إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

:: ((المليباري يَهدِم مِصْراً ويُعوِّضُ النَّاسَ بَعْراً )) للشيخ/ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • :: ((المليباري يَهدِم مِصْراً ويُعوِّضُ النَّاسَ بَعْراً )) للشيخ/ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ::

    ((المليباري يَهدِم مِصْراً ويُعوِّضُ النَّاسَ بَعْراً ))


    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
    فما أكثر هدم هذا الرجل على أساس الجهل والبغي والعدوان ومن المناسب لهذا المقال أن أذكر ثلاثة أنواع من أنواع هدمه :

    الأول : هدمه لباب كامل من صحيح مسلم قائم على عشر طرق صحيحة في غاية من الصحة يتعلق بموضوع عظيم ألا وهو بيان فضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مهبط الوحي ومنطلق الفتوحات الإسلامية التي أطاحت بعروش الجبابرة من الأكاسرة والقياصرة وغيرها .

    فهل في هدم هذا الباب من صحيح مسلم الذي يتبوأ أعلى مكانة في الصحة بعد كتاب الله تعالى وصحيح البخاري ،فهل هذا العمل تقرُّبٌ إلى جهات خفية يُشفي غليلها مثل هذا الهدم لا سيما وهو يقوم على تأصيل يهدم معظم أبواب صحيح مسلم .

    الثاني : هدمه لعلوم الحديث باسم التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين وتحت ستار الغيرة لمنهج المتقدمين مع الحطِّ الشديد على جهود المتأخرين من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الهجري والتشويه لهذه الجهود العظيمة .

    ويسعى جاداً لإحياء منهج المتقدمين -كما يزعم- ويُلوِّحُ بهذه الأعمال إلى التجديد ويُوهم الناس أنه حامل لواء التجديد ! وما أدراك ما هذا التجديد : إنَّه الهدم بكل تأكيد ! .

    الثالث : هدمه لجهود المعاصرين في خدمة السنة النبوية بطريقة بهلوانية ومجازفات غوغائية لا ترى لها نظيراً في المجازفات والأكاذيب .

    إنَّه هدمٌ لجهود الباحثين والمؤسسات والجامعات التي تُعنى بالسنة النبوية وعلومها وهذا عمل يُزعِجُ المستشرقين وأعداء الإسلام ولا سيما مثل جهود الفحول من أمثال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني والمحدث أحمد محمد شاكر -رحمهما الله- رَائدَيْ النشاط القوي والاتجاه العظيم إلى خدمة السنة النبوية واللَّذان يعتبران بأعمالهما المجيدة من مجددي الإسلام عقيدة وشريعة في هذا العصر .

    وبهذا العرض لهدم هذا الرجل تتبين لك أهدافه ومراميه ويمكنك أن تدرك أن وراءه ما وراءه ونوعية مَن وراءه بأدنى قدر من الفهم والإدراك.

    ولنعرض الآن صورة من صور هدمه الأثيم على أساس من التهور والمجازفات :

    قال هذا المجازف الهدام في كتابه ( ما هكذا تورد يا سعد الإبل ) ص(8-9):( فهذا الذي أقدمه إليكم -إخواني الكرام- بعنوان:( ما هكذا تورد يا سعد الإبل ) تعقيب ،كتبته سنة 1407هـ 1986م حين كنت طالباً في مرحلة تحضير رسالة الدكتوراه(1)، بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، ضمن حوار تحريري جرى بيني وبين أحد أساتذة الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، يُدعى الدكتور ربيع، حول بعض القضايا العلمية المتصلة بمنهج المحدثين النقاد في التصحيح والتعليل .

