إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني وبيان حاله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني وبيان حاله

    كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني وبيان حاله
    بسم الله الرحمن الرحيم

    كتاب الحلية لأبي نعيم من الكتب المنتشرة في أوساط المسلمين . وهذا الكتاب على ما فيه من الفوائد العظيمة لكن لا بد من الحيطة على ما يحتويه من كمٍّ هائل من الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
    وأحب أن يعرف القارئ عن هذا الكتاب ، وماذا قال فيه أهل العلم الفضلاء ، ليكون على بينة من أمره .
    فمن هو مؤلف الكتاب ؟ ! وما هي أقوال أهل العلم فيه ؟!

    مبحثان عظيمان ! .

    ([([( المبحث الأول : )])]) من هو أبو نعيم صاحب الحلية

    باختصار أنقل لك بعضا مما قال الحافظ الذهبي عن هذا العالم : قال الذهبي في السير 17/454 :
    الإمام الحافظ الثقة العلامة شيخ الإسلام أبو نعيم المهراني الأصبهاني الصوفي الأحول وصاحب الحلية . ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة 336هـ . وكان حافظا مبرزا عالي الإسناد تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي وهاجر إلى لقيه الحفاظ.
    قال أحمد بن محمد بن مردويه كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء وكان لا يضجر لم يكن له غذاء سوى التصنيف والتسميع . قال الخطيب قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها منها أن يقول في الإجازة أخبرنا أن يبين. قال الحافظ أبو عبد الله ابن النجار جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نعيم والحافظ الصادق إذا قال هذا الكتاب سماعي جاز أخذه عنه بإجماعهم .
    قلت قول الخطيب كان يتساهل إلى آخره هذا شيء قل أن يفعله أبو نعيم وكثيرا ما يقول كتب إلى الخلدي ويقول كتب إلى وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع منه كثيرا وهو أكبر شيخ له أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه فيوهم أنه سمعه ويكون مما هو له بالإجازة عند إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الأندلس وتوسعوا فيه وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في أبي الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل له منهم إجازة كان له سائغا والأحوط تجنبه حدثني أبو الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء الدين قال وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم . قلت فبطل ما تخيله الخطيب وتوهمه وما أبو نعيم بمتهم بل هو صدوق عالم بهذا الفن ما أعلم له ذنبا والله يعفو عنه أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ثم يسكت عن توهيتها . قال الحافظ أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو سمعت أبا الحسين القاضي سمعت عبد العزيز النخشبي يقول لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه من أبي بكر بن خلاد فحدث به كله فقال الحافظ ابن النجار قد وهم في هذا فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وخط أبي نعيم عليه يقول سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد ويمكن أن يكون روى الباقي بالإجازة ثم قال :
    لو رجم النجم جميع الورى لم يصل الرجم إلى النجم
    قلت كان أبو عبد الله بن مندة يقذع في المقال في أبي نعيم لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في تاريخه وقد عرف وهن كلام الأقران نصوص محمد بعضهم في بعض . وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملة صالحة إلى الشام من تواليف أبي نعيم ورواياته أخذها عنهما شيوخنا وعند شيخنا أبي الحجاج من ذلك شيء كثير بالإجازة العالية كالحلية والمستدرك على صحيح مسلم .مات أبو نعيم الحافظ في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع مئة 430هـ وله أربع وتسعون سنة.


