بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة: جواز تأخير الاستنجاء على الوضوء
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أما بعد:
فهذا بحث متواضع جمعته في مسألة: جواز تأخير الاستنجاء على الوضوء والحمد لله الذي يسر لي هذا البحث وجمع كلام أهل العلم فيه وليس لي فيه إلا الجمع والتوفيق بين كلام أهل العلم والحمدلله رب العالمين.
الحديث الذي استدل به في هذه المسالة:
جاء في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال البخاري كتاب الغسل باب غسل المذي والوضوء منه حدثنا ابو الوليد(وهو الطيالسي)[هذا التوضيح للحافظ في فتح الباري] قال حدثنا زائدة عن أبي حصين عن أبي عبدالرحمن(هو السلمي)[هذا التوضيح للحافظ في فتح الباري] عن علي قال كنت رجلاً مذاءً فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمكان ابنته مني فسأل فقال (توضأ واغسل ذكرك).انتهى الحديث رواه البخاري في صحيحه برقم 269.
وفي لفظ رواية للبخاري رقم178ورقم132(فيه الوضوء),وفي لفظ رواية لمسلم رقم 303(17)(ليغسل ذكره و يتوضأ),وفي لفظ آخر لمسلم رقم(18)(منه الوضوء),وفي لفظ آخر لمسلم رقم(19)(توضأ وانضح فرجك).
أقوال العلماء فيه:
- قال الأمام يحيى بن شرف النووي المتوفى 676 هجرية بعد نقل كلام أئمة الحديث على لفظ مسلم رقم(19)(توضأ وانضح فرجك) انه اعل بالانقطاع:
(... فهذا كلام أهل الفن وكيف كان فمتن الحديث صحيح من الطرق التي ذكرها مسلم قبل هذه الطريق ومن الطريق التي ذكرها غيره والله أعلم)انتهى كلام النووي.
انظر المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج الجزء3/ الصفحة 104 طبعة دار إحياء التراث بيروت أو بترقيم الطبعة الأزهرية الجزء 3/ الصفحة 214 .
- قال الأمام محمد بن علي بن وهب القشيري المعروف بابن دقيق العيد المتوفى 702 هجرية:
(... في الحديث فوائد...عاشرها: قد يؤخذ من قوله عليه السلام في بعض الروايات توضأ وانضح فرجك جواز تأخير الاستنجاء عن الوضوء وقد صرح به بعضهم وقال فيه قوله (توضأ وانضح فرجك) إن فيه دليلاً على أن الاستنجاء يجوز وقوعه بعد الوضوء وأن الوضوء لا يفسد بتأخير الاستنجاء...وليعلم بأنه لا يفسد الوضوء بتأخير الاستنجاء إذا كان الاستنجاء بحائل يمنع انتقاض الطهارة).انتهى المراد
انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الجزء1/الصفحة 117 طبعة عالم الكتب بيروت.
- قال الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى 852 هجرية:
( قوله (واغسل ذكرك ) هكذا وقع في البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله ووقع في العمدة نسبته على البخاري بالعكس لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد وهي رواية للإسماعيلي, فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول بنقض الوضوء بمسه يشترط أن يكون ذلك بحائل).انتهى المراد
انظر فتح الباري شرح حديث رقم 269.
- قال الأمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى 1182هجرية:
(... ورواية (توضاء واغسل فرجك) لاتقتضي تقديم الوضوء لأن الواو لا تقتضي الترتيب ولأن لفظ رواية مسلم تبين المراد).انتهى المراد.
انظر سبل السلام الموصلة لبلوغ المرام الجزء1/الصفحة 90 طبعة إحياء التراث بيروت.