    حين أرسلت إليه رسالة صغيرة في حدود سبع صفحات لأنبهه على أخطائه العلمية الفادحة في فهمه لنصوص النقاد ومصطلحاتهم الواردة في تعليل حديث ابن عمر في فضل الصلاة في المسجد النبوي، وذلك في كتابه (بين الإمامين: مسلم والدارقطني) ، ثار ثائره، ثم جاءني رده عليها بعد شهرين تقريباً تبلغ صفحاته إحدى وثمانين صفحة. وعلى الرغم من مخاطبتي له في تلك الرسالة بعبارات محترمة وبأسلوب علمي نزيه(1)، فإن الأستاذ أبى إلا أن يخاطبني في جميع ردوده بتكبر وعناد واستهزاء، ولسان حاله يقول :

    أبت شفتاي اليوم إلا تكلما بسوء فما أدري لمن أنا قائله(2)

    ماذا في هذا المقطع :

    1- قوله :( لأنبهه على أخطائه العلمية الفادحة في فهمه لنصوص النُّقاد ومصطلحاتهم الواردة في تصحيح حديث ابن عمر ) .

    سبحان الله ماذا أعطى هذا الرجل من العلوم وماذا بلغ من المنـزلة العلمية خلال مدَّة وجيزة من التحاقه بجامعة أم القرى ! فهل نقول :

    إِنَّ هذه المنـزلة العظيمة التي بلغها قد تكون من الكشوفات الصوفية ؟!!

    أو نقول : إنَّ هذه تهاويل وأكاذيب ومبالغات, فأنت الذي تُخالف العلماء في مناهجهم ومصطلحاتهم وتسعى في هدمها بما تفتريه من اختلاف منهج المتقدِّمين والمتأخرين.

    وأين هي الأخطاء الفادحة -أيها المُرجف- التي اكتشفتها وأنتَ حينذاك لا تستطيع النُّطق بالعربية وكتابتُك في غاية الرَّكاكة ؟!!

    2- قوله : ( ثار ثائره، ثم جاءني رده عليها بعد شهرين تقريبا تبلغ صفحاته إحدى وثمانين صفحة. وعلى الرغم من مخاطبتي له في تلك الرسالة بعبارات محترمة وبأسلوب علمي نزيه ) .

    قوله : ( بأسلوب علمي نزيه ): لا واللهِ ما هو بأسلوب علمي ولا نزيه, بل بأسلوب جاهل مُغرض كذوب يهدف إلى هدم صحيح مسلم بما وضعه من منهج هدَّام وبتطبيقه الأثيم لهذا المنهج .

    3- وقال هذا المجازف : ( بما أنَّ هذه الردود التي رددتُ بها عليه قبل سبع عشرة سنة تحمل فوائد علمية جمَّة تتَّصل بتصحيح مفاهيم مغلوطة لدى كثير من الباحثين حول منهج المحدِّثين النُّقاد في تصحيح الأحاديث وتعليلها وحلولاً منهجية لكثير من الشبهات التي يتخبَّط فيها كثير من الدارسين اليوم في مجال الحديث وعلومه وما كان الأستاذ وكتابه ( بين الإمامين ) إلاَّ أنموذجاً واضحاً لذلك ) .

    أقول:

    انظر كيف يصِفُ عمله القائم على الجهل والهوى بأنَّه يحمل فوائد علمية يُصحِّحُ بها مفاهيم مغلوطة لدى كثير من الباحثين(1) وحلولاً منهجية لكثير من الشبهات, ومعنى هذا أنَّه قبل سبع عشرة سنة قد بلغ درجة الإمامة لعلَّها فوق درجة الإمام البخاري والإمام الدارقطني ومن قبلهما من الأئمة وأنَّه قد قرأ مؤلفات وتحقيقات كثيرة مُلِئت بالجهل والمفاهيم المغلوطة فلم يُدرك ما فيها من المفاهيم المغلوطة إلاَّ حَضرَتُه ذات العبقرية الفذَّة !

    يجب أن ينتبه أهل العلم والعقل إلى ما ينطوي عليه هذا الرَّجل من روح هدَّامةٍ وعقلٍ مدمِّر وما تنطوي عليه جوانحه من كِبْر ( الكِبْرُ غمطُ النَّاس وردُّ الحقِّ ) فالرَّجل ينظر إلى جهود كثيرٍ من الدَّارسين اليوم في مجال الحديث وعلومه بعين الاحتقار والازدراء والتجهيل فيريد أن ينسفها فلا يبقى بأيدي النَّاس إلاَّ جهالاته وتحريفاته ومن قلَّده وسار على دربه المنحرف الهدَّام الذي يريد أن يهدم به علوم السنَّة ويُسقط علماءها الذين جاءوا بعد القرن الخامس بل قبلهم إلى يومنا هذا .

