الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أمابعد:
فهذه وريقات جمعت فيها ولخصت فيها أحكام وحاولت بجهد أن أقتصر وبعبارات مفهمة بآذن الله تعالى وسميتها:
ملخص في أحكام الوضوء وأدلته
أقول مستعينا بالله وأبتدأ بآية المائدة قال تعالى {ياأيها آمنوا إذا قمتم إلى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...}الآية
و قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِنكُم رَجُل يُقرِّبُ وَضُوءَه، فيُمَضمِض، ويَستنشِق فينتثر - (يعني فيُخرج الماء مِن أنْفه) - إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن فِيه وخياشيمه - (أي مِن فَمِهِ وأنفِه) - ثُمَّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن أطراف لِحيَتِهِ مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المِرفقيْن إلاَّ خرَّت خطايا يدَيْه مِن أنامله - (أي مِن أطراف أصابعه) - مع الماء، ثم يمسح رأسه إلاَّ خَرََّت خطايا شعرِه مع الماء، ثم يغسل رجلَيْه إلى الكعبين إلاَّ خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإنْ هو قام فصَلَّى فحَمِدَ الله تعالى وأثْنَى عليه، ومَجَّدَه بالذي هو له أهْلٌ - (أي بالذي يستحقه سبحانه) - ، وفرَّغَ قلْبَه لله تعالى، إلاَّ انصرَف من خطيئته كهيئته يومَ ولدَتْه أمُّه ))
أخرجه مسلم (832)، وابن ماجه (28. )
• (ومعنَى الوَضوء - بفتح الواو- : هو الماء الذي يُتَوضَّأ به)، (أما الوُضوء - بضَّم الواو - : ****هو فِعلُ الوضوء نفسُه).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى المَقْبرَة، فقال: *((السَّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا إنْ شاء الله بِكُم لاحِقون، وَدِدْتُ أنَّا قد رأَيْنا إخوانَنا))، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لَم يأتوا بَعْدُ))، قالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بَعدُ مِن أُمَّتِك يا رسول الله؟ قال: ((أرأيتَ لو أنَّ رَجُلاً له خَيل غُرٌّ مَُحَجَّلة - (يعني يوجد بَيَاضٌ في جَبهتهم وفي ثلاث قوائِمَ من قوائمِهم)- بين ظهرَي خَيلٍ دُهْم بُهْم - (يعني في وَسَطِ خيول سَوداء) - ألاَ يَعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنَّهم يأتون غُرًّا مُحَجَّلين من الوضوء، وأنا فرَطُهُم على الحَوض - (أي أسبقهم على الحَوض) - ألا ليُذَادَنَّ رجالٌ عن حَوضي - (يعني يُطرَدُوا عن الحَوض)- كما يُذَاد البَعير الضالُّ، أناديهم: ألاَ هَلُمَّ؛** *فيُقال: إنَّهم قد بَدَّلوا بعدَك، فأقول: سُحقًا سُحقًا - (أي: بُعداً بُعدا)
رواه مسلم (249)، والنَّسائي (1/ 93)،
وفي هذا الحديث دلالة على خطورة التفريط* في اتباع سُنة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم
والآية فيها إجمال لمافصلته السنة ولله الحمد والمنة على ما فصل وبين.
فرائض الوضوء:
1 - النِّيَّة: ومَعنَى النِّية : القَصْد والعَزم على فِعل الشيء، ومَحِلُّها: القلب، فلا يجوز التلفُّظ بها.
