إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المزاح والانبساط من هدي النبي و السلف الصالح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المزاح والانبساط من هدي النبي و السلف الصالح

    قال الإمام البخاري رحمه الله

    بَاب الِانْبِسَاطِ إِلَى النَّاسِ

    وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لَا تَكْلِمَنَّهُ (1) وَالدُّعَابَةِ مَعَ الْأَهْلِ .
    - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ (2) مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ .
    -
    حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ (3) عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ (4) مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ (5) إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي .



    1- من الكَلْم، وهو الجرح، أي لا تؤثر فيه.
    2- فيه حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم- في مداعبة الصغار وتأنيسهم؛ لأن في ذلك تأنيس لأهلهم، وفيه جواز تكنية الصغير يا أبا عمير، وفيه جواز إدخال الصيد الحرم إذا صيد خارجه وذبح، ولا فرق بين الحرمين، هذا هو الصحيح في المسألة، وفي المسألة خلاف؛ لأن النغير طائر صغير.
    3- استدل بالحديث على جواز بيع اللعب للبنات واتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن، وخص بذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، جزم بذلك عياض، ونقله عن الجمهور قال: وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال، وقيل: إن الرخصة لعائشة، كان قبل التحريم، قاله البيهقي وبه جزم ابن الجوزي، وفي ذلك كله نظر، والمنع أقرب وأحوط خصوصا هذه الصور الحديثة التي تبكي وتضحك بخلاف ما يعمله الجواري سابقا من جعل عظم طويل عليه ثياب.
    4- يتغيبن ويدخلن وراء الستر.
    5- أي يرسلهن.



    الحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن، وصلى الله وسلم وبـارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه. وبعد:
    إن مما يشتهر عند غير المسلمين – وبعض المسلمين للأسف أيضًا – أن دين الإسلام دين كبت وحبس للنفس، فلا ضحك ولا مزاح، ولا لهو ولا متعة.

    ولكن شمولية الإسلام تأبى إلا أن تبيح الترويح عن النفس، بضوابط تضمن ألا يتعدى الترويح والمرح إلى الخصومات، فلذلك لزم أن نتحدث عن المزاح ضمن الآداب الإسلامية.
    فيظن بعض جهلة الناس أن الضحك والمزاح والانبساط لا يصلح للصالحين ... وهذا مفهوم خاطئ .. فإن النفس تمل وربما انفجرت إن لم نرفه عنها بشيء من المزاح اللطيف ،المزاح امر فطر عليه الانسان و يستخدمه في امور كثيرة الا انه لا افراط و لا تفريط و الاعتدال محمود.
    تعريف المزاح
    قال ابن منظور: "المزح الدعابة، وفي المحكم: المزح نقيض الجد، مزح يمزح مزحا، ومزاحا ومزاحة، وقد مازحه ممازحة ومزاحا، والاسم المزاح بالضم والمزاحة أيضا... والمزاح بالكسر مصدر مازحه، وهما يتمازحان... والمزح من الرجال الخارجون" . "المَزْحُ: الدُّعابة، وفي المُحْكَم: المَزْحُ نقيضُ الجِدِّ؛ مَزَحَ يَمْزَحُ مَزْحاً ومِزاحاً ومُزاحاً ومُزاحةً، وقد مازَحه مُمازَحةً ومِزاحاً، والِاسْمُ المُزاح، بِالضَّمِّ، والمُزاحة -أَيضاً-" .
    قال الأَزهري: "المُزَّحُ مِنَ الرِّجَالِ الْخَارِجُونَ مِن طَبْعِ الثُّقَلاء، الْمُتَمَيِّزُونَ مِنْ طَبْعِ البُغَضاء" .لسان العرب لابن منظور 2 /593



    وأما في عرف الشرع فقد عرفه الزبيدي بقوله: "هو المباسطة إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية حتى يخرج الاستهزاء والسخرية" .تاج العروس

    وقد قال الأئمة: الإكثار منه، والخروج عن الجد مخل بالمروءة والوقار، والتنزه عنه بالمرة والتقبض مخل بالسنة والسيرة النبوية المأمور باتباعها والاقتداء، وخير الأمور أوسطها. والمراد بالمزاح: الملاطفة والمؤانسة، وتطييب الخواطر، وإدخال السرور. وقد كان هذا من هدي النبي كما ذكر ذلك البخاري في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث: "يا أبا عمير ما فعل النغير" . صحيح البخاري باب الانبساط إلى الناس.
    قال ابن حجر وهو يعدِّد فوائد الحديث: "وفيه جواز المُمَازَحة، وتكرير المَزْح، وأنَّها إباحة سنَّة لا رخصة، وأنَّ مُمَازَحة الصَّبي الذي -لم يميِّز- جائزة، وتكرير زيارة المَمْزُوح معه، وفيه ترك التَّكبُّر والتَّرفُّع، والفرق بين كون الكبير في الطَّريق فيتَوَاقَر، أو في البيت فيَمْزَح" .
    فتح الباري لابن حجر، جزء 10 صفحة 584
    ***

    قال الامام الترمذي رحمه الله في الشمائل
    باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه و سلم
    ......
    هاك صور من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المزاح

    روى الترمذي في كتاب الشمائل المحمدية :
    باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صل الله عليه واله وسلم

    1- عن أنس بن مالك أن النبي صل الله عليه واله وسلم قال له:
    يا ذا الأذنين))قال أبو أسامة يعني يمازحه
    2-عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :
    قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا . قال : ( نعم غير أني لا أقول إلا حقا )

    3- وعن أنس بن مالك أن رجلاً استحمل رسول الله صل الله عليه واله وسلم -أي: سأله
    دابة ليركبها- فقال رسول الله صل الله عليه واله وسلم:
    إني حاملك على ولد ناقة, فقال: يا رسول الله! ما أصنع بولد الناقة, فقال صل الله عليه واله وسلم:
    وهل تلد الإبل إلا النوق

    4- وعن أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه و سلم هدية من البادية فيجهزه النبي صلى الله عليه و سلم إذا أراد أن يخرج فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
    ( إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه ) وكان صلى الله عليه و سلم يحبه وكان رجلا دميما فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال : من هذا ؟ أرسلني
    فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه و سلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه و سلم حين عرفه فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( من يشتري هذا العبد ؟ ) فقال : يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لكن عند الله لست بكاسد ) . أو قال : ( أنت عند الله غال )
    5- وعن الحسن قال أتت عجوزٌ إلى النبي صل الله عليه واله وسلم فقالت: يا رسول الله! ادع الله
    أن يدخلني الجنة, فقال:
    يا أم فلان! إن الجنة لا تدخلها عجوز,
    قال: فولت
    تبكي, فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً
    أَتْرَاباً - فجعلناهن عذارى، أعدنا إنشاءهن من جديد حتى
    تصبح الثيب في الدنيا عذراء يوم القيامة عرباً متحببات إلى أزواجهن,
    أتراباً في سن واحدة, وأهل الجنة أعمارهم جميعاً ثلاثة وثلاثين سنة كما جاء في الحديث الذي حسنه الألباني رحمه الله
    6- وربما مازح صلى الله عليه وسلم أصحابه بـعــد طـلـــوع الشمس، ودليله ما رواه سِمَاك بن حرب قال:
    "قلت لجابر بن سَمُرَة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
    نعم كـثـيـراً؛ كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت الشمس قام. وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم"رواه مسلم، ح/ 1074. (9) رواه النسائي، ح/ 1341.وفي رواية النسائي وأحمد زيادة: "وينشدون الشعر"
    ***
    صور من مزاح الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم
    لـقـد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش بين الصحابة وفيهم الحازم من أمثال عمر بن الخـطاب ـ رضي الله عنه ـ فقد كان رجلاً مهيباً. وفيهم صاحب الدعابة الذي يستلقي على قفاه، ولم ينكر على أحد منهم.
    وكان أصحاب رسول الله صل الله عليه واله وسلم يتمازحون حتى يتبادحون بالبطيخ،
    فإذا حزبهم أمر كانوا هم الرجال))
    فعن بكر بن عبد الله قال:عن بكر بن عبد الله قال: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائِق كانوا هم الرجال". . ( صحيح الأدب المفرد) ( يتبادحون : يترامون )
    "ولقد سئل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم مثل الجبل.
    وقــال بلال بن سعد: أدركتهم يشتدون بين الأعراض ويضحك بعضهم إلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً"

    روي أن علياً رضي الله عنه جاءه رجل يشكو إليه، يقول: إني احتلمت على أمي
    -أي: إني رأيت أني أزني بأمي- فقال: أقيموه بالشمس واضربوا ظله حد الزنا
    "قال ابن عمر: إنـه ليعجبني أن يكــون الرجل في أهله مثل الصبي، ثم إذا بُغي منه وُجِدَ رجلاً.

