فضل العلم والعلماء والرد على من يتنقصهم
عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي
راوي الحديث :
عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري أبو الدرداء مختلف في اسم أبيه وأما هو فمشهور بكنيته وقيل اسمه عامر وعويمر لقب صحابي جليل أول مشاهده أحد وكان عابدا مات في أواخر خلافة عثمان وقيل عاش بعد ذلك
التعليق :
1- العلم الشرعي هو أشرف العلوم إذ به يعرف الطريق إلى الله تعالى، وبه يميز بين الحق والباطل والهدى والضلال والحرام والحلال، وأهله القائمون بحقه من الاستقامة على السنة والعمل بها والدعوة إليها والذب عنها هم من أعلى الناس مقاماً عند الله ولذا نوه بشأنهم وأشاد بمنزلتهم فقال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط) فلو كان ثَمّ أشرف من أهل العلم لاستشهدهم مع شهادة نفسه وملائكته. وقال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) أي الخشية الحقيقية الكاملة. وأمر بالرجوع إليهم فقال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) . وأمر بطاعتهم فيما يبلغونه من دين الله كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فإن أولي الأمر حملها كثير من أهل العلم على العلماء والأمراء.
وفي حديث الباب يبين صلى الله عليه وسلم أن طلب العلم طريق إلى الجنة وأن لطالب العلم منزلة عند الله حتى إن الملائكة لتضع أجنحتها توقيراً وتقديراً له ورضا بصنيعه ، وأن العلماء أفضل من العباد لأن العابد نفعه لنفسه بينما العالم ينفع نفسه وغيره ، وأن الله سبحانه قد ألهم كل شي حتى الحيتان في بحرها أن تستغفر لأهل العلم لأنهم ينهون عن الفساد فيكثر الخير ويقل الشر ويدفع الله العقوبات العامة بسبب ذلك فينالها من خيرهم، كما أنهم يبينون للناس ما يحل وما يحرم فيكف الله عنها بسببهم بعض عدوان بني آم إلى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها إلا الله.
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء لا يورثون شيئاً من الدنيا فما تركوه صدقة ، يشترك في ذلك جميع الأنبياء حتى زكريا الذي قال (هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً) فالمقصود هنا وراثة النبوة لا وراثة التركة الدنيوية.
وكون الأنبياء لا يورثون شيئاً بل ما تركوه يكون صدقة هذا من لطف الله بأنبيائه فمن من مصالح هذا الحكم قطع الطريق على السفهاء والمغرضين الذين قد يقولون إنه لم يدع النبوة إلا لينفع أهله وولده وقرابته.
وإذا كان الأنبياء لم يورثوا شيئاً من حطام الدنيا فإنهم قد ورثوا أغلى الكنوز وأثمنها وهو العلم الشرعي الذي أوحاه الله إليهم. فنعم التركة. ونعم الوارث من أخذ بنصيبه منه ثم قام بحقه.
والأمر بتوقير العلماء واحترامهم وحفظ حقوقهم هو عين الحكمة لأنه من تعظيم الميراث الذي يحملونه في صدورهم ولأنهم إذا لم يوقروا لم ينتفع بعلمهم ثم يموت العالم ولا يوجد في الناس من يخلفه فيضل الناس ضلالاً كبيراً والعياذ بالله.
2- من مسالك أهل البدع والأهواء الطعن في علماء السنة وتنقصهم وازدراؤهم وازدراء علومهم تنفيراً للناس عنهم ، وقد ورثوا هذا المسلك من المشركين أعداء الرسل وأعداء أتباعهم فإن أعداء الرسل كانوا يصفون الرسل _سادة الخلق والهداة إلى الحق _ بالسفاهة والجنون والكذب وأنهم يدّعون ما يدّعون من النبوة والرسالة بتأثير السحر فيهم أو تلبس الجن بهم ويصفون أتباعهم بالأراذل إلى غير ذلك مما جاء في كتاب الله تعالى من الحكاية عنهم. وأهلُ البدع فيهم نوع شبه بهم لذا يناصبون ورثة الأنبياء بحق وصدق أشد العداوة ويتعرضون لهم بأشد أنواع الظلم والبغي والبهت والعياذ بالله.
ومن أول الفرق طعناً في أهل العلم الخوارج فإنهم طعنوا في الصحابة الذين شهدوا وقعة الجمل وصفين وسبوهم وكفروهم وقاتلوهم، وكذا الرافضة وأمرهم بيّنٌ مشهور فمن يسب أبا بكر وعمر وعثمان وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فماذا أبقى من الشر ؟؟
وكذا المعتزلة فإنهم من أشهر الطاعنين في علماء الأثر الساخرين منهم. ومن أخبارهم التي سجلها التاريخ عليهم ما رواه ابن قتيبة عن عمرو بن النضر قال مررت بعمرو بن عبيد _ أحد رؤوس المعتزلة_ فجلست إليه فذكر شيئا فقلت ما هكذا يقول أصحابنا قال ومن أصحابك؟ قلت: أيوب وابن عون ويونس والتيمي.
