سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة
وفيها توفي وهاهي ترجمته وبعض أقواله رحمه الله
هو ميمون بن مهران فهو من أجلاء علماء التابعين وزهادهم وعبادهم وأئمتهم .
كان ميمون إمام أهل الجزيرة .
روى الطبراني عنه ، أنه قيل له : مالك لا يفارقك أخ لك عن قلى ؟
قال : لأني لا أماريه ولا أشاريه .
قال عمر بن ميمون : ما كان أبي يكثر الصلاة ولا الصيام ، ولكن كان يكره أن يعصي الله عز وجل .
وروى ابن أبي عدي : عن يونس ، عنه ، قال : لا تمارينَّ عالما ولا جاهلا ، فإنك إن ماريت عالما خزن عنك علمه ، وإن ماريت جاهلا خشن بصدرك .
وقال عمر بن ميمون : خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة ، فمررنا بجدول فلم يستطيع الشيخ أن يتخطاه ، فاضجعت له فمر على ظهري ، ثم قمت فأخذت بيده .
ثم دفعنا إلى منزل الحسن فطرقت الباب فخرجت إلينا جارية سداسية ، فقالت : من هذا ؟
فقلت : هذا ميمون بن مهران أراد لقاء الحسن .
فقالت : كاتب عمر بن عبد العزيز ؟
قلت لها : نعم !
قالت : يا شقي ما بقاؤك إلى هذا الزمان السوء ؟
قال : فبكى الشيخ فسمع الحسن بكاءه فخرج إليه فاعتنقا ثم دخلا ، فقال ميمون : يا أبا سعيد ! إني قد أنست من قلبي غلظة فاستكن لي منه ، فقرأ الحسن : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } [205] .
فسقط الشيخ مغشيا عليه ، فرأيته يفحص برجليه كما تفحص الشاة إذا ذبحت ، فأقام طويلا ثم جاءت الجارية فقالت : قد أتعبتم الشيخ قوموا تفرقوا .
فأخذت بيد أبي فخرجت فقلت : أبت أهذا هو الحسن ؟
قال : نعم .
قلت : قد كنت أحسب في نفسي أنه أكبر من هذا .
قال : فوكز في صدري وكزة ثم قال : يا بني لقد قرأ علينا آية لو فهمتها بقلبك لألفيت لها فيه كلوما .
وروى الطبراني ، عنه ، أنه قال : ما أحب أني أعطيت درهما في لهوٍ وأن لي مكانه مائة ألف ، أخشى أن تصيبني هذه الآية : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } الآية : [206] .
وقال جعفر بن برقان : عن ميمون بن مهران ، قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز فلما قمت قال عمر : إذا ذهب هذا وأضرابه لم يبق من الناس إلا مجاجة .
وروى الإمام أحمد ، عن معمر بن سليمان الرقي ، عن فرات بن سليمان ، عن ميمون بن مهران ، قال : ثلاث لا تبلونَّ نفسك بهن : لا تدخل على سلطان وإن قلت آمره بطاعة الله ، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله ، ولا تصغين بسمعك إلى ذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك من هواه .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، في قوله تعالى : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادا } [207] و { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [208] فقال : التمسوا هذين المرصادين جوازا .
وفي قوله : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } [209] : فيها وعيد شديد للظالم ، وتعزية للمظلوم .
وقال : لو أن أهل القرآن صلحوا لصلح الناس .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا عيسى بن سالم الشاشي ، حدثنا أبو المليح ، قال : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : لا خير في الدنيا إلا رجلين ، رجل تائب - أو قال : يتوب - من الخطيئات ، ورجل يعمل في الدرجات ، فلا خير في العيش والبقاء في الدنيا إلا لهذين الرجلين ، رجل يعمل في الكفارات ، ورجل يعمل في الدرجات ، وبقاء ما سواهما وبال عليه .
وقال جعفر بن برقان : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : إن هذا القرآن قد خلق في صدور كثير من الناس فالتمسوا ما سواه من الأحاديث ، وإن فيمن يتبع هذا العلم قوما يتخذونه بضاعة يلتمس بها الدنيا ، ومنهم من يريد أن يماري به ، وخيرهم من يتعلمه ويطيع الله عز وجل به .