- قال الأمام عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامَة المتوفى 620 هجرية:
(فإن توضأ قبله2 فهل يصح وضوؤه؟ على روايتين احدهما لا يصح والثانية يصح). فقال عبدالرحمن بن محمد بن احمد بن محمد بن قدامة المتوفى 682 هجرية شارحاً لكلام عمه ابن قدامة: (يعني ان توضاء قبل الاستنجاء احدهما لا يصح لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الأستنجاء عليها كالتيمم والثانية يصح وهي أصح وهي مذهب الشافعي لأنها إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج..) انتهى المراد
انظر الشرح الكبير وهو شرح المقنع كتاب الطهارة باب الاستنجاء (آخر الباب) الجزء 1 / الصفحة 147 طبعة دار الحديث مصر أو الجزء 1 / الصفحة 99 طبعة دار الباز مكة ودار الكتب العلمية بيروت .
- قال الأمام عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامَة المتوفى 620 هجرية:
(فصل: قد ذكرنا أن المذي ينقض الوضوء وهو ما خرج زلجاً متسبباً عند الشهوة فيكون على رأس الذكر ...(ثم ذكر حديث علي في المذي إلى أن قال)... وسواء غسله قبل أو بعده لأنه غسل غير مرتبط بالوضوء فلم يترتب عليه كغسل الجنابة..)انتهى المراد
انظر المغني على مختصر أبي القاسم الخرقي كتاب الطهارة باب ما ينقض الطهارة الجزء1/ الصفحة 216و 217 طبعة دار الحديث مصر.
- قال العلامة محمد بن صالح العثيمين:
قوله- وهو الحجاوي صاحب كتاب زاد المستقنع-( ولا يصح قبله وضوء ولا تيمم)قال العثيمين شارحاً:
يعني يشترط لصحة الوضوء والتيمم تقدم الاستنجاء أو الاستجمار والدليل فعل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فإنه كان يقدم الاستجمار ولكن هل مجرد الفعل يدل على الوجوب ؟ الراجح عند أهل العلم أن مجرد الفعل لا يقتضي الوجوب إلا إذا كان بياناً لمجمل من القول يدل على الوجوب بناء على النص المبين أما مجرد الفعل فالصحيح أنه دال على الاستحباب ولكن فقهاء الحنابلة استدلوا على الوجوب بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي رضي الله عنه (يغسل ذكره ويتوضأ) قالوا قد ذكر غسل الذكر والأصل أن ما قدم فهو أسبق ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أقبل على الصفاء (إن الصفاء والمروة من شعائر الله) أبداء بما بداء الله به ولكن رواية مسلم يعارضها رواية البخاري ومسلم حيث قال(توضاء وانضح فرجك) فالظاهر التعارض لأن إحدى الروايتين قدمت ما أخرته الأخرى, والجمع بينهما ان يقال إن الواو لا تقتضي الترتيب ورواية النسائي(يغسل ذكره ثم ليتوضاء) ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أنها منقطعة والانقطاع يضعف الحديث, ولهذا روي عن الأمام أحمد في هذه المسألة روايتان الأولى أنه يصح الوضوء والتيمم قبل الأستنجاء والثانية أنه لا يصح وهي المذهب والرواية الأولى أختارها الموفق وابن أخي شارح المقنع.
وهذه المسألة: إذا كان الإنسان في حال السعة فإننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة)انتهى كلام العثيمين.
انظر الشرح الممتع الجزء 1/ الصفحة 114 و 116 طبعة مؤسسة آسام للنشر الطبعة الرابعة 1416هـ-1995م.
- قال الأمام الشيرازي في المهذب: (ويستنجي قبل أن يتوضأ فإن توضأ ثم استنجى صح الوضوء وإن تيمم ثم استنجى لم يصح التيمم وقال الربيع فيه قول آخر يصح).انتهى
قال الأمام النووي شارحاً لكلام الشيرازي: ( إذا توضأ أو تيمم قبل الاستنجاء ثم استنجى بالحجر أو بالماء لا فاً على يده خرقة أو نحوها بحيث لا يمس فرجه فقد نص الشافعي رحمه الله في البويطي أنه يصح وضوؤه ولا يصح تيممه ونقل المزني في المنثور عن الشافعي في صحة التيمم والوضوء جميعاً قولين ).انتهى المراد
وقال النووي أيضاً: ( فرع في مسائل تتعلق بالفصل إحداها: السنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج من الخلاف و ليأمن انتقاض طهره قال أصحابنا ويستحب أن يبدأ في الاستنجاء بالماء بقبله).انتهى المراد
انظر المجموع شرح المهذب الجزء 2/ الصفحة 80 وانظر الجزء2/ الصفحة 90 طبعة أحياء التراث العربي بيروت طبعة عام 1422هـ 1991 م.
