إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قال شيخ الاسلام إبن تيمية (العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قال شيخ الاسلام إبن تيمية (العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع )

    العبادات مبناهاعلى الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع


    إن الإسلام مبنى على أصلين‏ : ‏


    - أحدهما‏ : ‏ أن نعبد الله وحده لا شريك له‏ . ‏



    - والثانى‏ : ‏ أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا نعبده بالأهواء والبدع .

    قال الله تعالى‏ : ‏ ‏ { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن

    يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }
    ‏ الآية ‏ [ ‏الجاثية‏ : ‏18، 19‏ ] ‏ ، وقال تعالى‏ : ‏‏ { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }‏‏[الشورى‏ ‏21‏ ] ‏‏ . ‏



    فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم ، من واجب ومستحب ، لا نعبده

    بالأمور المبتدعة ، كما ثبت فى السنن من حديث الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ‏ ‏ قال الترمذى‏ : ‏ حديث حسن

    صحيح‏ . ‏ وفى مسلم أنه كان يقول فى خطبته‏ : ‏ ‏ ( ‏خير الكلام كلام الله ، وخير الهدى هدى محمد

    صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة‏ ) ‏‏ .



    وليس لأحد أن يعبد إلا الله وحده ، فلا يصلى إلا لله ، ولا يصوم إلا لله ، ولا يحج إلا بيت الله ، ولا

    يتوكل إلا على الله ، ولا يخاف إلا الله ، ولا ينذر إلا لله ، ولا يحلف إلا بالله‏ . ‏ وفى الصحيحين عن

    النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال‏ : ‏ ‏ ( ‏إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ،فمن كان حالفا فليحلف بالله

    أو لِيَصْمُتْ‏ ) ‏‏ .
    ‏ وفى السنن‏ : ‏ ‏ ( ‏من حلف بغير الله فقد أشرك‏ ) ‏ ، وعن ابن مسعود‏ : ‏ لأن أحلف بالله

    كاذبا أحب إلى من أن أحلف بغيره صادقا ؛ لأن الحلف بغير الله شرك ، والحلف بالله توحيد‏ . ‏ وتوحيد

    معه كذب ، خير من شرك معه صدق ، ولهذا كان غاية الكذب أن يعدل بالشرك ، كما قال النبى صلى

    الله عليه وسلم‏ :
    ‏ ‏ ( ‏عدلت شهادة الزور الإشراك بالله‏ ) ‏ مرتين أو ثلاثا‏ . ‏ وقرأ قوله تعالى‏ : ‏ ‏ { وَمَن

    يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }
    ‏ ‏ [ ‏الحج‏

    :31‏
    ] ‏ ، وإذا كان الحالف بغير الله قد أشرك ، فكيف الناذر لغير الله‏؟‏ والنذر أعظم من الحلف ؛

    ولهذا لو نذر لغير الله فلا يجب الوفاء به ، باتفاق المسلمين‏ . ‏ مثل أن ينذر لغير الله صلاة ، أو صوما

    ، أو حجا ، أو عمرة ، أو صدقة‏ . ‏



    ولو حلف ليفعلن شيئا ، لم يجب عليه أن يفعله ، قيل‏ : ‏ يجوز له أن يكفر عن اليمين ، ولا يفعل

    المحلوف عليه ، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم‏ : ‏ ‏ ( ‏من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها

    فليأت الذى هو خير ، وليُكَفِّر عن يمينه‏ )
    ‏ ، وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم‏ : ‏

    أنه نهى عن النذر وقال‏ : ‏ ‏ ( ‏إنه لا يأتى بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل‏ ) ‏ ، فإذا كان النذر لا

    يأتى بخير فكيف بالنذر للمخلوق‏؟‏ ولكن النذر لله يجب الوفاء به إذا كان فى طاعة ، وإذا كان معصية

    لم يجز الوفاء باتفاق العلماء ، وإنما تنازعوا‏ : ‏ هل فيه بدل ، أو كفارة يمين ، أم لا ‏؟‏ لما رواه

    البخارى فى صحيحه ، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال‏ : ‏ ‏ ( ‏من نَذَرَ أن يطيع الله فَلْيُطِعْه ،

    ومن نذر أن يعصى الله فلا يَعْصِه‏ ) ‏‏ .



    فمن ظن أن النذر للمخلوقين يجلب له منفعة ، أو يدفع عنه مضرة ، فهو من الضالين كالذين يظنون

    أن عبادة المخلوقين تجلب لهم منفعة ، أو تدفع عنهم مضرة‏ . ‏



    وهؤلاء المشركون قد تتمثل لهم الشياطين ، وقد تخاطبهم بكلام ، وقد تحمل أحدهم فى الهواء ، وقد

    تخبره ببعض الأمور الغائبة ، وقد تأتيه بنفقة أو طعام ، أو كسوة ، أو غير ذلك ، كما جرى مثل ذلك

    لعباد الأصنام من العرب وغير العرب ، وهذا كثير ، موجود فى هذا الزمان ، وغير هذا الزمان ،

    للضالين المبتدعين المخالفين للكتاب والسنة ، إما بعبادة غير الله ، وإما بعبادة لم يشرعها الله‏ . ‏



    وهؤلاء إذا أظهر أحدهم شيئا خارقا للعادة لم يخرج عن أن يكون حالا شيطانيا ، أو محالا بهتانيا

    فخواصهم تقترن بهم الشياطين ، كما يقع لبعض العقلاء منهم ، وقد يحصل ذلك لغير هؤلاء ، لكن لا

    تقترن بهم الشياطين إلا مع نوع من البدعة ، إما كفر ، وإما فسق ، وإما جهل بالشرع‏ . ‏ فإن

