بسم الله الرحمن الرحيم
- الإخوة الأفاضل السلام عليكم .
كنت قد شرعت بالتعقيب على موضوع الأخ مهدي بن هيثم الشبوي تحت هذا الرابط : هل المحراب بدعة ، لكني رأيت خروج تعقيبي عن صلب الموضوع وتعمقت في شخصية عالم ذكره في مقاله ، فحبذت أن يكون هذا التعقب مفرداً بموضوع مستقل ، نسأل الله أن يكون كل حرف فيه خالصا ً لوجهه الكريم .
قلتُ: عندما كنت في دماج وفي درس صحيح مسلم لشيخنا - حفظه الله - جاء ذكر المحاريب فتكلم - حفظه الله - بما تيسر من بيان وتوضيح ، ثم عرج على الرسالة المشار إليها في المقال للحافظ السيوطي وهي : « إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب » فعجِبَ الشيخ وعجِبنا من حال الحافظ السيوطي - رحمه الله - في بعض مؤلفاته التي ينصر فيها السنة كهذه المؤلفات بالمقارنة مع مؤلفات أخرى له عجيبة كمؤلفه « المنحة في السبحة » أو كمؤلفه « مسالك الحنفا في والدي المصطفى » وعرج الشيخ حينها على مسألة كبار الأذكياء الذين يستحقون هذه التسمية وقال أن السيوطي يستحقها لولا هذه الأمور وأمور أخرى خطيرة في باب عقيدة أهل السنة ؛ وعقب شيخنا كذلك على مسألة تبحر الحافظ السيوطي في العلوم وكثرة مصنفاته ومؤلفاته والتعمق في كل فن كالطب والحديث والفقه والحديث والأصول والنحو والصرف والبلاغة والمعاني وعلوم القرآن وغيرها من بحور الفنون - رحمه الله - ، وكنت قد تصفحت كتاب يتكلم فيه مؤلفه عن هذا الحافظ من حيث جهوده المبذولة في هذا الشأن ، ويتطرق من خلاله إلى تأثير الحالة الزمانية والخصومات العلمية في شخصيته ومسألة نبوغه ؛ والكتاب عبارة عن رسالة جامعية مقدمة لنيل بعض الدرجات العلمية .
وقد خُصِصْت مؤلفات أخرى منصبة بالعناية بشكل نسبي لمسألة جهود السيوطي تارة وبشكل موسع في فن خاص تارة أخرى ، وثالثة تعمقت في مصادر هذا الموروث الكبير والغزير ، ودرست مسألة الوقت الذي يقضيه في الجمع والتدوين والتدقيق والتحقيق ، وحقيقة القول فإن الحافظ السيوطي - رحمه الله - يستحق جهدا كهذا بل وزيادة في نبش فنونه وعلومه ، والمتأمل في كتابه « الرد على من أخلد الى الأرض ونسي أن الاجتهاد في كل عصر فرض » يلمس سر هذا النشاط العارم ، كذلك نجد أن السيوطي لم يغفل جانب صياغة النص الأدبي ومحاولة تجنيد العبارات وتجييشها في خاصرة خصومه لاسيما من كان في عصره كقرينه الحافظ السخاوي - رحمه الله - الذي خصه بمؤلفه المسمى « الكاوى على تاريخ السخاوى » وبعض الرسائل التي تدل على سببيات الخلاف ، وفي مؤلفه المذكور هنا نجد أن الوقت الذي بذله في القراءة النقدية لتاريخ السخاوي ليس بالهين فضلاً عن التحقيق والتتبع لحقائق التراجم ، مع أن السخاوي نفسه إمام في الحديث والعلل وعلم الرجال والتاريخ إلا أن السيوطي حقيقة يثبت أنه طويل الباع في هذه الفنون لامجرد ثقافة سطحية وعنواين عريضة .