وقال : من اتبع القرآن قاده القرآن حتى يحل به الجنة ، ومن ترك القرآن لم يدعه القرآن يتبعه حتى يقذفه في النار .
وقال الإمام أحمد : حدثنا خالد بن حيان ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال .
روى ميمون ، عن جماعة من الصحابة ، وكان يسكن الرقة ، رحمه الله تعالى
البداية والنهاية
هو ميمون بن مهران فهو من أجلاء علماء التابعين وزهادهم وعبادهم وأئمتهم .
كان ميمون إمام أهل الجزيرة .
روى الطبراني عنه ، أنه قيل له : مالك لا يفارقك أخ لك عن قلى ؟
قال : لأني لا أماريه ولا أشاريه .
قال عمر بن ميمون : ما كان أبي يكثر الصلاة ولا الصيام ، ولكن كان يكره أن يعصي الله عز وجل .
وروى ابن أبي عدي : عن يونس ، عنه ، قال : لا تمارينَّ عالما ولا جاهلا ، فإنك إن ماريت عالما خزن عنك علمه ، وإن ماريت جاهلا خشن بصدرك .
وقال عمر بن ميمون : خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة ، فمررنا بجدول فلم يستطيع الشيخ أن يتخطاه ، فاضجعت له فمر على ظهري ، ثم قمت فأخذت بيده .
ثم دفعنا إلى منزل الحسن فطرقت الباب فخرجت إلينا جارية سداسية ، فقالت : من هذا ؟
فقلت : هذا ميمون بن مهران أراد لقاء الحسن .
فقالت : كاتب عمر بن عبد العزيز ؟
قلت لها : نعم !
قالت : يا شقي ما بقاؤك إلى هذا الزمان السوء ؟
قال : فبكى الشيخ فسمع الحسن بكاءه فخرج إليه فاعتنقا ثم دخلا ، فقال ميمون : يا أبا سعيد ! إني قد أنست من قلبي غلظة فاستكن لي منه ، فقرأ الحسن : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } [205] .
فسقط الشيخ مغشيا عليه ، فرأيته يفحص برجليه كما تفحص الشاة إذا ذبحت ، فأقام طويلا ثم جاءت الجارية فقالت : قد أتعبتم الشيخ قوموا تفرقوا .
فأخذت بيد أبي فخرجت فقلت : أبت أهذا هو الحسن ؟
قال : نعم .
قلت : قد كنت أحسب في نفسي أنه أكبر من هذا .
قال : فوكز في صدري وكزة ثم قال : يا بني لقد قرأ علينا آية لو فهمتها بقلبك لألفيت لها فيه كلوما .
وروى الطبراني ، عنه ، أنه قال : ما أحب أني أعطيت درهما في لهوٍ وأن لي مكانه مائة ألف ، أخشى أن تصيبني هذه الآية : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } الآية : [206] .
وقال جعفر بن برقان : عن ميمون بن مهران ، قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز فلما قمت قال عمر : إذا ذهب هذا وأضرابه لم يبق من الناس إلا مجاجة .
وروى الإمام أحمد ، عن معمر بن سليمان الرقي ، عن فرات بن سليمان ، عن ميمون بن مهران ، قال : ثلاث لا تبلونَّ نفسك بهن : لا تدخل على سلطان وإن قلت آمره بطاعة الله ، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله ، ولا تصغين بسمعك إلى ذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك من هواه .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، في قوله تعالى : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادا } [207] و { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [208] فقال : التمسوا هذين المرصادين جوازا .
وفي قوله : { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } [209] : فيها وعيد شديد للظالم ، وتعزية للمظلوم .
وقال : لو أن أهل القرآن صلحوا لصلح الناس .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا عيسى بن سالم الشاشي ، حدثنا أبو المليح ، قال : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : لا خير في الدنيا إلا رجلين ، رجل تائب - أو قال : يتوب - من الخطيئات ، ورجل يعمل في الدرجات ، فلا خير في العيش والبقاء في الدنيا إلا لهذين الرجلين ، رجل يعمل في الكفارات ، ورجل يعمل في الدرجات ، وبقاء ما سواهما وبال عليه .
وقال جعفر بن برقان : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : إن هذا القرآن قد خلق في صدور كثير من الناس فالتمسوا ما سواه من الأحاديث ، وإن فيمن يتبع هذا العلم قوما يتخذونه بضاعة يلتمس بها الدنيا ، ومنهم من يريد أن يماري به ، وخيرهم من يتعلمه ويطيع الله عز وجل به .
