السائل: فضيلة الشيخ! هناك سؤال في مجال الدعوة، يقول: الرفق والسماحة ولين الجانب من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل توفر الرفق واستعماله واجب في الدعوة أم مستحب؟
الشيخ: واجب.
السائل: السؤال له مغزى وله هدف.
الشيخ: طبعاً؛ وراء الأكمة ما وراءها.
السائل: السلفيون بشتى أصنافهم مشهورٌ عنهم -وقد يكون صحيحًا- الشدة في نشر الدعوة وقلة الرفق، فهل ترى أن هذا صحيحٌ -وهذا ما أراه أنا- وما هو تعليقك على ذلك؟
الشيخ: أولاً في كلامك ملاحظة، وهي قولك: وقد يكون صحيحاً.
السائل: قلت: فهل تراه صحيحاً.
الشيخ: أولاً: قلتَ: وقد يكون صحيحاً، أي: ما يقال عنهم من الشدة؟
السائل: معذرة.
الشيخ: قلت هذا؟
السائل: نعم، وأرجو المعذرة.
الشيخ: فهنا الملاحظة، نحن نلفت نظر إخواننا حينما يتكلمون بمثل هذا الكلام، نقول: هذا الكلام للسياسيين، وقد لا يعنونه، لكنه:
إن الكلام لفي الفؤاد *** وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فحينما يقول المتكلم في أمرٍ ما: قد يكون كذا، فيقابله: قد لا يكون كذا، فهنا يَرِدُ على سؤالك أمران اثنان، وبعد ذلك نتابع الجواب: هل أنت متأكد من هذا الذي يقال: إن السلفيين لا لين عندهم وإنما الشدة هي نبراسهم أو هي منهجهم؟ وأنت فتحت لي باب هذا السؤال؛ لأنك قلت: وقد يكون صحيحاً!
السائل: يا شيخ! أنا قلت: معذرة من قولي: قد يكون.
الشيخ: هكذا؟
السائل: نعم.
الشيخ: إذاً نسمع الكلام الصحيح، ما هو؟
السائل: هل أعيده؟
الشيخ: لا تُعده لأنه خطأ، وإلا من ماذا تعتذر، تعيد على الوجه الصحيح بدون (قدقدة)، هل كلامي واضح؟
السائل: نعم.
الشيخ: تفضل.
السائل: السؤال من أوله.
الشيخ: لا بأس، وهذا لك الخيار فيه.
السائل: نحن قلنا -وأنت أجبت وهذا حاصل- أن الرفق، والسماحة، ولين الجانب، واجب في الدعوة، وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية، كما ذكرت أنه يجب توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس المدعوين، فالسلفيون مشهور عنهم -فيما أراه أنا- الشدة وقلة الرفق في الدعوة، فهذا رأيي أنا، فما هو رأيك؟
الشيخ: أنت منهم؟
السائل: أرجو ذلك.
الشيخ: أنت منهم، هل أنت سلفي؟
السائل: نعم.
الشيخ: إذاً: هل أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين؟
السائل: لا أزكي نفسي، أنا أقصد سمة بارزة لهم.
الشيخ: القضية الآن ليست قضية تزكية، بل قضية بيان واقع، وقلنا: إنك الآن تثير هذا السؤال من أجل التناصح، فأنا عندما أسألك: هل أنت من هؤلاء المتشددين؟ ما يرد هنا موضوع (أنا لا أزكي نفسي)، لأنك تريد أن تبين الواقع، بمعنى أنك لو سألتني هذا السؤال لقلت لك: أنا فيما أظن لست متشدداً، وأنا لا أعني أنني أزكي نفسي؛ لأني أخبر عن واقعي، ففكر في السؤال.
السائل: نعم يا شيخ وجوابي مثل جوابك.
الشيخ: إذاً: لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون، والصواب أن نقول: بعضهم متشددون، فإذاً نقول: إن بعض السلفيين عنده أسلوب في الشدة، لكن تُرى هل هذه الصفة اختص بها السلفيون؟
السائل: لا.
الشيخ: إذاً: ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال؟ ثانياً: هل اللين الذي قلنا أنه واجب، هل هو واجب دائماً وأبداً؟
السائل: لا.
وجود بعض صور الشدة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ: فإذاً أولاً: لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على جميعهم. ثانياً: لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين، سواءً كان سلفياً أو خلفياً في حدود تعبيرنا، إلا في جزئية معينة، ما دمنا اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائماً وأبداً، فنحن نجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد استعمل الشدة التي لو فعلها سلفي اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار. مثلاً: لعلك تعرف قصة أبي السنابل بن بعكك؟
السائل: لا.
الشيخ: امرأة مات عنها زوجها وهي حامل فوضعت، وكان قد بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها للحمل، يقول في الحديث -وهو في صحيح البخاري- أنها بعد أن وضعت تشوفت للخطاب وتجملت وتكحلت، فرآها -أبو السنابل- وكان قد خطبها لنفسه فأبت عليه- فقال لها: لا يحل لك إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام -وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها- فما كان منها إلا أن سارعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال لها أبو السنابل، فقال عليه السلام: "كذب أبو السنابل" هذه شدة أم لين ؟
السائل: شدة.
