سنة ثمان وسبعين من الهجرة
العلاء بن زياد البصري
كان من العباد الصالحين من أهل البصرة ، وكان كثير الخوف والورع ، وكان يعتزل في بيته ولا يخالط الناس ، وكان كثير البكاء ، لم يزل يبكي حتى عمي ، وله مناقب كثيرة ، توفي بالبصرة في هذه السنة . قلت : إنما كان معظم بكاء العلاء بن زياد بعد تلك الرؤيا التي رآها له رجل من أهل الشام أنه من أهل الجنة ، فقال له العلاء : أما أنت يا أخي فجزاك الله عن رؤياك لي خيرا ، وأما أنا فقد تركتني رؤياك لا أهدأ بليل ولا نهار ، وكان بعدها يطوي الأيام لا يأكل فيها شيئا وبكى حتى كاد يفارق الدنيا ، ويصلي لا يفتر ، حتى جاء أخوه إلى الحسن البصري فقال : أدرك أخي فإنه قاتل نفسه ، يصوم لا يفطر ، ويقوم لا ينام ، ويبكي الليل والنهار لرؤيا رآها بعض الناس له أنه من أهل الجنة ، فجاء الحسن فطرق عليه بابه فلم يفتح ، فقال له : افتح فإني أنا الحسن ، فلما سمع صوت الحسن فتح له ، فقال له الحسن : يا أخي الجنة وما الجنة للمؤمن ، إن للمؤمن عند الله ما هو أفضل من الجنة ، فقاتل أنت نفسك ؟ فلم يزل به حتى أكل وشرب وقصر عما كان فيه قليلا .
وروى ابن أبي الدنيا عنه أنه أتاه آت في مقامه فأخذ بناصيته وقال : يا غلام قم فاذكر الله يذكرك . فما زالت تلك الشعرات التي أخذ بها قائمة حتى مات ، وقد قيل إنه كان يرفع له إلى الله كل يوم من العمل الصالح بقدر أعمال خلق كثير من الناس كما رأى ذلك بعض أصحابه في المنام . وقال العلاء نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار فإن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا . وقال كان رجل يرائي بعمله فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته إذا قرأ فجعل لا يأتي على أحد إلا سبه ، ثم رزقه الله الإخلاص واليقين فخفض من صوته وجعل صلاحه بينه وبين الله ، فجعل لا يأتي على أحد بعد ذلك إلا دعا له بخير .
البداية والنهاية
العلاء بن زياد البصري
كان من العباد الصالحين من أهل البصرة ، وكان كثير الخوف والورع ، وكان يعتزل في بيته ولا يخالط الناس ، وكان كثير البكاء ، لم يزل يبكي حتى عمي ، وله مناقب كثيرة ، توفي بالبصرة في هذه السنة . قلت : إنما كان معظم بكاء العلاء بن زياد بعد تلك الرؤيا التي رآها له رجل من أهل الشام أنه من أهل الجنة ، فقال له العلاء : أما أنت يا أخي فجزاك الله عن رؤياك لي خيرا ، وأما أنا فقد تركتني رؤياك لا أهدأ بليل ولا نهار ، وكان بعدها يطوي الأيام لا يأكل فيها شيئا وبكى حتى كاد يفارق الدنيا ، ويصلي لا يفتر ، حتى جاء أخوه إلى الحسن البصري فقال : أدرك أخي فإنه قاتل نفسه ، يصوم لا يفطر ، ويقوم لا ينام ، ويبكي الليل والنهار لرؤيا رآها بعض الناس له أنه من أهل الجنة ، فجاء الحسن فطرق عليه بابه فلم يفتح ، فقال له : افتح فإني أنا الحسن ، فلما سمع صوت الحسن فتح له ، فقال له الحسن : يا أخي الجنة وما الجنة للمؤمن ، إن للمؤمن عند الله ما هو أفضل من الجنة ، فقاتل أنت نفسك ؟ فلم يزل به حتى أكل وشرب وقصر عما كان فيه قليلا .
وروى ابن أبي الدنيا عنه أنه أتاه آت في مقامه فأخذ بناصيته وقال : يا غلام قم فاذكر الله يذكرك . فما زالت تلك الشعرات التي أخذ بها قائمة حتى مات ، وقد قيل إنه كان يرفع له إلى الله كل يوم من العمل الصالح بقدر أعمال خلق كثير من الناس كما رأى ذلك بعض أصحابه في المنام . وقال العلاء نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار فإن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا . وقال كان رجل يرائي بعمله فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته إذا قرأ فجعل لا يأتي على أحد إلا سبه ، ثم رزقه الله الإخلاص واليقين فخفض من صوته وجعل صلاحه بينه وبين الله ، فجعل لا يأتي على أحد بعد ذلك إلا دعا له بخير .
البداية والنهاية