بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القوي المتين ، القاهر الظاهر الملك الحق المبين ، لا يخفى على سمعه خفيف الأنين ، ولا يعزب عن بصره حركات الجنين ، ذل لكبريائه جبابرة السلاطين ، وقضى القضاء بحكمته وهو أحكم الحاكمين ، أحمده حمد الشاكرين , وأسأله معونة الصابرين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على العالمين , المنصور ببدر بالملائكة المنزلين , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين , وسلم تسليما.
إخواني :هذه بعض من أثار سلفنا الصالح وهي حول مجالسة الأحداث (( المردان )) وكيف نتعامل معهم.
وأتمنى على من وقف على غير هذه الآثار في المسألة ألا يبخل علينا بها مع عزوها إلى مصادرها.
1- قال عبدالله بن بُريدة الأسلمي - رضي الله عنه - : (( بينما عمر ابن الخطاب –رضي الله عنه - يعس ذات ليلة إذا إمرأة تقول :
هل من سبيل إلى خمرٍ فأشربها ... أم هل سبيلٌ إلى نصر بن حجاج
فلما أصبح سأل عنه، فإذا هو من بني سليم فأرسل إليه فأتاه فإذا هو من أحسن الناس شَعراً وأصبحهم وجهاً، فأمره عمر أن يَطُمّ شعره؛ ففعل، فخرجت جبهته فازداد حسناً، فأمره عمر أن يَعْتمّ؛ ففعل، فازداد حسناً، فقال عمر : لا والذي نفسي بيده لا تُجامعُني بأرض أنا بها !! فأمر لـه بما يُصلحه وسيّره إلى البصرة)).
2- قال بعض التابعين : ((مَا أَنَا عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَبْعٍ يَجْلِسُ إلَيْهِ بِأَخْوَفَ مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ حَدَثٍ يَجْلِسُ إلَيْهِ)).
3- وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرٌ الْحَافِي : (( إنَّ مَعَ الْمَرْأَةِ شَيْطَانًا وَمَعَ الْحَدَثِ شَيْطَانَيْنِ)).
4- وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَا يَدَعُ أَمْرَدَ يُجَالِسُهُ.
5- وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ :يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُرْدِ مَجْلِسَهُ لِلسَّمَاعِفَاحْتَالَ هِشَامٌ فَدَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ مُسْتَتِرًا بِهِمْ وَهُوَ أَمَرَدُ فَسَمِعَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًافَأَخْبَرَ بِذَلِكَ مَالِكٌ فَضَرَبَهُ سِتَّةَ عَشَرً سَوْطًافَقَالَ هِشَامٌ :لَيْتَنِي سَمِعْت مِائَةَ حَدِيثٍ وَضَرَبَنِي مِائَةَ سَوْطٍ.
6- وَكَانَ يَقُولُ – أي الإمام مالك - : ((هَذَا عِلْمٌ إنَّمَا أَخَذْنَاهُ عَنْ ذَوِي اللِّحَى وَالشُّيُوخِ فَلَا يَحْمِلُهُ عَنَّا إلَّا أَمْثَالُهُمْ)).
7- قال الجنيد بن محمد - رحمه الله -: ((جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ مَعَهُ غُلَامٌ أَمْرَدُ حَسَنُ الْوَجْهِفَقَالَ لَهُ :مَنْ هَذَا الْفَتَىفَقَالَ الرَّجُلُ :ابْنِي فَقَالَ لَا تَجِئْ بِهِ مَعَك مَرَّةً أُخْرَىفَلَامَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَفَقَالَ أَحْمَد :عَلَى هَذَا رَأَيْنَا أَشْيَاخَنَا وَبِهِ أَخْبَرُونَا عَنْ أَسْلَافِهِمْ)).
8- وَجَاءَ حَسَنُ بْنُ الرازي إلَى أَحْمَد :وَمَعَهُ غُلَامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةً فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَقَالَ لَهُ أَحْمَد :يَا أَبَا عَلِيٍّ لَا تَمْشِ مَعَ هَذَا الْغُلَامِ فِي طَرِيقٍفَقَالَ :يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُ ابْنُ أُخْتِيقَالَ :وَإِنْ كَانَ : لَا يَأْثَمُ النَّاسُ فِيك.
9- قال يحيى بن معين - رحمه الله -: ((مَا طَمِعَ أَمْرَدُ أَنْ يَصْحَبَنِي وَلَا أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ فِي طَرِيقٍ)).