وقال : من اتبع القرآن قاده القرآن حتى يحل به الجنة ، ومن ترك القرآن لم يدعه القرآن يتبعه حتى يقذفه في النار .
وقال الإمام أحمد : حدثنا خالد بن حيان ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : لا يسلم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال .
وقال ميمون : من كان يريد أن يعلم ما منزلته عند الله فلينظر في عمله فإنه قادم عليه كائنا ما كان .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن عثمان الحربي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال : نظر رجل من المهاجرين إلى رجل يصلي فأخفى الصلاة فعاتبه ، فقال : إني ذكرت ضيعة لي ، فقال : أكبر الضيعة أضعته .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا جعفر بن محمد الدسعني ، حدثنا أبو جعفر النفيلي ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن زيد ، قال : قال ميمون : لا تعرف الأمير ولا تعرف من يعرفه .
وروى عبد الله بن أحمد عنه أيضا قال : لإن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة .
وقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا هاشم بن الحارث ، حدثنا أبو المليح الرقي ، عن حبيب بن أبي مرزوق ، قال : قال ميمون : وددت أن إحدى عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها ، وأني لم أل عملا قط .
قلت : ولا لعمر بن عبد العزيز ؟
قال : ولا لعمر بن عبد العزيز ، لا خير في العمل لا لعمر ولا لغيره .
وقال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا سفيان ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : ما عرضت قولي على عملي إلا وجدت من نفسي اعتراضا .
وقال الطبراني : حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا خالد بن حيان ، حدثنا جعفر ، عن ميمون ، قال : قال لي ميمون : قل لي في وجهي ما أكره ، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، في قوله تعالى : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } [210] قال : تخفض أقواما وترفع آخرين .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني عيسى بن سالم ، حدثنا أبو المليح ، حدثنا بعض أصحابي ، قال : كنت أمشي مع ميمون فنظر فرأى عليَّ ثوب كتان فقال : أما بلغك أنه لا يلبس الكتان إلا غني أو غاو ؟
وبهذا الإسناد سمعت ميمون بن مهران ، يقول : أول من مشت الرجال معه وهو راكب الأشعت بن قيس الكندي ، ولقد أدركت السلف وهم إذا نظروا إلى رجل راكب ورجل يحضر معه قالوا : قاتله جبار .
وقال عبد الله بن أحمد : بلغني عن عبد الله بن كريم بن حبان ، - وقد رأيته - حدثنا أبو المليح ، قال : قال ميمون : ما أحب أن لي ما بين باب الرها إلى حوران بخمسة دراهم .
وقال ميمون : يقول أحدهم : اجلس في بيتك ، وأغلق عليك بابك ، وانظر هل يأتيك رزقك ؟ نعم ! والله لو كان له مثل يقين مريم وإبراهيم عليهما السلام ، وأغلق عليه بابه ، وأرخى عليه ستره ، لجاءه رزقه .
وقال : لو أن كل إنسان منا يتعاهد كسبه فلم يكسب إلا طيبا ، فأخرج ما عليه ، ما احتيج إلى الأغنياء ، ولا احتاج الفقراء .
وقال أبو المليح : عن ميمون ، قال : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا كان إسقاط المكروه عنه أحب إلي من تخفيفه عليه ، فإن قال : لم أقل ، كان قوله لم أقل أحب إلي من ثمانية يشهدون عليه ، فإن قال : قلت ولم يعتذر ، أبغضته من حيث أحببته .
وقال : سمعت ابن عباس ، يقول : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل : إن كان فوقي عرفت له قدره ، وإن كان نظيري تفضلت عليه ، وإن كان دوني لم أحفل به . هذه سيرتي في نفسي ، فمن رغب عنها فان ارض الله واسعة .
وقال أبان بن أبي راشد القشيري : كنت إذا أردت الصائفة أتيت ميمون بن مهران أودعه ، فما يزيدني على كلمتين : اتق الله ، ولا يغرنك طمع ولا غضب .
وقال أبو المليح : عن ميمون ، قال : العلماء هم ضالتي في كل بلدة ، وهم أحبتي في كل مصر ، ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء .
وقال في قوله تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [211] قال : عزقا .
