إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فقيد هذه الأمة ( عبدالعزيز بن باز )رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فقيد هذه الأمة ( عبدالعزيز بن باز )رحمه الله

    مسيرة عطاء

    اسمه ونسبه

    هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز - أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق قال الشيخ: سليمان بن حمدان - رحمه الله - في كتابه حول تراجم الحنابلة : أن أصلهم من المدينة النبوية، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم.
    مولده

    ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة عام ألف وثلاثمائة وثلاثين من الهجرة النبوية، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة.
    نشأته

    نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأعني بها دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشرعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
    ففي هذه البيئة العلمية نشأ سماحته - حفظه الله - ولا شك ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال - ولله الحمد والمنة - هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته - كما هي عادة علماء السلف - رحمهم الله - إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية - فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وحفظه تمام الحفظ، وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد حفظه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
    وإن الجدير بالذكر والتنويه في أمر نشأته، أن لوالدته - رحمها الله - أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد كما ذكر ذلك سماحته في محاضرته النافعة - رحلتي مع الكتاب - وهي رحلة ممتعة ذكر فيها الشيخ في نهاية المحاضرة، وبالخصوص في باب الأسئلة بعض الجوانب المضيئة من حياته - فاستمع إلى تلك المحاضرة غير مأمور -.
    ولقد كان سماحة الشيخ / عبد العزيز - حفظه الله - مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم جادا مجدا في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين، والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
    على تلك النشأة الصالحة، التي تغمرها العاطفة الدينية الجياشة، وتوثق عراها حسن المعتقد، وسلامة الفطرة، وحسن الخلق، والبعد عن سيئ العقائد والأخلاق المرذولة ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز - حفظه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها لا الحصر أربعة أمور: -
    الأمر الأول : حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة البخاري ( 5653 ).
    الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ - رعاه الله - حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
    الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ - أعانه الله - متزهد فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
    الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاء في الفؤاد.



    المصدر
    من هنا

  • #2
    رحم الله الشيخ وجمعنا به في جنات الخلد

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4



        من أخبار سماحة الشيخ في صباه

        من أخباره في صباه أن والده توفي وهو صغير حيث إنه لا يذكر والده.
        أما والدته فتوفيت وعمره خمس وعشرون سنة.
        ومما يُذْكَر أنه كان في صباه ضعيف البنية، وأنه لم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة، ذكر ذلك ابنه الشيخ أحمد.
        وكان سماحة الشيخ معروفاً بالتقى والمسارعة إلى الخيرات، والمواظبة على الطاعات منذ نعومة أظفاره.
        وقد ذكر لي الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز_وهو قريب لسماحة الشيخ ويكبره بعشر سنوات_ذكر أن سماحة الشيخ منذ نعومة أظفاره كان شاباً تقياً سباقاً إلى أفعال الخير، وأن مكانه دائماً في روضة المسجد وعمره ثلاثة عشر عاماً.
        وقد ذكر لي سماحة الشيخ رحمه الله فيما كان يذكره من أخبار صباه موقفاً لا ينساه مع شيخه الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك.
        يقول سماحته: كنت في مقتبل عمري، وقد رآني الشيخ صالح رحمه الله في طرف الصف مسبوقاً، فحزن الشيخ صالح، وقال: بعض الناس يسوِّف، ويجلس يأكل ويشرب حتى تفوته الصلاة، وكأنه رحمه الله يعنيني ويُعرِّض بي؛ فخجلت مما كان مني، وتكدرت كثيراً، ولم أنس ذلك الموقف حتى الآن.
        ولم يكن الشيخ صالح رحمه الله ليقول ذلك إلا لأنه كان يتوسم ويتفرس في سماحة الشيخ نبوغه المبكر.
        ومن الأخبار المعروفة عن سماحة الشيخ في صباه أنه كان معروفاً بالجود والكرم.
        وقد ذكر الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز رحمه الله أن سماحة الشيخ عبدالعزيز وهو طالب عند المشايخ- إذا سلم عليه أحد دعاه إلى غدائه، أو عشائه، ولم يكن يحتقر شيئاً يقدمه لضيوفه ويجعل الله في الطعام خيراً كثيراً.
        أَلِفَ المروَّة مُذْ نشا فكأنه
        سُقي اللَّبانَ بها صبياً مُرْضَعا

