الركن الخامس من أركان الإيمان
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان باليوم الآخر هو الركن الخامس من أركان الإيمان
قال المؤلف
والمراد به الإعتقاد الجازم بصدق كل ما أخبر به الله عزوجل في كتابه الكريم أو أخبر به رسوله صل الله عليه وسلم ممايكون بعد الموت ويشمل ذالك فتنة القبر وعذابه ونعيمه وما بعد ذالك من البعث والحشر وتطاير الصحف والحساب والميزان والحوض والصراط والشفاعة والجنة والنار وما أعد الله لأهلهما فيهما
الأدلة على وجوب الإيمان باليوم الأخر
١- قول الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } - سورة البقرة ٦٢
٢- قوله عزوجل { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } - سورة البقرة ١٧٧
٣- وقوله تعالى { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ }
سورة المؤمنون ١٦
٤-قول رسول الله صل الله عليه وسلم (حين سأله حبريل عليه السلام عن الإيمان « قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » الحديث
صحيح مسلم ٣٧،٣٦/١
عذاب القبر ونعيمه
تواترت الأخبار عن النبي صل الله عليه وسلم في ثبوت سؤال الملكين ونعيم القبر وعذابه فالإيمان بذالك واجب ونعيم القبر وعذابه يحصل لمن أستحق النعيم أو العذاب ، قُبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً أو غرق في البحر أو غير ذالك والأدلة كثيرة ومنها
١- قول الله تعالى { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }- سورة إبراهيم ٢٧ /فقد دلت الآية على السؤال في القبر
٢- وقول الله عزوجل { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }- سورة غافر ٤٦ فقد دلة الآية في ثبوت عذاب القبر
٣- روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صل الله عليه وسلم على قبرين فقال « إنهما ليعذبان في كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله قال: ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال لعله يخفف عنهما مالم ييبسا »صحيح الإمام البخاري كتاب الجنائز باب عذاب القبر والبول ، وصحيح مسلم كتاب الطهارة باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء ح ١١١ والفظ للبخاري ،
قلت في أخذه العود الرطباً وكسره أثنتين وغرز كل واحداً منهما على قبر وقال لعله يخفف عنهما مالم ييبسا , وهذه من خصائص النبي صل الله عليه وسلم لا لأحدً غيره
٤- روى الإمام أحمد وأبو داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صل الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صل الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه فقال« استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاث ثم قال « إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الأخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرةً من الله ورضوان قال ، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال . فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانو يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة ، فيقول الله عزوجل اكتبو كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال : فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول ربي الله ، فيقولان له : مادينك ؟ فيقول ديني الإسلام ، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، فيقولان له: ومايدريك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي ، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً من الجنة ، قال فيأتيه روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي
قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الأخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف البلول ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوه في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ماهذا الروح الخبيث ؟ فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهون به إلى سماء الدنيا فيستفتح له فلايفتح له، ثم قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم
{ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }
- سورة اﻷعراف من الآية ٤٠
فيقول الله عزوجل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ،فتطرح روحه طرحاً ، ثم قرأ
{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} - سورة الحج من الآية ٣١ فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له : مادينك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هاذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري ، فينادي منادٍ من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وفتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول : ابشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لاتقم الساعة »
رواه أحمد ٤/ ٢٨٧_٢٨٨ وابو داود ، كتاب السنة باب في المسألة في القبر وعذاب القبر ح ٤٧٥٣ والحاكم ١ -٣٧ -٣٩ وصححه الحكم و ابن القيم في السنن ،
٥ - روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صل الله عليه وسلم يدعو « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ومن عذاب النار ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال »
صحيح الإمام البخاري ،كتاب الجنائز باب التعوذ من عذاب القبر ، وصحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب مايستعاذ منه في الصلاة ح ٥٨٨ - ص ٤١٢ ،
إلى غير ذالك من الأدلة التي تدل على أن الميت يمتحن في قبره ، فمن ثبته الله تعالى وأجاب بالحق فسح له في قبره وأوتي من نعيم الأخرة ، ومن ضل الصواب في سلوكه وفي الحياة الدنيا فلن يوفق للصواب عند سؤال الملكين فيضرب بمطارق من حديد ويضيق عليه قبره ويناله من العذاب بحسب ذنوبه إلى أن تقوم الساعة أو إلى فترة من الزمن
نسأل الله الثبات على القول الثابت في الحياة الدنيا والأخرة ونعوذُ بالله من فتنة القبر وعذاب القبر وعذاب النار ،،،
والحمدلله رب العالمين
وصل الله على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وسلم تسليماً
كتبه/ عبدالهادي ناصر الهميمي
يوم السبت ٤ / شوال / ١٤٣٧
