الحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد :
فإن اليمن كانت مشهورة من قبل بزراعة البن حتى نسب البن إليها فترى أئمة اللغة يقولن في البن ثمر اليمن ومن ذلك ما ذكره الزبيدي في تاج العروس أن له كتاباً في حكم البن أسماه : تحفة بني الزمن في حكم قهوة اليمن
ونقل حكيم داود قوله : بن ثمر شجر باليمن يغرس حبه في أذار وينمو ويقطف في آب ويطول نحو ثلاثة أذرع على ساق في غلظ الابهام ويزهر أبيض يخلف حبا كالبندق وربما تفرطح كالباقلا وإذا تقشر انقسم نصفين وقد جرب لتجفيف الرطوبات والسعال والبلغم والنزلات وفتح السدد وادرار البول وقد شاع الآن سمه بالقهوة إذا حمص وطبخ بالغا اهـ
ولكنه وللأسف الشديد حلت محل هذا الثمر الشجرةُ الخبيثة ـ شجرةَ القات ـ تلك الشجرة التي وصفها البيحاني وصدق ـ رحمه الله ـ :
إن رمت تعرف آفة الآفات *** فانظر إلى إدمان مضغ القات
القات قتل للمواهب كلها *** ومولد للهم والحسرات
ما القات إلا فكرة مسمومة *** ترمي النفوس بأبشع النكبات
الأبيات ..
ولكن يا ترى من أين جاء هذا السم القتال إلى اليمن الميمون حتى يتسلط عليه هذا التسلط العجيب والمخيف والوخيم !! وكنت أسمع عن بعضهم أن أصل هذه الشجرة من الحبشة
وكنت دائم البحث والتنقيب عن هذا لعل أحداً من أئمة التاريخ ذكرها أو أشار إليها حتى وقفت على ذكر شجرة قلت بعد قرائتي عنها : كأنها هي
وذلك في كتاب صبح الأعشى للإمام الفذ أحمد بن علي القشقلندي قال ـ رحمه الله ـ وهو يتكلم عن ثمار أهل الحبشة :
وعندهم شجر يسمى جان بجيم بين الجيم والشين لا ثمر له وإنما له قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل فتزيد في الذكاء والفهم وتفرح إلا أنها تقلل الأكل والنوم والجماع اهـ
أقول : أهل الحبشة يطلقون على القات جات ينطقون الجيم كما قال هذا الإمام إلا أن النون أظنه تصحيف فهم ينطقونه بالتاء أو تغير مع تعاقب الزمن ـ والله أعلم ـ
قوله : [قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل] لا أجد له تفسيراً فإن القات المعروف عندنا لا قلب له وإنما عبارة عن أوراق ليس يحتاج إليها البشر !!
وقوله : [فتزيد في الذكاء والفهم وتفرح ] من أجل هذه الأمور تراهم كالبقر عند المرعى وصدق من قال : فاعذروهم إنما هم بقر !!
وقوله : إلا أنها تقلل الأكل والنوم والجماع اهـ وهذا لا يختلف فيه اثنان إلا الأخير فيذكر أهل الاختصاص !! أنه يزيد الباه فالله أعلم
ورحمة الله على هذا الإمام حيث يقول معقباً على منافع هذه الشجرة الموهومة
: وأي نفع فيما فائدته تقليل النوم والأكل والجماع اللاتي هي لذات الدنيا حتى يحكى أنه وصف لبعض ملوك اليمن فقال أنا لا يذهب متحصل ملكي إلا على هذه الثلاث فكيف أسعى في ذهابها بأكل هذا اهـ [ 5/293]
وماذا يقول ذلك الملك اليمني ـ رحمه الله ـ : لو وصف له حال بعض أبناء اليمن ممن ليس له هم إلا هذه الشجرة فيرضى لها ويغضب لها وربما وصل الحد إلى القتل وأنواع الجرائم من أجلها !!
وعلى كل هذا مجرد استئناس وإن كان يعكر عليه قوله : [قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل]
فإن لم تكن شجرة القات فهي ابن أختها وابن أخت القوم منهم !