    الشيطان قصده إغواء بحسب قدرته ، فإن قدر على أن يجعلهم كفارًا جعلهم كفارًا وإن لم يقدر إلا

    على جعلهم فساقا ، أو عصاة ، وإن لم يقدر إلا على نقص عملهم ودينهم ، ببدعة يرتكبونها يخالفون

    بها الشريعة التى بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فينتفع منهم بذلك‏!‏‏!‏


    ولهذا قال الأئمة‏ : ‏ لو رأيتم الرجل يطير فى الهواء أو يمشى على الماء ، فلا تغتروا به ، حتى

    تنظروا وقوفه عند الأمر والنهى ، ولهذا يوجد كثير من الناس يطير فى الهواء وتكون الشياطين هى

    التى تحمله ، لا يكون من كرامات أولياء الله المتقين‏ . ‏



    ومن هؤلاء‏ : ‏ من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس ، ثم يحمله فيرده إلى مدينته تلك

    الليلة ، ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله ، ولا يعرف أنه يجب عليه أن يتوب من هذا ، وإن

    اعتقد أن هذا طاعة وقربة إليه ، فإنه يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ؛ لأن الحج الذى أمر الله به

    ورسوله لابد فيه من الإحرام ، والوقوف بعرفة ، ولابد فيه من أن يطوف بعد ذلك طواف الإفاضة ؛

    فإنه ركن لا يتم الحج إلا به ، بل عليه أن يقف بمزدلفة ، ويرمى الجمار ويطوف للوداع ، وعليه

    اجتناب المحظورات ، والإحرام من الميقات ، إلى غير ذلك من واجبات الحج‏ . ‏ وهؤلاء الضالون الذين

    يضلهم الشيطان يحملهم فى الهواء ، يحمل أحدهم بثيابه ، فيقف بعرفة ويرجع من تلك الليلة‏ . ‏حتى

    يرى فى اليوم الواحد ببلده ويرى بعرفة‏ . ‏



    ومنهم من يتصور الشيطان بصورته ويقف بعرفة ، فيراه من يعرفه واقفًا ، فيظن أنه ذلك الرجل

    وقف بعرفة ‏!‏ فإذا قال له ذلك الشيخ‏ : ‏ أنا لم أذهب العام إلى عرفة ، ظن أنه ملك خلق على صورة

    ذلك الشيخ ، وإنما هو شيطان تمثل على صورته ، ومثل هذا وأمثاله يقع كثيرًا ، وهى أحوال

    شيطانية ، قال تعالى‏ : ‏ ‏ { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } ‏ ‏ [ ‏الزخرف‏

    : ‏36‏ ] ‏‏ . ‏ وذكر الرحمن هو الذكر الذى أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى‏ : ‏ ‏ {

    إِنَّا
    نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ‏ ‏ [ ‏الحجر‏ : ‏9‏ ] ‏ وقال تعالى‏ : ‏ ‏ { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } ‏

    إلى قوله‏ : ‏‏ { كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى }
    ‏ ‏ [ ‏طه‏ : ‏ 123-126‏ ] ‏ ونسيانها

    هو ترك الإيمان والعمل بها ، وإن حفظ حروفها ، قال ابن عباس‏ : ‏ تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل

    بما فيه ، ألا يَضِلَّ فى الدنيا ، ولا يَشْقَى فى الآخرة وقرأ هذه الآية ، فمن اتبع ما بعث الله به رسوله

    محمدًا صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة هداه الله وأسعده ، ومن أعرض عن ذلك ضل وشقى

    ، وأضله الشيطان وأشقاه‏ . ‏



    فالأحوال الرحمانية وكرامات أوليائه المتقين يكون سببه الإيمان ، فإن هذه حال أوليائه‏ : ‏ قال تعالى‏ : ‏ ‏

    { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } ‏ [ ‏يونس‏ : ‏ 62-63‏ ] ‏ وتكون نعمة لله على عبده المؤمن فى دينه ودنياه ، فتكون الحجة فى الدين والحاجة

    فى الدنيا للمؤمنين ، مثل ما كانت معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم‏ : ‏ كانت الحجة فى الدين

    والحاجة للمسلمين ، مثل البركة التى تحصل فى الطعام والشراب ، كنبع الماء من بين أصابعه ، ومثل

    نزول المطر بالاستسقاء ، ومثل قهر الكفار وشفاء المريض بالدعاء ، ومثل الأخبار الصادقة ،

    والنافعة بما غاب عن الحاضرين ، وأخبار الأنبياء لا تكذب قط‏ . ‏



    وأما أصحاب الأحوال الشيطانية ، فهم من جنس الكهان ، يكذبون تارة ويصدقون أخرى ، ولابد فى

    أعمالهم من مخالفة للأمر ، قال تعالى‏ : ‏ ‏ { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ

    }
    ‏ ‏ [ ‏الشعراء‏ : ‏221‏ : ‏ 222‏ ] ‏‏ . ‏



    ولهذا يوجد الواحد من هؤلاء ملابسا الخبائث من النجاسات والأقذار ، التى تحبها الشياطين ، ومرتكبا

    للفواحش ، أو ظالما للناس فى أنفسهم وأموالهم ، وغير ذلك ، والله تعالى قد حرم { الْفَوَاحِشَ مَا

    ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ }
    ‏ الآية ‏ [ ‏الأعراف‏ : ‏ 33‏ ] ‏



    وأولياء الله هم الذين يتبعون رضاه بفعل المأمور ، وترك المحظور ، والصبر على المقدور ، وهذه

    جملة لها بسط طويل لا يتسع له هذا المكان ، والله أعلم‏ .







    مجموع فتاوى ابن تيمية


يعمل...
X