إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حقيقة التوحيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقيقة التوحيد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    حقيقة التوحيد
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
    أما بعد: إن جهل البعض بحقيقة التوحيد و كتاب الله يتلى عليهم ليلا ونهارا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم متاحة بين أيديهم من غير مشقه ولا سفر لخطبا جلل وبلاء كبير .

    فبعض الفرق شذت عن المعنى الحقيقي لكلمة التوحيد " لا إله إلا الله" وحصرت هذا المعنى في توحيد الربوبية وهو أن الله هو الرازق والخالق والمحي والمميت وتجاهلت توحيد الألوهية وهو إفراد الله تعالى بالعبادة والكفر بما يعبد من دونه , وهذا يدل على جهل تلك الفرق بالمعنى الحقيقي لكلمة التوحيد التي هي أساس الدين وعموده فهم بذلك أجهل من مشركي قريش الذين فهموا حقيقة معنى لااله الا الله, فكانوا يقرون بتوحيد الربوبية ولكنهم كانوا ينكرون توحيد الألوهية حيث كانوا يصرفون العبادة لغير الله ومع ذلك فهذا لم يدخلهم في دائرة الإسلام ولم يحقن دماءهم وأعراضهم وأموالهم, ولهذا كان توحيد الألوهية هو الأمر الذي حدث فيه الصراع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الذين دعاهم، بل بين جميع الرسل والذين دعوهم جميعا , وقد ذكر الله عزوجل في كتابه هذا الإقرار منهم بالربوبية وانكارهم توحيد الألوهية:
    فقال تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } (الزخرف الآية: 87). و قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (العنكبوت /61) وقال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} (الزمر/ 38).
    والعجيب ان المشركين قديما كانوا يلجؤون الى اخلاص الدعاء الى الله وقت الشدائد ,كما قال عز وجل: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } (العنكبوت-65) قال القرطبي في تفسيره] فإذا ركبوا في الفلك يعني السفن وخافوا الغرق دعوا الله مخلصين له الدين أي صادقين في نياتهم وتركوا عبادة الأصنام ودعاءها, فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون أي يدعون معه غيره وما لم ينزل به سلطانا[.انتهى. أما في وقتنا هذا, إذا نزلت بأحدهم مصيبة فإنه يستغيث ويلجأ إلى الأموات من دون الله. فأيهما أقرب لفهم كلمة التوحيد وإن كانوا كلهم واقعين في الشرك؟
    كذلك إذا تأملنا جواب قريش على دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم الى كلمة التوحيد ستجد أنهم كانوا يعرفون معنى لا إله إلا الله ولهذا رفضوا التلفظ والاعتقاد والعمل بها.
    فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ) فقال تعالى واصفا جوابهم { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }(ص-5) فدل على معرفتهم لمعنى حقيقة هذه الكلمة وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة من دعاء واستغاثة وخوف وخشية وذبح وغيرها من العبادات وعدم صرف هذه العبادات لغير الله ,أما اليوم فنجد من يقول لاإله إلا الله بلسانه ويخالف معناها الحقيقي في أعماله وأقواله إما بجهل أو اتباعا للهوى أو وجد آبائه وأجداده على ذلك يستغيثون بالأموات ويذبحون لهم ويدعونهم في السراء والضراء فتنطبق عليهم الآيه التي يقول فيها عزوجل: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} (يوسف-106)
    وقوله تعالى : { بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }(الزخرف-22)
    وإن سألتهم لماذا تدعونهم وهم لايملكون لكم ضرا ولانفعا بل هم عباد أمثالكم كما قال تعالى فيهم: { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه عِبَاد أَمْثَالكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }(الاعراف-194) وقال تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا}(الحج-73) ؟ .