فقال: أولئك أرجاس أنجاس أموات غير أحياء
قال ابن قتيبة معلقاً على هذه المقالة الشنيعة : وهؤلاء الأربعة الذين ذكرهم غُرّة أهل زمانهم في العلم والفقه والاجتهاد في العبادة وطيب المطعم وقد درجوا على ما كان عليه من قبلهم من الصحابة والتابعين وهذا يدل على أن أولئك أيضا عنده أرجاس أنجاس)
وطعن في الحسن البصري وابن سيرين وفي علمهما بقوله كما قال الشاطبي في الاعتصام "وروى عن إسماعيل بن علية قال حدثني اليسع قال تكلم واصل بن عطاء يوما - يعنى المعتزلي - فقال عمرو بن عبيد ألا تسمعون ما كلام الحسن وابن سيرين - عندما تسمعون - إلا خرقة حيض ملقاة
روى أن زعيما من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه فكان يقول إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة".
وكان واصل بن عطاء يطعن فيمن شهد الجمل كعلي وعائشة وطلحة والزبير ويحكم بفسقهم ويقول لو شهدوا عنده على بقل لم يقبل شهادتهم لأن أحد الفريقين فاسق _والعياذ بالله_
وكان النظّام وهو من كبار شيوخ المعتزلة يذم زيد بن ثابت وعثمان وابن مسعود وأبا هريرة ويسخر منهم سخرية مقيتة كما سجل ذلك عليه ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث..
ولا يزال هذا ديدن أهل الأهواء إلى عصرنا هذا فهاهم يصفون كبار علماء السنة بأنهم علماء حيض ونفاس، وأنهم علماء سلطة، وأنهم يعيشون في أبراج عاجية لا ينزلون إلى الناس. وأنهم لا يفقهون الواقع، وأنهم مكتبات متنقلة لكنهم شيوخ محنطون فَهُم دون مستوى مشكلات عصرهم إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة المنفرة.
وهذا يدل على مرض قلوبهم وسوء طويتهم وتنكبهم سبيل السلف الصالح وانحرافهم عن هدي القرآن والسنة وإلا فلا سبب لهذه العداوة إلا أن هؤلاء العلماء أفسدوا عليهم أهواءهم وضلالاتهم بأدلة الكتاب والسنة كما كان رؤوس أهل الأهواء يبغضون الحديث وأهل الحديث لأنهم يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف أهواءهم نسأل الله العافية من الخطل والعصمة من الزلل .
منقول
عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي
راوي الحديث :
عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري أبو الدرداء مختلف في اسم أبيه وأما هو فمشهور بكنيته وقيل اسمه عامر وعويمر لقب صحابي جليل أول مشاهده أحد وكان عابدا مات في أواخر خلافة عثمان وقيل عاش بعد ذلك
التعليق :
1- العلم الشرعي هو أشرف العلوم إذ به يعرف الطريق إلى الله تعالى، وبه يميز بين الحق والباطل والهدى والضلال والحرام والحلال، وأهله القائمون بحقه من الاستقامة على السنة والعمل بها والدعوة إليها والذب عنها هم من أعلى الناس مقاماً عند الله ولذا نوه بشأنهم وأشاد بمنزلتهم فقال تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط) فلو كان ثَمّ أشرف من أهل العلم لاستشهدهم مع شهادة نفسه وملائكته. وقال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) أي الخشية الحقيقية الكاملة. وأمر بالرجوع إليهم فقال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) . وأمر بطاعتهم فيما يبلغونه من دين الله كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فإن أولي الأمر حملها كثير من أهل العلم على العلماء والأمراء.
وفي حديث الباب يبين صلى الله عليه وسلم أن طلب العلم طريق إلى الجنة وأن لطالب العلم منزلة عند الله حتى إن الملائكة لتضع أجنحتها توقيراً وتقديراً له ورضا بصنيعه ، وأن العلماء أفضل من العباد لأن العابد نفعه لنفسه بينما العالم ينفع نفسه وغيره ، وأن الله سبحانه قد ألهم كل شي حتى الحيتان في بحرها أن تستغفر لأهل العلم لأنهم ينهون عن الفساد فيكثر الخير ويقل الشر ويدفع الله العقوبات العامة بسبب ذلك فينالها من خيرهم، كما أنهم يبينون للناس ما يحل وما يحرم فيكف الله عنها بسببهم بعض عدوان بني آم إلى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها إلا الله.
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء لا يورثون شيئاً من الدنيا فما تركوه صدقة ، يشترك في ذلك جميع الأنبياء حتى زكريا الذي قال (هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً) فالمقصود هنا وراثة النبوة لا وراثة التركة الدنيوية.
وكون الأنبياء لا يورثون شيئاً بل ما تركوه يكون صدقة هذا من لطف الله بأنبيائه فمن من مصالح هذا الحكم قطع الطريق على السفهاء والمغرضين الذين قد يقولون إنه لم يدع النبوة إلا لينفع أهله وولده وقرابته.
