محمد بن صالح العثيمين
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أحب أن أقدم قواعد مهمة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.
القاعدة الأولى:
"في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته": الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير، لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم ، يتكلم باللسان العربي، فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم، وهوحرام لقوله تعالى:قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون((1).
مثال ذلك قوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء((2). فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له.
فإذا قال قائل: المراد بهما القوة.
قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به، لأنه قول على الله بلا علم.
*
القاعدة الثانية:
في أسماء الله. وتحت هذه القاعدة فروع:
الفرع الأول: أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته، لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى((1).
مثال ذلك: "الرحمن" فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة. ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله: "الدهر" لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" فمعناه: مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار".
الفرع الثاني: أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله، صلى الله عليه وسلم ، في الحديث المشهور: "أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وما استأثر الله به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به.
والجمع بين هذا، وبين قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة": أن معنى هذا الحديث: أن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة. وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة. فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة.
الفرع الثالث: أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على الشرع، ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك.
الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعدياً، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله.
مثال ذلك في غير المتعدي: "العظيم" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة.
ومثال ذلك في المتعدي: "الرحمن" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء.
القاعدة الثالثة:
"في صفات الله" وتحتها فروع أيضاً:
الفرع الأول: صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك لقوله تعالى: (ولله المثل الأعلى((1). ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته.
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصاً لمنافاة النقص للربوبية.
وإذا كانت الصفة كمالاً من وجه، ونقصاً من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة مثلها، لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصاً في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية قال الله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين((2). (إنهم يكيدون كيداً. وأكيد كيداً((3). (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم((4). إلى غير ذلك.
فإذا قيل: هل يوصف الله بالمكر مثلاً؟
فلا تقل: نعم، ولا تقل :لا، ولكن قل: هو ماكر بمن يستحق ذلك والله أعلم.
الفرع الثاني: صفات الله تنقسم إلى قسمين:
ثبوتية، وسلبية:
فالثبوتية: ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به، لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته.
والسلبية: هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل، لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتاً.
مثال ذلك قوله تعالى: (ولا يظلم ربك أحداً((5). فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.
الفرع الثالث: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالسمع والبصر.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها،
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أحب أن أقدم قواعد مهمة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.
القاعدة الأولى:
"في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته": الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير، لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم ، يتكلم باللسان العربي، فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم، وهوحرام لقوله تعالى:قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون((1).
مثال ذلك قوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء((2). فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له.
فإذا قال قائل: المراد بهما القوة.
قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به، لأنه قول على الله بلا علم.
*
القاعدة الثانية:
في أسماء الله. وتحت هذه القاعدة فروع:
الفرع الأول: أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته، لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى((1).
مثال ذلك: "الرحمن" فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة. ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله: "الدهر" لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" فمعناه: مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار".
الفرع الثاني: أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله، صلى الله عليه وسلم ، في الحديث المشهور: "أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وما استأثر الله به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به.
والجمع بين هذا، وبين قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة": أن معنى هذا الحديث: أن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة. وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة. فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة.
الفرع الثالث: أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على الشرع، ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك.
الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعدياً، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله.
مثال ذلك في غير المتعدي: "العظيم" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة.
ومثال ذلك في المتعدي: "الرحمن" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء.
القاعدة الثالثة:
"في صفات الله" وتحتها فروع أيضاً:
الفرع الأول: صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك لقوله تعالى: (ولله المثل الأعلى((1). ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته.
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصاً لمنافاة النقص للربوبية.
وإذا كانت الصفة كمالاً من وجه، ونقصاً من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة مثلها، لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصاً في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية قال الله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين((2). (إنهم يكيدون كيداً. وأكيد كيداً((3). (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم((4). إلى غير ذلك.
فإذا قيل: هل يوصف الله بالمكر مثلاً؟
فلا تقل: نعم، ولا تقل :لا، ولكن قل: هو ماكر بمن يستحق ذلك والله أعلم.
الفرع الثاني: صفات الله تنقسم إلى قسمين:
ثبوتية، وسلبية:
فالثبوتية: ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به، لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته.
والسلبية: هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل، لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتاً.
مثال ذلك قوله تعالى: (ولا يظلم ربك أحداً((5). فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.
الفرع الثالث: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالسمع والبصر.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها،
تعليق