منّة الرحمن
في حكم ترجمة القرآن
في حكم ترجمة القرآن
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً مزيداً.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران : 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء :1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا () يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب : 70 ، 71]
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
وبعد فقد شاع وذاع هنا وهناك ترجمة القرآن الكريم ترجمة حرفية إلى بعض اللغات منها اللغة الصومالية وقد رأينا بعض الأفاضل من السلفيين يفسرون القرآن الكريم باللغة الصومالية ترجمة حرفية كلمة كلمة
ومن باب النصيحة لهم والتحذير من هذا الفعل المنكر الشنيع الفظيع أحببت أن أحذر لهم لعلهم ينتهون وأذكرهم لعلهم يتذكرون قال تعالى:﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى () سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى () وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾[الأعلى: 9 ، 11]
وقال تعالى:﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾[ق : 45]
وقال تعالى:﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الذاريات : 55]
وقول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسول صلى الله عليه وعلى آله سلم أن يقولوا سمعنا وأطعنا
قال تعالى:﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ () وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾[النور : 51 ، 52]
قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى:في تفسيره
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[النور51]
يقول تعالى ذكره: إنما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين إذا دعوا إلى حكم الله وإلى حكم رسوله،﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ وبين خصومهم،﴿أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا﴾ ما قيل لنا. اهـ
قال الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: أي: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾حقيقة، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم حين يدعون إلى الله ورسوله ليحكم بينهم، سواء وافق أهواءهم أو خالفها، ﴿أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ أي: سمعنا حكم الله ورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعة تامة، سالمة من الحرج.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ حصر الفلاح فيهم، لأن الفلاح: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه، ولا يفلح إلا من حكم الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله. ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلها عموما، في جميع الأحوال، فقال:﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ﴾ أي: يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسه عما تهوى، ولهذا قال: ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ بترك المحظور، لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها، فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه، ﴿فَأُولَئِكَ﴾ الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله، وخشية الله وتقواه، ﴿هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ بنجاتهم من العذاب، لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب، لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما من لم يتصف بوصفهم، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة، واشتملت هذه الآية، على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو: الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو: الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله:﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا﴾ اهـ اهـ من تفسير السعدي [1 / 572]
وقال تعالى:﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾[البقرة : 285] اهـ من تفسير السعدي [1 / 120]
وقال أيضاً رحمه الله:﴿وقالوا سمعنا﴾ ما أمرتنا به ونهيتنا ﴿وأطعنا﴾ لك في ذلك، ولم يكونوا ممن قالوا سمعنا وعصينا، ولما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق الله تعالى وهو محتاج إلى مغفرته على الدوام، قالوا: ﴿غفرانك﴾ أي: نسألك مغفرة لما صدر منا من التقصير والذنوب، ومحو ما اتصفنا به من العيوب ﴿وإليك المصير﴾ أي: المرجع لجميع الخلائق فتجزيهم بما عملوا من خير وشر.
عَنِ عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) قَالَ دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَىْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- «قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا» قَالَ فَأَلْقَى اللَّهُ الإِيمَانَ فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قَالَ قَدْ فَعَلْتُ (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) - قَالَ قَدْ فَعَلْتُ (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا) قَالَ قَدْ فَعَلْتُ رواه مسلم