    قال عمر بن الخطاب : إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا
    أريد منه حاجة وجد رجلاً.
    -

    موقف طريف مع أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب –رضي الله عنه-
    عمر يبايع النساء بأمر من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
    ويحلفهن عن رسول الله فلما قال لهن (( ولا تقتلن أولادكن)) فقالت هند
    بنت عتبة زوجة أبي سفيان –رضي الله عنه- ربيناهم صغارا فقتلتموهم كبارا (تقصد يوم بدر ) فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى .


    ---
    وكان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته، فإذا خرج كان رجلاً من الرجال
    شرح السنة، للبغوي، 13/183.
    ---

    عن عيينة بن حصن أنه شكا إلى نعيمان -و نعيمان كان فيه طرافة- صعوبة
    الصيام, فقال: صم الليل
    ---
    وكان أبو هريرة رضي الله عنه
    إذا استثقل رجلا يقول: "اللهم اغفر له وأرحنا منه".

    ***
    وعلى منهج الصحابة سار السلف في جعل المزاح استراحة؛ فتكاد ألاَّ تجد كتاباً يخلو من مُـلَح وطرائف عنهم ثابتة رحمهم الله ـ.
    قيل لسفيان بن عيينة: المزاح هجنة؟
    قال: بل سنة، ولكن الشأن فيمن يحسنه ويضعه مواضعه.

    وسئل النخعي : هل كان أصحاب النبي صل الله عليه واله وسلم يضحكون قال: نعم.
    والإيمان في قلوبهم كالجبال الرواسي
    وكان الشعبي من العلماء الكبار، لكن كان مزاحاً- فمما جاء عن الشعبي أنه
    سئل عن المسح على اللحية فقال: خللها بالأصابع، قال: أخاف ألا تبلها -
    وهذا من التنطع المذموم شرعاً - فقال له الشعبي :إن خفت، فانقعها من أول
    الليل!!
    وسأله آخر: هل يجوز للمحرم أن يحك بدنه قال: نعم. قال: مقدار كم قال: حتى
    يبدو العظم!
    وقال رجل: ما اسم امرأة إبليس, قال الشعبي: ذاك نكاح ما شهدناه.
    وروي أن خياطاً مرَّ بـالشعبي وهو مع امرأةٍ في المسجد، فقال: أيكما
    الشعبي فأشار الشعبي إلى المرأة وقال :هذه!
    وجاء رجل إلى أبي حنيفة ، فقال له: إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر أغتسل فإلى
    القبلة أتوجه أم إلى غيرها فقال له: الأفضل أن يكون وجهك إلى جهة ثيابك
    لئلا تسرق!
    قال الربيع : دخلت على الشافعي وهو مريض، فقلت: قوِّى الله ضعفك فقال
    الشافعي رحمه الله: لو قوى ضعفي لقتلني
    قيل للخليل بن أحمد إنك تمازح الناس , فقال : الناس في سجن ما لم
    يتمازحوا..

    نوادر الإمام الشعبي رحمه الله
    وكان الشعبي من العلماء الكبار، لكن كان مزاحاً- فمما جاء عن الشعبي أنه من علماء السلف رحمهم الله ، التابعي الإمام عامر بن شراحيل الشعبي


    كان رحمه الله صاحب نوادر وفكاهة ... وقد أشتهر بالظرف والنوادر حتى في الفتوى: يروي صاحب كتاب " المراح في المزاح " لبدر الدين أبي البركات العربي, جملة من نوادر الشعبي فيقول: سأل رجل الشعبي عن المسح على اللحية فقال: خللها بأصابعك فقال.. أخاف أن لا تبلها, قال الشعبي: ان خفت فانقعها من أول الليل.!!
    وسأله آخر: هل يجوز للمحرم أن يحك بدنه..؟ أي يهرش - قال: نعم قال: مقدار كم..؟ قال: حتى يبدو العظم.!!
    ودخل الشعبي الحمام فرأى داود الأودي بلا مئزر فأغمض عينيه.. فقال له داود: متى عميت يا أبا عمرو؟ قال: منذ هتك الله سترك.!!
    وقيل للشعبي: هل تمرض الروح ؟ قال: نعم من ظل الثقلاء.. قال بعض أصحابه: فمررت به يوما وهو يجلس بين شخصين ثقيلين فقلت: كيف الروح..؟ قال في النزع.!!
    وجاءه رجل وقال: اني تزوجت امرأة وجدتها عرجاء, فهل لي أن أردها..؟ فقال له: ان كنت تريد أن تسابق بها فافعل.!!
    ولقي رجل الشعبي وهو واقف مع امرأة يكلمها, فقال الرجل: أيكما الشعبي ؟ فأومأ الشعبي الى المرأة وقال: هذه..!!
    وقال مجالد عن الشعبي: أني لجالس يوما اذ اقبل حمال معه دن حتى وضعه ثم جاءني فقال: أنت الشعبي؟ قلت: نعم.. قال اخبرني عن ابليس هل له زوجه قلت: ان ذاك لعرس ما شهدته.. !! قال ثم ذكرت قوله الله تعالى ( افتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) قال: فعلمت أنه لا تكون ذرية الا من زوجة. تهذيب الكمال (14/37)
    وعنه أيضاً نقله عن الشعبي قوله: جلست مع شريح, القاضي, وجاءته امرأة تخاصم رجلا فأرسلت عينها تبكي فقلت: أبا أمية ما أظنها الا مظلومة ؟ فقال: يا شعبي ان اخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون.!! حلية الأولياء (4/313).
    وروى فِي حَدِيث النَّبِي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: تَسَحَّروُا وَلَو بأَن يَضَعَ أَحَدُكُم اصبعه عَلَى التُّراب ثُمَّ يَضَعَهَا فيِ فِيِه، فَقَالَ رجل: أَيّ الْأَصَابِع؟ فَتَنَاول الشّعبِيّ إِبهام رجله وَقَالَ: هَذِه.
    وَسُئِلَ عَن أَكل لحم الشَّيْطَان فَقَالَ: نَحن نرضى مِنْهُ بالكفاف.
    وَقَالَ ابْن عَيَّاش: رأَيت عَلَى الاعمش فَرْوَة مَقْلُوبَة صوفها إِلَى خَارج، فأصابنا مطر فمررنا على كلب فَتنحّى الاعمش وَقَالَ: لَا يحسبنا شَاة !!.
    وَوَقع بَين الاعمش وَامْرَأَته وَحْشَة فَسَأَلَ بعض أَصْحَابه أَن يُصلح بَينهمَا فَقَالَ: هَذَا سيدُنا وشيخُنا أَبو مُحَمَّد فَلَا يزهدنَّكِ فِيهِ عَمشُ عَينَيه، وحُموشة ساقَيه، وَضعف ركبتَيه، وقَزَل رجلَيْهِ وَجعل يصف فَقَالَ الاعمش: قُم عَنَّا قّبحك الله فقد ذكرت لَهَا من عيوبي مَا لم تكن تعرفه!!.
    ***