    كانت الإجابة منهم: هم وسيلتنا الى الله لقرب منزلتهم من الله فهم شفعاؤنا عند الله.
    إذن ما الفرق بينكم وبين الذين قال الله عز وجل عنهم:
    قال تعالى: يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس-18)
    وقال تعالى: { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (الزمر-3). قال ابن كثير في تفسيره[إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم، وما ينوبهم من أمر الدنيا] انتهى.
    فلا فرق بينكم وبين مشركي الجاهلية فكلكم حصر معنى التوحيد في الربوبية, والآيات واضحة وصريحة في أن الله لايقبل عبادة من يعبد ويتوسل بغيره ليقربه الى الله زلفى أو يشفع له عند الله, ولكن هناك من سيقول أن مشركي قريش كان يتوسلون بالأصنام ونحن نتوسل بالأولياء والصالحين في قبورهم, فنقول لهم اختلاف الأسماء لايعني أن المعنى تغير فالمشركين كانوا يتوسلون بالملائكة والصالحين ولكن صوروهم في صورة صنم وأنتم أحللتم مكان الصنم ذلك القبر أو المشهد أو الضريح ,فالصنم عندهم يمثل الرجل الصالح والقبر عندكم يكون أيضا لرجل صالح فكلكم صرف العبادة الى غير الله بحجج واهية وشبهات ضالة, وهنا كلام نفيس للأمير الصنعاني في الرد على هذه الشبهة من كتابه تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد:
    [النذر بالمال على الميت ونحوه والنحر على القبر والتوسل به وطلب الحاجات منه هو بعينه الذي كانت تفعله الجاهلية، وإنما كانوا يفعلونه لما يسمونه وثنا وصنما، وفعله القبوريون لما يسمونه وليا وقبرا ومشهدا، والأسماء لا أثر لها ولا تغير المعاني، ضرورة لغوية وعقلية وشرعية، فإن من شرب الخمر وسماها ماء، ما شرب إلا خمرا وعقابه عقاب شارب الخمر، ولعله يزيد عقابه للتدليس والكذب في التسمية.
    وقد ثبت في الأحاديث أنه يأتي قوم يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها، وصدق صلى الله عليه وسلم فإنه قد أتى طوائف من الفسقة يشربون الخمر ويسمونها نبيذا، وأول من سمى ما فيه غضب الله وعصيانه بالأسماء المحبوبة عند السامعين إبليس لعنه الله، فإنه قال لأبي البشر { يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى } (طه-120) فسمى الشجرة التي نهى الله آدم عن قربانها شجرة الخلد، جذبا لطبعه إليها وهزا لنشاطه لقربانها وتدليسا عليه بالاسم الذي اخترعه، كما يسمي إخوانه المقلدون له الحشيشة بلقمة الراحة، وكما يسمي الظلمة ما يقبضونه من أموال عباد الله ظلما وعدوانا أدبا، فيقولون أدب القتل وأدب السرقة وأدب التهمة، بتحريف اسم الظلم إلى اسم الأدب، كما يحرفونه في بعض المقبوضات إلى اسم "النفاعة" وفي بعضها إلى اسم "السياقة" وفي بعضها أدب المكاييل والموازين.
    وكل ذلك اسمه عند الله ظلم وعدوان، كما يعرفه من شم رائحة الكتاب والسنة، وكل ذلك مأخوذ عن إبليس حيث سمى الشجرة المنهي عنها شجرة الخلد.
    وكذلك تسمية القبر مشهدا ومن يعتقدون فيه وليا لا تخرجه عن اسم الصنم والوثن، إذ هم معاملون لها معاملة المشركين للأصنام ويطوفون بها طواف الحجاج ببيت الله الحرام ويستلمونها استلامهم لأركان البيت ويخاطبون الميت بالكلمات الكفرية، من قولهم : على الله وعليك، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد ونحوها.
    وكل قوم لهم رجل ينادونه، فأهل العراق والهند يدعون عبد القادر الجيلاني ، وأهل التمائم لهم في كل بلد ميت يهتفون باسمه، يقولون : "يا زيلعي ، يا ابن العجيل ". وأهل مكة وأهل الطائف : "يا ابن العباس ". وأهل مصر : "يا رفاعي ، يا بدوي " والسادة البكرية وأهل الجبال : "يا أبا طير ". وأهل اليمن : "يا ابن علوان ".
    وفي كل قرية أموات يهتفون بهم وينادونهم ويرجونهم لجلب الخير ودفع الضر، وهذا هو بعينه فعل المشركين في الأصنام] انتهى.

    حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل :

    فلننظر الأن إلى ماهية رسالة الرسل جميعا من أولهم نوح عليه الصلاة والسلام إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم فسنجد أنها رسالة واحدة وهي إفراد الله تعالى بالعبادة وترك عبادة ما سواه وهذا هو معنى توحيد الألوهية وهذه هي حقيقة التوحيد والدليل قوله تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الانبياء-25).
    وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل-36).
    فهذه دعوة نوح عليه السلام كما قال تعالى حكاية عنه : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ { (هود-25و26).
    وهذه دعوة هود عليه السلام, قال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}(هود-50).
    وهذه دعوة صالح عليه السلام, قال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}(هود-61).
    وهذه دعوة شعيب عليه السلام, قال تعالى: { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ }(هود-84).
    وهذه وصية يعقوب عليه السلام لبنيه, قال تعالى: { أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}(البقرة-133).
    وهذه دعوة ابراهيم عليه السلام, قال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا }(مريم-41و42).
    وهذه هي الغاية من خلق الجن والانس كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات-56).

    وهذا هو حق الله على عباده، كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم(يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)صحيح البخاري ومسلم.