    ([([( المبحث الثاني : )])]) أقوال أهل العلم في كتاب الحلية :
    • أبو طاهر السلفي : قال ابن المفضل الحافظ جمع شيخنا أبو طاهر السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدثه عنه وهم نحو الثمانين وقال لم يصنف مثل كتابه حلية الأولياء سمعناه من أبي المظفر القاساني عنه سوى فوت يسير. [السير 17/454]
    • ما نقله حمزة بن العباس : قال حمزة بن العباس العلوي كان أصحاب الحديث يقولون بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى منه إسنادا ولا أحفظ منه وكانوا يقولون لما صنف كتاب الحلية حمل الكتاب إلى نيسابور حال حياته فاشتروه بأربع مئة دينار. [السير 17/454]
    • شيخ الإسلام ابن تيمية : قال ابن تيمية في كتاب زيارة القبور 1/65 عن كتاب الحلية : فإن فيه الصحيح والحسن والضعيف والموضوع والمكذوب الذي لا خلاف بين العلماء في أنه كذب موضوع وتارة يرويه على عادة بعض أهل الحديث الذين يروون ما سمعوا ولا يميزون بين صحيحه وباطله وكان أهل الحديث لا يروون مثل هذه الأحاديث لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال من حديث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين.
    وسئل شيخ الإسلام في الفتاوى 18/71 : عن رجل سمع كتب الحديث والتفسير وإذا قرىء عليه كتاب الحلية لم يسمعه فقيل له لم لا تسمع أخبار السلف فقال لا أسمع من كتاب أبى نعيم شيئا فقيل هو إمام ثقة شيخ المحدثين في وقته فلم لا تسمع ولا تثق بنقله فقيل له بيننا وبينك عالم الزمان وشيخ الإسلام ابن تيمية في حال أبى نعيم فقال أنا أسمع ما يقول شيخ الإسلام وأرجح إليه فأرسل هذا السؤال من دمشق فأجاب فيه الشيخ:
    الحمد لله رب العالمين أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانى صاحب كتاب حلية الأولياء وتاريخ أصبهان والمستخرج على البخارى ومسلم وكتاب الطب و عمل اليوم والليلة وفضائل الصحابة ودلائل النبوة وصفة الجنة ومحجة الواثقين وغير ذلك من المصنفات من أكبر حفاظ الحديث ومن أكثرهم تصنيفات وممن انتفع الناس بتصانيفه وهو أجل من أن يقال له ثقة فإن درجته فوق ذلك وكتابه كتاب الحلية من أجود الكتب المصنفة فى أخبار الزهاد والمنقول فيه أصح من المنقول فى رسالة القشيرى ومصنفات أبى عبدالرحمن السلمى شيخه ومناقب الأبرار لابن خميس وغير ذلك فإن أبا نعيم أعلم بالحديث وأكثر حديث وأثبت رواية ونقلا من هؤلاء ولكن كتاب الزهد للإمام أحمد والزهد لابن المبارك وأمثالهما أصح نقلا من الحلية وهذه الكتب وغيرها لا بد فيها من أحاديث ضعيفة وحكايات ضعيفة بل باطلة وفى الحلية من ذلك قطع ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها فإن في مصنفات أبى عبد الرحمن السلمى ورسالة القشيرى ومناقب الأبرار ونحو ذلك من الحكايات الباطلة بل ومن الأحاديث الباطلة ما لا يوجد مثله في مصنفات أبى نعيم ولكن صفوة صفوة لأبى الفرج ابن الجوزى نقلها من جنس نقل الحلية والغالب على الكتابين الصحة ومع هذا ففيهما أحاديث وحكايات باطلة وأما الزهد للإمام أحمد ونحوه فليس فيه من الأحاديث والحكايات الموضوعة مثل ما في هذه فإنه لا يذكر في مصنفاته عمن هو معروف بالوضع بل قد يقع فيها ما هو ضعيف بسوء حفظ ناقله وكذلك الأحاديث المرفوعة ليس فيها ما يعرف أنه موضوع قصد الكذب فيه كما ليس ذلك في مسنده لكن فيه ما يعرف أنه غلط غلط فيه رواته ومثل هذا يوجد في غالب كتب الإسلام فلا يسلم كتاب من الغلط إلا القرآن... . وأما كتاب حلية الأولياء فمن أجود مصنفات المتأخرين في أخبار الزهاد وفيه من الحكايات مالم يكن به حاجة إليه والأحاديث المروية في أوائلها أحاديث كثيرة ضعيفة بل موضوعة.
    • الحافظ ابن حجر : قال ابن حجر في طبقات المدلسين 1/18 : المرتبة الأولى وعدتهم ثلاثة وثلاثون نفسا : أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني الحافظ أو نعيم صاحب التصانيف الكثيرة الشائعة منها حلية الأولياء ومعرفة الصحابة والمستخرجين على الصحيحين كانت له إجازة من أناس أدركهم ولم يلقهم فكان يروى عنهم بصيغة أخبرنا ولا يبين كونها إجازة لكنه كان إذا حدث عن من سمع منه يقول حدثنا سواء كان ذلك قراءة أو سماعا وهو اصطلاح له تبعه عليه بعضهم وفيه نوع تدليس بالنسبة لمن لا يعرف ذلك قال الخطيب رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها منها أنه يطلق في الإجازة أخبرنا ولا يبين قال الذهبي هذا مذهب رآه أو نعيم وهو ضرب من التدليس وقد فعله غيره.
    • مصطفى بن عبد الله مؤلف كشف الظنون : قال صاحب كشف الظنون 1017- 1067 في الجزء الأول صفحة 689 : حلية الأولياء في الحديث للحافظ أبي نعيم احمد بن عبد الله الأصبهاني المتوفى سنة 430هـ ثلاثين وأربعمائة مجلد ضخم أوله الحمد لله محدث الأكوان الخ وهو كتاب حسن معتبر يتضمن أسامي جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الأعلام المحققين والمتصوفة والنساك وبعض أحاديثهم وكلامهم وصدر ذكر الخلفاء إلى تمام العشرة في الترتيب ثم جعل من سواهم إرسالا لئلا يستفاد منه تقديم فرد على فرد لكنه أطال فيه الأسانيد وتكرير كثير من الحكايات وأمور أخر منافية لموضوعه ولذلك اختصره الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي اختصارا حسنا وسماه الصفوة وانتقد عليه بعشرة أشياء فأوجز في الاختصار لحيث لم يبقى منه إلا رسومه ثم إن صاحب مجمع الأخبار محمد بن الحسن الحسيني سلك في اختصاره مسلكا وسطا مع زيادة تراجم أئمة كما سيأتي ذكره .
    • أحمد بن جعفر : قال أحمد بن جعفر الكتاني – 1345 هـ صاحب الرسالة المستطرفة 1/140 : وكتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني في عشر مجلدات ضخام وتوجد في عشرين مجلدا متوسطة وفي أكثر من ذلك وفيها الصحيح والحسن والضعيف وبعض الموضوع ولما صنفها بيعت في حياته بأربعمائة دينار. ولها بركات وفضائل وللحافظ نور الدين الهيثمي ترتيب احاديثها على الأبواب سماه تقريب البغية في ترتيب أحاديث الحلية واختصرها أبو الفرج بن الجوزي وسماه صفوة الصفوة في أربع مجلدات .

