إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل الأصل في المسلم السنة ؟؟؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل الأصل في المسلم السنة ؟؟؟؟

    هل الأصل في المسلم السنة ؟؟؟؟




    قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى مجيباً على هذا السؤال:

    (كيف الأصل فى الناس السنة وعندنا روافض وعندنا باطنية وعندنا الشيوعيين وعندنا حزبيين وعندنا من كل الأصناف .. كيف الأصل فيهم السنة .. [من قال] هذا الكلام .. وابن تيمية رحمه الله يرد على من يقول الأصل فى المسلم العدالة .. يقول هذا كلام باطل لأن الله تعالى قال فى الانسان إنه كان ظلوماً جهولاً (إنا عرضنا الأمانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولا) فالأصل فيه الظلم والجهل و .. يعنى دخوله فى الاسلام لا يعطيه مرتبة العدالة. أو كما قال.
    فكيف الأصل فى الناس السنة فى بلدان اختلط فيها الحابل بالنابل وصار أكثر الناس على غير السنة .. فإن عرفت هذا من مدرسة معينة سلفية فيكون فيه احسان الظن .. نحسن به الظن .. أما والدنيا اختلط فيها الحابل بالنابل وأنت لا تدرى هذا من هذا فاعرف صاحب الحق .. ولهذا كانوا يقولون (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) أما على رأى القائل الأصل فى الناس السنة فخذه من كل من هب ودب .. وقال ابن سيرين: إن الناس كانوا لا يسألون عن الاسناد فلما ظهرت الفتنة وكانت ليست فتنة [الأوضاع] الآن كانت أخف من هذه [...] قالوا سموا لنا رجالكم فإن كان من أهل السنة قبل حديثه وإن كان من أهل البدعة رد حديثه .
    فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم وأن يكثر أهل السنة .. ولكن الأقوال .. يعنى .. التى ترسل على عواهنها ما ينبغى أن تقال.)

    من شريط (لقاء مع أهل اليمن)
    http://www.sahab.net/sahab/showthread.php?postid=391380

    قال ابو عبدالله الآجري في شبكة سحاب :
    الحمد لله، فالمقال الذي نقله الأخ أبو حميد الفلاسي عن الشيخ بدر العتيبي، هو التحقيق بإذن الله.

    ((التفريق بين السلامة والعدالة))

    قال: " . . . فمقام التحقيق في المسألة أن لا تلازم بين كون الأصل في المسلم عدم العدالة، وبين كون الأصل فيه السلامة، فكما وجب اشتراط ثبوت العدالة لكونها وصف زائد لا تثبت بدليل، فكذلك الجرح وصف زائد يشترط في ثبوته الدليل مع البراءة الأصلية فيه، وتغليب سلامة المسلم من العيب لأنه الأصل فيمن حمل مسمى الإسلام ، والله تعالى امتدح الأمة بكونها ( أمة وسطا ) قال غير واحد من المفسرين: عدلا، ومن ثمَّ قد يكون فيهم العدل وغير العدل فالوسطية بمعنى العدالة هنا من العام الذي أريد به الخصوص، أو العام المخصوص لمن قامت به العدالة، قاله بنحوه الحافظ ابن حجر" اهـ.

    وقال أيضاً - جزاه الله خيراً-: " . . . وعلى هذا فلا تلازم بين اشتراط ثبوت العدالة، وبين نفي السلامة، فليس كل من لم تثبت عدالته، يعني عدم سلامته، وغاية ما في الأمر أن المسلم في أصله السلامة، وهذه العبارة هي الأسلم. . ." اهـ.

    وما أدقَّ ما قال هنا: ". . . ومع ذلك فإنه إذا قيل بأنه ليس الأصل في المسلم العدالة، فالأمر مقيَّد في أبواب معينة من أبواب الدين وخاصة في بابي الراوية والشهادة، وسائر ما يترتب عليه اشتراط سلامة المسلم من العيوب، فكل ما كان فيه وجوب ثبوت العدالة فلا بدّ من التحري في ثبوتها.

    وأما سائر حقوق الإسلام فإن من ظهر لنا إسلامه يجب أن يعامل بها، لأن الأصل فيه السلامة، حتى يتبين لنا منه خلافها" اهـ.

    فهذا ما أردت التركيز عليه في ردِّي في موضوع سابق على بعض الإخوة، فالمسلم لا يأخذ العلم الشرعي إلا عمن ثبتت عدالته، لأننا ننظر عمن نأخذ ديننا، فإن هذا العلم الشرعي دين.

    فمن لم تثبت عدالته - من ناحية أخذ العلم الشرعي- فالأصل فيه الجهالة، ولا يعني أننا نطعن فيه، فالمسألة ترجع إلى الشخص نفسه، فلربما يكون عالم سلفي مجهول بالنسبة لشخص فلا يأخذ ذلك الشخص الحريص دينه عنه، بينما الآخر يعرفه وثبتت عدالته عنده بأحد طرقها، فهو يأخذ عنه.

    فهنا التدقيق؛ مثال: أخٌ يأخذ عن القصاصين، وكل من هب ودب من الوعاظ(!) فهنا يقال له: الأصل في هؤلاء أنهم مجاهيل حتى تثبت عدالتهم (1).

    وهذا هو ما يفتي به العلماء المعاصرين من أمثال الشيخ المحدث أبي محمد ربيع بن هادي -حفظه الله-، وغيره؛ أنَّ المجاهيل لا يجوز الأخذ عنهم، والحمد لله رب العالمين.

