إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مصطلح الحديث/ معنى المتواتر***

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصطلح الحديث/ معنى المتواتر***

    بسم الله الرحمن الرحيم

    [ ص: 48 ] قال شيخ الإسلام رحمه الله فصل وأما عدة الأحاديث المتواترة التي في الصحيحين فلفظ المتواتر : يراد به معان ; إذ المقصود من المتواتر ما يفيد العلم لكن من الناس من لا يسمي متواترا إلا ما رواه عدد كثير يكون العلم حاصلا بكثرة عددهم فقط ويقولون : إن كل عدد أفاد العلم في قضية أفاد مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا قول ضعيف .

    والصحيح ما عليه الأكثرون : أن العلم يحصل بكثرة المخبرين تارة وقد يحصل بصفاتهم لدينهم وضبطهم وقد يحصل بقرائن تحتف بالخبر يحصل العلم بمجموع ذلك وقد يحصل العلم بطائفة دون طائفة .

    وأيضا فالخبر الذي تلقاه الأئمة بالقبول تصديقا له أو عملا بموجبه يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف وهذا في معنى المتواتر ; لكن من الناس من يسميه المشهور والمستفيض ويقسمون الخبر إلى متواتر [ ص: 49 ] ومشهور وخبر واحد وإذا كان كذلك فأكثر متون الصحيحين معلومة متقنة تلقاها أهل العلم بالحديث بالقبول والتصديق وأجمعوا على صحتها وإجماعهم معصوم من الخطأ كما أن إجماع الفقهاء على الأحكام معصوم من الخطأ ولو أجمع الفقهاء على حكم كان إجماعهم حجة وإن كان مستند أحدهم خبر واحد أو قياسا أو عموما فكذلك أهل العلم بالحديث إذا أجمعوا على صحة خبر أفاد العلم وإن كان الواحد منهم يجوز عليه الخطأ ; لكن إجماعهم معصوم عن الخطأ .

    ثم هذه الأحاديث التي أجمعوا على صحتها قد تتواتر وتستفيض عند بعضهم دون بعض وقد يحصل العلم بصدقها لبعضهم لعلمه بصفات المخبرين وما اقترن بالخبر منه القرائن التي تفيد العلم كمن سمع خبرا من الصديق أو الفاروق يرويه بين المهاجرين والأنصار وقد كانوا شهدوا منه ما شهد وهم مصدقون له في ذلك وهم مقرون له على ذلك وقوله : { إنما الأعمال بالنيات } هو مما تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق وليس هو في أصله متواترا ; بل هو من غرائب الصحيح لكن لما تلقوه بالقبول والتصديق صار مقطوعا بصحته .

    وفي السنن أحاديث تلقوها بالقبول والتصديق كقوله صلى الله عليه وسلم { لا وصية لوارث } فإن هذا مما تلقته الأمة بالقبول والعمل بموجبه وهو في السنن ليس في الصحيح .

    [ ص: 50 ] وأما عدد ما يحصل به التواتر فمن الناس من جعل له عددا محصورا ثم يفرق هؤلاء فقيل : أكثر من أربعة وقيل : اثنا عشر وقيل : أربعون وقيل : سبعون وقيل : ثلاثمائة وثلاثة عشر وقيل : غير ذلك . وكل هذه الأقوال باطلة لتكافئها في الدعوى .

    والصحيح الذي عليه الجمهور : أن التواتر ليس له عدد محصور والعلم الحاصل بخبر من الأخبار يحصل في القلب ضرورة كما يحصل الشبع عقيب الأكل والري عند الشرب وليس لما يشبع كل واحد ويرويه قدر معين ; بل قد يكون الشبع لكثرة الطعام وقد يكون لجودته كاللحم وقد يكون لاستغناء الآكل بقليله ; وقد يكون لاشتغال نفسه بفرح أو غضب ; أو حزن ونحو ذلك .

    كذلك العلم الحاصل عقيب الخبر تارة يكون لكثرة المخبرين وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم وإن كانوا كفارا . وتارة يكون لدينهم وضبطهم . فرب رجلين أو ثلاثة يحصل من العلم بخبرهم ما لا يحصل بعشرة وعشرين لا يوثق بدينهم وضبطهم وتارة قد يحصل العلم بكون كل من المخبرين أخبر بمثل ما أخبر به الآخر مع العلم بأنهما لم يتواطآ وأنه يمتنع في العادة الاتفاق في مثل ذلك مثل من يروي حديثا طويلا فيه فصول ويرويه آخر لم يلقه . وتارة يحصل العلم بالخبر لمن عنده الفطنة والذكاء والعلم بأحوال المخبرين وبما أخبروا به [ ص: 51 ] ما ليس لمن له مثل ذلك . وتارة يحصل العلم بالخبر لكونه روي بحضرة جماعة كثيرة شاركوا المخبر في العلم ولم يكذبه أحد منهم ; فإن الجماعة الكثيرة قد يمتنع تواطؤهم على الكتمان كما يمتنع تواطؤهم على الكذب .