  • #2
    منقول : التعريف بكتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم - وبيان سيرته و عقيدته

    منقول : التعريف بكتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم - وبيان سيرته و عقيدته

    التعريف بأبي نعيم الأصبهاني
    .


    وفيه سبعة مباحث :

    المبحث الأول : اسمه ، ونسبه ، وكنيته
    .

    اسمه ونسبه :

    أحمد بن عبد الله بن مهران بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني.
    ذكر أبو نعيم أن أول من أسلم من جدوده هو مهران ، وكان مولاً لعبد الله بن معاوية بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه .

    نسبته وكنيته :

    نسبته التي اشتهر بها الأصبهاني ، نسبة إلى مدينة أصبهان.
    وكنيته التي اشتهر بها : أبو نعيم .

    المبحث الثاني : مولده ، ونشأته .

    ولد في شهر رجب سنة ست و ثلاثين وثلاثمائة للهجرة .

    كانت البيئة التي عاش فيها أبو نعيم رحمه الله بيئة علمية تساعد على التنشئة العلمية الجيدة فمدينة أصبهان التي ولد فيها كانت مركزاً علمياً عاش فيها جمعٌ من العلماء ، ورحل إليها جمع آخر يقول ياقوت الحموي عن أصبهان :" وقد خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كل فن ما لم يخرج من مدينة من المدن وعلى الخصوص علو الإسناد فإن أعمار أهلها تطول ولهم في ذلك عناية وافرة بسماع الحديث وبها من الحفاظ خلق لا يحصون" ، هذا من حيث البيئة العامة للمجتمع ، أما البيئة الخاصة للأسرة فقد نشأ أبو نعيم في بيت يحب العلم ويقدر أهميته ، فمنذ نعومة أظفاره أخذ والده ت ( 365هـ) بيده للتلقي عن عدد من شيوخ ذلك العصر ، فقد كان والده محدثاً رحالاً نعته الذهبي بقوله :" الحافظ الإمام "
    ثم قال عنه :" وكان صدوقاً ، عالماً ، بكّر بولده وسمّعه من الكبار "
    استجاز له من جماعة من كبار المجيزين في عصره ،وتفرد بالرواية عنهم ، فأجاز له بالشام خيثمة بن سليمان ، ومن بغداد جعفر الخلدي ، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب.

    وذكر الذهبي أن مشايخ الدنيا أجازوا له سنة نيف وأربعين وثلاثمائة ، وعمره حينئذ ست سنين ، ومما ساعده على ذلك أخوته ،
    فأخوه أبو أحمد : عبد الرزاق بن عبد الله الأصبهاني ،ت ( 395هـ) ، وقف في عرفات أربعين مرة ، كان محدثاً ، روى الحديث وسمعه من العراقيين ، وأهل الحرمين ،
    وأخوه أبو مسعود : محمد بن عبد الله ، كان من المحدثين .


    المبحث الثالث : طلبه العلم ، ورحلاته فيه .

    بدأ طلب العلم بالسماع على المشايخ وكان أول سماع له وعمره ثمان سنوات أي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وكان أول سماع له من مسند أصبهان المعمر أبي محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، وهذا يدل على أنه بدأ السماع في وقت مبكرٍ من عمره .

