سنة أربع وعشرين ومائة من الهجرة
بلال بن سعد
ابن تميم السكوني ، أبو عمرو ، وكان من الزهاد الكبار ، والعباد الصوام القوام .
روى عن : أبيه وكان أبوه له صحبه ، وعن جابر ، وابن عمر ، وأبي الدرداء ، وغيرهم .
وعنه جماعات منهم : أبو عمر ، و الأوزاعي ، وكان الأوزاعي يكتب عنه ما يقوله من الفوائد العظيمة في قصصه ووعظه ، وقال : ما رأيت واعظا قط مثله .
وقال أيضا : ما بلغني عن أحد من العبادة ما بلغني عنه ، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة .
وقال غيره وهو : الأصمعي : كان إذا نعس في ليل الشتاء ألقى نفسه في ثيابه في البركة ، فعاتبه بعض أصحابه في ذلك فقال : إن ماء البركة أهون من عذاب جهنم .
وقال الوليد بن مسلم : كان إذا كبَّر في المحراب سمعوا تكبيره من الأوزاع . قلت : وهي خارج باب الفراديس .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي : هو شامي تابعي ثقة .
وقال أبو زرعة الدمشقي : كان أحد العلماء قاصا حسن القصص ، وقد اتهمه رجاء بن حيوة بالقدر حتى قال بلال يوما في وعظه : رب مسرور مغرور ، ورب مغرور لا يشعر ، فويل لمن له الويل وهو لا يشعر ، يأكل ويشرب ، ويضحك ، وقد حق عليه في قضاء الله أنه من أهل النار ، فيا ويل لك روحا ، فيا ويل لك جسدا ، فلتبك ولتبك عليك البواكي لطول الأبد .
وقد ساق ابن عساكر شيئا حسنا من كلامه في مواعظه البليغة ، فمن ذلك قوله : والله لكفى به ذنبا أن الله يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها ، زاهدكم راغب ، وعالمك جاهل ، ومجتهدكم مقصر .
وقال أيضا : أخ لك كلما لقيك ذكرك بنصيبك من الله ، وأخبرك بعيب فيك ، أحب إليك ، وخير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا .
وقال أيضا : لا تكن وليا لله في العلانية وعدوه في السر ، ولا تكن عدو إبليس والنفس والشهوات في العلانية وصديقهم في السر ، ولا تكن ذا وجهين وذا لسانين فتظهر للناس أنك تخشى الله ليحمدوك وقلبك فاجر .
وقال أيضا : أيها الناس إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما خلقتم للبقاء ، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار ، كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام ، ومن الأرحام إلى الدنيا ، ومن الدنيا إلى القبور ، ومن القبور إلى الموقف ، ومن الموقف إلى الجنة أو النار .
وقال أيضا : عباد الرحمن ! إنكم تعملون في أيام قصار لأيام طوال ، وفي دار زوال إلى دار مقام ، وفي دار حزن ونصب لدار نعيم وخلود ، فمن لم يعمل على يقين فلا تنفعن .
عباد الرحمن ! لو قد غفرت خطاياكم الماضية لكان فيما تستقبلون لكم شغلا ، ولو عملتم بما تعلمون لكان لكم مقتدا وملتجا .
عباد الرحمن ! أما ما وكلتم به فتضيعونه ، وأما ما تكفل الله لكم به فتطلبونه ، ما هكذا نعت الله عباده الموقنين ، أذووا عقول في الدنيا وبله في الآخرة ، وعمي عما خلقتم له بصراء في أمر الدنيا ؟ فكما ترجون رحمة الله بما تؤدون من طاعته ، فكذلك أشفقوا من عذابه بما تنتهكون من معاصيه .
عباد الرحمن ! هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من أعمالكم قد تقبل منكم ؟ أو شيئا من خطاياكم قد غفر لكم ؟ { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [222] .
والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم ما فرض عليكم .
أترغبون في طاعة الله لدار معمورة بالآفات ؟ ولا ترغبون وتنافسون في جنة أكلها دائم وظلها ، وعرضها عرض الأرض والسماوات { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } [223] .
وقال أيضا : الذكر ذكران : ذكر الله باللسان حسن جميل ، وذكر الله عندما أحل وحرم أفضل .
عباد الرحمن ! يقال لأحدنا : تحب أن تموت ؟
فيقول : لا !
فيقال له : لم ؟.
فيقول : حتى أعمل .
فيقال له : اعمل .