        ومن أخباره في صباه أنه كان يكتب، ويقرأ ويعلق على الكتب قبل أن يذهب بصره.
        وقد قيل ذات مرة لسماحة الشيخ: سمعنا أنك لا تعرف الكتابة.
        فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أقرأ وأكتب قبل أن يذهب بصري، ولي تعليقات على بعض الكتب التي قرأتها على المشايخ مثل الآجروميه في النحو، وغيرها.
        وإذا أملى سماحة الشيخ عليَّ كتاباً، أو تعليقاً، وكان هناك إشكال في كلمة ما_قال لي: تُكْتَب هكذا، وأشار إلى راحة يده، وهو يَكْتُب بإصبعه؛ ليريني كيفية الكتابة الصحيحة.
        وقيل لسماحته ذات مرة: هل صحيح أنك تتمنى أنك رأيت الإبل على ما خلقها الله ؟
        فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أتصورها؛ لأن بصري لم يذهب إلا وعمري تسع عشرة سنة.


        أبناء الشيخ
        وللشيخ أطال الله في عمره - أبناء أربعة ، وكذلك من البنات أربع، فيكون مجموعهم ثمانية - أدام عليهم النعم؛ ومنعهم من شرور النقم - .

        عناية سماحة الشيخ بمظهره


        كان سماحة الشيخ رحمه الله يعتني بمظهره بلا إسراف، ولا مخيلة، فهو يعتني بنظافة بدنه، وقص شاربه، ويتعاهد نفسه بالطيب كثيراً، بل كان يستعمله كل يوم، ويدار بخور العود في مجلسه أكثر من مرة، وإلا فلا أقل من أن يدار مرة واحدة.
        وكان يلبس مشلحة_بشته_في صَلاته، وزياراته، وذهابه إلى عمله.
        وكان ثوبه يعلو كعبه بنحو أربعة أصابع؛ فهو يرى أن نزول الثوب، أو السراويل، أو المشلح أسفل الكعبين منكر محرم سواء كان ذلك للخيلاء أو لغير الخيلاء.
        ويقول: إن الإسبال حرام؛ فإن كان للخيلاء فهو أشد تحريماً.
        وفي يوم من الأيام لبس سماحته مشلحاً جديداً، وكان ذلك المشلح على خلاف ما كان عليه سماحة الشيخ، حيث كان المشلح نازلاً عن الكعبين، ولم يكن سماحته يعلم بذلك.
        فقال له شخص: يا سماحة الشيخ مشلحك هذا نازل عن الكعبين، ولا أدري هل تغير رأيكم في وجوب رفعه ؟
        فما كان من سماحة الشيخ إلا أن خلعه ورماه، وقال لي: اذهب به إلى من يرفعه.
        وصادف أن كان سماحته في ذلك الوقت في مكة في آخر رمضان، فجاء إلى الرياض وليس عليه مشلح.
        وكان يتعاهد لحيته بالحناء، ويرى تغيير الشيب، وحرمةَ تغييره بالسواد.
        وكان رحمه الله قليل شعر العارضين، أما الذقن ففيه شعيرات طويلة ملتف بعضها على بعض.
        وقيل له ذات مرة: لو سرحتها بمشط ؟
        فقال: أخشى أن يسقط منها شيء.
        وهو يرى حرمة حلق اللحية أو تقصيرها، وكذا ما نبت على الخدين.
        أما ما نبت تحت الذقن، وفي الرقبة فلا يرى مانعاً من حلقه.