وقال : لأن أتصدق بدرهم في حياتي أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم بعد موتي .
وقال : كان يقال : الذكر ذكران : ذكر الله باللسان ، وأفضل من ذلك أن تذكره عند ما أحل وحرم ، وعند المعصية فتكف عنها وقد أشرفت .
وقال : ثلاث الكافر والمؤمن فيهن سواء : الأمانة تؤديها إلى من ائتمنك عليها من مسلم وكافر ، وبر الوالدين وإن كانا كافرين ، والعهد تفي به للمؤمن والكافر .
وقال صفوان : عن خلف بن حوشب ، عن ميمون ، قال : أدركت من لم يكن يملأ عينيه من السماء فرقا من ربه عز وجل .
وقال أحمد بن يزيغ : حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا هارون أبو محمد البربري ، أن عمر بن عبد العزيز استعمل ميمون بن مهران على الجزيرة وعلى قضائها وخراجها ، فمكث حينا ثم كتب إلى عمر يستعفيه عن ذلك ، وقال : كلفتني ما لا أطيق ، أقضي بين الناس وأناشيخ كبير ضعيف رقيق .
فكتب إليه عمر : أجب من الخراج الطيب ، واقض بما استبان لك ، فإذا التبس عليك أمر فارفعه إلي ، فإن الناس لو كان إذا كبر عليهم أمر تركوه ما قام لهم دين ولا دنيا .
قال قتيبة بن سعيد : حدثنا كثير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، قال : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا تاب محيت من قلبه ، فترى قلب المؤمن مجليا مثل المرآة ، ما يأتيه الشيطان من ناحية إلا أبصره ، وأما الذي يتتابع في الذنوب فإنه كلما أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فلا يبصر الشيطان من أين يأتيه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن ثابت ، حدثنا جعفر ، عن ميمون ، قال : ما أقل أكياس الناس ! ألا يبصر الرجل أمره حتى ينظر إلى الناس وإلى ما أدوا به ، وإلى ما قد أكبوا عليه من الدنيا ، فيقول : ما هؤلاء إلا أمثال الأباعر ، لا همَّ لها إلا ما تجعل في أجوافها ، حتى إذا أبصر غفلتهم نظر إلى نفسه فقال : والله إني لأراني من شرهم بعيرا واحدا .
وبهذا الإسناد عنه : ما من صدقة أفضل من كلمة حق عند إمام جائر .
وقال : لا تعذب المملوك ولا تضر به على كل ذنب ، ولكن احفظ ذلك له ، فإذا عصى الله عز وجل فعاقبه على معصية الله وذكره الذنوب التي أذنب بينك وبينه .
وقال قتيبة : حدثنا جعفر بن برقان ، سمعت ميمون بن مهران ، يقول : لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه ، حتى يعلم من أين مطعمه ، ومن أين مشربه ، أمن حلالٍ ذلك أم من حرام ؟ .
وقال أبو زرعة الدارمي : حدثنا سعيد بن حفص النفيلي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، قال : الفاسق بمنزلة السبع فإذا كلمت فيه فخليت سبيله فقد خليت سبعا على المسلمين .
وقال جعفر بن برقان : قلت لميمون بن مهران : إن فلانا يستبطئ نفسه في زيارتك ، قال : إذا ثبتت المودة في القلوب فلا بأس وإن طال المكث .
وقال أحمد : حدثنا ميمون الرقي ، حدثنا الحسن أبو المليح ، عن ميمون ، قال : لا تجد غريما أهون عليك من بطنك أو ظهرك .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا عبد الله بن ميمون ، حدثنا الحسن ، عن حبيب بن أبي مرزوق ، قال : رأيت على ميمون جبة صوف تحت ثيابه فقلت له : ما هذا ؟ قال : نعم ! فلا تخبر به أحدا .
وقال عبد الله بن أحمد . حدثني يحيى بن عثمان ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، قال : من أساء سرا فليتب سرا ، ومن أساء علانية فليتب علانية ، فإن الله يغفر ولا يعير ، وإن الناس يعيرون ولا يغفرون .
