بسم الله الرحمن الرحيم
البيان
لمن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يكتب, ويقرأ المكتوب وما في هذا القول من المخالفة لدين الإسلام
................
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فقد نشر كثير من الناس رسالة تتكلم علی معنی كون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمي وهذا نصها:
(( ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺳﻤﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻷﻣﻲ . ﻫﺍﻡ ﺟﺪﺍ ؟ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ .. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺳُﻤﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻶﺓ ﻭﺍﻟﺴﻶﻡ ﺃُﻣّﻲ ؟ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺐ !! ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﻔﺎﺩﺡ ﺳﺄﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻠﻴﻞ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻟﻢ ﺳﻤﻲ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻣّﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ : ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺳُﻤﻲ ﺍﻷﻣَﻲ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻋﻠﻴﻜﻢ !! ﻛﻴﻒ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ : " ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻴﻴﻦ ﺭﺳﻮﻻً ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻭﻳﺰﻛﻴﻬﻢ ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ " ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﺑﺜﻼﺙ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻟﺴﺎﻧﺎً؟!!! ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳُﻤﻲ " ﺍﻷﻣّﻲ " ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ .. ! ﻭﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ،ﻭﺳﻤﻲ أﻣﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ،،ﻭﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ " ﻭﻟﻴﻨﺬﺭ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ " ﺁﻧﺸﺮ، ﻗﺪ ﺗﻨﻘﺬ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﻳﺒﺨﺴﻪ ﺣﻘﻪ . ﺑﺼﺮﺍﺣﻪ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﻩ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﻪ))
أقول: هذا الرسالة باطلة شرعا, وعقلا بل من أعتقد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب أو يقرأ المكتوب فقد كفر بالله تعالی!؟
وقبل بيان ذلك أعلم أن هذه شبهة من عند الكفار ففي دائرة المعارف في مادة أمي : ( أمي لقب محمد في القرآن ، و هو لقب يرتبط من بعض الوجوه بكلمة " أمة " و لكن يظهر أنه ليس مشتقاً منها مباشرة ، لأنه لم يظهر إلا بعد الهجرة و يختلف معناه عن معنى كلمة " أمة " التي كانت شائعة قبل الهجرة ) .
و جاء في السياق نفسه قوله : ( و قد استدل قوم بإطلاق لفظ أمي على محمد بأنه لم يكن يقرأ و لا يكتب . و الحقيقة أن كلمة أمي لا علاقة لها بهذه المسألة لأن الآية 78 من سورة البقرة التي تدعو إلى هذا الافتراض لا ترمي الأميين بالجهل بالقراءة و الكتابة بل ترميهم بعدم معرفتهم بالكتب المنزلة ) وزد علی ذلك انه قول لبعض الرافضة في رواية لهم عن الرضا .
وبيان بطلان هذا القول فيما يأتي
1- قول الله تعالی : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) ( العنكبوت : 48 ) .
قال ابن جرير رحمه الله تعالى:
يقول - تعالى ذكره - : ( وما كنت ) يا محمد ( تتلوا ) يعني : تقرأ ( من قبله ) يعني : من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك ( من كتاب ولا تخطه بيمينك ) يقول : ولم تكن تكتب بيمينك ، ولكنك كنت أميا ( إذا لارتاب المبطلون ) يقول : ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب ، أو تخطه بيمينك ، ( إذا لارتاب ) يقول : إذن لشك - بسبب ذلك في أمرك ، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم - المبطلون القائلون إنه سجع وكهانة ، وإنه أساطير الأولين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) قال : كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أميا ؛ لا يقرأ شيئا ولا يكتب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ) قال : كان نبي الله لا يقرأ كتابا قبله ، ولا يخطه بيمينه ، قال : كان أميا ، والأمي : الذي لا يكتب .*
حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبو أسامة ، عن إدريس الأودي ، عن الحكم ، ع
2- أجمع أهل التفسير من أئمة الهدی أن معنی أمي الذي لايكتب ولا يقرأ المكتوب
قال الإمام الطبري عليه رحمة الله تعالى : يعني بالأميين الذين لا يكتبون و لا يقرءون ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا أمّة أميّة لا نكتب و لا نحسب .... )
والحديث في الصحيح. وأما قول أبي الوليد الباجي ومن وافقه علی ذلك فقد خطأه العلماء بل كفره ابن الصباغ وغيره.
3- حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : أول ما بدئ به رسول الله* صلى الله عليه وسلم* من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه و هو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال لي اقرأ ، قال : قلت* ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم ،. )**
وأما ما جاء في الصحيحين عن البراء رضي الله عنه في صلح الحديبة
فأنقل ماذكره النووي رحمه الله قال: قوله صلى الله عليه وسلم (أرني مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب بن عبد الله) قال القاضي عياض رضي الله تعالى عنه احتج بهذا اللفظ بعض الناس على أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك بيده على ظاهر هذا اللفظ وقد ذكر البخاري نحوه من رواية إسرائيل عن أبي إسحاق وقال فيه أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب وزاد عنه في طريق آخر ولا يحسن أن يكتب فكتب قال أصحاب هذا المذهب إن الله تعالى أجرى ذلك على يده إما بأن كتب ذلك القلم بيده وهو غير عالم بما يكتب أو أن الله تعالى علمه ذلك حينئذ حتى كتب وجعل هذا زيادة في معجزته فإنه كان أميا فكما علمه مالم يعلم من العلم وجعله يقرأ مالم يقرأ ويتلو مالم يكن يتلو كذلك علمه أن يكتب مالم يكن يكتب وخط مالم يكن يخط بعد النبوة أو أجرى ذلك على يده قالوا وهذا لا يقدح في وصفه بالأمية واحتجوا بآثار جاءت في هذا عن الشعبي وبعض السلف وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كتب،
قال القاضي وإلى جواز هذا ذهب الباجي وحكاه عن السمناني وأبي ذر وغيره وذهب الأكثرون إلى منع هذا كله قالوا وهذا الذي زعمه الذاهبون إلى القول الأول يبطله وصف الله تعالى إياه بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) وقوله صلى الله عليه وسلم "إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب" قالوا وقوله في هذا الحديث كتب معناه أمر بالكتابة كما يقال رجم ماعزا وقطع السارق وجلد الشارب أي أمر بذلك واحتجوا بالرواية الأخرى فقال لعلي رضي الله تعالى عنه اكتب محمد بن عبد الله قال القاضي وأجاب الأولون عن قوله تعالى إنه لم يتل ولم يخط أي من قبل تعليمه كما قال الله تعالى من قبله فكما جاز أن يتلو جاز أن يكتب ولا يقدح هذا في كونه أميا إذ ليست المعجزة مجرد كونه أميا فإن المعجزة حاصلة بكونه صلى الله عليه وسلم كان أولا كذلك ثم جاء بالقرآن وبعلوم لا يعلمها الأميون قال القاضي وهذا الذي قالوه ظاهر.
قال وقوله في الرواية التي ذكرناها ولا يحسن أن يكتب فكتب كالنص أنه كتب بنفسه قال والعدول إلى غيره مجاز ولا ضرورة إليه قال وقد طال كلام كل فرقة في هذه المسألة وشنعت كل فرقة على الأخرى في هذا والله أعلم.
قلت ما ذكره النووي عن القاضي في مسألة بعينها والحق أنه صلی الله عليه وسلم لم يكن يكتب ولا يقرأ المكتوب وإنما هذه الحادثة بعينها معجزة كبقية المعجزات.
تنبيه: أثر الشبعي الذي ذكره النووي لا يصح.
فيجب عليك أيها المسلم أن تأخذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة بنقل علماء الأمة لا عن الوتساب وغيره مما ينقل فيه الغث والسمين.
والحمد لله رب العالمين. ليلة السبت 1 ربيع اول 1437هــ
أبو محمد الحجوري مكة المكرمة حرسها الله
البيان
لمن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يكتب, ويقرأ المكتوب وما في هذا القول من المخالفة لدين الإسلام
................