    نص ردٍ لي على موضوع سابق كهذا:



    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-



    "أَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : الْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ فَهُوَ بَاطِلٌ ; بَلْ الْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } وَمُجَرَّدُ التَّكَلُّمِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا يُوجِبُ انْتِقَالَ الْإِنْسَانِ عَنْ الظُّلْمِ وَالْجَهْلِ إلَى الْعَدْل"(1).



    قال الشيخ عبد العزيز الراجحي- حفظه الله-


    " كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هو الصواب, قد استدل له, استدل عليه بالأدلة ودعَّمه, والدعوى إذا أقيم عليها دليل واضحٍ قُبلت"(2).



    قال الشيخ العلاَّمة ربيع بن هادي- حفظه الله-




    " كيف الأصل فى الناس السنة وعندنا روافض وعندنا باطنية وعندنا الشيوعيين وعندنا حزبيين وعندنا من كل الأصناف!! كيف الأصل فيهم السنة!! [من قال] هذا الكلام!!

    وابن تيمية- رحمه الله- يردُّ على من يقول: " الأصل فى المسلم العدالة", يقول: هذا كلام باطل, لأن الله تعالى قال فى الانسان: إنه كان ظلوماً جهولاً.

    {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب.

    فالأصل فيه الظلم والجهل و .. يعنى دخوله فى الاسلام لا يعطيه مرتبة العدالة. أو كما قال.

    فكيف الأصل فى الناس السنة فى بلدان اختلط فيها الحابل بالنابل وصار أكثر الناس على غير السنة؟
    فإن عرفت هذا من مدرسة معينة سلفية؛ فيكون فيه احسان الظن, نحسن به الظن.

    أما والدنيا اختلط فيها الحابل بالنابل, وأنت لا تدرى هذا من هذا؛ فاعرف صاحب الحق.
    ولهذا كانوا يقولون: ((| إنَّ هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم)).

    أمَّا على رأي القائل: "الأصل فى الناس السنة" فخذه من كل من هب ودب!

    وقال ابن سيرين: إنَّ الناس كانوا لا يسألون عن الاسناد؛ فلمَّا ظهرت الفتنة- وكانت ليست فتنة [الأوضاع] الآن, كانت أخف من هذه- قالوا: سمُّوا لنا رجالكم؛ فإن كان من أهل السنة, قُبل حديثه, وإن كان من أهل البدعة رُدَّ حديثه.

    فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم, وأن يكثر أهل السنة ..ولكن الأقوال .. يعنى .. التى ترسل على عواهنها ما ينبغى أن تقال"(3). اهـ

    أسأل الله أن يُفقِّهنا في ديننا, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    --------------------------------------------------------------------------------

    1) مجموع الفتاوى 10/357.
    2) مُفرغٌ بتصرف بسيط من مادةٍ صوتية نُشرت في شبكة سحاب.
    3) من شريط: "لقاء مع أهل اليمن" هذا النقل منقول من مشاركة للأخ: حسين فتحي المصري.


    وهذا نص رد، على من قال بأنَّ الكلام السابق الذي نقلته عن شيخ الإسلام متعقب:


    " أخي (( . . . ))(2) - سلمه الله-:

    هب جدلاً أنني اقتنعت بكلامك, وعرفت الحق منك, وأردت الدعوة إليه, ودخلت في حوار...

    فقلت: الأصل في الناس العدالة لا الجهالة..
    المحاور الآخر: وما قولك في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والقرطبي وجمهور العلماء وغيرهم من المعاصرين مثل الشيخ ربيع والراجحي والردادي و. . .؟
    - كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ((مُتعقب)) (!). . .
    المُحاور: ما دليلك وما مصدر كلامك هذا؟
    - الأخ ((. . .)) قال ذلك... (!)

    وينتهي الحوار فجأة!

    أرجو يا أخي العزيز- حفظك الله- أن تقيم الأدلة وأن تنقل لنا العلم من العلماء...
    فإني وبأسفٍ شديد...
    لا آخذ العلم من المجاهيل.

    وهذا الكلام في هذا الموضوع المقصود به: ألاَّ تأخذ العلم عن كل من هبَّ ودبَّ, وألاَّ تأخذ العلم عن المجاهيل.

    وأرجو منك التدبر في كلام الشيخ ربيع جيداً لتعرف المقصود من هذا الموضوع.

    أسأل الله أن نكون وإيَّاك من المُحبين للعلم وأهله" اهـ.

    أمَّا كون أخذ السلامة مطية لإثبات العدالة بالخلط بينهما، فهذا ما يجب الحذر منه، لذلك؛ فكوننا نصلي وراء إمام ما، فهذا لا يعني أنه عدل، بل نصلي وراءه لأننا أمرنا بالصلاة خلف كل بر وفاجر، كما هو معروف من عقيدة أهل السنة والجماعة؛ راجع الطحاوية مثلاً.

    وغير ذلك من الاعتراضات يرد عليه من أوجه، لا داعي لبسطها هنا، فقد ذكرها الشيخ الردادي في نهاية رسالته المنقولة أعلاه.

    وجزاكم الله خيراً إخواني الفضلاء ووفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
    --------------------------------------------------------------------------------
    1) بغض النظر عن كونهم أصلاً قصاصين فهذا لوحده كاف في عدم الاستماع لهم، ارجع لرسالة السيوطي: تحذير الخواص من أحاديث القصاص .
    2) حُذف الإسم لعدم الحاجة لذكره .

