بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد
فهذه ترجمة لأحد أئمة أهل السنة و الجماعة ، و هو الإمام البربهاري رحمه الله ، ذلك الإمام الكبير ناصر السنة و قامع البدعة ، الذي قاله عنه الحافظ ابن كثير " العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ، صاحب المروزي وسهلاً التستري، ... وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي، وكان كبير القدر تعظمه الخاصة والعامة. " [البداية والنهاية ( 11/213)]
وقـال عنه الحافظ ابن رجب: " شيخ الطائفة في وقته ومتقدّمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد أو اللسان." [طبقات الحنابلة ( 2/18 )]
وكانت للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة وكان المخالفون يغـلّظون قلب السلطان عليه. [المنهج الأحمد ( 2/37 )]
ومن أقواله: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكّنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكّنوا بلغوا ما يريدون. [طبقات الحنابلة ( 2/44 )]
* وقال أيضاً: إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن ما أخفى عنك أكثر مما أظهر. [شرح السنة (123 رقم 148)]
راجع ( موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ) .
و إليكم ترجمة هذا الإمام الكبير
اسمه ، وكنيته ، ونسبه
هو الإمام الحافظ المتقن الثقة الفقيه المجاهد شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره أبو محمد الحسن ابن علي بن خلف البربهاري بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة أيضاً ، وفتح الباء الثانية أيضاً ، والراء المهملة أيضاً بعد الهاء والألف ، وهذه نسبة ٌ( ) إلى بربهار ، وهي الأدوية التي تجلب من الهند .
موطنه ، ونشأته
قال الشيخ الردادي : ( لم تذكر المصادر المتوفرة بين أيدينا شيئا عن مولده ونشأته ؛ لكن يبدو لي أنَّه بغدادي المولد والنشأة ، وذلك لذيع صيته وشهرته فيها بين عامَّة الناس ، فضلاً عن خاصَّتهم ، وقد صحب البربهاري جماعةٌ من أصحاب إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله وأخذ العلم عنهم ، وجلُّهم بغداديون كما يأتي بيانه ، وهذا مما يدل على أنَّه نشأ في وسطٍ علمي سنِّي مما كان له كبير الأثر على شخصيته ) ( )انتهى ، وقال الشيخ القحطاني : ( فقد صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم الإمام أحمد بن محمد أبو بكر المروزي صاحب الإمام أحمد ، وأحد نجباء تلاميذه ، وصحب أيضاً سهل بن عبد الله التستري ، وروى عنه قوله : إنَّ الله خلق الدنيا ، وجعل فيها جهَّالاً ، وعلماء ، وأفضل العلم ما عمل به والعلم كله حجة إلاَّ ما عمل به ، والعمل به بهاء إلاَّ ما صحَّ ، وما صحَّ فلست أقطع به إلاَّ باستثناء ما شاء الله ) ( ) انتهى .
هيبته ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه
قال الشيخ الردادي : ( لقد كان الإمام البربهاري رحمه الله إماماً مهيباً قوَّالاً بالحق ، داعيةً للسنة واتباع الأثر ، له صيتٌ عند السلطان وجلالة وكان مجلسه عامراً بحلق الحديث والأثر والفقه يحضره كثيرٌ من أئمة الحديث والفقه ، قال أبو عبد الله الفقيه : إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار ، وأبا محمد البربهاري ، فاعلم أنَّه صاحب سنة ) ( ) انتهى قال الشيخ القحطاني : ( لقد ذكر المؤرخون قصةً تبيِّن عظم مكانة هذا الإمام فقد سرق القرامطة الحُجَّاج ، فقام فقال : يا قوم من كان يحتاج إلى معاونة بمائة ألف دينار ، ومائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرات عاونته . قال ابن بطة : لو أرادها معاونة لحصَّلها من الناس ) انتهى .
