إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضياء الشمس بمعرفة أوقات الصلوات الخمس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ضياء الشمس بمعرفة أوقات الصلوات الخمس

    إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
    ) يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً * واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيباً * يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً (
    أما بعد ,,,,,,,,,,,,
    فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
    فإن هذه الرسالة تحمل في طياتها تحذير المسلمين من تلاعب وتضييع أوقات الصلوات الخمس لأن الشرع بين لنا أوقات الصلوات بعلامات كونية عامة في العصور والأماكن مضبوطة لا تختلف ولا تتغير بتغير الأزمان والعصور وقد جعل الله محافظة الأوقات على المسلمين كتاباً موقوتاً فلا يجوز للمسلم أن يقدم الصلاة كلها أو بعضها قبل دخول وقتها ، لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى والاستهزاء بآياته .كما قال الله تعالى :{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا }[النساء : 103]
    وأن معرفة أوقات الصلوات الخمس أوكد الأعمال البدنية فرضية وأحبها إلي الله عز وجل ، فقد بين الله تعالى هذه الأوقات في كتابه وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم بياناً شافياً ولله الحمد .
    أما في كتاب الله فقد قال الله تعالى :{ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [الإسراء : 78].
    وقال الله تعالى :{ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }[لقمان : 17]
    وقال الله تعالى :{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }[العنكبوت : 45]
    وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }[البقرة : 3]
    وقال الله تعالى :{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }[البقرة : 43]
    وقال الله تعالى :{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ }[البقرة : 83]
    وقال الله تعالى :{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[البقرة : 110]
    وقال الله تعالى :{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }[البقرة : 177]
    وقال الله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }[البقرة : 277]
    وقال الله تعالى :{ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا }[النساء : 162]
    وقال الله تعالى :{ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ }[المائدة : 12]
    وقال الله تعالى :{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة : 55]
    وقال الله تعالى :{ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ }[المائدة : 58]
    وقال الله تعالى :{ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }[الأنعام : 72]
    وقال الله تعالى :{ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }[الأعراف : 170]
    وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }[الأنفال : 3]
    وقال الله تعالى :{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }[التوبة : 5]
    وقال الله تعالى :{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }[التوبة : 11]
    وقال الله تعالى :{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }[التوبة : 18]
    وقال الله تعالى :{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[التوبة : 71]
    وقال الله تعالى :{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }[يونس : 87]
    وقال الله تعالى :{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }[هود : 114]
    وقال الله تعالى :{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }[الرعد : 22]
    وقال الله تعالى :{ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ }[إبراهيم : 31]
    وقال الله تعالى :{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }[إبراهيم : 37]
    وقال الله تعالى :{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ }[إبراهيم : 40]
    وقال الله تعالى :{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }[طه : 14]
    وقال الله تعالى :{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }[الأنبياء : 73]
    وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }[الحج : 35]
    وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }[الحج : 41]
    وقال الله تعالى :{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }[الحج : 78]
    وقال الله تعالى :{ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }[النور : 37]
    وقال الله تعالى :{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }[النور : 56]
    وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }[النمل : 3] [لقمان : 4]
    وقال الله تعالى :{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }[الروم : 31]
    وقال الله تعالى :{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }[الأحزاب : 33]
    وقال الله تعالى :{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ }[فاطر : 18]
    وقال الله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }[فاطر : 29]
    وقال الله تعالى :{ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }[الشورى : 38]
    وقال الله تعالى :{ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }[المجادلة : 13]
    وقال الله تعالى :{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }[المزمل : 20]
    وقال الله تعالى :{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }[البينة : 5]
    يأمر الله تعالى في هذه الآيات عباده بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها، فمن ضيع أوقات هذه الصلوات ولم يحافظها كما أمره ربه فقد ضيع حظه من الإسلام.
    وقد رأيت في البلاد من يتلاعب ويضيع أوقات الصلوات بتقديمها عن وقتها أوتأخيرها عن وقتها وعدم حرسها. وبذات صلاة الظهر والصبح وقد جاء في الشرع وعيد شديد وعقوبة على من فعل ذلك وأنه ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب كما بين الله في كتابه العزيز وأن هذه من صفات المنافقين كما بين النبي صلى الله عليه وسلم فقال الله:{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا () إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا }[مريم : 59 ، 60]
    وقال الله:{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ () الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ }[الماعون : 4 ، 5]
    وفي صحيح مسلم عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِى دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ. قَالَ فَصَلُّوا الْعَصْرَ. فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَىِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً ».
    أما قول الله تعالى :{ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [الإسراء : 78].
    فأمر الله تعالى نبيه صلي الله عليه وسلم - والأمر له أمر لأمته معه - أن يقيم الصلاة لدلوك الشمس أي من زوالها عند منتصف النهار إلي غسق الليل وهو اشتداد ظلمته ، وذلك عند منتصفه ثم فصل فقال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) أي صلاة الفجر وذكر عنها بالقرآن لأنه يطول فيها .
    واشتمل قوله تعالى :(لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ). أوقات صلوات أربع هي : الظهر والعصر ، وهما صلاتان نهاريتان في النصف الأخير من النهار.
    والمغرب والعشاء ، وهما صلاتان ليليتان في النصف الأول من الليل.
    أما وقت الفجر ففصله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) وعلم تعيين الوقت من إضافته إلي الفجر وهو تبين ضوء الشمس في الأفق .
    وإنما جمع الله تعالى الأوقات الأربع دون فصل لأن أوقاتها متصل بعضها ببعض فلا يخرج وقت الصلاة منها إلا بدخول التالية ، وفصل وقت الفجر لأنه لا يتصل بوقت قبله ولا بعده فإن بينه وبين وقت صلاة العشاء نصف الليل الأخير ، وبينه وبين صلاة الظهر نصف النهار الأول كما سنبين ذلك من السنة إن شاء الله تعالى .وسميتها بـ(ضياء الشمس بمعرفة أوقات الصلوات الخمس )
    وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على وجوب معرفة أوقات الصلوات الخمس. فنذكر ما تيسر من هذه الأحاديث ونقدم بعض هذه الآحاديث بصفة مجملة في أوقات الصلوات ثم نفصل لكل صلاة على حدة وما ورد منها من الآحاديث.
    منها :-
    ما رواه أبو داود والترمذي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَّنِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِىَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَصَلَّى بِىَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِىَ - يَعْنِى الْمَغْرِبَ - حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِىَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى بِىَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِىَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِىَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَصَلَّى بِىَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَصَلَّى بِىَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَصَلَّى بِىَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَىَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ ». قال الألباني صحيح.
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « وَقْتُ صَلاَةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأَوَّلُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الأَوَّلُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلاَةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَىْ شَيْطَانٍ ».
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ « صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ ». يَعْنِى الْيَوْمَيْنِ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِى أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ فَأَبْرَدَ بِهَا فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِى كَانَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ قَالَ « أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « وَقْتُ صَلاَتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ ».
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلاَةَ ». فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ حِينَ وَقَعَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَمَرَهُ الْغَدَ فَنَوَّرَ بِالصُّبْحِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ فَأَبْرَدَ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تُخَالِطْهَا صُفْرَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضِهِ - شَكَّ حَرَمِىٌّ - فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ « أَيْنَ السَّائِلُ مَا بَيْنَ مَا رَأَيْتَ وَقْتٌ ».
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ - فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لاَ يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ « الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ ».
    فاتضح بهذه الأدلة بيان أوقات الصلوات الخمس بياناً كافياً شافياً على النحو التالي ونشير إشارة مجملةً ويأتي التفصيل بعد ذلك:
    وقت صلاة الظهر من زوال الشمس- وهو تجاوزها وسط السماء إلي أن يصير ظل كل شئ مثله.
    وقت صلاة العصر من كون ظل الشيء مثله إلي أن تصفر الشمس أو تحمر . ويمتد وقت الضرورة إلي الغروب.
    وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلي مغيب الشفق وهو الحمرة.
    وقت صلاة العشاء الآخرة من مغيب الشفق إلي أخر الليل .
    وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني- وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة - إلي طلوع الشمس .
    المواقيت التفصيلية
    وقبل أن خوض في صميم المسألة نذكر الفقه في أحاديث الوقت الصلوات تمهيداً للمسألة .
    ذكرنا هذه الأحاديث استدلالاً بها على أوقات الأفضلية لكل صلاة .
    أفضل وقت في صلاة الظهر
    تعجيل الظهر أفضل بالإجماع .
    أفضل وقت في صلاة العصر
    اختلف العلماء فيه على قولين
    والقول الراجح هو قول جمهور إلى استحباب تعجيله.
    أفضل وقت في صلاة المغرب
    أجمع العلماء على استحباب تقديمها.
    أفضل وقت في صلاة العشاء
    اختلف أهل العلم فيه على قولين
    والقول الراجح هو قول جمهور إلى أن أفضل تأخيرها إذا كان لا يشق عليهم .
    أفضل وقت في صلاة الصبح
    اختلف العلماء فيه على قولين
    والقول الراجح هو قول جمهور إلى أن أفضل في صلاة الصبح التغليس.
    مراجع المسائل. المغني 2/44 - 2/35 -2/ 39- /41-43 الأوسط 2/369 -2/369 - 2/364 سنن الترمذي 2/41
    باب المواقيت التفصيلية
    نذكر الآن أوقات الصلوات التفصيلية لكل صلاة على حدة .
    صلاة الصبح وكيف يعرف وقتها
    يعرف وقت صلاة الصبح ضياء ونور يأتي من قبل المشرق وهذا الضياء والنور على نوعين . الأول منهما يسمى فجر الكاذب ويقوم مثل العمود ولا ينتشر في الأفق وبعده ظلمة , والآخر يقوم مثل العمود وينتشر في الأفق ولا بعده ظلمة كما بينته الشريعة وهو الذي يظهر في السماء معترضاً الأفق، ووقت الصبح يبتدأ بظهوره. كما جاءت في ذلك الأحاديث الصحيحة.
    وأما أول وقت صلاة الصبح فهو عند طلوع الفجر الصادق بإجماع المسلمين وهو الفجر الذي يحرم الطعام والشراب على الصائم كما عند البيهقي والدارقطني والحاكم من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :الفجر فجران فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام وأما الذي يذهب مستطيلاً في الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام . روي بهذا الحديث موصولاً ومرسلاً والصحيح أنه مرسل وله شاهد من حديث ابن عباس عند البيهقي والحاكم والدارقطني بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام ويحل فيه الصلاة وفجر يحرم فيه الصلاة ويحل فيه الطعام .