        أمانته

        إن الإسلام دين كامل، وشرع شامل، جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين من تمسك به أعزه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله، وإن مما أمر به هذا الدين الكريم الكامل، وهذا الشرع العظيم الشامل، " الأمانة " فهي خلق فاضل، وسلوك محمود، حث عليه ودعا إليه الإسلام قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }
        وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( أخرجه الترمذي ( 1264 ).
        وحسنه وأبو داود ( 2 / 260 ) وإسناده حسن وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: أن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال مخاطبا النجاشي ملك الحبشة: " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام... وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار... " ( أخرجه أحمد في المسند ( 1 / 202 ) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - ).
        فليس من الغريب أن يكون الشيخ: عبد العزيز متصفاً بهذه الصفة الحميدة والخلة الرشيدة، والمنقبة الجليلة، وهي من أبرز صفات من لنا به الأسوة الحسنة، والقدوة الصادقة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا أدل على ذلك، من أن العالم الإسلامي بأجمعه قد ائتمنوه ليس فقط على أموالهم وودائعهم وأمانتهم؛ بل على أفكارهم وتوجهاتهم الدينية، فهو مفتي المسلمين، ومرجعهم الأول في هذا العصر، ومما يؤكد ذلك حرص ولاة الأمر، والوجهاء وأعيان البلاد والقضاة وغيرهم، على استشارته في دقائق الأمور وعسيرها، مما يستلزم فكرا وقَّادا، وحجة نيرة، ونزاهة في القصد، وإخلاصا في العمل، وأمانة في الفتوى، ولقد رأيت بأم عيني كثير من هؤلاء، وأولئك، يأتون إليه في منزله ومكتبه لأخذ المشورة الصادقة، والنصح السديد، والتوجيه المفيد، ومما يدل على حبه للأمانة، حرصه الشديد على تذكير الأمة بالأصول النافعة، والكلمات السديدة، في المناسبات العامة: وذلك بكلمة وعظية، وإرشادات دينية، يرى أن القيام بدورها، والتضلع بمسئوليتها أمانة في عنق كل مسلم وهبه الله علما وفقها في الدين، فجزاه الله خيرا، وأعظم له الثواب

        تعليق


        • #5
          رحم الله امام اهل السنة

          تعليق


          • #6
            موقع فضيلة الشيخ العلامة المحدث
            عبدالعزيز بن عبدالله بن باز



            على هذا الربط

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله

              والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
              أما بعد :
              فهذه القصيدة تعد رثاء لإمام المسلمين ، وقدوة المحققين ، ودرة الفقهاء المدققين ، وتاج السلفيين ، ونادرة العلماء العاملين ، مفتي عام المملكة العربية السعودية ، سماحة الوالد العلامة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله بن باز نوّر الله ضريحه ورحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.


              المرثية البازية





              رأيت القلب يزداد اكتئاباً ****وأحزاناً لنا أمست عذابا
              وفي الأحشاء نيران تلظى**** وكم قد أَلهَبت قلبي التهابا
              إذا رُزئ الفتى بحديث إفكٍ **** فيكفي أن يكون له مصابا
              فكيف إذا أتى خطبٌ جسيمٌ **** يهز القلب والشم الصلابا

              فقد نُبِّئت أن إمام عصري **** لبارئـه وخالقـه أجـابا
              فساءت الكرام أذاك حقٌ **** فإنَّ لكل حادثةٍ جوابا
              فقالوا كلهم بلسان حزنٍ **** مضى ابن الباز حين صفا وطابا
              فإنَّ حوادث الأيام تترى **** ويتبع بعضها بعضاً منابا
              يرقِّق بعضها بعضاً وتبدو **** هنا فتنٌ فتصطخب اصطخابا
              يثيب الغم أقواماً ويأتي **** له غمٌّ فينسى ما أثابا
              أيا عبد العزيز رأتك عيني **** بهذا العام مخدوشاً مصابا

