بيان حال حديث من عشق وكتم وعف فمات فهو شهيد
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
في آخر كتابه الجواب الكافي وأما حديث من عشق وعف فهذا ممن يرويه سويد بن سعيد وقد أنكره حفاظ الاسلام عليه قال ابن عدي: في كامله هذا الحديث أحد ما أنكر على سويد وكذلك ذكره البيهقي وابن طاهر في الذخيرة والتذكرة وأبو الفرج بن الجوزي وعده من الموضوعات وأنكره أبو عبد الله الحاكم على تساهله وقال أنا أتعجب منه .
قلت والصواب في الحديث إنه من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً عليه فغلط سويد في رفعه قال أبو محمد بن خلف بن المرزبان حدثنا أبو بكر بن الارزق عن سويد فعاتبته على ذلك فأسقط ذكر النبي وكان بعد ذلك يسأل عنه ولا يرفعه ولا يشبه هذا كلام النبوة .
وأما ما رواه الخطيب له عن الزهري حدثنا المعافا بن زكريا حدثنا قطبة بن الفضل حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق حدثنا سويد حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً فمن أبين الخطأ ولا يحمل هذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عنه من شم أدني رائحة من العلم من الحديث ونحن نشهد بالله أن عائشة ما تكلمت بهذا عن رسول الله قط ولا حدث به عنها عروة ولا حدث به عنه هشام قط.
وأما حديث ابن الماجشون عن عبدالله بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً فكذب على بن الماجشون فانه لم يحدث بهذا ولم يحدث به عنه الزبير بن بكار وإنما هذا من تركيب بعض الوضاعين ويا سبحان الله كيف يحتمل هذا الاسناد مثل هذا المتن فقبح الله الواضعين .
وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل حدثنا يعقوب بن عيسى عن ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا وهذا غلط قبيح فان محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي ووفاته سنة سبع وعشرين وثلاث مائة فمحال ان يدرك شيخه يعقوب ابن أبي نجيح لا سيما وقد رواه في كتاب الاعتلال عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح والخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية ذكره أبو الفرج في كتاب الضعفاء .
وكلام حفاظ الاسلام في أنكار هذا الحديث هو الميزان واليهم يرجع في هذا الشأن وما صححه بل ولا حسنه أحد يعول في علم الحديث عليه ويرجع في الصحيح اليه ولا من عادته التساهل والتسامح فانه لم يصف نفسه له ويكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف ويروي منها الغث والسمين والمنخنقة والموقوذة قد أنكره وحكم ببطلانه نعم ابن عباس غير مستنكر ذلك عنه وقد ذكر ابو محمد بن حزم عنه انه سئل عن الميت عشقا فقال قتيل الهوي لا عقل ولا قود ورفع اليه بعرفات شاب قد صار كالفرخ فقال ما شأنه فقال العشق فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق فهذا تفسير من قال من عشق وعف وكتم ومات فهو شهيد ومما يوضح ذلك ان النبي عد الشهداء في الصحيح فذكر المقتول في الجهاد والمبطون والحريق والنفساء يقتلها اولدها والغريق وصاحب الهدم فلم يذكر منهم العاشق يقتله العشق وحسب قتيل العشق ان يصح له هذا الاثر عن ابن عباس رضى الله عنهما على انه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله ويعف لله ويكتم لله وهذ لا يكون الا مع قدرته على معشوقه وايثار محبة الله وخوفه ورضاه وهذا أحق من دخل تحت قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (*) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات : 40 ، 41] وتحت قوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن : 46] اهـ
يتبع أن شاء الله
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
في آخر كتابه الجواب الكافي وأما حديث من عشق وعف فهذا ممن يرويه سويد بن سعيد وقد أنكره حفاظ الاسلام عليه قال ابن عدي: في كامله هذا الحديث أحد ما أنكر على سويد وكذلك ذكره البيهقي وابن طاهر في الذخيرة والتذكرة وأبو الفرج بن الجوزي وعده من الموضوعات وأنكره أبو عبد الله الحاكم على تساهله وقال أنا أتعجب منه .
قلت والصواب في الحديث إنه من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً عليه فغلط سويد في رفعه قال أبو محمد بن خلف بن المرزبان حدثنا أبو بكر بن الارزق عن سويد فعاتبته على ذلك فأسقط ذكر النبي وكان بعد ذلك يسأل عنه ولا يرفعه ولا يشبه هذا كلام النبوة .
وأما ما رواه الخطيب له عن الزهري حدثنا المعافا بن زكريا حدثنا قطبة بن الفضل حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق حدثنا سويد حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً فمن أبين الخطأ ولا يحمل هذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عنه من شم أدني رائحة من العلم من الحديث ونحن نشهد بالله أن عائشة ما تكلمت بهذا عن رسول الله قط ولا حدث به عنها عروة ولا حدث به عنه هشام قط.
وأما حديث ابن الماجشون عن عبدالله بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً فكذب على بن الماجشون فانه لم يحدث بهذا ولم يحدث به عنه الزبير بن بكار وإنما هذا من تركيب بعض الوضاعين ويا سبحان الله كيف يحتمل هذا الاسناد مثل هذا المتن فقبح الله الواضعين .
وقد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل حدثنا يعقوب بن عيسى عن ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا وهذا غلط قبيح فان محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي ووفاته سنة سبع وعشرين وثلاث مائة فمحال ان يدرك شيخه يعقوب ابن أبي نجيح لا سيما وقد رواه في كتاب الاعتلال عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح والخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية ذكره أبو الفرج في كتاب الضعفاء .
وكلام حفاظ الاسلام في أنكار هذا الحديث هو الميزان واليهم يرجع في هذا الشأن وما صححه بل ولا حسنه أحد يعول في علم الحديث عليه ويرجع في الصحيح اليه ولا من عادته التساهل والتسامح فانه لم يصف نفسه له ويكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف ويروي منها الغث والسمين والمنخنقة والموقوذة قد أنكره وحكم ببطلانه نعم ابن عباس غير مستنكر ذلك عنه وقد ذكر ابو محمد بن حزم عنه انه سئل عن الميت عشقا فقال قتيل الهوي لا عقل ولا قود ورفع اليه بعرفات شاب قد صار كالفرخ فقال ما شأنه فقال العشق فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق فهذا تفسير من قال من عشق وعف وكتم ومات فهو شهيد ومما يوضح ذلك ان النبي عد الشهداء في الصحيح فذكر المقتول في الجهاد والمبطون والحريق والنفساء يقتلها اولدها والغريق وصاحب الهدم فلم يذكر منهم العاشق يقتله العشق وحسب قتيل العشق ان يصح له هذا الاثر عن ابن عباس رضى الله عنهما على انه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله ويعف لله ويكتم لله وهذ لا يكون الا مع قدرته على معشوقه وايثار محبة الله وخوفه ورضاه وهذا أحق من دخل تحت قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (*) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات : 40 ، 41] وتحت قوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن : 46] اهـ
يتبع أن شاء الله
تعليق