تذكرة أهل التقوى
بفوائد ما يحصل لهم من البلوى
بفوائد ما يحصل لهم من البلوى
خطبة جمعة مفرّغة لفضيلة الشيخ
أبي عبد الرحمن
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
أبي عبد الرحمن
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
كانت هذه الخطبة بتاريخ (3 ربيع الآخر 1431هـ)
في دار الحديث بدماج حرسها الله
في دار الحديث بدماج حرسها الله
قام بتفريغها أخونا الفاضل/ أبو أحمد ضياء التبسي
وقد راجعها الشيخ يحيى حفظه الله وأضاف إليها
وقد راجعها الشيخ يحيى حفظه الله وأضاف إليها
{ بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداُ عبده ورسوله ,
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:71]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:71]
أما بعد :
فيقول الله - عز وجل – في كتابه الكريم : ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان:3] ففي هذه الآية بيان من الله – سبحانه وتعالى - أنهُ خلق َ الإنسان من نطفة ممتزجة مختلطة مني َّ الرِّجلِ والمرأة , من ماء مهين , وجعله ُ أطواراً ليبتليَه , قال الله ُّ – عز وجلَّ - : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ [المؤمنون:17]
هذه المراحل كلُّها خلق الله – عزَّ وجلَّ – الإنسانَ عليها ليبتليَهُ وليختَبرَهُ ، وهذه الآية نظير قول الله – عز وجلَّ - : ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:2]
فأبان الله – عز وجل – أنُّهُ خلقَ عبادَهُ وكانوا أمواتاً فأحياهم ثم يميتهم ثم يحييهم كلُّ ذلكَ ليبتليهم أيُّهم أحسن عملاً ، في هذه الآيات أنَّ الابتلاءات مُرادةٌ لله – عز وجل – وأنُّهُ لا يظهرُ الصِّدقُ من الكذب إلا بالتمحيص والابتلاء ، ولا يظهر الإيمان من النِّفاقِ إلا بذلك ، ولا يظهرُ الحق من الباطل في حالات كثيرة إلا بالتمحيص والابتلاء ، ولهذا فإن الابتلاءات قد تكون بأحوال شتَّى : تارةً يفطن لها العبد وتارةً لا يفطنُ لها إلا من وفَّقَهُ الله – عز وجل - ، فقد يأتي البلاء والابتلاء على العبد المؤمن من جوانبَ خفيَّةٍ يغفُلُ عنها :
• فمن الابتلاءات ما قد يكون بالأعداء وهذا شيءٌ واضحٌ ، قال الله – عز وجل - : ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان:20] وقال – سبحانه وتعالى - : ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:4] فابتلى الله – عز وجل – العبادِ بعضَهُم ببعضٍ .
• وقد يكون البلاءُ بزينة الأرض وزخرفها ومتاعها فيبلي العبد بالانشغال بها وبالتباهي من أجلــها ، قال تعالى : ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف:8]
• وقد يكون البلاءُ بالرِّفعةِ ، يرفعُ الله – عزَّ وجلَّ – أُناساً ويضع آخرين ليبلوهم ، قال الله – عز وجل - : ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [الأنعام:165] فهذه بلوى ، قال الله – سبحانه - : ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء:35] ونبيُّ الله سليمان – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ – قال : ﴿ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 36 - 40] .
• وقد تكون البلوى بالظُّهور ودفع الأعداء ، قال الله – عزَّ وجلًّ - في كتابه الكريم : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) ﴾ [الأحزاب:9 - 11] ومعَ هذا ذكَّرهُمُ الله – عزَّ وجلَّ – حينَ أن مكَّن الكافرينَ من قُريشٍ وغيرِهم إلى أن وصلوا إلى المدينة وأحدقوا بها ودفعَ الله – عزَّ وجلَّ – تلك الجحافلَ المُشركة بفضلٍ منهُ ومنَّةٍ وللهِ في خلقهِ شئونٌ ، ذكَّرهم هذه النِّعمة وأبان أن تلك البلوى لحكمة وخبرة .