    قال خالد الغرباني:
    الأصل في الناس الجهالة لا العدالة !
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليماً كثيراً. أما بعد:
    فقد زعم بعض الناس أنه لا يجوز التكلم في الناس جرحا وتعديلا ،وبيان حالهم ليعرف الناس عمن يأخذون وممن يتلقون بحجة أنّ((الأصل في المسلمين العدالة))حتى يبدو لنا منهم غير هذا ،وعليه _حسب زعمهم_فلا يجوز الكلام في الحواطب والقصاص ودعاة الفتن والتحزب الذميم لتحذير الناس من شرهم وفسادهم ،فالأصل لديهم أن إظهار الإسلام كاف في الأخذ عمن هب ودب دون سؤال عن حاله ومبلغه من العلم ولزومه السنة ،متخذين هذه القاعدة مستندا يستندون عليه! لذا رقمت هذه السطور مبينا عدم صحة القاعدة المذكورة ،وأن ((الأصل في الناس الجهالة لا العدالة))فنقضت ـ بعون الله ـ عليهم ما اعتلوه ،وبينت زيف ما بهرجوه ،وقبل الدخول في بيان المسألة، أذكر تعريف العدالة وشرائطها ومن ثم ندلف للمقصود .
    العدالة لغة: العدالة مصدر عدُل_بالضم_ ،يقال:عَدَل وعُدُولة فهو عَدْل: أي رضا ومَقْنَعٌ في الشهادة، قال كثير:
    وبايعت ليلى في الخلاء ولم يكن *** شهودٌ على ليلى عدُول مَقَانِعُ
    ويقال:رجلٌ عَدْلٌ ورجلان عَدْلٌ ورجالٌ عَدْلٌ وامرأةٌ عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ،وكل ذلك على معنى رجالٌ ذوو عَدْلٍ ونِسوةٌ ذوات عدل،فهو لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث،فإن رأيته مجموعاً أو مثنى أو مؤنثاً،فعلى أنه قد أُجْري مجرى الوصف الذي ليس بمصدر. وأما العَدْل الذي هو ضد الجَوْر،فهو مصدر قولك:عَدَلَ في الأمر فهو عادل،وتعديلُ الشيء تقويمه،يقال:عدَّلَهُ تعديلاً فاعْتَدَلَ :أي قومه فاستقام وكل مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ،وتعديلُ الشاهِد نسبته إلى العدالة .فالعدالة في اللغة:التوسط في الأمر من غير زيادة ولا نقصان .
    العدالة اصطلاحا: قال ابن اللحام الحنبلي : (( وهي محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة،ليس معها بدعة ،وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر وبعض المباح)) . وقال ابن حجر: ((ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة،والمراد بالتقوى:اجتناب الأعمال السيئة من شرك أوفسق أو بدعة)) . وقال ابن السمعاني: ((لابد في العدل من أربع شرائط: المحافظة على فعل الطاعة،واجتناب المعصية،وأن لايركتب من الصغائر مايقدح في دين أو عرض،وأن لا يفعل من المباحات مايسقط القدر ويُكسبُ الندم،وأن لايعتقد من المذاهب مايردُّهُ أصول الشرع)) .
    وإلى الشروع في المقصود :
    أولا ـ ذكر الأدلة الدالة على أن الأصل في المسلم الجهالة:
    1 - قال تعالى { ممن ترضون من الشهداء}[ البقرة:282] قال ابن جرير: وقوله: {مِـمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يعنـي من العدول الـمرتضى دينهم وصلاحهم)) .وقال القرطبي: (( دل على أن في الشهود من لايرضى ؛فيجيء من ذلك أن الناس ليسوا محمولين على العدالة حتى تثبت لهم وذلك معنى زائد على الإسلام ،وهذا قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: كل مسلم ظاهر الإسلام مع السلامة من فسق ظاهر فهو عدل وإن كان مجهول الحال ،وقال شريح وعثمان البتي وأبو ثور : هم عدول المسلمين وإن كانوا عبيدا. قلت : فعمموا الحكم ،ويلزم منه قبول شهادة البدوي على القروي إذا كان عدلا مرضيا وبه قال الشافعي ومن وافقه وهو من رجالنا وأهل ديننا وكونه بدويا ككونه من بلد آخر والعمومات في القرآن الدالة على قبول شهادة العدول تسوي بين البدوي والقروي ،قال الله تعالى:{ممن ترضون من الشهداء}، وقال تعالى :{ واشهدوا ذوي عدل منكم} خطاب للمسلمين ،وهذا يقتضي قطعا أن يكون معنى العدالة زائدا على الإسلام ضرورة لأن الصفة زائدة على الموصوف ،وكذلك من ترضون مثله خلاف ما قاله أبو حنيفة ثم لايعلم كونه مرضيا حتى يختبر حاله فيلزمه أن لايكتفي بظاهر الإسلام ،.... قال علماؤنا :العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر ظاهر الأمانة غير مغفل ،وقيل : صفاء السريرة واستقامة السيرة في ظن المعدل والمعنى متقارب )) .
    2 - قال تعالى:{وحملها الإنسان إنه كان ظلوما ًجهولا}[الأحزاب:72].قال ابن تيمية:((أَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : الْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ فَهُوَ بَاطِلٌ ; بَلْ الْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى :{ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } وَمُجَرَّدُ التَّكَلُّمِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا يُوجِبُ انْتِقَالَ الْإِنْسَانِ عَنْ الظُّلْمِ وَالْجَهْلِ إلَى الْعَدْلِ )) .وقال ابن القي: ((إذا شك في الشاهد هل هو عدل أم لا ؟ لم يحكم بشهادته، لأن الغالب في الناس عدم العدالة، وقول من قال: الأصل في الناس العدالة، كلام مستدرك بل العدالة طارئة متجددة، والأصل عدمها، فإن خلاف العدالة مستنده جهل الإنسان وظلمه، والإنسان خلق جهولاً ظلوماً، فالمؤمن يكمل بالعلم والعدل، وهما جماع الخير، وغيره يبقى على الأصل، أي فليس الأصل في الناس العدالة ولا الغالب)) .
    3 - قال تعالى:{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات:6].قال القرطبي: ((وفي الآية دليل على فساد قول من قال: إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجُرحة؛ لأن الله تعالى أمر بالتثبت قبل القبول، ولا معنى للتثبت بعد إنفاذ الحكم؛ فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة)) .
    4- عن أبى إسحاق قال: كنت في المسجد الجامع مع الأسود فقال: أتت فاطمة بنت قيس عمر بن الخطاب فقال: ((ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة رآه لقول امرأة لا ندري أحفظت أم لا ؟!)) . قال الخطيب البغدادي : (( الطريق إلى معرفة العدل المعلوم عدالته مع إسلامه وحصول أمانته ونزاهته واستقامة طرائقه لا سبيل إليها إلا باختيار الأحوال وتتبع الأفعال التي يحصل معها العلم من ناحية غلبة الظن بالعدالة .... يدل على صحة ما ذكرناه أن عمر بن الخطاب رد خبر فاطمة بنت قيس في إسقاط نفقتها وسكناها لما طلقها زوجها ثلاثا مع ظهور إسلامها واستقامة طريقتها ..))ا.هـ .
    5- عن خرشة بن الحر قال :شهد رجل عند عمر بن الخطاب _رضى الله تعالى عنه_ بشهادة فقال له :لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك ،ائت بمن يعرفك . فقال رجل من القوم :انا اعرفه . قال: فبأى شيء تعرفه ؟ قال :بالأمانة والعدل. قال :فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه ؟ قال :لا . قال :فمعاملك بالدنيار والدرهم الذين بهما يستدل على الورع؟ قال: لا . قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟ قال: لا . قال :لست تعرفه! ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك . فلو كان المسلمون عند عمر _رضي الله عنه_على العدالة مطلقاً بحسب ظاهرهم؛ لقبل الرجل ،ولم يتوقف في قبوله حتى يأتي بمن يعرفه ويعدّله،ولما تحقق من الرجل الذي ادعى معرفته به !