وإذا كان الأنبياء لم يورثوا شيئاً من حطام الدنيا فإنهم قد ورثوا أغلى الكنوز وأثمنها وهو العلم الشرعي الذي أوحاه الله إليهم. فنعم التركة. ونعم الوارث من أخذ بنصيبه منه ثم قام بحقه.
والأمر بتوقير العلماء واحترامهم وحفظ حقوقهم هو عين الحكمة لأنه من تعظيم الميراث الذي يحملونه في صدورهم ولأنهم إذا لم يوقروا لم ينتفع بعلمهم ثم يموت العالم ولا يوجد في الناس من يخلفه فيضل الناس ضلالاً كبيراً والعياذ بالله.
2- من مسالك أهل البدع والأهواء الطعن في علماء السنة وتنقصهم وازدراؤهم وازدراء علومهم تنفيراً للناس عنهم ، وقد ورثوا هذا المسلك من المشركين أعداء الرسل وأعداء أتباعهم فإن أعداء الرسل كانوا يصفون الرسل _سادة الخلق والهداة إلى الحق _ بالسفاهة والجنون والكذب وأنهم يدّعون ما يدّعون من النبوة والرسالة بتأثير السحر فيهم أو تلبس الجن بهم ويصفون أتباعهم بالأراذل إلى غير ذلك مما جاء في كتاب الله تعالى من الحكاية عنهم. وأهلُ البدع فيهم نوع شبه بهم لذا يناصبون ورثة الأنبياء بحق وصدق أشد العداوة ويتعرضون لهم بأشد أنواع الظلم والبغي والبهت والعياذ بالله.
ومن أول الفرق طعناً في أهل العلم الخوارج فإنهم طعنوا في الصحابة الذين شهدوا وقعة الجمل وصفين وسبوهم وكفروهم وقاتلوهم، وكذا الرافضة وأمرهم بيّنٌ مشهور فمن يسب أبا بكر وعمر وعثمان وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فماذا أبقى من الشر ؟؟
وكذا المعتزلة فإنهم من أشهر الطاعنين في علماء الأثر الساخرين منهم. ومن أخبارهم التي سجلها التاريخ عليهم ما رواه ابن قتيبة عن عمرو بن النضر قال مررت بعمرو بن عبيد _ أحد رؤوس المعتزلة_ فجلست إليه فذكر شيئا فقلت ما هكذا يقول أصحابنا قال ومن أصحابك؟ قلت: أيوب وابن عون ويونس والتيمي.
فقال: أولئك أرجاس أنجاس أموات غير أحياء
قال ابن قتيبة معلقاً على هذه المقالة الشنيعة : وهؤلاء الأربعة الذين ذكرهم غُرّة أهل زمانهم في العلم والفقه والاجتهاد في العبادة وطيب المطعم وقد درجوا على ما كان عليه من قبلهم من الصحابة والتابعين وهذا يدل على أن أولئك أيضا عنده أرجاس أنجاس)
وطعن في الحسن البصري وابن سيرين وفي علمهما بقوله كما قال الشاطبي في الاعتصام "وروى عن إسماعيل بن علية قال حدثني اليسع قال تكلم واصل بن عطاء يوما - يعنى المعتزلي - فقال عمرو بن عبيد ألا تسمعون ما كلام الحسن وابن سيرين - عندما تسمعون - إلا خرقة حيض ملقاة
روى أن زعيما من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه فكان يقول إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة".
وكان واصل بن عطاء يطعن فيمن شهد الجمل كعلي وعائشة وطلحة والزبير ويحكم بفسقهم ويقول لو شهدوا عنده على بقل لم يقبل شهادتهم لأن أحد الفريقين فاسق _والعياذ بالله_
وكان النظّام وهو من كبار شيوخ المعتزلة يذم زيد بن ثابت وعثمان وابن مسعود وأبا هريرة ويسخر منهم سخرية مقيتة كما سجل ذلك عليه ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث..
ولا يزال هذا ديدن أهل الأهواء إلى عصرنا هذا فهاهم يصفون كبار علماء السنة بأنهم علماء حيض ونفاس، وأنهم علماء سلطة، وأنهم يعيشون في أبراج عاجية لا ينزلون إلى الناس. وأنهم لا يفقهون الواقع، وأنهم مكتبات متنقلة لكنهم شيوخ محنطون فَهُم دون مستوى مشكلات عصرهم إلى غير ذلك من الأوصاف الذميمة المنفرة.
وهذا يدل على مرض قلوبهم وسوء طويتهم وتنكبهم سبيل السلف الصالح وانحرافهم عن هدي القرآن والسنة وإلا فلا سبب لهذه العداوة إلا أن هؤلاء العلماء أفسدوا عليهم أهواءهم وضلالاتهم بأدلة الكتاب والسنة كما كان رؤوس أهل الأهواء يبغضون الحديث وأهل الحديث لأنهم يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف أهواءهم نسأل الله العافية من الخطل والعصمة من الزلل .
منقول