- قال الأمام المجتهد القاضي محمد بن علي الشوكاني المتوفى 1250 هجرية:
قوله-وهو صاحب الأزهار-(باب الوضوء شروطه ... ونجاسة توجبه) أقول: لا وجه لهذا الاشتراط لأن خروج النجاسة التي توجب الوضوء لا يلزم منه وجوب غسلها أو شرطيته قبل الوضوء فإن الناقض للوضوء إنما هو مجرد خروجها وقد خرجت قبل ان يشرع في هذا الوضوء الذي جعل غسلها شرطاً لصحته. نعم إذا كانت النجاسة في الفرجين أو أحدهما فتقديم غسلها متعين لأن لمس الفرج من نواقض الوضوء إذا كان باليد أما إذا كان غسلها بشيء غير اليد فلا بأس بان يتوضأ ثم يُزيل النجاسة من فرجيه أو احدهما . ولاشك أن رفع هذه النجاسة واجب ولكن النزاع في وجوب تقديم رفعها على الوضوء في كون رفعها شرطاً للوضوء لا يصحّ إلا به . وهذا و إن لم تقبله أذهان أهل التقليد فليس علينا إلا إيضاح الحق وإبطال ما لم يقم عليه الدليل). انتهى كلام الشوكاني.
انظر السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار الجزء 1/ الصفحة 205 إلى 209 طبعة دار ابن كثير دمشق.
وقول الشوكاني هو القول الفصل الصواب في المسألة وما وافقه من أقوال من تقدم من أهل العلم
والحمد لله على توفيقه
كتبه عبد الهادي بن احمد السلفي
بتاريخ 20شعبان 1429هـ
الموافق 21/8/2008م
اليمن - عدن
مسألة: جواز تأخير الاستنجاء على الوضوء
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أما بعد:
فهذا بحث متواضع جمعته في مسألة: جواز تأخير الاستنجاء على الوضوء والحمد لله الذي يسر لي هذا البحث وجمع كلام أهل العلم فيه وليس لي فيه إلا الجمع والتوفيق بين كلام أهل العلم والحمدلله رب العالمين.
الحديث الذي استدل به في هذه المسالة:
جاء في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال البخاري كتاب الغسل باب غسل المذي والوضوء منه حدثنا ابو الوليد(وهو الطيالسي)[هذا التوضيح للحافظ في فتح الباري] قال حدثنا زائدة عن أبي حصين عن أبي عبدالرحمن(هو السلمي)[هذا التوضيح للحافظ في فتح الباري] عن علي قال كنت رجلاً مذاءً فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمكان ابنته مني فسأل فقال (توضأ واغسل ذكرك).انتهى الحديث رواه البخاري في صحيحه برقم 269.
وفي لفظ رواية للبخاري رقم178ورقم132(فيه الوضوء),وفي لفظ رواية لمسلم رقم 303(17)(ليغسل ذكره و يتوضأ),وفي لفظ آخر لمسلم رقم(18)(منه الوضوء),وفي لفظ آخر لمسلم رقم(19)(توضأ وانضح فرجك).
أقوال العلماء فيه:
- قال الأمام يحيى بن شرف النووي المتوفى 676 هجرية بعد نقل كلام أئمة الحديث على لفظ مسلم رقم(19)(توضأ وانضح فرجك) انه اعل بالانقطاع:
(... فهذا كلام أهل الفن وكيف كان فمتن الحديث صحيح من الطرق التي ذكرها مسلم قبل هذه الطريق ومن الطريق التي ذكرها غيره والله أعلم)انتهى كلام النووي.
انظر المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج الجزء3/ الصفحة 104 طبعة دار إحياء التراث بيروت أو بترقيم الطبعة الأزهرية الجزء 3/ الصفحة 214 .