    الأحاديث التي تدل وتحدد وقت الفجر كثيرة جداً . منها:-
    ما في الصحيحين من حديث عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ، وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلاَ يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ لَهُ ذلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا ذلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ
    وفي الصحيحين من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ رِجَالٌ، إِذا أَرَادُوا الصَّوْمَ، رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَل اللهُ بَعْدُ مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
    وعند مسلم من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ - أَوْ قَالَ نِدَاءُ بِلاَلٍ - مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ يُنَادِى - بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ ». وَقَالَ « لَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَهَكَذَا - وَصَوَّبَ يَدَهُ وَرَفَعَهَا - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا ». وَفَرَّجَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ.
    وعند مسلم أيضاً : قَالَ « إِنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ الَّذِى يَقُولُ هَكَذَا ». وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ نَكَسَهَا إِلَى الأَرْضِ « وَلَكِنِ الَّذِى يَقُولُ هَكَذَا ». وَوَضَعَ الْمُسَبِّحَةَ عَلَى الْمُسَبِّحَةِ وَمَدَّ يَدَيْهِ.
    وعند مسلم أيضاً قَالَ جَرِيرٌ فِى حَدِيثِهِ « وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَلَكِنْ يَقُولُ هَكَذَا ». يَعْنِى الْفَجْرَ هُوَ الْمُعْتَرِضُ وَلَيْسَ بِالْمُسْتَطِيلِ.
    وعند مسلم من حديث سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ يَغُرَّنَّ أَحَدَكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ مِنَ السَّحُورِ وَلاَ هَذَا الْبَيَاضُ حَتَّى يَسْتَطِيرَ ».
    وعند مسلم من حديث عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ وَلاَ هَذَا الْبَيَاضُ - لِعَمُودِ الصُّبْحِ - حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا ».
    وعند مسلم من حديث عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ وَلاَ بَيَاضُ الأُفُقِ الْمُسْتَطِيلُ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا ».
    وعند مسلم من حديث سَمُرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - وَهُوَ يَخْطُبُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لاَ يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ وَلاَ هَذَا الْبَيَاضُ حَتَّى يَبْدُوَ الْفَجْرُ - أَوْ قَالَ - حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ ».
    وعند الترمذي من حديث طلق بن علي : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال كلوا واشربوا ولا يهدينهكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يتعرض لكم الأحمر .
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « وَقْتُ صَلاَةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأَوَّلُ .. ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ..وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلاَةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَىْ شَيْطَانٍ ».
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ « صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ ». يَعْنِى الْيَوْمَيْنِ .. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِى .. وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا .. ».
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلاَةَ ». فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ..».
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ - فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لاَ يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً .. ».
    ففي هذه الأحاديث مسائل تتعلق وقت صلاة الصبح .
    مسألة : أول وقت صلاة الصبح ؟
    أجمع أهل العلم على أن وقت صلاة الفجر هو طلوع الفجر الصادق وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم منهم ابن المنذر وابن عبدالبر والنووي وابن قدامة وغيرهم .
    المغني 2/29 الأوسط 2/347 المجموع 3/43 أضواء البيان1/411
    مسألة : آخر وقت صلاة الفجر ؟
    فقد جاء في بعض الآحاديث تحديده بالإسفار، مثل حديث جابر الصحيحين وحديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود: حين أسفر جداً فقال: "قم فصله" فصلى الفجر.
    وفي بعضها إلى طلوع الشمس، مثل حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس" .
    وفي رواية لمسلم: "ووقت الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول" ،
    فاختلف العلماء في توفيق وجمع هذه الآحاديث والقول الراجح في المسألة هو قول الجمهور منهم الشافعي والثوري وأهل الآثار أن أخره طلوع الشمس ولا يمتد بعد طلوع الشمس إلى صلاة الظهر . المغني 2/30 الأوسط 2/349 أضواء البيان1/411 سيل الجرار 1/184
    ومن باب الفائدة نضيف قول الإمام الشنقيطي رحمه الله حيث قال :وأما أول وقت صلاة الصبح فهو عند طلوع الفجر الصادق بإجماع المسلمين وهو الفجر الذي يحرم الطعام والشراب على الصائم.
    وفي حديث أبي موسى، وبريدة المتقدمين عند مسلم وغيره: وأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا الحديث.
    وفي حديث جابر المتقدم، في إمامة جبريل أيضا: ثم صلى الفجر حين برق الفجر، وحرم الطعام على الصائم، ومعلوم أن الفجر فجران كاذب وصادق، فالكاذب لا يحرم الطعام على الصائم، ولا تجوز به صلاة الصبح والصادق بخلاف ذلك فيهما، وأما آخر وقت صلاة الصبح فقد جاء في بعض الروايات تحديده بالإسفار، وجاء في بعضها امتداده إلى طلوع الشمس، فمن الروايات الدالة على انتهائه بالإسفار ما في حديث جابر المذكور آنفا: ثم جاءه حين أسفر جدا فقال: "قم فصله" فصلى الفجر.
    وفي حديث ابن عباس المتقدم آنفا: ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض الحديث. وهذا في بيانه لآخر وقت الصبح المختار في اليوم الثاني.
    وفي حديث أبي موسى وبريدة المتقدمين عند مسلم وغيره: ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت.
    ومن الروايات الدالة على امتداده إلى طلوع الشمس ما أخرجه مسلم في "صحيحه" وغيره من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس" .
    وفي رواية لمسلم: "ووقت الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول" ،
    والظاهر في وجه الجمع بين هذه الروايات أن الوقت المنتهي إلى الإسفار هو وقت الصبح الاختياري، والممتد إلى طلوع الشمس وقتها الضروري، وهذا هو مشهور مذهب مالك.
    وقال بعض المالكية: لا ضروري للصبح فوقتها كله إلى طلوع الشمس وقت اختيار، وعليه فوجه الجمع هو ما قدمنا عن ابن سريج في الكلام على آخر وقت العشاء، والعلم عند الله تعالى. أضواء البيان - (1 / 304)
    ونضيف أيضاً مسألةً مهمةً ألا وهي أن التقاويم الموجودة في الصاحة وضعت على وقت الفجر الكاذب .
    والمشكلة نشأت من أن معظم الفلكيين والخبراء الجغرافيين والعسكريين لا يفرقون بين الفجرين، لأن هذا لا يهمهم ، ولأنهم يرون أن أول ضوء هو الفجر عندهم، فلذلك وضعوا التقاويم بناءً على ذلك.
    وأما في الشرع؛ فالضوء الأول هو الفجر الكاذب، ومن هنا وقع الخطأ،.وقد قامت عدة مشاهدات وشهادات من فضلاء ، وتمت عدة دراسات تبين بالدليل العلمي، والرؤية الواقعية، أن معظم التقاويم ومنها تقويم أم القرى، قد وقعت في هذا الخطأ، إذ وُقِّت الفجر فيها على الفجر الكاذب .وهذا أمر بالغ الخطورة،حيث يصلي كثير من المسلمين ـ وبخاصة النساء في البيوت ـ والمستعجلون من الأئمة،يصلون بُعيد أذان الفجر الكاذب، أي: قبل طلوع الفجر الصادق، مما يترتب على ذلك فساد الصلاة على من علم ذلك، كما لا يخفى على كل مسلم.
    لذا يجب على المسلم التنبه إلى هذه المسألة، والنظر فيها نظر علم، واتباع، وتمحيص، لا نظر تقليد، لا يفرق بين دليل وتزيين، واتباع وتقليد، ولا يجوز له الاعتماد على تقويم مُعَدٍّ على حساب فلكي، لايُدرى عن واضعيه، مقدار علمهم الشرعي، واتباعهم للسنة، بخاصة وقد تبين بالدليل القطعي خطؤه، وشهد على ذلك العلماء العدول,الذين يرون خطأ التقاويم وكلامهم يدل على ذلك:
    القول الأول: شهادة الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في ذلك:وهو قول واضح قوي، يبين فيه سبب الخطأ، وبدايته، وهو ما قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ( 4/ 199): تنبيه من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام، زعماً ممن أحدثه: أنه للاحتياط في العبادة، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة،لتمكين الوقت زعموا، فأخروا الفطر، وعجلوا السحور، وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان )). فتح الباري - (4 / 199)
    القول الثاني: شهادة العلامة القرافي -رحمه الله- قال- ( جرت عادة المؤذنين, وأرباب المواقيت بتسيير درج الفلك إذا شاهدوا المتوسط من درج الفلك, أوغيره من درج الفلك الذي يقتضي أن درجة الشمس قربت من الأفق قرباً يقتضي أن الفجر طلع، أمروا الناس بالصلاة والصوم مع أن الأفق يكون صاحياً لا يخفى فيه طلوع الفجر لو طلع، ومع ذلك لا يجد الإنسان للفجر أثراً البتة، وهذا لا يجوز، فإن الله تعالى إنما نصب سبب وجوب الصلاة ظهور الفجر فوق الأفق ولم يظهر، فلا تجوز الصلاة حينئذ،فإنه إيقاع للصلاة قبل وقتها، وبدون سببها)). [الفروق (2/3)، 301] الفروق مع هوامشه - (2 / 300)
    القول الثالث: شهادة العلامة تقي الدين الهلالي:.( اكتشفت بما لا مزيد عليه من البحث والتحقيق، والمشاهد المتكررة من صحيح البصر .. أن التوقيت لأذان الصبح لا يتفق مع التوقيت الشرعي، وذلك أن المؤذن يؤذن قبل تبين الفجر تبيناً شرعياً فأذانه في ذلك الوقت لا يحل صلاة الصبح ولا يحرم طعاما على الصائم، وصرت أُفتي بذلك وأعمل به إلى يومنا هذا، وفي رمضان من هذه السنة حدث تشويش عند إخواننا، وسببه أن بعض الإخوان من أهل الوعظ والإرشاد زار المغرب في رمضان، فزعم قوم ممن رافقوه أنه شاهد الفجر الشرعي مطابقا للتوقيت المغربي، وحدثني الثقة عنه أنه وجد بين الفجر الشرعي المشاهد بالعيان وبين التوقيت المغربي وكان في الفضاء خارج المدينة (13) دقيقة أو (15)دقيقة شك هو نفسه، فهذا الخبر متناقض من شخص واحد، فإن كان ما حدثوا به صحيحاً من مطابقة تبين الفجر الشرعي التوقيت المغربي فهو خطأ عند كل من يعرف الفجر الشرعي وله بصر يبصر به، ولا يخفى أن أهل البلاد التي يكثر فيها الغيم والضباب لا يعرفون الفجر وكذلك لم يعنوا به من أهل الصحراء، ومن أراد معرفة الفجر الشرعي فلا بد له من أمرين، أحدهما أن يدرس الأحاديث النبوية التي تفرق بين الفجر الكاذب والفجر الصادق، وأقوال الصحابة و التابعين والأئمة المجتهدين، الثاني: أن يكون ممن اعتاد رؤية الفجر لكونه مؤذناً أو لكثرة أسفاره في البراري. ). [رسالة بيان الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكذاب ص2]
    قالقول الرابع : شهادة الشيخ حيث قال الألباني : وهذه من السنن المتروكة في بلاد الشام ومنها عمان فإن داري في جبل هملان من جبالها أرى بعيني طلوع الشمس وغروبها وأسمعهم يؤذنون للمغرب بعد غروب الشمس بنحو عشر دقائق علماً بأن الشمس تغرب عمن كان في وسط عمان ووديانها قبل أن تغرب عنا ! وعلى العكس من ذلك فإنهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل دخول وقتها بنحو نصف ساعة . فإنا لله وإنا إليه راجعون. السلسلة الصحيحة - (5 / 300)
    وذكر أيضاً بعض الإخوة كلاماً للألباني أطول من هذه كما في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/52) رقم (2031) .(( وقد رأيت ذلك بنفسي مراراً من داري في جبل هملان -جنوب شرق عمان- ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين ؛ أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة، أي قبل الفجر الكاذب أيضاً، وكثيراً ما سمعت إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبلها بنحو نصف ساعة، وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة قبل وقتها في شهر رمضان...وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام، وتعريض لصلاة الفجر للبطلان، وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي , وإعراضهم عن التوقيت الشرعي , كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: ((وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)) وحديث: ((فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر))، وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين)). [السلسلة الصحيحة (5/52) حديث رقم (2031)] ولكن لم أجد هذا الكلام !!.