وقال جعفر : قال ميمون : في المال ثلاث آفات ، إن نجا صاحبه من واحدة لم ينج من اثنتين ، وإن نجا من اثنتين كان قمينا أن لا ينجو من الثالثة : ينبغي أن يكون حلالا طيبا ، فأيكم الذي يسلم كسبه فلم يدخله إلا طيبا ؟ فإن سلم من هذه فينبغي أن يؤدي الحقوق التي تلزمه في ماله ، فإن سلم من هذه فينبغي أن يكون في نفقته ليس بمسرف ولا مقتر .
وقال : سمعت ميمونا ، يقول : أهون الصوم ترك الطعام والشراب .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثنا يحيى بن عثمان الحربي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال : ما نال رجل من جسيم الخير نبي أو غيره إلا بالصبر .
وبهذا الإسناد قال : الدنيا خلوة خضرة قد حفت بالشهوات ، والشيطان عدو حاضر ، فيظن أن أمر الآخرة آجل وأمر الدنيا عاجل .
وقال يونس بن عبيدة : كان طاعون قِبل بلاد ميمون بن مهران ، فكتبت إليه أسأله عن أهله ، فكتب إلي : بلغني كتابك تسألني عن أهلي ، وإنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنسانا ، وإني أكره البلاء إذا أقبل ، فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن ، وأما أنت فعليك بكتاب الله ، فإن الناس قد بهتوا عنه - يعني : أيسوا - واختاروا الأحاديث ، أحاديث الرجال ، وإياك والمرائي في الدين .
قال أبو عبيد في الغريب : بهئوا به مهموزا ،ومعناه : أنسوا به .
وقال عمر بن ميمون : كنت مع أبي ونحن نطوف بالكعبة فلقي أبي شيخ فعانقه ، ومع الشيخ فتى نحو مني ، فقال له أبي : من هذا ؟
قال : ابني .
قال : كيف رضاك عنه ؟
فقال : ما بقيت خصلة يا أبا أيوب من خصال الخير إلا وقد رأيتها فيه ، إلا واحدة .
وقال : وما هي ؟
قال : أن يموت فأوجر فيه - أو قال : فأحتسبه - ثم فارقه أبي ، فقلت : من هذا الشيخ ؟
فقال : مكحول .
وقال : شر الناس العيابون ، ولا يلبس الكتان إلا غني أو غوي .
وروى الإمام أحمد ، عنه ، قال : يا ابن آدم ! خفف عن ظهرك فإن ظهرك لا يطيق كل هذا الذي يحمل ، من ظلم هذا ، وأكل مال هذا ، وغشم هذا ، وكل هذا على ظهرك تحمله ، فخفف عن ظهرك .
وقال : إن أعمالكم قليلة فأخلصوا هذا القليل .
وقال : ما أتي قوم في ناديهم المنكر إلا حق هلاكهم .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، أنه قرأ : { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } [212] ثم فارق حتى بكى ، ثم قال : ما سمع الخلائق بنعت قط أشد منه .
وقال أبو عوانة : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا خالد ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ميمون ، قال : أربع لا تكلم فيهم : علي ، وعثمان ، والقدر ، والنجوم .
وقال : احذروا كل هوى يسمى بغير الإسلام .
وروى شبابة ، عن فرات بن السائب ، قال : سألت ميمون أعلي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر ؟ فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ثم قال : ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما غيرهما ، إنهما كانا رداءي الإسلام ، ورأس الإسلام ، ورأس الجماعة .
فقلت : فأبو بكر كان أول إسلاما أم علي ؟
فقال : والله لقد آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم زمن بحيرا الراهب حين مر به ، وكان أبو بكر هو الذي يختلف بينه وبين خديجة حتى أنكحها إياه ، وذلك كله قبل أن يولد علي ، وكان صاحبه وصديقه قبل ذلك .
وروى ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قلَّ ما يوجد في آخر الزمان درهم من حلال ، أو أخ يوثق به » .
وروي عن ابن عمر أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « شر المال في آخر الزمان المماليك » .
وروى ابن أبي الدنيا ، عنه ، قال : من طلب مرضاة الإخوان بلا شيء فليصادق أهل القبور .
وقال : من ظلم أحدا ففاته أن يخرج من مظلمته فاستغفر له دبر كل صلاة خرج من مظلمته .وهذا إن شاء الله يدخل فيه الأعراض والأموال وسائر المظالم .
وقال ميمون : القاتل والآمر والمأمور والظالم والراضي بالظلم ، كلهم في الوزر سواء .