    وإذا عرف أن العلم بأخبار المخبرين له أسباب غير مجرد العدد علم أن من قيد العلم بعدد معين وسوى بين جميع الأخبار في ذلك فقد غلط غلطا عظيما ; ولهذا كان التواتر ينقسم إلى : عام ; وخاص فأهل العلم بالحديث والفقه قد تواتر عندهم من السنة ما لم يتواتر عند العامة كسجود السهو ووجوب الشفعة وحمل العاقلة العقل ورجم الزاني المحصن ; وأحاديث الرؤية وعذاب القبر ; والحوض والشفاعة ; وأمثال ذلك .

    وإذا كان الخبر قد تواتر عند قوم دون قوم وقد يحصل العلم بصدقه لقوم دون قوم فمن حصل له العلم به وجب عليه التصديق به والعمل بمقتضاه كما يجب ذلك في نظائره ومن لم يحصل له العلم بذلك فعليه أن يسلم ذلك لأهل الإجماع الذين أجمعوا على صحته كما على الناس أن يسلموا الأحكام المجمع عليها إلى من أجمع عليها من أهل العلم ; فإن الله عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة وإنما يكون إجماعها بأن يسلم غير العالم للعالم ; إذ غير العالم لا يكون له قول وإنما القول للعالم فكما أن من لا يعرف أدلة الأحكام لا يعتد بقوله فمن لا يعرف طرق العلم بصحة الحديث لا يعتد بقوله بل على كل من ليس بعالم أن يتبع إجماع أهل العلم .

  • #2
    [ ص: 69 ] وسئل : عن قوم اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد ; ومنهم من يقول : لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد بالتواتر ; إذ التواتر نقل الجم الغفير عن الجم الغفير ؟

    الحاشية رقم: 1 تواتر حديث واحد فيقال له : التواتر نوعان : تواتر عن العامة ; وتواتر عن الخاصة وهم أهل علم الحديث . وهو أيضا قسمان : ما تواتر لفظه ; وما تواتر معناه . فأحاديث الشفاعة والصراط والميزان والرؤية وفضائل الصحابة ونحو ذلك متواتر عند أهل العلم وهي متواترة المعنى وإن لم يتواتر لفظ بعينه وكذلك معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الخارجة عن القرآن متواترة أيضا وكذلك سجود السهو متواتر أيضا عند العلماء وكذلك القضاء بالشفعة ونحو ذلك .

    وعلماء الحديث يتواتر [ عندهم ] ما لا يتواتر عند غيرهم ; لكونهم [ ص: 70 ] سمعوا ما لم يسمع غيرهم وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعلم غيرهم والتواتر لا يشترط له عدد معين ; بل من العلماء من ادعى أن له عددا يحصل له به العلم من كل ما أخبر به كل مخبر ونفوا ذلك عن الأربعة وتوقفوا فيما زاد عليها وهذا غلط فالعلم يحصل تارة بالكثرة ; وتارة بصفات المخبرين ; وتارة بقرائن تقترن بأخبارهم وبأمور أخر .

    وأيضا فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة والاثنان : إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء ومن الناس من يسمي هذا : المستفيض . والعلم هنا حصل بإجماع العلماء على صحته ; فإن الإجماع لا يكون على خطإ ; ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم صحته عند علماء الطوائف : من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والأشعرية وإنما خالف في ذلك فريق من أهل الكلام كما قد بسط في موضعه .

    مجموع فتاوى ابن تيمية

    تعليق


    • #3
      [ ص: 38 ] وسئل : عن معنى قولهم : حديث حسن أو مرسل أو غريب وجمع الترمذي بين الغريب والصحيح في حديث واحد ؟ وهل في الحديث متواتر لفظا ومعنى ؟ وهل جمهور الحديث الصحيح تفيد اليقين أو الظن ؟ وما هو شرط البخاري ومسلم ; فإنهم فرقوا بين شرط البخاري ومسلم فقالوا : على شرط البخاري ومسلم ؟


      فأجاب : أما المرسل من الحديث : أن يرويه من دون الصحابة ولا يذكر عمن أخذه من الصحابة ويحتمل أنه أخذه من غيرهم .


      ثم من الناس من لا يسمي مرسلا إلا ما أرسله التابعي ومنهم من يعد ما أرسله غير التابعي مرسلا .


      وكذلك ما يسقط من إسناده رجل فمنهم من يخصه باسم المنقطع ومنهم من يدرجه في اسم المرسل كما أن فيهم من يسمي كل مرسل منقطعا وهذا كله سائغ في اللغة .