    كما في تفرقته بين منهج المتقدِّمين والمتأخرين وهذيانه الكثير بهذه التفرقة ليُبرهن بذلك على جلالته وإمامته وعبقريَّته التي جاءت بما لم يستطعه الأوائل؛ وواقعه لا يمُتُّ إلى شيءٍ ممَّا يدَّعيه فلا علم ولا صدق ولا أمانة فيما يقوله ويدَّعيه .

    انظر مرَّةً أخرى إلى جهله وظلمه وغمطه للجامعات الأكاديمية والمؤسسات العلمية وما قدَّمته من جهودٍ ومنها مئات الرسائل في خدمة السنَّة يريد أن يهدمها بما تحمله عقليته الفوضوية .

    وانظر إلى قوله : ( وحلولاً منهجية لكثير من الشبهات ) وما عنده إلاَّ الجهالات والتخبطات وإثارة الكثير من الشبهات واختراع المناهج والقواعد المدمرات والتعالي على جهود الباحثين والمؤسسات العلمية والجامعات .

    ثم انظر إلى قوله في هذا الكتاب : ( ما هكذا يا سعد تورد الإبل ص307) - بعد أكاذيب وافتراءات يفتريها على الأبرياء- قال: (حتى إذا قام الباحث المعاصر بتخريج حديث لم يكد يفقه منه ما يحتاج إليه في الحكم ويجعل التخريجات في جانب ثم يبتعد عنها ويقول: إنَّ الإسناد صحيح ورواته ثقات.

    وللأسف الشديد فإنَّ كثيراً من المؤسسات العلمية والجامعات الأكاديمية كانت تدرِّبُ في السنوات الماضية طلبتها في العلوم الشرعية على هذه الطريقة الرياضية. والدليل على ذلك هذا الكمُّ الهائل من الرسائل الجامعية التي تثقل بها رفوف مكتبات الجامعات ) .

    1- هكذا يريد هذا الجاهل الأعجمي الأخرق أن يهدم جهود أمثال العالمين المحدِّثَين الألباني وأحمد شاكر-رحمهما الله تعالى- وجهود الباحثين الآخرين وجهود المؤسسات العلمية والجامعات الأكاديمية لتبقى جهوده التجديدية بل التخريبية على غرار جهود الترابي وجمال الدِّين الأفغاني ومدرستهما مع التباين الشديد بين الأفغاني والمليباري في الذكاء والغباء .

    فالأفغاني جاء لينسف جهود العلماء السَّابقين من مفسِّرين ومن فقهاء وغيرهم والمليباري جاء لينسف جهود علماء الحديث السَّابقين واللاَّحقين بغبائه وجهله وكذبه .

    2- هل مثل الألباني وأحمد شاكر وغيرهم يخرّجون الأحاديث ثم لم يكادوا أن يفقهوا ما يحتاجون إليه من الحكم ثم يبتعدون عن التخريج فيقولون: ( إن الإسناد صحيح ورواته ثقات ) .

    إنَّ هذا الإفك يَرُدُّه جهود كثيرة فيها تضعيف أحاديث كثيرة وكثيرة في الرسائل العلمية بمنهج السَّلف نفسه ويرده جهود الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة التي بلغت ثلاثة عشر مجلداً وضعيف سنن أبي داود وضعيف سنن النسائي والترمذي وابن ماجة وضعيف الأدب المفرد وضعيف الجامع وجهودٌ أخرى في كتب أخرى, كل هذا وغيره يُبيِّنُ كذب هذا الرَّجل وتهوره ومجازفاته وعدم مبالاته بمن يتعقبه ويفضح افتراءاته ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت )، يا مسكين أنت تنطح الجبال وأنت في غاية الهزال تترنح وتسقط بأدنى الأسباب في الأوحال لأنك لا تعرف قدر نفسك ولا أقدار الرجال .