وقال : أفضل الصبر الصبر على ما تكره نفسك ، من طاعة الله عز وجل .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن عثمان الحربي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال : نظر رجل من المهاجرين إلى رجل يصلي فأخفى الصلاة فعاتبه ، فقال : إني ذكرت ضيعة لي ، فقال : أكبر الضيعة أضعته .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا جعفر بن محمد الدسعني ، حدثنا أبو جعفر النفيلي ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن زيد ، قال : قال ميمون : لا تعرف الأمير ولا تعرف من يعرفه .
وروى عبد الله بن أحمد عنه أيضا قال : لإن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أؤتمن على امرأة .
وقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا هاشم بن الحارث ، حدثنا أبو المليح الرقي ، عن حبيب بن أبي مرزوق ، قال : قال ميمون : وددت أن إحدى عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها ، وأني لم أل عملا قط .
قلت : ولا لعمر بن عبد العزيز ؟
قال : ولا لعمر بن عبد العزيز ، لا خير في العمل لا لعمر ولا لغيره .
وقال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا سفيان ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : ما عرضت قولي على عملي إلا وجدت من نفسي اعتراضا .
وقال الطبراني : حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا خالد بن حيان ، حدثنا جعفر ، عن ميمون ، قال : قال لي ميمون : قل لي في وجهي ما أكره ، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، في قوله تعالى : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } [210] قال : تخفض أقواما وترفع آخرين .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني عيسى بن سالم ، حدثنا أبو المليح ، حدثنا بعض أصحابي ، قال : كنت أمشي مع ميمون فنظر فرأى عليَّ ثوب كتان فقال : أما بلغك أنه لا يلبس الكتان إلا غني أو غاو ؟
وبهذا الإسناد سمعت ميمون بن مهران ، يقول : أول من مشت الرجال معه وهو راكب الأشعت بن قيس الكندي ، ولقد أدركت السلف وهم إذا نظروا إلى رجل راكب ورجل يحضر معه قالوا : قاتله جبار .
وقال عبد الله بن أحمد : بلغني عن عبد الله بن كريم بن حبان ، - وقد رأيته - حدثنا أبو المليح ، قال : قال ميمون : ما أحب أن لي ما بين باب الرها إلى حوران بخمسة دراهم .
وقال ميمون : يقول أحدهم : اجلس في بيتك ، وأغلق عليك بابك ، وانظر هل يأتيك رزقك ؟ نعم ! والله لو كان له مثل يقين مريم وإبراهيم عليهما السلام ، وأغلق عليه بابه ، وأرخى عليه ستره ، لجاءه رزقه .
وقال : لو أن كل إنسان منا يتعاهد كسبه فلم يكسب إلا طيبا ، فأخرج ما عليه ، ما احتيج إلى الأغنياء ، ولا احتاج الفقراء .
وقال أبو المليح : عن ميمون ، قال : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا كان إسقاط المكروه عنه أحب إلي من تخفيفه عليه ، فإن قال : لم أقل ، كان قوله لم أقل أحب إلي من ثمانية يشهدون عليه ، فإن قال : قلت ولم يعتذر ، أبغضته من حيث أحببته .
وقال : سمعت ابن عباس ، يقول : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل : إن كان فوقي عرفت له قدره ، وإن كان نظيري تفضلت عليه ، وإن كان دوني لم أحفل به . هذه سيرتي في نفسي ، فمن رغب عنها فان ارض الله واسعة .
وقال أبان بن أبي راشد القشيري : كنت إذا أردت الصائفة أتيت ميمون بن مهران أودعه ، فما يزيدني على كلمتين : اتق الله ، ولا يغرنك طمع ولا غضب .
وقال أبو المليح : عن ميمون ، قال : العلماء هم ضالتي في كل بلدة ، وهم أحبتي في كل مصر ، ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء .
وقال في قوله تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [211] قال : عزقا .
وقال : لأن أتصدق بدرهم في حياتي أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم بعد موتي .
وقال : كان يقال : الذكر ذكران : ذكر الله باللسان ، وأفضل من ذلك أن تذكره عند ما أحل وحرم ، وعند المعصية فتكف عنها وقد أشرفت .