      [ ص: 39 ] وأما الغريب : فهو الذي لا يعرف إلا من طريق واحد ثم قد يكون صحيحا كحديث : { إنما الأعمال بالنيات } { و نهيه عن بيع الولاء وهبته } وحديث { أنه دخل مكة وعلى رأسه المغفر } فهذه صحاح في البخاري ومسلم وهي غريبة عند أهل الحديث فالأول إنما ثبت عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب والثاني إنما يعرف من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر والثالث إنما يعرف من رواية مالك عن الزهري عن أنس ولكن أكثر الغرائب ضعيفة .


      وأما الحسن في اصطلاح الترمذي فهو : ما روي من وجهين وليس في رواته من هو متهم بالكذب ولا هو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة . فهذه الشروط هي التي شرطها الترمذي في الحسن لكن من الناس من يقول : قد سمي حسنا ما ليس كذلك مثل حديث يقول فيه : حسن غريب ; فإنه لم يرو إلا من وجه واحد وقد سماه حسنا وقد أجيب عنه بأنه قد يكون غريبا . لم يرو إلا عن تابعي واحد لكن روي عنه من وجهين فصار حسنا لتعدد طرقه عن ذلك الشخص وهو في أصله غريب .


      وكذلك الصحيح الحسن الغريب قد يكون لأنه روي بإسناد صحيح غريب ثم روي عن الراوي الأصلي بطريق صحيح وطريق آخر [ ص: 40 ] فيصير بذلك حسنا مع أنه صحيح غريب ; لأن الحسن ما تعددت طرقه وليس فيها متهم فإن كان صحيحا من الطريقين فهذا صحيح محض وإن كان أحد الطريقين لم تعلم صحته فهذا حسن وقد يكون غريب الإسناد فلا يعرف بذلك الإسناد إلا من ذلك الوجه وهو حسن المتن ; لأن المتن روي من وجهين ; ولهذا يقول : وفي الباب عن فلان وفلان فيكون لمعناه شواهد تبين أن متنه حسن وإن كان إسناده غريبا . وإذا قال مع ذلك : إنه صحيح ; فيكون قد ثبت من طريق صحيح وروي من طريق حسن فاجتمع فيه الصحة والحسن وقد يكون غريبا من ذلك الوجه لا يعرف بذلك الإسناد إلا من ذلك الوجه . وإن كان هو صحيحا من ذلك الوجه فقد يكون صحيحا غريبا وهذا لا شبهة فيه وإنما الشبهة في اجتماع الحسن والغريب . وقد تقدم أنه قد يكون غريبا حسنا ثم صار حسنا وقد يكون حسنا غريبا كما ذكر من المعنيين .


      وأما المتواتر فالصواب الذي عليه الجمهور : أن المتواتر ليس له عدد محصور بل إذا حصل العلم عن إخبار المخبرين كان الخبر متواترا وكذلك الذي عليه الجمهور أن العلم يختلف باختلاف حال المخبرين به . فرب عدد قليل أفاد خبرهم العلم بما يوجب صدقهم وأضعافهم لا يفيد خبرهم العلم ; ولهذا كان الصحيح أن خبر الواحد قد يفيد العلم إذا احتفت به قرائن تفيد العلم .


      [ ص: 41 ] وعلى هذا فكثير من متون الصحيحين متواتر اللفظ عند أهل العلم بالحديث وإن لم يعرف غيرهم أنه متواتر ; ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله تارة لتواتره عندهم وتارة لتلقي الأمة له بالقبول .


      وخبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالإسفراييني وابن فورك ; فإنه وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن ; لكن لما اقترن به إجماع أهل العلم بالحديث على تلقيه بالتصديق كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالفقه على حكم مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي ; لأن الإجماع معصوم فأهل العلم بالأحكام الشرعية لا يجمعون على تحليل حرام ولا تحريم حلال كذلك أهل العلم بالحديث لا يجمعون على التصديق بكذب ولا التكذيب بصدق . وتارة يكون علم أحدهم لقرائن تحتف بالأخبار توجب لهم العلم ومن علم ما علموه حصل له من العلم ما حصل لهم .


      [ ص: 42 ] وأما " شرط البخاري ومسلم " فلهذا رجال يروى عنهم يختص بهم ولهذا رجال يروى عنهم يختص بهم وهما مشتركان في رجال آخرين وهؤلاء الذين اتفقا عليهم عليهم مدار الحديث المتفق عليه . وقد يروي أحدهم عن رجل في المتابعات والشواهد دون الأصل وقد يروي عنه ما عرفه من طريق غيره ولا يروي ما انفرد به وقد يترك من حديث الثقة ما علم أنه أخطأ فيه فيظن من لا خبرة له أن كل ما رواه ذلك الشخص يحتج به أصحاب الصحيح وليس الأمر كذلك ; فإن معرفة علل الحديث علم شريف يعرفه أئمة الفن : كيحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري صاحب الصحيح والدارقطني وغيرهم . وهذه علوم يعرفها أصحابها والله أعلم


      مجموع فتاوى ابن تيمية

      تعليق

      يعمل...
      X