* قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (التفسير) - (4/ 18): ((ولم يجيء إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار كقوله {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} وقوله {وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا} وقوله {فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين} {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين} {وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} {وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين} {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين} وأما قوله تعالى {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} فهي والله أعلم فيمن جحد الفرائض واستخف بها على أنه لم يذكر أن العذاب أعد له. وأما العذاب العظيم فقد جاء وعيدا للمؤمنين في قوله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} وقوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم} وفي المحارب {ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} وفي القاتل {وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وقوله {ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم} وقد قال سبحانه {ومن يهن الله فما له من مكرم} وذلك لأن الإهانة إذلال وتحقير وخزي وذلك قدر زائد على ألم العذاب فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان فلما قال في هذه الآية {وأعد لهم عذابا مهينا} علم أنه من جنس العذاب الذي توعد به الكفار والمنافقين ولما قال هناك (ولهم عذاب عظيم) جاز أن يكون من جني العذاب في قوله {لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم} ومما يبين به الفرق أيضا سبحانه قال هناك {وأعد لهم عذابا مهينا} والعذاب إنما أعد للكافرين فإن جهنم لهم خلقت لأنهم لا بد أن يدخلوها وما هم منها بمخرجين. وأهل الكبائر من المؤمنين يجوز أن يدخلوها إذا غفر الله لهم وإذا دخلوها فإنهم يخرجون منها ولو بعد حين قال سبحانه {واتقوا النار التي أعدت للكافرين} فأمر سبحانه المؤمنين أن لا يأكلوا الربا وأن يتقوا الله وأن يتقوا النار التي أعدت للكافرين فعلم أنهم يخاف عليهم من دخول النار إذا أكلوا الربا وفعلوا المعاصي مع أنها معدة للكافرين لا لهم ولذلك جاء في الحديث أما أهل النار هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما أقوام لهم ذنوب فيصيبهم سفع من نار ثم يخرجهم الله منها. وهذا كما أن الجنة أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء وإن كان يدخلها الأبناء بعمل آبائهم ويدخلها قوم بالشفاعة وقوم بالرحمة وينشىء الله لما فضل منها خلقا آخر في الدار الآخرة فيدخلهم إياها وذلك لأن الشيء إنما يعد لمن يستوجبه ويستحقه ولمن أولى الناس به ثم قد يدخل معه غيره بطريق التبع أو لسبب آخر والله أعلم)) أهـ *وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (48/ 25): ((وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} أي لأن عذاب الكفار الذين كانوا يستهزءون بآيات الله لا يراد به إلا إهانتهم وخزيهم وشدة إيلامهم بأنواع العذاب. وليس فيه تطهير ولا تمحيص لهم بخلاف عصاة المسلمين فإنهم وإن عذبوا فسيصيرون إلى الجنة بعد ذلك العذاب. فليس المقصود بعذابهم مجرد الإهانة بل ليؤلوا بعده إلى الرحمة ودار الكرامة.)) أهـ
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
فائدة جليلة: في وصف عذاب الكافرين بالمهين دون عذاب عصاة الموحدين
تقليص
X
-
عمر بن أحمد صبيح
فائدة جليلة: في وصف عذاب الكافرين بالمهين دون عذاب عصاة الموحدين* قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (التفسير) - (4/ 18): ((ولم يجيء إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار كقوله {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} وقوله {وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا} وقوله {فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين} {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين} {وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} {وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين} {اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين} وأما قوله تعالى {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} فهي والله أعلم فيمن جحد الفرائض واستخف بها على أنه لم يذكر أن العذاب أعد له.
وأما العذاب العظيم فقد جاء وعيدا للمؤمنين في قوله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} وقوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم} وفي المحارب {ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} وفي القاتل {وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وقوله {ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم} وقد قال سبحانه {ومن يهن الله فما له من مكرم} وذلك لأن الإهانة إذلال وتحقير وخزي وذلك قدر زائد على ألم العذاب فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان فلما قال في هذه الآية {وأعد لهم عذابا مهينا} علم أنه من جنس العذاب الذي توعد به الكفار والمنافقين ولما قال هناك (ولهم عذاب عظيم) جاز أن يكون من جنس العذاب في قوله {لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم} ومما يبين به الفرق أيضا سبحانه قال هناك {وأعد لهم عذابا مهينا} والعذاب إنما أعد للكافرين فإن جهنم لهم خلقت لأنهم لا بد أن يدخلوها وما هم منها بمخرجين. وأهل الكبائر من المؤمنين يجوز أن يدخلوها إذا غفر الله لهم وإذا دخلوها فإنهم يخرجون منها ولو بعد حين قال سبحانه {واتقوا النار التي أعدت للكافرين} فأمر سبحانه المؤمنين أن لا يأكلوا الربا وأن يتقوا الله وأن يتقوا النار التي أعدت للكافرين فعلم أنهم يخاف عليهم من دخول النار إذا أكلوا الربا وفعلوا المعاصي مع أنها معدة للكافرين لا لهم ولذلك جاء في الحديث أما أهل النار هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما أقوام لهم ذنوب فيصيبهم سفع من نار ثم يخرجهم الله منها. وهذا كما أن الجنة أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء وإن كان يدخلها الأبناء بعمل آبائهم ويدخلها قوم بالشفاعة وقوم بالرحمة وينشىء الله لما فضل منها خلقا آخر في الدار الآخرة فيدخلهم إياها وذلك لأن الشيء إنما يعد لمن يستوجبه ويستحقه ولمن أولى الناس به ثم قد يدخل معه غيره بطريق التبع أو لسبب آخر والله أعلم)) أهـ *
وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (48/ 25): ((وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}أي لأن عذاب الكفار الذين كانوا يستهزءون بآيات الله لا يراد به إلا إهانتهم وخزيهم وشدة إيلامهم بأنواع العذاب. وليس فيه تطهير ولا تمحيص لهم بخلاف عصاة المسلمين فإنهم وإن عذبوا فسيصيرون إلى الجنة بعد ذلك العذاب. فليس المقصود بعذابهم مجرد الإهانة بل ليؤلوا بعده إلى الرحمة ودار الكرامة.)) أهـ
تعليق