وقال : ثلاث الكافر والمؤمن فيهن سواء : الأمانة تؤديها إلى من ائتمنك عليها من مسلم وكافر ، وبر الوالدين وإن كانا كافرين ، والعهد تفي به للمؤمن والكافر .
وقال صفوان : عن خلف بن حوشب ، عن ميمون ، قال : أدركت من لم يكن يملأ عينيه من السماء فرقا من ربه عز وجل .
وقال أحمد بن يزيغ : حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا هارون أبو محمد البربري ، أن عمر بن عبد العزيز استعمل ميمون بن مهران على الجزيرة وعلى قضائها وخراجها ، فمكث حينا ثم كتب إلى عمر يستعفيه عن ذلك ، وقال : كلفتني ما لا أطيق ، أقضي بين الناس وأناشيخ كبير ضعيف رقيق .
فكتب إليه عمر : أجب من الخراج الطيب ، واقض بما استبان لك ، فإذا التبس عليك أمر فارفعه إلي ، فإن الناس لو كان إذا كبر عليهم أمر تركوه ما قام لهم دين ولا دنيا .
قال قتيبة بن سعيد : حدثنا كثير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، قال : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : إن العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا تاب محيت من قلبه ، فترى قلب المؤمن مجليا مثل المرآة ، ما يأتيه الشيطان من ناحية إلا أبصره ، وأما الذي يتتابع في الذنوب فإنه كلما أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه فلا يبصر الشيطان من أين يأتيه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن ثابت ، حدثنا جعفر ، عن ميمون ، قال : ما أقل أكياس الناس ! ألا يبصر الرجل أمره حتى ينظر إلى الناس وإلى ما أدوا به ، وإلى ما قد أكبوا عليه من الدنيا ، فيقول : ما هؤلاء إلا أمثال الأباعر ، لا همَّ لها إلا ما تجعل في أجوافها ، حتى إذا أبصر غفلتهم نظر إلى نفسه فقال : والله إني لأراني من شرهم بعيرا واحدا .
وبهذا الإسناد عنه : ما من صدقة أفضل من كلمة حق عند إمام جائر .
وقال : لا تعذب المملوك ولا تضر به على كل ذنب ، ولكن احفظ ذلك له ، فإذا عصى الله عز وجل فعاقبه على معصية الله وذكره الذنوب التي أذنب بينك وبينه .
وقال قتيبة : حدثنا جعفر بن برقان ، سمعت ميمون بن مهران ، يقول : لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه ، حتى يعلم من أين مطعمه ، ومن أين مشربه ، أمن حلالٍ ذلك أم من حرام ؟ .
وقال أبو زرعة الدارمي : حدثنا سعيد بن حفص النفيلي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، قال : الفاسق بمنزلة السبع فإذا كلمت فيه فخليت سبيله فقد خليت سبعا على المسلمين .
وقال جعفر بن برقان : قلت لميمون بن مهران : إن فلانا يستبطئ نفسه في زيارتك ، قال : إذا ثبتت المودة في القلوب فلا بأس وإن طال المكث .
وقال أحمد : حدثنا ميمون الرقي ، حدثنا الحسن أبو المليح ، عن ميمون ، قال : لا تجد غريما أهون عليك من بطنك أو ظهرك .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا عبد الله بن ميمون ، حدثنا الحسن ، عن حبيب بن أبي مرزوق ، قال : رأيت على ميمون جبة صوف تحت ثيابه فقلت له : ما هذا ؟ قال : نعم ! فلا تخبر به أحدا .
وقال عبد الله بن أحمد . حدثني يحيى بن عثمان ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون ، قال : من أساء سرا فليتب سرا ، ومن أساء علانية فليتب علانية ، فإن الله يغفر ولا يعير ، وإن الناس يعيرون ولا يغفرون .
وقال جعفر : قال ميمون : في المال ثلاث آفات ، إن نجا صاحبه من واحدة لم ينج من اثنتين ، وإن نجا من اثنتين كان قمينا أن لا ينجو من الثالثة : ينبغي أن يكون حلالا طيبا ، فأيكم الذي يسلم كسبه فلم يدخله إلا طيبا ؟ فإن سلم من هذه فينبغي أن يؤدي الحقوق التي تلزمه في ماله ، فإن سلم من هذه فينبغي أن يكون في نفقته ليس بمسرف ولا مقتر .