قال الشيخ الردادي : ( وأمَّا عن ثناء العلماء عليه فكثير : قال ابن أبي يعلى : … شيخ الطائفة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد ، واللسان ، وكان له صيتٌ عند السلطان ، وقدم عند الأصحاب ، وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ للأصول المتقنين والثقات المؤمنين . وقال الذهبي في العبر : … الفقيه القدوة شيخ الحنابلة بالعراق قالاً ، وحالاً ، وحلالاً ، وكان له صيتٌ عظيم ، وحرمة تامة . وقال ابن الجوزي : جمع العلم ، والزهد ، وكان شديداً على أهل البدع . وقال ابن كثير : العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ … وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي ، وكان كبير القدر تعظّمه الخاصة والعامة ) انتهى .
وقال الشيخ القحطاني : ( ومما يدل على مكانته أنَّ أبا عبد الله بن عرفة المعروف بِنَفْطَوَيه لما مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة حضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين ، وقدم البربهاري لإمامة الناس ، وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري ، وعلت كلمته ، وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة ، فبلغنا أنَّ البربهاري اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمَّته أصحابه ، فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنه( )فسأل عن الحال ، فأخبر بها ، فاستهولها ) ( ) انتهى .
زهده وورعه
قال الشيخ القحطاني : ( اشتهر البربهاري بالزهد في متاع الدنيا ، زهد الذي يملك الدنيا ولكن يضعها في كفه . أمَّا حبُّ الله ورسوله وإعلاء الحق ، ففي قلبه ، ولذا ذكر المترجمون له أنَّه رحمه الله تنـزه من ميراث أبيه عن سبعين ألف درهم )( ) انتهى .
تلاميذه
قال الشيخ الردادي : ( لقد أخذ العلم عن هذا الإمام عددٌ كبيرٌ من طلاب العلم واستفادوا منه ، فقد كان رحمه الله قدوةً في حاله ، ومقاله ، ومن هؤلاء التلاميذ :
1. الإمام القدوة الفقيه أبو عبد الله بن عبيد الله بن محمد العكبري الشهير بابن بطة توفي في المحرم من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ( ).
2. والإمام القدوة الناطق بالحكمة محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي أبو الحسين بن سمعون الواعظ صاحب الأحوال والمقامات توفي في نصف ذي القعدة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ( ) .
3. أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة أبو بكر راوي هذا الكتاب عن المؤلف .
4. محمد بن خلف بن عثمان أبو بكر قال الخطيب : وكان فيما بلغني يظهر التقشف وحسن المذهب إلاَّ أنَّه روى مناكير وأباطيل( ) ) انتهى .
بعض أقواله
قال الشيخ القحطاني : يقول البربهاري مثل أصحاب البدع مثل العقارب يدفنون رؤوسهم وأيديهم في التراب ، ويخرجون أذنابهم فإذا تمكنوا لدغوا ، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما أرادوا ( ).
ومن أقواله النافعة قوله : المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة ، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة ( ) .
ومن شعره قوله
من قنـعت نفسه ببلغتـها *** أضحـى غنياً وظلَّ ممتنـعاً
لله درُّ القنـوع من خـلقٍ *** كـم من وضيعٍ به قد ارتفعا
تضيق نفس الفتى إذا افتقرت *** ولو تعـزَّى بربـه اتسعـا( )
مصنفاته
قال الشيخ الردادي : ( ذكر المترجمون له أنَّ له مصنفات عديدة بيد أنِّي لم أظفر له بكتابٍ سوى هذا الكتاب ) انتهى .
محنته ووفاته
قال الشيخ القحطاني : ( امتحن هذا الإمام كما امتحن الصالحون من قبله ، فقد كانت المبتدعة تغيظ قلب السلطان عليه ، ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في خلافة القاهر ووزيره بن مقلة تقدَّم بالقبض على البربهاري ، فاستتر ، وقبض على جماعةٍ من كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة ، فعاقب الله ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط الله عليه القاهر بالله وهرب ابن مقلة ، وعزله القاهر عن وزارته ، وطرح في داره النار ، ثمَّ قبض على القاهر بالله سنة 322 هـ وحبس ، وخلع من الخلافة ، وسمرة عيناه حتى سالتا جميعاً فعمي( ) .
