بسم الله الرحمن الرحيم
مخالفات تعمل في يوم عاشوراءالحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى وآله وصحبة أولي الأحلام والنهى وبعد..
فإن ديننا – الإسلام – قوامه على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله قال : «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي » [في صحيح الجامع عن ابي هريرة ] ، وأن من فارق هذين الأصلين فإنه يقع في الضلالة لقوله :«لن تضلوا بعدي» ، ومن هذا المنطلق سوف نبين – بإذن الله تعالى – بعض المخالفات التي تحصل في شهر الله المحرم نصحاً للإسلام والمسلمين ، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ماذا كان يفعل رسول الله في يوم عاشوراء ؟ :
عن عائشة قالت : (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ) رواه البخاري.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ – - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –- « لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ » رواه مسلم.والأحاديث في هذا الباب كثيرة ولكن طلباً للاختصار اقتصرنا على ما ذكرنا.
فهذه سنة النبي في هذا اليوم ، فمن ابتغى الخير في غير سنة المصطفى فقد ضل، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ومن المخالفات التي تحصل في يوم عاشوراء:
1ـ بدعة الحزن واتخاذ يوم عاشوراء مأتما:
قال ابن رجب في لطائف المعارف(1 / 60):"و أما اتخاذه –أي يوم عاشوراء- مأتما كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي فيه : فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا، و هو يحسب أنه يحسن صنعا، و لم يأمر الله و لا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء و موتهم مأتما فكيف بمن دونهم" أ.هـ
2ـ بدعة الفرح واتخاذ يوم عاشوراء عيداً:
وهي بدعة أحدثتها اليهود في هذا اليوم – ولاحول ولاقوة إلا بالله -، ومن مظاهر ذلك إظهار الفرح والسرور والاغتسال والتجمل والاكتحال والتطيب وإعداد المطاعم وذبح الذبائح والتوسعة على العيال إلى غير ذلك، فعن أَبِي مُوسى ، قَالَ: (كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِيُّ : «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ») متفق عليه.
وقال ابن القيم في نقد المنقول(1 / 100):"ومنها أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائله لا يصح منها شيء ولا حديث واحد ولا يثبت عن النبي فيه شيء غير أحاديث صيامه وما عداها فباطل ، وأمثل ما فيها حديث : «من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته» قال الإمام أحمد: لا يصح هذا الحديث ، وأما أحاديث الاكتحال والادّهان والتطيب فمن وضع الكذابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان على السنة، وأهلُ السنة يفعلون فيه ما أمر به النبي من الصوم ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع"ا.هـ
وقال شيخ الإسلام عن حديث : « من وسع على عياله يوم عاشوراء...الخ » ما نصه : "فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَنَحْوَهُ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِاتِّفَاقِ مَنْ يَعْرِفُ عِلْمَ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ : إنَّهُ صَحِيحٌ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ فَهَذَا مِنْ الْغَلَطِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ" مجموع الفتاوى (4 / 513).
3- تخصيصه بإخراج الزكاة فيه:
قال ابن الحاج في المدخل(1 / 290): "ثم إنهم يضمون إلى ذلك بدعة أو محرما وذلك أنه يجب على بعضهم الزكاة مثلاً في شهر صفر أو ربيع أو غيرهما من شهور السنة فيؤخرون إعطاء ما وجب عليهم إلى يوم عاشوراء، وفيه من التغرير بمال الصدقة ما فيه، فقد يموت في أثناء السنة أو يفلس فيبقى ذلك في ذمته" أ.هـ
4- زيارة القبور فيه:
قال ابن الحاج (المدخل1/290): "ومما أحدثوه فيه من البدع زيارة القبور، ونفس زيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا للرجال والنساء"ا.هـ
5- من بدع النساء في هذا اليوم:
قال ابن الحاج (المدخل 1/291): "ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كل حال، فمن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء "ا.هـ
وقال ابن رجب لطائف المعارف(1 / 58): "و كل ما روى في فضل الإكتحال في يوم عاشوراء و الإختضاب و الإغتسال فيه فموضوع لا يصح "ا.هـ
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى - (4 / 513-514): "وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الِاغْتِسَالَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَلَا الْكُحْلَ فِيهِ وَالْخِضَابَ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ وَيُرْجَعُ إلَيْهِمْ فِي مَعْرِفَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ وَلَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَا أَبُو بَكْر وَلَا عُمَر وَلَا عُثْمَانُ وَلَا عَلِيٌّ" ا.هـ المراد!!!
فمن أين إذن دخلت علينا هذه العادة؟ أتدري –أخي الكريم- من أين دخلت علينا هذه العادة ؟! جوابه في حديث أَبِى مُوسَى – - الذي أخرجه الإمام مسلم ، قَالَ: ( كَانَ أَهْلُ خَيْبَرَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ –- « فَصُومُوهُ أَنْتُمْ » )،وأهل خيبر – كما هو معروف- من اليهود، قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث : "الشارة...هي الهيئة الحسنة والجمال أي يلبسونهن لباسهم الحسن الجميل"ا.هـ . فهل تبين لك الجواب أخي الكريم ؟!
أضف إلى ذلك ما في هذه المخالفة من مخالفات وأمور خطيرة من دخول الأولاد المميزين على المرأة، وربما وصفوا محاسن هذه المرأة لمرضى القلوب من الرجال، أو صوروها، وبعدها فلا تسأل عن العواقب الوخيمة من جراء ذلك،ولا حول ولا قوة إلابالله العلي العظيم !!
فهذه بعض ما يحصل في هذا اليوم من المخالفات ، ومن نوّر الله بصيرته أدرك غير ما ذكرنا .
فاللهم إنا نسألك الفقه في الدين ، والثبات عليه إلى أن نلقاك يارب العالمين.
تعليق