    6 - وعن على بن أبي طالب _رضي الله عنه_أنه قال: ((ما حدثني أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا استحلفته)) .قال الخطيب البغدادي: ((ومعلوم أنه كان يحدثه المسلمون ويستحلفهم مع ظهور اسلامهم، وأنه لم يكن يستحلف فاسقا ويقبل خبره ،بل لعله ما كان يقبل خبر كثير ممن يستحلفهم مع ظهور إسلامهم، وبذلهم له اليمين ،وكذلك غيره من الصحابة روى عنهم أنهم ردوا أخبارا رويت لهم، ورواتها ظاهرهم الإسلام ،فلم يطعن عليهم في ذلك الفعل ولا خولفوا فيه ،فدل على أنه مذهب لجميعهم ،إذ لو كان فيهم من يذهب إلى خلافه لوجب بمستقر العادة نقل قوله إلينا ،ويدل على ذلك أيضا إجماع الأمة على أنه لا يكفي في حالة الشهود على ما يقتضى الحقوق إظهار الإسلام دون تأمل أحوال الشهود واختبارها ،وهذا يوجب اختبار حال المخبر عن الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحال الشهود لجميع الحقوق، بل قد قال كثير من الناس :إنه يجب الاستظهار في البحث عن عدالة المخبر بأكثر مما يجب في عدالة الشاهد، فثبت بما ذكرناه أن العدالة شيء زائد على ظهور الإسلام يحصل بتتبع الأفعال واختبار الأحوال، والله اعلم)) .
    ثانياًـ ومما يؤكد أن إظهار الإسلام لايكف في الحكم بالعدالة عدة أمور،وهي كما يلي:
    الأول:أن الفاسق مردود الشهادة والرواية بنص القرآن ولعلمنا بأن دليل قبول خبر الواحد قبول الصحابة إياه وإجماعهم ولم ينقل ذلك عنهم إلا في العدل , والفاسق لو قبلت روايته لقبل بدليل الإجماع أو بالقياس على العدل المجمع عليه , ولا إجماع في الفاسق ولا هو في معنى العدل في حصول الثقة بقوله , فصار الفسق مانعا من الرواية كالصبا والكفر وكالرق في الشهادة , ومجهول الحال في هذه الخصال لا يقبل قوله فكذلك مجهول الحال في الفسق لأنه إن كان فاسقا فهو مردود الرواية وإن كان عدلا فغير مقبول أيضا للجهل به , كما لو شككنا في صباه ورقه وكفره , ولا فرق .
    الثاني:أن المفتي المجهول الذي لا يدرى أنه بلغ رتبة الاجتهاد أم لا , لا يجوز للعامي قبول قوله , وكذلك إذا لم يدر أنه عالم أم لا , بل سلموا أنه لو لم تعرف عدالته وفسقه فلا يقبل , وأي فرق بين حكاية المفتي عن نفسه اجتهاده وبين حكايته خبرا عن غيره .
    الثالث : أن شهادة الفرع لا تسمع ما لم يعين الفرع شاهد الأصل , وهو مجهول عند القاضي فلم يجب تعيينه وتعريفه إن كان قول المجهول مقبولا . وهذا رد على من قبل شهادة المجهول , ولا جواب عنه . فإن قيل : يلزمه ذكر شاهد الأصل , فلعل القاضي يعرفه بفسق فيرد شهادته . قلنا : إذا كان حد العدالة هو الإسلام من غير ظهور فسق فقد تحقق ذلك فلم يجب التتبع حتى يظهر الفسق . ثم يبطل ما ذكره بالخبر المرسل , فإنهم لم يوجبوا ذكر الشيخ ولعل المروي له يعرف فسقه .
    الرابع : أن مستندنا في خبر الواحد عمل الصحابة وهم قد ردوا خبر المجهول , فرد عمر رضي الله عنه خبر فاطمة بنت قيس وقال : كيف نقبل قول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت ؟،ورد علي خبر الأشجعي في المفوضة وكان يحلّف الراوي , وإنما يحلّف من عرف من ظاهره العدالة دون الفسق . ومن رد قول المجهول منهم كان لا ينكر عليه غيره فكانوا بين راد وساكت , وبمثله ظهر إجماعهم في قبول العدل إذ كانوا بين قابل وساكت غير منكر ولا معترض .
    الخامس : ما ظهر من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه العدالة والعفاف وصدق التقوى ممن كان ينفذه للأعمال وأداء الرسالة , وإنما طلب الأشد [الأتقى] لأنه كان قد كلفهم أن لا يقبلوا إلا قول العدل " .
    ثالثاً ـ شبه واعتراضات وهي أربع :
    الأولى : أنه صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي وحده على رؤية الهلال ،ولم يعرف منه إلا الإسلام . قلنا : وكونه أعرابيا لا يمنع كونه معلوم العدالة عنده صلى الله عليه وسلم إما بالوحي وإما بالخبرة وإما بتزكية من عرف حاله ، فمن يسلم لكم أنه كان مجهولا عنده.
    الثانية : أن الصحابة قبلوا قول العبيد والنسوان والأعراب لأنهم لم يعرفوهم بالفسق وعرفوهم بالإسلام . قلنا : إنما قبلوا قول أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواج أصحابه وكانت عدالتهن وعدالة مواليهم مشهورة عندهم، وحيث جهلوا ردوا كرد قول الأشجعي وقول فاطمة بنت قيس .
    الثالثة : قولهم :لو أسلم كافر وشهد في الحال أو روى ، فإن قلتم لا نقبل شهادته فهو بعيد ، وإن قبلتم فلا مستند للقبول إلا إسلامه وعدم معرفة الفسق منه ، فإذا انقضت مدة ولم نعرف منه فسقا لطول مدة إسلامه لم نوجب رده . قلنا : لا نسلم قبول روايته فقد يسلم الكذوب ويبقى على طبعه ، فما لم نطلع على خوف في قلبه وازع عن الكذب لا نقبل شهادته ، والتقوى في القلب وأصله الخوف وإنما تدل عليه أفعاله في مصادره وموارده فإن سلمنا قبول روايته فذلك لطرق إسلامه وقرب عهده بالدين ، وشتان بين من هو في طراوته وبدايته وبين من قسا قلبه بطول الإلف .
    فإن قيل : إذا رجعت العدالة إلى هيئة باطنة في النفس وأصلها الخوف ، وذلك لا يشاهد بل يستدل عليه بما ليس بقاطع ، بل هو مغلب على الظن ، فأصل ذلك الخوف هو الإيمان ، فذلك يدل على الخوف دلالة - ظاهرة فلنكتف به . قلنا : لا يدل عليه ، فإن المشاهدة والتجربة دلت على أن عدد فساق المؤمنين أكثر من عدد عدولهم ، فكيف نشكك نفوسنا فيما عرفناه يقينا ؟ ثم هلا اكتفي بذلك في شهادة العقوبات وشهادة الأصل وحال المفتي في العدالة وسائر ما سلموه .
    الرابعة : قولهم : يقبل قول المسلم المجهول في كون اللحم لحم ذكي، وكون الماء في الحمام طاهرا وكون الجارية المبيعة رقيقة غير متزوجة ولا معتدة حتى يحل الوطء بقوله ، وقول المجهول في كونه متطهرا للصلاة عن الحدث والجنابة إذا أم الناس ، وكذلك قول من يخبر عن نجاسة الماء وطهارته بناء على ظاهر الإسلام ، وكذلك قول من يخبر الأعمى عن القبلة . قلنا : أما قول العاقد فمقبول لا لكونه مجهولا لكنه مع ظهور الفسق ، وذلك رخصة لكثرة الفساق ولمسيس حاجتهم إلى المعاملات ، وكذلك جواز الاقتداء بالبر والفاجر فلا يشترط الستر ، أما الخبر عن القبلة وعن طهارة الماء فما لم يحصل سكون النفس بقول المخبر فلا يجب قبوله ، والمجهول لا تسكن النفس إليه بل سكون النفس إلى قول فاسق جرب باجتناب الكذب أغلب منه إلى قول المجهول وما يخص العبد بينه وبين الله تعالى فلا يبعد أن يرد إلى سكون نفسه . فأما الرواية والشهادة فأمرهما أرفع وخطرهما عام ، فلا يقاسان على غيرهما ، وهذه صور ظنية اجتهادية ، أما رد خبر الفاسق والمجهول فقريب من القطع " .
    وبعد: فهذا ماتيسر جمعه ،سائلا الله ـ عزّوجل ـ أن يرزقنا الإخلاص والصواب في أقوالنا وأعمالنا وأن يرينا الحق حقّاً ويرزقنا اتباعه،ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه،وصلى الله على نبينا وإمامنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
    وكتب/راجي عفو ربه العلي خالد بن قاسم الردادي المدينة النبوية.