    القول الخامس : شهادة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- ( بالنسبة لصلاة الفجر المعروف أن التوقيت الذي يعرفه الناس الآن ليس بصحيح فالتوقيت مقدم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أن الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة فالمسألة خطيرة جدا ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة وليتأخر ثلث ساعة أو 25 دقيقة حتى يتقين أن الفجر قد حضر وقته ). [شرح رياض الصالحين (3/216)] برقم الحديث 1075
    الأبحاث في هذه المسألة:
    وفضلاً عن هذه الشهادات العلمية ، والمتضمنة لأدلة قوية، فقد ظهرت عدة بحوث في هذه المسألة تبين صحة ما ذكرنا.
    الأولى: قام الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان ببحث بعنوان((أوقات الصلوات المفروضة))، وقد ذكر فيه أنه قام برصد الفجر لعام كامل، وأن وقت الفجر حسب تقويم أم القرى، متقدم عن التوقيت الشرعي للفجر ما بين (15) دقيقة إلى 24دقيقة حسب فصول السنة.
    الثانية: قام الباحث الشيخ عبد الله بن إبراهيم التركي ببحث أثبت فيه التفاوت بين الواقع وتقويم أم القرى في وقت الفجر, وكان يُشهد الشهود على طلعاته ومشاهداته.
    الثالثة: قامت منظمة (الإسنا) الإسلامية بأمريكا الشمالية بدراسة الأوقات كلها , وأثبتت صحة ما ذكرنا , وأصدرت توقيتًا معروفًا عند المسلمين , و هذا التوقيت موجودٌ في ساعة العصر وبعض الجوالات والحاسبات باسم توقيت الإسنا.
    الرابعة: دراسة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كنت قد كتبت معظم ما سبق قبل سبع سنين تقريباً، ثم خرجت علينادراسة علمية فلكية من أهم الدراسات لقضية الفجر وأدقها، وهي ما قام به معهد بحوثالفلك في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بناء على توجيه من سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة، ومعالي الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الدينية- حفظهم الله. وقد شارك في هذا البحث أفاضل من علماء الدين والفلك،وتميزت الدراسة بالتجرد، والميدانية، والشرعية، والفلكية، والعلمية، والتجارب المتكررة، وكانت بحق دراسة دقيقة ونافعة، فجزاهم الله خير الجزاء، وإن المسلم ليفتخر أن يجد مثل هذه الدراسات المتجردة، والدقيقة عند المسلمين، وقد أسفرت الدراسة عن الأمور التالية:
    - أن واضع تقويم أم القرى ليس لديه علم شرعي، فهو لايفرق بين الفجر الكاذب، والفجر الصادق، ولهذا وضع وقت الفجر في التقويم على الفجر الكاذب حسب إفادته، وهذا خطأ شرعي واضح، فإن وقت الفجر الذي يحرم به الصيام، ويبيح الصلاة هو الفجر الصادق-كما هو معلوم من الشرع وقد سبق بيانه.
    - أن واضع التقويم قدم وقت الفجر بهواه مقدار درجة وهي تعادل 4- 4.45 دقيقة، وذلك حيطة منه للصيام،فوقع فيما هو أخطر منه , وهو تقديم صلاة الفجر- أن الفجر الكاذب الذي وضع عليه التقويم متقدم على الصادق بنحو عشرين دقيقة ، يزيد وينقص نحو خمس دقائق، وذلك حسب طول الليل، والنهار، وقصرهما.وبعد مقابلة اللجنة المشرفة على الدراسة للمسئول عن أم القرى وتسجيل هذه المقابلة قالت: " وقد أمكن اللقاء بمعد التقويم سابقًا الدكتور فضل نور , الذي أفاد بأنه أعد التقويم بناءً على ما ظهر له, وليس لديه أي أساس مكتوب, ومن خلال الحديث معه ومحاورته تبين أنه لا يميز بين الفجر الكاذب والصادق على وجه دقيق, حيث أعد التقويم على أول إضاءة تجاه الشرق في الغالب ,أي: على درجة 18 وبعد عشر سنوات قدمه إلى 19 درجة احتياطًا "
    وقت صلاة الظهر
    الأحاديث التي جاءت في تحديد وقت الظهر
    في الصحيحين من حديث أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَيُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ .
    عند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « .. وَوَقْتُ صَلاَةِ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ.
    وعند مسلم أيضاً : من حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى لَهُمْ صَلاَةَ الظُّهْرِ .
    وعن جابر بلفظ : " فصلى الظهر حين زالت الشمس . الحديث . أخرجه النسائي
    وفي الصحيحين من حديث سلمة بن الأكوع : كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتبع الفئ " .
    وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ بِلاَلٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتْ فَلاَ يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ الصَّلاَةَ حِينَ يَرَاهُ.
    وعند البيهقي من حديث أبي أيوب كان يصلي قبل الظهر أربعاً إذا زالت الشمس ويقول : أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس قال الشيخ الألباني صحيح
    وعند أحمد ومسلم وأبي داؤود والنسائي من حديث ابن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ.. ».
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ - ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ.
    وعند أبي داود من حديث أبي بَرْزَةَ قال:كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الظهر إذا زالت الشمس .
    وعند النسائي من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ .
    ويشهد للحديث: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابر:كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا زالت الشمس صلى الجمعة فنرجع وما نجد فيئاً نستظل به. قال الحافظ في "التلخيص " (2/59) : " وإسناده حسن ". صحيح أبي داود - (4 / 252)
    وعند البخاري من حديث أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ يُصَلِّى الْهَجِيرَ الَّتِى تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ .
    وعند أبي داؤود من حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَقَرَأَ بِنَحْوِ مِنْ ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ) وَالْعَصْرَ كَذَلِكَ وَالصَّلَوَاتِ كَذَلِكَ إِلاَّ الصُّبْحَ فَإِنَّهُ كَانَ يُطِيلُهَا.
    وعند النسائي من حديث جَابِرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « صَلِّ مَعِى ». فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ..قَالَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ فَىْءُ الإِنْسَانِ مِثْلَهُ.
    وعند النسائي وعند مسلم من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُهُ مَوَاقِيتَ الصَّلاَةِ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَأَتَاهُ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
    .. ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ الثَّانِىَ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصَيْهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ .
    وعند الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن للصلاة أولاً وآخراً وإن أول وقت صلاة الظهر حين نزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر ...
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ الْعَصْرُ .. ».
    ففي هذه الأدلة تبيين وتوضيح وقت صلاة الظهر ومعرفة كيفية وقتها ونضيف بعض المسائل المتعلقة في معرفة وقت صلاة الأولى .
    مسألة : أول وقت صلاة الظهر ؟
    فقد أجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الظهر هو زوال الشمس عن كبد السماء كما هو معروف من دين الإسلام وقد نقل هذا الإجماع غير من العلماء منهم النووي وابن قدامة وابن المنذر وابن عبدالبر والشنقيطي . المغني 2/9 المجموع 3/21 أضواء البيان1/381
    مسألة : آخر وقت صلاة الظهر ؟
    اختلف العلماء فيه على أربعة الأقوال
    والقول الراجح الذي تدل عليه الأدلة
    أن آخر وقت صلاة الظهر هو مصير ظل كل شيئ مثله .
    هذا القول هو قول مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم .
    المغني 2/9 المجموع 3/21 أضواء البيان1/381 إعلام الموقعين 2/385

    وقد تكلم الإمام الشنقيطي معرفة وقت صلاة الظهر فقال: أول وقت الظهر فهو زوال الشمس عن كبد السماء بالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ، فاللام للتوقيت ودلوك الشمس زوالها عن كبد السماء على التحقيق.
    وأما السنة فمنها حديث أبي برزة الأسلمي عند الشيخين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس... الحديث، ومعنى تدحض: تزول عن كبد السماء.
    وفي رواية لمسلم: حين تزول، وفي "الصحيحين" عن جابر رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة، وفي "الصحيحين" من حديث أنس رضي الله عنه أنه خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر، وفي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمني جبريل عند باب البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس" الحديث، أخرجه الإمامان الشافعي وأحمد، وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني والحاكم في "المستدرك"، وقال: هو حديث صحيح.
    وقال الترمذي: حديث حسن، فإن قيل في إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف وكلهم مختلف فيهم،
    فالجواب: أنهم توبعوا فيه فقد أخرجه عبد الرزاق عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس نحوه.
