بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه وبعد :
يقول : [ قلت : سمير السلفي ] : ( والقائل هو أخونا عبد الصمد - حفظه الله - فهو الذي قام حفظه الله بقراءة أسئلتي على الشيخ - شفاه الله - ) .
فإني أتقدم بهذه الأسئلة لفضيلة الشيخ العلامة أحمد بن يحي النجمي أمد الله في عمره وزاده من فضله وعلمه بهذه الأسئلة وقد عُرضت عليَّ من بعض الشباب الذي يحب الحق ويسعى له سعيا حثيثا في طلبه ونيله ، وهم يخشون على أنفسهم تلبيس أهل الأهواء لهم ، فعرضوا عليَّ هذه الأسئلة لحسن ظنهم بالفقير ، لكوني خطيبهم في منطقتنا ، وأتصدر للدعوة هنالك ، فقلت لهم سوف أعرضها على أهل العلم وطلبته والعارفين به من أصحاب العقيدة الصافية السليمة والمنهج المعتدل ممن يحذون حذو سلفنا الصالح عقيدة ومنهجا وعلما وعملا .
فنسأل الله أن تكون منهم شيخنا الكريم الحبيب ، وجزاكم الله عنى وعن إخواني خير الجزاء .
وأبدأ فضيلة الشيخ في عرض هذه الأسئلة عليكم وفقكم الله لما يحب ويرضى وإليكم نص الأسئلة :
- السؤال الأول : يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بداية إنا نحبكم في الله حبا جما ، نرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا بارك الله فيكم صحة الرسالة المنسوبة لأخو الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث يروج لها بعض أهل البدع وتحمل طعنا في شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ؟ وما هي عقيدة أخو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ؟
جواب السؤال الأول: بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، الذي أعلمه أن هذه الرسالة رسالة مكذوبة لا تصح عن أخي الشيخ محمد بن عبد الوهاب !
ومحمد بن عبد الوهاب طريقته في علمه قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيستدل بقول الله سبحانه وتعالي وبقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في كل مسألة يعرضها كما في كتاب التوحيد وغيره من الكتب التي هي معروفة .... نعم .
::::::::
- السؤال الثاني: لو سمحتم يا شيخ بارك الله فيكم تعرضت إلى شبهة من شبهات القوم المكفرين ، ورددت عليها شيخنا ، ولكنى لم أرويغليل نفسي لأنني لست من أهل الرسوخ شيخنا الحبيب .. فأحلت الأمر إلى من قال فيهم ربنا سبحانه وتعالى : ﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ( النحل : 43 ) ، والشبهة هي شيخنا أنهم يستدلون بكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : [ تعس عبد الدينار ] ، فيقولون أليس في قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( عبد الدينار ) أنه أطلق عليهم عليه الصلاةوالسلام عبادة الدينار ! فلماذا إذا قال بعض العلماء الذين تنقدونهم ( في حد زعمهم علماء ) كسيد قطب ، والمودودي ، والمغراوي ، والحويني ، ويعقوب مثل هذه الإطلاقات التي ذكرنا طرفا منها آنفا تقولون هؤلاء يكفرون بالمعصية ؟! أو ليس لهم سلف والشاهد من الاستدلال واضح لا يحتاج إلى بيان ! فسواء قيل عبد كذا أو جعلوه صنما أو استحلوه فكلها عبارات تؤدى نفس الغرض فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند إطلاقه يقصد تكفير معين ! كما تتهمون علماءنا ؟ الشاهد شيخنا الحبيب بعدما وضح لكم مقصودي أود منكم شرحا لمعاني ألفاظ هذا الحديث والرد على هذه الشبهة العصرية التي يستدل بها أصحاب المنهج التكفيري الضال ؟ وجزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم ..
جواب السؤال الثاني : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، قول النبي صلى الله عليه وسلم المرشد للأمة الذي هو ما علم خيرا إلا دلها عليه ولا شر إلا حذرها منه ، هذا قاله صلي الله عليه وسلم فيمن يعبد الدينار والدرهم وذلك الإنسان الذي يكون رضاه متوقف على إرادة الدنيا ، فإن حصلت له رضي وإن لم تحصل له سخط ، ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم : [ تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة أشعث رأسه مغبرة قدماه ] .. الحديث ، هذا الحديث يحذر فيه النبي صلي الله عليه وسلم من إرادة الإنسان بعمله الدنيا ، ثم أن إرادة الإنسان بعمله الدنيا ، لا يعتبر هذا كفرا ولا تكفيرا ولم يخرجه من الإسلام ، ولكن دعا عليه بكونه رضي بالدنيا وقنع بها ولم يكن همه الآخرة ولم يكن همه الجنة ، ثم أن من عمل هذا لا يخرج من الإسلام في عقيدة أهل السنة والجماعة من فعل هذا فهو يكون نقصا في دينه ولا يخرجه من الإسلام بل هو باق على إسلامه ، فيعنى هذا تشبث يعني بشيء ليس فيه دليل على ما يقوله صاحب هذا الزعم ، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكفر هذا الشخص ولكن دعا عليه بأنه يعنى إذا كان همه الدنيا أن لا يخرج من ورطة إلا جعله الله وساقه إلى ورطة أخرى والعياذ بالله ، فليس هذا .. ليس تكفيرا له وإخراجا له من الإسلام ولكن هذا الحكم هو الذي قاله صلى الله عليه وسلم دليل على نقص إيمانه ، وكون إيمانه ضعيف لأنه متوقف على الحياة الدنيا فقط .. نعم .