    سئل الشيخ ربيع حفظه الله.: هل الأصل في الناس السنة..؟
    فأجاب: كيف الأصل في الناس السنة وعندنا روافض وعندنا باطنية وعندنا الشيوعيين وعندنا حزبيين وعندنا من كل الأصناف .. كيف الأصل فيهم السنة من قال هذا الكلام .. وابن تيمية رحمه الله يرد على من يقول الأصل في المسلم العدالة
    ولهذا كانوا يقولون (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) أما على رأى القائل الأصل في الناس السنة فخذه من كل من هب ودب .. ا.ه كلامه باختصار


    فتوى الشيخ عبيد الجابري :
    س04:إذا كان الرجل مستور الحال لا يعرف عنه شيء ,هل يجوز السؤال عنه لمعرفة حاله أو لا يجوز وفككم الله ؟.
    الشيخ :لا شك أنه في كل زمان و في كل مكان ,يفد على الناس من لا يعرف ,هذا الذي لا يعرف إن كان وادعا ساكتا ولم يظهر خلافا للحق فإنه يبقى مستورا ,لكن إذا استراب الناس من حال هذا الرجل أو أرادوا منه أمرا من الأمور فلهم أن يختبروا حاله ,ومن الشواهد على ذالك ما رواه مسلم وغيره عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه أنه كانت له جارية ترعى الغنم ,فعدا الذيب فاختطف شاة منها ,فأتى معاوية فلطمها ,ثم استعظم ذلك فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر وقال يا رسول الله أنا بشر كسائر البشر ,فاستعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله إن علي رقبة أولا أعتقها قال **جئني بها أنظر أمؤمنة ثم جاء بها فسألها النبي صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء قال لها من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة **.
    وقديما قالو أعني الأئمة امتحنوا أهل المدينة بمالك بن أنس وأهل الشام بالأوزاعي عبد الرحمن بن عمر وأهل مصر بالليث بن سعد وأهل الموصل بالمعافى بن عمران, فيمتحن الرجل إذا استريب منه أو أريد منه أمر من الأمور فإنه يمتحن وهذا الأمر لا يستطيع الناس دفعه حتى في المعاملات فلو خطب رجل امرأة من أهلها فإنهم مطالبون بالسؤال عن حاله ,هل هو ممن يرض دينه أو خلقه ولا يقال لم يعرف عن هذا شيء,وبهذا يستبين لكم بطلان المقولة **الأصل في المسلم العدالة **ليس كذلك ,هذه المقولة باطلة وكتب الجرح والتعديل شهادة على ما نقول, فلو كان الأصل في المسلمين كلهم العدالة ما احتاج الناس إلى علماء و أئمة, يجرح من جرحوا ويعدل من عدلوا, نعم.