    ووافق هذا التبكير في التحصيل همة عالية ، ونفس جادة في طلب العلم وجمعه ، ويستفاد مما كتبه وصنفه ، وبما وصفه به من عاصره ومن جاء بعده أن أبا نعيم كان ذا حافظة قوية ساهمت مع التبكير والجد إلى بلوغ رتبة الحافظ المتقن.

    رحلاته :

    رحل أبو نعيم في طلب العلم وعمره عشرين عاماً في سنة ست وخمسين وثلاثمائة ،ولم تذكر كتب التراجم نصوصاً واضحة لرحلاته وتواريخها ، ولكن يؤخذ من سيرته أنه قد سمع الحديث عن بعض شيوخه في بلدانهم ، ومن تلك البلدان :

    مكة ، سمع فيها من :
    •محمد بن الحسين بن عبد الله ، أبو بكر الآجري .

    بغداد ، سمع فيها من :
    •أحمد بن يوسف بن خلاد أبو بكر النصيبي ، العطار
    •محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق ، أبو علي الصواف ، الغدادي.
    روى عنه أبو نعيم كثيراً ، وقد كان ثقة ، ثبتاً ، حجة ، غاية في الإتقان .
    •محمد بن الحسن بن كوثر أبو بحر البربهاري، البغدادي.
    قال الدارقطني :" كان له أصل صحيح ، وسماع صحيح ، وأصل رديء ، فحدث بذا وبذاك فأفسده ".
    •أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك ، أبو بكر القطيعي .
    روى عن عبد الله بن أحمد بن حنبل مسند أبيه ، وله جزء الألف دينار.
    كان ثقة ، زاهداً ، صالحاً ، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة .
    وقد انتقد تاج الدين السبكي الخطيب البغدادي إذ لم يترجم له في تاريخ بغداد مع علمه أنه قد دخلها .
    [طبقات الشافعية الكبرى 1/20]

    البصرة ، و سمع فيها من :
    •حبيب بن الحسن بن داود ، أبو القاسم القزاز .
    •فاروق بن عبد الكبير بن عمر أبو حفص الخطابي ، البصري .

    الكوفة ، سمع فيها من :
    •إبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم .
    •أبو بكر : عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي .
    نيسابور ، سمع فيها من :

    •محمد بن أحمد بن حمدان أبي عمرو الحيري .
    •أبو أحمد : محمد بن محمد بن احمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي الحاكم الكبير.
    قال عنه أبو عبد الله الحاكم :" إمام عصره في هذه الصنعة كثير التصنيف مقدم في معرفة شروط الصحيح والأسامي والكنى ، و طلب الحديث ".
    الكرابيسي : هذه النسبة إلى بيع الثياب ، الأنساب 5/42.


    ويظهر من اتساع راويات أبي نعيم وكثرتها ، وكثرة شيوخه ، وتلامذته الذين أخذوا عنه ؛ أنه قد رحل إلى بلدان أخرى غير ما ذكر.


    المبحث الرابع : أبرز شيوخه وتلاميذه.

    أولاً : أبرز شيوخه .

    سبق ذكر عددٍ ممن رحل إليهم ، وأما أبرز من لقيهم ، وأكثر من الرواية عنهم:
    •سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي ، أبو القاسم الطبراني.
    [اللخمي : بفتح اللام المشددة ، وسكون الخاء المعجمة ، هذه النسبة إلى لخم ، من قبائل اليمن ، الأنساب 5/132.]
    الإمام الحافظ ، صاحب المصنفات المشهورة ومنها ، المعجم الكبير ، والمعجم الأوسط ، والمعجم الصغير ، ومسند الشاميين ، وكتاب الدعاء .
    •عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ، أبو محمد الأصبهاني ، مشهور بأبي الشيخ .
    الإمام الحافظ صاحب المصنفات العديدة ، ومن أهمها ، طبقات المحدثين بأصبهان ، العظمة ، ذكر الأقران .
    •محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان ، أبو بكر بن المقرئ .
    •محمد بن أحمد بن حسين ، أبو أحمد الغطريفي .
    •عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن شاهين الشيباني.
    •محمد بن المظفر البزاز البغدادي .
    قال الدارقطني :" ثقة ، مأمون ، يميل إلى الشيعة قليلاً مقداره ما لا يضره إن شاء الله "
    [سؤالات السلمي للدارقطني ص 295 س 313. ]
    وقال الذهبي :" الحافظ ثقة حجة معروف".
    •محمد بن علي بن حبيش ، أبو الحسين الناقد البغدادي .
    •حبيب بن الحسن بن داود بن محمد بن عبيد الله أبو القاسم القزاز .