    من مزاح الحافظ الثبت أبي علي صالح بن محمد جَزَرَة
    وجزرة لقبه وسبب تلقيبه بذلك أنه صحف كلمة (خرزة) في حديث عبد الله بن بسر: أنه كان يرقِى بخرزة فقال صالح: بجزرة فلقب بها وقيل غير ذلك
    قال البرقاني قلت لأبي حاتم _هو ابن أبي الفضل الهروي_ هل غمز بشيء _أي صالح_ فقال:
    كان متثبتا في الحديث جدا ولكن كان ربما يطنز(1) كما يكون في البغداديين.
    كان ببخارى رجل حافظ يلقب بجمل فكان صالح وهذا الحافظ يمشيان ببخارى فاستقبلهما جمل عليه وقر جزر فأراد ذلك الحافظ أن يخجل صالحا
    فقال يا أبا على ما هذا الذي على البعير
    فقال له صالح أما تعرفه
    قال لا قال هذا أنا عليك
    أراد جزر على جمل. ا.هـ
    من تاريخ بغداد 323/9، قال الذهبي في التاريخ والسير:هذه حكاية منقطعة، وأصح منها ما روى الحاكم: ثنا بكر بن محمد الصيرفي: سمعت صالح بن محمد قال: كنت أساير الجمال الشاعر بمصر، فاستقبلنا: جمل عليه جزر فقال: يا أبا علي، ما هذا قلت: أنا عليك.


    ومن مزاحه رحمه الله وكان معروفا بهذا الأمر
    قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول لأبي زرعة: حفظ الله أخانا صالح بن محمد _يعني جزرة_، لا يزال يضحكنا شاهدا وغائبا، كتب إلي يذكر أنه مات محمد بن يحيى الذهلي، وجلس للتحديث شيخ يعرف بمحمد بن يزيد محمش، فحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا أبا عمير، ما فعل البعير ؟ " (1).
    وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس " (2)، فأحسن الله عزاءكم في الماضي، وأعظم أجركم في الباقي.
    وفي رواية ابن عساكر: أعظم الله أجرك في محمد بن يحيى الذهلي فقد مات وقعد مكانه محمد بن زيد ويعرف بمحمس(3) حدث عن علي بن عاصم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس
    وحدث بحديث أبي التياح عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يا أبا عمير ما فعل البعير فأعظم الله أجركم في ذلك الإمام وأقر عينينا بهذا المحدث الجديد.ا.هـ
    المعرفة للحاكم216/1، والسير للذهبي27/14، وغيرها.



    (1) حرّف لفظ الحديث من (النغير) إلى (البعير).
    (2) حرف لفظ الحديث من (جرس) بالجيم إلى (خرس) بالخاء.
    (3) الصواب (محمش) كما يعلم من مراجعة كتب الرجال والضبط.
    ومحمش هذا كان شيخ الحنفية في عصره بنيسابور بإزاء محمد بن يحيى الذهلي لأهل الحديث









    ومن مزاح صالح رحمه الله
    قال عصمة بن بجماك البخاري سمعت صالحا جزرة يقول:

    الأحول في المنزل مبارك يرى الشيء شيئين
    تارخ الخطيب326/9.



    ومن مزاحه غفر الله له ورفع درجته
    قال:أبو حاتم بن أبى الفضل الهروي:
    بلغني أن صالحا يعنى جزرة سمع بعض الشيوخ يقول:
    إن السين والصاد يتعاقبان
    قال: فسأل بعض تلامذته عن كنية الشيخ
    فقال: له أبو صالح
    قال: فقلت للشيخ: يا أبا سالح أسلحك الله هل يجوز أن تقرأ "نحن نقس عليك أحسن القسس"
    قال: فقال لي بعض تلامذته أتواجه الشيخ بهذا
    فقلت: إنه يكذب إنما تتعاقب السين والصاد في بعض المواضع وهذا يذكره على الإطلاق.
    تاريخ ابن ثابت الخطيب 326/9.

    قال أبو الفضل بن إسحاق:
    كنت عند صالح جزرة فدخل عليه رجل من أهل الرستاق فأخذ يسأله عن المحدثين ويكتب جوابه فيهم فقال له يا أبا علي ما تقول في سفيان الثوري؟!
    فقال صالح: كذاب
    فكتب ذلك الرجل.
    فعجبت من ذلك فقلت: يا أبا علي هذا لا يحل فإن الرجل يتوهم أنك قلته على الحقيقة فيحكيه عنك فقال: ما أعجبك من يسأل مثلي عن مثل سفيان الثوري تفكر فيه أن يحكي عنه أو لا يحكي (وفي السير: "من يسأل عن مثل سفيان لا تبال حكى عنك أو لم يحك").
    تاريخ أبي بكر الخطيب 9 / 327 – 328.


    ومن مزاحه رحم الله أهل الحديث



    قال أبو أحمد على بن محمد المروزي: سمعت صالحا جزرة يقول:
    كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث ولا يحدث ما لم يأخذ فدخلت عليه يوما
    فقال: يا أبا على حدثني بحديث لعلي بن الجعد
    فقلت: حدثنا على بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبى العالية قال علم مجانا كما علمت مجانا
    فقال: تعرضت بي يا أبا على ؟!!
    فقلت: ما تعرضت بك بل قصدتك

    وقال عصمة بن بجماك البخاري: سمعت صالحا جزرة يقول:
    كنت شارطت هشام بن عمار على أن أقرا عليه كل ليلة بانتخابى ورقة ، فكنت آخذ الكاغد الفرعونى(1) وأكتب مقرمطا(2) فكان إذا جاء الليل أقرا عليه إلى أن يصلى العتمة فإذا صلى العتمة يقعد وأقرا عليه
    فيقول: يا صالح ليس هذه ورقة هذه شُقة (3).

    تاريخ بغداد 325/9.

    ــــــــــــــــــ
    (1) أي الورق المصري ، ويظهر أنه اختاره لطوله والله أعلم.
    (2) أي أقارب بين السطور ، لكي يقرأ أكبر عدد من الأحاديث .
    (3) أي قطعة ثياب طويلة .



    رواية أخرى أو حادثة مخالفة
    أسند أبو عبد الله الحاكم ابن البيع في تاريخ نيسابور:
    عن بكر بن محمد الصيرفي قال سمعت أبا علي صالح بن محمد قال:
    دخلت مصر فإذا حلقة ضخمة، فقلت: من هذا ؟ قالوا: صاحب نحو.
    فقربت منه، فسمعته يقول: ما كان بصاد، جاز بالسين.
    فدخلت بين الناس
    وقلت: صلام عليكم يا أبا سالح، سليتم بعد ؟
    فقال لي: يا رقيع ! أي كلام هذا ؟
    قلت: هذا من قولك الآن
    قال: أظنك من عياري بغداد.
    قلت: هو ما ترى.
    السير للذهبي 31/14.