    قال ابو حميد الفلاسي:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    أنقل لك هذا المقال عن الشيخ بدر العتيبي وفقه الله:

    اعلم أن مسألة كون الأصل في المسلم العدالة أم لا ، مسألة خلافية اشتهر الكلام فيها عند أهل العلم في الفقه وعلم الحديث وأصول الفقه من قديم الزمان ، وضمنوا الكلام على هذه المسألة في أبواب الشهادات من أبواب الفقه وأبواب الرواية من كتب الحديث وأصول الفقه ، وقد بوّب الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في كتابه ( الكفاية ) باباً في هذه المسالة وأشار إلى الخلاف ورجح العدم ، فقال رحمه الله : ( باب الردّ على مَن زعم أنَّ العدالة، هي إظهار الإسلام، وعدم الفسق الظَّاهر : الطَّريق إلى معرفة العدل المعلوم عدالته مع إسلامه وحصول أمانته ونزاهته واستقامة طرائقه لا سبيل إليها، إلا باختيار الأحوال، وتتبُّع الأفعال التي يحصل معها العلم من ناحية غلبة الظَّن بالعدالة ، وزعم أهل العراق: أن العدالة هي إظهار الإسلام وسلامة المسلم من فسق ظاهر، فمتى كانت هذه حاله وجب أن يكون عدلاً. ) .

    ثم استطرد في البحث في هذه المسألة .

    وأشار الحافظ ابن حجر في الفتح [5/295] إلى قوة الخلاف في هذه المسألة ، فقال : ( قوله : ( باب إذا عدل رجل رجلا فقال: لا نعلم إلا خيرا أو ما علمت إلا خيراً ) وفي رواية الكشميهني " أحدا " بدل " رجلا" ، قال ابن بطال: حكى الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال ، إذا قال ذلك قبلت شهادته، ولم يذكر خلافا عن الكوفيين في ذلك، واحتجوا بحديث الإفك ، وقال مالك: لا يكون ذلك تزكية حتى يقول رضا أي بالقصر، وقال الشافعي: حتى يقول عدل، وفي قول: عدل علي ولي ، ولا بد من معرفة المزكي حاله الباطنة ، والحجة لذلك أنه لا يلزم من أنه لا يعلم منه إلا الخير أن لا يكون فيه شر، وأما احتجاجهم بقصة أسامة فأجاب المهلب بأن ذلك وقع في العصر الذي زكى الله أهله، وكانت الجرحة فيهم شاذة، فكفى في تعديلهم أن يقال : لا أعلم إلا خيرا، وأما اليوم فالجرحة في الناس أغلب، فلا بد من التنصيص على العدالة ، قلت: لم يبت البخاري الحكم في الترجمة، بل أوردها مورد السؤال لقوة الخلاف فيها ) .

