبادة وورع وتواضع وحسن أخلاق وجود وحياء وحسن سمت ونور وبهاء وكثرة تلاوة وصلاة وصيام وقيام وطريقة حسنة ، واتباع للسلف الصالح ، وكانت له أحوال ومكاشفات .
وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى : إن لم تكن العلماء العاقلون أولياء الله فلا أعلم لله وليا ، وكان يؤم الناس للصلاة في محراب الحنابلة هو والشيخ العماد ، فلما توفي العماد استقل هو بالوظيفة ، فإن غاب صلى عنه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني ، وكان يتنفل بين العشاءين بالقرب من محرابه ،فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدولعي بالرصيف ، وأخذ معه من الفقراء من تيسر يأكلون معه من طعامه .
وكان منزله الأصلي بقاسيون فينصرف بعض الليالي بعد العشاء إلى الجبل ، فاتفق في بعض الليالي أن خطف رجل عمامته ، وكان فيها كاغد فيه رمل ، فقال له الشيخ :
خذ الكاغد وألق العمامة ، فظن الرجل أن ذلك نفقة فأخذه ، وألقى العمامة .
وهذا يدل على ذكاء مفرط واستحضار حسن في الساعة الراهنة ، حتى خلص عمامته من يده بتلطف .
وله مصنفات عديدة مشهورة :
منها : ( المغني في شرح مختصر الخرقي ) في عشرة مجلدات .
و ( الشافي ) في مجلدين .
و ( المقنع ) للحفظ .
و ( الروضة ) في أصول الفقه ، وغير ذلك من التصانيف المفيدة .
وكانت وفاته في يوم عيد الفطر في هذه السنة ، وقد بلغ الثمانين ، وكان يوم سبت وحضر جنازته خلق كثير ، ودفن بتربته المشهورة ، ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله تعالى ، وكان له أولاد ذكور وإناث ، فلما كان حيا ماتوا في حياته .
ولم يعقب منهم سوى ابنه عيسى ولدين ثم ماتا وانقطع نسله .
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي : نقلت من خط الشيخ موفق رحمه الله تعالى :
لا تجلسن بباب من * * يأبى عليك وصول داره
وتقول حاجاتي إليـ * * ـه يعوقها إن لم أداره
واتركه واقصد ربها * * تقضى ورب الدار كاره
ومما أنشده الشيخ موفق الدين لنفسه رحمه الله تعالى ورضى عنه قوله :
أبعد بياض الشعر أعمر مسكنا * * سوى القبر ، إني إن فعلت لأحمق
يخبرني شيبي بأني ميت * * وشيكا ، فينعاني إلي ويصدق
يخرق عمري كل يوم وليلة * * فهل مستطاع وقع ما يتخرق
كأني بجسمي فوق نعشي ممددا * * فمن ساكت أو معول يترحق
إذا سئلوا عني أجابوا وعولوا * * وأدمعهم تنهلهذا الموفق
وغيبت في صدع من الأرض ضيق * * وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق
ويحثو على الترب أوثـق صاحب * * ويسلمني للقـبر من هو مشفق
فيا رب كن لي مؤنسا يوم وحشتي * * فإني بما أنزلته لمصدق
وما ضرني أني إلى الله صائر * * ومن هو من أهلـي أبر وأرفق .
البداية والنهاية
ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر ، شيخ الإسلام . مصنف المغني في المذهب ، أبو محمد المقدسي إمام عالم بارع ، لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه .
ولد بجماعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، وقدم مع أهله إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين ، وقرأ القرآن وسمع الحديث الكثير ورحل مرتين إلى العراق ، إحداهما في سنة إحدى وستين مع ابن عمه الحافظ عبد الغني ، والأخرى سنة سبع وستين ، وحج فيسنة ثلاث وسبعين ، وتفقه ببغداد على مذهب الإمام أحمد ، وبرع وأفتى وناظر وتبحر في فنون كثيرة .
مع زهد وعبادة وورع وتواضع وحسن أخلاق وجود وحياء وحسن سمت ونور وبهاء وكثرة تلاوة وصلاة وصيام وقيام وطريقة حسنة ، واتباع للسلف الصالح ، وكانت له أحوال ومكاشفات .
وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى : إن لم تكن العلماء العاقلون أولياء الله فلا أعلم لله وليا ، وكان يؤم الناس للصلاة في محراب الحنابلة هو والشيخ العماد ، فلما توفي العماد استقل هو بالوظيفة ، فإن غاب صلى عنه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني ، وكان يتنفل بين العشاءين بالقرب من محرابه ،فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدولعي بالرصيف ، وأخذ معه من الفقراء من تيسر يأكلون معه من طعامه .
وكان منزله الأصلي بقاسيون فينصرف بعض الليالي بعد العشاء إلى الجبل ، فاتفق في بعض الليالي أن خطف رجل عمامته ، وكان فيها كاغد فيه رمل ، فقال له الشيخ :
خذ الكاغد وألق العمامة ، فظن الرجل أن ذلك نفقة فأخذه ، وألقى العمامة .
وهذا يدل على ذكاء مفرط واستحضار حسن في الساعة الراهنة ، حتى خلص عمامته من يده بتلطف .
وله مصنفات عديدة مشهورة :
منها : ( المغني في شرح مختصر الخرقي ) في عشرة مجلدات .
و ( الشافي ) في مجلدين .
و ( المقنع ) للحفظ .
و ( الروضة ) في أصول الفقه ، وغير ذلك من التصانيف المفيدة .
وكانت وفاته في يوم عيد الفطر في هذه السنة ، وقد بلغ الثمانين ، وكان يوم سبت وحضر جنازته خلق كثير ، ودفن بتربته المشهورة ، ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله تعالى ، وكان له أولاد ذكور وإناث ، فلما كان حيا ماتوا في حياته .
ولم يعقب منهم سوى ابنه عيسى ولدين ثم ماتا وانقطع نسله .
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي : نقلت من خط الشيخ موفق رحمه الله تعالى :
لا تجلسن بباب من * * يأبى عليك وصول داره
وتقول حاجاتي إليـ * * ـه يعوقها إن لم أداره
واتركه واقصد ربها * * تقضى ورب الدار كاره
ومما أنشده الشيخ موفق الدين لنفسه رحمه الله تعالى ورضى عنه قوله :
أبعد بياض الشعر أعمر مسكنا * * سوى القبر ، إني إن فعلت لأحمق
يخبرني شيبي بأني ميت * * وشيكا ، فينعاني إلي ويصدق
يخرق عمري كل يوم وليلة * * فهل مستطاع وقع ما يتخرق
كأني بجسمي فوق نعشي ممددا * * فمن ساكت أو معول يترحق
إذا سئلوا عني أجابوا وعولوا * * وأدمعهم تنهلهذا الموفق
وغيبت في صدع من الأرض ضيق * * وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق
ويحثو على الترب أوثـق صاحب * * ويسلمني للقـبر من هو مشفق
فيا رب كن لي مؤنسا يوم وحشتي * * فإني بما أنزلته لمصدق
وما ضرني أني إلى الله صائر * * ومن هو من أهلـي أبر وأرفق .
البداية والنهاية