قبول وساوس النفس
من المعلوم أن كل واحد من الجن والإنس له نفس تميل إلى أشياء ومنها المحبوبة ومنها المكروهة. فمتى مالت النفس إلى ما يخالف الله ورسوله صلى الله عليه و سلم أهلكت صاحبها ولهذا الأمر عظم خطرها فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفتتح أكثر خطبه بقوله :((ونعوذ بالله من شرور أنفسنا)) رواه الترمذي (1105) وابن ماجه (1892) عن ابن مسعود, وقال الله: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} [يوسف]
ولما كانت نفس المسلم خطيرة على دينه دعي إلى بيع نفسه لله. قال تعالى :{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} التوبة. أفادت الآية الكريمة أن المؤمن لا يكون قد حقق الإيمان إلا بتسليم المبيع لله تسليماً كاملاً، قال الشاعر:
بعنا النفوس فلا خيار ببيـعنا أعظم بقوم بايعوا الغـفارا
فاعطنا ثـمناً ألـذ من المنى جنات عدن تتحف الأبرارا
وأفادت الآية الكريمة بيان حقيقة البيع فله بداية واستمرارية ونهاية فبدايته من التوبة إلى الله ونهايته بالجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله وما بين البداية والنهاية إصلاح للنفس وتزكيتها باستمرار ولهذا جيء باسم الفاعل الذي يقتضي حدوث الفعل وتجدده. قال سبحانه :{التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله} التوبة
فلا يكفي المسلم أبداً أن يقوم بهذه الأعمال الجليلة ثم ينقطع بل لا بد من الاستمرار في ملازمتها والتزود منها أكثر فعلى هذا فلا بد من إغلاق باب وساوس النفس وأفكارها القبيحة. وهذا يكون باجتناب الآتي:
1- الفكر في الشهوات والملذات المحرمة وطرق تحصيلها ومتى فتح المسلم لنفسه التفكر في الشهوات المحرمة للوصول إليها فلا حدود لشر النفس فهي ميالة إلى كل رذيلة فعليك أن تقصرها قصراً على الحلال الطيب بشرط عدم الاشتغال به حتى يترك الواجب الذي أوجبه الله أو يصل إلى ما حرمه الله.
2- الفكر في العلوم التي من ورائها الشبهات كعلم الفلسفة والسحر والتنجيم والمنطق والرياضة وغير ذلك فلا بد من سد باب تطوير هذه العلوم وقبولها ونشرها بين الناس. وما أكثر الضالين بسببها ضلالا مبيناً وإن كان منهم من قدد سلم من الشهوات المحرمة.
3- الفكر في الصناعات التي لا تنفع بل تضر كالذين اخترعوا الشطرنج والموسيقى والتصاوير.
4- الفكر في الشعر وصروفه وأفانيه في المدح والهجاء والغزل والمراتب وما إلى ذلك.
5- الفكر في دقائق الحيل والمكر التي يتوصل بها إلى أغراضه وهواه مباحة كانت أو محرمة.
6- الفكر في جزئيات أحوال الناس وما يجري لهم ومداخلهم ومخارجهم مما لا يعود بالنفع على العبد المسلم. راجع إن شئت الفوائد لابن القيم حول هذه الأفكار (349-350) بترتيب الحلبي.
أخي المسلم إن كانت نفسك شريفة ونبيلة وعظيمة فهي ولا شك منبع لكل خير وإن كانت حقيرة وخسيسة وتافهة فهي منبع لكل شر. قال تعالى :{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} الشمس.
فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأغلاها وأفضلها وأحمدها عاقبه والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات كالذبابة تحوم حول الجيف والأقذار
قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد
فليكن أخي المسلم فكرك دائماً فيما يقربك إلى الله وينجيك من مساخطه سبحانه وعذابه في الدنيا والآخرة. فأنت إما أن تأمر نفسك بما أمرك الله وتقهرها على ذلك وإلا أمرتك وقهرتك. قال تعالى مخبرا عن امرأة العزيز: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} يوسف
وقال سبحانه :{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} النازعات.