    هذا وللألباني جهود أخرى في التصحيح كسلسلة الأحاديث الصحيحة التي تبلغ أحد عشر مجلداً وصحيح السنن الأربع وصحيح الجامع الصغير وغيرها من مؤلفاته .

    وهو كغيره يصيب ويخطئ وله أجر الاجتهادين الصواب والخطأ(1).

    والأئمة قبله يصيبون ويخطئون ولهم أجر المجتهدين ولا تحط أخطاؤهم من منازلهم فالترمذي وابن خزيمة والطحاوي والدار قطني والحاكم والبيهقي وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين يصيبون ويخطئون وقد تكون أخطاؤهم كثيرة في التصحيح والتضعيف فلا يرجف عليهم ويقال فيهم إنهم سطحيون وما يعرفون المنهج ولا يصلحون للحكم على الأحاديث كما يقول المليباري في الألباني وأمثاله ممن سبقه ولحقه إلى آخر الترهات التي يقذف بها الجهلاء والمتهورون .

    ومن الأدلَّة على كذبه ومجازفاته وتكذيبه للحقِّ أنَّه يحكم على جهود كثير من الجامعات والمؤسسات والكمِّ الهائل من الرسائل التي لا يُحيط بها وبما فيها إلاَّ الله تعالى-والحكم عليها يحتاج إلى دراسة كثير من العلماء الأذكياء وإلى زمن طويل(1)- فكيف تمكَّن هذا الجاهل في مدَّة وجيزة من دراسة هذه الأشياء التي لا يُحيط بها إلاَّ الله تعالى , وكيف توصَّل إلى هذه الأحكام الجريئة ؟!

    ألاَ يصدُق عليه قول الله تعالى :  بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ(يونس: من الآية39)
    وقول الله تعالى :  إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ  (النحل:105)

    ولو كان له دِينٌ يردعه وعقل يزجره عن هذه المجازفات لما رأيتَ منه هذه الأكاذيب والمجازفات .

    وقول هذا المجازف : ( وما كان الأستاذ وكتابه ( بين الإمامين ) إلاَّ أنموذجاً واضحاً لذلك ) - أي للمفاهيم المغلوطة ولكثير من الشبهات التي يتخبَّط فيها كثير من الدارسين - .

    وقد قام هذا الإمام الفذ العبقري بحلولها قبل سبع عشرة سنة! فكم رقى من الدرجات العلمية ؟! وإلى أيِّ مرتبة وصل الآن ؟! فما على الناس إلا أن يسلمُّوا بإمامته وعبقريته وعليهم أن يلغوا جهود العلماء من تسعة قرون إلى يومنا هذا تقديراً لإمامته العظمى و يتحسروا على ما نزل بالإسلام من الضياع حتى جاء هذا الإمام الفذ.

    ألاَّ يدل طعنك أيُّها الأهوج في كتاب" بين الإمامين " الذي خدم صحيح الإمام مسلم وبينَّ ضعف الانتقادات التي وُجِّهَت إليه من الإمام الدارقطني -رحمه الله-(1) إلاَّ النـزر اليسير الذي سلم له .

    - بيان المنهج الذي سرت عليه في مناقشة تتبعات الإمام الدارقطني للإمام مسلم : سأذكر هنا منها ما يناسب الحال , قلت في مقدمة كتابي ( بين الإمامين ) :

    " ثالثا : تناول هذه الرسالة وما حوته من أحاديث وأسانيد بالدراسة والبحث وتتلخص هذه الدراسة فيما يلي :

    أ- تفهم ما يقوله الدارقطني وليس هذا بالأمر اليسير دائما بسبب الإجمال في بعض المواضع , وعملي هنا الفهم والبسط والكشف عن مقصود الدارقطني حسب ما يظهر لي .

    ب- فحص الدليل والرجوع إلى المصادر لتتبع الروايات من المتابعات والشواهد التي تُؤكِّد كلام الدارقطني أو تُعارضه وهنا لابدَّ من أن أذكر فقر المكتبات بمكة المكرمة في المصادر الضرورية للبحث(1) .