الشيخ: شدة ممن؟ من أبي اللين: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران:159]، إذاً ليس مبدأ اللين بقاعدة مطردة كما ذكرنا آنفاً، وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها.
وكذلك -مثلاً- ما جاء في مسند الإمام أحمد: (لما خطب عليه الصلاة والسلام خطبة قام رجل من الصحابة وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله! قال: "أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله وحده" هذه شدة أم لين؟
السائل: أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: هذه أنا أسميها حيدة؛ لأنك لم تجبني كما أجبتني من قبل، عندما قلت لك: إن أبا السنابل قال عليه الصلاة والسلام في حقه: "كذب أبو السنابل"، شدة أم لين؟
السائل: هذه شدة.
الشيخ: وهذه الثانية؟
السائل: بيّن له فقط وقال: "أجعلتني لله نداً؟!".
الشيخ: هذه حيدة بارك الله فيك، أنا ما أسألك: بيّن أم لم يُبيّن؟ أنا أسألك: شدة أم لين؟ لماذا الآن اختلف منهجك في الجواب؟ من قبل ما قلتَ: بيّن له، لما قال له: "كذب أبو السنابل"، هو بين، ولكن هذا البيان كان بأسلوب هين لين -كما اتفقنا أنه القاعدة- أم كان فيه شدة؟ قلتها بكل صراحة: كان فيه شدة. فماذا تجيب به عن السؤال الثاني؟
السائل: السؤال الثاني لم يقل له: (كذب..)، وإنما قال له: "أجعلتني لله نداً".
الشيخ: الله أكبر! هذا أبلغ في الإنكار، بارك الله فيك، وهناك حديث آخر: قام خطيب فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت" شدة أم لين؟
السائل: شدة.
الشيخ: المهم بارك الله فيك، هناك أسلوب لين، وأسلوب شدة، فالآن بعد أن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطردة باستمرار: لين دائماً أو شدة دائماً، إذاً تارة هكذا وهكذا.
أسباب وصف السلفيين بالشدة
الآن: حينما يتهم السلفيون بعامة أنهم متشددون، ألا ترى أن السلفيين بالنسبة لبقية الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين؟
السائل: لا شك في ذلك.
الشيخ: بارك الله فيك! إذاً بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية، فإن الآخرين يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ولو كان مقروناً باللين- شدة، بل بعضهم يقول: هذا ليس زمانه اليوم، بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم. فإذاً: بارك الله فيك! الذي أريد أن أصل معك إليه هو: أن القضية نسبية، فهناك إنسان ليس متحمساً للدعوة -وخاصة للدخول في الفروع التي يسمونها القشور أو أموراً ثانوية- فهو يعتبر البحث ولو كان مقروناً بالأسلوب الحسن؛ يعتبره شدة في غير محلها. ولا ينبغي وأنت سلفي -مثلنا- أن تشيع بين الناس -ولو بين هؤلاء الناس القليلين الآن- وتذكر أن السلفيين متشددون؛ لأننا اتفقنا أن بعضهم متشدد، وهذا لا يخلو حتى من الصحابة، ففيهم اللين وفيهم المتشدد، ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فهمَّ الصحابة بضربه، هذا لين أم شدة؟
السائل: شدة.
الشيخ: لكن قال لهم الرسول: "دعُوهُ"، فإذاً قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله والشدة في محلها. أما أن نصف خير الطوائف الإسلامية، التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة، وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة، هكذا على الإطلاق؟ ما أظن هذا من الإنصاف في شيء، بل هو من السرف. أما أن يقال: فيهم من هو متشدد؛ فمن الذي يستطيع أن ينكر؟ ما دام أن من الصحابة من كان متشدداً في غير محل شدة، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا -خلف بالمعنى اللغوي- بأن يوجد فينا متشدد، ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه، هب أنه هين لين، هل ينجو من استعمال الشدة في غير محلها؟
السائل: لا، أبداً.
الشيخ: فإذاً: بارك الله فيك! القضية مفروغ منها، فإذا كان الأمر كذلك فما علينا إلا أن نتناصح، فإذا رأينا إنساناً وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ذكرناه، فقد يكون له وجهة نظر، فإن تذكر فجزاه الله خيراً، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه وينتهي الأمر.
السائل: كثير من السلفيين يستخدمون الشدة ولا يستخدمون اللين، فيستخدمون الشدة في غير موضعها، ولا يستخدمون الرفق في موضعه، وليسوا قليلاً، أنا أقول: كل الطوائف تفعل هذا، وأنا لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى، فأنا لا يهمني أمر الطوائف الأخرى، بل يهمني أمر السلفيين، فكثير من السلفيين يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم للناس، فأنا قصدت من السؤال أن توجه نصيحة لمن ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر.