• وقد تكونُ البلوى بنقص من الأموال والأنفس والثَّمرات وبالخوف قال تعالى :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:155] ، فالخوف يُعتَبرُ بلوى ، والجوعُ بلوى ، والشَّبعُ أيضاً بلوى قال تعالى : ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)﴾ [العلق: 6 -7] ، ونقصُ الأموال ، بلوى على من نقُصَ مالُهُ ، وثراءُ الأموالِ عندَ الأثرياء بلوى قال تعالى : ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء:35] ، وكما قيل :
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ***ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
هذه أمورٌ يَتنبَّهُ لها من وفَّقَهُ الله –سبحانهُ وتعالى - .
- إنَّكَ أيُّها المسلم ! أيَّةُ حالةٍ أنتَ فيها ؛ من صحَّةٍ أو مرضٍ ؛ أو سلامة أو عافيةٍ ؛ أو فتنٍ أو قلاقل ؛ أو خوفٍ وانزعاج ؛ أو أمن و سلامةٍ ؛ أو رغدٍ من العيش ؛ أو فقرٍ مدقع ؛ أو غير ذلك كل هذا ! من ( البلوى ) ، لأنَّ الله – سبحانه وتعالى – خلق العباد ليبلوهم , قال تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة:214] ، تأمَّل ! أنَّك مبتلى في أيِّ حالةٍ أنتَ فيها ، لا مفرَّ لكَ من البلوى ، الشَّأنُ كُلُّهُ أن تستفيدَ من تلك البلوى .
- إنَّكَ أيُّها المسلم ! أيَّةُ حالةٍ أنتَ فيها ؛ من صحَّةٍ أو مرضٍ ؛ أو سلامة أو عافيةٍ ؛ أو فتنٍ أو قلاقل ؛ أو خوفٍ وانزعاج ؛ أو أمن و سلامةٍ ؛ أو رغدٍ من العيش ؛ أو فقرٍ مدقع ؛ أو غير ذلك كل هذا ! من ( البلوى ) ، لأنَّ الله – سبحانه وتعالى – خلق العباد ليبلوهم , قال تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة:214] ، تأمَّل ! أنَّك مبتلى في أيِّ حالةٍ أنتَ فيها ، لا مفرَّ لكَ من البلوى ، الشَّأنُ كُلُّهُ أن تستفيدَ من تلك البلوى .
• فإنَّ البلوى لها فوائدٌ عظيمةٌ يستفيدُها العقلاءُ وقد أبان الله – عزَّ وجلَّ – [في كتابه الكريم ] وفي سُنَّةِ نبِّيه فوائدَ البلوى ،
• ما دُمتَ مبتلى على أيِّ حال ؛ بالولد وعدمه ؛ بالزَّوجة وعدمها ؛ بالسَّكَنِ وعدمه ؛ بالغنى أو الفقر ؛ أو أيِّ حالةٍ [ أنت ] فيها مبتلى استفد من تلك البلوى واستغلّها واعلَم أنَّكَ في هذه الحال ؛ تقلبُ تلك البلوى إلى نعمة وإلى خير لا تعلمُهُ قال الله – عز وجل - : ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:216 ، 232 ، آل عمران : 66 ، النور : 19] .
• فإن البلوى قد تجعلُ الإنسانَ يُخلصُ لله – سبحانه وتعالى - بنصِّ قول الله – عزَّ وجلَّ - : ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت:65] ، المشركون وهم مشركون ! إذا تلاطمت عليهم أمواجُ البحر وتوقَّعوا الهلكة ؛ وإذا بهم يُخلصون لله – سبحانه - : في دعائه في ذلك الحين فما بالُكَ بالمؤمن أشدُّ إخلاصاً ، هؤلاء الكَفَرة قد نسوا ربهم لقوله تعالى : ﴿ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ [الحشر:19] ، كما قال الله – عزَّ وجلَّ - : ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون:76] ، البلوى تفيدُكَ أنَّكَ تلجأ إلى الله – عزَّ وجلَّ – وتدعوهُ وتتضرعُ إليه بكل تلهُّفٍ .
