أهمية التثبت في الأخبار لاسيما مع العلماء والأمراء !
لفضيلة العلامة / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
لفضيلة العلامة / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد
فنقول :
إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه :
( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) . [ الجاثية : 7 ] .
والأفاك : هو ذو الإفك ، والإفك : هو الكذب ، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
( كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) .
ومعنى ذلك :
أن الإنسان الذي يحدث بكل ما سمع فإنه سيثقل كاهله بالكذب ؛ لأنه ليس كل ما قيل وكل ما ينقل يكون صدقًا ، بل كثير من الأخبار ولاسيما مع الانفعالات والعواطف يكون كذبًا ويزاد فيه وينقص .
يجب على الإنسان إذا سمع عن شخص شيئًا : أن يتأكد أولاً من صحة النقل ، فقد يكون النقل خطأً ، وهذا يقع كثيرًا ، وكثيرًا ما نسمع مما ينسب إلى المشايخ أو الأمراء أو غيرهم من الناس ، ثم إذا تحققنا منه وجدنا أنه كذب لا أصل له ، وربما يكون له أصل لكن يزاد فيه ، وهذه محنة عظيمة .
فيجب أولاً :
أن نتحقق من صحة النقل ، فإذا صح النقل ، وأن فلانًا قال كذا ، من أمير أو عالم أو وزير أو رجل عادي ، فإننا نتأمل قبل أن نتحدث معه ، نتأمل هل لكلامه وجهة نظر !؟
هل هو اجتهاد يخطئ فيه ويصيب !؟ وقد نكون نحن مخطئين وهو المصيب .
نتأمل قبل أن نتجاسر على الكلام معه بإنكار ما نسب إليه أو ما أشبه ذلك ، وكثيرًا ما ينقل الشيء ويكون النقل صحيحًا ، ونعلم أن هذا الرجل قاله أو فعله ، ثم إذا تأملنا وجدنا أن له مبررًا ومسوغًا ، وإذا كان له مبررًا أو مسوغًا - وإن كان يجهله كثير من الناس - ، فإنه ليس أهلاً للملامة أو أهلاً للإنكار ؛ لأنه قاله عن اجتهاد ، وليس الشخص منا ينزل عليه الوحي بحيث يكون ما قاله حقًا أو ما فعله حقًا ، فإن الوحي انقطع بوفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا تأملنا ما صح به النقل عنه ، ووجدنا أن لقوله ولفعله مساغًا ومبررًا فإننا نسكت ولا نتكلم معه .
فإذا تبين لنا أنه لا مساغ لقوله ولا مبرر له ، أو لا مساغ لفعله ولا مبرر له حينئذٍ نتكلم . ولكن كيف الكلام !؟
هل يكون الكلام بأن نشهر بهذا الرجل عند الناس ، ونقول : هذا فلان فيه كذا وكذا !؟
لا . الواجب النصيحة بالحكمة بأن نذهب إليه ونقول : فعلت كذا أو قلت كذا ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأنه يخالف قول الله - عز وجل - ، كذا وكذا ، أو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا ، أو إجماع العلماء على كذا وكذا ، فكيف تقول ذلك أو تفعل ذلك !؟
ولا يجوز إطلاقًا أن نشهر به ، لاسيما إن كان من العلماء أو كان من الأمراء ؛ لأنك إذا شهرت بخطأ عالم من العلماء فأنت في الحقيقة أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس ، ولكنك أضفت إلى هذه الإساءة إساءة إلى العلم الذي يحمله والشريعة التي يتكلم بها ، فإن العلماء إذا سقطوا من أعين الناس ، لم يبق لقولهم ميزان ولم يثق الناس بقولهم ، وحينئذٍ يذهب جزء من الشريعة على يد هذا العالم الذي أخطأ مرةً واحدة ، ولا أحد معصوم من الخطأ ؛ فتضيع بالتشهير به مصالح كثيرة .
وهذه جناية عظيمة ليس على الشخص نفسه بل على الشخص وما يحمله من شريعة الله - عز وجل - كما هو معلوم ، وإذا كان هذا مع الأمير وشهرت به فأنت أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس ، وأسأت إلى الأمن مرة أخرى ، وذلك لأن حُفّاظ الأمن هم الأمراء ومن جُعل لهم سلطة العقوبة والتنفيذ ، فإذا شهرت بهم قَلَّت هيبتهم في نفوس الناس ، وصاروا كعامة الناس لا أحد يهتم بهم ، لا بأوامرهم ولا بنواهيهم ، وحينئذٍ يختل الأمن ويحصل التمرد ، فكان التشهير بالعلماء يستلزم التمرد على الشريعة التي يحملها هذا العالم ويتكلم بها ، والتشهير بالأمراء يستلزم التمرد عليهم وانقضاض البنية التي يبنى عليها المجتمع من الأمن وانفلات الأمر .