    فذهب جمهور العلماء إلى أن العدالة ليست أصلاً في المسلم ، لأنها وصف زائد على الإسلام فقد يثبت الإسلام بدونها ، وذلك لأن العدالة ملكة ، والملكات مسبوقة بالعدم ، وخالفهم أبو حنيفة – رحمه الله – وقال بأن ثبوت الإسلام كافٍ لثبوت العدالة ، ومنهم من حمل قول أبي حنيفة على عصره لأنه من القرون المفضّلة ، وقد قرر الخلاف في ذلك جماعة من العلماء في عامة كتب الفقه وأصوله وقواعد الحديث ، وقال القرطبي : ( ( قوله تعالى: { ممن ترضون من الشهداء } في موضع رفع على الصفة لرجل وامرأتين. قال ابن بكير وغيره: هذه مخاطبة للحكام. ابن عطية: وهذا غير نبيل، وإنما الخطاب لجميع الناس، لكن المتلبس بهذه القضية إنما هم الحكام، وهذا كثير في كتاب الله يعم الخطاب فيما يتلبس به البعض. لما قال الله تعالى: "ممن ترضون من الشهداء" دل على أن في الشهود من لا يرضي، فيجيء من ذلك أن الناس ليسوا محمولين على العدالة حتى تثبت لهم، وذلك معنى زائد على الإسلام، وهذا قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: كل مسلم ظاهر الإسلام مع السلامة من فسق ظاهر فهو عدل وإن كان مجهول الحال. وقال شريح وعثمان البتي وأبو ثور: هم عدول المسلمين وإن كانوا عبيدا، قلت فعمموا الحكم ) .

    وتقدم إشارة الخطيب البغدادي إلى هذا الخلاف ونسبته لبعض الكوفيين ويعني به أبا حنيفة .

    ولكل من القولين أدلة من الكتاب والسنة يستند إليها ، فكيف يقال بأن المسألة محل إجماع بين العلماء ؟! .

    ومع ذلك فمقام التحقيق في المسألة أن لا تلازم بين كون الأصل في المسلم عدم العدالة ، وبين كون الأصل فيه السلامة ، فكما وجب اشتراط ثبوت العدالة لكونها وصف زائد لا تثبت بدليل ، فكذلك الجرح وصف زائد يشترط في ثبوته الدليل مع البراءة الأصلية فيه ، وتغليب سلامة المسلم من العيب لأنه الأصل فيمن حمل مسمى الإسلام ، والله تعالى امتدح الأمة بكونها ( أمة وسطا ) قال غير واحد من المفسرين : عدلا ، ومن ثمَّ قد يكون فيهم العدل وغير العدل فالوسطية بمعنى العدالة هنا من العام الذي أريد به الخصوص ، أو العام المخصوص لمن قامت به العدالة ، قاله بنحوه الحافظ ابن حجر .

    وعلى هذا فلا تلازم بين اشتراط ثبوت العدالة ، وبين نفي السلامة ، فليس كل من لم تثبت عدالته ، يعني عدم سلامته ، وغاية ما في الأمر أن المسلم في أصله السلامة ، وهذه العبارة هي الأسلم وحبذا لو أثبتت في مقالي السابق ، بدل قولي ( الأصل فيه العدالة ) ، وهي التي كنت أعني ، ووصفنا له بالسلامة عملاً بحكم الظاهر ، حيث لم يظهر لنا منه ما يقدح في دينه ، ولهذا قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إنَّ أُناساً كانوا يؤخذون بالوحْيِ في عهد رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وإنَّ الوَحْي قد انْقطع، وإنما نؤاخذُكمُ الآن بما ظهر لَنَا مِنْ أَعمالكم فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء: الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه. وإن قال: إن سريرته حسنة) رواه البخاري .

    قال الصنعاني في ( سبل السلام ) معلّقاً على هذا الأثر : ( استدل به على قبول شهادة من لم يظهر منه ريبة نظراً إلى ظاهر الحال، وأنه يكفي في التعديل ما يظهر من حال المعدل من الاستقامة من غير كشف عن حقيقة سريرته، لأن ذلك متعذر إلا بالوحي وقد انقطع، وكأن المصنف أورده وإن كان كلام صحابي لا حجة فيه، لأنه خطب به عمر وأقره من سمعه فكان قول جماهير الصحابة، ولأن هذا الذي قاله هو الجاري على قواعد الشريعة ) .

    ومع ذلك فإنه إذا قيل بأنه ليس الأصل في المسلم العدالة ، فالأمر مقيد في أبواب معينة من أبواب الدين وخاصة في بابي الراوية والشهادة ، وسائر ما يترتب عليه اشتراط سلامة المسلم من العيوب ، فكل ما كان فيه وجوب ثبوت العدالة فلا بدّ من التحري في ثبوتها .

    وأما سائر حقوق الإسلام فإن من ظهر لنا إسلامه يجب أن يعامل بها ، لأن الأصل فيه السلامة ، حتى يتبين لنا منه خلافها .

    فلا يجوز للمرء أن يتجاسر بالطعن في أعراض المسلمين اليوم ، وأن من لم تظهر منه مقالة في السنة ، أو الانتماء إلى أهلها أو لبعض أهلها أنه ليس منهم ! ، فإن هذا من الظلم الذي حرمه الله تعالى على عباده ، وهذا ما يعنيه شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى في فتواه التي نقلتها عنه من سؤالي له ، وذلك لأن بعض الإخوان – هداهم الله – جعل الأصل في كل من تكلم اليوم أو كتب أنه ليس على السنة! ، وجعل علامة السنة عنده إما أن يطعن في أشخاص معينين ، أو طوائف معينة ، أو أن ينضم إلى أشخاص معينين ! ، وهذا من وخيم التجاسر الذي يُشتكى منه في هذا الزمان ، مع ما فيه من الجهل في تطبيق ما أثر عن السلف في التحذير من أهل البدع وهجرهم ، والامتحان بأئمة السنة الذين أجمعت الأمة على فضلهم .