              رأيتك في هزال الجسم تبدو **** وظهرك منحنٍ يأبى انتصابا
              على الرجلين إن تمشي تُهادى **** ضعيفاً حين تجتذب الرقابا
              تشحطت الدماء بكل عرقٍ **** وإن سوادها يبدو خضابا
              فداخلني لذاك الأمر همٌ **** وكم قلبي لمنظره استرابا
              ولكن بعدها سافرت عَوداً **** إلى ذي الأرض أقترب اقترابا
              فلم ألبث بِها إلا يسيراً **** فوافتني وفاة من استجابا
              لأمر الله والمقدور حقاً **** فإنَّ لكل ذي أجلٍ كتابا

              وإن الموت مكتوب علينا **** وكم يأتي ويحدونا طلابا
              أتاه الموت حين أتاه صبحا **** ليقرع في الدخول عليه بابا
              فأنشبت المنية كل ظفر **** لتأخذ روح من في الله شابا
              ففي يوم الخميس أتت صباحاً **** لتأخذ روح من لله تابا
              يعاني شدة السكرات حقاً **** وحشرجةً وضيقاً واكتئابا
              تقٌعـقِعُ روحه فيضيق صدرٌ **** وإنَّ لسانه بالذكر طابا

              يحف الأقربون به فتجري **** دموعهمُ وتنسكب انسكابا
              وعند خروج تلك الروح منه **** رأيت لهم بكاءً وانتحابا
              على من قارب التسعين عاماً **** وأفنى العمر صبراً واحتسابا
              فقال أحبة ألديك شعرٌ **** يرتل ذكر أعلمنا كتابا؟
              وقالوا لي بربك هات شعراً **** يشيد به ويرفعه جنابا
              فقلت نعم فشعري حين يبدو **** يكون به لساناً مستطابا

              لذا استنفرت أوزاني وشعري **** وكل قصيدة كانت شبابا
              فألفيت القصيد هنا حزيناً **** وليس بأحرفي حرفٌ تصابى
              قوافي الشعر واجمةٌ حيارى **** ومن حسراتها لبست حجاباً
              أيا عبد العزيز فدتك روحي **** وأشعاري فقد كنت الشهابا
              وأوزاني بها تسعون كسراً **** وأعظمها لَنَجمُكَ حين غابا
              فما شعراً أسطِّره ولكن **** أسطر ذلك الدمع المذابا
              وفاتك ثلمةٌ في كل قلبٍ **** لفقدك صار ينتحب انتحابا

              وفاتك لوحة سوداء تبدو **** كليلٍ كاسف سدل الحجابا
              أشاهد كل أرض الله ثكلى **** وكل عمارةٍ أضحت خرابا
              أراني إن ذكرتك هاج حزني**** ودمع العين ينسكب انسكابا
              بكتك جوانحي وبكاك قلبي **** وفقدك صار يكوينا عذابا
              بكتك ضمائرٌ وكذا نفوسً **** كأنك كنت توليها العتابا
              بكتك الطير والأغصان حزناً **** كأنك كنت تسقيها الشرابا
              بكتك الأرض أوهاداً وسهلاً **** كأنت للربا كنت السحابا

              بكتك عوالم الدنيا وتبكي **** منائرها وتضطرب اضطرابا
              وقد أضحى الحجاز حبيس حزنٍ **** كذا نجدٌ غدت ترثي المصابا
              وكم تبدو الرياض بلا رياضٍ *** كذلك مكة صارت يبابا
              كذاك الطائف الولهان أضحى **** كسيف البال يعظمها مصابا
              بكاك الطفلُ في الأعياد حزناً **** لأنك كنت تكسوه الثيابا
              بكى ذاك اليتيم عليك دمعاً **** لأنك كنت تنسيه السغابا
              بكاك البذلُ والإحسان صدقاً **** لأنك كنت ترفعه ركابا