وفي الحقيقة كذلك فإن سلوك السيوطي من حيث الردود على الخصوم ومن حيث تركيب الجمل وتقديم المفحم منها تارة وتأخيرها بعد التنزلات أخرى يدلك أن للحافظ منهج خاص في التتبع وذوق عال رفيع في القراءة قبل الرد ، وهذا نفتقده ونفتقر إليه كثيراً في هذا الزمان لاسيما وأن الرد بات غريزة نفسية يتم التعامل معها كيفما كان ومع أي نص سواء مع أو ضد الحق لافرق ، فالمهم هو الرد فحسب ! فبمثل ردود شيخ الإسلام وتلميذه وبمثل ردود السيوطي وغيره ممن يشرفنا القراءة لهم والتزود من معين علمهم وأدبهم نقتدي ، ولهذا نجد البون الشاسع بين ردود أولئك القوم وبعض الأقوام اليوم ، بل حتى في تلكم الحقبة كان هناك تفاوت كذلك بين الراد والمردود عليه ، فمثلاً من يقرأ المحاكمة بين الأحمدين لنعمان الآلوسي - رحمه الله - مع أن الآلوسي لم يحكم ولم يفصل بينهما وترك مسألة الحكم للقارئ فقط ! - والبعض ممن يلاحظ هذا الأمر يقول : " الآلوسي تأدب معهما " ولا مجال لهذا التعليل في بيان الحقيقة وصحيح العقيدة - أقول : من يلاحظ ردود الهيتمي ويقارنها مع شيخ الإسلام يجد البون الشاسع من حيث الترتيب والبيان ومن حيث كذلك التشنج الذي يعتري الهيتمي في ردوده ، وكذلك نجد تفاوت في الردود بين السيوطي والسخاوي - رحمهما الله - يجد بل ويلمسه تذوقا ميول كفة الميزان لصالح الأول ، لذا فإن غالب من تكلم على السيوطي في ذلكم الوقت إنما كان من باب التقليد والتعصب سواء للسخاوي أو ممن كان يقف في صف السيوطي في عصر شيخه الحافظ الكبير - ابن حجر - ، فالسيوطي حقيقة رجل محسود ، كيف لا وقد تقدم بيان غزارة عِلم هذا العَلم ؟! ومع هذا ليس بمعصوم من خطأ أو زلل ، فلا نجد من يشابهه ممن سبقه إلا شيخ الإسلام وتلميذه وربما شيخه الحافظ ابن حجر من حيث وفرة المؤلفات وشغفهم فيها وكذلك من حيث المكانة وكثرة من يحبهم وكثرة من يحسد ؛ نسأل الله أن يرحم ويغفر للحافظ ويجزيه خيرا.
قلتُ: عندما كنت في دماج وفي درس صحيح مسلم لشيخنا - حفظه الله - جاء ذكر المحاريب فتكلم - حفظه الله - بما تيسر من بيان وتوضيح ، ثم عرج على الرسالة المشار إليها في المقال للحافظ السيوطي وهي : « إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب » فعجِبَ الشيخ وعجِبنا من حال الحافظ السيوطي - رحمه الله - في بعض مؤلفاته التي ينصر فيها السنة كهذه المؤلفات بالمقارنة مع مؤلفات أخرى له عجيبة كمؤلفه « المنحة في السبحة » أو كمؤلفه « مسالك الحنفا في والدي المصطفى » وعرج الشيخ حينها على مسألة كبار الأذكياء الذين يستحقون هذه التسمية وقال أن السيوطي يستحقها لولا هذه الأمور وأمور أخرى خطيرة في باب عقيدة أهل السنة ؛ وعقب شيخنا كذلك على مسألة تبحر الحافظ السيوطي في العلوم وكثرة مصنفاته ومؤلفاته والتعمق في كل فن كالطب والحديث والفقه والحديث والأصول والنحو والصرف والبلاغة والمعاني وعلوم القرآن وغيرها من بحور الفنون - رحمه الله - ، وكنت قد تصفحت كتاب يتكلم فيه مؤلفه عن هذا الحافظ من حيث جهوده المبذولة في هذا الشأن ، ويتطرق من خلاله إلى تأثير الحالة الزمانية والخصومات العلمية في شخصيته ومسألة نبوغه ؛ والكتاب عبارة عن رسالة جامعية مقدمة لنيل بعض الدرجات العلمية .