وهذه جناية عظيمة كبيرة ، ولهذا قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
فمن هم أولو الأمر !؟
أولو الأمر طائفتان من الناس :
- العلماء : هم أولو الأمر في شريعة الله وتبيينها للخلق .
والأمراء : هم أولو الأمر في تنفيذ الشريعة وحفظ الأمن .
أوجب الله طاعة هؤلاء ؛ لأجل حفظ الشريعة وحفظ الأمن وانتظام الناس ؛ لأن الناس لو تمردوا عليهم وجعلوا أمر الأمير أو أمر العالم كأمر زيد وعبيد لم يكن لهم سلطة على القلوب ولا على النفوس ، وصاروا كعامة الناس ، إن قالوا فالإنسان بالخيار إن شاء قبل ما قالوا وإن شاء رده ، وإن أمروا فالإنسان بالخيار إن شاء أطاع وإن شاء عصى ، وإلا فله الخيار إن شاء انتهى وإن شاء فعل ، وهذه من كبار المسائل ، ولهذا قال تعالى :
( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
ما قال : وليطع بعضكم بعضًا ، قال :
( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
فخص ولاة الأمور .
إذا أمروا بمعصية الله - مثلاً - كما لو قالوا للناس : لا تصلوا مع الجماعة ، أو قالوا للناس : اشربوا الخمر ، افعلوا كذا من الأشياء المحرمة ، أو اتركوا شيئًا من الأشياء الواجبة ، فهؤلاء لا يطاعون ولا سمع لهم ولا طاعة ، فإذا أمرونا بالمعصية قلنا : لا .
لكن لو فعلوا المعصية هل لهم أمر علينا !؟
الجواب : نعم . لهم أمر علينا وإن فعلوا المعصية ، لو كانوا يعصون فلهم أمرٌ علينا وطاعة ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن رأينا منهم ما نكره ، وأمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن ضربوا الظهر وأخذوا المال ، وكونهم يعصون الله فمعصيتهم عليهم ، لكن إذا أمرونا مباشرة وقالوا : افعلوا هذه المعصية أو اتركوا هذا الواجب ، قلنا : لا سمع ولا طاعة .
وما يروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر بأمر ، فقال بلال - رضي الله عنه - : ( لا سمع ولا طاعة ؛ لأن عليك ثوبًا جديدًا أو ثوبين ) ، فإن هذا لا أظنه يصح ؛ لأن عمر له من الهيبة ما لا يمكن لبلال أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس ، ثم إن بلالاً - رضي الله عنه - عنده من احترام عمر ما لا يمكن أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس ، ثم لو فرضت صحته مثل الشمس ، فلعل بلالاً قال ذلك ؛ لأن من الناس من انتقد عمر في هذا الفعل ، فأراد بلال من عمر - رضي الله عنه - أن يبين السبب الذي جعله يلبس ثوبًا جديدًا أو ثوبين ، حتى يزول الإشكال الذي وقع في قلوب بعض الناس .
أما أن يعلن إنكاره أمام الملأ فهذا بعيد جدًا ، ولكن إن صح فوجهه ما قلت : لعله سمع من يتكلم بهذا الكلام فأراد أن يبرأ ساحته مما يتكلم الناس به .
على كل حال يجب علينا إزاء ما نسمع من الأخبار أمور ثلاثة مرتبة :
- الأمر الأول : التثبت .
- الأمر الثاني : التأمل .
- الأمر الثالث : المواجهة والنصيحة ، دون التشهير والإعلان ، ولاسيما إذا كان الإنسان من ولاة الأمور من عالم أو أمير أو نحو ذلك .
وبهذا نسلك سبيل السلف الصالح - رضي الله عنهم - ويحصل الخير الكثير ، وهذا لا يُفَوِّتُ شيئًا ، فبدلاً من أن تنكر اليوم تثبت وتأمل ثم أنكر غدًا أو بعد غد .
نحن نقول :
تثبت وتبين لكن بهدوء وخطوات ثابتة متزنة مبنية على الحجة : المنقول والمعقول ، وبهذا تتم الأمور وتصلح الأحوال .
نسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على طاعته وتقواه ، وأن يوحد كلمتنا بالحق ، إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
منقول من :
[ لقاء الباب المفتوح : رقم : 38 ]
أما بعد
فنقول :
إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه :
( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) . [ الجاثية : 7 ] .