    أبرز تلاميذه :

    ذكر الذهبي[تذكرة الحفاظ3/1094] أن السِّلفي جمع أخبار أبي نعيم الأصبهاني ، وسمى ثمانين نفساً حدثوه عن أبي نعيم ، فهؤلاء الذين حدثوا رجلاً واحداً وهو السِّلفي فكيف بغيره من طبقته ، وقد كان أبو نعيم رحمه الله واسع الصدر لطلابه ، باذلاً وقته لإفادتهم ،
    قال أحمد بن محمد بن مردويه :" كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده ، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء وكان لا يضجر لم يكن له غذاء سوى التصنيف والتسميع " [سير أعلام النبلاء 17/459 ]

    ومن أبرز تلاميذه :

    •أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن ثابت، الخطيب البغدادي .
    •الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مهرة الأصبهاني ، أبو علي الحداد.
    قال السمعاني :" كان أبوه إذا مضى إلى حانوته لعمل الحديد يأخذ بيد الحسن ، ويدفعه إلى مسجد أبي نعيم الحافظ ليسمع ما يقرأ عليه " (الأنساب للسمعاني 2/384 ).
    وهو أكثر من سمع مصنفات أبي نعيم الأصبهاني ، ورواها عنه بعد موته ، وأجاز بها .
    مات سنة خمس عشرة وخمسمائة .
    •حمد بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن مهران أبو الفضل الأصبهاني الحداد أخو أبي علي الحداد .
    قال الذهبي :" وحدث ببغداد بكتاب الحلية لأبي نعيم عنه لما حج " .[سير أعلام النبلاء 19/20-21 ]
    روى عنه كثيراً الضياء المقدسي في المختارة .
    •أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الهروي ، أبو سعد الماليني .
    قال الذهبي :" وكان ذا صدق وورع ، وإتقان ، حصل المسانيد الكبار ".
    مات سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، أي قبل وفاة شيخه أبي نعيم بثمان عشرة سنة.
    الماليني : بالياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، بعد اللام المكسورة ، وفي آخرها النون ، هذه النسبة إلى مالين : قرى مجتمعة على فرسخسن من هراة .
    [ الأنساب 4/179]


    المبحث الخامس : مكانته ، وآثاره العلمية .

    كان لطلب أبي نعيم العلم في حداثة سنه ،وسماعه من عدد كبير من الشيوخ في الأمصار التي رحل إليها ، وطول العمر الذي أوتيه أثراً كبيراً في جمعه للحديث حتى بلغ مرتبة عالية في العلم والمعرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأثمر ذلك كله مكانة علية ، وثناءً حسناً عند من جاء بعده من العلماء الذين عرفوا قدره وعلو منزلته ، وسعة علمه ،فجاءت منهم شهادات تزكية وثناء عاطر لما وصل إليه من علم بالسنة وعلومها ، ولما قام به من تصنيف حسن ، وجمع كثير لحديث النبي صلى الله عليه وسلم .
    ومن أقوال العلماء في ذلك :
    قال الخطيب البغدادي :" لم أر أحداً أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين : أبو نعيم الأصبهاني ، وأبو حازم العبدوي الأعرج " ( طبقات الشافعية الكبرى 4/21).

    قال أحمد بن محمد بن مردويه :" كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه "
    (سير أعلام النبلاء 17/459 ).

    وقال ابن خلكان :" كان من الأعلام المحدثين ، وأكابر الحفاظ الثقات ، وأخذ عن الأفاضل ، وأخذوا عنه ، وانتفعوا به " ( وفيات الأعيان 1/91).

    وقال ابن نقطة :" رزق من علو الإسناد ما لم يجتمع عند غيره وصنف كتباً حسنةً وحديثه بالمشرق والمغرب وكان ثقة في الحديث عالماً فهماً "(التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد ص 145 ).

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" هو أكبر حفاظ الحديث ، ومن أكثرهم تصنيفاً ، وممن انتفع الناس بتصانيفه ، وهو أجل من أن يقال له : ثقة ، فإن درجته فوق ذلك "
    (مجموع الفتاوى 18/17 ).

    قال الذهبي :" وكان حافظاً مبرزاً عالي الإسناد تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي وهاجر إلى لقيه الحفاظ "
    ( سير أعلام النبلاء 17/459).