فيقول : سوف أعمل ، فلا تحب أن تموت ، ولا تحب أن تعمل ، وأحب شيء إليه يحب أن يؤخر عمل الله ، ولا يحب أن يؤخر الله عنه عرض دنياه .
عباد الرحمن ! إن العبد ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها ، فما يزال يمنيه الشيطان ويزين له حتى ما يرى شيئا دون الجنة ، مع إقامته على معاصي الله .
عباد الرحمن ! قبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ماذا تريدون بها ، فإن كانت خالصة فامضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا ، فإنه قال : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [224] .
وقال أيضا : إن الله ليس إلى عذابكم بالسريع ، يقبل المقبل ويدعو المدبر .
وقال أيضا : إذا رأيت الرجل متحرجا لحوحا مماريا معجبا برأيه فقد تمت خسارته .
وقال الأوزاعي : خرج الناس بدمشق يستسقون فقام بهم بلال بن سعد فقال : يا معشر من حضر ! ألستم مقرين بالإساءة ؟
قالوا : نعم .
فقال : اللهم إنك قلت : { مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } [225] وقد أقررنا بالإساءة فاعف عنا واغفر لنا .
قال : فسقوا يومهم ذلك .
بلال بن سعد
ابن تميم السكوني ، أبو عمرو ، وكان من الزهاد الكبار ، والعباد الصوام القوام .
روى عن : أبيه وكان أبوه له صحبه ، وعن جابر ، وابن عمر ، وأبي الدرداء ، وغيرهم .
وعنه جماعات منهم : أبو عمر ، و الأوزاعي ، وكان الأوزاعي يكتب عنه ما يقوله من الفوائد العظيمة في قصصه ووعظه ، وقال : ما رأيت واعظا قط مثله .
وقال أيضا : ما بلغني عن أحد من العبادة ما بلغني عنه ، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة .
وقال غيره وهو : الأصمعي : كان إذا نعس في ليل الشتاء ألقى نفسه في ثيابه في البركة ، فعاتبه بعض أصحابه في ذلك فقال : إن ماء البركة أهون من عذاب جهنم .
وقال الوليد بن مسلم : كان إذا كبَّر في المحراب سمعوا تكبيره من الأوزاع . قلت : وهي خارج باب الفراديس .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي : هو شامي تابعي ثقة .
وقال أبو زرعة الدمشقي : كان أحد العلماء قاصا حسن القصص ، وقد اتهمه رجاء بن حيوة بالقدر حتى قال بلال يوما في وعظه : رب مسرور مغرور ، ورب مغرور لا يشعر ، فويل لمن له الويل وهو لا يشعر ، يأكل ويشرب ، ويضحك ، وقد حق عليه في قضاء الله أنه من أهل النار ، فيا ويل لك روحا ، فيا ويل لك جسدا ، فلتبك ولتبك عليك البواكي لطول الأبد .
وقد ساق ابن عساكر شيئا حسنا من كلامه في مواعظه البليغة ، فمن ذلك قوله : والله لكفى به ذنبا أن الله يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها ، زاهدكم راغب ، وعالمك جاهل ، ومجتهدكم مقصر .
وقال أيضا : أخ لك كلما لقيك ذكرك بنصيبك من الله ، وأخبرك بعيب فيك ، أحب إليك ، وخير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا .
وقال أيضا : لا تكن وليا لله في العلانية وعدوه في السر ، ولا تكن عدو إبليس والنفس والشهوات في العلانية وصديقهم في السر ، ولا تكن ذا وجهين وذا لسانين فتظهر للناس أنك تخشى الله ليحمدوك وقلبك فاجر .
وقال أيضا : أيها الناس إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما خلقتم للبقاء ، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار ، كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام ، ومن الأرحام إلى الدنيا ، ومن الدنيا إلى القبور ، ومن القبور إلى الموقف ، ومن الموقف إلى الجنة أو النار .
وقال أيضا : عباد الرحمن ! إنكم تعملون في أيام قصار لأيام طوال ، وفي دار زوال إلى دار مقام ، وفي دار حزن ونصب لدار نعيم وخلود ، فمن لم يعمل على يقين فلا تنفعن .
عباد الرحمن ! لو قد غفرت خطاياكم الماضية لكان فيما تستقبلون لكم شغلا ، ولو عملتم بما تعلمون لكان لكم مقتدا وملتجا .