    ج- الحكم على نقد الدارقطني بالموافقة أو المخالفة في ضوء قواعد علماء نقد الحديث " اهـ .

    هذا ما قلته في هذه المقدمة وهو بيان صادق واضح للمنهج الذي سرت عليه في عملي :

    رسالتي ( بين الإمامين مسلم والدارقطني ) سير المتبصر على منهج أئمة النقد الفحول لا على السطحية وعلى المفاهيم المغلوطة ولا على الشبهات .

    تلك الدعاوى الفارغة التي يفتريها دجال مليبار على كلِّ من خالف منهجه الفاسد .

    ومما يؤكد أني سرت على منهج فحول أئمة النقد في كل مناقشاتي للإمام الدارقطني :

    1- ما ذكرته أيضاً في مقدمة كتابي ( بين الإمامين مسلم والدار قطني )(2) حيث قلت : منهج الدار قطني في التتَّبُع : اعلم أن للعلماء مذاهب في تعارض الرفع والوقف والوصل والإرسال وزيادة الثقة فأهل الأصول والفقهاء يقدمون الرفع على الوقف والوصل على الإرسال وأكثر المحدثين على العكس يقدمون الوقف على الرفع والإرسال على الوصل وبعض العلماء يرجح بالكثرة وبعضهم بالحفظ والدار قطني قد اتبع في استدراكه على مسلم طريقاً آخر غير هذه الطرق, وهو أنه يدور مع القرائن ولا يلتزم طريقاً معينا فأحياناً يرجح بالكثرة وأحياناً بالحفظ.

    وقد توخَّى بمسلكه هذا طريق فحول النقاد قبله مثل عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وأحمد بن حنبل والبخاري والنسائي وأبي حاتم وأبي زرعة وأمثالهم من فحول النقاد .

    2- أنَّ الإمام الدارقطني انتقد الإمام مسلما في حديث بكلام يستفاد منه أنَّه أعلَّه بالإرسال فناقشته على طريقة أهل العلم, وممَّا قلته في هذه المناقشة: ( وعلى فرض وجود الروايات المرسلة وإمكان الإجابة على الأسئلة السابقة نترك أبا مسعود الدمشقي وابن الصلاح والنووي يجيبون: ( إنَّ الحديث الذي رواه بعض الثقات موصولا وبعضهم مرسلا فإنَّ الحكم لرواية الوصل سواء كان راويها أقل عدداً من رواية الإرسال أو مساوياً ).

    وقال أبو مسعود والأشجعي ثقة مجود, وينسب النووي هذا المذهب للفقهاء والمحققين من المحدثين و قد سقطت لفظة (من المحدثين) ونقلي كان فيه اختصار فأحبُّ أن أنقل كلام النووي الآن وتعقبي عليه لأنَّ تعقُبي عليه هو المقصود :

    قال النووي-رحمه الله-: ( قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله- هذان الاستدراكان من الدارقطني مع أكثر استدراكاته على البخاري ومسلم قدح في أسانيدهما غير مخرج لمتون الأحاديث من حيز الصحة ) وقد ذكر هذا الحديث أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي الحافظ فيما أجاب الدارقطني عن استدراكاته على مسلم -رحمه الله- أنَّ الأشجعي ثقة مجود, فإذا جود ما قصر فيه غيره حكم له به ,ومع ذلك فالحديث له أصل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) اهـ .

    ثمَّ واصل النووي مناقشته للدارقطني .

    استفدت ممَّا قاله النووي ونقله فيما يتعلق بهذا الحديث ثمَّ قلت عقب هذه الاستفادة :
    ( ملاحظة : وما قاله هؤلاء من تقديم الوصل على الإرسال بحجة أنَّه زيادة ثقة وهي مقبولة يمكن تطبيقه هنا وفي كثير من المواضع ولكنه لا يطرد, قال البقاعي: (إنَّ للحذَّاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً لم يحكه-يعني ابن الصلاح-وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه وذلك أنَّهم لا يحكمون فيها بحكم مطرد وإنَّما يدورون مع القرائن(1) )

    وأحلتُ هنا على توضيح الأفكار للصنعاني(1/340) وعلى (فتح المغيث) للسخاوي (1/166) ثمَّ قلت : ( وما يحكى عن الإمام البخاري أنَّه يقدم الوصل على الإرسال مطلقا ليس صحيحا إذ قد تبين أنَّه يدير ذلك على القرائن فتارة يقدم الوصل على الإرسال وأخرى يقدم الإرسال على الوصل بناء على ظهور القرائن المرجحة )(2) .