    قال ابن دقيق العيد: هي متابعة حسنة، وصححه ابن العربي، وابن عبد البر، مع أن بعض رواياته ليس في إسنادها عبد الرحمن بن أبي الزناد بل سفيان، عن عبد الرحمن بن الحارث المذكور، عن حكيم بن حكيم المذكور، فتسلم هذه الرواية من التضعيف بعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومن هذه الطريق أخرجه ابن عبد البر، وقال: إن الكلام في إسناده لا وجه له، وكذلك أخرجه من هذا الوجه أبو داود، وابن خزيمة، والبيهقي، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل، عليه السلام، فقال له: "قم فصله" ، فصلى الظهر حين زالت الشمس الحديث، أخرجه الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن حبان، والحاكم.
    وقال الترمذي: قال محمد: يعني البخاري، حديث جابر، أصح شيء في المواقيت.
    قال عبد الحق: يعني في إمامة جبريل، وهو ظاهر، وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن وقت الصلاة، فقال: "صل معنا هذين اليومين" ، فلما زالت الشمس أمر بلالاً رضي الله عنه فأذن ثم أمره فأقام الظهر. الحديث أخرجه مسلم في "صحيحه"، وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، إلى أن قال: ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم, الحديث، رواه مسلم أيضاً، والأحاديث في الباب كثيرة جداً.
    وأما الإجماع، فقد أجمع جميع المسلمين على أن أول وقت صلاة الظهر هو زوال الشمس عن كبد السماء، كما هو ضروري من دين الإسلام.
    وأما آخر وقت صلاة الظهر، فالظاهر من أدلة السنة فيه، أنه عندما يصير ظل كل شيء مثله من غير اعتبار ظل الزوال، فإن في الأحاديث المشار إليها آنفاً، أنه في اليوم الأول صلى العصر عندما صار ظل كل شيء مثله في إمامة جبريل، وذلك عند انتهاء وقت الظهر، وأصرح شيء في ذلك ما أخرجه مسلم في"صحيحه" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر" ، وهذا الحديث الصحيح يدل على أنه إذا جاء وقت العصر، فقد ذهب وقت الظهر، والرواية المشهور عن مالك رحمه الله تعالى أن هذا الذي ذكرنا تحديده بالأدلة، هو وقت الظهر الاختياري، وأن وقتها الضروري يمتد بالاشتراك مع العصر إلى غروب الشمس.
    وروي نحوه عن عطاء، وطاوس، والظاهر أن حجة أهل هذا القول الأدلة الدالة على اشتراك الظهر والعصر في الوقت، فمن حديث ابن عباس المشار إليه سابقاً فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في الأول، وعن ابن عباس أيضاً قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير خوف، ولا سفر. متفق عليه، وفي رواية لمسلم: من غير خوف، ولا مطر فاستدلوا بهذا على الاشتراك، وقالوا أيضاً: الصلوات زيد فيها على بيان جبريل في اليوم الثاني، فينبغي أن يزاد في وقت الظهر.
    قال مقيده عفا الله عنه: الظاهر سقوط هذا الاستدلال، أما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر، في اليوم الأول فيجاب عنه بما أجاب به الشافعي رحمه الله وهو أن معنى صلاته للظهر في اليوم الثاني فراغه منها، كما هو ظاهر اللفظ، ومعنى صلاته للعصر في ذلك الوقت، في اليوم الأول ابتداء الصلاة، فيكون قد فرغ من صلاة الظهر في اليوم الثاني عند كون ظل الشخص مثله، وابتدأ صلاة العصر في اليوم الأول عند كون ظل الشخص مثله أيضاً، فلا يلزم الاشتراك، ولا إشكال في ذلك؛ لأن آخر وقت الظهر، هو أول وقت العصر، ويدل لصحة هذا الذي قاله الشافعي، ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي موسى رضي الله عنه وصلى الظهر قريباً من وقت العصر بالأمس، فهو دليل صحيح واضح في أنه ابتدأ صلاة الظهر في اليوم الثاني قريباً من وقت كون ظل الشخص مثله، وأتمها عند كون ظله مثله كما هو ظاهر.
    وأما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس، المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة من غير خوف، ولا سفر، فيجاب عنه بأنه يتعين حمله على الجمع الصوري جمعاً بين الأدلة، وهو أنه صلى الظهر في آخر وقتها حين لم يبق من وقتها إلا قدر ما تصلى فيه، وعند الفراغ منها دخل وقت العصر فصلاها في أوله، ومن صلى الظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها كانت صورة صلاته صورة الجمع، وليس ثم جمع في الحقيقة؛ لأنه أدى كلاً من الصلاتين في وقتها المعين لها، كما هو ظاهر، وستأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله.
    وأما الاستدلال بأن الصلوات زيد فيها على بيان جبريل، فهو ظاهر السقوط؛ لأن توقيت العبادات توقيفي بلا نزاع، والزيادة في الأوقات المذكورة ثبتت بالنصوص الشرعية. أضواء البيان - (1 / 280)
    قال أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي :وقت صلاة الظهر : أجمع العلماء على أن وقت صلاة الظهر يدخل حين تزول الشمس عن كبد السماء وهو ميل الشمس عن وسط السماء إلى جهة المغرب. فلو شرع المصلى في التكبير قبل ظهور الزوال ثم ظهر الزوال عقب التكبير أو في أثنائه لم يصح الظهر. الفواكه الدواني - (2 / 622)
    وقال السندي في حاشية النسائي: قوله: صلى به الظهر أي: فرغ منها. وأما في العصر الأول فالمراد بقوله: صلى، شرع فيها، وهذا لأن تعريف وقت الصلاة بالمرتين يقتضي أن يعتبر الشروع في أولى المرتين والفراغ في الثانية منهما ليتعين بهما الوقت ويعرف أن الوقت من شروع الصلاة في أولى المرتين إلى الفراغ منها في المرة الثانية. وهذا معنى قول جبريل أي:في حديث أبي هريرة: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم، أي:وقت الصلاة من وقت الشروع في المرة الأولى إلى وقت الفراغ في المرة الثانية. وبهذا ظهر صحة هذا القول في صلاة المغرب، وإن صلى في اليومين في وقت واحد. وسقط ما يتوهم أن لفظ الحديث يعطي وقوع الظهر في اليوم الثاني في وقت صلاة العصر في اليوم الأول، فيلزم التداخل أي: الاشتراك في الأوقات، وهو مردود عند الجمهور، ومخالف لحديث: لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة أخرى ومخالف لحديث مسلم بلفظ: وقت الظهر ما لم يحضر العصر.
    وقال ابن عثيمين : ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله. مجموع فتاوى ورسائل - (7 / 338)
    فيدخل وقت الظهر بالزوال ، ثم ينتهي إذا صار ظل كل شيء مثله ، ثم يدخل وقت العصر مباشرة . مجموع فتاوى ورسائل - (12 / 174)
    معرفة الزوال وبيان كيفية الزوال
    قال عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود : قوله: [ (فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك) ]. الشمس تطلع من جهة الشرق والفيء يكون إلى جهة الغرب، فإذا توسطت واتجهت إلى جهة الغرب بدأ الظل يتجه إلى جهة الشرق، فإذا زالت الشمس عن الرأس وانكسر الفيء بحيث يصير الظل إلى جهة الشرق عند ذلك يبدأ وقت الظهر. قوله: [ (وكانت قدر الشراك) ] يعني أن ظلها يكون شيئاً يسيراً تحت الجدران مثل سير النعل الذي يكون على ظاهر النعل، وهذا هو أول وقت الظهر.
    ويعرف الزوال بزيادة الظل بعد تناهي نقصانه لأن الشمس إذا طلعت رفع لكل شاخص ظل طويل إلى جانب المغرب، ثم كلما دامت الشمس في الارتفاع فالظل ينتقص، فإذا انتهت الشمس إلى وسط السماء - وهي حالة الاستواء وانتصاف النهار - انتهى نقصان الظل ووقف، فإذا زاد الظل أدنى زيادة على الجهة الأخرى دل ذلك على الزوال.
    وأما بالنسبة للأماكن فكلما قرب المكان من خط الاستواء نقص الظل عند الزوال. الفواكه الدواني - (2 / 622)
    قال النووي: معرفة الزوال قال أصحابنا رحمهم الله الزوال هو ميل الشمس عن كبد السماء بعد انتصاف النهار وعلامته زيادة الظل بعد تناهى نقصانه وذلك أن ظل الشخص يكون في أول النهار طويلاً ممتداً فكلما ارتفعت الشمس نقص فإذا انتصف النهار وقف الظل فإذا زالت الشمس عاد الظل إلي الزيادة فإذا أردت أن تعلم هل زالت فانصب عصاً أو غيرها في الشمس على أرض مستوية وعلم على طرف ظلها ثم راقبه فإن نقص الظل علمت أن الشمس لم تزل ولا تزال تراقبه حتي يزيد فمتى زاد علمت الزوال حينئذ , ويختلف قدر ما يزول عليه الشمس من الظل باختلاف الأزمان والبلاد ، فأقصر ما يكون الظل عند الزوال في الصيف عند تناهي طول النهار ، وأطول ما يكون في الشتاء عند تناهي قصر النهار . المجموع شرح المهذب - (3 / 24)
    س : السائل : ي . ع - من الخرطوم - جمهورية السودان يقول : أرجو أن تفيدوني عن الوقت الضروري لكل من صلاة الظهر ، والعصر ، والمغرب .
    ج : أما الظهر : فليس لها وقت ضروري ، بل كل وقتها اختياري ، فإذا زالت الشمس دخل وقت الظهر ، ولا يزال الوقت اختيارياً إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال ، وكل هذا وقت اختياري . مجموع فتاوى ابن باز - (10 / 383)
    س : ما هو الزوال ومتى يبدأ وقته وما معنى ظل كل شيء مثله أو مثليه ؟
    ج : الزوال ميل الشمس إلى جهة الغرب هذا هو الزوال ، إذا مالت إلى جهة الغرب في نظر الناظر هذا الزوال ، يتبين بالمنصوبات ، إذا نصب شيء يتبين بعد فيء الزوال إذا زالت الشمس زاد الفيء بعد ما مالت للمغرب هذا هو الزوال . مجموع فتاوى ابن باز - (29 / 205)
    تحديد آخر في معرفة وقت صلاة الظهر
    ومعنى قول الفقهاء (بعد ظل الزوال): أن للشيء ظل وقت الاستواء، ويكون قدره قدماً أو قدمين، وهذا حينما تكون الشمس في كبد السماء؛ لأن أشعة الشمس في فصل الشتاء لا تنزل متعامدة على الأرض، بل تنزل بزاوية منحرفة، وهذا الانحراف يجعل للشيء ظلاً عندما تكون الشمس في كبد السماء، ولكن في شدة الصيف، وعند ما يستوي الليل والنهار؛ تكون أشعة الشمس متعامدة، فتنزل على رأس الشاخص فلا يكون له ظل عند الاستواء.