              بكاك الذكرُ للرحمن جهراً **** لأنك كنت تُكثِرُه متابا
              بكاك العلمُ في الأمصار دهراً **** لأنك كنت تنشره ثوابا
              بكاك المنهجُ السلفيُّ حقاً **** لأنك كنت تسترضيه بابا
              بكى العلماءُ والأشياخ طراً **** على من كان أفضلهم جنابا
              بكى الأدباءُ والشعراء شعراً **** على من كان أجملهم خطابا
              بكى العبادُ والزهاد نثراً **** على من كان مقبولاً مجابا
              رسائله إلى الحكام نصرٌ **** لأن اللين يقدمها خطابا

              بأوزاعيِّنا أضـحى شبيهاً **** يقول الحق لا يخشى العقابا
              أيا شيخ الجزيرة يا ابن بازٍ **** ويا من كنت في الدنيا مُهابا
              أتصبح بعد ذا في بطن أرضٍ **** تُدَسَّ بِها وتفترش الترابا؟
              أتصبح بعد ذا جسماً رميماً **** وكنت بأمسنا رجلاً شبابا؟
              بموتك تُظهِر الأحزاب عرساً **** لأنك كنت تسقيها العذابا
              بموتك ترفع الأهواء رأساً **** لأنك كنت تخفضها رقابا
              فنم نوع العروس حباك ربي **** جنان الخلد تسكنها ثوابا

              ونم نوع العروس جزاك ربي **** ثماراً تلقى يانعة رطابا
              فإن فارقتنا فارقت أهلاً **** وأوطانا وإخواناً صحابا
              فتلك معاهد التعليم أضحت **** تُنكِّس رأسها حزناً غضابا
              وطلاب العلوم لهم بكاء **** لفقدك حين قدمت الذهابا
              فقد كنت الفقيه وكنت حبراً **** عظيم القدر مرفوعاً جنايا
              عَلِمتُك حافظاً ثبتًا إمامًا **** وبراً ناصحاً تزكو ثيابا
              وللعلماء كنت أباً رحيماً **** بِدُرِّ العلم مملوءٌ جرابا

              أنادي كل من أضحى كسولاً **** بهذا العلم لم يقرأ كتابا
              وفي سكراته لا ليس يدري **** بأن لهذه الدنيا انقلابا
              فذا شيخ الجزيرة قد تولى **** كبدر التمِّ حين بدا وغابا
              وألبانيُّنا أضـحى مريضاً **** طريح الأرض لم يرفع جوابا
              وتدعوه المنون بكل حينٍ **** فيوشك أن يفارقنا ذهابا
              ويعلم كل من بالأرض أنا **** فقدنا حينها نجماً شهابا
              وهذا الوادعي غدا عليلاً **** وبالأسقام يلتهب التهابا
              وكم تأتيه أخبار ابن بازٍ **** فتحزنه وكم يجد اكتئابا

              يداهمه السعال بكل وقتٍ **** وفي ساعاته يلقى الصعابا
              أنزهد بعد ذا عن كل درسٍ **** يقدِّم في العلوم المستطابا؟
              أنطمع بد ذا في كل فلسٍ **** وللدنيا نجدُّ لها طلابا؟
              لهذا كم أنادي اليوم قومي **** إلى علم نشق به العبابا
              ستعلم أيها الجافي كلامي **** وتذرف بالدموع هنا سحابا
              إذا أباؤنا غابوا فإنا نكون **** بعالم الدنيا سرابا
              إلهي فارحم الأموات منهم **** وفي الأجداث ثبتهم جوابا

              وأسكنهم غداً جنات عدن **** لما فعلوا تكون لهم ثوابا
              كذلك واحفظ الأحياء منهم **** وُرد بهم عن الحق الحرابا
              وأختم بالصلاة على رسول **** رفيع القدر محمود جنابا



              لشاعر السنة ابي رواحة عبدالله الموري حفظه الله ووفقه لطاعته
              كتبت في يوم الجمعة الموافق لليوم السادس من شهر صفر لعام 1420هـ بدار الحديث بدماج – صعدة

              تعليق

              يعمل...
              X