2 - المضمضة والاستنشاق: وقد أفادَتِ الأحاديثُ وجوب المضمضة والاستنشاق والاستِنْثار، وهو الرَّاجح من أقوال أهل العلم
3 - غسل الوَجه:
وَحُدود الوَجه هي: ما بين مَنْبَت الشَّعر المعتاد إلى مُنتهَى الذَّقن طُولاً، وما بين شحْمَتَيِ الأذُن عَرْضًا، ويدخل في ذلك ظاهِرُ اللِّحية الكثيفة
4-غسل اليدين إلى المرفقين
5 - مَسْح الرأس: وقد اختلف العلماءُ في عدد مرَّات مَسْح الرأس؛ فذهب أكثر العلماء بأنَّ مَسْح الرأس مرَّة واحدة، وهذا هو الأرحج
وعلى ذلك يُمْكِننا أنْ نُقَسِّم طريقة المَسْح على الرأس إلى ثلاثة أقسام - (كما هو ثابتٌ من فِعْل النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) - على النَّحو الآتي:
أولاً: المَسْح على جميع الرأس، وله صُورَتان:
الصُّورة الأولى:
[ أنْ يضع يَدَيْهِ عند مُقدِّمة رأسه، ثُمَّ يَرجع بِهما إلى قفاه، ثُم يَرُدُّهُما مِن حَيثُ بَدَأ .]
الصُّورة الثانية:
[ أنْ يضع يَدَيْهِ في أعلى رأسه عند مِفرَق الشعر، ثم يُمَرِّر يَدَيْه حسب اتِّجاه الشعر بحيث لا يُحَرِّك الشَّعر عن هيئتِه .]
ثانيًا:
[المَسْح على العِمامة وَحْدَها :وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار]
وقد ثبت ذلك عن أمِّ سَلمَة رضي الله عنها
حسن: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 22)
ورجاله ثقات عدا "أم الحسن"، واسمها "خيرة"، قال الحافظ: لا بأس بها، فهذا يعني أن حديثها حسَنٌ عند الحافظ
ثالثًا: المَسْح على النَّاصية (وهي مقدمة الرأس) ثم يُكمِل المَسح على العِمامة .
6- مسح الأذنين بالماء ظاهرا وباطنا
7 - غَسْل الرِّجلَيْن إلى الكَعبيْن:
فقد ثبَتَ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الأَمْرُ بغَسْلِ الرِّجلَيْن ، بل إنَّه عنَّف الذين اكتَفَوا بالمَسح عليهما؛ فقال لهم: ((ويْلٌ للأعقاب من النار))
8-الموالاة
والمقصود بالمُوَالاَة أنْ لا يُؤخِّر غَسْل عُضْوٍ حتى يَجفّ ما قبْلَه بِزَمَن معتدل.
9-الترتيب ومعنا أن لايقدم الرجل على اليد وهكذا
سُنن الوضوء:
1 - التَسمِيَة قبل الوُضوء
اختلفَ العلماءُفي حُكم التَّسمِيَة؛ فبعضهم يَرَى الوُجُوب، ويَرَى جُمهور العلماء أنَّها مُستحبَّة
2-السواك قبل الوضوء
3-غسل الكفين قبل الوضوء
4-تثليث غسل الأعضاء
5-التيامن
6-تخليل اللحية
7-دلك الأعضاء
8-إطالة الغرة اي أن يزيد على موضع الوضوء قليلا لاغلو فيه
9-الدعاء بعد الوضوء
واعلم أنه:
قد توضَّأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [مَرَّة مَرَّة]
رواه البخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنَّسائي (1/ 62)، وابن ماجه (411)
[ وتوضأ مرَّتَين مرتين ]
رواه البخاري (158)، وأحمد (4/141)، وابن خزيمة (170
قال النوويُّ رحمه الله: "وقد أجْمَع المسلمون على أنَّ الواجب في غَسْل الأعضاء مرَّة مرة، وعلى أن الثلاثة سُنَّة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بغَسْل الأعضاء مرَّة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرَّتين، وبعضها مرَّة، قال العلماء: فاختلافها دليلٌ على جواز ذلك كلِّه، وأن الثَّلاث هي الكَمَال، والواحدة تُجْزِئ"
3] شرح صحيح مسلم (3/ 106)
نواقض الوضوء:
أولاً: كل ما خرج من السَبيليْن (القبُل والدّبُر):
