الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمدٍ الصادق الأمين
أما بعد
وصلى الله على محمدٍ الصادق الأمين
أما بعد
فيقول الله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}
قال الطبري في تفسيره ( 591 ) : حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات" قال : إن الله تبارك وتعالى كان عرشه على الماء، ولم يخلق شيئًا غير ما خلق قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق، أخرج من الماء دخانًا، فارتفع فوق الماء فسما عليه، فسماه سماء... فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش .
قال الشيخ الألباني في مختصر العلو : اسناده جيد ا.هــ
و أسباط بن نصر قد أخرج له مسلم في صحيحه وقال عنه البخاري : صدوق .
ووثقه موسى بن هارون وابن حبان وابن معين في رواية عنه وتكلم في ضبطه آخرون وعلى كل لا يضر ذلك لأن روايته هنا إنما هي صحيفة منقولة فأمنا من سوء ضبطه
قال الشيخ الألباني في مختصر العلو : اسناده جيد ا.هــ
و أسباط بن نصر قد أخرج له مسلم في صحيحه وقال عنه البخاري : صدوق .
ووثقه موسى بن هارون وابن حبان وابن معين في رواية عنه وتكلم في ضبطه آخرون وعلى كل لا يضر ذلك لأن روايته هنا إنما هي صحيفة منقولة فأمنا من سوء ضبطه
قال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله - : وللعلماء الأئمة الأقدمين كلام في هذا التفسير، بهذه الأسانيد، قد يوهم أنه من تأليف من دون السدي من الرواة عنه، إلا أني استيقنت بعدُ، أنه كتاب ألفه السدي .
فمن ذلك قول ابن سعد في ترجمة "عمرو بن حماد القناد" 6: 285: "صاحب تفسير أسباط بن نصر عن السدي".
وقال في ترجمة "أسباط بن نصر" 6: 261: "وكان راوية السدي، روى عنه التفسير".
وقال قبل ذلك في ترجمة "السدي" 6: 225: "إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، صاحب التفسير".
وقال قبل ذلك أيضًا، في ترجمة "أبي مالك الغفاري" 6: 206: "أبو مالك الغفاري صاحب التفسير، وكان قليل الحديث".
ولكن الذي يرجح أنه كتاب ألفه السدي، جمع فيه التفسير، بهذه الطرق الثلاث، قول أحمد بن حنبل في التهذيب 1: 314، في ترجمة السدي: "إنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجئ به، قد جعل له إسنادًا، واستكلفه"....
أما كلمة الإمام أحمد بن حنبل في السدي "إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به، قد جعل له إسنادًا واستكلفه" فإنه لا يريد ما قد يفهم من ظاهرها: أنه اصطنع إسنادا لا أصل له؛ إذ لو كان ذلك، لكان -عنده- كذابًا وضاعًا للرواية.
ولكنه يريد -فيما أرى والله أعلم- أنه جمع هذه التفاسير، من روايته عن هؤلاء الناس: عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، ثم ساقها كلها مفصلة، على الآيات التي ورد فيها شيء من التفسير، عن هذا أو ذاك أو أولئك، وجعل لها كلها هذا الإسناد، وتكلف أن يسوقها به مساقًا واحدًا.
أعني: أنه جمع مفرق هذه التفاسير في كتاب واحد، جعل له في أوله هذه الأسانيد. يريد بها أن ما رواه من التفاسير في هذا الكتاب، لا يخرج عن هذه الأسانيد. ولا أكاد أعقل أنه يروي كل حرف من هذه التفاسير عنهم جميعا. فهو كتاب مؤلف في التفسير، مرجع فيه إلى الرواية عن هؤلاء، في الجملة، لا في التفصيل. ا.هــ المراد
وقد ذهب الى تصحيح هذا الإسناد جمع من أهل العلم منهم ابن منده فقد قال عنه : إسناد ثابت .
والحاكم والذهبي في إسناده الى ابن مسعود خاصة .
وقال شيخ الإسلام أبوالعباس ابن تيمية –رحمه الله- في المجموع ( 5-518 ) :
والحاكم والذهبي في إسناده الى ابن مسعود خاصة .
وقال شيخ الإسلام أبوالعباس ابن تيمية –رحمه الله- في المجموع ( 5-518 ) :
الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ كَانُوا يُقِرُّونَ أَفْعَالَهُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ وَالنُّزُولِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " ثَنَا عِصَامُ بْنُ الرواد ثَنَا آدَمَ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ } يَقُولُ : ارْتَفَعَ .
قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ يَعْنِي الْبَصْرِيَّ وَالرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ مِثْلُهُ كَذَلِكَ .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " فِي " كِتَابِ التَّوْحِيدِ " قَالَ : قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : { اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ } ارْتَفَعَ فَسَوَّى خَلْقَهُنَّ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } عَلَا عَلَى الْعَرْشِ .
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " فِي قَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وَرُوِيَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ وَعَنْ الرَّبِيعِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي الْعَالِيَةِ . وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } قَالَ : فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " ثَنَا عِصَامُ بْنُ الرواد ثَنَا آدَمَ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ } يَقُولُ : ارْتَفَعَ .
قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ يَعْنِي الْبَصْرِيَّ وَالرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ مِثْلُهُ كَذَلِكَ .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " فِي " كِتَابِ التَّوْحِيدِ " قَالَ : قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : { اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ } ارْتَفَعَ فَسَوَّى خَلْقَهُنَّ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } عَلَا عَلَى الْعَرْشِ .
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " فِي قَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وَرُوِيَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ وَعَنْ الرَّبِيعِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي الْعَالِيَةِ . وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } قَالَ : فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ
وقال أيضاً في ( 5-521 ) :وَمَنْ قَالَ : اسْتَوَى بِمَعْنَى عَمَدَ : ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ } لِأَنَّهُ عُدِّيَ بِحَرْفِ الْغَايَةِ كَمَا يُقَالُ : عَمَدْت إلَى كَذَا وَقَصَدْت إلَى كَذَا وَلَا يُقَالُ : عَمَدْت عَلَى كَذَا وَلَا قَصَدْت عَلَيْهِ
مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا وَلَا هُوَ قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ ؛ بَلْ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ السَّلَفِ قَوْلُهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ بَعْضِهِمْ .
وَإِنَّمَا هَذَا الْقَوْلُ وَأَمْثَالُهُ اُبْتُدِعَ فِي الْإِسْلَامِ لَمَّا ظَهَرَ إنْكَارُ أَفْعَالِ الرَّبِّ الَّتِي تَقُومُ بِهِ وَيَفْعَلُهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ ؛ فَحِينَئِذٍ صَارَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ كَمَا يُفَسِّرُ سَائِرُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْقُرْآنَ عَلَى مَا يُوَافِقُ أَقَاوِيلَهُمْ . وَأَمَّا أَنْ يُنْقَلَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ فَلَا بَلْ أَقْوَالُ السَّلَفِ الثَّابِتَةُ عَنْهُمْ مُتَّفِقَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ ؛ كَمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ أَحْيَانًا فِي بَعْضِ الْآيَاتِ . ا.هـــ كلامه رحمة الله عليه
وَإِنَّمَا هَذَا الْقَوْلُ وَأَمْثَالُهُ اُبْتُدِعَ فِي الْإِسْلَامِ لَمَّا ظَهَرَ إنْكَارُ أَفْعَالِ الرَّبِّ الَّتِي تَقُومُ بِهِ وَيَفْعَلُهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ ؛ فَحِينَئِذٍ صَارَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ كَمَا يُفَسِّرُ سَائِرُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْقُرْآنَ عَلَى مَا يُوَافِقُ أَقَاوِيلَهُمْ . وَأَمَّا أَنْ يُنْقَلَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ فَلَا بَلْ أَقْوَالُ السَّلَفِ الثَّابِتَةُ عَنْهُمْ مُتَّفِقَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ ؛ كَمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ أَحْيَانًا فِي بَعْضِ الْآيَاتِ . ا.هـــ كلامه رحمة الله عليه
وقال شيخ الإسلام الثاني العلامة ابن القيم كما في مختصر الصواعق ص349 : لَفْظَ الِاسْتِوَاءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي خَاطَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِلُغَتِهِمْ وَأَنْزَلَ بِهَا كَلَامَهُ نَوْعَانِ: مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ، فَالْمُطَلَّقُ مَا لَمْ يُوصَلْ مَعْنَاهُ بِحَرْفٍ مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} وَهَذَا مَعْنَاهُ كَمُلَ وَتَمَّ، يُقَالُ: اسْتَوَى النَّبَاتُ وَاسْتَوَى الطَّعَامُ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ فَثَلَاثَةُ أَضْرَابٍ :
أَحَدُهَا: مُقَيَّدٌ بِإِلَى كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وَاسْتَوَى فُلَانٌ إِلَى السَّطْحِ وَإِلَى الْغُرْفَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمُعَدَّى بِإِلَى فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ: فِي الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وَالثَّانِي فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} وَهَذَا بِمَعْنَى الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَنَذْكُرُ أَلْفَاظَهُمْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَالثَّانِي: مُقَيَّدٌ بِعَلَى كَقَوْلِهِ: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} وَقَوْلِهِ: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} وَهَذَا أَيْضًا مَعْنَاهُ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ وَالِاعْتِدَالُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ .
الثَّالِثُ: الْمُقِرُّونَ بِوَاوِ (مَعَ) الَّتِي تُعَدِّي الْفِعْلَ إِلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ، نَحْوَ: اسْتَوَى الْمَاءُ وَالْخَشَبَةَ بِمَعْنَى سَاوَاهَا، وَهَذِهِ مَعَانِي الِاسْتِوَاءِ الْمَعْقُولَةِ فِي كَلَامِهِمْ، لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى اسْتَوْلَى الْبَتَّةَ، وَلَا نَقَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ الَّذِينَ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ، وَإِنَّمَا قَالَهُ مُتَأَخِّرُو النُّحَاةِ مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، يُوَضِّحُهُ: .. ا.هــ
وبهذا يتبين أن ما ذكره (بعض) العلماء الفضلاء من المتأخرين أو المعاصرين في تفسير الاستواء المتعدي بإلــــى "بالقصد والعمد" مخالف لإجماع السلف
قال الإمام البخاري في رفع اليدين (103) حدثنا قتيبة ، حدثنا سفيان ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد قال : «ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم»
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع ( 11-208 ) :وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ا.هــ
هذا و صلى الله على محمد وصحبه .
تعليق