إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عدم اظهار المحاسن خشية العين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عدم اظهار المحاسن خشية العين

    عدم اظهار المحاسن خشية العين
    وإذا كان الإنسان يلبس أبناءه ملابس رثة وبالية خوفًا من العين؛ فهل هذا جائز؟


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    التحرز والتوكل :
    التحرز من العين مقدماً لا بأس به ولا ينافي التوكل ، بل هو التوكل لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه ، مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : " أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامَّة " ويقول " هكذا كان إبراهيم يُعَوِّذُ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " [ رواه البخاري ]
    ويشرع للعبد عند الخوف من العين أن يتحفظ منها بستر نفسه وما عنده من النعم؛ كما عمل يعقوب عليه السلام إذ أمر بنيه أن لا يدخلوا من باب واحد، وعليه أن يحافظ على الأسباب الوقائية كأذكار وتعوذات الصباح والمساء والالتزام بالطاعات والبعد عن المعاصي
    فيجوز للإنسان أن يخفي شيئا مما أنعم الله به عليه من مال وجاه وحُسنٍ
    فقد ذكر البغوي -رحمه الله- عن عثمان -رضي الله عنه- أنه رأى صبيا مليحا ،فقال : دَسِّمُوا نُونَتَهُ كَيْلا تُصيبه العين. ومعنى دسِّمُوا, أي: سَوِّدوا. والنُّونَةُ الثقبة التي تكون في ذَقْنِ الصبيِّ الصغير. (شرح السنة (12 / 166))


    وقال ابن القيم -رحمه الله- في علاج العين والحسد:"ومن علاج ذلك أيضاً والاحتراز منه سترُ محاسن مَن يُخاف عليه العَيْن بما يردُّها عنه." زاد المعاد في هدي خير العباد - (4 / 173)


    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لكتاب التوحيد:
    "وإذا كان الإنسان يلبس أبناءه ملابس رثة وبالية خوفًا من العين؛ فهل هذا جائز؟

    الظاهر أنه لا بأس به؛ لأنه لم يفعل شيئاً، وإنما ترك شيئًا، وهو التحسين والتجميل"انتهى كلامه .مجموع فتاوى ورسائل العثيمين - (9 / 171)


    على الإنسان أن يحرص على عدم إظهار ما يخشى عليه من العين أمام الناس ، لئلا تصيبه العين ، وكل شيء بأمر الله تعالى
    فللإنسان أن يخفي عن الناس شئيا مما خصه الله به اتقاءً للعين, كما أنّ له أنْ يظهر ذلك ويحدث الناس بنعمة الله عليه على وجه الاعتراف والشكر لله فكلاهما جائز, والثاني أكمل لأمر الله به.


    ومن درء الحسد قبل وقوعه :
    ستر المحاسن وما يُخشى عليه من الحسد : والحذر من المبالغة في إظهار النّعم والتباهي والتفاخر بها، لأن ذلك مدعاة لوقوع الحَسَدَ من مُبغِضٍ مُتَرَبّص،، أو العينَ مِنْ مُعجَبٍ أو مُحِب.

    فعن علي بن أبي طالب وابن عباس ومعاذ بن جبل – رضي الله عنهم – قالوا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود). ‌(صحيح) انظر : [صحيح الجامع رقم: 943].

    وما أحوجنا إلى نصيحة نبيّ الله يعقوب – عليه الصلاة والسلام – ولنا فيه أسوة حسنة، وعبرة وعظة. قال الله – تعالى - : {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [سورة يوسف : 67].

    فكم من النساء يبذلن الجهد في تجميل أنفسهنّ وبناتهنّ عند الخروج للعمل والسوق واللقاءات والحفلات والأعراس، أذهبن الحياءَ وبراءة الأطفال - إلا مَن رحم ربي - فإن ابتليتْ إحداهُنَّ، عضّت أصابع الندم حين لا ينفع الندم.

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " التوقي من شرور الحاسد والعائن فإنه :
    أولاً: بالتوكل على الله عز وجل وأن لا يلتفت الإنسان لهذه الأمور ولا يقدرها وليعرض عنها.
    ثانياً : باستعمال الأوراد النافعة التي جاء بها الكتاب والسنة ؛ فإنها خير حامٍ للإنسان ، مثل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آية الكرسي أن (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولم يقربه شيطانٌ حتى يصبح) " انتهى ."فتاوى نور على الدرب" (13/274-275) .

    عشرة أسباب للوقاية من الحسد، ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد، ونحن نسوقها لك باختصار:
    السبب الأول: التعوذ بالله واللجوء إليه، والتحصن به، وما تعوذ المسلم بأفضل من المعوذتين: قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس.
    السبب الثاني: تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى الله حفظه، ولم يكله إلى غيره، قال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك.رواه الترمذي.
    السبب الثالث: الصبر على الحاسد، فما نصر على حاسد بمثل الصبر عليه.
    السبب الرابع: التوكل على الله، والتوكل أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد مالا يطيق من أذى الخلق.
    السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به، والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أقوى الأدوية.
    السبب السادس: الإقبال على الله، والإخلاص له، وجعل محبته ورضاه محل خواطر نفسه وأمانيها.
    السبب السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30].
    السبب الثامن: الصدقة والإحسان فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد.
    السبب التاسع: إطفاء شر الحاسد بالإحسان إليه، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ[فصلت:34].
    السبب العاشر: والجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب هو تجريد التوحيد، والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب الله العزيز الحكيم.
    والعلم أن كل ذلك بيد الله يحركه كيف شاء، ولا ينفع إلا بإذنه، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُو [الأنعام:17].
    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رواه الترمذي.
    فإذا جرد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله؛ بل يفرد الله بالمخافة، وقد أمنه منه وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه.......
    انتهى من بدائع الفوائد بتصرف يسير.
    والله أعلم.

    كتبه : ابو الخطاب
    فؤاد بن علي السنحاني
    اليمن ...المحويت
    الثلاثاء, 27 جمادي الأول 1436 هـ

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الخطاب فؤاد السنحاني; الساعة 18-03-2015, 05:22 AM.

  • #2
    مفيد جداً جزاك الله خيرا أخي و سائر أعضاء هذه الشبكة المباركة.

    تعليق

    يعمل...
    X