::::::::
- السؤال الثالث : يقول : بعض الناس يقولون : ( اسقطوا المناهج تسقط الأشخاص ) ولا داعي لذكر الأشخاص نحن أصحاب منهج ، فليس هناك أي داع لذكر الأشخاص لأنهم يسقطون تبعا لمنهجهم الذي يسقط بنقده ونقضه ! فنود التوضيح منكم بارك الله فيكم ؟
جواب السؤال الثالث : إذا كان إنسان قد صار قدوة في عمل وفي حزبية صار فيها إماما يقتدي الناس به فهو يعنى قائد ضلالة ، والنبي صلي الله عليه وسلم قد قال في مثل هذا أن الداعي إلى الضلالة يتحمل وزره ووزر من تبعه في تلك الضلالة ، والداعي إلي هدى يكون له أجره وأجر من تبعه في ذلك الهدي ، فذلك الداعية الذي دعا إلي إخوانية أو دعا إلي سرورية أو دعا إلي قطبية أو دعا إلى جماعة تبليغ أو دعا إلى كذا أو كذا .. هذا يستحق ما لحقه .. يستحق ما لحقه ويجب أن يسقط لأنه إمام ضلالة ويجب أن يسقط ويجب أن يبين للناس ضلاله وأنه لا يجوز الإقتداء به في تلك الضلالة التي دعا إليها .. نعم .
::::::::
- السؤال الرابع : يقول : حتى يحكم على رجل يتصدر للدعوة إلى الله في مصر من الأمصار مهما علا كعبه في علم من علوم الآلة بأنه مبتدع .. هل يلزمنا أن لابد أن يعتقد الرجل بدعته حتى نقول عليه أنه مبتدع ؟ فبعضهم يقول : متى اعتقد الرجل بدعة فهو من أهل البدع ! فإن لم يعتقدها فإنه متأول فلا يخرجه هذا التأويل من حظيرة السلفية ؟ أمثال حسان ويعقوب والحوينى فما جوابكم شيخنا ؟ وهل يعتذر للرجل بالجهل أو بالتأويل أو بأنه لم تقام عليه الحجة ولم تستوف الشروط في حقه ، ولم تنتف الموانع حتى لا يوصف بالمبتدع خاصة إذا كان له باع في علم من علوم الآلة ؟
جواب السؤال الرابع : علوم الآلة هي من علوم الدنيا ! ولا توجب مدحا ولا ذما في الدين ، فالإنسان إنما يمدح بالدين ويحمد إذا كان سائرا عليه والعكس بالعكس ، فإذا كان الإنسان صاحب علم في علوم الآلة لا يجوز له أن يشتغل بالدعوة !! يعنى ويكون إماما في الدعوة وهو لا يعرف تفاصيل يعنى الأحكام الشرعية ، فالأحكام الشرعية والدعوة إليها يتوقف ذلك على علماء الشريعة الذين يعرفون الشريعة ويعرفون ما يصادمها ويعرفون ما يدخل فيها وما يخرج عنها ، أما إنسان يعنى أمضى عمره في العلوم الدنيوية ويأتي ليتصدر في الدين فهو يفسد أكثر مما يصلح .. يفسد أكثر مما يصلح ، فيجب إبعاده عن هذا المنصب ! بل يكون تابعا في هذا ، وإذا وجد عالما يدعو إلى الله يكون معه ويتتلمذ على يده أما أنه يكون إماما في يعنى الدين وهولا يعرف الدين ولا يعرف تفاصيل الدين وإذا ألقيت عليه مسألة ما قدر أن يحلها هذا ما يجوز له ! والله سبحانه وتعالي يقول : ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ( الأعراف : 33 ) . فمن تصدر للدين وهو لا يعرف الدين لابد أنه يقول على الله ما لا يعلم ، لابد أنه يفتى بالشيء الذي يكون خلاف الشريعة ، فهذا أحذر منه ، يعنى أي شخص يريد أن يتصدر للدين وهو لا يعرف الدين ما يجوز له هذا أبدا .. بل يتتلمذ على أهل الدين إذا وجدهم .. نعم .
[ أخونا عبد الصمد يقول ] : شيخ هل يقصد بعلم الآلة علم أصول الفقه والعربية ؟
[ سائل آخر ] : هو يقصد به علم أصول الفقه والحديث المشايخ اللي بيذكرهم هؤلاء في مصر منهم المتصدرين في الحديث وعلم أصول الفقه ...