قال ابن المنذِر رحمه الله: "أجْمَع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدّبُر، وخروج البول من ذَكَر الرَّجل وقبُلِ المرأة، وخروج المَذي، وخروج الرِّيح من الدّبُر، وزوالَ العقل - بأيِّ وجه زال عقْلُه - أحداثٌ يَنقُضُ كلُّ واحدٍ منها الطَّهارة، ويُوجِبُ الوضوء"
2-النوم
3-مس الفرج
4-اكل لحم الأبل
5-الردة
تنبيه :هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟
الصحيح أن لَمْس المرأة لا يَنقُضُ الوضوء، سواء كانت من ذوات المَحارم، أو أجنبيَّة ،* *ولكنْ هناكَ تنبيهٌ هامٌّ وهو أن القوْل بعدم نَقْضِ الوضوء مِن لَمْسِ المرأة، لا يَعْنِي جَوازَ مُصافحة الرَّجُل للمرأة الأجنبيَّة، فمصافَحتُها حرام؛ لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اليدانِ تَزْنِيان، وزِناهُما البَطْش)) ، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً: ((لأَنْ يُطعَنَ في رأس أحَدِكم بِمِخيَطٍ مِن حديد خيرٌ له مِن أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له)).
مايستحب له الوضوء
1-تجديد الوضوء لكل صلاة
2-عند النوم
3-الوضوء للجنب
صفة الوُضوء كامِلة:
ذكَرْنا فيما سبق فرائضَ وسُننَ الوضوء، وإتْمامًا للفائدة نذكُرُ هنا صفة الوضوء مُرَتَّبة كالآتي:
1 - استحضار النيَّة في القلب، ثم البَدْء بالسِّواك.
2 - التسمِيَة عند البَدْء بالوضوء وذلك بأنْ يقول "بسم الله".
3 - غَسْل الكَفَّيْن ( ثلاث مرات).
4 - المضمضة والاستنشاق (ثلاث مرات بثلاث غرَفات) ؛ في كلِّ غرْفة يتمضمض ويستنشق على الأصَحّ، (ويَجوز أنْ يتمضمض ثلاث مرات، ثم يستنشق ثلاث مرات).
5 - غَسْل الوجه (ثلاث مرات) مع تخليل اللحية (ويُستَحَبُّ غسل شيئ مِن مقدمة الرأس مع الوجه حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
6 - غسْل اليدَيْن من رؤوس الأصابع إلى المرفقين (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ بيده اليمنى قبل اليُسرى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق المِرفقيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
7 - مَسْح الرأس (مرة واحدة) على ما تقدَّم تفصيلُه.
8 - مَسْح الأذنَيْن من الداخل والخارج مرَّة واحدة مع الرأس(بنفس الماء الذي مَسحَ به الرأس).
9 - غسْل رِجلَيْه إلى الكَعبيْن (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ برجله اليمنى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق الكَعبَيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
10 - يقول بعد فراغه من الوضوء: "أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله اللَّهم اجعلْنِي من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين" .
ملاحظات عامّة على الوضوء:
1- يَجوز الكلام أثناء الوضوء؛ إذ لا دليل يَمْنع من ذلك.
2- ليس هناك أذكارٌ تُقال أثناء الوضوء، وما ورد في ذلك ضعيف لا يَصِحُّ.
3 - إذا قلَّم أظفاره أو حلَق شعره بعد الوضوء، فلا يلزمه غسل ما ظَهَر من الأظفار بعد تقليمها، وكذلك الشعر.
4 - ليس هناك دليلٌ على وضع أُصْبعِه في فمه عند المضمضة، وإنَّما يَكفِي تحريك الماء بِحَركة الفم، ثم مَجِّه.
5 - لو كان شعره كثيفًا ومَسَحَ عليه، ولم يَصِل إلى بشرته (يعني جلد الرأس)، فالوضوء صحيح ولا يضرُّ ذلك، لكنه لا يَمْسح على المسترسل منه فقط، بل لا بدَّ أنْ يَمسح ما فوق الرأس.