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ) قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ». قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى إِثْرِهَا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قَالَ نَعَمْ (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قَالَ نَعَمْ (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) قَالَ نَعَمْ (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) قَالَ نَعَمْ. رواه مسلم
ترجمة القرآن نوعان:
1- ترجمة معنوية تفسيرية:وهي تفسير الكلام وبيانه بلغة أخرى دون مراعاة النظم والترتيب والمحاكاة، مع الارتباط بالأصل لأنه تفسير له، فإن كانت بلغة الأصل تسمى شرحًا وتفسيرًا، وإن كانت بغير لغة الأصل تسمى ترجمة معنوية. اهـ من الموسوعة العربية العالمية مع تصرف يسير
حكم الترجمة المعنوية للقرآن
وهي واجبة لقوله تعالى:﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون﴾[النحل : 44]
وقوله تعالى:﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[النحل : 64]
وقوله تعالى:﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[إبراهيم : 52]
وقوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾[المائدة : 67]
وقوله تعالى:﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾[الأنعام : 19]
وقوله تعالى:﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾[آل عمران : 187]
في هذه الآيات وجوب ترجمة القرآن ترجمة معنوية تفسيرية للأعاجم الذين لا يفهمون معاني القرآن ولا يحسنون اللغة العربية وهذا قول عامة العلماء والفقهاء
س:بعض الناس في بلادنا يترجمون القرآن إلى لغات اخرى ويمسكونها بدون وضوء، فهل فعلتهم هذه صحيحة أو لا؟ وهل يمكن ترجمة القرآن إلى لغة أخرى؟
ج1: نعم، يجوز ترجمة معاني القرآن بلغة غير اللغة العربية، كما يجوز تفسير معانيه باللغة العربية، ويكون ذلك بيانا للمعنى الذي فهمه المترجم من القرآن، ولا يسمى قرآنا، وعلى هذا يجوز أن يمس الإنسان ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية وتفسيره بالعربية وهو غير متوضئ.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ................. عضو ............ نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
اهـ من فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى -[4 / 167]
وفي فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى [4 / 62]
:(6) ترجمة معاني القرآن
السؤال الثالث من الفتوى رقم:[2233]
س3: ما حكم إعطاء ترجمة القرآن بلغة أخرى -إن جاز هذا التعبير- لغير المسلم؟
ج3: يجوز إعطاء ترجمة معاني القرآن الكريم لغير المسلم من أجل البلاغ ودعوته إلى الإسلام، وتغليبا لجانب الترجمة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... ....نائب رئيس اللجنة .................. الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
2- ترجمة حرفية: وهي نقل الكلام من لغة إلى نظائرها من اللغات الأخرى مع مراعاة الموافقة بحيث يكون النظم موافقًا للنظم، والترتيب موافقًا للترتيب، غير أنها تخرج الكلام في أسلوب لا يؤدي ما يقصده الأصل؛ لهذا تحرم ترجمة القرآن حرفية، ولا يجوز لأحد أن يقول:إن الكلمة من القرآن إذا ترجمت إنها كلام الله. اهـ من الموسوعة العربية العالمية مع تصرف يسير
حكم ترجمة الحرفية للقرآن
أنها محرمة وهي داخلة مثل قوله تعالى:﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[المائدة : 13]
قوله تعالى:﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾[النساء : 46]
قوله تعالى:﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ﴾ [المائدة : 41]
وإليك فتاوى العلماء في حكم ترجمة الحرفية
قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
في أصول في التفسير
ترجمة القرآن
الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح . وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى . وترجمة القران : التعبير عن معناه بلغة أخرى: والترجمة نوعان
أحدهما : ترجمة حرفية ، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها
الثاني:ترجمة معنوية ،أو تفسيرية ،وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب
مثال ذلك : قوله تعالى : ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[الزخرف3] فالترجمة الحرفية : أن يترجم كلمات هذه الآية كلمةً كلمة فيترجم (إنا ) ثم (جعلناه) ثم (قرآناً) ثم ( عربياً) وهكذا .
والترجمة المعنوية : أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإجمالي
حكم ترجمة القرآن:
الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم ، وذلك :لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي
أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها
ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها
ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإضافات وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية
وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعا ، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها ، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس
وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ،لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
لكن يشترط لجواز ذلك شروط:
الأول: أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه ، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له
الثاني: أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق
الثالث:أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن . ولا تقبل الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها ، بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه اهـ
وقال رحمه الله تعالى: في باب اللقاء المفتوح:
السؤال:
فضيلة الشيخ: ما حكم ترجمة القرآن وتفسيره تفسيراً حرفياً لغير العربية؟
الجواب
أسألك: هل يمكن أن يترجم القرآن ترجمةً حرفية؟ لا يمكن أبداً، فالمسألة مفروضة فرضاً لا واقعاً؛ لأن اللغات غير العربية تختلف عن العربية، وليست كالعربية في الترتيب ولا في الأسلوب، لهذا لا يمكن أن يترجم ترجمة حرفية، أما ترجمة القرآن ترجمة معنوية، بمعنى أن يأخذ الإنسان آية ويترجم معناها فهذا لا بأس به، بل قد يكون واجباً لمن احتيج إلى تفهيمه بذلك اهـ
وفي فتاوى إسلامية 4[4/22]
حكم ترجمة القرآن إلى اللغات الخرى
س - هل يجوز ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو العبرية ؟
ج- أما ترجمة الفاظ القرآن الكريم فهذا لا يمكن وهو من المستحيل لأنه لا يمكن أن يأتي بلفظ يماثل اللفظ القرآني لأن اللفظ القرآني معجز في ألفاظه وتراكيبه وإنما تجوز ترجمة معاني القرآن الكريم أي ترجمة تفسير القرآن الكريم باللغات المختلفة للحاجة إلى ذلك بأن يختار تفسير من التفاسير المؤثوقة من تفاسير السلف الصالح المعتمدة أو التفاسير التي تتمشى على مذهب السلف وتترجم للمحتاجين إليها ببعض اللغات الأخرى غير العربية ليعرفوا معاني القرآن الكريم بلغتهم مع أن الواجب على المسلم تعلم اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم والشريعة الإسلامية حتى يستطيع فهم دينه وكلام به وسنة نبيه على الوجه الصحيح الشيخ ابن عثيمين
فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الأولى [4 / 162] فتوى رقم 833
س: ترجمة القرآن أو بعض آياته إلى لغة أجنبية أو عجمية بقصد نشر الدعوة الحقة الإسلامية في بلاد غير المسلمين، هل في هذا العمل ما يخالف الشرع والدين؟
ج: ترجمة القرآن أو بعض آياته والتعبير عن جميع المعاني المقصود إليها من ذلك غير ممكن، وترجمته أو بعضه ترجمة حرفية غير جائزة؛ لما فيها من إحالة المعاني وتحريفها، أما ترجمة الإنسان ما فهمه من معنى آية أو أكثر وتعبيره عما فهمه من أحكامه وآدابه بلغة إنجليزية أو فرنسية أو فارسية مثلا لينشر ما فهمه من القرآن ويدعو الناس إليه فهو جائز، كما يفسر الإنسان ما فهمه من القرآن أو آيات منه باللغة العربية، وذلك بشرط أن يكون أهلا لتفسير القرآن وعنده قدرة على التعبير عما فهمه من الأحكام والآداب بدقة، فمن لم تكن لديه وسائل تعينه على فهم القرآن، أو لم يكن لديه اقتدار على التعبير عنه بلغة عربية أو غير عربية تعبيرا دقيقا فلا يجوز له التعرض لذلك؛ خشية أن يحرف كتاب الله عن مواضعه، فينعكس عليه قصده، ويصير قصده المعروف منكرا،
وإرادته الإحسان إساءة
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ....... .................عضو ............ نائب رئيس اللجنة
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
وفي فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الأولى [(4 /163-164] السؤال الثاني من الفتوى رقم [1601]
س2: هل يمكن أن يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية مثلا ويقرؤه الكفار، والله تعالى يقول: { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (1) {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} (2){لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ}(3) ومكتوب على عنوان هذا الكتاب{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا}(4){وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ } (5)
ج: لا يمكن ترجمة القرآن ترجمة تماثله في دقة تعبيره وعلو أسلوبه وجمال سبكه وإحكام نظمه، وتقوم مقامه في إعجازه وتحقيق جميع مقاصده من إفادة الأحكام والآداب والإبانة عن العبر والمعاني الأصلية والثانوية ونحو ذلك مما هو من خواصه ومزاياه المستمدة من كمال بلاغته وفصاحته، ومن حاول ذلك فمثله كمثل من يحاول أن يصعد إلى السماء بلا أجهزة ولا سلم، أو يحاول أن يطير في الجو بلا أجنحة ولا آلات
ويمكن أن يعبر العالم عما فهمه من معاني القرآن حسب وسعه وطاقته بلغة أخرى ليبين لأهلها ما أدركه فكره، من هداية القرآن وما استنبطه من أحكامه أو وقف عليه من عبره ومواعظه، لكن لا يعتبر شرحه لتلك بغير اللغة العربية قرآنا ولا ينزل منزلته من جميع النواحي، بل هو نظير تفسير القرآن باللغة العربية في تقريب المعاني والمساعدة على الاعتبار واستنباط الأحكام، ولا يسمى ذلك التفسير قرآنا، وعلى هذا يجوز للجنب والكفار مس ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية، كما يجوز مسهم تفسيره باللغة العربية
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... .........عضو ............. نائب رئيس اللجنة ...... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وهذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة ولشيخيا العلامة الناصح الأمين حفظه الله فتوى في حكم ترجمة القرآن منشورة في هذه الشبكة المباركة
والحمد لله الذي تتم بنعته الصالحات
كتبه
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبرهيم
الصومالي الإسحاقي
في مدنية هرجيسا في أرض الصومال
في يوم الخميس
الموافق 20/جمادى الأول لعام/1433هـــ
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبرهيم
الصومالي الإسحاقي
في مدنية هرجيسا في أرض الصومال
في يوم الخميس
الموافق 20/جمادى الأول لعام/1433هـــ
تعليق