[ الشيخ مقاطعا حفظه الله ] : لا ... إذا كان قصد علم مثلا برع فيه مثلا اللغة العربية برع فيها وهو معه يعنى علم من الشريعة لكن يعنى برع في علم .. علوم العربية أكثر فهذا يعنى يجب عليه أن يعرف الحق لأهله ، وإذا نقص عليه شيء وسئل عن شيء لا يعلمه يجب عليه أن يرده إلى من يعلمه .. نعم .
::::::::
- السؤال الخامس: يقول : مسألة التبديع هل يشترط فيها إقامة الحجة ؟ علما بأن هناك بعض الناس يستدلون بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية فحواه : أنه لا ينزل حكم التبديع على معين إلا بعد استفاء الشروط وانتفاء الموانع ! علما بأن له كلاما آخر قد استدل به خلاف من يرى هذا القول الذي أوردوه .. فهل هذا الكلام صحيح عن شيخ الإسلام ؟ وما الراجح في مسألة التبديع ؟ هل لابد من إقامة الحجة حتى يقع تبديع المعين من قبل العلماء ؟
جواب السؤال الخامس : كثرت الأسئلة عن هذا (..) التبديع لا يتوقف على إقامة الحجة ، بل هو ينصح إذا كانت البدعة ظاهرة ينصح المبتدع ولا يقال أقيمت عليه الحجة ، إقامة الحجة تشترط في التكفير أما في التبديع فلا ، ولما سُئل يعنى أحمد بن حنبل رحمه الله ، سأله سائل فقال : إن ابن أبى قتيلة في مكة يقول إن أهل الحديث قوم سوء ! قال : زنديق .. زنديق .. زنديق .. كان ينفض ثوبه ثلاث مرات ويقول : زنديق زنديق زنديق، ما قال لا حتى أقيم عليه الحجة !! ما قال هذا ، فليس هذا يعنى من شرط التبديع إقامة الحجة .. نعم .
::::::::
- السؤال السادس : يقول : شبهة يستدلون بها في الدفاع عن بعض الذين لا يتكلمون في التوحيد من قصاص زماننا .. بشر الحافي كان يحذر الناس من الإشتغال بعلم الحديث عن العمل به وكان عابدا نساكا ولم يرمه يحي بن معين بأي تجريح أو تعديل لمنهجه! مع أن جل اهتمامه كان بالعبادة والتعبد !! فإذا كان بعض الدعاة اليوم أو المشتغلين بعلم الحديث لا يكثر الكلام عن عقيدة التوحيد ولم يؤلف مؤلفا فيه أي في ( التوحيد ) فهل يعتذر له بأنه قد لا يحسن الكلام ! فيه أو أنه مشتغل ومجيد لفرع من العلوم الشرعية ، كما أن بشر الحافي كان مشتغلا بالعبادة والتعبد عن تحصيل علم الحديث ، وهذا الكلام فيه رد على الشيخ ربيع في تبديعه للحوينى وإنكاره عليه أنه لا يتكلم في مسائل التوحيد ولو تكلم فيها ما يتكلم إلا عرضا ؟ فنرجو منكم الإجابة شيخنا على هذه الشبهة بارك الله فيكم ؟
جواب السؤال السادس : علم التوحيد هو أساس الدين ، ولابد أن يكون الداعي متعرضا لأساس الدين وما ينبني عليه وما يقدح فيه ، فالشرك هو الذي يهدم .. يعنى الإسلام التوحيد هو الذي ينبني عليه لم يكن يعنى في زمن فلان الذي ذكر لم يكن في ذلك الوقت شركيات ، ولم يكن خرافات بل كان الناس كلهم على التوحيد ، لكن الآن الذي شاعت فيه الخرافة ، وشاع فيه عبادة غير الله عز وجل وأكثر الناس يعبدون غير الله عز وجل ، ويعنى يرون أن ذلك من الدين ! يعنى .. ليس .. بل بل يزعمون أن هذا من الدين ، الشرك الذي هو يهدم الدين يزعمون أنه من الدين !! فهذا ينبغي لكل داع يدعو إلى الإسلام .. ينبغي له أن يتعلم التوحيد ، وأن يتعلم الكلام في التوحيد ، وأن ينظر ما يناقض التوحيد .. فيعنى .. يتكلم عليه ويبينه وهكذا .. نعم .
فرق الآن بين زمن ذلك الرجل الذي ذكره هو من ؟
[ الحاضرون ] : بشر الحافي.
[ الشيخ] : بشر الحافي ! بشر الحافي كان في أواخر القرن الثاني أظن ، أو أول الثاني .. يعنى في ذلك الزمن كل الناس على التوحيد الحمد لله ، أما الآن فقد ملأت الدنيا والعياذ بالله الخرافات والقبور والدعوات لغير الله عز وجل ، فلابد أن الداعي يبدأ بالتوحيد ، ولا يعذر أحدا .. نعم .
انتهى .
هذه الأسئلة كانت في تاريخ 22 - 10 - 1428 هـ
- سمير بن سعيد السلفي -
تعليق