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فقد نشر كثير من الناس رسالة تتكلم علی معنی كون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمي وهذا نصها:
(( ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺳﻤﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺎﻷﻣﻲ . ﻫﺍﻡ ﺟﺪﺍ ؟ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ .. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺳُﻤﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻶﺓ ﻭﺍﻟﺴﻶﻡ ﺃُﻣّﻲ ؟ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺐ !! ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﻔﺎﺩﺡ ﺳﺄﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﻠﻴﻞ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻟﻢ ﺳﻤﻲ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻣّﻲ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ : ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺳُﻤﻲ ﺍﻷﻣَﻲ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻋﻠﻴﻜﻢ !! ﻛﻴﻒ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ : " ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻴﻴﻦ ﺭﺳﻮﻻً ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻭﻳﺰﻛﻴﻬﻢ ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ " ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﺮﺃ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﺑﺜﻼﺙ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﻟﺴﺎﻧﺎً؟!!! ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳُﻤﻲ " ﺍﻷﻣّﻲ " ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ .. ! ﻭﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ،ﻭﺳﻤﻲ أﻣﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ،،ﻭﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ " ﻭﻟﻴﻨﺬﺭ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ " ﺁﻧﺸﺮ، ﻗﺪ ﺗﻨﻘﺬ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻛﺎﻥ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﻳﺒﺨﺴﻪ ﺣﻘﻪ . ﺑﺼﺮﺍﺣﻪ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﻩ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﻪ))
أقول: هذا الرسالة باطلة شرعا, وعقلا بل من أعتقد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب أو يقرأ المكتوب فقد كفر بالله تعالی!؟
وقبل بيان ذلك أعلم أن هذه شبهة من عند الكفار ففي دائرة المعارف في مادة أمي : ( أمي لقب محمد في القرآن ، و هو لقب يرتبط من بعض الوجوه بكلمة " أمة " و لكن يظهر أنه ليس مشتقاً منها مباشرة ، لأنه لم يظهر إلا بعد الهجرة و يختلف معناه عن معنى كلمة " أمة " التي كانت شائعة قبل الهجرة ) .
و جاء في السياق نفسه قوله : ( و قد استدل قوم بإطلاق لفظ أمي على محمد بأنه لم يكن يقرأ و لا يكتب . و الحقيقة أن كلمة أمي لا علاقة لها بهذه المسألة لأن الآية 78 من سورة البقرة التي تدعو إلى هذا الافتراض لا ترمي الأميين بالجهل بالقراءة و الكتابة بل ترميهم بعدم معرفتهم بالكتب المنزلة ) وزد علی ذلك انه قول لبعض الرافضة في رواية لهم عن الرضا .
وبيان بطلان هذا القول فيما يأتي
1- قول الله تعالی : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) ( العنكبوت : 48 ) .
قال ابن جرير رحمه الله تعالى:
يقول - تعالى ذكره - : ( وما كنت ) يا محمد ( تتلوا ) يعني : تقرأ ( من قبله ) يعني : من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك ( من كتاب ولا تخطه بيمينك ) يقول : ولم تكن تكتب بيمينك ، ولكنك كنت أميا ( إذا لارتاب المبطلون ) يقول : ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب ، أو تخطه بيمينك ، ( إذا لارتاب ) يقول : إذن لشك - بسبب ذلك في أمرك ، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم - المبطلون القائلون إنه سجع وكهانة ، وإنه أساطير الأولين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) قال : كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أميا ؛ لا يقرأ شيئا ولا يكتب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ) قال : كان نبي الله لا يقرأ كتابا قبله ، ولا يخطه بيمينه ، قال : كان أميا ، والأمي : الذي لا يكتب .*
حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبو أسامة ، عن إدريس الأودي ، عن الحكم ، ع
2- أجمع أهل التفسير من أئمة الهدی أن معنی أمي الذي لايكتب ولا يقرأ المكتوب
قال الإمام الطبري عليه رحمة الله تعالى : يعني بالأميين الذين لا يكتبون و لا يقرءون ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا أمّة أميّة لا نكتب و لا نحسب .... )
والحديث في الصحيح. وأما قول أبي الوليد الباجي ومن وافقه علی ذلك فقد خطأه العلماء بل كفره ابن الصباغ وغيره.
3- حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : أول ما بدئ به رسول الله* صلى الله عليه وسلم* من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه و هو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال لي اقرأ ، قال : قلت* ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم ،. )**
وأما ما جاء في الصحيحين عن البراء رضي الله عنه في صلح الحديبة
فأنقل ماذكره النووي رحمه الله قال: قوله صلى الله عليه وسلم (أرني مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب بن عبد الله) قال القاضي عياض رضي الله تعالى عنه احتج بهذا اللفظ بعض الناس على أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك بيده على ظاهر هذا اللفظ وقد ذكر البخاري نحوه من رواية إسرائيل عن أبي إسحاق وقال فيه أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب وزاد عنه في طريق آخر ولا يحسن أن يكتب فكتب قال أصحاب هذا المذهب إن الله تعالى أجرى ذلك على يده إما بأن كتب ذلك القلم بيده وهو غير عالم بما يكتب أو أن الله تعالى علمه ذلك حينئذ حتى كتب وجعل هذا زيادة في معجزته فإنه كان أميا فكما علمه مالم يعلم من العلم وجعله يقرأ مالم يقرأ ويتلو مالم يكن يتلو كذلك علمه أن يكتب مالم يكن يكتب وخط مالم يكن يخط بعد النبوة أو أجرى ذلك على يده قالوا وهذا لا يقدح في وصفه بالأمية واحتجوا بآثار جاءت في هذا عن الشعبي وبعض السلف وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كتب،
قال القاضي وإلى جواز هذا ذهب الباجي وحكاه عن السمناني وأبي ذر وغيره وذهب الأكثرون إلى منع هذا كله قالوا وهذا الذي زعمه الذاهبون إلى القول الأول يبطله وصف الله تعالى إياه بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) وقوله صلى الله عليه وسلم "إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب" قالوا وقوله في هذا الحديث كتب معناه أمر بالكتابة كما يقال رجم ماعزا وقطع السارق وجلد الشارب أي أمر بذلك واحتجوا بالرواية الأخرى فقال لعلي رضي الله تعالى عنه اكتب محمد بن عبد الله قال القاضي وأجاب الأولون عن قوله تعالى إنه لم يتل ولم يخط أي من قبل تعليمه كما قال الله تعالى من قبله فكما جاز أن يتلو جاز أن يكتب ولا يقدح هذا في كونه أميا إذ ليست المعجزة مجرد كونه أميا فإن المعجزة حاصلة بكونه صلى الله عليه وسلم كان أولا كذلك ثم جاء بالقرآن وبعلوم لا يعلمها الأميون قال القاضي وهذا الذي قالوه ظاهر.
قال وقوله في الرواية التي ذكرناها ولا يحسن أن يكتب فكتب كالنص أنه كتب بنفسه قال والعدول إلى غيره مجاز ولا ضرورة إليه قال وقد طال كلام كل فرقة في هذه المسألة وشنعت كل فرقة على الأخرى في هذا والله أعلم.
قلت ما ذكره النووي عن القاضي في مسألة بعينها والحق أنه صلی الله عليه وسلم لم يكن يكتب ولا يقرأ المكتوب وإنما هذه الحادثة بعينها معجزة كبقية المعجزات.
تنبيه: أثر الشبعي الذي ذكره النووي لا يصح.
فيجب عليك أيها المسلم أن تأخذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة بنقل علماء الأمة لا عن الوتساب وغيره مما ينقل فيه الغث والسمين.
والحمد لله رب العالمين. ليلة السبت 1 ربيع اول 1437هــ
أبو محمد الحجوري مكة المكرمة حرسها الله