من كتاب تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ مجمد الإمام حفظه الله
من المعلوم أن كل واحد من الجن والإنس له نفس تميل إلى أشياء ومنها المحبوبة ومنها المكروهة. فمتى مالت النفس إلى ما يخالف الله ورسوله صلى الله عليه و سلم أهلكت صاحبها ولهذا الأمر عظم خطرها فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفتتح أكثر خطبه بقوله :((ونعوذ بالله من شرور أنفسنا)) رواه الترمذي (1105) وابن ماجه (1892) عن ابن مسعود, وقال الله: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} [يوسف]
ولما كانت نفس المسلم خطيرة على دينه دعي إلى بيع نفسه لله. قال تعالى :{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} التوبة. أفادت الآية الكريمة أن المؤمن لا يكون قد حقق الإيمان إلا بتسليم المبيع لله تسليماً كاملاً، قال الشاعر:
بعنا النفوس فلا خيار ببيـعنا أعظم بقوم بايعوا الغـفارا
فاعطنا ثـمناً ألـذ من المنى جنات عدن تتحف الأبرارا
وأفادت الآية الكريمة بيان حقيقة البيع فله بداية واستمرارية ونهاية فبدايته من التوبة إلى الله ونهايته بالجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله وما بين البداية والنهاية إصلاح للنفس وتزكيتها باستمرار ولهذا جيء باسم الفاعل الذي يقتضي حدوث الفعل وتجدده. قال سبحانه :{التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله} التوبة
فلا يكفي المسلم أبداً أن يقوم بهذه الأعمال الجليلة ثم ينقطع بل لا بد من الاستمرار في ملازمتها والتزود منها أكثر فعلى هذا فلا بد من إغلاق باب وساوس النفس وأفكارها القبيحة. وهذا يكون باجتناب الآتي:
1- الفكر في الشهوات والملذات المحرمة وطرق تحصيلها ومتى فتح المسلم لنفسه التفكر في الشهوات المحرمة للوصول إليها فلا حدود لشر النفس فهي ميالة إلى كل رذيلة فعليك أن تقصرها قصراً على الحلال الطيب بشرط عدم الاشتغال به حتى يترك الواجب الذي أوجبه الله أو يصل إلى ما حرمه الله.
2- الفكر في العلوم التي من ورائها الشبهات كعلم الفلسفة والسحر والتنجيم والمنطق والرياضة وغير ذلك فلا بد من سد باب تطوير هذه العلوم وقبولها ونشرها بين الناس. وما أكثر الضالين بسببها ضلالا مبيناً وإن كان منهم من قدد سلم من الشهوات المحرمة.
3- الفكر في الصناعات التي لا تنفع بل تضر كالذين اخترعوا الشطرنج والموسيقى والتصاوير.
4- الفكر في الشعر وصروفه وأفانيه في المدح والهجاء والغزل والمراتب وما إلى ذلك.
5- الفكر في دقائق الحيل والمكر التي يتوصل بها إلى أغراضه وهواه مباحة كانت أو محرمة.
6- الفكر في جزئيات أحوال الناس وما يجري لهم ومداخلهم ومخارجهم مما لا يعود بالنفع على العبد المسلم. راجع إن شئت الفوائد لابن القيم حول هذه الأفكار (349-350) بترتيب الحلبي.
أخي المسلم إن كانت نفسك شريفة ونبيلة وعظيمة فهي ولا شك منبع لكل خير وإن كانت حقيرة وخسيسة وتافهة فهي منبع لكل شر. قال تعالى :{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} الشمس.
فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأغلاها وأفضلها وأحمدها عاقبه والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات كالذبابة تحوم حول الجيف والأقذار
قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد
فليكن أخي المسلم فكرك دائماً فيما يقربك إلى الله وينجيك من مساخطه سبحانه وعذابه في الدنيا والآخرة. فأنت إما أن تأمر نفسك بما أمرك الله وتقهرها على ذلك وإلا أمرتك وقهرتك. قال تعالى مخبرا عن امرأة العزيز: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} يوسف
وقال سبحانه :{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} النازعات.
من كتاب تحذير البشر من أصول الشر
للشيخ مجمد الإمام حفظه الله
تعليق