عباد الرحمن ! أما ما وكلتم به فتضيعونه ، وأما ما تكفل الله لكم به فتطلبونه ، ما هكذا نعت الله عباده الموقنين ، أذووا عقول في الدنيا وبله في الآخرة ، وعمي عما خلقتم له بصراء في أمر الدنيا ؟ فكما ترجون رحمة الله بما تؤدون من طاعته ، فكذلك أشفقوا من عذابه بما تنتهكون من معاصيه .
عباد الرحمن ! هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من أعمالكم قد تقبل منكم ؟ أو شيئا من خطاياكم قد غفر لكم ؟ { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } [222] .
والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم ما فرض عليكم .
أترغبون في طاعة الله لدار معمورة بالآفات ؟ ولا ترغبون وتنافسون في جنة أكلها دائم وظلها ، وعرضها عرض الأرض والسماوات { تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ } [223] .
وقال أيضا : الذكر ذكران : ذكر الله باللسان حسن جميل ، وذكر الله عندما أحل وحرم أفضل .
عباد الرحمن ! يقال لأحدنا : تحب أن تموت ؟
فيقول : لا !
فيقال له : لم ؟.
فيقول : حتى أعمل .
فيقال له : اعمل .
فيقول : سوف أعمل ، فلا تحب أن تموت ، ولا تحب أن تعمل ، وأحب شيء إليه يحب أن يؤخر عمل الله ، ولا يحب أن يؤخر الله عنه عرض دنياه .
عباد الرحمن ! إن العبد ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض الله وقد أضاع ما سواها ، فما يزال يمنيه الشيطان ويزين له حتى ما يرى شيئا دون الجنة ، مع إقامته على معاصي الله .
عباد الرحمن ! قبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ماذا تريدون بها ، فإن كانت خالصة فامضوها وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا ، فإنه قال : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [224] .
وقال أيضا : إن الله ليس إلى عذابكم بالسريع ، يقبل المقبل ويدعو المدبر .
وقال أيضا : إذا رأيت الرجل متحرجا لحوحا مماريا معجبا برأيه فقد تمت خسارته .
وقال الأوزاعي : خرج الناس بدمشق يستسقون فقام بهم بلال بن سعد فقال : يا معشر من حضر ! ألستم مقرين بالإساءة ؟
قالوا : نعم .
فقال : اللهم إنك قلت : { مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } [225] وقد أقررنا بالإساءة فاعف عنا واغفر لنا .
قال : فسقوا يومهم ذلك .
يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا جثهم الليل كانوا رهبانا .
وسمعته أيضا يقول : لا تنظر إلى صغر الذنب وانظر إلى من عصيت .
وسمعته يقول : من بادأك بالود فقد استرقك بالشكر .
وكان من دعائه : اللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب ، ومن تبعات الذنوب ، ومن مرديات الأعمال ومضلات العين .
وسمعته أيضا يقول : لا تنظر إلى صغر الذنب وانظر إلى من عصيت .
وسمعته يقول : من بادأك بالود فقد استرقك بالشكر .
وكان من دعائه : اللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب ، ومن تبعات الذنوب ، ومن مرديات الأعمال ومضلات العين .
وقال الأوزاعي ، عنه ، أنه قال : عباد الرحمن ! لو أنتم لم تدعوا إلى الله طاعة إلا عملتموها ولا معصية إلا اجتنبتموها ، إلا أنكم تحبون الدنيا لكفاكم ذلك عقوبة عند الله عز وجل .
وقال : إن الله يغفر الذنوب لمن تاب منها ، ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقف العبد عليها وقال الأوزاعي ، عنه ، أنه قال : عباد الرحمن ! لو أنتم لم تدعوا إلى الله طاعة إلا عملتموها ولا معصية إلا اجتنبتموها ، إلا أنكم تحبون الدنيا لكفاكم ذلك عقوبة عند الله عز وجل .
وقال : إن الله يغفر الذنوب لمن تاب منها ، ولكن لا يمحوها من
الصحيفة حتى يوقف العبد عليها يوم القيامة
وقال : إن الله يغفر الذنوب لمن تاب منها ، ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقف العبد عليها وقال الأوزاعي ، عنه ، أنه قال : عباد الرحمن ! لو أنتم لم تدعوا إلى الله طاعة إلا عملتموها ولا معصية إلا اجتنبتموها ، إلا أنكم تحبون الدنيا لكفاكم ذلك عقوبة عند الله عز وجل .
وقال : إن الله يغفر الذنوب لمن تاب منها ، ولكن لا يمحوها من
الصحيفة حتى يوقف العبد عليها يوم القيامة
تعليق