• البلوى سبب إجابة دعائك قال تعالى : ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل:62] .
• البلوى تجعلك تلجأ إلى الله وتعتمد عليه ، قال الله – سبحانه وتعالى - : ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) ﴾ [الأنعام:63 - 64] .
• البلوى تجعلُ الفاجرَ الكافرَ المتكبر يتواضع ويعرف ربه ، فرعون حينَ أن أمدَّهُ الله وابتلاهُ وأغدقَ عليه بالنِّعَمِ قال : كما أخبر عنه تعالى : ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) ﴾ [الزخرف:51 - 52] .
هذه النِّعَمُ عليه كانت بلوى سببت له الطُّغيانَ قال تعالى : ﴿كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾ [العلق:6 -7] ، فادى به طغيانه أن أدعى الربوبية قال تعالى : ﴿ هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) ﴾ [النازعات:15 –23] حين أن غُطَّ في البحر ورأى الموتَ لجأ إلى الله حينَ لا ينفعُ اللجوء ، قال الله – سبحانه وتعالى عنه - : ﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ (90) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ (91) نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ﴾ [يونس:90 -92] ، هذا المُتغطرس ، فرعون المُدَّعي للربوبيَّة حين أن غُطَّ في البحر عرفً الله – سبحانهُ وتعالى – ولجأ إليه حين لا ينفعه اللجوء لأنَّه في ساعةِ الغرغرة ، ولو كانَ هذا اللجوءُ قبلَ ذلك لانتَفَعَ .
• البلوى تجعلُ الإنسانَ يلجأ إلى ربه لقوله تعالى : ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير (18) ﴾ [الأنعام:17 - 18] ، البلوى تجعلُكَ تعرفُ قهرَ ربِّ العالمين – سبحانه وتعالى – وأنَّ الله – عز َّ وجلَّ – لهُ الحُجَّةُ البالغـــة والحكمــة البالغة ؛ والحجَّةُ الدَّامغة قال تعالى : ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:18] ، العبدُ عبدُهُ ؛ والخلقُ خلقُه ، والمُلكُ مُلكُهُ ، وأنَّ النَّاسَ فُقَراءٌ إلى اللهِ – سبحانه وتعالى - .
• البلوى تجعلُكَ تذلُّ لله – عزَّ وجلَّ – وتنكسرُ بينَ يديهِ قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (17) ﴾ [فاطر:15 -17] .
• وغالبُ ما يكونُ الطُّغيانُ والبغيُ والفتن في الدُّنيا من التَّرَفِ ومن إملاء الله – سبحــانه وتعالى – للعبد قال تعالى : ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) ﴾ [القلم:44 - 45] ، أملى الله – عزَّ وجلَّ – لفرعونَ حتَّى إذا أدركهُ الغرقُ لم تنفعهُ توبتُهُ .
• الصبر على البلوى سبب الرفعة قال تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:24] ، ولهذا كان الأنبياء أشد بلاء من غيرهم ، نبيُّ اللهِ إبراهيم – عليه الصَّلاة والسَّلام – ابتلى إلى أن أُريدَ به الإحراقُ بالنَّار ؛ وإلى أن أُريد الاعتداءُ على زوجته سارة ولكن كـــانت تلك البلوى فيها لنبيِّ الله ولزوجته كرامةٌ حينَ نجَّاها الله من ذلك الفاجر الجبَّار – أخدمها هاجر – فقالت : ( الحمدُ لله الذي ردَّ كيد الفاجر واخدم هاجر ) ، وكانَ نسلُ العربِ من نسلِ تلكَ المرأةِ التي كانت خادمةً لســارة – عليها السَّلام – لَّما لم يتمكَّن منها أعطاها خادماً : تلكَ المرأةُ التي هي هاجر ؛ فولدت لنبيِّ الله إبراهيم : إسماعيل أبي العـــرب , قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ( ارموا بني إسماعيلَ فإنَّ أباكُم كانَ رامياً ) .