- قال الأمام محمد بن علي بن وهب القشيري المعروف بابن دقيق العيد المتوفى 702 هجرية:
(... في الحديث فوائد...عاشرها: قد يؤخذ من قوله عليه السلام في بعض الروايات توضأ وانضح فرجك جواز تأخير الاستنجاء عن الوضوء وقد صرح به بعضهم وقال فيه قوله (توضأ وانضح فرجك) إن فيه دليلاً على أن الاستنجاء يجوز وقوعه بعد الوضوء وأن الوضوء لا يفسد بتأخير الاستنجاء...وليعلم بأنه لا يفسد الوضوء بتأخير الاستنجاء إذا كان الاستنجاء بحائل يمنع انتقاض الطهارة).انتهى المراد
انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الجزء1/الصفحة 117 طبعة عالم الكتب بيروت.
- قال الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى 852 هجرية:
( قوله (واغسل ذكرك ) هكذا وقع في البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله ووقع في العمدة نسبته على البخاري بالعكس لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد وهي رواية للإسماعيلي, فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول بنقض الوضوء بمسه يشترط أن يكون ذلك بحائل).انتهى المراد
انظر فتح الباري شرح حديث رقم 269.
- قال الأمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى 1182هجرية:
(... ورواية (توضاء واغسل فرجك) لاتقتضي تقديم الوضوء لأن الواو لا تقتضي الترتيب ولأن لفظ رواية مسلم تبين المراد).انتهى المراد.
انظر سبل السلام الموصلة لبلوغ المرام الجزء1/الصفحة 90 طبعة إحياء التراث بيروت.
- قال الأمام عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامَة المتوفى 620 هجرية:
(فإن توضأ قبله2 فهل يصح وضوؤه؟ على روايتين احدهما لا يصح والثانية يصح). فقال عبدالرحمن بن محمد بن احمد بن محمد بن قدامة المتوفى 682 هجرية شارحاً لكلام عمه ابن قدامة: (يعني ان توضاء قبل الاستنجاء احدهما لا يصح لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الأستنجاء عليها كالتيمم والثانية يصح وهي أصح وهي مذهب الشافعي لأنها إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج..) انتهى المراد
انظر الشرح الكبير وهو شرح المقنع كتاب الطهارة باب الاستنجاء (آخر الباب) الجزء 1 / الصفحة 147 طبعة دار الحديث مصر أو الجزء 1 / الصفحة 99 طبعة دار الباز مكة ودار الكتب العلمية بيروت .
- قال الأمام عبدالله بن احمد بن محمد بن قدامَة المتوفى 620 هجرية:
(فصل: قد ذكرنا أن المذي ينقض الوضوء وهو ما خرج زلجاً متسبباً عند الشهوة فيكون على رأس الذكر ...(ثم ذكر حديث علي في المذي إلى أن قال)... وسواء غسله قبل أو بعده لأنه غسل غير مرتبط بالوضوء فلم يترتب عليه كغسل الجنابة..)انتهى المراد
انظر المغني على مختصر أبي القاسم الخرقي كتاب الطهارة باب ما ينقض الطهارة الجزء1/ الصفحة 216و 217 طبعة دار الحديث مصر.
- قال العلامة محمد بن صالح العثيمين:
قوله- وهو الحجاوي صاحب كتاب زاد المستقنع-( ولا يصح قبله وضوء ولا تيمم)قال العثيمين شارحاً:
يعني يشترط لصحة الوضوء والتيمم تقدم الاستنجاء أو الاستجمار والدليل فعل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فإنه كان يقدم الاستجمار ولكن هل مجرد الفعل يدل على الوجوب ؟ الراجح عند أهل العلم أن مجرد الفعل لا يقتضي الوجوب إلا إذا كان بياناً لمجمل من القول يدل على الوجوب بناء على النص المبين أما مجرد الفعل فالصحيح أنه دال على الاستحباب ولكن فقهاء الحنابلة استدلوا على الوجوب بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي رضي الله عنه (يغسل ذكره ويتوضأ) قالوا قد ذكر غسل الذكر والأصل أن ما قدم فهو أسبق ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أقبل على الصفاء (إن الصفاء والمروة من شعائر الله) أبداء بما بداء الله به ولكن رواية مسلم يعارضها رواية البخاري ومسلم حيث قال(توضاء وانضح فرجك) فالظاهر التعارض لأن إحدى الروايتين قدمت ما أخرته الأخرى, والجمع بينهما ان يقال إن الواو لا تقتضي الترتيب ورواية النسائي(يغسل ذكره ثم ليتوضاء) ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أنها منقطعة والانقطاع يضعف الحديث, ولهذا روي عن الأمام أحمد في هذه المسألة روايتان الأولى أنه يصح الوضوء والتيمم قبل الأستنجاء والثانية أنه لا يصح وهي المذهب والرواية الأولى أختارها الموفق وابن أخي شارح المقنع.
