سنة احدي وثمانين ومائة من الهجرة
الإمام الزاهد المجاهد العابد عبد الله بن المبارك
هو أبو عبد الرحمن المروزي ، كان أبوه تركيا مولى لرجل من التجار من بني حنظلة من أهل همذان ، وكان ابن المبارك إذا قدمها أحسن إلى ولد مولاهم ، وكانت أمه خوارزمية .
ولد لثمان عشرة ومائة .
وسمع : إسماعيل بن خالد ، والأعمش ، وهشام بن عروة ، وحميد الطويل ، وغيرهم من أئمة التابعين .
وحدث عنه خلائق من الناس .
وكان موصوفا بالحفظ والفقه والعربية والزهد والكرم والشجاعة والشعر ، له التصانيف الحسان ، والشعر الحسن المتضمن حكما جمة ، وكان كثير الغزو والحج ، وكان له رأس مال نحو أربعمائة ألف يدور يتجر به في البلدان ، فحيث اجتمع بعالم أحسن إليه ، وكان يربو كسبه في كل سنة على مائة ألف ينفقها كلها في أهل العبادة والزهد والعلم ، وربما أنفق من رأس ماله .
البداية والنهاية
الإمام الزاهد المجاهد العابد عبد الله بن المبارك
هو أبو عبد الرحمن المروزي ، كان أبوه تركيا مولى لرجل من التجار من بني حنظلة من أهل همذان ، وكان ابن المبارك إذا قدمها أحسن إلى ولد مولاهم ، وكانت أمه خوارزمية .
ولد لثمان عشرة ومائة .
وسمع : إسماعيل بن خالد ، والأعمش ، وهشام بن عروة ، وحميد الطويل ، وغيرهم من أئمة التابعين .
وحدث عنه خلائق من الناس .
وكان موصوفا بالحفظ والفقه والعربية والزهد والكرم والشجاعة والشعر ، له التصانيف الحسان ، والشعر الحسن المتضمن حكما جمة ، وكان كثير الغزو والحج ، وكان له رأس مال نحو أربعمائة ألف يدور يتجر به في البلدان ، فحيث اجتمع بعالم أحسن إليه ، وكان يربو كسبه في كل سنة على مائة ألف ينفقها كلها في أهل العبادة والزهد والعلم ، وربما أنفق من رأس ماله .
قال سفيان بن عيينة : نظرت في أمره وأمر الصحابة فما رأيتهم يفضلون عليه إلا في صحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال إسماعيل بن عياش : ما على وجه الأرض مثله ، وما أعلم خصلة من الخير إلا وقد جعلها الله في ابن المبارك ، ولقد حدثني أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص وهو الدهر صائم .
وقدم مرة الرقة وبها هارون الرشيد ، فلما دخلها احتفل الناس به وازدحم الناس حوله ، فأشرفت أم ولد للرشيد من قصر هناك فقالت : ما للناس ؟
فقيل لها : قدم رجل من علماء خراسان يقال له : عبد الله بن المبارك فانجفل الناس إليه .
فقالت المرأة : هذا هو الملك ، لا ملك هارون الرشيد الذي يجمع الناس عليه بالسوط والعصا والرغبة والرهبة .
وخرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك ، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم ، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته ثم أسرعت به إلى الدار ، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة ، فقالت : أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار ، وليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة ، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام ، وكان أبونا له مال فظلم وأخذ ماله وقتل .
فأمر ابن المبارك برد الأحمال وقال لوكيله : كم معك من النفقة ؟
قال : ألف دينار .
فقال : عدَّ منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو وأعطها الباقي ، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام ، ثم رجع .
وكان إذا عزم على الحج يقول لأصحابه : من عزم منكم في هذا العام على الحج فليأتني بنفقته حتى أكون أنا أنفق عليه ، فكان يأخذ منهم نفقاتهم ويكتب على كل صرة اسم صاحبها ويجمها في صندوق .
ثم يخرج بهم في أوسع ما يكون من النفقات والركوب ، وحسن الخلق والتيسير عليهم ، فإذا قضوا حجتهم فيقول لهم : هل أوصاكم أهلوكم بهدية ؟
فيشتري لكل واحد منهم ما وصاه أهله من الهدايا المكية واليمنية وغيرها ، فاذا جاؤوا إلى المدينة اشترى لهم منها الهدايا المدنية .
فإذا رجعوا إلى بلادهم بعث من أثناء الطريق إلى بيوتهم فأصلحت وبيضت أبوابها ورمم شعثها ، فإذا وصلوا إلى البلد عمل وليمة بعد قدومهم ودعاهم فأكلوا وكساهم ، ثم دعا بذلك الصندوق ففتحه وأخرج منه تلك الصرر ثم يقسم عليهم أن يأخذ كل واحد نفقته التي عليها اسمه ، فيأخذونها وينصرفون إلى منازلهم وهم شاكرون ناشرون لواء الثناء الجميل .