    كما أنني أختم لكم أخي الفاضل كلمتي هذه بالوصية بالاشتغال بالعلم ، والاكتفاء في نقد الرجال والطوائف بما قاله أهل العلم بالجرح والتعديل في كل عصر ، لأنهم أعرف بالمنكر ووجه الإنكار وطريقته ، وأما طلاب العلم فعليهم الاستجابة ، ونشر قولهم فقط ، فقد كفاهم أهل العلم بذلك ، ثم ليسألوا ربهم العافية ، وذلك لأن التمادي في الكلام في الأشخاص قد يؤدي إلى الظلم والبغي أحياناً ، والمسلم ينبغي أن يراقب الله في ذلك ، لأن التحذير من أهل البدع وبيان حالهم ، عقوبة لهم ، والعقوبات مبناها على العدل ، فلا يجوز أن يعاقب شخص بأكثر مما يستحقه شرعاً ، حتى في ألفاظ الجرح فكيف بالمعاملة ؟! ، وتقدم في ما كتبت لكم سابقاً أن الأصل في الأعراض الحرمة ، وأبيح الكلام فيها للضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها ، قال السخاوي في شرحه لألفية الحديث : ( لا يجوز التجريح بشيئين إذا حصل بواحد ) .

    ونقل فيه أيضاً عن العز بن عبدالسلام أنه قال في [ قواعده ] : ( إنه لا يجوز للشاهد أن يجرح بذنبين مهما أمكن الاكتفاء بأحدهما ، فإن القدح إنما يجوز للضرورة ، فيقدر بقدرها ) .

    وقال أيضاً في ( الإعلان بالتوبيخ ) : ( وإذا أمكنه الجرح بالإشارة المفهمة أو بأدنى تصريح لا تجوز له الزيادة على ذلك ، فالأمور المرخص فيها للحاجة لا يرتقى فيها إلى زائدٍ على ما يحصّل الغرض ، وقد روّينا عن المزني قال : سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول : فلان كذاب ، فقال لي : يا إبراهيم أكس ألفاظك ، أحسنها ، لا تقل : كذاب ، ولكن قل : حديثه ليس بشي ، ونحوه أن البخاري كان لمزيد ورعه قل أن يقول : كذاب أو وضاع ، أكثر ما يقول : سكتوا عنه ، فيه نظر ، تركوه ، ونحو هذا ، نعم ربما يقول : كذبه فلان ، أو رماه فلان بالكذب ) .

    وقال القرافي في [ الفروق ] في الفرق بين قاعدة الغيبة المحرمة ، وقاعدة الغيبة التي لا تحرم ، عندما ذكر أسباب إباحة الغيبة التي لا تحرم : ( ويشترط في هذا القسم : أن تكون الحاجة ماسّة لذلك ، وأن يقتصر الناصح في ذكر العيوب على ما يخلّ بتلك المصلحة خاصة ، التي حصلت المشاورة فيها ، أو التي يعتقد الناصح أن المنصوح شرع فيها .. ) .

    قال مقيده : ومن نظر في عبارات أئمة الجرح والتعديل في كتبهم وجدها تدور غالباً على كلمة واحدة : ( كذاب ، متروك ، متهم ، سيئ الحفظ ، يسرق الحديث ، مبتدع ، خبيث ، تركوه ) ونحو هذا ، وجعلوا ذلك في كتب الرجال فقط ، ولم يطردوها في كل حين وآن ، ومتى ذكروا ، فلكل مقام مقال يقتضيه ، ولهذا وجد في ما أسندوه أسماء أشخاص من أهل البدع ، ولم يقولوا حدثنا فلان المبتدع عن فلان الجهمي عن فلان الخبيث ! ، ونحو هذا ، وقد يقع من بعض أهل السنة ذلك أحياناً كما قال عيسى بن يونس حدثنا ثور وكان قدريا ، وكما قال قتيبة حدثنا جرير الحافظ المقدم ولكنّي سمعته يشتم معاوية علانية .

    كما أنه قد يوجد في عبارات أئمة الجرح والتعديل بعض الإكثار من ذم الرجل عامتها لأسباب يقتضيها المقام ، ومنها ما يكون فيه مبالغة لا تقبل ، وقد أنكر الحافظ ابن عبدالبر في [ الجامع لبيان العلم وفضله ] جملة من ألفاظ العلماء بعضهم في بعض .

    وسألت شيخنا شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز – قدس الله روحه – عن المبتدع إذا كان فيه صفة خلقية أو خُلقية هل تذكر ؟ ، فقال لي : ( لا .. لا .. حذر من بدعته فقط ) .

    فكيف بمن يندلق لسانه في شتى المجتمعات بشتى أصناف الجرح في الأشخاص مما يكشف عن سرّ طويته وأن ذلك للتشفي والتشهي وقلة الورع ، ومراقبة الله .

    بل كيف بمن يتجاسر اليوم على تتبع العورات ، حتى تجرأ البعض إلى البحث عن أعراض ذوي من يريدون جرحه من النساء والذرية ، فيعيرونه بهم ؟! ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، والله يعصمنا وإياكم أخي الكريم من مخالفة أمره ، ويرزقنا حسن الاتباع ، ويجنبا سبل الهوى والابتداع ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    تم تحريره يوم الأربعاء الموافق من شهر جمادى الآخرة سنة 1424 بمدينة الحوية ، بيد أفقر خلق الله :

    بدر بن علي العتيبي غفر الله له ولوالديه ومشايخه وجميع المسلمين.

    http://www.sahab.net/sahab/showthread.php?postid=438131
    منقول

  • #2
    مادة دسمة أحسن الله إليك

    تعليق

    يعمل...
    X