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب إن أريد إلا الإصلاح وما توفيقي إلا بالله
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد :
فإن اليمن كانت مشهورة من قبل بزراعة البن حتى نسب البن إليها فترى أئمة اللغة يقولن في البن ثمر اليمن ومن ذلك ما ذكره الزبيدي في تاج العروس أن له كتاباً في حكم البن أسماه : تحفة بني الزمن في حكم قهوة اليمن
ونقل حكيم داود قوله : بن ثمر شجر باليمن يغرس حبه في أذار وينمو ويقطف في آب ويطول نحو ثلاثة أذرع على ساق في غلظ الابهام ويزهر أبيض يخلف حبا كالبندق وربما تفرطح كالباقلا وإذا تقشر انقسم نصفين وقد جرب لتجفيف الرطوبات والسعال والبلغم والنزلات وفتح السدد وادرار البول وقد شاع الآن سمه بالقهوة إذا حمص وطبخ بالغا اهـ
ولكنه وللأسف الشديد حلت محل هذا الثمر الشجرةُ الخبيثة ـ شجرةَ القات ـ تلك الشجرة التي وصفها البيحاني وصدق ـ رحمه الله ـ :
إن رمت تعرف آفة الآفات *** فانظر إلى إدمان مضغ القات
القات قتل للمواهب كلها *** ومولد للهم والحسرات
ما القات إلا فكرة مسمومة *** ترمي النفوس بأبشع النكبات
الأبيات ..
ولكن يا ترى من أين جاء هذا السم القتال إلى اليمن الميمون حتى يتسلط عليه هذا التسلط العجيب والمخيف والوخيم !! وكنت أسمع عن بعضهم أن أصل هذه الشجرة من الحبشة
وكنت دائم البحث والتنقيب عن هذا لعل أحداً من أئمة التاريخ ذكرها أو أشار إليها حتى وقفت على ذكر شجرة قلت بعد قرائتي عنها : كأنها هي
وذلك في كتاب صبح الأعشى للإمام الفذ أحمد بن علي القشقلندي قال ـ رحمه الله ـ وهو يتكلم عن ثمار أهل الحبشة :
وعندهم شجر يسمى جان بجيم بين الجيم والشين لا ثمر له وإنما له قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل فتزيد في الذكاء والفهم وتفرح إلا أنها تقلل الأكل والنوم والجماع اهـ
أقول : أهل الحبشة يطلقون على القات جات ينطقون الجيم كما قال هذا الإمام إلا أن النون أظنه تصحيف فهم ينطقونه بالتاء أو تغير مع تعاقب الزمن ـ والله أعلم ـ
قوله : [قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل] لا أجد له تفسيراً فإن القات المعروف عندنا لا قلب له وإنما عبارة عن أوراق ليس يحتاج إليها البشر !!
وقوله : [فتزيد في الذكاء والفهم وتفرح ] من أجل هذه الأمور تراهم كالبقر عند المرعى وصدق من قال : فاعذروهم إنما هم بقر !!
وقوله : إلا أنها تقلل الأكل والنوم والجماع اهـ وهذا لا يختلف فيه اثنان إلا الأخير فيذكر أهل الاختصاص !! أنه يزيد الباه فالله أعلم
ورحمة الله على هذا الإمام حيث يقول معقباً على منافع هذه الشجرة الموهومة
: وأي نفع فيما فائدته تقليل النوم والأكل والجماع اللاتي هي لذات الدنيا حتى يحكى أنه وصف لبعض ملوك اليمن فقال أنا لا يذهب متحصل ملكي إلا على هذه الثلاث فكيف أسعى في ذهابها بأكل هذا اهـ [ 5/293]
وماذا يقول ذلك الملك اليمني ـ رحمه الله ـ : لو وصف له حال بعض أبناء اليمن ممن ليس له هم إلا هذه الشجرة فيرضى لها ويغضب لها وربما وصل الحد إلى القتل وأنواع الجرائم من أجلها !!
وعلى كل هذا مجرد استئناس وإن كان يعكر عليه قوله : [قلوب تشبه قلوب النارنج تؤكل]
فإن لم تكن شجرة القات فهي ابن أختها وابن أخت القوم منهم !
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب إن أريد إلا الإصلاح وما توفيقي إلا بالله
تعليق