    فيا عباد الله هذا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن عبادة غير الله ويأمركم بتوحيده في العبادة والدعاء, فلماذا تتركون الكتاب والسنة وتسمعون لمشائخ البدعة والضلال ليضلوكم وقد دلنا الرسول صلى الله عليه وسلم على طريق النجاة وسلم الوصول, فقال عليه الصلاة والسلام: (تركت فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتاب الله ، و سنتي ، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) صححه الالباني , وهنا الرسول عليه الصلاة والسلام في آخر حياته يحذر أمته من صنيع اليهود والنصارى فقال: (ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد )صحيح البخاري. وهذا حديث رواه جندب بن عبدالله البجلي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم -قبل أن يموت بخمس- وهو يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً. ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. إني أنهاكم عن ذلك) صحيح مسلم, وهذا حديث اخر رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج)الترمذي والنسائي. أليست هذه أدلة صريحة واضحة لا لبس فيها؟.

    أفنترك كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونأخذ بقول فلان من الناس و نتبع الهوى ؟ من يفعل ذلك انما هو متبع للشيطان ومنابذا للدليل والبرهان , قال تعالى :{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(ابراهيم-22) قال ابن كثير في تفسيره:[قال ابليس لهم ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ) أي : ما كان لي عليكم فيما دعوتكم إليه من دليل ولا حجة على صدق ما وعدتكم به،(إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) بمجرد ذلك ، هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به ، فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه ، (فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجردما دعوتكم إلى الباطل]انتهى.

    والأن وبعد أن عرفنا معنى التوحيد وحقيقته وهو إفراد الله تعالى بالعبادة فمامعنى العبادة؟
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية في تعريف العبادة في كتابة العبودية: [ العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة : فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضاء بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وأمثال ذلك هي من العبادات لله وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة لله والمرضية له التي خلق الخلق لها كما قال تعالى{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات-56) وبها أرسل جميع الرسل كما قال تعالى:{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}(النحل-36) ]. انتهى.

    إذا عرفنا أن العبادة هي التقرب الى الله وعبادته بما شرعه الله لنا ورسوله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولانقصان ولاتحريف ولاتأويل للنصوص وصرفها عن ظاهرها ومعناها فلماذا إذن يدعون الأموات ويجعلونهم ندا أو وسيلة وقربة الى الله عز وجل وهم يعرفون من الأدلة أن الدعاء هو العبادة, ودعاء غير الله هو صرف هذه العبادة لغير الله , قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) صححه الالباني. وقال تعالى{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر-60)
    وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}(الاحقاف) و أمرنا الله بدعائه وحده دون غيره فقال{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن-18).
    ماهي شروط قبول العبادة؟
    العبادة لاتقبل إلا اذا تحقق شرطين اثنين وهما الإخلاص والإتباع, فمقتضى لا إله إلا الله هو ا الإخلاص , والإخلاص في العبادة هو ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى وعدم إشراك غيره أثناء تأدية العبادة وإلا فلا تقبل منك عبادتك وتكون من الخاسرين, والدليل قوله تعالى { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }(الزمر-3) وقال تعالى { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي } (الزمر-14) وقال تعالى {مَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البينة-5) وقال تعالى {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (الزمر-65), فالعمل لايكون إلا لله وحده وإذا كان مع الله غيره يتحول من الإخلاص إلى الشرك الذي هو مضاد الإخلاص و محبط للأعمال فلا تنفع صاحبها شيئا بل يتعذب ويحاسب على هذا الشرك فيصبح من الخاسرين ومثال ذلك دعاء الأموات والإعتقاد فيهم والخوف منهم أو جعل الأموات شركاء لله و وسيلة للتقرب لله بل وصل بالبعض أن اعتقد أن في الأموات أنهم يدبرون الكون مع الله.


    وأما الشرط الثاني وهو الإتباع وهو مقتضى شهادة أن محمد رسول الله ومعنى ذلك وجوب طاعة الرسول واتباع ما شرعه وترك البدع والمحدثات فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في امرنا هذا ماليس منه فهو رد) صحيح البخاري ومسلم, أي مردود على صاحبه فلايقبل منه هذا العمل لأنه محدث فلم يعمل به الرسول ولم يأمر به وقال تعالى محذرا من عدم اتباع الرسول ومخالفته: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء-115) فلايعقل ولايقبل أن يأتي شخص بعد ذلك ويبتدع في الدين شيئا بحجة التقرب به إلى الله وهو في الحقيقة بدعة ليس لها دليل في الكتاب ولا في السنة فالعبادات توقيفية أي لايجوز تعبد الله إلا بنص شرعي من الكتاب والسنة, فقد قال عز وجل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }(المائدة-3) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( والله ما تركت شيئا يقربكم إلى الله والجنة إلا وأخبرتكم به ، وما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ، وما تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا قد نهيتكم عنه ) النسائي. وقال ابن مسعود رضي الله عنه (إنـا نقتـدي ولا نبتـدي ، ونتبـع ولا نبتـدع ، ولـن نضـل مـا إن تمسكنـا بالأثـر ) رواه اللالكائـي. وقال مالك بن أنس(من ابتدع في الاسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا) رواه الشاطبي.
    وصلى اللّه وسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا سيدنا محمد بن عبد اللّه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
    الملفات المرفقة
يعمل...
X