6 - يجوز أنْ يلبس العمامة متعمِّدًا عند الوضوء من أَجْل المسح عليها، وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار
7 - إذا كان على أعضاء الوضوء مادة عازلة تَمْنع وُصول الماء إلى البشرة كالشمع والدهانات والجمالَكّا - (وهو دِهَان يُدهَن به الخشب) - والمونيكير وغير ذلك، فالواجب إزالة هذه المواد، وإلاَّ فالوضوء غير صحيح.
8 - أمَّا إذا كانت هناك أصباغ كالحِنّاء وصبغة اليُود - (مثل الميكروكروم) - ونحوهما مما ليس له كثافة، ولكنه يصبغ الجلد فقط، فهذا لا يؤثِّر في صِحَّة الوضوء (لأنها ليست مواد عازلة).
9 - اعلم أنَّه لا يُشرَع في الوضوء مَسْحُ الرَّقبة، بل مَسحُها يُعَدُّ بدعة.
10 - يَجوز الوضوء في الحمَّام، وله أنْ يُسمِّي سرًّا.
11 - إذا كان مقطوع اليدَيْن، فإنْ وجد مَن يُوضِّئه ولو بالأجرة فبِها، وإنْ لم يجد سقط عنه الوضوء وصلَّى على حالِهِ ولا إعادة عليه.
12 - إذا نسي عُضوًا أثناء الوضوء: فإنْ تذكَّر قبل أنْ يَطول الفصل - (يعني قبل أنْ يجف العضو الذي يَلِي هذا العُضو المَنسِي) - عاد إليه فغَسَله، ثُم أتَمَّ بقيَّة أعضائه على الترتيب، وإنُ طال الفَصْل أعاد الوضوء من أوَّلِه؛ لأنه بذلك يكون فقدَ المُوَالاة.
13 - إذا صلَّى مُحْدِثًا بغير وضوء لا تصحُّ صلاتُه، سواء كان عالمًا بِحَدَثِه أو جاهلاً أو ناسيًا، إلاَّ أن الناسي والجاهل لا يأْثَمان، وعليهما الإعادة، وأما المتعمد فقد ارتكَب معصية عظيمة، فعليه التوبة والنَّدم، وعليه الإعادة.
14 - لا يَلزَم خلع الأسنان المُركَّبَة عند المضمضة؛ لِما في ذلك من المَشقَّة، وأما تَحْريك الخاتم في الأصبع فمحَلُّ خلاف بين العلماء، والحديث الوارد بأن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُحرِّك خاتَمَه رواه ابن أبي شيبة، وهو حديث ضعيف.
15 - يَجُوز التنشيف بعد الوضوء كما يَجُوز ترْكُه؛ إذِ الأصل في ذلك إباحة الفِعل وترْكِه، وستأتي هذه المسألة أيضًا في أبواب الغسل.
16 - إذا خرج من الدّبُر شيءٌ غير مُعتاد، كالحَصَى والدُود ونحو ذلك، فإنَّه يَنقضُ الوضوء عند أكثر أهل العلم.
17 - إذا أُدخل في فتحة الذَّكَر أو الدّبُر شيء - (مِثل المنظار الطبي أو غيره) - ثم أُُخْرِج وَجَبَ الوضوء؛ لأنَّه لا يَخلُو من بَلَّةٍ نجسة.
