بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله قال أبوبكر الخلال؛أخبرني محمد بن أحمد بن جامع الرازي قال؛سمعت أبا معين بن الجسن الرازي قال شهدت أحمد بن حنبل جاءه رجل من أهل خراسان فقال له؛يا أبا عبدالله معي درهم وأراه-قال أحج بهذا الدرهم؟فقال له أحمد "اذهب فاشتر بهذا الدرهم منا واحمل رأسك حتى يصير عندك ثلثمائة فاذا صار عندك ثلثمائة فحج"قال:ياأبا عبدالله ماترى مكاسب الناس قال أحمد:"انظر هذا الخبيث يريد أن يفسد على الناس معايشهم" قال :يا أبا عبد الله انا متوكل .قال :"فتدخل البادية وحدك أو مع الناس ؟ قال:لا،مع الناس.قال كذبت لست أنت بمتوكل فادخل وحدك وإلا فأنت متوكل على جرب الناس".أخرجه الخلال فى كتابه"الحث على التجارة والصناعة والعمل،والإنكار على من يدعى التوكل في ترك العمل والحجة عليهم في ذلك"برقم(94)وأخرجه من طريق ابن الجوزي في تلبيس إبليس. معاني المفردات باب الكرخ:اسم موضع أو سوق.(2)منا:المن هو العسل الحلو الذي ينزل من السماء عفوا بلا علاج والكمأة من المن لامئونة فيها ببذر ولا سقي.(3) مكاسب الناس :أي يقصد هذا الرجل سؤال الإمام أحمد عن رأيه في سعي الناس للكسب،وهو بهذا يغمزهم بعدم التوكل حسب فهمه الخاطئ للتوكل.(4)جرب: واحدة جراب،وهو وعاء الزاد-أي الطعام والقوت.الدرس والفائدة التي تدور عليها محور هذه القصة هي: أن الأخذ بالأسباب والسعي لطلب الرزق لاينافي التوكل على الله بل هو من التوكل فهذا الرجل الخراساني أراد أن يحج بدرهم واحد وهو يعلم أن هذا الدرهم لا يكفي شيئا ابدا من النفقات الحج حيث إن نفقات الحج في هذا الزمان كما بينه الإمام أحمد تصل إلى حوالي ثلثمائة درهم وظن هذا الرجل بجهله أن التوكل على الله هو ترك الأخذ بالأسباب من توفير نفقات الحج والخروج إلى الحج بلا دراهم تكفيه وحال هذا الرجل كحال الذي يطلب الولد بلا نكاح ولازواج،فأبان له الإمام أحمد الطريق السليم للحج وحثه علي السعي للحصول على أسبابه ولما علم الإمام سوء اعتقاد هذا الرجل وخبثه وذلك عندما سأله الرجل بصورة المستهزئ عن رأيه في سعي الناس للكسب و طلب الررق وكأنه يريد أن يقو ل له:إن هؤلاء ليسوا بمتوكلين،حاجه الإمام أحمد وباغته بسؤاله يكشف كذبه ودجله بأنه لو كان حقا متو كلا بزعمه فليخرج إلى الصحراء وحده بلا رفقة من الناس فبهت هذا الرجل ولم يستطع إنكار عدم قدرته على هذا وأجاب النفي.وخلاصة هذا :أن التوكل هو استفراغ الوسع والجهد في الأخذ بالأسباب والسعي في حدود ما أحله الشرع مع اعتماد القلب على الله وحده في تحقيق النتائج المرجوة من وراء هذه الأسباب والأعتقاد الجازم أن هذه الأسباب لاتملك فعل شئ بذاتها إنما هي أقدر يصرفها الله كيفما يشاء وبهذا لاتحزن على مافاتك ولاتفرح بطرا بما هو آت وتعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك،وبهذا نرى أن التوكل هو في الأصالة عمل قلبي لا يعارض السعي بالجوارح، وأن ترك السعي وبذل الأسباب يسمي: تواكلا لا توكلا،وهو محرم وليس من الاسلام في شئ بل هو من ابتداع الصوفية ومن شابههم،وليس لهم في هذا التوكل سلفا من الصحابة والتابعين بإحسان بل كان الصحابة-رضوان الله عليهم من أعظم الناس توكلا على الله وأحسنهم جدا واجتهادا في الأخذ بالأسباب..والحمد لله من كتاب صحيح القصص للشيخ أبي عبد الأعلى خالد عثمان
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
قصة الرجل المتوكل والإمام أحمد
تقليص
X
تعليق