الشيخ: بارك الله فيك، ويحتاج إلى واحد مثلي لكي يوجه النصيحة، والسلفيون وغير السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفًا ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل:125]، ويقرأ السلفيون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: (حينما جاء ذلك اليهودي مسلِّماً على النبي صلى الله عليه وسلم لاوياً لسانه قائلاً: السام عليكم، فسمعت السيدة عائشة هذا السلام الملوي فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين -كما جاء في الحديث غضباً- فكان جوابها: وعليك السام واللعنة والغضب, يا إخوة القردة والخنازير! أما الرسول فما زاد على قوله لـه: وعليك، ولما خرج اليهودي من عند الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر صلى الله عليه وسلم عليها وقال لها: ياعائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، قالت: يا رسول الله ألم تسمع ما قال؟ قال لها: ألم تسمعي ما قلته.
فإذاً السيدة عائشة التي ربيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة، ما وسعها إلا أن تستعمل الشدة مكان اللين، فماذا نقول في غيرها؟ السلفيون لم يربوا في بيت النبوة والرسالة، بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يوماً ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني: إن آفة العالم الإسلامي اليوم مقابل ما يقال في الصحوة الإسلامية، هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية الإسلامية، لا يوجد تربية إسلامية اليوم، ولذلك فأنا أعتقد أن أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمناً طويلاً حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل الناشئ الآن في حدود الصحوة الإسلامية، ففيها تصرفات وعثرات، لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل، ومنهم القريب ومنهم البعيد، ولذلك فمِن الناحية الفكرية والعلمية، سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة، لكن المهم التطبيق، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد وإلى مربي يربي تحته عشرات من طلاب العلم، وهؤلاء يتخرجون على يد هذا المربي مربين لغيرهم، وهكذا تنتشر التربية الإسلامية رويداً رويداً، بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة، وبلا شك أن الأمر كما قال تعالى: ((وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)) [فصلت:35] .
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط لا إفراط ولا تفريط.
السائل: جزاك الله خيراً يا شيخ.
السؤال: أحياناً يلاقي السني ممن يقابله من أهل البدع عتواً واستكباراً، والأمر كما أمر الله عز وجل موسى باللين مع فرعون قال لـه: ((وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)) [الإسراء:102] يوجد دكاترة في الكلية يستهزئون بنا عندما نقول لهم: قال الرسول، ويمثلون صلاة السلفيين وبعض التصرفات، فيخرج الإنسان عن طوره ويستعمل معهم الشدة، وأعجبني المثل الذي سمعته منك يا شيخ الذي يقول: قال الحائط للوتد: لِمَ تشقني؟ قال: سل من يدقني.
سائل آخر: وكذلك في إحدى المرات كنا نناقش بعض أفراد حزب التحرير -وكما لا يخفى عليكم هدفهم هو مسألة الخلافة، ونحن بحمد لله هدفنا أولاً العقيدة والتوحيد- فلما بدأنا معهم في البحث العلمي من الأساس -كما تعلمنا منكم- فجاءت مسألة الأسماء والصفات، فكان أحدهم ومن كبارهم يقول: نحن ننتظر طول الليل بإصبعه ورجله! يستهزئ بصفات الله عز وجل. فماذا نقول لهذا؟
الشيخ: على كل حال، نسأل الله أن يؤتينا الحكمة وهي أن نضع كل شيء في محله.
السائل: عمر لما قال له رجل: استغفر لأخيك، قال: لا غفر الله له.
الشيخ: عندي أمثلة كثيرة جداً، يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر عن عمر أن رجلاً قال له: استغفر لأخيك، فقال: لا غفر الله له. ما رأيك في هذا؟ لا شك أنك لو رأيتني أقول هذه الكلمة لقلت: الشيخ متشدد، لكن هنا يكون في نفس المُنكِر الغيرة على الشريعة فتحمله أن يقسو في العبارة، بينما ذلك المتفرج لا توجد لديه هذه الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان فيخرج منه هذا الكلام. وهنا عندنا في سوريا يقولون: (شوها الشدة يا رسول الله؟) هذه لهجة سورية خاطئة، يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن الشدة صادرة منه صلى الله عليه وسلم، وهم يعنون هذا الإنسان..سبحان الله!
وجوب العدل والإنصاف في تقييم الآخرين
المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي، حتى الإنسان يكون حكمه عدلاً، ثم أيضاً مما يبدو لي الآن أن من أسباب إشاعة هذه التهمة -إذا صح أنها تهمة- عن السلفيين، تعرف أنت أن من كثر كلامه كثر خطؤه، فالذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون، فلذلك لا بد أن يخطئوا لكثرة ما يتكلمون، فيتجلى خطؤهم، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين هم لا يجولون ولا يخوضون في هذه القضايا، بينما لو نظرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل وعلى الإنصاف واللين؛ لوجدنا من مثل بعض الأمثلة التي ذكرناها عن بعض السلف وأمام الرسول عليه السلام فيها شدة، ولكن هذه الشدة لا تسوغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة الذين وقعوا في الشدة في جزئية معينة أنهم كانوا متشددين، وإنما قد نقع -ما قلنا- أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة.
السائل: كانت السمة البارزة عليه اللين والرفق، حتى وإن قال: كذب فلان، أو أجعلتني لله نداً.. وما شابهه.
الشيخ: نعم.
[المصدر : سلسلة الهدى والنور – الشريط رقم: 595 للمحدث العلامة الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله]
تعليق