18 - إذا خرج البَول أو الغائط مِن غير السَّبيلَيْن (القبُل والدّبُر) (مثل ما يعرف بالقسطرة التي توضع للمريض)، وَجَبَ فيهما الوضوء على الرَّاجح؛ لِعموم حديث صَفوان: "... لكنْ مِن غائطٍ وبَول ونوم"، سواءٌ كان من المَخْرج المُعتاد، أو مِن غيره.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
جمعه ورتبه:
أبومقبل يونس بن سعيد العدني
تنبيه:ليس لي الا الجمع والترتيب غفرالله لي ولكم
فهذه وريقات جمعت فيها ولخصت فيها أحكام وحاولت بجهد أن أقتصر وبعبارات مفهمة بآذن الله تعالى وسميتها:
ملخص في أحكام الوضوء وأدلته
أقول مستعينا بالله وأبتدأ بآية المائدة قال تعالى {ياأيها آمنوا إذا قمتم إلى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...}الآية
و قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِنكُم رَجُل يُقرِّبُ وَضُوءَه، فيُمَضمِض، ويَستنشِق فينتثر - (يعني فيُخرج الماء مِن أنْفه) - إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن فِيه وخياشيمه - (أي مِن فَمِهِ وأنفِه) - ثُمَّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن أطراف لِحيَتِهِ مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المِرفقيْن إلاَّ خرَّت خطايا يدَيْه مِن أنامله - (أي مِن أطراف أصابعه) - مع الماء، ثم يمسح رأسه إلاَّ خَرََّت خطايا شعرِه مع الماء، ثم يغسل رجلَيْه إلى الكعبين إلاَّ خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإنْ هو قام فصَلَّى فحَمِدَ الله تعالى وأثْنَى عليه، ومَجَّدَه بالذي هو له أهْلٌ - (أي بالذي يستحقه سبحانه) - ، وفرَّغَ قلْبَه لله تعالى، إلاَّ انصرَف من خطيئته كهيئته يومَ ولدَتْه أمُّه ))
أخرجه مسلم (832)، وابن ماجه (28. )
• (ومعنَى الوَضوء - بفتح الواو- : هو الماء الذي يُتَوضَّأ به)، (أما الوُضوء - بضَّم الواو - : ****هو فِعلُ الوضوء نفسُه).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى المَقْبرَة، فقال: *((السَّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا إنْ شاء الله بِكُم لاحِقون، وَدِدْتُ أنَّا قد رأَيْنا إخوانَنا))، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لَم يأتوا بَعْدُ))، قالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بَعدُ مِن أُمَّتِك يا رسول الله؟ قال: ((أرأيتَ لو أنَّ رَجُلاً له خَيل غُرٌّ مَُحَجَّلة - (يعني يوجد بَيَاضٌ في جَبهتهم وفي ثلاث قوائِمَ من قوائمِهم)- بين ظهرَي خَيلٍ دُهْم بُهْم - (يعني في وَسَطِ خيول سَوداء) - ألاَ يَعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنَّهم يأتون غُرًّا مُحَجَّلين من الوضوء، وأنا فرَطُهُم على الحَوض - (أي أسبقهم على الحَوض) - ألا ليُذَادَنَّ رجالٌ عن حَوضي - (يعني يُطرَدُوا عن الحَوض)- كما يُذَاد البَعير الضالُّ، أناديهم: ألاَ هَلُمَّ؛** *فيُقال: إنَّهم قد بَدَّلوا بعدَك، فأقول: سُحقًا سُحقًا - (أي: بُعداً بُعدا)
رواه مسلم (249)، والنَّسائي (1/ 93)،
وفي هذا الحديث دلالة على خطورة التفريط* في اتباع سُنة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم
والآية فيها إجمال لمافصلته السنة ولله الحمد والمنة على ما فصل وبين.
فرائض الوضوء:
1 - النِّيَّة: ومَعنَى النِّية : القَصْد والعَزم على فِعل الشيء، ومَحِلُّها: القلب، فلا يجوز التلفُّظ بها.