    و يمكن أن نخلص مما سبق ذكره إلى أهم ما تميز به أبو نعيم رحمه الله حتى كانت له تلك الشهرة والمنزلة :
    1- البيئة العلمية التي عاش فيها في مدينته أصبهان ، والتي كانت تزخر بالعلماء .
    2- رحلاته العلمية التي مكنته من مشافهة جمع كبير من علماء عصره في كثير من بلدان العالم الإسلامي.
    3- حرصه على طلب العلم وجده في تحصيله وجمعه.
    4- طول عمره ، فلقد عُمِّر 94 سنة .
    5- علو أسانيده ؛ إذ تفرد بالرواية عن أقوام متقدمين ، فأمكنه ذلك من إلحاق الصغار بالكبار.
    6- كثرة مؤلفاته التي ربت على مائة كتاب .
    7- كثرة شيوخه ، وكثر الآخذين عنه
    [بتصرف وزيادة على مافي كتاب (( أبو نعيم وكتابه الحلية )) ص 21-22. ]


    المبحث السادس : عقيدته ، ومذهبه الفقهي

    أولاً : عقيدته .

    الحكم في عقائد الناس أشد من الحكم في دمائهم ، والسبيل إلى معرفة ما كان عليه السابقون إنما يؤخذ مما كتبوه لا مما قيل فيهم من غير تثبت ولا سبر لأقوالهم ، وقد اضطربت الأقوال في بيان عقيدة أبي نعيم ، فقد وصف بأنه أشعري ، وأنه شيعي وفيما يلي مناقشة لكل قول :

    أ‌- وصفه بأن أشعري.

    ذكره ابن عساكر في طبقات الأشاعرة في كتابه (( تبيين كذب المفتري ص 246) )
    قال ابن الجوزي :" كان يميل إلى مذهب الأشعري في الاعتقاد ميلاً كثيراً " ( المنتظم 8/100. )،
    ونقل ذلك عنه ابن كثير في البداية والنهاية ( 12/45) ،
    وبنى على ما سبق الدكتور / محمد لطفي الصباغ في كتابه (( أبو نعيم وكتابه الحلية ص 15 )) ووصفه بالغلو في مذهب الأشاعرة .

    ولابد من محاكمة لأبي نعيم فيما نسب إليه ، فلا نجد شيئاً يشهد عليه ، وإنما شهوده أقواله التي نقلها عنه الأثبات والتي تبين براءته مما نسب إليه ،
    فقد نقل ابن تيمية عن أبي نعيم قوله في علو الباري تبارك وتعالى :" وأجمعوا – السلف – أن الله فوق سمواته عال على عرشه مستو عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية إنه بكل مكان " ( مجموع الفتاوى 5/160).

    و جعل ابن القيم أبا نعيم أحد أئمة أهل الحديث الذي رفع الله منازلهم في العالمين وجعل لهم لسان صدق في الآخرين ، وعده من الأئمة الذين يؤخذ بقولهم في الرد على المعطلة والمشبهة ، فقال : قول شيخ الصوفية والمحدثين أبي نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء قال في عقيدته : " وأن الله سميع ، بصير ، خبير ، يتكلم ، ويرضى ، ويسخط ، ويعجب ، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكاً ، وينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء " (اجتماع الجيوش الإسلامية ص 110 ).
    وهذا ما لا تعتقده الأشاعرة أو تقول به .

    ونقل الحافظ الذهبي نصوصاً من كتاب الاعتقاد ومن ذلك قول أبي نعيم :" طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ، فيما اعتقدوه أن الأحاديث التي تثبت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ، وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه ، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه " (العرش ص 143 ).

    وبعد فهذه النقول والنصوص لا تبقي لأحد أي شبهة للطعن في معتقد أبي نعيم رحمه الله وأنه إن شاء الله على منهج السلف في الاعتقاد .

    ب‌-وصفه بأنه شيعي.

    نُسبِ أبو نعيم إلى التشيع ، فقد نقل محمد باقر الخونساري الأصبهاني ت 1313هـ صاحب كتاب (( روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات )) عن أحد الشيعة قوله :
    " وهو – أبو نعيم – من محدثي العامة ظاهراً إلا أنه من خُلّص الشيعة في باطن أمره ، والتي يتقي ظاهراً على ما وافق ما اقتضته الحال " ( روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات 1/173).

    وحجتهم أن أبا نعيم رحمه الله قد ذكر في ترجمة علي بن أبي طالب كثيراً من الأحاديث والآثار في مناقبه والتي لا توجد في كثير من الكتب المصنفة ، وأن كتابه يعد مرجعاً لعلماء الشيعة في جمع النصوص للرد على المخالفين لهم – يقصد أهل السنة .

    ويمكن الرد بما يلي :

    1-إن أبا نعيم قد ترجم في كتاب الحلية قبل علي بن أبي طالب لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
    2-إن أبا نعيم قد صنف كتاباً عنوانه (( تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة ))
    وطبع بعنوان (( تثبيت الإمامة والرد على الرافضة )) صنفه لتثبيت الإمامة والخلافة الأولى لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأنه الرجل الذي أجمعت عليه الأمة ، ثم يعرض للشبهات التي يثيرها الروافض ويرد على الأحاديث التي يدعون زوراً وبهتاناً أنها تنص على خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
    3-صنف أبو نعيم كتاباً سماه (( فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم )) ،بدأه بذكر فضائل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ؛ فلو كان من أهل التشيع لما فعل هذا.