    ***


    -جاء رجل أعرابي إلى أبي حنيفة رحمه الله فقال له: إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر اغتسل فإلى القبلة أتوجه أم إلى غيرها ؟ فقال له: الأفضل أن يكون وجهك إلى ثيابك لئلا تسرق.
    -كان أبو حنيفة جالساً في مجلس وأمامه شخص وكان ابوحنيفة يريد أن يمد رجليه ولكنه استحى من هذا الرجل فهيئته تدل على أنه عالم ، فلما انتهى المجلس قام كل من المجلس وبقي الإمام وهذا الرجل فقال الرجل لأبي حنيفة : ياإمام متى يفطر الصائم ؟
    قال أبو حنيفة : إذا غربت الشمس .
    قال الرجل : ومتى تغرب الشمس!!! ؟؟؟
    حينها عرف أبوحنيفة أن الرجل لايستحق كل ذلك التقدير لجهله بمسائل يعرفها الصغار والجهال فقال أبوحنيفة : ((قد آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه)) .
    -وذكر الإمام ابن الجوزي قصة قال فيها :
    قال بعضهم: مررت على قوم اجتمعوا على رجل يضربونه
    فقلت لشيخ منهم: ما ذنب هذا ؟
    قال: يسب أصحاب الكهف .
    قلت: ومن أصحاب الكهف ؟
    قال: ألست مؤمناً ؟
    قلت: بلى ولكني أحب الفائدة .
    قال: أصحاب الكهف هم : أبو بكر وعمر ومعاوية بن أبي سفيان، وأما معاوية فهو رجل من حملة سرادق العرش .
    فقلت له : يعجبني معرفتك بالأنساب والمذاهب .
    فقال: نعم خذ العلم عن أهله .
    فقال واحد منهم لآخر: أبو بكر أفضل من عمر .
    قال: لا بل عمر أفضل .قال: وكيف علمت ؟
    قال: لأنه لما مات أبو بكر جاء عمر إلى جنازته، ولما مات عمر لم يجيء أبو بكر إلى جنازته.
    -قال رجل لابن سيرين : رأيت في المنام كأني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح ، فقال ابن سيرين : أنت رجل تُكثر الأماني .
    -قرأ رجل عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله تعالى : "فخر عليهم السقف من فوقهم" ، فقرأها "فخر عليهم السقف من تحتهم" فالتفت شيخ الإسلام وقال : سبحان الله ! لا عقل ولا دين ؟
    -صلى أحدهم خلف أحمق فقرأ : "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ثم أتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه خمسين ليلة" فصاح المأموم : ما تحسن تقرأ .. ما تحسن تحسب ؟!
    -قال هشام بن عبد الملك ذات يوم لجلسائه : أي شيء ألذ ؟ فقال الأبرش بن حسان :هل أصابك جرب قط فحككته ؟!قال هشام : مالَك ! أجرب الله جلدك ولا فرج الله عنك !
    - وكان الإمام المحدث الإعمش رحمه الله مشهوراً بالطرافة والمزاح فمن طرائفه:
    وهذه بعض الطرائف عن الاعمش :-

    سليمان بن مهران، من أعلام التابعين، رأى أنساً وأبابكرة الثقفي، وأخذ بركابه، فقال له يا بني، إنما أكرمك ربك؛ كان لطيف الخُلُق، مزاحاً، لم تفته تكبيرة الإحرام سبعين سنة، وتوفي سنة سبع، وقيل ثمان، وقيل تسع وأربعين ومائة رحمه الله.
    (1)جاء في ترجمة الأعمش بن مهران [ ج 5 / ص 214].
    حدثني أبو سعيد، حدثنا ابن إدريس، قال لي الأعمش: أما تعجب من عبد الملك بن أبجر قال: جاءني رجل فقال: إني لم أمرض، وأنا أشتهي أن أمرض قال: فقلت: احمد الله على العافية.
    قال: أنا أشتهي أن أمرض.
    قال: كل سمكاً مالحاً، واشرب نبيذاً مريساً، واقعد في الشمس، واستمرض الله.
    فجعل الأعمش يضحك ويقول: كأنما قال له واستشف الله عز وجل.
    ( 2 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 116].
    قيل: إن أبا داود الحائك [ الخياط ] سأل الأعمش: ما تقول يا أبا محمد في الصلاة خلف الحائك فقال: لا بأس بها على غير وضوء.
    قال: وما تقول في شهادته قال: يقبل مع عدلين.
    ( 3 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 217 ].
    قال عيسى بن يونس: أرسل الأمير عيسى بن موسى إلى الأعمش بألف درهم وصحيفة ليكتب فيها حديثا، فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم , وقل هو الله أحد، ووجه بها إليه.
    فبعث إليه: يا ابن الفاعلة، ظننت أني لا أحسن كتاب الله .
    فبعث إليه: أظننت أني أبيع الحديث
    ( 4 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 117 ].
    قال عيسى بن يونس: أتى الأعمش أضياف، فأخرج إليهم رغيفين، فأكلوهما.
    فدخل فأخرج لهم نصف حبل قت [ أي علف الدواب ]، فوضعه على الخوان ، وقال: أكلتم قوت عيالي فهذا قوت شاتي فكلوه.
    (5)[ ج 5 / ص 223 ].
    وعن أبي بكر بن عياش قال كان يخرج إلينا [ أي الأعمش ] شيئا فنأكله.
    فقلنا يوما: لا يخرج شيئا إلا أكلتموه.
    فأخرج شيئا فأكلناه وأخرج فأكلناه فدخل فأخرج فتيتاً فشربناه فدخل وأخرج إجانةً وقتاً وقال: فعل الله بكم وفعل.
    أكلتم قوتي وقوت المرأة وشربتم فتيتها.
    هذا علف الشاة.
    قال: فمكثنا ثلاثين يوما لا نكتب عنه فزعا منه .


    ( 6 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 218 ].
    قال عبدالله بن إدريس قلت للأعمش: يا أبا محمد، ما يمنعك من أخذ شعرك قال: كثرة فضول الحجامين.
    قلت: فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حتى تفرغ.
    فأتيت جنيداً الحجام، وكان محدثاً، فأوصيته.
    فقال: نعم.
    فلما أخذ نصف شعره قال: يا أبا محمد، كيف حديث حبيب بن أبي ثابت في المستحاضة فصاح صيحة، وقام يعدو.
    وبقي نصف شعره بعد شهر غير مجزوز.
    ( 7 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 218 ].
    وعن ... محمد بن عبيد قال: جاء رجل نبيل كبير اللحية إلى الأعمش، فسأله عن مسألة خفيفة في الصلاة، فالتفت إلينا الأعمش، فقال: انظروا إليه لحيته تحتمل حفظ أربعة آلاف حديث، ومسألته مسألة صبيان الكتاب.
    ( 8 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 218 ].
    عن أبي بكر بن عياش قال: رأيت الاعمش يلبس قميصاً مقلوباً ويقول: الناس مجانين يجعلون الخشن مقابل جلودهم.
    ( 9 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 218 ].
    وقيل: إن الاعمش كان له ولد مغفل فقال له: اذهب فاشتر لنا حبلا للغسيل.
    فقال: يا أبة طول كم قال: عشرة أذرع.
    قال: في عرض كم
    قال: في عرض مصيبتي فيك.
    ( 10 ) وجاء في ترجمته أيضاً [ ج 5 / ص 221 ].
    أنه لبس مرة فرواً مقلوباً فقال له قائل: يا أبا محمد لو لبستها وصوفها إلى داخل كان أدفأ لك.
    قال: كنت أشرت على الكبش بهذه المشور
    وله نوادر منها:
    1. كانت له زوجة من أجمل نساء الكوفة، فجرى بينهما كلام، وكان الأعمش قبيح المنظر، فجاءه رجل يُقال له أبوالبلاد يطلب الحديث منه، فقال له: إن امرأتي نشزت عليَّ، فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس؛ فدخل عليها، وقال: إن الله تبارك وتعالى قد أحسن قسمتك، هذا شيخنا وسيدنا، وعنه نأخذ أصل ديننا، وحلالنا وحرامنا، فلا يغرنك عموشة عينيه، ولا خموشة ساقيه؛ فغضب الأعمش، وقال له: يا خبيث، أعمى الله قلبك، قد أخبرتها بعيوبي؛ ثم أخرجه من بيته.

    2. ومرة أراد إبراهيم النخعي أن يماشيه، فقال له الأعمش: إن رآنا الناس معاً قالوا: أعور وأعمش؛ فقال النخعي: وما عليك أن يأثموا ونؤجر ؟! فقال له الأعمش: وما عليك أن يسلموا ونسلم؟

    3. وجلس يوماً في موضع فيه خليج من ماء المطر، وعليه فروة خَلِقة، فجاءه رجل وقال: قم عدني هذا الخليج، وجذب بيده، فأقامه وركبه، وقال: "سبحان الله سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"؛ فمضى به الأعمش حتى توسط الخليج، ورمى به وقال: "وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين"، ثم خرج وتركه يتخبط.

    4. جاء رجل إلى الأعمش يطلبه فقيل له: خرج مع امرأة إلى المسجد؛ فجاءه ووجدهما في الطريق، فقال: أيكما الأعمش؟ فقال الأعمش: هذه؛ وأشار إلى المرأة.

