فوائد تربوية وإيمانية ودعوية من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى
فوائد تربوية وإيمانية ودعوية من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى
الحمد لله مولانا ، والصلاة والسلام على مصطفانا ، وبعدُ :
فهذه مجموعة من الفوائد التربوية والإيمانية والدعوية من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى اقتضتها حاجتنا لها جميعاً والتنبيه والوقوف عليها وأخذ العبر منها أثناء تلاوة كتاب ربنا والمرور عليه وتدبره ، أو حتى قل أثناء تفسيره ومطالعة معانيه وتفهم أسراره فإنه قَلَّ من ينبه على مثل ذلك ويتفطنه ويرشد إليه في كتب التفاسير ...
لهذا رأيتُ نقلها وإفادة إخواني بها إذ المؤمنون إخوة ، ولا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ...
فائدة تربوية
في قصة خلق آدم
قال الشيخ رحمه الله عقب تفسيره لقصة خلق آدم وأمره الملائكة بالسجود له : وفيه أن العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالواجب عليه التسليم ، واتهام عقله ، والإقرار لله بالحكمة .
قلتُ : وهذا أخذه الشيخ من سؤال الملائكة ربهم عن حكمة خلق آدم وقولهم (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
فائدة تربوية
في تفسير قول الله {بعضكم لبعض عدو }
قال الشيخ رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى { بَعْضُكُمْ لِبَعْـضٍ عَدُوٌّ } قال : أي : آدم وذريته أعداء لإبليس وذريته.
ومن المعلوم أن العدو يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق ، وحرمانه الخير بكل طريق.
ففي ضمن هذا تحذير بني آدم من الشيطان كما قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
{ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } .
فائدة إيمانية
في تفسير قوله { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين }
قال الشيخ رحمه الله : { وَإِنَّهَا } أي : الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي : شاقة { إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } .
فإنها سهلة عليهم خفيفة لأن الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحا صدره لترقبه للثواب وخشيته من العقاب .
بخلاف من لم يكن كذلك فإنه لا داعي له يدعوه إليها وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه .
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته , وسكونه لله تعالى , وانكساره بين يديه , ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه .
ولهذا قال { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي : يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات ونفس عنهم الكربات وزجرهم عن فعل السيئات
فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات .
ومن لم يؤمن بلقاء ربه كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه .
فائدة تربوية
في قوله تعالى { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون }
قال الشيخ رحمه الله تعالى : { ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا } بأن ارتكبوا معاصي الله { وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } على عباد الله , فإن المعاصي يجر بعضها بعضاً .
فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك , فنسأل الله العافية من كل بلاء . اهــ
فائدة دعوية
في سياق الآيات الذامة لبني إسرائيل
قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
قال الشيخ : وهذه طريقة القرآن , إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام , فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم , لأنه تنزيل ممن يعلم الأشياء قبل وجودها , ومن رحمته وسعت كل شيء.
وذلك - والله أعلم - أنه ذكر بني إسرائيل وذمهم , وذكر معاصيهم وقبائحهم , ربما وقع في بعض النفوس , أنهم كلهم يشملهم الذم .
فأراد الباري تعالى أن يبين من لا يلحقه الذم منهم بوصفه .
ولما كان أيضا , ذكر بني إسرائيل خاصة , يوهم الاختصاص بهم , ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها , ليتضح الحق , ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه , ما يبهر عقول العالمين . اهــ
فائدة تربوية
في قوله تعالى { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }
قال الشيخ :
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده . اهــ
فائدة تربوية
في قوله تعالى(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ).
قال الشيخ : أي : من التحريف والباطل { وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } من الأموال .
والويل : شدة العذاب والحسرة , وفي ضمنها الوعيد الشديد .
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله { أَفَتَطْمَعُونَ } إلى { يَكْسِبُونَ } : فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه , وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة , على ما أصله من البدع الباطلة .
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني , وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه .
ومتناول لمن كتب كتابا بيده , مخالفا لكتاب الله , لينال به دنيا وقال : إنه من عند الله , مثل أن يقول : هذا هو الشرع والدين , وهذا معنى الكتاب والسنة , وهذا معقول السلف والأئمة , وهذا هو أصول الدين , الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية .
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة , لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله .
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة , كالرافضة , وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء .
فائدة تربوية دعوية
من قوله تعالى { وقولوا للناس حسناً }
قال الشيخ رحمه الله تعالى : ... ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله , أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق , وهو الإحسان بالقول , فيكون في ضمن ذلك , النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار , ولهذا قال تعالى : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده , أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله , غير فاحش ولا بذيء , ولا شاتم , ولا مخاصم .
بل يكون حسن الخلق , واسع الحلم , مجاملا لكل أحد , صبورا على ما يناله من أذى الخلق , امتثالا لأمر الله , ورجاء لثوابه .
ثم أمرهم بإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود , والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد . اهــ
رحم الله الشيخ ...
فائدة تربوية
من قوله تعالى { ... نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، واتبعوا ما تتلوا الشياطين ... }
قال الشيخ : ... ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع , ابتلي بالاشتغال بما يضره , فمن ترك عبادة الرحمن , ابتلي بعبادة الأوثان , ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه , ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه , ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان , ومن ترك الذل لربه , ابتلي بالذل للعبيد .
ومن ترك الحق ابتلي بالباطل ، كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين ... اهــ
فائدة إيمانية
من قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا).
