بسم الله الرحمن الرحيم
حتى لا تغتر بالحكيم الترمذي
حتى لا تغتر بالحكيم الترمذي
جمعه خالد بن محمد الغرباني
هو محمد بن علي بن الحسن بن بشير الترمذي المؤذن المعروف بالحكيم أبو عبد الله
قال ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد: كان إماماً من أئمة المسلمين له المصنفات الكبار في أصول الدين ومعاني الحديث وقد لقي الأئمة الكبار وأخذ عنهم وفي شيوخه كثرة وله كتاب نوادر الأصول مشهور. رواه عنه جماعة بخراسان حدث عن والده وعن قتيبة وعلي بن حجر وأبي عبيد وابن أبي السفر وعلي بن خشرم وصالح بن محمد الترمذي ومحمد بن علي الشقيقي وسفيان بن وكيع ويعقوب بن شيبة في آخرين. روى عنه أبو الحسن علي بن كرد بن سال العكبري وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ النيسابوري وأحمد بن عيسى الجوزجاني ويحيى بن منصور القاضي وأبو علي النيسابوري وجماعة من علماء نيسابور وكان قدم هذا.
ذكره أبو عبد الرحمن في طبقات الصوفية قال: له الشأن العالي والنعت المشهور كان يقول: ما وضعت حرفاً على حرف لينقل عني ولا لينسب إلي شيء منه ولكن كنت إذا اشتد علي وقتي أتسلى بمصنفاتي.
قال السلمي: وقيل إنه هجر بترمذ في آخر عمره بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية وعلل الشريعة. قال: فحمل إلى بلخ فأكرموه لموافقته لهم في المذهب يعني الرأي وبلغني أن أبا عثمان سأل عنه فقال: تنبؤا عنه شراً من غير سبب.
ومما أنكر عليه أنه كان يفضل الولاية على النبوة ويحتج بحديث يغبط به النبيون قال: لو لم يكونوا أفضل لما غبطوهم. وذكره أبو القاسم القشيري في الرسالة يحكي بهاتين الكتابين عن السلمي قال: كان من كبار الشيوخ وله تصنيف في علوم القوم.
وذكره القاضي كمال الدين بن العديم صاحب تاريخ حلب في جزء له سماه الملحة في الرد على أبي طلحة قال فيه:
وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث ولا رواية له ولا أعلم له تطرفاً وصناعة وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والازراء وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية وقالوا إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة. وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة وعلل فيها جميع الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها.
قلت - ابن حجر - : ولعمري لقد بالغ ابن العديم في ذلك ولولا أن كلامه يتضمن النقل عن الأئمة أنهم طعنوا فيه لما ذكرته ولم أقف لهذا الرجل مع جلالته على ترجمة شافية والله المستعان.
وقد ذكره أبو نعيم في الحلية فقال: صحب أبا تراب النخشبي ولقي يحيى بن الجلاء وصنف التصانيف الكثيرة في الحديث وهو مستقيم الطريق تابع للأثر يرد على المرجئة وغيرهم من المخالفين وذكر أشياء من كلامه لم يزد على ذلك سوى سياق أشياء من كلامه منها قوله: كفى بالمرء عيباً أن يسره ما يضره. ومنها قوله: وقد سأل عن الخلق فقال: ضعف ظاهر ودعوى عريضة.
ووقع لنا حديثه في جزء أبي حامد الشجاعي قال: أخبرنا الشيخ المزكي أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن العامري أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن يعقوب عن أبي عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي أخبرنا عبد الواحد أبو يوسف البصري فذكر حديثاً
وذكره الكلاباذي في كتابه التعرف في مذهب التصوف من أئمة المصنفين في ذلك وعظمه.
عاش إلى حدود العشرين وثلاثمائة فإن الأنباري المذكور ذكر أنه سمع منه سنة ثماني عشرة وثلاثمائة وعاش نحواً من تسعين سنة والله أعلم. انتهى من لسان الميزان
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ : ...قدم نيسابور في سنة خمس وثمانين ومائتين. قال السلمى: نفوه من ترمذ بسبب تأليفه كتاب ختم الولاية، وكتاب علل الشريعة، وقالوا: زعم ان للاولياء خاتما، وانه يفضل الولاية، واحتج بقول عليه السلام " يغبطهم النبيون والشهداء " وقال: لو لم يكونوا افضل لما غبطوهم فجاء إلى بلخ فأكرموه لموافقته اياهم في المذهب. قلت عاش نحوا من ثمانين سنة.