    5. عاده أقوام في مرضه، فأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام، ثم قال: شفى الله مريضكم فانصرفوا.

    6. ذكر عنده يوماً قوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن قيام اليل بال الشيطان في أذنه"، فقال: ما عمشت عيناي إلا من بول الشيطان في أذني.

    7. سأل حفص بن غياث الأعمش عن إسناد حديث، فأخذ بحلقه وأسنده إلى حائط، وقال: هذا إسناده.

    8. قال رجل للشعبي: ما كان اسم امرأة إبليس؟ فقال: إن ذلك نكاح ما شهدناه!


    9- اتاه اضياف في يوم من الايام فأخرج اليهم رغيفين فأكلوهما ، فدخل فأخرج لهما نصف حبل قت ، فوضعه على الخوان وقال :- أكلتم قوت عيالي ، فهذا قوت شاتي فكلوه.
    ----------------------------------------------------------------
    10- يقول حسين بن واقد :- قرأت على الأعمش فقلت له :- كيف رأيت قراءتي ...قال :- ماقرأ علي علج أقرا منك .
    ----------------------------------------------------------------
    11- خرج الأعمش في مره من المرات ، فإذا بأحد الجنود (شرطي) فأمرالأعمش وهو لم يعرفة لأن الاعمش كان يلبس ثيابا رثة ، فقد كان فقيرا –أمره الجندي أن يحملة ويعبر به النهر ....فلما ركب الجندي على الأعمش قال :- ((سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) فمشى به حتى توسط النهر ثم قال :- ((وقل ربي أنزلني منزلا مباركا وأنت خيرالمنزلين )) ثم رمى به في النهر ! !
    ---------------------------------------------------------------------
    12- قيل :- إن الأعمش كان له ولدا ،مغفّل فقال له :- اذهب فاشتر لنا حبلا للغسيل ، فقال :- يا أبتِ .. طول كم ؟ قال :- عشرة أذرع ، قال:- في عرض كم ؟ فقال الأعمش :- في عرض مصيبتي فيك !!!
    ---------------------------------------------------------------------

    قيل: إن أبا الطيب الطبري دفع خُفاً له إلى من يصلحه، فماطله وبقي كلما جاءه أبو الطيب نقع نعله في الماء، وقال: الآن أصلحه. فلما طال ذلك على أبي الطيب ضاق ذرعاً، وقال له: "إنما دفعته إليك لتصلحه، لا لتعلمه السباحة!!".
    قال أبو الفضل حدثني أبي قال: "توجهت من الموصل إلى أبي إسحاق، فلما حضرت عنده رحّب بي، وقال: من أين أنت؟ فقلت: من الموصل، قال: مرحباً، أنت من بلدي، قلت: يا سيدنا، أنت من فيروزآباد، ولست من الموصل!! فقال له: أما جمعتنا سفينة نوح؟!".
    قال الإمام أبو عبد الله الحاكم: "حضرت أبا العباس الأصم يوماً في مسجده، فخرج ليؤذن لصلاة العصر، فوقف موضع المئذنة، ثم قال بصوت عال -وهو غافل-: أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي. ثم انتبه لنفسه، فضحك وضحك الناس، ثم أذن".
    وكان ابن الجصاص مع الوزير الخاقاني في مركب وبيده كرة كافور، فبصق في وجه الوزير وألقى الكافورة في دجلة، ثم أفاق واعتذر، وقال: "إنما أردت أن أبصق في وجهك، وألقيها في الماء فغلطت"، فقال له الوزير: "كذلك الذي حصل يا جاهل".
    وقيل: جاء إلى الأمير ابن الأغلب رجل فقال: "قد عشقت جارية، وثمنها خمسون ديناراً، وما معي إلا ثلاثون. فوهبه مائة دينار، فسمع بذلك رجل آخر فجاء، وقال: "إني عاشق"، فقال له الأمير: "فما تجد في قلبك؟"، قال: "لهيبا"، فقال الأمير: "اغمسوه في الماء"، فغمسوه مرات، وهو يصيح: "ذهب العشق"، فضحك، وأمر له بثلاثين ديناراً.
    وقال جعفر بن أبي عثمان: "كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل مستعجل، فقال: "يا أبا زكريا! حدثني بشيء أذكرك به". فقال له يحيى: "اذكرني أنك سألتني، أن أحدثك فلم أفعل!!". -

    - قال أبو الأسود لابنه : يا بني إن ابن عمك يريد أن يتزوج ويحب أن تكون أنت الخاطب فتحفظ خطبة .
    فبقي الغلام يومين وليلتين يدرس خطبة ، فلما كان الثالث ، قال أبوه : ما فعلت ؟ قال : حفظتها .
    قال : وما هي ؟ قال : الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونتوكل عليه ، ونشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح .
    فقال أبوه : صبراً لا تقم الصلاة فإني على غير وضوء .

    انظر تراجم كلاً من :
    1- الطبراني .
    2- صالح جزرة .
    3- هشام بن عمار .
    4- الأعمش .
    5- أبو نعيم الفضل بن دكين .
    6- عثمان بن أبي شيبة .
    7- وكيع .
    8- أبو يعلى الصابوني .



    في الكتاب الماتع والسفر النفيس سير أعلام النبلاء للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي المتوفى عام (748هـ) (1) فسوف تجد في تراجمهم مثالاً للدعابة .

    ***
    من طرائف بعض العلماء المعاصرين – رحمهم الله

    مواقف طريفة لم تسمعوا بها عن ابن باز والعثيمين والألباني والوادعي، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته وجمعنا بهم في مستقر رحمته .

    فقط حتى يعلم الجميع أن في ديننا فسحة ، وأن علماءنا يملكون في قلوبهم الود والسماحة والرحابة التي تسمح لهم بالمزاح والطرفة .

    من طرائف الالباني رحمه الله:
    ركب أحد طلبة العلم مع الشيخ الألباني رحمه الله في سيارته و كان الشيخ يسرع في السير. فقال له الطالب : خفف يا شيخ فإن الشيخ ابن باز يرى أن تجاوز السرعة إلقاء بالنفس إلى التهلكة ، فقال الشيخ الألباني رحمه الله : هذه فتوى من لم يجرب فن القيادة ، فقال الطالب : هل أخبر الشيخ ابن باز ، قال الألباني : أخبره . فلما حدث الطالب الشيخ ابن باز رحمه الله بما قال الشيخ الألباني ضحك ، وقال : قل له هذه فتوى من لم يجرب دفع الديات ! (ترجمة السدحان للشيخ ابن باز)
    يقول أحد طلبة العلم
    من الأجوبة اللطيفة التي سمعتها عن سؤال يقول فيه صاحبه انه متزوج ويريد الزواج بالثانية بنية اعفاف فتاة؟ فقال له الشيخ ابن عثيمين اعط المال لشاب فقير يتزوجها وتأخذ اجر الاثنين .

    يقول محمد المنجد : ومرة دعوت الشيخ الألباني في بيتي ، فجاء أحد الإخوان بطبق من السليق ، فقال الشيخ : هذا يدخل الجوف بلا خوف .
    فقال المنجد : هذا من مداعباته على الطعام .
    يقول أحد أبناء الشيخ الألباني رحمه الله : مرة رأيت الشيخ يتكلم وهو نائم ، فاقتربت منه لأسمع كلامه ، ففتح عينيه فجأة وقال : تتجسس علي ! وضحك .

    من أعجب المواقف التي قرأتها في حياة العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله والتي تدل على شجاعة منقطعة النظير في تتبعه لأهل الضلال واحتسابه في إنكار المنكر هذا الموقف .
    سمع عن أحدهم يحضر الأرواح فذهب إليه ودخل عليه ، ارتبك الرجل ، فقال له الشيخ : أرجو أن تحضر لي روحاً ، فقال الرجل : من تريد ؟
    قال الشيخ : أريد روح البخاري ! فقال الرجل : إيش تبغى في البخاري ؟ قال الشيخ : أنا عندي أشياء أسألها للبخاري ! فقال المشعوذ : اليوم انتهت الأرواح ، تعال يوم الاثنين .
    ذهب الشيخ للمشعوذ يوم الاثنين فلم يجد الرجل .. هرب ونقل المحل كله إلى مكان آخر .