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان باليوم الآخر هو الركن الخامس من أركان الإيمان
قال المؤلف
والمراد به الإعتقاد الجازم بصدق كل ما أخبر به الله عزوجل في كتابه الكريم أو أخبر به رسوله صل الله عليه وسلم ممايكون بعد الموت ويشمل ذالك فتنة القبر وعذابه ونعيمه وما بعد ذالك من البعث والحشر وتطاير الصحف والحساب والميزان والحوض والصراط والشفاعة والجنة والنار وما أعد الله لأهلهما فيهما
الأدلة على وجوب الإيمان باليوم الأخر
١- قول الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } - سورة البقرة ٦٢
٢- قوله عزوجل { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } - سورة البقرة ١٧٧
٣- وقوله تعالى { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ }
سورة المؤمنون ١٦
٤-قول رسول الله صل الله عليه وسلم (حين سأله حبريل عليه السلام عن الإيمان « قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » الحديث
صحيح مسلم ٣٧،٣٦/١
عذاب القبر ونعيمه
تواترت الأخبار عن النبي صل الله عليه وسلم في ثبوت سؤال الملكين ونعيم القبر وعذابه فالإيمان بذالك واجب ونعيم القبر وعذابه يحصل لمن أستحق النعيم أو العذاب ، قُبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً أو غرق في البحر أو غير ذالك والأدلة كثيرة ومنها
١- قول الله تعالى { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }- سورة إبراهيم ٢٧ /فقد دلت الآية على السؤال في القبر
٢- وقول الله عزوجل { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }- سورة غافر ٤٦ فقد دلة الآية في ثبوت عذاب القبر
٣- روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صل الله عليه وسلم على قبرين فقال « إنهما ليعذبان في كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله قال: ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال لعله يخفف عنهما مالم ييبسا »صحيح الإمام البخاري كتاب الجنائز باب عذاب القبر والبول ، وصحيح مسلم كتاب الطهارة باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء ح ١١١ والفظ للبخاري ،
قلت في أخذه العود الرطباً وكسره أثنتين وغرز كل واحداً منهما على قبر وقال لعله يخفف عنهما مالم ييبسا , وهذه من خصائص النبي صل الله عليه وسلم لا لأحدً غيره
٤- روى الإمام أحمد وأبو داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صل الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صل الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه فقال« استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاث ثم قال « إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الأخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرةً من الله ورضوان قال ، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال . فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانو يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة ، فيقول الله عزوجل اكتبو كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال : فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول ربي الله ، فيقولان له : مادينك ؟ فيقول ديني الإسلام ، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، فيقولان له: ومايدريك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي ، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً من الجنة ، قال فيأتيه روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: ابشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي
قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الأخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف البلول ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوه في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ماهذا الروح الخبيث ؟ فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهون به إلى سماء الدنيا فيستفتح له فلايفتح له، ثم قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم
{ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }
- سورة اﻷعراف من الآية ٤٠
فيقول الله عزوجل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ،فتطرح روحه طرحاً ، ثم قرأ
{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} - سورة الحج من الآية ٣١ فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له : مادينك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هاذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري ، فينادي منادٍ من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وفتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول : ابشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لاتقم الساعة »
رواه أحمد ٤/ ٢٨٧_٢٨٨ وابو داود ، كتاب السنة باب في المسألة في القبر وعذاب القبر ح ٤٧٥٣ والحاكم ١ -٣٧ -٣٩ وصححه الحكم و ابن القيم في السنن ،
٥ - روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صل الله عليه وسلم يدعو « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ومن عذاب النار ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال »
صحيح الإمام البخاري ،كتاب الجنائز باب التعوذ من عذاب القبر ، وصحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب مايستعاذ منه في الصلاة ح ٥٨٨ - ص ٤١٢ ،
إلى غير ذالك من الأدلة التي تدل على أن الميت يمتحن في قبره ، فمن ثبته الله تعالى وأجاب بالحق فسح له في قبره وأوتي من نعيم الأخرة ، ومن ضل الصواب في سلوكه وفي الحياة الدنيا فلن يوفق للصواب عند سؤال الملكين فيضرب بمطارق من حديد ويضيق عليه قبره ويناله من العذاب بحسب ذنوبه إلى أن تقوم الساعة أو إلى فترة من الزمن
نسأل الله الثبات على القول الثابت في الحياة الدنيا والأخرة ونعوذُ بالله من فتنة القبر وعذاب القبر وعذاب النار ،،،
والحمدلله رب العالمين
وصل الله على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وسلم تسليماً
كتبه/ عبدالهادي ناصر الهميمي
يوم السبت ٤ / شوال / ١٤٣٧