التنبيه على وهم شائع
للشيخ أبو مالك عبد الحميد الجهني حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
شاع على ألسنة الكثيرين أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال عن الخوارج : (( هم إخواننا بغوا علينا )) . وكان بعض الحزبيين يردد هذه الكلمة في سبيل الدفاع والمنافحة عن أجلاد التكفيريين التفجيريين ، وكذلك يردد هذه الكلمة نفسها ويحتج بها شيخ ينتمي إلى هيئة علمية مرموقة يُكْثِر ـ هداه الله ـ من كلمة (( إخواننا الشيعة )) فلما أُنكر عليه قال : إن علي بن أبي طالب قال عن الخوارج : إخواننا بغوا علينا . ورأيت أيضاً صاحب كتاب (( الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة )) وقع فيما وقع فيه هؤلاء حيث نسب هذه الكلمة لعلي رضي الله عنه , وزعم أنه قالها في (( الخوارج )) !وأقول : ينبغى التأمل فى نسبة هذا القول إلى على رضى الله عنه إذ كيف يصح أن يقول الخليفة الراشد أمير المؤمنين رضي الله عنه هذه الكلمة في الخوارج , وهو الذي سمع ذمهم والأمر بقتلهم واستأصالهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
أكلابُ أهلِ النار ! إخواننا بغوا علينا ؟!
فوالذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمَة لم يكن عند علي رضي الله عنه لهؤلاء الخوارج المارقين إلا السيف حيث جرده عليهم وسحقهم يوم النهروان عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المستبعد جدا أن يصف هذه الفرقة المارقة بأنهم إخواننا .
ولو أن علي بن أبي طالب عاش وأدرك هؤلاء الروافض لصنع بهم كما صنع بأهل النهروان بل أشد وهو الذي أحرق أسلافاً لهم بالنار ، والمقصود أن علي رضي الله عنه لم يقل هذه الكلمة في الخوارج بل المروي عنه أنه قالها رضي الله عنه في أهل الجمل وهم طلحة والزبير و عائشة ومن معهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم , وشتان مابين أهل الجمل وأهل النهروان .
فقد أخرج البيهقي ( 8 / 173 ) من طريق يزيد بن هارون عن شريك عن أبي العنبس عن أبي البختري قال : سئل على رضي الله عنه عن أهل الجمل أمشركون هم ؟ قال : من الشرك فروا ، قيل أمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً ، قيل : فماهم ؟ قال : إخواننا بغوا علينا .
وإسناد هذا الأثر منقطع ، أبو البختري وهو سعيد بن فيروز الكوفي لم يدرك عليا ً.
وأخرج البيهقي أيضاً ( 8 / 174 ) من طريق مسعرعن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة قال : فال رجل من يتعرف البغلة يوم قُتل المشركون يعني أهل النهروان ، فقال علي بن أبي طالب : من الشرك فروا ، قال فالمنافقون . قال : المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً . قال : فما هم ؟ قال : قوم بغوا علينا فنصرنا عليهم .
وإسناده فيه ضعف أيضاً ، عامر بن شقيق قال عنه في (( التقريب )) : لين الحديث . مع أن هذا الإسناد أمثل من الأول .
وكما ترى فإن على بن أبي طالب رضي الله عنه لم يقل في حق الخوارج أهل النهروان : إخواننا ... بل قال : قوم ... وهذا هو اللائق به رضي الله عنه لفضله وعلمه ومقامه في الأمة.
والعجب أن صاحب كتاب (( الوجيز )) المذكور في أول المقال كان قد نسب إلى علي رضي الله عنه أنه قال في حق الخوارج : إخواننا ... إلخ , ثم عزى ذلك إلى سنن البيهقي بالجزء والصفحة المذكورة آنفاً . وكأنه وقع في هذا الغلط بسبب أنه ينقل عن غيره من غير رجوع إلى الأصول .
والله المستعان.
للشيخ أبو مالك عبد الحميد الجهني حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
شاع على ألسنة الكثيرين أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال عن الخوارج : (( هم إخواننا بغوا علينا )) . وكان بعض الحزبيين يردد هذه الكلمة في سبيل الدفاع والمنافحة عن أجلاد التكفيريين التفجيريين ، وكذلك يردد هذه الكلمة نفسها ويحتج بها شيخ ينتمي إلى هيئة علمية مرموقة يُكْثِر ـ هداه الله ـ من كلمة (( إخواننا الشيعة )) فلما أُنكر عليه قال : إن علي بن أبي طالب قال عن الخوارج : إخواننا بغوا علينا . ورأيت أيضاً صاحب كتاب (( الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة )) وقع فيما وقع فيه هؤلاء حيث نسب هذه الكلمة لعلي رضي الله عنه , وزعم أنه قالها في (( الخوارج )) !وأقول : ينبغى التأمل فى نسبة هذا القول إلى على رضى الله عنه إذ كيف يصح أن يقول الخليفة الراشد أمير المؤمنين رضي الله عنه هذه الكلمة في الخوارج , وهو الذي سمع ذمهم والأمر بقتلهم واستأصالهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
أكلابُ أهلِ النار ! إخواننا بغوا علينا ؟!
فوالذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمَة لم يكن عند علي رضي الله عنه لهؤلاء الخوارج المارقين إلا السيف حيث جرده عليهم وسحقهم يوم النهروان عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المستبعد جدا أن يصف هذه الفرقة المارقة بأنهم إخواننا .
ولو أن علي بن أبي طالب عاش وأدرك هؤلاء الروافض لصنع بهم كما صنع بأهل النهروان بل أشد وهو الذي أحرق أسلافاً لهم بالنار ، والمقصود أن علي رضي الله عنه لم يقل هذه الكلمة في الخوارج بل المروي عنه أنه قالها رضي الله عنه في أهل الجمل وهم طلحة والزبير و عائشة ومن معهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم , وشتان مابين أهل الجمل وأهل النهروان .
فقد أخرج البيهقي ( 8 / 173 ) من طريق يزيد بن هارون عن شريك عن أبي العنبس عن أبي البختري قال : سئل على رضي الله عنه عن أهل الجمل أمشركون هم ؟ قال : من الشرك فروا ، قيل أمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً ، قيل : فماهم ؟ قال : إخواننا بغوا علينا .
وإسناد هذا الأثر منقطع ، أبو البختري وهو سعيد بن فيروز الكوفي لم يدرك عليا ً.
وأخرج البيهقي أيضاً ( 8 / 174 ) من طريق مسعرعن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة قال : فال رجل من يتعرف البغلة يوم قُتل المشركون يعني أهل النهروان ، فقال علي بن أبي طالب : من الشرك فروا ، قال فالمنافقون . قال : المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً . قال : فما هم ؟ قال : قوم بغوا علينا فنصرنا عليهم .
وإسناده فيه ضعف أيضاً ، عامر بن شقيق قال عنه في (( التقريب )) : لين الحديث . مع أن هذا الإسناد أمثل من الأول .
وكما ترى فإن على بن أبي طالب رضي الله عنه لم يقل في حق الخوارج أهل النهروان : إخواننا ... بل قال : قوم ... وهذا هو اللائق به رضي الله عنه لفضله وعلمه ومقامه في الأمة.
والعجب أن صاحب كتاب (( الوجيز )) المذكور في أول المقال كان قد نسب إلى علي رضي الله عنه أنه قال في حق الخوارج : إخواننا ... إلخ , ثم عزى ذلك إلى سنن البيهقي بالجزء والصفحة المذكورة آنفاً . وكأنه وقع في هذا الغلط بسبب أنه ينقل عن غيره من غير رجوع إلى الأصول .
والله المستعان.