    من طرائف الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى .


    جاء في ترجمة الشيخ (الإمام الألمعي سيرته الذاتية والدعوية)....ص 150قال المؤل
    سمعت الشيخ في أحد دروسه يقول يذكر ان مرة من المرات جاءه بعض الطلاب وطلب من الشيخ أن يقرأ على مريض أصيب بالمس قال الشيخ فذهبت معه وأنا ماقرأت على أحد قبل هذه المرة فلما وصلت وبدأت أقرأ على المريض قلت مخاطباً للجني (( أخرج ياعبدالله من عدو الله )) قال الشيخ ( كنت أريد أن أقول أخرج ياعدو الله من عبدالله فأنقلبت علي) .
    قال ... وذكر لنا الشيخ أنه في بداية طلبه للعلم أراد أن يحترف في البيع والشراء فأخذ شيئا يريد أن يبيعه فما اشتراه أحد منه قال فاعطيته شخصا بلا مقابل .
    جاء رجل يزعم أنه يريد أن يطلب العلم وأظهر نشاطا وبدأ ينشر فكرا منحرفا فانتبه له الطلاب فشكوه إلى الشيخ وعندما جاء الشيخ في درس يوما ما سأل سؤالا ووجهه لذلك الرجل فقال الشيخ للرجل اعرب (( كثر شاكوك وقل شاكروك)) ففطن الرجل لمراد الشيخ فسافر إثر إعراب المثل في اليوم الثاني .
    وجاء يوم أحد الطلاب وجلس على كرسي الشيخ الخاص به في المكتبه وهو لايعرف ان الكرسي للشيخ فجاء الشيخ واستحيا أن يقيمه من الكرسي بصريح العبارة ولكنه قال له : ما اسمك ؟ فقال الطالب أحمد فقال : متى ينصرف أحمد ؟. فقال الطالب إذا أضيف أو دخل عليه أل فضحك الشيخ ولم يشعر بمراده ثم نبهه بعض الطلاب فقام .

    ***
    من طرائف الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    ومن طرائف الشيخ ابن عثيمين مع الشيخ ابن باز رحمهما الله أنه مرة سألهما شخص فقال : لقد اخترع لنا جهاز ينبّه عدم السهو أثناء الصلاة ، فلا يسهو المصلي إذا استعمله ، فما حكمه ؟ فسكت الشيخ ابن باز وضحك الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله وقال : اسأله أهو يسبح أم يصفق ؟ وكان الشيخ يقصد التسبيح للرجال والتصفيق للنساء .
    وسأل ابن عثيمين أحدهم : ما يفعل الشخص بعد أن ينتهي من الدعاء ؟ . فرد الشيخ : ينزل يديه
    وسأله آخر : إذا كان الشخص يستمع إلى شريط مسجل ووردت آية فيها سجدة ، هل يسجد ؟ . فقال الشيخ : نعم ، إذا سجد المسجل .
    قال المنجد : جاء مرة طفل إلى الشيخ ابن عثيمين وقال له : يا شيخ أجب لي عن أسئلة هذه المسابقة .
    فقال له الشيخ : أجيب عليها ، ولكن إذا فزت تعطيني نصف الجائزة .
    وكان الشيخ ابن عثيمين يلقي درساً في باب النكاح عن عيوب النساء ، فسأله أحدهم : لو تزوجت ووجدت أن زوجتي ليس لها أسنان ، هل يبيح لي هذا العيب فسخ النكاح؟؟. فقال الشيخ : هذه امرأة جيدة ، لإنها لا يمكن أن تعضك .
    كان الشيخ ابن عثيمين في مكة ذات يوم راكبا تاكسي .. والظاهر أن المشوار كان طويلا , فأراد سائق التاكسي أن يتعرف ولم يكن يعرف الشيخ- فقال : ما تعرفنا على الاسم الكريم يا شيخ ؟ فرد الشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين …فرد السائق :تشرفنا , معك عبدالعزيز بن باز ( السواق يحسبه يمزح ) هنا ضحك الشيخ , وقال له : ابن باز أعمى كيف يسوق تاكسي ؟…فرد السائق: ابن عثيمين في نجد وش اللي يجيبه هنا , تمزح معي أنت ؟ هنا ضحك الشيخ , و أفهمه أنه بالفعل ابن عثيمين
    كان أحد كبار السن من أهل البادية يتواجد صدفة للصلاة في مسجد الشيخ ابن عثيمين من غير ما يعرف وعندما كان الشيخ في صلاة جهرية
    بمسجده نسي أحد الآيات ، فذكّره بها أكثر من شخص خلفه ، وعندما انتهى الشيخ من الصلاة نبههم إلى أن التذكير لا يكون بهذا الشكل الجماعي وان واحدا يكفي عن البقية ، وهنا نطق كبير السن بكل ثقة وقال : إلا المفروض أن الشايب اللي مثلك ما يعرف يقرأ يصف ورى ويخلي الصلاة لأهلها
    ومِمَّا يُحْكَى عن علامة زمانه فضيلة الشيخ (محمد بن صالح العثيمين) –رحمه الله تعالى- أنه كان في مجلس مع سماحة الشيخ العلامة (عبد العزيز بن باز) –رحمه لله تعالى- فأبي الشيخ (ابن باز) إلا أن يترك إجابة الأسئلة للشيخ (ابن عثيمين)، ولما جاء السؤال الأخير اتفق أن كان الشيخ (ابن عثيمين) يُخالف الشيخ (ابن باز) في هذه المسألة! فقال الشيخ (ابن عثيمين): وخير ما نختم به المجلس جواب الشيخ (ابن باز) عن هذا السؤال الأخير، وترك الجواب للشيخ .

    *****
    وهذه حادثه أخرى للشيخ
    كان خارج من البيت رحمه الله وبيده المبخره متوجه للمسجد واذا بأحد الشباب الطايش يقرب للشيخ ويقول يا شيخ ممكن اولع السيجاره الشيخ قاله تفضل يا ولدي
    !!!!!
    المهم هذا اصبح من هذا الموقف واحد من طلبة الشيخ والملازمين له
    *****
    وهذه حادثة ثالثة للشيخ :كان أحد كبار السن من أهل البادية يتواجد صدفة للصلاة في مسجد الشيخ من غير مايعرف وعندما كان الشيخ في صلاة جهرية بمسجده نسي أحد الآيات ، فذكّره بها اكثر من شخص خلفه ، وعندما انتهى الشيخ من الصلاة نبههم إلى أن التذكير لا يكون بهذاالشكل الجماعي وان واحدا يكفي عن البقية ،وهنا نطق كبير السن بكل ثقة وقال:
    إلا المفروض أن الشايب اللي مثلك ما يعرف يقرأ يصف ورى ويخلي الصلاة لاهلها !
    ****************
    سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن العمل بعد الانتهاء من الدعاء ؟
    فقال : ينزل يده !
    *****
    سئل ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان القارئ يستمع إلى المسجّل فجاءت سجدة التلاوة فهل يسجد للتلاوة ؟
    فقال الشيخ : نعم إذا سجد المسجَّل !
    *****
    كان الشيخ ابن عثيمين يتكلم في درس عن عيوب النساء في أبواب النكاح، فسأله سائل وقال له : إذا تزوجت ثم وجدت زوجتي ليس لها أسنان ، فهل هذا عيب يبيح لي طلب الفسخ ؟
    فضحك الشيخ وقال : هذه امرأة جيدة حتى لا تعضك !
    *****
    ومن طرائف الشيخ ابن عثيمين مع الشيخ ابن باز رحمهما الله
    أنه مرة سألهما شخص فقال : لقد اخترع لنا جهاز ينبّه على السهو
    أثناء الصلاة ، فلا يسهو المصلي إذا استعمله ، فما حكمه ؟فسكت الشيخ ابن باز
    وضحك الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله وقال : اسأله أهو يسبح أم يصفق ؟ ..
    وكان الشيخ يقصد التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
    *****
    كان مرة في أحد دروسه في سطح الحرم ، فأتت هرة بين الصفوف والشيخ كان يُلقي الدرس ، فأوقف الشيخ الدرس وقال : ماذا تريد هذه الهرة ؟
    لعلها تريد ماء ؟ اسقوها ماء ،
    ثم قال بعد ذلك فائدة عن حكم تعذيب الهرة ، ثم قال : هذه فائدة بمناسبة حضور الهرة فضحك الجميع
    *****
    في أحد دروس الشيخ ابن عثيمين رحمه الله طلب من أحد طلابه أن يُعرَّف السارق ، فقال الطالب : السارق هو الذي يأخذ ما ليس له – وكان هذا الطالب ممسكاًبيده قلماً – فأخذ الشيخ منه القلم بقوة وقال : أنا أخذت قلمك هذا ، فهل أنا سارق ؟فقال الطالب : لا ، لأنك تمزح ، فأدخل الشيخ القلم في جيبه بعدما أحكم غطاءه وقال : أنا جاد في ذلك ولست أمزح ! فهل أنا سارق ؟