    قلت هذا تلخيصا لكلام الحافظ ابن حجر عن مذهب البخاري في تعارض الوصل والإرسال وأحلت على توضيح الأفكار للصنعاني (1/342) والصنعاني إنَّما نقله عن الحافظ ابن حجر انظر ( النكت على مقدمة ابن الصلاح ) للحافظ (2/605-609) فمن أراد التوسع فليرجع إليه .

    هذا هو المنهج الذي سرت عليه في كتابي ( بين الإمامين ) في زيادة الثقة وفي تعارض الوصل والإرسال وغيرهما أدور مع القرائن المرجحة لهذا أو ذاك وكنت أخالف النووي -رحمه الله- في مواضع من تقديمه الوصل على الإرسال أخالفه أخذاً بما عليه حذَّاق أهل الحديث , ولعلَّ المليباري ما عرف هذا أوَّل ما عرفه إلاَّ من كتابي, وسواء عرفه من كتابي أو من غيره فقد طار به فرحاً وطاش به مرحاً واتخذه مِعولاً يهدم به هنا وهناك يُفرِّقُ به بين مذهب المتقدمين والمتأخرين متظاهراً بأنَّه على مذهب المتقدمين وأنَّى له أن يكون على مذهب المتقدمين أو المتأخرين فهو شيء آخر .

    وانطلق منه إلى الهذيان بزيادة الثقة ورمي العلماء بمخالفة منهج السَّلف فيها ممَّا أدَّى إلى فساد الناس في العقائد والأحكام .

    ورأى نفسه مُجدداً بهذه الأعمال التي تهدم جهود العلماء في خدمة السنَّة من قرون .

    وهذه خلاصة مناقشاتي للإمام الدارقطني :

    قلتُ في خـاتمة كتابي ( بين الإمامين/ص:628) :

    ( يمكن إرجاع انتقادات الدارقطني وتتبعاته للإمام مسلم إلى الأقسام الآتية :

    1- انتقاد موجه إلى أسانيد معينة : فيبدي لها عللاً من إرسال أو انقطاع أوضعف راوٍ أو عدم سماعه أو مخالفته للثقات في أمر ما , ويتبين في ضوء الدراسة والبحث أنّه غير مصيب فيما أبداه من علة ، وهذا النوع من الانتقاد لايكون له تأثير في متون تلك الأسانيد لعدم ثبوت العلل التي أبداها , ويبلغ عدد هذا القسم أربعين حديثاً.

    2- انتقاد موجه إلى الأسانيد : فيبدي لها عللاً من انقطاع أوعدم سماع ...الخ ,ويكون مصيباً فيما أبداه من علة ,لكن تأثيره قاصر على ذلك الإسناد المعين ,والمتن يكون صحيحاً من طريق أوطرق أخرى ,وله من المتابعات والشواهد مايزيده قوة ,ويبلغ عدد هذا القسم خمسةً وأربعين حديثاً .

    3- انتقاد موجه إلى المتن : كأن يدّعي في حديث ما أنّه لايصح إلا موقوفاً ولم يثبت رفعه, أويدّعي أنه من قول أحد التابعين ولا يصح رفعه, أو يدّعي أن جملة معينة قد زيدت في متن بسبب وهم أحد الرواة ويكون مصيباً في ذلك , ويكون لهذا الانتقاد أثره لثبوت دعواه, ولعدم المتابعات والشواهد لذلك المتن, وهذا النوع قليل جدا لا يجاوز ثمانية أحاديث .