والأفاك : هو ذو الإفك ، والإفك : هو الكذب ، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
( كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع ) .
ومعنى ذلك :
أن الإنسان الذي يحدث بكل ما سمع فإنه سيثقل كاهله بالكذب ؛ لأنه ليس كل ما قيل وكل ما ينقل يكون صدقًا ، بل كثير من الأخبار ولاسيما مع الانفعالات والعواطف يكون كذبًا ويزاد فيه وينقص .
يجب على الإنسان إذا سمع عن شخص شيئًا : أن يتأكد أولاً من صحة النقل ، فقد يكون النقل خطأً ، وهذا يقع كثيرًا ، وكثيرًا ما نسمع مما ينسب إلى المشايخ أو الأمراء أو غيرهم من الناس ، ثم إذا تحققنا منه وجدنا أنه كذب لا أصل له ، وربما يكون له أصل لكن يزاد فيه ، وهذه محنة عظيمة .
فيجب أولاً :
أن نتحقق من صحة النقل ، فإذا صح النقل ، وأن فلانًا قال كذا ، من أمير أو عالم أو وزير أو رجل عادي ، فإننا نتأمل قبل أن نتحدث معه ، نتأمل هل لكلامه وجهة نظر !؟
هل هو اجتهاد يخطئ فيه ويصيب !؟ وقد نكون نحن مخطئين وهو المصيب .
نتأمل قبل أن نتجاسر على الكلام معه بإنكار ما نسب إليه أو ما أشبه ذلك ، وكثيرًا ما ينقل الشيء ويكون النقل صحيحًا ، ونعلم أن هذا الرجل قاله أو فعله ، ثم إذا تأملنا وجدنا أن له مبررًا ومسوغًا ، وإذا كان له مبررًا أو مسوغًا - وإن كان يجهله كثير من الناس - ، فإنه ليس أهلاً للملامة أو أهلاً للإنكار ؛ لأنه قاله عن اجتهاد ، وليس الشخص منا ينزل عليه الوحي بحيث يكون ما قاله حقًا أو ما فعله حقًا ، فإن الوحي انقطع بوفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا تأملنا ما صح به النقل عنه ، ووجدنا أن لقوله ولفعله مساغًا ومبررًا فإننا نسكت ولا نتكلم معه .
فإذا تبين لنا أنه لا مساغ لقوله ولا مبرر له ، أو لا مساغ لفعله ولا مبرر له حينئذٍ نتكلم . ولكن كيف الكلام !؟
هل يكون الكلام بأن نشهر بهذا الرجل عند الناس ، ونقول : هذا فلان فيه كذا وكذا !؟
لا . الواجب النصيحة بالحكمة بأن نذهب إليه ونقول : فعلت كذا أو قلت كذا ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأنه يخالف قول الله - عز وجل - ، كذا وكذا ، أو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا ، أو إجماع العلماء على كذا وكذا ، فكيف تقول ذلك أو تفعل ذلك !؟
ولا يجوز إطلاقًا أن نشهر به ، لاسيما إن كان من العلماء أو كان من الأمراء ؛ لأنك إذا شهرت بخطأ عالم من العلماء فأنت في الحقيقة أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس ، ولكنك أضفت إلى هذه الإساءة إساءة إلى العلم الذي يحمله والشريعة التي يتكلم بها ، فإن العلماء إذا سقطوا من أعين الناس ، لم يبق لقولهم ميزان ولم يثق الناس بقولهم ، وحينئذٍ يذهب جزء من الشريعة على يد هذا العالم الذي أخطأ مرةً واحدة ، ولا أحد معصوم من الخطأ ؛ فتضيع بالتشهير به مصالح كثيرة .
وهذه جناية عظيمة ليس على الشخص نفسه بل على الشخص وما يحمله من شريعة الله - عز وجل - كما هو معلوم ، وإذا كان هذا مع الأمير وشهرت به فأنت أسأت إليه شخصيًا كما تسيء إلى سائر الناس ، وأسأت إلى الأمن مرة أخرى ، وذلك لأن حُفّاظ الأمن هم الأمراء ومن جُعل لهم سلطة العقوبة والتنفيذ ، فإذا شهرت بهم قَلَّت هيبتهم في نفوس الناس ، وصاروا كعامة الناس لا أحد يهتم بهم ، لا بأوامرهم ولا بنواهيهم ، وحينئذٍ يختل الأمن ويحصل التمرد ، فكان التشهير بالعلماء يستلزم التمرد على الشريعة التي يحملها هذا العالم ويتكلم بها ، والتشهير بالأمراء يستلزم التمرد عليهم وانقضاض البنية التي يبنى عليها المجتمع من الأمن وانفلات الأمر .