    فلله درهم مِن قوم، كانوا نجومًا لأهل الأرض، عليهم شآبيب الرحمة .
    رحمهم الله وجمعنا بهم في جناته .
    ***

    المزاح في السفر
    وقد اعتبر بعض الفقهاء المزاح وفق ضوابطه وفي أوقاته من المروءة، والتقصير فيه من خوارم المروءة، وشددوا على ذلك في السفر؛ وفي هذا يقول ربيعة الرأي:
    "إن المروءة من خصال: ثـلاثة فـي الحـضر، وثلاثة في السفر، والتي في السفر: فبذل الزاد، وحسن الخلق، وكثرة المزاح من غير معصية"

    شرح السنة، 13/184. (18) الأذكار، للنووي، 468.
    ***

    من فوائد المزاح:
    أولاً: أن يكون على سبيل الملاينة والمباسطة وتتطييب خاطر صاحبك وإدخال السرور على قلبه.
    فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"
    وعـن عـبـد الله بـن الحارث ـ رضي الله عنه ـ قال: "ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم"
    ثانياً: أنه أنس للـمـصـاحـبـيـن وطـــرد للوحشة وتأليف للقلوب ومظهر من مظاهر الأخوة والوفاء.
    ثالثاً: التخلص من الخوف والغضب والقلق وغيره؛ فإن الإنسان إذا مزح أدخل على نفسه شيئاً من السرور والتسلية، وأزال ما يخاف منه أو خفف من ذلك.
    رابعاً: الـتـخـلـص من السأم والملل، كأن يعطي الشيخ طلابه سؤالاً أو لغزاً كي يُذهِب الملل عنهم.

    ****

    ****

    أنواع المزاح:


    المزاح المحمود:

    وضابطه كما قال ابن حبان: «هو الذي لا يشوبه ما كره الله عز و جل، ولا يكون بإثم ولا قطيعة رحم».

    المزاح المذموم:

    وضابطه كما قال ابن حبان أيضًا: «الذي يثير العداوة، ويُذهب البهاء، ويقطع الصداقة، ويجرئ الدنيء عليه، ويحقد الشريف به».
    المزاح المنهي عنه
    يقول النووي ـ رحمه الله ـ: "الـمـزاح المـنهـي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه؛ فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكـر الله ـ تـعـالى ـ، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار. فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله"



    الضوابط الشرعية في المزاح:
    1 - ألا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين:
    فيعد هذا من نواقض الإسلام؛ لقوله تعاـلى: ((ولَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وآيَاتِهِ ورَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ)) [التوبة: 65، 66].
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه"
    مجموع الفتاوى، 7/273. (20) الحلية لأبي نعيم، 4/96، والفردوس، للدليمي، 3/578.
    ويجعل الإمام ابن قدامة ذلك ردة عن الإسلام.
    وهذه كالاستهزاء ببعض السنن على سبيل المزح، وببعض الأحكام الشرعية كتقصير الثوب وإعفاء اللحية أو الصلاة والصوم وغيرها.
    يقـول ابن عـبـاس ـ رضي الله عنهما ـ: "من أذنـب ذنـبــاً وهــو يضحـك دخل النار وهو يبكي"(رواه أبو داود، ح/ 4338. (22) رواه أحمد، ح/ 8852.).
    2 - ألا يكون إلا صدقاً ولا يكذب:
    ولا سيما أولئك المعتادين لذكر الطرائف الكاذبة بقصد إضحاك الناس. روى الإمام أحمد في مسـنده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للذي يحدِّث فيكذب ليُضحِكَ به القوم ويل له"(رواه أبو داود، ح/ 4338. .).
    وقولــه صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحِك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا"(رواه أحمد، ح/ 8852..).
    ولا شـك أنـهــم وقـعوا في ذلك بسبب الفراغ وضعف الإيمان والبعد عن ذكر الله ـ تعالى ـ، ومصاحبتهم لجلساء السوء الذين يزينون لهم بعض المحرمات.
    3 - السخرية والاستهزاء بالآخرين:
    فتلك محرمة وتعد من الكبائر، يقول ـ تعالى ـ: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُـونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ولا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ولا تَنَابَزُوا بِالأَلْـقَــــابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ومَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) [الحجرات: 11].
    يقول ابن كثير: "المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم، وهذا حرام، ويُعد من صفات المنافقين"(تفسير ابن كثير، 7/376. ).
    ويقول الطبري: "اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان"( انظر جامع البيان، 24/597.).
    وقد روى البيهقي في (شعب الإيمان) أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن المستهزئين بالـنـاس لَـيُفْـتَـحُ لأحـــدهم باب الجنة فيقال: هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أُغلق دونه"(شعب الإيمان للبيهقي، 5/310، رقم: 6757 عن الحسن مرسلاً.).
    ويُخشى على المستهزئ أن تعود عليه تلك الخصلة التي يسخر من غيره فيها فيتصف بها ويـبـتـلـى بـفـعـلـهـــا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك"(
    رواه الترمذي، ح/ 2430 وقال: حديث حسن ).
    ولـقــد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السخرية بالمسلمين فقال: "المسلم أخو المسلم لا يظـلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بِحَسْبِ امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه"(
    رواه مسلم، ح/ 4650. ).
    4 - ألا يروِّع أخاه:
    فـقد أورد أبو داود في سننه عن ابن أبي ليلى قال: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسـلـم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حـبـل معه فأخذه ففزع" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلماً"( رواه أبو داود، ح/ 1534).
    وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً"(رواه أبو داود، ح/ 4350.).
    5 - عدم الانهماك والاسترسال والمبالغة والإطالة:
    يـنـبـغـي ألاَّ يداوَم على المزاح؛ لأن الجد سـمــات المؤمنين، وما المزاح إلا رخصة وفسحة لاستمرار النفس في أداء واجبها. فبعض الناس لا يفرق بين وقت الجد واللعب. وبذلك نبه الغزالي ـ رحمه الله ـ بقوله: "من الغلط العظيم أن يتخذ المزاح حرفة"(إحياء علوم الدين، للغزالي 3/129.).
    6 - أن يُنْزِل الناس منازلهم:
    إن العالم والكبير لهم من المهابة والـوقـــار مـنـزلــة خـاصة، ولأن المزاح قد يفضي إلى سوء الأدب معهما غالباً فينبغي الابتعاد عن المزاح مـعـهـما خشية الإخلال بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم"( رواه أبو داود، ح/ 4203).
    ونقل طاووس عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قـال: "مــن الـسـنـة أن يـوقَّـر العالِم".
    وكذلك من آداب الإسلام ألاَّ يمزح مع الغريب الذي لا يعرف طبيعة نفس المازح؛ فـهــــذا يؤدي إلـى اسـتـحقار المازح والاستخفاف به؛ فهذا عمر بن عبد العزيز يرسل إلى عدي بن أرطأة فيقول: "اتقوا المزاح؛ فإنه يُذْهِبُ المروءة".
    7 - ألا يكون مع السفهاء:
    قال سعد بن أبي وقاص لابنه: "اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرِّئ عليك السفهاء".
    8 - ألا يكون فيه غيبة:
    الـغـيـبـة وحليفتها النميمة كلتاهما تصبان في مستنقع الفتنة، ولا يخلو مَنْ كَثُرَ مزاحه من هذه الآفــــة العظيمة؛ لأن من كثر كلامه كثر سقطه، فهو لا يشعر أنه وقع في الإثم أصلاً؛ لأنه ـ في زعمه ـ إنما يقول في فلان مازحاً غير قاصد ذلك. ولم يعِ تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للغيبة بقوله: "ذكرك أخاك بما يكره"(رواه مسلم، ح/ 4690).
    وقد أورد التـرمــذي في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كـلـهــا تـكــفـر اللــسـان فتقول: اتق الله فينا؛ فإنما نحن بك: فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوججتَ اعوججنا"
    (رواه الترمذي، ح/ 2331. ).
    والغيبة أنواع، سواء كانت في البدن أو الخلق وغيرها.