    فهناك ظل للزوال يختلف باختلاف الفصول وباختلاف مواقع الأرض من العالم، فننظر قدر ظل الزوال حينما زالت الشمس، فنحسب الظل الموجود وقت الزوال، ثم نضيفه إلى الظل الموجود وقت قياس الظل، فإذا صار ظل كل شيء مثله عدا ظل الزوال، فيكون هذا آخر وقت الظهر.)
    إذاً: حينما تكون الشمس في كبد السماء فإما أن يكون للشيء ظل في الأرض موجود بالفعل، وذلك لعدم تعامد أشعة الشمس على الأرض، وإما ألا يكون له ظل، وآخر وقت الظهر عندما يصير ظل كل شيء مثله، فإن كان يوجد ظل للزوال أضيف إلى ظل الشاخص، وإن لم يكن له ظل عند الاستواء فنحسب ظله فقط.
    قال الشيخ الإسلام ابن تيمية : ففي حديث جبريل أنه صلى الظهر حين كان الفيء مثل الشراك. وففي رواية جابر أنه صلى حين زالت الشمس فعلم أن ذلك الفيء هو فيء الزوال لا سيما والفرض يتبين أول الوقت في أوقات وأمكنة يكون الفيء فيها قدر ذراع حين الزوال و لا يقال الفيء هو الظل بعد الزوال و ما قبل ذلك إنما يسمى ظلاً لا فيئاً لأن الشمس إذا زالت فلا بد أن يفيء الظل أدنى الفيء فيسمى الظل كله حينئذ فيئاً و لا يصح أن يراد الفيء الزائد على فيء الزوال لأن ذلك لا يتميز وليس في الحديث ما يدل عليه ثم إن ذلك إنما يصير قريباً من انتصاف الوقت ومثل ذلك لا يكون هو الأفضل في غير الحر بلا تردد. شرح العمدة - (4 / 196)
    والفيء هو الظل، ولا يقال: إلا للراجع منه ..لأن زوال الشمس لا يتبين إلا بأقل مما يرى من الظل في جانب المشرق، وكان حينئذ بمكة هذا القدر والظل يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فكل بلد هو أقرب إلى خط الاستواء ومعدل النهار كان الظل فيه أقصر، وكل بلد كان أبعد عنهما إلى جانب الشمال كان فيه أطول، قاله ابن الملك. وقال الطيبي: وإنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلاد التي يقل فيها الظل، فإذا كان أطول النهار، واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير لشيء من جوانبها ظل-انتهى.
    والمراد منه أن وقت الظهر حين يأخذ الظل في الزيادة بعد الزوال .مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (3 / 36)
    قال الشيخ الإسلام : وَوَقْتُ الظُّهْرِ : مِنْ الزَّوَالِ إلَى مَصِيرِ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلِهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ. مجموع الفتاوى - (22 / 74) القواعد النورانية الفقهية - (17)
    فتاوى اللجنة في تحديد وقت صلاة الظهر
    س1: متى يدخل وقت الظهر ومتى يخرج؟
    جـ: يدخل وقت الظهر بزوال الشمس وميلها عن وسط السماء إلى جهة الغرب، وينتهي بدخول وقت العصر، وذلك حين يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، وهذا لغير المسافر ونحوه من ذوي الأعذار.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز . فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 119)
    س: كيفية مواقيت صلاة الظهر والعصر. مثلاً في وقت الشتاء يكون الظل في الثانية عشرة تاماً (خمسة أقدام) بتوقيت جمهورية مالي . كيف تكون صلاة الظهر والعصر مثل هذا الوقت. وفي وقت الصيف الظل يكون تحت القدم ويختلط علينا الوقت طول السنة، ولهذا نرسل إلى فضيلتكم أن توضحوا لنا كيفية هذه المواقيت الظهر والعصر؟
    جـ: بين لنا الشرع أوقات الصلوات بعلامات كونية عامة في العصور والأماكن مضبوطة لا تختلف، بين لنا أن وقت الظهر يبدأ حين الزوال أي حين تميل الشمس عن وسط السماء إلى جهة الغرب وعند ذلك يبدأ ظل كل شيء يمتد شرقاً بعد أن كان قبل الزوال غرباً، وينتهي وقته بدخول وقت العصر سواء كان مقدار الظل وقت الزوال طويلاً كما في الشتاء أم قصيراً كما في الصيف. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز . فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 122)
    وقال ابن عثيمين : ولذلك كان وقت صلاة الظهر كما جاء مبيناً مفصلاً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ، بإسقاط فيء الزوال .مجموع فتاوى ورسائل - (12 / 120)
    وقالت اللجنة : وأوقات الصلوات الخمس معروفة من دين الإسلام بالضرورة تناقلها خلف هذه الأمة عن سلفها ممن تلقوها عن صاحب الرسالة العظمى صلوات الله وسلامه عليه. فقد أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محددة، وورد في بيانها أحاديث صحاح أبانت مجموعها أن وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثله بعد الفيء الذي زالت عليه الشمس
    ثم ذكرت اللجنة بعض الأدلة المتقدمة في تحديد وقت صلاة الظهر,
    ثم قالت:وهذه المواقيت المبينة عامة لجميع أقطار الأرض، ولكل بلد حكمها حسب زوال الشمس بها وغروبها بها وطلوع فجرها سواء تقارب ما بين أوقاتها المبينة أو تباعد بشكل دائم أو في بعض الأوقات. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 112)

    وقت صلاة العصر
    الأحاديث التي جاءت في تحديد وقت العصر
    في الصحيحين من حديث أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ.
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « ..وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الأَوَّلُ.
    وعند النسائي من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُهُ مَوَاقِيتَ الصَّلاَةِ .. وَأَتَاهُ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّى الْعَصْرَ ..
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَقْتُ الظُّهْرِ .. وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ..
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ -.. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ..
    وعند أبى داود من حديث أَبِى بَرْزَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .. وَيُصَلِّى الْعَصْرَ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَيَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ..
    وعند النسائي من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .. وَيُصَلِّى الْعَصْرَ بَيْنَ صَلاَتَيْكُمْ هَاتَيْنِ..
    وعند البخاري من حديث أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ كَانَ ..يُصَلِّى الْعَصْرَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ..
    وعند النسائي من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُهُ مَوَاقِيتَ الصَّلاَةِ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .. وَأَتَاهُ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّى الْعَصْرَ .. ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ الثَّانِىَ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصَيْهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الْعَصْرَ.
    وعند الترمذي من حديث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن للصلاة أولاً وآخراً ..وإن أول صلاة العصر حين يدخل وقتها وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس ..
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ .. ».
    هذه الأحاديث بينت معرفة وقت صلاة العصر ونزيد من باب الفائدة بعض المسائل المتعلقة في توضيع وتحديد وقت صلاة العصر .
    مسألة : أول وقت صلاة العصر ؟
    للعلماء فيه أربعة الأقوال
    والقول الراجح هو قول الجمهور أن آخر وقت الظهر هو أول وقت صلاة العصر وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة والآحاديث المتقدمة من غير نقص في ظل الشاخص ولا زيادة. المغني 2/14 المجموع 3/26 أضواء البيان1/381 إعلام الموقعين 2/385 الأوسط 2/329 الفتح 2/26 الممتع 2/100
    مسألة : آخر وقت صلاة العصر ؟
    دلت نصوص السنة الصحيحة أن له وقتين إختياري واضطراري .
    مسألة : ما هو وقت الإختياري للعصر ؟
    فيه قولان للعلماء
    والقول الراجح هو اصفرار الشمس لما ثبت عند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ .هو قول أبي حنيفة والأوزاعي وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد ورواية عن أحمد ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن مفلح والسعدي وابن عثيمين . المغني 2/15 المجموع 3/28 غاية المرام 3/25 الأوسط 2/331 اللجنة6/113
    مسألة : ما هو وقت الإضطراري للعصر ؟
    هو بعد الوقت الإختياري إلى غروب الشمس وهذا خاص لأهل الأعذار ولا خلاف بين العلماء في ذلك لما جاء في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَة، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَدرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ.
    وما ثبت عند البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاَتَهُ » .
    ولا يجوز تأخير العصر عن وقت الإختيار لغير عذر لما وروى مسلم وأبو داود من حديث أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان - أو على قرني شيطان - قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً . ولو أبيح تأخيرها لما ذمه عليه وجعله علامة النفاق. المغني 1 / 418 أضواء 1/386
    وقد بين أهل العلم معرفة وقت صلاة العصر
    قال الإمام الشنقيطي : وأما صلاة العصر، فقد دلت نصوص السنة على أن لها وقتاً اختيارياً، ووقتاً ضرورياً أما وقتها الاختياري فأوله عندما يكون ظل كل شيء مثله من غير اعتبار ظل الزوال، ويدخل وقتها بانتهاء وقت الظهر المتقدم بيانه، ففي حديث ابن عباس المتقدم: فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله.
    وفي حديث جابر المتقدم أيضاً: فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، وهذا هو التحقيق في أول وقت العصر، كما صرحت به الأحاديث المذكورة وغيرها.
    وقال الشافعي: أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله، وزاد أدنى زيادة.
    قال مقيده عفا الله عنه: إن كان مراد الشافعي أن الزيادة لتحقيق بيان انتهاء الظل إلى المثل إذ لا يتيقن ذلك إلا بزيادة ما كما قال به بعض الشافعية فهو موافق لما عليه الجمهور لا مخالف له، وإن كان مراده غير ذلك فهو مردود بالنصوص المصرحة بأن أول وقت العصر عندما يكون ظل الشيء مثله من غير حاجة إلى زيادة، مع أن الظاهر إمكان تحقيق كون ظل الشيء مثله من غير احتياج إلى زيادة ما. وشذ أبو حنيفة رحمه الله من بين عامة العلماء فقال: يبقى وقت الظهر حتى يصير الظل مثلين، فإذا زاد على ذلك يسيراً كان أول وقت العصر.