ثم جاء الخليفة الراضي ، فلم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد ألاَّ يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان ، فاستتروا ، وكان ينـزل بالجانب الغربي بباب محول فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً فتوفي في الاستتار في رجب سنة 329 هـ وله ستٌّ وتسعون سنة ، وقيل بل عاش سبعاً وسبعين سنة ، وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية )( ) انتهى .
قال الشيخ الردادي حفظه الله نقلاً عن ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة قال : ( حدثني محمد ابن الحسن المقري قال : حكى لي جدي وجدتي قالا : كان أبو محمد البربهاري قد اختبأ عند أخت توزون بالجانب الشرقي في درب الحمام في شارع درب السلسلة فبقي نحواً من شهر فلحقه قيام الدم فقالت أخت توزون لخادمها : مات البربهاري عندها مستتراً انظر من يغسله ؟ فجاء بالغاسل فغسله ، وغلَّق الباب حتى لا يعلم أحد ، ووقف يصلي عليه وحده فطالعت صاحبة المنـزل فرأت الدار ملأ رجالاً عليهم ثياب بيضٌ وخضر ، فلَّما سلَّم لم تر أحداً ، فاستدعت الخادم ، وقالت يا حجام : أهلكتني مع أخي فقال يا ستي ما رأيت ؟ فقالت نعم ، فقال : هذه مفاتيح الباب وهو مغلق فقالت : أدفنوه في بيتي فإذا مت فادفنوني
عنده …) انتهى .
و في الختام
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى
أن يجزي هذا الإمام خير الجزاء على ما قدّمه و عمله.
علماً بأن هذه الترجمة مأخوذة من مقدمة شرح الشيخ أحمد النجمي لكتاب الإمام البربهاري ( شرح السنة )
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد
فهذه ترجمة لأحد أئمة أهل السنة و الجماعة ، و هو الإمام البربهاري رحمه الله ، ذلك الإمام الكبير ناصر السنة و قامع البدعة ، الذي قاله عنه الحافظ ابن كثير " العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ، صاحب المروزي وسهلاً التستري، ... وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي، وكان كبير القدر تعظمه الخاصة والعامة. " [البداية والنهاية ( 11/213)]
وقـال عنه الحافظ ابن رجب: " شيخ الطائفة في وقته ومتقدّمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد أو اللسان." [طبقات الحنابلة ( 2/18 )]
وكانت للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة وكان المخالفون يغـلّظون قلب السلطان عليه. [المنهج الأحمد ( 2/37 )]
ومن أقواله: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكّنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكّنوا بلغوا ما يريدون. [طبقات الحنابلة ( 2/44 )]
* وقال أيضاً: إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن ما أخفى عنك أكثر مما أظهر. [شرح السنة (123 رقم 148)]
راجع ( موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع ) .
و إليكم ترجمة هذا الإمام الكبير
اسمه ، وكنيته ، ونسبه
هو الإمام الحافظ المتقن الثقة الفقيه المجاهد شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره أبو محمد الحسن ابن علي بن خلف البربهاري بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة أيضاً ، وفتح الباء الثانية أيضاً ، والراء المهملة أيضاً بعد الهاء والألف ، وهذه نسبة ٌ( ) إلى بربهار ، وهي الأدوية التي تجلب من الهند .
