إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

((قطوف مختارة ومنتقاة من القرآن والسنة ومن بحور الشعر والنثر في السكوت عن السفهاء))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ((قطوف مختارة ومنتقاة من القرآن والسنة ومن بحور الشعر والنثر في السكوت عن السفهاء))

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    يقول تعالى في صفة (عباد الرحمن):

    {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً {64} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً {65} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً {66} وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً {67} سورة الفرقان.

    يقول الإمام الشافعي، رحمه الله :




    إذا سبنـي نـذل تزايـدت رفعـة ***** وما العيب إلا أن أكـون مساببـه



    ولو لم تكن نفسـي علـي عزيـزة ***** لمكّنتهـا من كـل نـذل تحاربـه



    ولو أنني اسعـى لنفعـي وجدتـني ***** كثير التوانـي للـذي أنـا طالبـه



    ولكننـي أسعـى لأنفـع صاحبـي ***** وعار على الشبعان إن جاع صاحبه


    *****************

    وفي الأمثال:


    (ترك الجواب جواب)


    (رب سكوت أبلغ من كلام)


    (القافلة تسير والكلاب تنبح)


    (ما يداوى الأحمق بمثل الاعراض عنه)


    ويقول الشاعر (القروي):


    إذا رماك خساس الناس عن سفه ***** فولّ ظهرك ما قالوا ولا تجب



    فالليث مدخر للشبل مخلبه ***** ويكتفي لذباب الغاب بالذنب



    ***********

    وقال (ابن زيدون):


    وقد تسمع الليث الجحاش نهيقها ***** وتعلي إى البدر النباح كلاب



    إذا راق حسن الروض او فاح طيبه ***** فما ضرّه إن طنّ فيه ذباب

    وقال ثان:


    أوَ كلما طنّ الذباب زجرته ***** إن الذباب إذن عليّ كريمُ



    ******************

    وقال (المتنبي):


    ومن البلية عذل من لا يرعوي ***** عن غيّه وخطاب من لا يفهم



    **************


    وإن بُلِيتَ بِشَخْصٍ لا خَلاقَ لَهُ ***** فَكُنْ كأنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ يَقُلِ



    **************

    وقال أبو الأسود الدؤلي:


    أترك مجاورة السفيه فإنها*****ندم وعبء بعد ذاك وخيم



    إذا جريت مع السفيه كما جرى*****فكلاكما في جريه مذموم



    وإذا عتبت على السفيه ولمته*****في مثل ما يأتي فأنت ظلوم



    *****************

    وقالت العرب:


    سلاح اللئام قبح الكلام.


    وقالت أيضا:


    نصف العقل مداراة الناس، وكل العقل مداراة السفهاء.


    فأنشد آخر:


    ولَلْكفُّ عن شتم اللئيم تكرُّماً*****أضرُّ له من شتمه حين يُشتمُ

    وقال أحد الحكماء:


    تسعة أعشار الحكمة التغاضي.

    إن للرد على السفهاء (على الملاء خاصة) آفات عدة، منها ما يلي:

    1- أكثر من يردون على السفهاء لا يفرقون بين "الغضب لله" و"الغضب للنفس" فيقعون في "شِرْك خَفِي" عظيم؛
    2- الرد على السفهاء ليس من الأولويات في أغلب الأوقات؛
    3- هدر الوقت في ما لا ينفع بدلاً من صرفه في ما ينفع؛
    4- إصرار السفهاء على سفههم لأنه طبع فيهم وجِبِلّة.
    إذن فالرد عليهم لا يردهم عن غيهم؛
    5- استمرار العداوة والبغضاء بين طوائف من الناس، لاسيما إذا كان للسفهاء أشياع ينتصرون لهم، واستعداء هؤلاء الأشياع، وقد يكون من بينهم من لا يعادي من يرد على السفهاء، فتتوسع دائرة الشقاق؛
    6- يصغُر من يرد على السفهاء في أعين الناس، خاصة إذا كان من أهل العلم والفضل؛
    7- قد يندم الإنسان بعد فترة من الزمن على أن رد على السفهاء، لكن أقواله تظل محفوظة في الذاكرة وفي سجل التاريخ؛

    إن كل ما قيل عن السفيه يصدُق على المتعصب لرأيه المعجب به المنتصر له على حساب الحق. فهؤلاء أيضاً لا يحاوَرون ويُعرض عنهم؛ ففي الإعراض عنهم سلامة النفس وسكينة القلب، فضلاً عن أن في ذلك رحمة بهم وكفّاً لأذاهم.