وقال السبكي بعد كلام السلمي :
ولعل الأمر كما زعم السلمى وإلا فما نظن بمسلم أنه يفضل بشرا غير الأنبياء عليهم السلام على الأنبياء ومن تصانيف الترمذى كتاب الفروق لا بأس به بل ليس فى بابه مثله يفرق فيه بين المداراة والمداهنة والمحاجة والمجادلة والمناظرة والمغالبة والانتصار والانتقام وهلم جرا من أمور متقاربة المعنى وله أيضا كتاب غرس الموحدين وكتاب عود الأمور وكتاب المناهى وكتاب شرح الصلاة . انتهى من طيقات الشافعية
ويقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية :
(( تكلم طائفة من الصوفية في (( خاتم الأولياء )) وعظموه كالحكيم الترمذي ، وهو من غلطاته ، فإن الغالب على كلامه الصحة بخلاف ابن عربي فإنه كثير التخليط )) .
وقال :
((بل لما تكلم الحكيم الترمذي فى كتاب ختم الأولياء بكلام وذكر انه يكون فى آخر الاولياء من هو أفضل من الصحابة وربما لوح بشيء من ذكر الأنبياء قام عليه المسلمون وأنكروا ذلك عليه ونفوه من البلد بسبب ذلك ولا ريب انه تكلم فى ذلك بكلام فاسد باطل لا ريب فيه ومن هناك ضل من اتبعه فى ذلك حتى صار جماعات يدعي كل واحد انه خاتم الأولياء كابن عربى صاحب الفصوص وسعد الدين بن حمويه وغيرهما وصار بعض الناس يدعي ان فى المتأخرين من يكون أفضل فى العلم بالله من أبى بكر وعمر والمهاجرين والأنصار الى أمثال هذه المقالات التى يطول وصفها مما هو باطل بالكتاب والسنة والاجماع))
انتهى من مجموع الفتاوى
وقال رحمه الله تعالى:
(وقد ظن طائفة غالطة أنّ خاتم الأولياء أفضل الأولياء قياسا على خاتم الأنبياء، ولم يتكلم أحد من المشايخ المتقدمين بخاتم الأولياء إلا محمد بن علي الحكيم الترمذي، فانه صنّف مصنفا غلط فيه في مواضع، ثم صار طائفة من المتأخرين يزعم كل واحد منهم أنه خاتم الأولياء، ومنهم من يدعي أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء من جهة العلم بالله، وأن الأنبياء يستفيدون العلم بالله من جهته، كما زَعم ذلك ابن عربى صاحب كتاب الفتوحات المكية وكتاب الفصوص فخالف الشرع والعقل مع مخالفة جميع أنبياء الله تعالى وأوليائه، كما يقال لمن قال فخَرَّ عليهم السقف من تحتهم)). انتهى من الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
وقد عدّ بعض أهل العلم كتاب ختم الولاية للحكيم الترمذى أخطر كتب الصوفية على الإطلاق.
وقال الشيخ مقبل - رحمه الله - في كتابه القيم الشفاعة معلقا على حديث رواه الحكيم الترمذي "نوادر الأصول" :
ومؤلف "النوادر" هو محمد بن علي، حافظ، كما في "تذكرة الحفاظ" للذهبي، وقد حمل عليه ابن العديم، وقال: إنه لم يكن من أهل الحديث، ولا رواية له، ولا علم له بطرقه وصناعته -إلى أن قال:- وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، إلى آخر كلامه رحمه الله. وفي "أسنى المطالب" ص(269): وكذلك كتب الترمذي الحكيم فيها من جملة الموضوع، فلا يعتمد على ما انفرد به، قال ابن أبي جمرة وابن القيّم: إن الترمذي الحكيم شحن كتبه من الموضوع.
ثم قال رحمه الله في الحاشية :
محمد بن علي بن الحسين، حدث عن أبيه، والحكيم صوفي هالك قد كفره بعض الناس في عصره، وهو مترجم في "السير" (ج13 ص439). انتهى من كتاب الشفاعة للإمام الوادعي
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى: ((ولاشك أنه (أي الحكيم الترمذي) غلط في ذلك غلطا فاحشا، وإن كان هو من أهل العناية بالحديث كرواية، ومن أهل الخير والصلاح كما وصفه بذلك ابن تيمية؛ لكنه غلط في هذه البدعة الكبرى التي ابتدعها في الأمة.
والشرور التي حدثت من القول بوحدة الوجود وتفضيل الولي على النبي والاستقاء من الله مباشرة إنما حدثت بعد هذا الكتاب وهذه النظرية الباطلة التي تبطل شريعة محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على الحقيقة)). اهـ (شرح العقيدة الطحاوية شريط رقم 5)