• لله حكمة ! وهكذا حادثةُ الإفك : وصف الله – عزَّ وجلَّ – أنَّ لهُ في ذلك حكمةٌ من تلك الابتلاءات بعد أن ذكر ما حصلَ له [ -صلى الله عليه وسلم-] ولزوجته وللمؤمنين ؛ قال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) ﴾ [النور:11 - 12] ، وذكرَ الله القِصَّةَ إلى أن زكَّى الله – عزَّ وجلَّ – ذلك البيتِ النَّبويَّ الطَّاهر ؛ والشَّاهد أنَّها بلوى حصلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتَّى في عرضــه مــن المُشركين والمُنافقينَ وكانَ في ذلك العِزُّ لذلك الجناب النَّبوي وبحكمة الله – عزَّ وجلَّ – أظهر حال المنافقين والمؤمنين في هذه الحادثة .
البلوى تجعل الإنسان يخضع تأمل قول الله عز وجل عن الذين أمدهم بالثراء ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف:24] غالباً الغطرسة وإباء الحق يأتي عن الذين أملى لهم الله عزوجل ولم يبتليهم بأمراضٍ , أو أسقام , أو فقر أو غير ذلك بل ابتلاهم بالغنى والصحة وكثرة النعم حتى طغوا قال تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَاد ﴾
عن خباب قال : كنت قينا في الجاهلية وكان لي على العاص ابن وائل دين فأتيته أتقاضاه قال لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم . فقلت لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث . قال دعني حتى أموت وأبعث فسأوتى مالا وولدا فأقضيك . فنزلت ﴿ أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا . أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾
حين طلب دينه منه سأله الدَّين . أي أنه ما سيعطيه هنا , وصار يستهزء به أنه سيأتي يوم القيامة بأمواله وأولاده يعطيه هنا قال تعالى عزوجل ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [مريم:80]
قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا﴾ [المدثر:16]
كل هذا يدل على أن إملاء الله -سبحانه وتعالى - للعبد وعدم تمحيصه بالأمراض , بالأسقام بأشياء ربما كانت في ضرورة ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام:45]
انظر كيف يملي الله –سبحانه وتعالى- لبعض عباده ولا يبتليه .
البلوى تجعل الإنسان يخضع تأمل قول الله عز وجل عن الذين أمدهم بالثراء ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الزخرف:24] غالباً الغطرسة وإباء الحق يأتي عن الذين أملى لهم الله عزوجل ولم يبتليهم بأمراضٍ , أو أسقام , أو فقر أو غير ذلك بل ابتلاهم بالغنى والصحة وكثرة النعم حتى طغوا قال تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَاد ﴾
عن خباب قال : كنت قينا في الجاهلية وكان لي على العاص ابن وائل دين فأتيته أتقاضاه قال لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم . فقلت لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث . قال دعني حتى أموت وأبعث فسأوتى مالا وولدا فأقضيك . فنزلت ﴿ أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا . أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾
حين طلب دينه منه سأله الدَّين . أي أنه ما سيعطيه هنا , وصار يستهزء به أنه سيأتي يوم القيامة بأمواله وأولاده يعطيه هنا قال تعالى عزوجل ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [مريم:80]
قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا﴾ [المدثر:16]
كل هذا يدل على أن إملاء الله -سبحانه وتعالى - للعبد وعدم تمحيصه بالأمراض , بالأسقام بأشياء ربما كانت في ضرورة ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام:45]
انظر كيف يملي الله –سبحانه وتعالى- لبعض عباده ولا يبتليه .
فإذا ابتلاك الله بشيء من القلاقل والزلازل , والأمراض فاعلم أن الله أراد بك خيراً وأن تسلك مسلك الأنبياء , (يبتلى المرء على قدر دينه) كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أشد بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينة رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى:27]
فالله عزوجل يجعل الأمور على حسب حالات الناس فاعلم عبد الله أن هذه البلوى التي تحصل لك شيء لك فيه خير : ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:216] .