وقال : سمعت ميمونا ، يقول : أهون الصوم ترك الطعام والشراب .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثنا يحيى بن عثمان الحربي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال : ما نال رجل من جسيم الخير نبي أو غيره إلا بالصبر .
وبهذا الإسناد قال : الدنيا خلوة خضرة قد حفت بالشهوات ، والشيطان عدو حاضر ، فيظن أن أمر الآخرة آجل وأمر الدنيا عاجل .
وقال يونس بن عبيدة : كان طاعون قِبل بلاد ميمون بن مهران ، فكتبت إليه أسأله عن أهله ، فكتب إلي : بلغني كتابك تسألني عن أهلي ، وإنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنسانا ، وإني أكره البلاء إذا أقبل ، فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن ، وأما أنت فعليك بكتاب الله ، فإن الناس قد بهتوا عنه - يعني : أيسوا - واختاروا الأحاديث ، أحاديث الرجال ، وإياك والمرائي في الدين .
قال أبو عبيد في الغريب : بهئوا به مهموزا ،ومعناه : أنسوا به .
وقال عمر بن ميمون : كنت مع أبي ونحن نطوف بالكعبة فلقي أبي شيخ فعانقه ، ومع الشيخ فتى نحو مني ، فقال له أبي : من هذا ؟
قال : ابني .
قال : كيف رضاك عنه ؟
فقال : ما بقيت خصلة يا أبا أيوب من خصال الخير إلا وقد رأيتها فيه ، إلا واحدة .
وقال : وما هي ؟
قال : أن يموت فأوجر فيه - أو قال : فأحتسبه - ثم فارقه أبي ، فقلت : من هذا الشيخ ؟
فقال : مكحول .
وقال : شر الناس العيابون ، ولا يلبس الكتان إلا غني أو غوي .
وروى الإمام أحمد ، عنه ، قال : يا ابن آدم ! خفف عن ظهرك فإن ظهرك لا يطيق كل هذا الذي يحمل ، من ظلم هذا ، وأكل مال هذا ، وغشم هذا ، وكل هذا على ظهرك تحمله ، فخفف عن ظهرك .
وقال : إن أعمالكم قليلة فأخلصوا هذا القليل .
وقال : ما أتي قوم في ناديهم المنكر إلا حق هلاكهم .
وروى عبد الله بن أحمد ، عنه ، أنه قرأ : { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } [212] ثم فارق حتى بكى ، ثم قال : ما سمع الخلائق بنعت قط أشد منه .
وقال أبو عوانة : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا خالد ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ميمون ، قال : أربع لا تكلم فيهم : علي ، وعثمان ، والقدر ، والنجوم .
وقال : احذروا كل هوى يسمى بغير الإسلام .
وروى شبابة ، عن فرات بن السائب ، قال : سألت ميمون أعلي أفضل عندك أم أبو بكر وعمر ؟ فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ثم قال : ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما غيرهما ، إنهما كانا رداءي الإسلام ، ورأس الإسلام ، ورأس الجماعة .
فقلت : فأبو بكر كان أول إسلاما أم علي ؟
فقال : والله لقد آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم زمن بحيرا الراهب حين مر به ، وكان أبو بكر هو الذي يختلف بينه وبين خديجة حتى أنكحها إياه ، وذلك كله قبل أن يولد علي ، وكان صاحبه وصديقه قبل ذلك .
وروى ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قلَّ ما يوجد في آخر الزمان درهم من حلال ، أو أخ يوثق به » .
وروي عن ابن عمر أيضا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « شر المال في آخر الزمان المماليك » .
وروى ابن أبي الدنيا ، عنه ، قال : من طلب مرضاة الإخوان بلا شيء فليصادق أهل القبور .
وقال : من ظلم أحدا ففاته أن يخرج من مظلمته فاستغفر له دبر كل صلاة خرج من مظلمته .وهذا إن شاء الله يدخل فيه الأعراض والأموال وسائر المظالم .
وقال ميمون : القاتل والآمر والمأمور والظالم والراضي بالظلم ، كلهم في الوزر سواء .
وقال : أفضل الصبر الصبر على ما تكره نفسك ، من طاعة الله عز وجل .
روى ميمون ، عن جماعة من الصحابة ، وكان يسكن الرقة ، رحمه الله تعالى
البداية والنهاية