وكانت سفرته تحمل على بعير وحدها ، وفيها من أنواع المأكول من اللحم والدجاج والحلوى وغير ذلك ، ثم يطعم الناس وهو الدهر صائم في الحر الشديد .
وسأله مرة سائل فأعطاه درهما ، فقال له بعض أصحابه : إن هؤلاء يأكلون الشواء والفالودج ، وقد كان يكفيه قطعة .
فقال : والله ما ظننت أنه يأكل إلا البقل والخبز ، فأما إذا كان يأكل الفالوذج والشواء فإنه لا يكفيه درهم .
ثم أمر بعض غلمانه فقال : رده وادفع إليه عشرة دراهم .
وفضائله ومناقبه كثيرة جدا .
قال أبو عمر بن عبد البر : أجمع العلماء على قبوله وجلالته وإمامته وعدله .
توفي عبد الله بن المبارك بهيت في هذه السنة في رمضانها عن ثلاث وستين سنة .
وقال إسماعيل بن عياش : ما على وجه الأرض مثله ، وما أعلم خصلة من الخير إلا وقد جعلها الله في ابن المبارك ، ولقد حدثني أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص وهو الدهر صائم .
وقدم مرة الرقة وبها هارون الرشيد ، فلما دخلها احتفل الناس به وازدحم الناس حوله ، فأشرفت أم ولد للرشيد من قصر هناك فقالت : ما للناس ؟
فقيل لها : قدم رجل من علماء خراسان يقال له : عبد الله بن المبارك فانجفل الناس إليه .
فقالت المرأة : هذا هو الملك ، لا ملك هارون الرشيد الذي يجمع الناس عليه بالسوط والعصا والرغبة والرهبة .
وخرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك ، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم ، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته ثم أسرعت به إلى الدار ، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة ، فقالت : أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار ، وليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة ، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام ، وكان أبونا له مال فظلم وأخذ ماله وقتل .
فأمر ابن المبارك برد الأحمال وقال لوكيله : كم معك من النفقة ؟
قال : ألف دينار .
فقال : عدَّ منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو وأعطها الباقي ، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام ، ثم رجع .
وكان إذا عزم على الحج يقول لأصحابه : من عزم منكم في هذا العام على الحج فليأتني بنفقته حتى أكون أنا أنفق عليه ، فكان يأخذ منهم نفقاتهم ويكتب على كل صرة اسم صاحبها ويجمها في صندوق .
ثم يخرج بهم في أوسع ما يكون من النفقات والركوب ، وحسن الخلق والتيسير عليهم ، فإذا قضوا حجتهم فيقول لهم : هل أوصاكم أهلوكم بهدية ؟
فيشتري لكل واحد منهم ما وصاه أهله من الهدايا المكية واليمنية وغيرها ، فاذا جاؤوا إلى المدينة اشترى لهم منها الهدايا المدنية .
فإذا رجعوا إلى بلادهم بعث من أثناء الطريق إلى بيوتهم فأصلحت وبيضت أبوابها ورمم شعثها ، فإذا وصلوا إلى البلد عمل وليمة بعد قدومهم ودعاهم فأكلوا وكساهم ، ثم دعا بذلك الصندوق ففتحه وأخرج منه تلك الصرر ثم يقسم عليهم أن يأخذ كل واحد نفقته التي عليها اسمه ، فيأخذونها وينصرفون إلى منازلهم وهم شاكرون ناشرون لواء الثناء الجميل .
وكانت سفرته تحمل على بعير وحدها ، وفيها من أنواع المأكول من اللحم والدجاج والحلوى وغير ذلك ، ثم يطعم الناس وهو الدهر صائم في الحر الشديد .
وسأله مرة سائل فأعطاه درهما ، فقال له بعض أصحابه : إن هؤلاء يأكلون الشواء والفالودج ، وقد كان يكفيه قطعة .
فقال : والله ما ظننت أنه يأكل إلا البقل والخبز ، فأما إذا كان يأكل الفالوذج والشواء فإنه لا يكفيه درهم .
ثم أمر بعض غلمانه فقال : رده وادفع إليه عشرة دراهم .
وفضائله ومناقبه كثيرة جدا .
قال أبو عمر بن عبد البر : أجمع العلماء على قبوله وجلالته وإمامته وعدله .
توفي عبد الله بن المبارك بهيت في هذه السنة في رمضانها عن ثلاث وستين سنة .
البداية والنهاية
تعليق