    ونقل النووي في "شرح المهذب" عن القاضي أبي الطيب أن ابن المنذر قال: لم يقل هذا أحد غير أبي حنيفة رحمه الله وحجته حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوارة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا إلى صلاة العصر فعجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين. فقال أهل الكتاب: أي ربنا، أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً ونحن أكثر عملاً ؟ قال الله تعالى: هل ظلمتكم من أجركم من شيء، قالوا لا قال فهو فضلي أوتيه من أشاء" متفق عليه. قال: فهذا دليل على أن وقت العصر أقصر من وقت الظهر ومن حين يصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس هو ربع النهار، وليس بأقل من وقت الظهر، بل هو مثله.
    وأجيب عن هذا الاستدلال بأن المقصود من هذا الحديث ضرب المثل لا بيان تحديد أوقات الصلاة، والمقصود من الأحاديث الدالة على انتهاء وقت الظهر عندما يصير ظل الشيء مثله هو تحديد أوقات الصلاة،.
    وقد تقرر في الأصول أن أخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها مع أن الحديث ليس فيه تصريح بأن أحد الزمنين أكثر من الآخر وإنما فيه أن عملهم أكثر، وكثرة العمل لا تستلزم كثرة الزمن لجواز أن يعمل بعض الناس عملاً كثيراً في زمن قليل، ويدل لهذا أن هذه الأمة وضعت عنها الآصار والأغلال التي كانت عليهم.
    قال ابن عبد البر: خالف أبو حنيفة في قوله هذا الآثار والناس، وخالفه أصحابه، فإذا تحققت أن الحق كون أول وقت العصر عند ما يكون ظل كل شيء مثله، من غير اعتبار ظل الزوال.فاعلم، أن آخر وقت العصر جاء في بعض الأحاديث تحديده بأن يصير ظل كل شيء مثليه، وجاء في بعضها تحديده بما قبل اصفرار الشمس، وجاء في بعضها امتداده إلى غروب الشمس، ففي حديث جابر وابن عباس المتقدمين في إمامة جبريل في بيانه لآخر وقت العصر في اليوم الثاني، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، وفي حديث عبد الله بن عمر وعند مسلم وأحمد، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، وفي حديث أبي موسى عند أحمد ومسلم وأبي داود والنسائي، ثم أخر العصر فانصرف منها، والقائل يقول: احمرت الشمس، وروى الإمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربع نحوه من حديث بريدة الأسلمي، وفي حديث عبد الله بن عمر، وعند مسلم ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول.
    وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
    والظاهر في وجه الجمع بين هذه الروايات في تحديد آخر وقت العصر أن مصير ظل الشيء مثليه، هو وقت تغيير الشمس من البياض والنقاء إلى الصفرة، فيؤول معنى الروايتين إلى شيء واحد، كما قاله بعض المالكية.
    وقال ابن قدامة في "المغني": أجمع العلماء على أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية، فقد صلاها في وقتها، وفي هذا دليل على أن مراعاة المثلين عندهم استحباب ولعلهما متقاربان يوجد أحدهما قريباً من الآخر. اهـ. منه بلفظه. وهذا هو انتهاء وقتها الاختياري.
    وأما الروايات الدالة على امتداد وقتها إلى الغروب، فهي في حق أهل الأعذاء كحائض تطهر، وكافر يسلم، وصبي يبلغ، ومجنون يفيق، ونائم يستيقظ، ومريض يبرأ، ويدل لهذا الجمع ما رواه الإمام أحمد ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر الله إلا قليلاً " . ففي الحديث دليل على عدم جواز تأخير صلاة العصر إلى الاصفرار فما بعده بلا عذر . أضواء البيان - (1 / 280)
    وقال الشيخ الإسلام ابن تيمية : وأما العصر فإن حال الشمس لا تختلف بدخول وقتها اختلافاً ظاهراً و إنما يعرف بالظلال أو نحو ذلك فلما كان وقتها قد يشتبه دخوله كان التضييع لها أكثرت التضييع لغيرها فكان تخصيصها بالأمر بالمحافظة عليها مناسباً لذلك
    ووقتها من حين يصير ظل كل شيء مثله فإذا صار ظل الشخص مثله و زاد أدنى زيادة فقد دخل وقت العصر . شرح العمدة - (4 / 162)
    قوله صلى الله عليه وسلم (وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله) أي: بعد ظل الزوال، فيه دليل على أن أول وقت العصر من حين يصير ظل كل شيء مثله. وبه قال: الأئمة الثلاثة، وأبو يوسف ومحمد والحسن وزفر والطحاوي وغيرهم، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة على ما في عامة الكتب...والمشهور عن أبي حنيفة أنه لا يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه. قال الحافظ: لم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة.انتهى.
    قلت: والرواية الثانية عنه كمذهب الجمهور. فالتحقيق الذي ارتضاه المحققون أن الصحيح من المذهب هو العمل برواية المثل في الظهر ويدخل بعده وقت العصر-انتهى.
    قوله: (فلما كان الغد) أي: اليوم الثاني (صلى بي الظهر حين كان ظله) أي: ظل كل شيء (مثله) أي:مع فيء الزوال.
    وقال:القاري: أي: قريباً منه من غير الفيء. قال الطيبي: ليس المراد بعد ظل الزوال، فلا يلزم كون الظهر والعصر في وقت واحد انتهى.
    مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (2 / 288)
    قوله :وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله. أي بعد ظل الزوال قاله الطيبي وقال ابن الملك معناه زاد ظل كل شيء عن مثله أدنى زيادة .. والأظهر أن المراد بالظل الحادث. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (3 / 36)
    وقال الشيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا الْعَصْرُ فَهَذَا يَقُولُ: تُصَلَّى إلَى الْمِثْلَيْنِ، وَهَذَا يَقُولُ: لَا تُصَلَّى إلَّا بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُصَلَّى مِنْ حِينِ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، فَوَقْتُهَا أَوْسَعُ، كَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ، وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَدَنِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ.
    وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ مَسَائِلَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهَا بِقَوْلٍ يَجْمَعُ، لَكِنْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عَلَيْهِ دَلَائِلُ شَرْعِيَّةٌ تُبَيِّنُ الْحَقَّ.. الفتاوى الكبرى - (2 / 287) مجموع الفتاوى - (23 / 268)
    فتاوى اللجنة في تحديد وقت صلاة العصر
    س1: متى يدخل وقت الظهر ومتى يخرج؟
    جـ: يدخل وقت الظهر بزوال الشمس وميلها عن وسط السماء إلى جهة الغرب، وينتهي بدخول وقت العصر، وذلك حين يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، وهذا لغير المسافر ونحوه من ذوي الأعذار.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 119)
    س: كيفية مواقيت صلاة الظهر والعصر. مثلاً في وقت الشتاء يكون الظل في الثانية عشرة تاماً (خمسة أقدام) بتوقيت جمهورية مالي . كيف تكون صلاة الظهر والعصر مثل هذا الوقت. وفي وقت الصيف الظل يكون تحت القدم ويختلط علينا الوقت طول السنة، ولهذا نرسل إلى فضيلتكم أن توضحوا لنا كيفية هذه المواقيت الظهر والعصر؟
    جـ: بين لنا الشرع أوقات الصلوات بعلامات كونية عامة في العصور والأماكن مضبوطة لا تختلف، وبين لنا أن وقت العصر يبدأ إذا صار ظل كل شيء مثله بعد الظل الذي كان موجوداً حين الزوال سواء كان طويلاً أم قصيراً.
    وقد ذكر العلماء أن طول كل إنسان سبعة أقدام بقدم نفسه، وعلى هذا يكون بدء وقت العصر إذا صار مقدار ما زاد بعد ظل الزوال سبعة أقدام بقدم نفسك في أي مكان كنت وفي أي زمان من صيف أو شتاء، وينتهي وقته بغروب الشمس.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 122)
    وقال ابن عثيمين كما في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (7 / 338) : وقت العصر من مصير ظل كل شيء مثله .
    وقال أيضاً : وصلاة العصر من أن يصير ظل كل شيء مثله. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (12 / 120)
    وقالت اللجنة : ووقت العصر حين يصير ظل الشيء مثله بعد فيء الزوال إلى أن يصير مثليه.
    فتاوى اللجنة الدائمة - (6 / 112)
    وقت صلاة المغرب
    وقت المغرب هو غروب الشمس
    الأحاديث التي جاءت في تحديد وقت المغرب
    في الصحيحين من حديث سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ إِذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ .
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «..وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ .
    وعند مسلم من حديث سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى الْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ.
    وفي الصحيحين من حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى .. وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ .
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « .. وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ .
    وعند النسائي من حديث جَابِرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « صَلِّ مَعِى ». فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ فَىْءُ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ .
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ « صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ ». يَعْنِى الْيَوْمَيْنِ ..ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ..
    فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِى ..وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ.
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ - فَأَقَامَ ... ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ .. ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ ..
    وعند أبى داود والترمذي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَّنِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِىَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَصَلَّى بِىَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَصَلَّى بِىَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ..
    فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ..وَصَلَّى بِىَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ..
    وعند النسائي من حديث جَابِرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « صَلِّ مَعِى ». فَصَلَّى ..وَالْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ... وَالْمَغْرِبَ حِينَ كَانَ قُبَيْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ.
    ورواى أحمد والنسائي والترمذي بنحوه من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال : .. ثم جاءه المغرب فقال : قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاء من الغد للظهر فقال : .. ثم جاءه المغرب وقتاً واحداً لم يزل عنه .
    وعند الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن للصلاة أولاً وآخراً .. وإن أول وقت للمغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق ..
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ..فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ ».
    ومن هذه الآحاديث نستفيد بمعرفة وقت صلاة المغرب ونضم فيها بعض المسائل تتعلق به. قبل أن نضيف هذه المسائل نذكر كيف يعرف دخول وقت صلاة المغرب
    يعرف من إقبال ظلام الليل من أسفل السماء من جهة المشرق وإدبار النهار مع تحقق غروب الشمس من جهة المغرب.كما جاء في الصحيحين من حديث عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ ههُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائمُ .
    قال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري ، المعروف بابن دقيق العيد : الإقبال والإدبار متلازمان أعني: إقبال الليل وإدبار النهار وقد يكون أحدهما أظهر للعين في بعض المواضع فيستدل بالظاهر على الخفي كما لو كان في جهة المغرب ما يستر البصر عن إدراك الغروب وكان المشرق بارزاً ظاهراً فيستدل بطلوع الليل على غروب الشمس. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام - (1 / 282)
    وقال أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري : قوله: (إذا أقبل الليل) أي ظلامه (من ههنا) أي من جهة المشرق ففي حديث عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري إذا رأيتم الليل أقبل من ههنا وأشارة بأصبعه قبل المشرق (وأدبر النهار) أي ضياءه فكل على حذف مضاف (من ههنا) أي من جهة المغرب (وغربت) بفتح الراء أي غابت (الشمس) أي كلها. قال الطيبي: وإنما قال غربت الشمس مع الاستغناء عنه لبيان كمال الغروب، كيلا يظن أنه يجوز الإفطار لغروب بعضها- انتهى. وقال الحافظ: ذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور، لأنها وإن كانت متلازمة في الأصل لكنها قد تكون في الظاهر غير متلازمة، فقد يظن إقبال الليل من جهة المشرق ولا يكون إقباله حقيقة، بل لوجود أمر يغطي ضوء الشمس، وكذلك إدبار النهار. فمن ثم قيد بقوله "وغربت الشمس" إشارة إلى تحقق الإقبال والابادر وإنهما بواسطة غروب الشمس لا بسبب آخر (فقد أفطر الصائم) أي أنقضى صومه شرعاً وتم ولا يوصف الآن بأنه صائم فإن بغروب الشمس خرج النهار ودخل الليل والليل ليس محلاً للصوم قاله النووي. وقال الحافظ: أي دخل في وقت الفطر وجاز له أن يفطر. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (6 / 456)
    وفي الصحيحين من حديث ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الشَّمْسُ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الشَّمْسُ، قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَه، فَشَرِبَ؛ ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ ههُنَا، ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ ههُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائمُ
    وعند مسلم : ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ « إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ».
    وعند مسلم من حديث عبدالله بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِرَجُلٍ « انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ « انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا ». قَالَ إِنَّ عَلَيْنَا نَهَارًا. فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ « إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ - فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ».
    مسألة : أول وقت صلاة المغرب ؟
    أجمع أهل العلم - إلا من انحرف من الروافض والشيعة والزيدية - أن أول وقت صلاة المغرب غروب الشمس وقد نقل هذا الإجماع غير من أهل العلم . المغني 2/15 المجموع 3/28 الأوسط 2/331
    مسألة : آخر وقت صلاة المغرب ؟
    فيه ثلاثة الأقوال لأهل العلم
    والقول الراجح من هذه الأقوال أن أخر وقت المغرب هو غروب الشفق الأحمر لما ثبت عند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «..وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ .
    وعند مسلم أيضاً من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ..فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ ».
    وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور وداود الظاهري وأصحاب الرأي . . المغني 2/23 المجموع 3/34 غاية المرام 3/215 الأوسط 2/334
    وقد بين وتكلم الإمام الشنقيطي في معرفة وقت صلاة المغرب كلاماً لا يحتاج إلى زيادة لأنه تكلم كلاماً نافعاً ونفيساً جداً في هذا الباب.
    فنذكر كلامه من باب الفائدة .
    قال الإمام الشنقيطي رحمه الله :وأول وقت صلاة المغرب غروب الشمس، أي: غيبوبة قرصها بإجماع المسلمين، وفي حديث جابر وابن عباس في إمامة جبريل: فصلى المغرب حين وجبت الشمس، وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب. أخرجه الشيخان، والإمام أحمد، وأصحاب السنن الأربع إلا النسائي، والأحاديث بذلك كثيرة، واختلف في آخر وقتها أعني المغرب، فقال بعض العلماء: ليس لها إلا وقت واحد وهو قدر ما تصلى فيه أول وقتها مع مراعاة الإتيان بشروطها، وبه قال الشافعي: وهو مشهور مذهب مالك، وحجة أهل هذا القول أن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية في وقت صلاته لها في الأولى، قالوا: فلو كان لها وقت آخر لأخرها في الثانية إليه كما فعل في جميع الصلوات غيرها.
    والتحقيق أن وقت المغرب يمتد ما لم يغب الشفق. فقد أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو المتقدم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق" الحديث. والمراد بثور الشفق: ثورانه وانتشاره ومعظمه، وفي القاموس أنه حمرة الشفق الثائرة فيه، وفي حديث أبي موسى المتقدم عند أحمد ومسلم وحديث بريدة المتقدم عند أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربع ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، وفي لفظ: فصلى المغرب قبل سقوط الشفق، والجواب عن أحاديث إمامة جبريل حيث صلى المغرب في اليومين في وقت واحد من ثلاثة أوجه:
    الأول: أنه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز وهذا جار في كل الصلوات ما سوى الظهر.
    والثاني: أنه متقدم في أول الأمر بمكة وهذه الأحاديث بامتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق متأخرة في آخر الأمر بالمدينة فوجب اعتمادها.
    والثالث: أن هذه الأحاديث أصح إسناداً من حديث بيان جبريل فوجب تقديمها، قاله الشوكاني رحمه الله ولا خلاف بين العلماء في أفضلية تقديم صلاة المغرب عند أول وقتها .
    ومذهب الإمام مالك رحمه الله امتداد الوقت الضروري للمغرب بالاشتراك مع العشاء إلى الفجر.
    وقال البيهقي في "السنن الكبرى": روينا عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف في المرأة تطهر قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، والظاهر أن حجة هذا القول بامتداد وقت الضرورة للمغرب إلى طلوع الفجر كما هو مذهب مالك ما ثبت في الصحيح أيضاً من أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا سفر، فقد روى الشيخان في "صحيحيهما" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء ومعناه: أنه يصلي السبع جميعاً في وقت واحد، والثمان كذلك كما بينته رواية البخاري في باب "وقت المغرب" عن ابن عباس قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم سبعا جميعا وثمانيا جميعا.
    وفي لفظ لمسلم وأحمد وأصحاب السنن إلا ابن ماجه: جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أضواء البيان - (1 / 285)
    وقت صلاة العشاء غروب الشفق الأحمر وآخر وقتها إلى صلاة الصبح
    الأحاديث التي جاءت في تحديد وقت العشاء
    عند الترمذي من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن للصلاة أولاً وآخراً ..وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل .
    وعند النسائي من حديث جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ... ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ جَاءَهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ. فَقَامَ فَصَلاَّهَا .. ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْغَدِ ..ثُمَّ جَاءَهُ لِلْعِشَاءِ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ. فَصَلَّى الْعِشَاءَ..
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ « اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلاَةَ ». فَأَمَرَ بِلاَلاً ..ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ حِينَ وَقَعَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَمَرَهُ الْغَدَ ..ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضِهِ .
    وعند مسلم من حديث أَبِى مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا - قَالَ - فَأَقَامَ .. ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ .. ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ.
    وعند الترمذي من حديث النعمان بن بشير قال : أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصليها لسقوط القمر لثالثه قال الشيخ الألباني : صحيح
    وفي الصحيحين من حديث أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: .. وَلاَ يُبَالِي بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ.
    وعند مسلم من حديث بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ لَهُ « صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ ». يَعْنِى الْيَوْمَيْنِ ..ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ .. فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِى ...وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ .
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلاَ نَدْرِى أَشَىْءٌ شَغَلَهُ فِى أَهْلِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَالَ حِينَ خَرَجَ « إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلاَةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ وَلَوْلاَ أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِى لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ ». ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَلَّى.
    وعند مسلم من حديث أَبي بَرْزَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ يُبَالِى بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَكَانَ لاَ يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلاَ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا. قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ.
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «.. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «..
    كيف يعرف الشفق
    قال الإمام الشنقيطي : فإذا علمت إجماع العلماء على أن أول وقت العشاء هو مغيب الشفق، فاعلم أن العلماء اختلفوا في الشفق، فقال بعض العلماء: هو الحمرة، وهو الحق.
    وقال بعضهم: هو البياض الذي بعد الحمرة، .
    ومما يدل على أن الشفق هو الحمرة ما رواه الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة" .
    قال الدارقطني في "الغرائب": هو غريب وكل رواته ثقات، وقد أخرج ابن خزيمة في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر مرفوعاً، "ووقت صلاة المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق" الحديث.
    قال ابن خزيمة: إن صحت هذه اللفظة أغنت عن غيرها من الروايات، لكن تفرد بها محمد بن يزيد.
    قال ابن حجر في "التلخيص": محمد بن يزيد هو الواسطي وهو صدوق، وروى هذ الحديث ابن عساكر وصحح البيهقي وقفه على ابن عمر.
    وقال الحاكم أيضاً: إن رفعه غلط، بل قال البيهقي: روي هذا الحديث عن عمر وعلي وابن عباس وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس، ولا يصح فيه شيء ولكن قد علمت أن الإسناد الذي رواه ابن خزيمة به في "صحيحه" ليس فيه مما يوجب تضعيفه إلا محمد بن يزيد، وقد علمت أنه صدوق، ومما يدل على أن الحمرة الشفق ما رواه البيهقي في "سننه" عن النعمان بن بشير. قال: أنا أعلم الناس بوقت صلاة العشاء كان صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة لما حققه غير واحد من أن البياض لا يغيب إلا بعد ثلث الليل وسقوط القمر لثالثة الشهر قبل ذلك كما هو معلوم.
    وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": ومن حجج القائلين بأن الشفق الحمرة ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: أنه صلى العشاء لسقوط القمر لثالثة الشهر، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
    قال ابن العربي: وهو صحيح وصلى قبل غيبوبة الشفق.
    قال ابن سيد الناس في "شرح الترمذي": وقد علم كل من له علم بالمطالع والمغارب أن البياض لا يغيب إلا عند ثلث الليل الأول، وهو الذي حد صلى الله عليه وسلم خروج أكثر الوقت به فصح يقينا أن وقتها داخل قبل ثلث الليل الأول بيقين، فقد ثبت بالنص أنه داخل قبل مغيب الشفق الذي هو البياض فتبين بذك يقينا أن الوقت دخل يقينا بالشفق الذي هو الحمرة.اهـ.
    وابتداء وقت العشاء مغيب الشفق إجماعاً لما تقدم في حديث جبريل وحديث التعليم، وهذا الحديث وغير ذلك انتهى منه بلفظه، وهو دليل واضح على أن الشفق الحمرة لا البياض، وفي "القاموس" الشفق الحمرة ولم يذكر البياض.
    وقال الخليل والفراء وغيرهما من أئمة اللغة: الشفق الحمرة وما روي عن الإمام أحمد رحمه الله من أن الشفق في السفر هو الحمرة وفي الحضر هو البياض الذي بعد الحمرة لا يخالف ما ذكرنا؛ لأنه من تحقيق المناط لغيبوبة الحمرة التي هي الشفق عند أحمد وإيضاحه أن الإمام أحمد رحمه الله يقول: الشفق هو الحمرة والمسافر؛ لأنه في الفلاة والمكان المتسع يعلم سقوط الحمرة، أما الذي في الحضر فالأفق يستتر عنه بالجدران فيستظهر حتى يغيب البياض ليستدل بغيبوبته على مغيب الحمرة، فاعتباره لغيبة البياض لدلالته على مغيب الحمرة لا لنفسه. اهـ. من "المغني" لابن قدامة.