2 - المضمضة والاستنشاق: وقد أفادَتِ الأحاديثُ وجوب المضمضة والاستنشاق والاستِنْثار، وهو الرَّاجح من أقوال أهل العلم
3 - غسل الوَجه:
وَحُدود الوَجه هي: ما بين مَنْبَت الشَّعر المعتاد إلى مُنتهَى الذَّقن طُولاً، وما بين شحْمَتَيِ الأذُن عَرْضًا، ويدخل في ذلك ظاهِرُ اللِّحية الكثيفة
4-غسل اليدين إلى المرفقين
5 - مَسْح الرأس: وقد اختلف العلماءُ في عدد مرَّات مَسْح الرأس؛ فذهب أكثر العلماء بأنَّ مَسْح الرأس مرَّة واحدة، وهذا هو الأرحج
وعلى ذلك يُمْكِننا أنْ نُقَسِّم طريقة المَسْح على الرأس إلى ثلاثة أقسام - (كما هو ثابتٌ من فِعْل النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) - على النَّحو الآتي:
أولاً: المَسْح على جميع الرأس، وله صُورَتان:
الصُّورة الأولى:
[ أنْ يضع يَدَيْهِ عند مُقدِّمة رأسه، ثُمَّ يَرجع بِهما إلى قفاه، ثُم يَرُدُّهُما مِن حَيثُ بَدَأ .]
الصُّورة الثانية:
[ أنْ يضع يَدَيْهِ في أعلى رأسه عند مِفرَق الشعر، ثم يُمَرِّر يَدَيْه حسب اتِّجاه الشعر بحيث لا يُحَرِّك الشَّعر عن هيئتِه .]
ثانيًا:
[المَسْح على العِمامة وَحْدَها :وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار]
وقد ثبت ذلك عن أمِّ سَلمَة رضي الله عنها
حسن: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 22)
ورجاله ثقات عدا "أم الحسن"، واسمها "خيرة"، قال الحافظ: لا بأس بها، فهذا يعني أن حديثها حسَنٌ عند الحافظ
ثالثًا: المَسْح على النَّاصية (وهي مقدمة الرأس) ثم يُكمِل المَسح على العِمامة .
6- مسح الأذنين بالماء ظاهرا وباطنا
7 - غَسْل الرِّجلَيْن إلى الكَعبيْن:
فقد ثبَتَ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الأَمْرُ بغَسْلِ الرِّجلَيْن ، بل إنَّه عنَّف الذين اكتَفَوا بالمَسح عليهما؛ فقال لهم: ((ويْلٌ للأعقاب من النار))
8-الموالاة
والمقصود بالمُوَالاَة أنْ لا يُؤخِّر غَسْل عُضْوٍ حتى يَجفّ ما قبْلَه بِزَمَن معتدل.
9-الترتيب ومعنا أن لايقدم الرجل على اليد وهكذا
سُنن الوضوء:
1 - التَسمِيَة قبل الوُضوء
اختلفَ العلماءُفي حُكم التَّسمِيَة؛ فبعضهم يَرَى الوُجُوب، ويَرَى جُمهور العلماء أنَّها مُستحبَّة
2-السواك قبل الوضوء
3-غسل الكفين قبل الوضوء
4-تثليث غسل الأعضاء
5-التيامن
6-تخليل اللحية
7-دلك الأعضاء
8-إطالة الغرة اي أن يزيد على موضع الوضوء قليلا لاغلو فيه
9-الدعاء بعد الوضوء
واعلم أنه:
قد توضَّأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [مَرَّة مَرَّة]
رواه البخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنَّسائي (1/ 62)، وابن ماجه (411)
[ وتوضأ مرَّتَين مرتين ]
رواه البخاري (158)، وأحمد (4/141)، وابن خزيمة (170
قال النوويُّ رحمه الله: "وقد أجْمَع المسلمون على أنَّ الواجب في غَسْل الأعضاء مرَّة مرة، وعلى أن الثلاثة سُنَّة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بغَسْل الأعضاء مرَّة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرَّتين، وبعضها مرَّة، قال العلماء: فاختلافها دليلٌ على جواز ذلك كلِّه، وأن الثَّلاث هي الكَمَال، والواحدة تُجْزِئ"
3] شرح صحيح مسلم (3/ 106)
نواقض الوضوء:
أولاً: كل ما خرج من السَبيليْن (القبُل والدّبُر):