    ونسبته إلى التشيع كذب ظاهر يكفي في رده ما عرف عن الشيعة من الكذب والتزوير.
    وإن شاء الله أنه على معتقد أهل السنة والجماعة .


    ثانياً :مذهبه الفقهي.

    لم أجد له مصنفاً ينصر فيه مذهباً من المذاهب الأربعة أو غيرها ، ولم يؤلف في الفقه كتاباً على أي منهج من مناهج التأليف المذهبية ، أما كتاب مسند أبي حنيفة فهو في جمع مرويات أبي حنيفة رحمه الله وبيان من وافقه على مروياته تلك ، والكتاب ليس في نصرة مذهب أبي حنيفة ولا بتخريج أحاديث مصنف في الفقه الحنفي .
    ولكن أصحاب كتب تراجم الشافعية يذكرونه من بين أعيان المذهب الشافعي ومن أولئك ،
    تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (4/18 ) ،
    وأبو بكر بن هداية الله الحسيني في طبقات الشافعية (ص 141) ،
    والإسنوي في طبقات الشافعية (2/474-475 )،
    وابن قاضي شهبة ، في طبقات الشافعية (1/201).

    المبحث السابع : وفاته .

    جمهور من ترجم لأبي نعيم يقولون :
    أنه مات يوم الاثنين العشرين من شهر محرم سنة ثلاثين وأربعمائة للهجرة ،
    وجاءت أقوال أخرى أن وفاته كانت في الثامن والعشرين من شهر محرم،
    وقيل: الحادي والعشرين ، والثامن والعشرين ، والثامن عشر منه .
    قال ياقوت الحموي :" ودفن بمردبان " (معجم البلدان 1/210 ) ،
    وقال الخوانساري الأصبهاني :" وقبره الآن معروف بمحلة درب الشيخ أبي مسعود ، من محلات أصبهان "
    (روضات الجنات
    1/275 ).

    تعليق


    • #3
      وممن جرد قلمه لنقد الكتاب ابن الجوزي في مقدمة كتابه صفة الصفوة ، وجعل ما تكدر به الكتاب عشرة أشياء ، سأذكرها مختصرة

      ومع هذه المكانة لكتاب حلية الأولياء وهذه الجهود الخيرة على الكتاب إلا أنه لم يسلم من النقد ،
      وممن جرد قلمه لنقد الكتاب ابن الجوزي في مقدمة كتابه صفة الصفوة ، وجعل ما تكدر به الكتاب عشرة أشياء ، سأذكرها مختصرة مع التعليق على ما أراه.

      الأول :

      أن هذا الكتاب إنما وضع لذكر أخبار الأخيار وإنما يراد من ذكرهم شرح أحوالهم وأخلاقهم ليقتدي بها السالك فقد ذكر فيه أسماء جماعة ثم لم ينقل عنهم شيئا من ذلك ذكر عنهم ما يروونه عن غيرهم أو ما يسندونه من الحديث .
      وهذا صحيح فإن أبا نعيم بين مقصده من التأليف فقال في مقدمة الحلية :
      " وأجبتك إلى ما ابتغيت من جمع كتاب يتضمن أسامي جماعة وبعض أحاديثهم وكلامهم"
      (حلية الأولياء 1/3).

      الثاني :

      أنه قصد ما ينقل عن الرجل المذكور ولم ينظر هل يليق بالكتاب أم لا
      مثل : ما ملأ ترجمة مجاهد بقطعة من تفسيره ،
      وترجمة عكرمة بقطعة من تفسيره ،
      وترجمة كعب الأحبار بقطعة من التوراة وليس هذا بموضع هذه الأشياء .

      وهذا صحيح فكثيراً من المرويات في التراجم لا تتفق مع مقصد أبي نعيم من وضع الكتاب.


      الثالث :

      أنه أعاد أخباراً كثيرة مثل :
      ما ذكر في ترجمة الحسن البصري من كلامه ثم أعاده في تراجم أصحابه .
      وهذا صحيح فيوجد في الأقوال المنقولة عن المترجم له ، والأحاديث التي يرويها تكرار في عدت مواضع من الكتاب.

      الرابع :

      أنه أطال بذكر الأحاديث المرفوعة التي يرويها الشخص الواحد فينسى ما وضع له ذكر الرجل من بيان آدابه وأخلاقه كما ذكر شعبة ، وسفيان ، ومالك ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم .
      فانه ذكر عن كل واحد من هؤلاء من الأحاديث التي يرويها مرفوعة جملة كثيرة ومعلوم أن مثل كتابه الذي يقصد به مداواة القلوب إنما وضع لبيان أخلاق القوم لا الأحاديث.