    وقال أبو حنيفة رحمه الله ومن وافقه: الشفق البياض الذي بعد الحمرة، وقد علمت أن التحقيق أنه الحمرة،
    ومن باب الفائدة قد ورد ما يأيد
    حديث محمد بن يزيد الواسطي كما في صحيح مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ .
    وقد قال الإمام الألباني حديث محمد بن يزيد الحديث وهذا إسناد جيد .الثمر المستطاب - (1 / 61) قال أيضاً سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - (8 / 235) قلت : محمد بن يزيد صدوق" . قلت : وهو في "صحيح مسلم" (2/ 104) من طريق معاذ العنبري ، عن شعبة بلفظ : " ثور الشفق" . ورواه أحمد (6993) : حدثنا يحيى بن أبي بكير : حدثنا شعبة به ؛ بلفظ :" نور الشفق" . وهو عند مسلم من هذا الوجه ، لكنه لم يسق لفظه .
    وقد تابعه همام ، عن قتادة به ؛ بلفظ :"ما لم يغب الشفق" .أخرجه مسلم ، وأحمد (6966 و 7077) وغيرهما .
    ويبدو مما سبق أن قوله في حديث ابن عمرو : "حمرة الشفق" وهم من محمد ابن يزيد الواسطي ، لكن الظاهر أنه وهم لفظي ؛ إذ أنه في معنى اللفظين الآخرين : " ثور الشفق" و : " نور الشفق" ، ولا يكون ذلك إلا في حمرة الشفق ؛ ضرورة أن الشفق لغة : هو الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء الآخرة أو إلى قريبها ، أو إلى قريب العتمة ، ولذلك أجاب العلامة الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 175) على تضعيف البيهقي رفع الحديث بقوله :" قلت : البحث لغوي ، والمرجع فيه إلى أهل اللغة ، وابن عمر من أهل اللغة وقح العرب ؛ فكلامه حجة ، وإن كان موقوفاً عليه" . وجملة القول ؛ أن الحديث ضعيف المبني صحيح المعنى . والله أعلم .

    وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ « .. وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « .. وَوَقْتُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ .
    والبخاري من حديث أَنَسٍ قَالَ أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ « قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا ، أَمَا إِنَّكُمْ فِى صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا » .
    وعند مسلم من حديث أَبِى قَتَادَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِى النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ حَتَّى يَجِىءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ الأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا ».
    وهذه الآحاديث تفيد وتبين وتوضح وقت صلاة العشاء ونلحق بعض المسائل المتعلقة في المسألة .
    مسألة : أول وقت صلاة العشاء ؟
    أجمع أهل العلم على أن أول وقت العشاء هو غروب الشفق الأحمر . المغني 2/24 المجموع 3/34 غاية المرام 3/215 الأوسط 2/334
    مسألة : آخر وقت صلاة العشاء ؟
    دلت نصوص السنة الصحيحة أن له وقتين إختياري واضطراري .
    مسألة : ما هو وقت الإختياري للعشاء ؟
    فيه قولان لأهل العلم
    والقول الراجح إلى أنه نصف الليل لما ثبت في النصوص الصحيحة مثل ما جاء وعند مسلم من حديث أَبي بَرْزَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ يُبَالِى بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «.. فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ».
    وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «.. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ». وهو قول سفيان الثوري وعبدالله بن المبارك وأبي ثور ورواية لأحمد ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني والسعدي . المغني 2/27 المجموع 3/39 الأوسط 2/343
    مسألة : ما هو وقت الاضطراري للعشاء ؟
    اختلف أهل العلم على قولين
    والقول الراجح إلى أن يمتد إلى طلوع الفجر الصادق وقول الجمهور . المغني 2/27 المجموع 3/39 الأوسط 2/343
    وحجة هذا القول ما جاء عند مسلم من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ أَعْتَمَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فَقَالَ « إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى ».
    ولما ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِى قَتَادَةَ قَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِى النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ حَتَّى يَجِىءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ الأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا ».قال الإمام النووي : في الحديث دليل على امتداد وقت كل صلاة من الخمس حتى يدخل وقت الأخرى وهذا مستمر على عمومه في الصلوات إلا الصبح فإنها لا تمتد إلى الظهر بل يخرج وقتها بطلوع الشمس لمفهوم قوله صلى الله عليه و سلم من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح . شرح النووي على مسلم - (5 / 187). المغني 2/27 المجموع 3/39 الأوسط 2/343
    قال الإمام الشنقيطي : وأما آخر وقت العشاء فقد جاء في بعض الروايات الصحيحة انتهاؤه عند ثلث الليل الأول، وفي بعض الروايات الصحيحة نصف الليل، وفي بعض الروايات الصحيحة ما يدل على امتداده إلى طلوع الفجر.
    فمن الروايات بانتهائه إلى ثلث الليل، ما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها: كانوا يصلون العشاء فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول.
    وفي حديث أبي موسى، وبريدة المتقدمين في تعليم من سأل عن مواقيت الصلاة عند مسلم وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم في الليلة الأولى أقام العشاء حين غاب الشفق، وفي الليلة الثانية أخره حتى كان ثلث الليل الأول، ثم قال: الوقت فيما بين هذين.
    وفي حديث جابر، وابن عباس المتقدمين في إمامة جبريل: أنه في الليلة الأولى صلى العشاء حين مغيب الشفق، وفي الليلة الثانية صلاها حين ذهب ثلث الليل الأول وقال: "الوقت فيمابين هذين الوقتين" ، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على انتهاء وقت العشاء عند ذهاب ثلث الليل الأول.
    ومن الروايات الدالة على امتداده إلى نصف الليل، ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أنس رضي الله عنه قال: أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال: "قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها" . قال أنس: كأني أنظر إلى وبيض خاتمه ليلتئذ.
    وفي حديث عبد الله بن عمر والمتقدم عند أحمد، ومسلم، والنسائي، وأبي داود: ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل وفي بعض رواياته: "فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل" .
    ومن الروايات الدالة على امتداده إلى طلوع الفجر ما رواه أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الأخرى" ، رواه مسلم في "صحيحه".
    واعلم أن عموم هذا الحديث مخصوص بإجماع المسلمين على أن وقت الصبح لا يمتد بعد طلوع الشمس إلى صلاة الظهر، فلا وقت للصبح بعد طلوع الشمس إجماعاً، فإن قيل يمكن تخصيص حديث أبي قتادة هذا بالأحاديث الدالة على انتهاء وقت العشاء إلى نصف الليل.
    فالجواب: أن الجمع ممكن، وهو واجب إذا أمكن وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، ووجه الجمع أن التحديد بنصف الليل للوقت الاختياري والامتداد إلى الفجر للوقت الضروري. أضواء البيان - (1 / 301)
    وقال ابن العثيمين : وهذه المواقيت المحددة إنما تكون في مكان يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة سواء تساوى الليل والنهار أم زاد أحدهما على الآخر زيادة قليلة أو كثيرة .
    أما المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرون ساعة فلا يخلو : إما أن يكون ذلك مطرداً في سائر العام ، أو في أيام قليلة منه .
    فإن كان في أيام قليلة منه مثل أن يكون المكان يتخلله الليل والنهار في أربع عشرون ساعة طيلة فصول السنة ، لكن في بعض الفصول يكون فيه أربعاً وعشرين ساعة أو أكثر والنهار كذلك ، ففي هذه الحالة إما أن يكون في الأفق ظاهرة حية يمكن بها تحديد الوقت كابتداء زيادة النور مثلاً أو انطماسه بالكلية ، فيعلق الحكم بتلك الظاهرة ، وإما أن لا يكون فيه ذلك فتقدر أوقات الصلاة بقدرها في آخر يوم قبل استمرار الليل في الأربع والعشرين ساعة أو النهار .
    فإذا قدرنا أن الليل كان قبل أن يستمر عشرين ساعة ، والنهار فيما بقي من الأربع والعشرين ، جعلنا الليل المستمر عشرين ساعة فقط .
    والباقي نهاراً واتبعنا فيه ما سبق في تحدي أوقات الصلوات .
    إما إذا كان المكان لا يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول كلها فإنه يحدد لأوقات الصلاة بقدرها لما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أن النبي صلي الله عليه وسلم ذكر الدجال الذي يكون في آخر الزمان فسألوه عن لبثه في الأرض فقال : " أربعون يوماً ،يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم " قالوا : يا رسول الله فذلك اليوم كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : " لا ، اقدروا له قدره "
    فإذا ثبت أن المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار يقدر له قدره فماذا نقدره ؟
    يري بعض العلماء ، أنه يقدر بالزمن المعتدل ، فيقدر الليل باثنتي عشرة ساعة وكذلك النهار ، لأنه لما تعذر اعتبار هذا المكان بنفسه اعتبر بالمكان المتوسط ، كالمستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز .
    ويري آخرون أنه يقدر بأقرب البلاد إلي هذا المكان مما يحدث فيه ليل ونهار في أثناء العام ، لأنه لما تعذر اعتباره بنفسه اعتبر بأقرب الأماكن شبهاً به وهو أقرب البلاد إليه التي يتخللها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة . وهذا القول أرجح لأنه أقوى تعليلاً وأقرب إلي الواقع . والله أعلم . قاله ابن العثيمين .
    والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والشكر له على كرمه ومنته وتتابع الهبات والعطايا وحسن توفيقه وهدايته.
    وصلى الله على رسوله وعلى آله وصحبه وسلم.,,,,,,,,,,,,,,,,,,
    كتبه أبو سفيان الزيلعي
    في مدينة بورما حرسها الله ومنحها بالأمن والسلامة والاستقرار

  • #2
    جزاك الله خيراً
    حبدا لو تجمع في رسالة وورد أو بي دي إف لكي يسهل قرءاتها .

    تعليق


    • #3
      بحث موفق إن شاء الله

      أسأل الله أن يجزيك خيرا يا أخانا الفاضل أبي سفيان يوسف بن طهيية الصومالي مشكور بارك الله فيك وفي وقتك

      تعليق

      يعمل...
      X