قال ابن المنذِر رحمه الله: "أجْمَع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدّبُر، وخروج البول من ذَكَر الرَّجل وقبُلِ المرأة، وخروج المَذي، وخروج الرِّيح من الدّبُر، وزوالَ العقل - بأيِّ وجه زال عقْلُه - أحداثٌ يَنقُضُ كلُّ واحدٍ منها الطَّهارة، ويُوجِبُ الوضوء"
2-النوم
3-مس الفرج
4-اكل لحم الأبل
5-الردة
تنبيه :هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟
الصحيح أن لَمْس المرأة لا يَنقُضُ الوضوء، سواء كانت من ذوات المَحارم، أو أجنبيَّة ،* *ولكنْ هناكَ تنبيهٌ هامٌّ وهو أن القوْل بعدم نَقْضِ الوضوء مِن لَمْسِ المرأة، لا يَعْنِي جَوازَ مُصافحة الرَّجُل للمرأة الأجنبيَّة، فمصافَحتُها حرام؛ لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اليدانِ تَزْنِيان، وزِناهُما البَطْش)) ، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً: ((لأَنْ يُطعَنَ في رأس أحَدِكم بِمِخيَطٍ مِن حديد خيرٌ له مِن أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له)).
مايستحب له الوضوء
1-تجديد الوضوء لكل صلاة
2-عند النوم
3-الوضوء للجنب
صفة الوُضوء كامِلة:
ذكَرْنا فيما سبق فرائضَ وسُننَ الوضوء، وإتْمامًا للفائدة نذكُرُ هنا صفة الوضوء مُرَتَّبة كالآتي:
1 - استحضار النيَّة في القلب، ثم البَدْء بالسِّواك.
2 - التسمِيَة عند البَدْء بالوضوء وذلك بأنْ يقول "بسم الله".
3 - غَسْل الكَفَّيْن ( ثلاث مرات).
4 - المضمضة والاستنشاق (ثلاث مرات بثلاث غرَفات) ؛ في كلِّ غرْفة يتمضمض ويستنشق على الأصَحّ، (ويَجوز أنْ يتمضمض ثلاث مرات، ثم يستنشق ثلاث مرات).
5 - غَسْل الوجه (ثلاث مرات) مع تخليل اللحية (ويُستَحَبُّ غسل شيئ مِن مقدمة الرأس مع الوجه حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
6 - غسْل اليدَيْن من رؤوس الأصابع إلى المرفقين (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ بيده اليمنى قبل اليُسرى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق المِرفقيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
7 - مَسْح الرأس (مرة واحدة) على ما تقدَّم تفصيلُه.
8 - مَسْح الأذنَيْن من الداخل والخارج مرَّة واحدة مع الرأس(بنفس الماء الذي مَسحَ به الرأس).
9 - غسْل رِجلَيْه إلى الكَعبيْن (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ برجله اليمنى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق الكَعبَيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
10 - يقول بعد فراغه من الوضوء: "أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله اللَّهم اجعلْنِي من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين" .
ملاحظات عامّة على الوضوء:
1- يَجوز الكلام أثناء الوضوء؛ إذ لا دليل يَمْنع من ذلك.
2- ليس هناك أذكارٌ تُقال أثناء الوضوء، وما ورد في ذلك ضعيف لا يَصِحُّ.
3 - إذا قلَّم أظفاره أو حلَق شعره بعد الوضوء، فلا يلزمه غسل ما ظَهَر من الأظفار بعد تقليمها، وكذلك الشعر.
4 - ليس هناك دليلٌ على وضع أُصْبعِه في فمه عند المضمضة، وإنَّما يَكفِي تحريك الماء بِحَركة الفم، ثم مَجِّه.
5 - لو كان شعره كثيفًا ومَسَحَ عليه، ولم يَصِل إلى بشرته (يعني جلد الرأس)، فالوضوء صحيح ولا يضرُّ ذلك، لكنه لا يَمْسح على المسترسل منه فقط، بل لا بدَّ أنْ يَمسح ما فوق الرأس.