وقد خُصِصْت مؤلفات أخرى منصبة بالعناية بشكل نسبي لمسألة جهود السيوطي تارة وبشكل موسع في فن خاص تارة أخرى ، وثالثة تعمقت في مصادر هذا الموروث الكبير والغزير ، ودرست مسألة الوقت الذي يقضيه في الجمع والتدوين والتدقيق والتحقيق ، وحقيقة القول فإن الحافظ السيوطي - رحمه الله - يستحق جهدا كهذا بل وزيادة في نبش فنونه وعلومه ، والمتأمل في كتابه « الرد على من أخلد الى الأرض ونسي أن الاجتهاد في كل عصر فرض » يلمس سر هذا النشاط العارم ، كذلك نجد أن السيوطي لم يغفل جانب صياغة النص الأدبي ومحاولة تجنيد العبارات وتجييشها في خاصرة خصومه لاسيما من كان في عصره كقرينه الحافظ السخاوي - رحمه الله - الذي خصه بمؤلفه المسمى « الكاوى على تاريخ السخاوى » وبعض الرسائل التي تدل على سببيات الخلاف ، وفي مؤلفه المذكور هنا نجد أن الوقت الذي بذله في القراءة النقدية لتاريخ السخاوي ليس بالهين فضلاً عن التحقيق والتتبع لحقائق التراجم ، مع أن السخاوي نفسه إمام في الحديث والعلل وعلم الرجال والتاريخ إلا أن السيوطي حقيقة يثبت أنه طويل الباع في هذه الفنون لامجرد ثقافة سطحية وعنواين عريضة .
وفي الحقيقة كذلك فإن سلوك السيوطي من حيث الردود على الخصوم ومن حيث تركيب الجمل وتقديم المفحم منها تارة وتأخيرها بعد التنزلات أخرى يدلك أن للحافظ منهج خاص في التتبع وذوق عال رفيع في القراءة قبل الرد ، وهذا نفتقده ونفتقر إليه كثيراً في هذا الزمان لاسيما وأن الرد بات غريزة نفسية يتم التعامل معها كيفما كان ومع أي نص سواء مع أو ضد الحق لافرق ، فالمهم هو الرد فحسب ! فبمثل ردود شيخ الإسلام وتلميذه وبمثل ردود السيوطي وغيره ممن يشرفنا القراءة لهم والتزود من معين علمهم وأدبهم نقتدي ، ولهذا نجد البون الشاسع بين ردود أولئك القوم وبعض الأقوام اليوم ، بل حتى في تلكم الحقبة كان هناك تفاوت كذلك بين الراد والمردود عليه ، فمثلاً من يقرأ المحاكمة بين الأحمدين لنعمان الآلوسي - رحمه الله - مع أن الآلوسي لم يحكم ولم يفصل بينهما وترك مسألة الحكم للقارئ فقط ! - والبعض ممن يلاحظ هذا الأمر يقول : " الآلوسي تأدب معهما " ولا مجال لهذا التعليل في بيان الحقيقة وصحيح العقيدة - أقول : من يلاحظ ردود الهيتمي ويقارنها مع شيخ الإسلام يجد البون الشاسع من حيث الترتيب والبيان ومن حيث كذلك التشنج الذي يعتري الهيتمي في ردوده ، وكذلك نجد تفاوت في الردود بين السيوطي والسخاوي - رحمهما الله - يجد بل ويلمسه تذوقا ميول كفة الميزان لصالح الأول ، لذا فإن غالب من تكلم على السيوطي في ذلكم الوقت إنما كان من باب التقليد والتعصب سواء للسخاوي أو ممن كان يقف في صف السيوطي في عصر شيخه الحافظ الكبير - ابن حجر - ، فالسيوطي حقيقة رجل محسود ، كيف لا وقد تقدم بيان غزارة عِلم هذا العَلم ؟! ومع هذا ليس بمعصوم من خطأ أو زلل ، فلا نجد من يشابهه ممن سبقه إلا شيخ الإسلام وتلميذه وربما شيخه الحافظ ابن حجر من حيث وفرة المؤلفات وشغفهم فيها وكذلك من حيث المكانة وكثرة من يحبهم وكثرة من يحسد ؛ نسأل الله أن يرحم ويغفر للحافظ ويجزيه خيرا.
- والله المستعان .
تعليق