    وقال الشاعر:


    وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده*****وإن الفتى بعد السفاهة يحلم

    وقال آخر:


    مجالسة السفيه سفاه رأي*****ومن عقل مجالسة الحكيم



    فإنك والقرين معا سواء*****كما قُد الأديم من الأديم


    قال ابن منظور:

    (السفه والسفاه والسفاهة خفة الحلم وقيل نقيض الحلم وأصله الخفة والحركة وقيل الجهل وهو قريب بعضه من بعض وقد سفه حلمه ورأيه ونفسه سفها وسفاها وسفاهة حمله على السفه).
    ووردت في القرآن بهذا المعنى لما قال المولى عز وجل واصفا اليهود وقيل المشركين وقيل المنافقين :


    {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ...........{142} سورة البقرة.

    بروز السفيه مصيبة :

    حَدَّثَنَا يُونُسُ وَسُرَيْجٌ قَالَا حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ سُرَيْجٌ وَيَنْظُرُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ

    هذا الحديث بمجموع طرقه حسن ، وقد ذكره الإمام / محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ( 1887 ) من حديث أبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - قَالَ : قَالَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِيأَمْرِ الْعَامَّةِ ) ( السلسلة الصحيحة – 4 / 508 ) 0
    وقال – رحمه الله - أخرجه ابن ماجة ( 4042 ) والحاكم ( 4 / 465 ، 512 ) وأحمد ( 2 / 291 ) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " – ص 30 من طريق عبدالملك بن قدامة الجمحي عن إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره 0 وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " 0 ووافقه الذهبي 0
    كذا قالا ، وهو عجب ، سيما منالذهبي ؛ فإنه أورد ابن قدامة هذا في " الميزان " ، ونقل تضعيفه عن جمع ، وقال في " الضعفاء " : ( قال أبو حاتم وغيره : ليس بالقوي ) 0
    وإسحاق بن أبي الفرات قالالحافظ : " مجهول " 0
    لكن للحديث طريق أخرى يتقوى بها ، يرويه فليح عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ : " قبل الساعة سنون خداعة 000 " الحديثدون قوله : " وما الرويبضة 000 " 0 أخرجه أحمد ( 2 / 338 ) 0
    قلت – والقول للألباني - : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن السباق ، وهو ثقة 0 لكن فليح وهو ابن سليمان الخزاعي فيه كلام من قبل حفظه ، حتى قال الحافظ : " صدوق يخطئ كثيراً " 0
    فالحديث بمجموع الطريقين حسن 0
    فإذا سألنا أنفسنا "هل السفيه رجل تافه"؟
    وإذا سألنا أنفسنا "هل السفيه يتكلم في أمر العامة"؟
    سنقوم قولا واحدا "نعم" لكلا السؤالين.
    إذاً السفيه رجل تافه يتكلم في أمر العامة، فإذا طُرحت قضية سياسية حساسة لعلع فيها، وإذا طرحت قضية اجتماعية ضرب فيها بسهم، وإذا نوقشت قضية شرعية وضع قدمه فيها وقال "دعك من أقوال فلان وفلان" وضرب أقوال أهل العلم بالحائط، هو السياسي المحنك والفقيه البحر والمصلح العدل.
    وأنّى لعالم بعد هذه المصيبة أن يُفتي؟
    وأنّى لداعية بعد ذاك أن يعظ؟
    وأنّى لمصلح أن يُرشد؟
    وفي الحديث السابق نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرن زمن ظهور الرويبضة (السفيه) بانهيار الأخلاق، حيث يؤتمن الخائن ويُخوّن الأمين ويُكذب الصادق، ويُصدق الكاذب، ثم يظهر هذا السفيه ليتكلم في امور العامة، وهو أجهل من حمار أهله.



    هدف السفيه من الجدال والخصومة


    السفيه لا قدرة لديه لحوارك، استدلالاته باطلة، وتفكيره قاصر، وأفقه ضيق، ومنطقه لجاجة، فما الذي يدفعك لحواره؟
    هدفك الإصلاح وهدفه الزهو بنفسه.
    هدفك التصحيح وهدفه مجاراتك، وما لسفيه في مجارات الحليم دواء.
    هدفك هدايته وهدفه الصعود على كتفك ليكون مثلك، وهيهات للدجاج أن يرافق الصقر.
    فاعلم ان وصولك معه لنتيجة هو أمر من الخيال، ومأمولك منه ضربا من المحال، فاقطع بينك وبينه حبل الوصال.
    السفيه يعتلي بمجادلة الحليم والحليم يشقى بمجادلة السفيه
    إذا سألت أي عاقل متعلم ما ناتج جمع 1 و 1، سيقول لك 2، وربما تحذلق قليلا وقال 11، وأما السفيه، فبالليل سيقول لك 3 وبالنهار 4، وفي اليوم التالي سيقول لك عكس ذلك، بل ربما إذا سألته عن 1+1 كم يساوي، سيقول لك "3 + 2 = 3".
    اجتماعك معه على أرضية مشتركة لن تصل إليه، وإذا وصلت معه الى اتفاق منشود في كيفية الحوار فتذكر أنه سيبحث عن كل مخرج ليفسد هذا الاتفاق، فإلزاماتك الحوارية له لا تلزمه، واستدلالاتك لا قيمة لها، واستئناسك ضائع، حتى تشعر وكأنك تحفر بأظافرك في صخر، وما هو بصخر، آن أوان التعقل، وآن ترك حوار السفيه والجاوز عنه، فالعمر معدود، والطريق مسدود، فلم التكلف في الرد ولم التعسف على النفس بالشد، تجاوز عن الأحمق وامضي عن الأخرق، فحاورك معه حتما سيوبقك، وسكوتك عنه سينصرك.
    فإذا ما ضاق صدرك من تلاحي السفيه، وتجرأ عليك تصريحا أو تُقية أو تلميحا، فلا تكترث، فإن تركك له غائضه، فلن يحقق مأربه في التسلق على كتفك، ولن يصل لمبتغاه من الشموخ بذلة الاثم، وليبوء باثمه واثمك فيكون من النادمين، وتذكر قول الناظم:


    واذا أمن الجهال جهلك مرةً ***** فعرضك للجهال غنم من الغنم



    وان أنت نازيت السفيه اذا نزا ***** فانت سفيه مثله غير ذي حلم



    ولا تتعرضن للسفيه و داره ***** بمنزلة بين العداوة و السلم



    فيخشاك تاراتِ و يرجوك مرة ***** و تأخد فيما بين ذلك بالحزم


    ولكن نصبر إذا ابتلانا الله بهم، وعزاؤنا قول المثل:


    (ذل من لا سفيه له).

    وقيل:


    (ما قل سفهاء قوم إلا ذلوا).


    فالحمد لله الذي جعل في الأمة سفهاء يرفعون عنها الحرج كما جعل فداء أمة النبي صلى الله عليه وسلم بيأجوج ومأجوج كما ثبت في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    يقول الله تعالى: يا آدم؟ فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك. فيقول: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين. فعنده يشيب الصغير (وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد). قالوا: يا رسول الله وأينا ذلك الواحد؟ قال: أبشروا. فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألفا. ثم قال: والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة. فكبرنا. فقال: أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة. فكبرنا. فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة. فكبرنا. فقال: ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود.

    وعزاؤنا أن السكوت عن السفيه فلاح وأن الرد على السفيه سفه:

    ويبقى من عادة الرجل العاقل تجنب ورود مورد يرده السفهاء ولسان حاله يقول:


    سأترك ماءكم من غير ورد ***** وذاك لكثرة الوراد فيه



    إذا سقط الذباب على طعام ***** رفعت يدي ونفسي تشتهيه



    وتجتنب الأسود ورود ماء ***** إذا كان الكلاب ولغن فيه



    ويرتجع الكريم خميص بطن ***** ولا يرضى مساهمة السفيه


    وإياك أن تظن أن سكوتك عن السفيه فشل، بل هو قمة النجاح، ولينتبه السفيه أن سكوت الحليم عنه منقصة لا مفخرة، ولكن شدة السفه جعلته يستشعر سكوت الكرام عنه منقبة فيه، وأن سكوت الحليم عن الرد ليس بعجز، فإذا ما تحداك السفيه بنهيقيه فلا تضاهيه كيلا تكون بغلا مثله، وتذكر أيها الحليم أن ردك على السفيه اشباع لرغبات نفسية لديه:

    واختم بما أورده الثعالبي في فقه اللغة مع تصرف بسيط:

    إذا كان به أدنى حمق وأهونه فهو أبله، فإذا زاد ما به من ذلك وانضاف إليه عدم الرفق في أموره فهو أخرق، فإذا كان به مع ذلك تسرع وفي قده طول فهو أهوج، فإذا لم يكن له رأي يرجع إليه فهو مأفون ومأفوك، فإذا كان كأن عقله قد أخلق وتمزق فاحتاج إلى أن يرقع فهو رقيع، فإذا زاد على ذلك فهو مرقعان ومرقعانة، فإذا زاد حمقه فهو بوهة وعباماء ويهفوف، فإذا اشتد حمقه فهو خنفع هبنقع وهلباجة وعفنجج، فإذا كان مشبعاً حمقاً فهو عفيك ولفيك.

  • #2
    جزاك الله خيرًا أخانا علي

    أبيات جميلة

    وحفظها أجمل

    تعليق


    • #3
      أحسنت الإختيار أبا حمزة
      جزاك الله خيرا وبارك فيك
      موضوع طيب كاف في بابه

      التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 21-10-2012, 12:32 AM.

      تعليق

      يعمل...
      X