6 - يجوز أنْ يلبس العمامة متعمِّدًا عند الوضوء من أَجْل المسح عليها، وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار
7 - إذا كان على أعضاء الوضوء مادة عازلة تَمْنع وُصول الماء إلى البشرة كالشمع والدهانات والجمالَكّا - (وهو دِهَان يُدهَن به الخشب) - والمونيكير وغير ذلك، فالواجب إزالة هذه المواد، وإلاَّ فالوضوء غير صحيح.
8 - أمَّا إذا كانت هناك أصباغ كالحِنّاء وصبغة اليُود - (مثل الميكروكروم) - ونحوهما مما ليس له كثافة، ولكنه يصبغ الجلد فقط، فهذا لا يؤثِّر في صِحَّة الوضوء (لأنها ليست مواد عازلة).
9 - اعلم أنَّه لا يُشرَع في الوضوء مَسْحُ الرَّقبة، بل مَسحُها يُعَدُّ بدعة.
10 - يَجوز الوضوء في الحمَّام، وله أنْ يُسمِّي سرًّا.
11 - إذا كان مقطوع اليدَيْن، فإنْ وجد مَن يُوضِّئه ولو بالأجرة فبِها، وإنْ لم يجد سقط عنه الوضوء وصلَّى على حالِهِ ولا إعادة عليه.
12 - إذا نسي عُضوًا أثناء الوضوء: فإنْ تذكَّر قبل أنْ يَطول الفصل - (يعني قبل أنْ يجف العضو الذي يَلِي هذا العُضو المَنسِي) - عاد إليه فغَسَله، ثُم أتَمَّ بقيَّة أعضائه على الترتيب، وإنُ طال الفَصْل أعاد الوضوء من أوَّلِه؛ لأنه بذلك يكون فقدَ المُوَالاة.
13 - إذا صلَّى مُحْدِثًا بغير وضوء لا تصحُّ صلاتُه، سواء كان عالمًا بِحَدَثِه أو جاهلاً أو ناسيًا، إلاَّ أن الناسي والجاهل لا يأْثَمان، وعليهما الإعادة، وأما المتعمد فقد ارتكَب معصية عظيمة، فعليه التوبة والنَّدم، وعليه الإعادة.
14 - لا يَلزَم خلع الأسنان المُركَّبَة عند المضمضة؛ لِما في ذلك من المَشقَّة، وأما تَحْريك الخاتم في الأصبع فمحَلُّ خلاف بين العلماء، والحديث الوارد بأن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُحرِّك خاتَمَه رواه ابن أبي شيبة، وهو حديث ضعيف.
15 - يَجُوز التنشيف بعد الوضوء كما يَجُوز ترْكُه؛ إذِ الأصل في ذلك إباحة الفِعل وترْكِه، وستأتي هذه المسألة أيضًا في أبواب الغسل.
16 - إذا خرج من الدّبُر شيءٌ غير مُعتاد، كالحَصَى والدُود ونحو ذلك، فإنَّه يَنقضُ الوضوء عند أكثر أهل العلم.
17 - إذا أُدخل في فتحة الذَّكَر أو الدّبُر شيء - (مِثل المنظار الطبي أو غيره) - ثم أُُخْرِج وَجَبَ الوضوء؛ لأنَّه لا يَخلُو من بَلَّةٍ نجسة.
18 - إذا خرج البَول أو الغائط مِن غير السَّبيلَيْن (القبُل والدّبُر) (مثل ما يعرف بالقسطرة التي توضع للمريض)، وَجَبَ فيهما الوضوء على الرَّاجح؛ لِعموم حديث صَفوان: "... لكنْ مِن غائطٍ وبَول ونوم"، سواءٌ كان من المَخْرج المُعتاد، أو مِن غيره.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
جمعه ورتبه:
أبومقبل يونس بن سعيد العدني
تنبيه:ليس لي الا الجمع والترتيب غفرالله لي ولكم