وهذه جناية عظيمة كبيرة ، ولهذا قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
فمن هم أولو الأمر !؟
أولو الأمر طائفتان من الناس :
- العلماء : هم أولو الأمر في شريعة الله وتبيينها للخلق .
والأمراء : هم أولو الأمر في تنفيذ الشريعة وحفظ الأمن .
أوجب الله طاعة هؤلاء ؛ لأجل حفظ الشريعة وحفظ الأمن وانتظام الناس ؛ لأن الناس لو تمردوا عليهم وجعلوا أمر الأمير أو أمر العالم كأمر زيد وعبيد لم يكن لهم سلطة على القلوب ولا على النفوس ، وصاروا كعامة الناس ، إن قالوا فالإنسان بالخيار إن شاء قبل ما قالوا وإن شاء رده ، وإن أمروا فالإنسان بالخيار إن شاء أطاع وإن شاء عصى ، وإلا فله الخيار إن شاء انتهى وإن شاء فعل ، وهذه من كبار المسائل ، ولهذا قال تعالى :
( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
ما قال : وليطع بعضكم بعضًا ، قال :
( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) . [ النساء : 59 ] .
فخص ولاة الأمور .
إذا أمروا بمعصية الله - مثلاً - كما لو قالوا للناس : لا تصلوا مع الجماعة ، أو قالوا للناس : اشربوا الخمر ، افعلوا كذا من الأشياء المحرمة ، أو اتركوا شيئًا من الأشياء الواجبة ، فهؤلاء لا يطاعون ولا سمع لهم ولا طاعة ، فإذا أمرونا بالمعصية قلنا : لا .
لكن لو فعلوا المعصية هل لهم أمر علينا !؟
الجواب : نعم . لهم أمر علينا وإن فعلوا المعصية ، لو كانوا يعصون فلهم أمرٌ علينا وطاعة ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن رأينا منهم ما نكره ، وأمر بطاعة ولاة الأمور حتى وإن ضربوا الظهر وأخذوا المال ، وكونهم يعصون الله فمعصيتهم عليهم ، لكن إذا أمرونا مباشرة وقالوا : افعلوا هذه المعصية أو اتركوا هذا الواجب ، قلنا : لا سمع ولا طاعة .
وما يروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر بأمر ، فقال بلال - رضي الله عنه - : ( لا سمع ولا طاعة ؛ لأن عليك ثوبًا جديدًا أو ثوبين ) ، فإن هذا لا أظنه يصح ؛ لأن عمر له من الهيبة ما لا يمكن لبلال أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس ، ثم إن بلالاً - رضي الله عنه - عنده من احترام عمر ما لا يمكن أن يتكلم بمثل هذا أمام الناس ، ثم لو فرضت صحته مثل الشمس ، فلعل بلالاً قال ذلك ؛ لأن من الناس من انتقد عمر في هذا الفعل ، فأراد بلال من عمر - رضي الله عنه - أن يبين السبب الذي جعله يلبس ثوبًا جديدًا أو ثوبين ، حتى يزول الإشكال الذي وقع في قلوب بعض الناس .
أما أن يعلن إنكاره أمام الملأ فهذا بعيد جدًا ، ولكن إن صح فوجهه ما قلت : لعله سمع من يتكلم بهذا الكلام فأراد أن يبرأ ساحته مما يتكلم الناس به .
على كل حال يجب علينا إزاء ما نسمع من الأخبار أمور ثلاثة مرتبة :
- الأمر الأول : التثبت .
- الأمر الثاني : التأمل .
- الأمر الثالث : المواجهة والنصيحة ، دون التشهير والإعلان ، ولاسيما إذا كان الإنسان من ولاة الأمور من عالم أو أمير أو نحو ذلك .
وبهذا نسلك سبيل السلف الصالح - رضي الله عنهم - ويحصل الخير الكثير ، وهذا لا يُفَوِّتُ شيئًا ، فبدلاً من أن تنكر اليوم تثبت وتأمل ثم أنكر غدًا أو بعد غد .
نحن نقول :
تثبت وتبين لكن بهدوء وخطوات ثابتة متزنة مبنية على الحجة : المنقول والمعقول ، وبهذا تتم الأمور وتصلح الأحوال .
نسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على طاعته وتقواه ، وأن يوحد كلمتنا بالحق ، إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
منقول من :
[ لقاء الباب المفتوح : رقم : 38 ]