هذه العبارة اُبتلينا بها في هذه الأيام وأصبح يكررها بعض من ينتسب إلى العلم والسنة، يُريد بها الدفاع عن بعض الخارجين على الدعوة السلفية، فتراه يكرر مثل هذا الكلام ويستدل عليه ببعض الآيات والأحاديث، نحو حديث : ( يامعشر من آمن بلسانه... الحديث)، وحديث : ( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم... الحديث)، و هو والله حق أُريد به باطل.
فتعالوا بنا لنرى كلام أهل العلم والتحقيق في الرد على هذه المقولة وبيان الصواب والخطأ فيها:
قال الشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول في رسالة له بعنوان (عبارات موهمة):
ومن العبارات الموهمة :
قول بعضهم: "لا تفتش عن عقائد الناس وأخطائهم".
هذه العبارة يكررها بعض الناس إذا ما بلغه تحذير من أحد العلماء أو طلبة العلم من مقالة بدعية صدرت من بعض الناس، أو خطأ علمي ينبه عليه، ويحذر منه، فتراه يتمعر وجهه ويتغير شكله، ويقول: لا تفتشوا عن عقائد الناس وتبحثوا عن أخطائهم.
والواقع أن هذه العبارة في هذا المحل من الحق الذي أريد به باطل، وبيان ذلك هو التالي:
أولاً : محل هذه العبارة في البحث عن السرائر والأمور الخفية التي لم تظهر بـــذاتها أو بقرائن تدل عليها، وليس محل هذه العبارة عند ظهور بدعة صدرت من أحدهم، أو مقالة باطلة نادى إليها أحدهم، إذ فرق بين الظاهر وبين ما هو خفي يستر و لا يعرف هو أو ما يدل عليه.
ثانياً : ترك التنبيه على الخطأ والتحذير من البدعة والباطل، معناه تغرير عامة الناس بل حتى بعض طلبة العلم الذين قد لا ينتبهون لهذا الحال.
ثالثاً : هل كلام السلف في تحذيرهم من بدع أهل الباطل إلا من باب الكلام والتحذير من العقائد الباطل، والبدع المخالفة للسنة؟ فكيف يقال لمن حذر من بدعة أظهرها شخص ما، أو نبه على خطأ وقع فيه إنسان ما : لا تفتش عن عقائد الناس؟!
رابعاً : التفتيش عن عقائد الناس بالسؤال والامتحان كما صنع المأمون في مسألة خلق القرآن من البدع التي يحذر منها، وليس منه بيان البدع التي ينادي بها بعض الناس والتحذير منها، وليس منه كشف أباطيل دعاة الباطل والتحذير منهم، فإن هذا غير هذا.
خامساً : هؤلاء الذين يذمون من يكشف أهل الباطل ويحذر منهم، إما أن ينكروا البدع وإمّا أن لا ينكرونها، فإن أنكروا البدع ونبهوا على الخطأ والباطل وحذروا منه فقد أصابوا – إن شاء الله تعالى – لكن لماذا ينكرون على غيرهم ما يقومون هم به من إنكار البدع والتحذير من الباطل؟! أما إذا لم ينكروا البدع ولم يحذروا الناس من الباطل فهذا خروج عن منهج السلف في هذا الباب وكفى بهذا ذماً لهم!
سادساً : قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما في الدرر السنية (1/33): "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله.
ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته؛ وحرم الخروج عليه.
وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة"اهـ .
والشاهد قوله: " وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة"اهـ
وهذا كلام سلفي أثري ينبثق من كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، التي ذكرتها سابقاً حيث قال رضي الله عنه، كما جاء في صحيح البخاري: "إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة".
فانظر إلى قوله رحمه الله : "وأحكم عليهم بالظاهر" وإلى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة"، ثم انظر إلى هذا الذي ينكر على من حذر من أهل البدع وفضح باطلهم، بدعوى أنه من باب تفتيش عقائد الناس، هل يصح هذا؟ سبحانك ربي! أليس في الحكم على الناس بحسب الظاهر والتحذير من صاحب البدعة إن أظهر بدعته عمل بهذا الأصل الذي قرره الفاروق رضي الله عنه؟!
ثم ماذا يريد هؤلاء، هذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقف من داود بن علي موقفاً لا أدري ماذا يسميه هؤلاء، في قصة ذكرها الخطيب البغدادي (في تاريخ بغداد 8/374 بسند رجاله ثقات)، فقد أتى داود بن علي الأصبهاني إلى صالح بن أحمد بن حنبل وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن (يعني: علاقته به كانت حسنة) فكلم صالحا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه.
فأتى صالح أباه (أحمد بن حنبل) فقال له: رجل سألني أن يأتيك؟
قال: ما اسمه ؟
قال: داود
قال : من أين؟
قال: من أهل أصبهان.
قال: أي شيء صناعته؟
قال : وكان صالح يروغ عن تعريفه إياه. فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن.
فقال: هذا قد كتب إلي محمد بن يحيى النيسابوري في أمره انه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني.
قال : يا أبت ينتفي من هذا وينكره.
فقال أبو عبد الله (أحمد بن حنبل): محمد بن يحيى أصدق منه لا تأذن له في المصير إلي".
تأمل أخي موقف الإمام أحمد، هل هذا الإمام وهو إمام أهل السنة والجماعة في الإقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإتباع آثار الصحابة رضوان الله عليهم، فهل كان يفتش عن عقائد الناس ويتتبع أخطاءهم؟! وانظر كلامه مع كلام عمر بن الخطاب السابق: "ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة".
فهذا كلام محمد بن عبد الوهاب يصدقه كلام أحمد بن حنبل يصدقه كلام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فهل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأحمد بن حنبل رحمه الله ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله كانوا يفتشون عن عقائد الناس ويتتبعون أخطاءهم لما يردون البدع ويحكمون على الناس بحسب ظاهرهم وإن قالوا إن باطنهم حسنا؟!
