ست وسبعين ومائتين من الهجرة
وفيها توفي :
بقي بن مخلد
أبو عبدالرحمن الأندلسي الحافظ الكبير ، له المسند المبوب على الفقه ، روى فيه عن ألف وستمائة صحابي ، وقد فضله ابن حزم على مسند الإمام أحمد بن حنبل ، وعندي في ذلك نظر ، والظاهر أن مسند أحمد أجود منه وأجمع .
وقد رحل بقي إلى العراق فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق وغيرها يزيدون على المائتين بأربعة وثلاثين شيخا ، وله تصانيف أخر ، وكان مع ذلك رجلا صالحا عابدا زاهدا مجاب الدعوة ، جاءته امرأة فقالت : إن ابني قد أسرته الإفرنج ، وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ، ولي دويرة أريد أن أبيعها لأستفكه ، فإن رأيت أن تشير على أحد يأخذها لأسعى في فكاكه بثمنها ، فليس يقر لي ليل ولا نهار ، ولا أجد نوما ولا صبرا ولا قرارا ولا راحة .
فقال : نعم انصرفي حتى أنظر في ذلك إن شاء الله .
وأطرق الشيخ وحرك شفتيه يدعو الله عز وجل لولدها بالخلاص من أيدي الفرنج ، فذهبت المرأة فما كان إلا قليلا حتى جاءت الشيخ وابنها معها فقالت : اسمع خبره يرحمك الله .
فقال : كيف كان أمرك ؟
فقال : إني كنت فيمن نخدم الملك ونحن في القيود ، فبينما أنا ذات يوم أمشي إذ سقط القيد من رجلي ، فأقبل علي الموكل بي فشتمني وقال : لم أزلت القيد من رجليك ؟
فقلت : لا والله ما شعرت به ولكنه سقط ولم أشعر به ، فجاؤوا بالحداد فأعادوه وأجادوه وشدوا مسماره وأبدوه ، ثم قمت فسقط أيضا فأعادوه وأكدوه فسقط أيضا ، فسألوا رهبانهم عن سبب ذلك فقالوا : له والدة ؟
فقلت : نعم ، فقالوا : إنها قد دعت لك وقد استجيب دعاؤها أطلقوه ، فأطلقوني وخفروني حتى وصلت إلى بلاد الإسلام .
فسأله بقي بن مخلد عن الساعة التي سقط فيها القيد من رجله فإذا هي الساعة التي دعا فيها الله له ففرج عنه .
صاعد بن مخلد الكاتب كان كثير الصدقة والصلاة ، وقد أثنى عليه أبو الفرج بن الجوزي ، وتكلم فيه ابن الأثير في كامله ، وذكر أنه كان فيه تيه وحمق ، وقد يمكن الجمع بين القولين والصفتين .
البداية والنهاية
وفيها توفي :
بقي بن مخلد
أبو عبدالرحمن الأندلسي الحافظ الكبير ، له المسند المبوب على الفقه ، روى فيه عن ألف وستمائة صحابي ، وقد فضله ابن حزم على مسند الإمام أحمد بن حنبل ، وعندي في ذلك نظر ، والظاهر أن مسند أحمد أجود منه وأجمع .
وقد رحل بقي إلى العراق فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق وغيرها يزيدون على المائتين بأربعة وثلاثين شيخا ، وله تصانيف أخر ، وكان مع ذلك رجلا صالحا عابدا زاهدا مجاب الدعوة ، جاءته امرأة فقالت : إن ابني قد أسرته الإفرنج ، وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ، ولي دويرة أريد أن أبيعها لأستفكه ، فإن رأيت أن تشير على أحد يأخذها لأسعى في فكاكه بثمنها ، فليس يقر لي ليل ولا نهار ، ولا أجد نوما ولا صبرا ولا قرارا ولا راحة .
فقال : نعم انصرفي حتى أنظر في ذلك إن شاء الله .
وأطرق الشيخ وحرك شفتيه يدعو الله عز وجل لولدها بالخلاص من أيدي الفرنج ، فذهبت المرأة فما كان إلا قليلا حتى جاءت الشيخ وابنها معها فقالت : اسمع خبره يرحمك الله .
فقال : كيف كان أمرك ؟
فقال : إني كنت فيمن نخدم الملك ونحن في القيود ، فبينما أنا ذات يوم أمشي إذ سقط القيد من رجلي ، فأقبل علي الموكل بي فشتمني وقال : لم أزلت القيد من رجليك ؟
فقلت : لا والله ما شعرت به ولكنه سقط ولم أشعر به ، فجاؤوا بالحداد فأعادوه وأجادوه وشدوا مسماره وأبدوه ، ثم قمت فسقط أيضا فأعادوه وأكدوه فسقط أيضا ، فسألوا رهبانهم عن سبب ذلك فقالوا : له والدة ؟
فقلت : نعم ، فقالوا : إنها قد دعت لك وقد استجيب دعاؤها أطلقوه ، فأطلقوني وخفروني حتى وصلت إلى بلاد الإسلام .
فسأله بقي بن مخلد عن الساعة التي سقط فيها القيد من رجله فإذا هي الساعة التي دعا فيها الله له ففرج عنه .
صاعد بن مخلد الكاتب كان كثير الصدقة والصلاة ، وقد أثنى عليه أبو الفرج بن الجوزي ، وتكلم فيه ابن الأثير في كامله ، وذكر أنه كان فيه تيه وحمق ، وقد يمكن الجمع بين القولين والصفتين .
البداية والنهاية