موطنه ، ونشأته
قال الشيخ الردادي : ( لم تذكر المصادر المتوفرة بين أيدينا شيئا عن مولده ونشأته ؛ لكن يبدو لي أنَّه بغدادي المولد والنشأة ، وذلك لذيع صيته وشهرته فيها بين عامَّة الناس ، فضلاً عن خاصَّتهم ، وقد صحب البربهاري جماعةٌ من أصحاب إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله وأخذ العلم عنهم ، وجلُّهم بغداديون كما يأتي بيانه ، وهذا مما يدل على أنَّه نشأ في وسطٍ علمي سنِّي مما كان له كبير الأثر على شخصيته ) ( )انتهى ، وقال الشيخ القحطاني : ( فقد صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم الإمام أحمد بن محمد أبو بكر المروزي صاحب الإمام أحمد ، وأحد نجباء تلاميذه ، وصحب أيضاً سهل بن عبد الله التستري ، وروى عنه قوله : إنَّ الله خلق الدنيا ، وجعل فيها جهَّالاً ، وعلماء ، وأفضل العلم ما عمل به والعلم كله حجة إلاَّ ما عمل به ، والعمل به بهاء إلاَّ ما صحَّ ، وما صحَّ فلست أقطع به إلاَّ باستثناء ما شاء الله ) ( ) انتهى .
هيبته ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه
قال الشيخ الردادي : ( لقد كان الإمام البربهاري رحمه الله إماماً مهيباً قوَّالاً بالحق ، داعيةً للسنة واتباع الأثر ، له صيتٌ عند السلطان وجلالة وكان مجلسه عامراً بحلق الحديث والأثر والفقه يحضره كثيرٌ من أئمة الحديث والفقه ، قال أبو عبد الله الفقيه : إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار ، وأبا محمد البربهاري ، فاعلم أنَّه صاحب سنة ) ( ) انتهى قال الشيخ القحطاني : ( لقد ذكر المؤرخون قصةً تبيِّن عظم مكانة هذا الإمام فقد سرق القرامطة الحُجَّاج ، فقام فقال : يا قوم من كان يحتاج إلى معاونة بمائة ألف دينار ، ومائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرات عاونته . قال ابن بطة : لو أرادها معاونة لحصَّلها من الناس ) انتهى .
قال الشيخ الردادي : ( وأمَّا عن ثناء العلماء عليه فكثير : قال ابن أبي يعلى : … شيخ الطائفة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد ، واللسان ، وكان له صيتٌ عند السلطان ، وقدم عند الأصحاب ، وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ للأصول المتقنين والثقات المؤمنين . وقال الذهبي في العبر : … الفقيه القدوة شيخ الحنابلة بالعراق قالاً ، وحالاً ، وحلالاً ، وكان له صيتٌ عظيم ، وحرمة تامة . وقال ابن الجوزي : جمع العلم ، والزهد ، وكان شديداً على أهل البدع . وقال ابن كثير : العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ … وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي ، وكان كبير القدر تعظّمه الخاصة والعامة ) انتهى .
وقال الشيخ القحطاني : ( ومما يدل على مكانته أنَّ أبا عبد الله بن عرفة المعروف بِنَفْطَوَيه لما مات في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة حضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين ، وقدم البربهاري لإمامة الناس ، وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري ، وعلت كلمته ، وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة ، فبلغنا أنَّ البربهاري اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمَّته أصحابه ، فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنه( )فسأل عن الحال ، فأخبر بها ، فاستهولها ) ( ) انتهى .
زهده وورعه
قال الشيخ القحطاني : ( اشتهر البربهاري بالزهد في متاع الدنيا ، زهد الذي يملك الدنيا ولكن يضعها في كفه . أمَّا حبُّ الله ورسوله وإعلاء الحق ، ففي قلبه ، ولذا ذكر المترجمون له أنَّه رحمه الله تنـزه من ميراث أبيه عن سبعين ألف درهم )( ) انتهى .
تلاميذه
قال الشيخ الردادي : ( لقد أخذ العلم عن هذا الإمام عددٌ كبيرٌ من طلاب العلم واستفادوا منه ، فقد كان رحمه الله قدوةً في حاله ، ومقاله ، ومن هؤلاء التلاميذ :
1. الإمام القدوة الفقيه أبو عبد الله بن عبيد الله بن محمد العكبري الشهير بابن بطة توفي في المحرم من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ( ).