كفى بالبلوى لمن صبر عليها أنها تكفر الذنوب قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:156] فرحمة الله على عباده المؤمنين الذين ابتلاهم وصبروا وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :(عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله له خير إن أصابه سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابه ضراء فصبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) أخرجه مسلم عن صهيب رضي الله عنه. وفي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(ما يصيب المؤمن من نصبً ولا وصبً ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) .
فالله عزوجل يجعل الأمور على حسب حالات الناس فاعلم عبد الله أن هذه البلوى التي تحصل لك شيء لك فيه خير : ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:216] .
كفى بالبلوى لمن صبر عليها أنها تكفر الذنوب قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:156] فرحمة الله على عباده المؤمنين الذين ابتلاهم وصبروا وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :(عجباً لأمر المؤمن أن أمره كله له خير إن أصابه سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابه ضراء فصبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) أخرجه مسلم عن صهيب رضي الله عنه. وفي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(ما يصيب المؤمن من نصبً ولا وصبً ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) .
ودخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود فقال: أنك لتوعك وعكاً شديداً قال : (أجل أني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم) قال ( ذلك أن لك أجرين) قال: (ذلك كذلك).
وفي الصحيحين عن كعب وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(مثل المؤمن كالخامة من الزرع تكفئها الرياح هكذا وهكذا ومثل الكافر كالأرزة لا تتحرك حتى يكون أنجعافها مره واحدة –وفي لفظ حتى يقصمها الله-)
وفي الصحيحين عن كعب وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(مثل المؤمن كالخامة من الزرع تكفئها الرياح هكذا وهكذا ومثل الكافر كالأرزة لا تتحرك حتى يكون أنجعافها مره واحدة –وفي لفظ حتى يقصمها الله-)
قال النووي رحمه الله معناه : أن العبد المؤمن يصاب بالابتلاءات فتارة ببلاء وتارة بأخر ولا يزال من بلاء إلى بلاء ولكن قد يخف البلاء وقد يكثر وقد يزداد وقد يقل من حالة إلى حالة وإلا هو مبتلى باستمرار لأن الزرع لا تستقر لأن كلما ضربت ريح حركتها تارة تحركها كثيراً وتارة قليلا فهكذا المؤمن متحرك بالبلاء وليس واقفاً وأما الأرزة فإنها صامدة واقفة لا تتحرك حتى يقصمها الله وحتى تزول". هذا مثل عظيم للمؤمن المبتلى﴿الم *أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ *وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:1-3]
فالقرآن والسنة متظافران على أن البلاء مستمر بالمؤمن تارة في أهله تارة في ماله تارة في جسده في سائر أحواله بلاء مستمر أما الكافر فربما إذا أبتلي ُ فذلك عليه قليل من كثير مما توعد به يوم القيامة ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة:21] ويكثر إملاء الله لهم : ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [القلم:44-45] قال الله عز وجل: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف:59]
أملى الله عز وجل لهم حتى إذا بنوا وشيدوا وفرحوا وزخرفوا بعد ذلك! أهلكهم الله قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام:45], وقال : ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت:40] .
أيها المسلمون! استفيدوا من أمور البلوى بطاعة الله سبحانه وتعالى على أي حال فثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان من ذكره(الحمد لله على كل حال) قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم:7] فإن من أعظم فوائد البلوى أن تشكر الله عز وجل أن دفعها عنك وأن تشكر الله عز وجل على أن تلك البلوى لم تكن أعظم مما كانت وأن تشكر الله سبحانه وتعالى على لطفه ومنته: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل:53]
احذر أيها المسلم !! البلوى لا تفيدك أعجاباً ولا تفيدك غروراً ولا تفيدك كبراً ولا أن المنة لك ولا بشجاعتك ولا بقوتك: ﴿ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم:4] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [فاطر:3].
﴿ وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون ﴾.
والحمد لله رب العالمين
تعليق