    عواقب كثرة المزاح:


    الإفراط في المزاح يؤدي إلى كثرة الضحك التي تميت القلب:


    قال صلى الله عليه وسلم: «ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب». ولما نظر وهيب بن الورد رحمه الله إلى قوم يضحكون في عيد فطر قال: إن كان هؤلاء قد غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يغفر لهم فما هذا فعل الخائفين.

    المزاح يؤدي إلى الغفلة:

    والمسلم يحتاج إلى قلب حي لا تتسرب الغفلة إليه، في صراعه مع الشيطان، فقد أقسم الشيطان على غوايتنا: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.

    والغفلة هي صفة الكافرين: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ﴾. ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾. ﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾.

    وفي يوم القيامة يقال لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾. فكان من جوابهم: ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾.

    وهذه الغفلة حذر منها السلف أشد الحذر، فكان أبو يعلى رحمه الله يقول: «أتضحك ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار».

    وقال محمد بن واسع رحمه الله: «إذا رأيت رجلاً في الجنة وهو يبكي ألست تعجب من بكائه؟ قيل: بلى. قال: فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه».

    قد يضيع الهيبة:

    فقد يؤدي المزاح حال كثرته إلى قلة الهيبة، أو اجتراء السفهاء على المازح، قال عمر رضي الله عنه: «من مزح استخف به». وقال محمد بن المنكدر رحمه الله: قالت لي أمي: «يا بني لا تمازح الصبيان فتهون عندهم».

    وعن سعيد بن العاص رضي الله عنه أنه قال: «لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترئ عليك». وقال الحسين بن عبد الرحمن: كان يقال: «المزاح مسلبة للبهاء، مقطعة للإخاء».

    وقد يسبب المزاح شيئًا من الضغينة:

    مما يكون المازح معه مذمومًا، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «اتقوا الله، وإياكم المزاح، فإنه يورث الضغينة، ويجر إلى القبيح، فحدثوا بالقرآن وتجالسوا به، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال».

    وقال خالد بن صفوان رحمه الله: كان يقال: لكل شيء بذر، وبذر العداوة المزاح.

    قد يجر إلى الحرام من القول:

    فيصبح المزاح حرامًا إذا صاحبه مخالفة شرعية، مما سبق التنبيه عليه، ومنه الترويع، وفيه أن أصحاب رسول الله كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها، فلما استيقظ الرجل فزع، فضحك القوم، فقال: «ما يضحككم؟» فقالوا: لا، إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا».

    وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادًا ولا لاعبًا، وإذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه».

    المزاح الذي قد يؤدي إلى الإضرار بالممزوح معه:

    روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار». وفي مسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه».

    المزاح قد تُنتهك فيه حدود الله:

    فقد يمتد المزاح إلى باب كثير من أبواب الكبائر، كالاستهزاء ببعض القرآن، أو النبي، أو الأحكام الفقهية، أو العلماء، كما وقع من بعض المنافقين يوم تبوك حين استهزءوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فنزل: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾.

    الخلاصة:
    قال - صلى الله عليه وسلم -: { لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً }
    قال في فتح الباري: " المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة ). وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله - عز وجل - بجد وثبات، ممن يتأسون بالأخيار والصالحين،

    هذا ونسأل الله أن يؤدبنا بآداب الإسلام، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    كتبه: أبو الخطاب فؤاد بن على السنحاني
    اليمن - المحويت
    الأحد, 7 شوال 1435 هـ

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الخطاب فؤاد السنحاني; الساعة 04-08-2014, 12:19 AM.

  • #2
    ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.


    ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.









    الحمد لله
    للمزاح الشرعي شروط وهي :


    1- لا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :






    فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 ، قال ابن تيمية رحمه الله : ( الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه )
    وكذلك الاستهزاء ببعض السنن ، ومما انتشر كالاستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .
    قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في المجموع الثمين 1/63 : فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يبعث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر ، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه ، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية من الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق .



    2- لا يكون المزاح إلا صدقاً :
    قال صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يُحدث فيكذب ليُضحك به القوم ويل له ) رواه أبو داود .
    وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا )رواه أحمد



    3- عدم الترويع :
    خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد أو يستغلون الظلام وضعف الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف ، عن أبي ليلى قال : ( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبيصلى الله عليه وسلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع ، فقال رسول الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) رواه أبو داود .



    4- الاستهزاء والغمز واللمز :
    الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم وبعض ضعاف النفوس – أهل الاستهزاء والغمز واللمز – قد يجدون شخصاً يكون لهم سُلماً للإضحاك والتندر – والعياذ بالله – وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) الحجرات/11 ، قال ابن كثير في تفسيره : ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ، ويعد من صفات المنافقين )
    والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويُخشى على المستهزئ أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) رواه الترمذي .
    وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء ، لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .



    5-أن لا يكون المزاح كثيراً :
    فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس .
    قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " اتقوا المزاح ، فإنه حمقة تورث الضغينة "
    قال الإمام النووي رحمه الله : " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى : ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .



    7- معرفة مقدار الناس :
    فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار ، فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يُعرف .
    وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز : ( اتقوا المزاح ، فإنه يذهب المروءة ) .
    وقال سعد بن أبي وقاص : " اقتصر في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء ، ويجرّئ عليك السفهاء "



    8- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :
    قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) صحيح الجامع 7312
    وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: ( من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استُخف به ، ومن أكثر من شيء عُرف به ) .
    فإياك إياك المزاح فإنه يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا
    ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورثه من بعد عزته ذلاً



    9- ألا يكون فيه غيبة
    وهذا مرض خبيث ، ويزين لدى البعض أنه يحكي ويقال بطريقة المزاح ، وإلا فإنه داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .


    10- اختيار الأوقات المناسبة للمزاح :
    كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر ، أو عند ملاقاة صديق ، تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه ، أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها .
    أيها المسلم :
    قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة أي مستنكر ! فأجابه قائلاً : " بل هو سنة ، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "
    والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها ، فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار ، وتمتلئ الصحف بالهزل واللعب .
    قال صلى الله عليه وسلم : ( لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة )
    وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات ، ممن يتأسون بالأخيار والصالحين ، قال بلال بن سعد : ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً )
    وسُئل ابن عمر رضى الله عنهما : " هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون "
    قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال .
    فعليك بأمثال هؤلاء فرسان النهار ، رهبان الليل .
    جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر ، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    تعليق


    • #3
      ▪قال ابن حبان رحمه الله :

      "الواجب على العاقل أن
      يستميل قلوب الناس

      ● بالمزاح المحمود
      ● ويترك التعبس".

      📚 [ روضة العقلاء (76) ].

      تعليق

      يعمل...
      X