وهذه المسألة: إذا كان الإنسان في حال السعة فإننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة)انتهى كلام العثيمين.
انظر الشرح الممتع الجزء 1/ الصفحة 114 و 116 طبعة مؤسسة آسام للنشر الطبعة الرابعة 1416هـ-1995م.
- قال الأمام الشيرازي في المهذب: (ويستنجي قبل أن يتوضأ فإن توضأ ثم استنجى صح الوضوء وإن تيمم ثم استنجى لم يصح التيمم وقال الربيع فيه قول آخر يصح).انتهى
قال الأمام النووي شارحاً لكلام الشيرازي: ( إذا توضأ أو تيمم قبل الاستنجاء ثم استنجى بالحجر أو بالماء لا فاً على يده خرقة أو نحوها بحيث لا يمس فرجه فقد نص الشافعي رحمه الله في البويطي أنه يصح وضوؤه ولا يصح تيممه ونقل المزني في المنثور عن الشافعي في صحة التيمم والوضوء جميعاً قولين ).انتهى المراد
وقال النووي أيضاً: ( فرع في مسائل تتعلق بالفصل إحداها: السنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج من الخلاف و ليأمن انتقاض طهره قال أصحابنا ويستحب أن يبدأ في الاستنجاء بالماء بقبله).انتهى المراد
انظر المجموع شرح المهذب الجزء 2/ الصفحة 80 وانظر الجزء2/ الصفحة 90 طبعة أحياء التراث العربي بيروت طبعة عام 1422هـ 1991 م.
- قال الأمام المجتهد القاضي محمد بن علي الشوكاني المتوفى 1250 هجرية:
قوله-وهو صاحب الأزهار-(باب الوضوء شروطه ... ونجاسة توجبه) أقول: لا وجه لهذا الاشتراط لأن خروج النجاسة التي توجب الوضوء لا يلزم منه وجوب غسلها أو شرطيته قبل الوضوء فإن الناقض للوضوء إنما هو مجرد خروجها وقد خرجت قبل ان يشرع في هذا الوضوء الذي جعل غسلها شرطاً لصحته. نعم إذا كانت النجاسة في الفرجين أو أحدهما فتقديم غسلها متعين لأن لمس الفرج من نواقض الوضوء إذا كان باليد أما إذا كان غسلها بشيء غير اليد فلا بأس بان يتوضأ ثم يُزيل النجاسة من فرجيه أو احدهما . ولاشك أن رفع هذه النجاسة واجب ولكن النزاع في وجوب تقديم رفعها على الوضوء في كون رفعها شرطاً للوضوء لا يصحّ إلا به . وهذا و إن لم تقبله أذهان أهل التقليد فليس علينا إلا إيضاح الحق وإبطال ما لم يقم عليه الدليل). انتهى كلام الشوكاني.
انظر السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار الجزء 1/ الصفحة 205 إلى 209 طبعة دار ابن كثير دمشق.
وقول الشوكاني هو القول الفصل الصواب في المسألة وما وافقه من أقوال من تقدم من أهل العلم
والحمد لله على توفيقه
كتبه عبد الهادي بن احمد السلفي
بتاريخ 20شعبان 1429هـ
الموافق 21/8/2008م
اليمن - عدن
تعليق