والله الموفق
فتعالوا بنا لنرى كلام أهل العلم والتحقيق في الرد على هذه المقولة وبيان الصواب والخطأ فيها:
قال الشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول في رسالة له بعنوان (عبارات موهمة):
ومن العبارات الموهمة :
قول بعضهم: "لا تفتش عن عقائد الناس وأخطائهم".
هذه العبارة يكررها بعض الناس إذا ما بلغه تحذير من أحد العلماء أو طلبة العلم من مقالة بدعية صدرت من بعض الناس، أو خطأ علمي ينبه عليه، ويحذر منه، فتراه يتمعر وجهه ويتغير شكله، ويقول: لا تفتشوا عن عقائد الناس وتبحثوا عن أخطائهم.
والواقع أن هذه العبارة في هذا المحل من الحق الذي أريد به باطل، وبيان ذلك هو التالي:
أولاً : محل هذه العبارة في البحث عن السرائر والأمور الخفية التي لم تظهر بـــذاتها أو بقرائن تدل عليها، وليس محل هذه العبارة عند ظهور بدعة صدرت من أحدهم، أو مقالة باطلة نادى إليها أحدهم، إذ فرق بين الظاهر وبين ما هو خفي يستر و لا يعرف هو أو ما يدل عليه.
ثانياً : ترك التنبيه على الخطأ والتحذير من البدعة والباطل، معناه تغرير عامة الناس بل حتى بعض طلبة العلم الذين قد لا ينتبهون لهذا الحال.
ثالثاً : هل كلام السلف في تحذيرهم من بدع أهل الباطل إلا من باب الكلام والتحذير من العقائد الباطل، والبدع المخالفة للسنة؟ فكيف يقال لمن حذر من بدعة أظهرها شخص ما، أو نبه على خطأ وقع فيه إنسان ما : لا تفتش عن عقائد الناس؟!
رابعاً : التفتيش عن عقائد الناس بالسؤال والامتحان كما صنع المأمون في مسألة خلق القرآن من البدع التي يحذر منها، وليس منه بيان البدع التي ينادي بها بعض الناس والتحذير منها، وليس منه كشف أباطيل دعاة الباطل والتحذير منهم، فإن هذا غير هذا.
خامساً : هؤلاء الذين يذمون من يكشف أهل الباطل ويحذر منهم، إما أن ينكروا البدع وإمّا أن لا ينكرونها، فإن أنكروا البدع ونبهوا على الخطأ والباطل وحذروا منه فقد أصابوا – إن شاء الله تعالى – لكن لماذا ينكرون على غيرهم ما يقومون هم به من إنكار البدع والتحذير من الباطل؟! أما إذا لم ينكروا البدع ولم يحذروا الناس من الباطل فهذا خروج عن منهج السلف في هذا الباب وكفى بهذا ذماً لهم!
سادساً : قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما في الدرر السنية (1/33): "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله.
ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته؛ وحرم الخروج عليه.
وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة"اهـ .
والشاهد قوله: " وأرى هجر أهل البدع، ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله ؛ وأعتقد : أن كل محدثه في الدين بدعة"اهـ
وهذا كلام سلفي أثري ينبثق من كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، التي ذكرتها سابقاً حيث قال رضي الله عنه، كما جاء في صحيح البخاري: "إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة".
فانظر إلى قوله رحمه الله : "وأحكم عليهم بالظاهر" وإلى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة"، ثم انظر إلى هذا الذي ينكر على من حذر من أهل البدع وفضح باطلهم، بدعوى أنه من باب تفتيش عقائد الناس، هل يصح هذا؟ سبحانك ربي! أليس في الحكم على الناس بحسب الظاهر والتحذير من صاحب البدعة إن أظهر بدعته عمل بهذا الأصل الذي قرره الفاروق رضي الله عنه؟!
ثم ماذا يريد هؤلاء، هذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقف من داود بن علي موقفاً لا أدري ماذا يسميه هؤلاء، في قصة ذكرها الخطيب البغدادي (في تاريخ بغداد 8/374 بسند رجاله ثقات)، فقد أتى داود بن علي الأصبهاني إلى صالح بن أحمد بن حنبل وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن (يعني: علاقته به كانت حسنة) فكلم صالحا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه.
فأتى صالح أباه (أحمد بن حنبل) فقال له: رجل سألني أن يأتيك؟
قال: ما اسمه ؟
قال: داود
قال : من أين؟
قال: من أهل أصبهان.
قال: أي شيء صناعته؟
قال : وكان صالح يروغ عن تعريفه إياه. فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن.
فقال: هذا قد كتب إلي محمد بن يحيى النيسابوري في أمره انه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني.
قال : يا أبت ينتفي من هذا وينكره.
فقال أبو عبد الله (أحمد بن حنبل): محمد بن يحيى أصدق منه لا تأذن له في المصير إلي".
تأمل أخي موقف الإمام أحمد، هل هذا الإمام وهو إمام أهل السنة والجماعة في الإقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإتباع آثار الصحابة رضوان الله عليهم، فهل كان يفتش عن عقائد الناس ويتتبع أخطاءهم؟! وانظر كلامه مع كلام عمر بن الخطاب السابق: "ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة".
فهذا كلام محمد بن عبد الوهاب يصدقه كلام أحمد بن حنبل يصدقه كلام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فهل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأحمد بن حنبل رحمه الله ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله كانوا يفتشون عن عقائد الناس ويتتبعون أخطاءهم لما يردون البدع ويحكمون على الناس بحسب ظاهرهم وإن قالوا إن باطنهم حسنا؟!
والله الموفق
تعليق