قال الشيخ : وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه, فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية, كما قال تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
رحم الله الشيخ الفاضل رحمة واسعة
فوائد تربوية وإيمانية ودعوية من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى
الحمد لله مولانا ، والصلاة والسلام على مصطفانا ، وبعدُ :
فهذه مجموعة من الفوائد التربوية والإيمانية والدعوية من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى اقتضتها حاجتنا لها جميعاً والتنبيه والوقوف عليها وأخذ العبر منها أثناء تلاوة كتاب ربنا والمرور عليه وتدبره ، أو حتى قل أثناء تفسيره ومطالعة معانيه وتفهم أسراره فإنه قَلَّ من ينبه على مثل ذلك ويتفطنه ويرشد إليه في كتب التفاسير ...
لهذا رأيتُ نقلها وإفادة إخواني بها إذ المؤمنون إخوة ، ولا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ...
فائدة تربوية
في قصة خلق آدم
قال الشيخ رحمه الله عقب تفسيره لقصة خلق آدم وأمره الملائكة بالسجود له : وفيه أن العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالواجب عليه التسليم ، واتهام عقله ، والإقرار لله بالحكمة .
قلتُ : وهذا أخذه الشيخ من سؤال الملائكة ربهم عن حكمة خلق آدم وقولهم (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
فائدة تربوية
في تفسير قول الله {بعضكم لبعض عدو }
قال الشيخ رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى { بَعْضُكُمْ لِبَعْـضٍ عَدُوٌّ } قال : أي : آدم وذريته أعداء لإبليس وذريته.
ومن المعلوم أن العدو يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق ، وحرمانه الخير بكل طريق.
ففي ضمن هذا تحذير بني آدم من الشيطان كما قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
{ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } .
فائدة إيمانية
في تفسير قوله { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين }
قال الشيخ رحمه الله : { وَإِنَّهَا } أي : الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي : شاقة { إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } .
فإنها سهلة عليهم خفيفة لأن الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحا صدره لترقبه للثواب وخشيته من العقاب .
بخلاف من لم يكن كذلك فإنه لا داعي له يدعوه إليها وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه .
والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته , وسكونه لله تعالى , وانكساره بين يديه , ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه .
ولهذا قال { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي : يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات ونفس عنهم الكربات وزجرهم عن فعل السيئات
فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات .
ومن لم يؤمن بلقاء ربه كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه .
فائدة تربوية
في قوله تعالى { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون }
قال الشيخ رحمه الله تعالى : { ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا } بأن ارتكبوا معاصي الله { وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } على عباد الله , فإن المعاصي يجر بعضها بعضاً .
فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك , فنسأل الله العافية من كل بلاء . اهــ
فائدة دعوية
في سياق الآيات الذامة لبني إسرائيل
قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
قال الشيخ : وهذه طريقة القرآن , إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام , فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم , لأنه تنزيل ممن يعلم الأشياء قبل وجودها , ومن رحمته وسعت كل شيء.
وذلك - والله أعلم - أنه ذكر بني إسرائيل وذمهم , وذكر معاصيهم وقبائحهم , ربما وقع في بعض النفوس , أنهم كلهم يشملهم الذم .
فأراد الباري تعالى أن يبين من لا يلحقه الذم منهم بوصفه .
ولما كان أيضا , ذكر بني إسرائيل خاصة , يوهم الاختصاص بهم , ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها , ليتضح الحق , ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه , ما يبهر عقول العالمين . اهــ
فائدة تربوية
في قوله تعالى { قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }
قال الشيخ :
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده . اهــ
فائدة تربوية
في قوله تعالى(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ).
قال الشيخ : أي : من التحريف والباطل { وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } من الأموال .
والويل : شدة العذاب والحسرة , وفي ضمنها الوعيد الشديد .
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله { أَفَتَطْمَعُونَ } إلى { يَكْسِبُونَ } : فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه , وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة , على ما أصله من البدع الباطلة .
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني , وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه .
ومتناول لمن كتب كتابا بيده , مخالفا لكتاب الله , لينال به دنيا وقال : إنه من عند الله , مثل أن يقول : هذا هو الشرع والدين , وهذا معنى الكتاب والسنة , وهذا معقول السلف والأئمة , وهذا هو أصول الدين , الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية .
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة , لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله .
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة , كالرافضة , وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء .
فائدة تربوية دعوية
من قوله تعالى { وقولوا للناس حسناً }
قال الشيخ رحمه الله تعالى : ... ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله , أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق , وهو الإحسان بالقول , فيكون في ضمن ذلك , النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار , ولهذا قال تعالى : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده , أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله , غير فاحش ولا بذيء , ولا شاتم , ولا مخاصم .
بل يكون حسن الخلق , واسع الحلم , مجاملا لكل أحد , صبورا على ما يناله من أذى الخلق , امتثالا لأمر الله , ورجاء لثوابه .
ثم أمرهم بإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود , والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد . اهــ
رحم الله الشيخ ...
فائدة تربوية
من قوله تعالى { ... نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، واتبعوا ما تتلوا الشياطين ... }
قال الشيخ : ... ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع , ابتلي بالاشتغال بما يضره , فمن ترك عبادة الرحمن , ابتلي بعبادة الأوثان , ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه , ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه , ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان , ومن ترك الذل لربه , ابتلي بالذل للعبيد .
ومن ترك الحق ابتلي بالباطل ، كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين ... اهــ
فائدة إيمانية
من قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا).
قال الشيخ : وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه, فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية, كما قال تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
رحم الله الشيخ الفاضل رحمة واسعة
تعليق