إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قبول وساوس الشيطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قبول وساوس الشيطان

    قبول وساوس الشيطان



    ومن المعلوم بالضرورة من ديننا أن الشيطان الرجيم لا سبيل له إلينا إلا من باب الوسوسة للنفس والتزيين لها. قال تعالى في كتابه الكريم :{ قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس} [الناس]. والسورة كلها خاصة بوسوسة الشيطان لنا وهذا يعني أن أعظم شر علينا من قبل غيرنا هو الشيطان بوسوسته لنا، ولهذا أفرد شره بسورة كاملة دون بقية الشرور بل قد جمعت الشرور كلها في سورة الفلق ومنها شر الشيطان ولما كانت وسوسة الشيطان خفيه عنا دعانا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وأحكم الحاكمين ومن هو على كل شيء قدير وبكل شيء بصير ولكل شيء سميع وبكل شيء عليم إلى الالتجاء إليه، والاحتماء به من هذا العدو الأشر سائلين ربنا سبحانه بألوهيته فهو إلهنا وبربوبيته فلا رب لنا سواه وبملكيته فلا مالك لنا سواه أن يدفع عنا وساوس الشيطان ومكائده. ولا علاج لهذا العدو إلا بهذا. وإذا فتح المسلم باب قبول وساوس الشيطان فلا يظن أنه سيقف عند حد من الشر بل غاية الشيطان إيصال المسلم إلى الكفر والشرك بالله. ولا يترك الشيطان العبد حتى يرديه في الكفر إن قدر على ذلك، ويأتي إليه من كل باب ويسلك به كل طريق يريده ويستعمل معه كل وسائله التي يقدر عليها. والشيطان أعظم عدو خارجي له تسلط داخلي؛ والنفس أعظم عدو داخلي يقبل ما يلائمه من العدو الخارجي فإن قبلت النفس وساوس الشيطان إلى جانب وساوسها وصل الشيطان إلى مراده بسرعة وإذا رفضت وساوس الشيطان حاول الشيطان إكراهها بالحيلة والمكر والتزيين والنـزغ وما أشبه ذلك. قال تعالى عن الشيطان :{لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} الأعراف.

    وقد فسر حديث النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية فقد روى الإمام أحمد والنسائي وابن حبان عن سبرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول ـ أي في الحيل ـ فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال؟ فعصاه فجاهد فمن فعل ذلك كان حقاً على الله أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة وإن وقصته دابته كان حقاً على الله أن يدخله الجنة))

    الشيطان يوسوس للعبد في أمور ظاهرها أنها خير ليتوصل بها إلى إيقاع المسلم في الضلال أو الشكوك والاضطراب فقد جاء من حديث أبي هريرة في الصحيحين وعن غيره في خارج الصحيح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء ؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسوله)) وفي لفظ ((ولينته)) وفي لفظ ((وليستعذ بالله من الشيطان)) والشيطان يتدرج في إضلال المؤمن القوي إلا من ثبته الله. قال الله تعالى :{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء} النور.

    فإذا أردت أيها المسلم النجاة من هذا العدو فعليك أن تسد كل طريق للشيطان فيه مسلك فقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم :((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) متفق عليه من حديث أنس وصفية.

    فالشيطان يسعى لدفع العبد كله قلبه وقالبه في معصية الرحمن فإن عجز سعى إلى دفع بعض الجوارح التي يرى أن له منفذا إليها فعليك بتحصين نفسك وقلبك منه وسمعك وبصرك ولسانك وجميع جوارحك وإلا فما أظنك تنجو.

    وقد حصر ابن القيم الطرق التي يدخل منها الشيطان على العبد في ثلاث حيث قال كما في "فوائد الفوائد"(صـ296):(كل ذي لب يعلم أنه لا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات:

    أحدها: التزيد والإسراف. فيزيد على قدر الحاجة فتصير فضلة وهي حظ الشيطان ومدخله إلى القلب. وطريق الاحتراز منه إعطاء النفس تمام مطلوبها من غذاء أو نوم أو لذة أو راحة فمتى أغلقت هذا الباب حصل الأمان من دخول العدو منه.

    الثانية: الغفلة. فإن الذكي في حصن الذكر فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه إخراجه.

    الثالثه: تكلف مالا يعنيه من جميع الأشياء. أ.هـ وله تقسيم آخر في "مدارج السالكين".

    أخي المسلم رأيت خطر هذا العدو علينا جميعاً فطرده ورده سهل جداً على من سهله الله وكيف لا يكون سهلاً والمطلوب هو عدم قبول الخواطر والأفكار التي تدعو إلى مخالفات الشرع لأن هذه الأفكار والخواطر تدعو إلى التصورات؛ والتصورات تدعو إلى الإرادات؛ والإرادات تقتضي وقوع فإن من أراد أمراً سعى في تحصيله ونيله وكثرة تكرار الفعل يصيره عادة لا يقدر العبد على الانفكاك منها بيسر وسهولة. فعليك بالإقبال على الله ذاكراً وخاضعاً وخائفاً ومراقباً له وإياك والتباعد عن ربك فلا خلاص لك إلا به. قال تعالى :{وإما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} فصلت.





    وهنا سؤال وهو: ما الفرق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان؟

    الجواب: الفرق بينهما أن النفس توسوس للعبد فيما تميل إليه من الشهوات وغيرها. والشيطان يوسوس للعبد فيما تميل إليه نفسه وفيما تكرهه نفسه فالشخص قد يقتل متعمداً وما يحب أن يقتل وقد يقول الباطل وما يحب أن يقوله بل قد يكون الشخص ساعياً إلى فعل خير ثم سرعان ما يترك وربما تحول إلى محارب للحق فهذا هو الفرق.


    من كتاب تحذير البشر من أصول الشر
    للشيخ مجمد الإمام حفظه الله
يعمل...
X