2. والإمام القدوة الناطق بالحكمة محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي أبو الحسين بن سمعون الواعظ صاحب الأحوال والمقامات توفي في نصف ذي القعدة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ( ) .
3. أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة أبو بكر راوي هذا الكتاب عن المؤلف .
4. محمد بن خلف بن عثمان أبو بكر قال الخطيب : وكان فيما بلغني يظهر التقشف وحسن المذهب إلاَّ أنَّه روى مناكير وأباطيل( ) ) انتهى .
بعض أقواله
قال الشيخ القحطاني : يقول البربهاري مثل أصحاب البدع مثل العقارب يدفنون رؤوسهم وأيديهم في التراب ، ويخرجون أذنابهم فإذا تمكنوا لدغوا ، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما أرادوا ( ).
ومن أقواله النافعة قوله : المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة ، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة ( ) .
ومن شعره قوله
من قنـعت نفسه ببلغتـها *** أضحـى غنياً وظلَّ ممتنـعاً
لله درُّ القنـوع من خـلقٍ *** كـم من وضيعٍ به قد ارتفعا
تضيق نفس الفتى إذا افتقرت *** ولو تعـزَّى بربـه اتسعـا( )
مصنفاته
قال الشيخ الردادي : ( ذكر المترجمون له أنَّ له مصنفات عديدة بيد أنِّي لم أظفر له بكتابٍ سوى هذا الكتاب ) انتهى .
محنته ووفاته
قال الشيخ القحطاني : ( امتحن هذا الإمام كما امتحن الصالحون من قبله ، فقد كانت المبتدعة تغيظ قلب السلطان عليه ، ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في خلافة القاهر ووزيره بن مقلة تقدَّم بالقبض على البربهاري ، فاستتر ، وقبض على جماعةٍ من كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة ، فعاقب الله ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط الله عليه القاهر بالله وهرب ابن مقلة ، وعزله القاهر عن وزارته ، وطرح في داره النار ، ثمَّ قبض على القاهر بالله سنة 322 هـ وحبس ، وخلع من الخلافة ، وسمرة عيناه حتى سالتا جميعاً فعمي( ) .
ثم جاء الخليفة الراضي ، فلم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد ألاَّ يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان ، فاستتروا ، وكان ينـزل بالجانب الغربي بباب محول فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً فتوفي في الاستتار في رجب سنة 329 هـ وله ستٌّ وتسعون سنة ، وقيل بل عاش سبعاً وسبعين سنة ، وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية )( ) انتهى .
قال الشيخ الردادي حفظه الله نقلاً عن ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة قال : ( حدثني محمد ابن الحسن المقري قال : حكى لي جدي وجدتي قالا : كان أبو محمد البربهاري قد اختبأ عند أخت توزون بالجانب الشرقي في درب الحمام في شارع درب السلسلة فبقي نحواً من شهر فلحقه قيام الدم فقالت أخت توزون لخادمها : مات البربهاري عندها مستتراً انظر من يغسله ؟ فجاء بالغاسل فغسله ، وغلَّق الباب حتى لا يعلم أحد ، ووقف يصلي عليه وحده فطالعت صاحبة المنـزل فرأت الدار ملأ رجالاً عليهم ثياب بيضٌ وخضر ، فلَّما سلَّم لم تر أحداً ، فاستدعت الخادم ، وقالت يا حجام : أهلكتني مع أخي فقال يا ستي ما رأيت ؟ فقالت نعم ، فقال : هذه مفاتيح الباب وهو مغلق فقالت : أدفنوه في بيتي فإذا مت فادفنوني
عنده …) انتهى .
و في الختام
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى
أن يجزي هذا الإمام خير الجزاء على ما قدّمه و عمله.
علماً بأن هذه الترجمة مأخوذة من مقدمة شرح الشيخ أحمد النجمي لكتاب الإمام البربهاري ( شرح السنة )
تعليق