    4- انتقاد موجه إلى المتن : كأن يدّعي في حديث ما أنّه لايصح إلا موقوفا عن صحابي معين أو مرسلاً من قول فلان , وتبين في ضوء الدراسة أنّ دعواه لاتثبت, وهذا يكون بالبداهة لا أثر له في ذلك المتن الذي ادّعى فيه تلك العلة ,وقد وجدت منه حديثين ) اهـ .

    ومن أراجيف المليباري عليَّ وعلى كتابي ( بين الإمامين مسلم والدارقطني ) :

    أنَّني أعتمد في تراجم الرِّجال بل ومعرفة طبقاتهم على كتاب ( التقريب التهذيب )(1) لابن حجر فقط ! ؛ وهذا غير صحيح؛ فهذه مصادر رسالتي -(بين الإمامين)- من كتب التاريخ وكتب الرِّجال :

    1-تاريخ بغداد للخطيب البغدادي

    2-التاريخ الكبير للبخاري

    3-تذكرة الحفاظ

    4-تعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر

    5-تقريب التهذيب لابن حجر

    6-تهذيب التهذيب

    7-الجرح والتعديل لابن أبي حاتم

    8-طبقات المدلسين لابن حجر

    9-الكاشف للذهبي

    10-المراسيل لابن أبي حاتم

    11-ميزان الاعتدال للذهبي

    أما جملة مصادر هذا الكتاب : فكتب الحديث من الصحاح والمسانيد والجوامع وكتب العلل والرجال والتاريخ وشروح الحديث فتبلغ اثنين وثمانين مصدراً .

    ولقد بَنَيتُ تخريج الأحاديث وتراجم الرجال على الاختصار والضغط الشديد تفادياً لتضخيم الحواشي ولو توسعت في ذلك لربما وصلت رسالتي إلى أضعاف حجمها, والذي يحضر الرسائل العالمية من الماجستير والدكتوراة في السنة لا يقتصر في تراجم الرجال-غير الأئمة الحفَّاظ المشهورين- على التقريب فقط بل في الغالب يكون الباحث قد راجع عدداً من كتب الرجال فلا يجد نتيجة لدراسة من يدرسه من الرجال أفضل من النتيجة التي توصل إليها الحافظ ابن حجر الذي درسها بعلم وخبرة واسعة وحنكة عظيمة فيسجلها الباحث بعد دراسته التي توصل بها إلى مثل النتيجة التي وصل إليها الحافظ فيسجل ما قرره ابن حجر ولا يقول أنا درست الكتاب الفلاني والكتاب الفلاني ووصلت إلى مثل ما وصل إليه الحافظ . هذا ما أقوله عن نفسي وعن الأمناء الناصحين ممَّن أعرفهم .

    ولا ندري شيئاً عن حال رسالتي المليباري ( الماجستير والدكتوراة ) ولا ندري ما أسباب حجبهما عن الناس أفلا يتفضل بهما !!(1) .

    وعلى كلِّ حال فإنِّي قد تصديت لأباطيله في ثلاثة كتب كل ُّ واحد منها يكفي المنصف الطالب للحق في بيان فساد منهج هذا الرجل وبطلانه وبيان سوء قصده , فأحيل القارئ على هذه الكتب فليقرأها أو ما شاء منها .

    إنَّ مناقشة هذا الرجل في كل أراجيفه مضيعة وإهدار لوقت الناقد والقارئ لا سيما وقد أسلفت أن قراءة ردودي السَّابقة أو بعضها يكفي القارئ في بيان جهل هذا الرجل وتلبيسه وكذبه وهدمه وتمويهه .

    ألاَ ترى أنَّ هذا الرَّجل يهدِمُ أمصاراً ويُعوِّضُ النَّاس أبعاراً ؟!! .

    المليباري يَهدِم مِصْراً ويُعوِّضُ النَّاسَ بَعْراً

    ( المقال الثاني في الرد على المليباري )

    كتبه :
    ربيع بن هادي بن عمير المدخلي
    (23/ربيع الأول/1426هـ)


    منقول من موقع الشيخ ربيع من هنا :
    http://www.rabee.net/show_des.aspx?pid=3&id=113
يعمل...
X