      وهذا تكرار من ابن الجوزي لما ذكره في الأمر الثاني ، ولعل أبا نعيم لم يرد إخلاء كتابه من الفوائد الحديثية ، وخاصة في تراجم علماء الحديث الأجلاء.

      الخامس :

      أنه ذكر في كتابه أحاديث كثيرة باطلة وموضوعة فقصد بذكرها تكثير حديثه وتنفيق رواياته ولم يبين أنها موضوعة ومعلوم أن جمهور المائلين الى التبرر يخفى عليهم الصحيح من غيره فستر ذلك عنهم غش من الطبيب لا نصح .
      أما تفسير قصد أبي نعيم بتكثير حديثه وتنفيق رواياته فمدفوع عنه فأبو نعيم إمام مكثر وله من التصانيف والشهرة ما يغنيه عن التكثر ، وطلب تنفيق الحديث لأن هذا إنما يكون من مغمور يريد الشهرة .

      وأما رواية الأحاديث الباطلة والموضوعة والسكوت عنها ، وهذا منهجه في هذا الكتاب وفي جميع مصنفاته ،
      وقد وافق الذهبي ابن الجوزي في هذا النقد فقال :
      " ما أعلم له ذنباً والله يعفو عنه أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ثم يسكت عن توهيتها"
      (سير أعلام النبلاء 17/461).

      ولا يعاب على أبي نعيم بهذا فهو على منهج المحدثين فهو يؤدي ما تحمله في كتابه هذا وفي غيره بأسانيده ثم يبقى الحكم على الأحاديث والآثار لمن يأتي بعده ، وهذوا ما لا يستطيعه الصوفية ، لنبذهم العلوم ، ورغبتهم في الوقوف على الأحوال وكلام أهل الحقائق فقط .

      مع أن ابن الجوزي قد وقع فيما عاب به على أبي نعيم!
      ففي كتابه صفة الصفوة قال :
      فصل ((ومن كلامه المتقن وأمثاله العجيبة صلى الله عليه وسلم ))
      أورد عدداً من الأحاديث الموضوعة التي لا يخفى بطلانها على أهل الصنعة ونسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير بيان أنها موضوعة ،
      ومن غير ذكر أسانيدها حتى يمكن للباحث من بعده أن يدرس أسانيدها ويحكم عليها.
      (صفة الصفوة 1 / 203 – 218 ، وفيها جملة من الأحاديث موضوعة ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات مثل حديث :" استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان " ، أورده في صفة الصفوة 1،216 ، وحكم بوضعه في الموضوعات 2/503.)

      السادس :

      السجع البارد في التراجم الذي لا يكاد يحتوي على معنى صحيح خصوصاً في ذكر حدود التصوف.
      وهذا صحيح فمن ذلك قول أبي نعيم :" ومنهم الفقيه القوي سالك السمت المرضي بالعلم الواضح المضي والحال الزاكي الوضي ؛ أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي كان بالأوامر مكتفياً وعن الزواجر منتهياً تاركاً لتكلف الأثقال معتنقاً لتحمل الواجب من الأفعال ،
      وقيل :" إن التصوف تطهر من تكدر وتشمر في تبرر
      "
      (حلية الأولياء 4/310).

      السابع :

      إضافة التصوف إلى كبار السادات كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن وشريح وسفيان وشعبة ومالك والشافعي وأحمد وليس عند هؤلاء القوم خبر من التصوف.

      الثامن :

      أنه حكى في كتابه عن بعض المذكورين كلاما أطال به لا طائل فيه تارة ، ولا يكون في ذلك الكلام معنى صحيح .

      التاسع :

      أنه ذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها فربما سمعها المبتدىء القليل العلم فظنها حسنة فاحتذاها .

      العاشر :

      أنه خلط في ترتيب القوم فقدم من ينبغي أن يؤخر وأخر من ينبغي أن يقدم فعل ذلك في الصحابة وفيمن بعدهم فلا هو ذكرهم على ترتيب الفضائل ولا على ترتيب المواليد ولا جمع أهل كل بلد في مكان وربما فعل هذا في وقت ثم عاد فخلط خصوصاً في أواخر الكتاب .
      وهذا سهل فبوجود الفهارس التي وضعت للكتاب يمكن الوصول إلى التراجم بسهولة.
      التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 04-12-2012, 10:24 AM.

      تعليق


      • #4
        جوزيت خيرا يا شيخ خالد الهاشمي و بورك فيك .

        تعليق

        يعمل...
        X