10- قال سعيد بن المسيب - رحمه الله -: ((إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يُلِحُّ بِالنَّظَرِ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ فَاتَّهِمُوهُ)).
11- قال الحسن بن ذكوان - رحمه الله -: ((لَا تُجَالِسُوا أَوْلَادَ الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ النِّسَاءِ وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ الْعَذَارَى)).
13- قَالَ المروذي قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ - : ((الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكِقَالَ :إذَا خَافَ الْفِتْنَةَ لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ كَمْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَاءَ)).
14- وقال أيضاً : قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : (( رَجُلٌ تَابَ وَقَالَ :لَوْ ضُرِبَ ظَهْرِي بِالسِّيَاطِ مَا دَخَلْت فِي مَعْصِيَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدَعُ النَّظَرَفَقَالَ :أَيُّ تَوْبَةٍ هَذِهِ)).
15- وَوَقَفَتْ جَارِيَةٌ لَمْ يُرَ أَحْسَنُ وَجْهًا مِنْهَا عَلَى بِشْرٍ الْحَافِي :فَسَأَلَتْهُ عَنْ بَابِ حَرْبٍ فَدَلَّهَا ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ غُلَامٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ بَابِ حَرْبٍ فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْغُلَامُ السُّؤَالَ فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِفَقِيلَ لَهُ :يَا أَبَا نَصْرٍ جَاءَتْك جَارِيَةٌ فَسَأَلَتْك فَأَجَبْتهَا وَجَاءَك هَذَا الْغُلَامُ فَسَأَلَك فَلَمْ تُكَلِّمْهُفَقَالَ :نَعَمْ .يُرْوَى عَنْ سُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ :(( مَعَ الْجَارِيَةِ شَيْطَانٌ وَمَعَ الْغُلَامِ شَيْطَانَانِ)) فَخَشِيت عَلَى نَفْسِي شَيْطَانَيْهِ.
16- وقال أبو علي الروذباري:قال لي أبو العباس أحمد بن المؤدب :يَا أَبَا عَلِيٍّ مِنْ أَيْنَ أَخَذَ صُوفِيَّةُ عَصْرِنَا هَذَا الْأُنْسَ بِالْأَحْدَاثِ وَقَدْ تَصْحَبُهُمْ السَّلَامَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ ؟فَقَالَ : (( هَيْهَاتَ قَدْ رَأَيْنَا مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُمْ إيمَانًا إذَا رَأَى الْحَدَثَ قَدْ أَقْبَلَ فَرَّ مِنْهُ كَفِرَارِهِ مِنْ الْأَسَدِ وَإِنَّمَا ذَاكَ عَلَى حَسَبِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تَغْلِبُ الْأَحْوَالُ عَلَى أَهْلِهَا فَيَأْخُذُهَا تَصَرُّفُ الطِّبَاعِ مَا أَكْثَرَ الْخَطَأِ مَا أَكْثَرَ الْغَلَطِ)).
17- وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ الْقَزْوِينِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ قَالَ :(( احْذَرُوا هَؤُلَاءِ الْأَحْدَاثَ)).
18- وَقَالَ فَتْحٌ الْمُوصِلِيُّ : (( صَحِبْت ثَلَاثِينَ شَيْخًا كَانُوا يُعَدُّونَ مِنْ الْأَبْدَالِ كُلُّهُمْ أَوْصَانِي عِنْدَ مُفَارَقَتِي لَهُ :اتَّقِ صُحْبَةَ الْأَحْدَاثِ : اتَّقِ مُعَاشَرَةَ الْأَحْدَاثِ)).
19- وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَهْلٍ الصعلوكي قَالَ : (( سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ اللُّوطِيُّونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ . صِنْفٌ يَنْظُرُونَ وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَلَ)).
20- وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النخعي :كَانُوا يَكْرَهُونَ مُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ وَأَبْنَاءِ الْمُلُوكِوَقَالَ :مُجَالَسَتُهُمْ فِتْنَةٌ إنَّمَا هُمْ بِمَنْزِلَةِ النِّسَاءِ.
(( المراجع :
جميع هذه الآثار من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
ما عدا الأثر الأول أخرجه ابن سعد : ( 3/285 )، الإصابة : ( 8845 ) وقال ابن حجر : أخرجه ابن سعد، والخرائطي بسند صحيح
يتبع بأقوال شيخ الإسلام في المسألة إن شاء الله ))
تعليق