الفوائد المستفادة من شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الفوزان
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
المجلد الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أنقل لكم أخوتي في الله بعض الفوائد التي استفدتها من خلال قراءة شرح كتاب التوحيد - المجلد الأول - للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله والذي بعنوان إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، سائلاً المولى عز وجل التوفيق، وأن يستفيد من هذا الموضوع أكبر قدر من الناس (1).
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أخوكم في الله
أبو حميد الفلاسي
الفائدة الأولى
تعريف الجن والإنس
الجن: هم عالم من عالم الغيب، نؤمن بهم، ولكننا لا نراهم، ولذلك سموا بالجن من الاجتنان وهو الاستتار، ويقال: جَنَّه الليل إذا ستره، ويقال: الجنين في البطن، لماذا سمي جنيناً؟ لأنه مستتر.
وأما الإنس: فمعناها بنوا آدم، من الاستئناس لأنهم يأنس بعضهم ببعض ويألف بعضهم البعض.
[1/24-25]
الفائدة الثانية
تعريف الأمة والرسول
الأمة: معناها: الجماعة والجيل والطائفة من الناس.
والرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه.
[1/26]
الفائدة الثالثة
تعريف الطاغوت
الطاغوت: مأخوذ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد في كل شيء، والطاغوت يطلق ويراد به الشيطان، وهو رأس الطواغيت - لعنه الله - ويطلق ويراد به الساحر والكاهن، والحاكم بغير ما أنزل الله، والذي يأمر الناس بإتباعه في غير طاعة الله.
[1/27]
الفائدة الرابعة
معنى الاجتناب
الاجتناب: معناه: أننا نترك الشيء ونترك الوسائل والطرق التي توصل إليه.
[1/28]
الفائدة الخامسة
معنى القضاء
القضاء له عدة معان، منها: القضاء والقدر، ومنها الحكم و الشرع، ومنها الإخبار ((وقضينا إلى بني إسرائيل)) يعني: أخبرناهم، ومنها الفراغ ((فقضاهن سبع سماوات)) ((فإذا قضيتم الصلاة)) يعني فرغتم منها.
[1/29]
الفائدة السادسة
معنى العبادة
العبادة في اللغة: هي الذل والخضوع هذا أصلها: يقال: طريق معبد يعني: طريق ذللته الأقدام بوطئها.
وأما العبادة في الشرع: فهي كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطن ".
[1/30]
الفائدة السابعة
ما هي أعظم المحرمات؟
فأعظم المحرمات هو: الشرك بالله - سبحانه-؛ فإذا قيل لك: ما هو أعظم المحرمات؟ تقول: الشرك بالله عز وجل: وإذا قيل لك: ما أعظم ما نهى الله عنه؟ تقول: الشرك بالله، وإذا قيل ما أعظم المنكرات؟ تقول الشرك بالله، وإذا قيل ما هو أكبر الكبائر؟ تقول الشرك بالله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أكبر الكبائر: الشرك بالله".
[1/31]
الفائدة الثامنة
كيف تبر والديك؟
[جاء] الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالبر، والصلة، والإكرام، والتوقير أحياءاً وأمواتاً:
أما برهم في الحياة فبالإحسان إليهما بالكلام اللين، والتواضع، والنفقة، والقيامة بخدمتهما، والتماس رضاهما في غير معصية الله تعالى كما قال تعالى: ((إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا))؛ ففي حال حياتهما يبر بهما بأنواع البر، ولا يسيء إليهما أي إساءة، لأن الإحسان إليهما بر، والإساءة إليهما عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، ففي الأمر بالإحسان إليهما نهي عن الإساءة إليهما.
وقد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المبنر فقال: "آمين، آمين، آمين"، ثم قال لأصحابه: "إن جبريل عليه السلام عرض له فقال له: يا محمد من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار، قل آمين، قلت آمين، قال يا محمد من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة فمات فدخل النار، قل آمين، فقلت: آمين، قال: يا محمد من ذُكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار، قل: آمين، فقلت: آمين"؛ الشاهد من هذا أن من أدرك أبويه - أو أحدهما - فلم يبرهما فمات دخل النار بسبب العقوق دعا عليه جبريل بدخول النار وآمن على ذلك محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإحسان إليهما في حال الحياة
أما الإحسان إليهما بعد الموت فقد سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سأله رجل فقال: يا رسول الله ما بقي من بر والدي بعد موتهما؟ قال: "أن تصلي عليهما مع صلاتك" يعني تدعو لهم إذا دعوت لنفسك، "وإنفاذ عهدهما"، يعني الوصية التي أوصيا بها، "وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"، إذا كان لوالدك صديق أو لأمك صديقة فأكرم هذا الصديق، لأن إكرام صديق والدك أو صديقة والدتك إكرام لوالديك، هذا ما يبقى من البر بعد وفاة الوالدين: الدعاء، وتنفيذ وصاياهما، وصلة الرحم المرتبطة بهما من الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وسائر القرابة، والأخوة والأخوات، وأبناء الأخوة وأبناء الأخوات... إلى آخره، كل من تربطك به قرابة من جهة أبيك أو من جهة أمك فهو من ذوي الأرحام، إذا وصلته فقد بررت بوالديك. أ.هـ
[1/32-33]
الفائدة التاسعة
مسألة تحديد النسل
ومن الناس اليوم من ورث هذه الخصلة الذميمة [أي خشية كثرة الأولاد] فصاروا يسعون لتحديد النسل خشية الفقر، يقولون: يحصل في الأرض انفجار سكاني من كثرة النسل، والموارد قليلة فيحصل مجاعات، فيطلبون تحديد النسل؛ والآن قضية المطالبة بتحديد النسل قائمة على قدم وساق، والدافع لهذا هو خشيتهم الفقر، وهذا لأنهم لا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى: ولا يؤمنون أن الأرزاق من الله.
وانخدع بهذه الدعاية بعض المسلمين، فصاروا يكرهون كثرة الأولاد، وبعضهم يحاول تنظيم النسل، وبعضهم يحاول تحديد النسل، وهناك كلام فارغٌ يردد، وكل هذا باطل.
وطلب الذرية، وكثرة الذرية، كثرة الإنجاب أمر مطلوب في الإسلام، لأن هذا فيه تقوية للمسلمين، وتكثير لعدد المسلمين، وأما الرزق فهو على الله سبحانه وتعالى: ((نحن نرزقهم وإياكم)).
[1/33-34]
الفائدة العاشرة
الذمي والمستأمن
النفس التي حرم الله هي: النفس المؤمنة، وكذلك النفس المعاهدة، ولو كانت كافرة، فاله حرم قتل المؤمنين، وكذلك حرم قتل المعاهدين من الكفار الذي لهم عهد عند المسلمين بالأذمة أو بالأمان.
فالذمة وهم الذي يدفعون الجزية.
أو بالأمان وهم الذين دخلوا بلادنا بالأمان، لا يجوز قتلهم والتعدي عليهم، لأنهم في ذمة المسلمين، وفي أمان المسلمين لا يجوز خيانة ذمة المسلمين، ولهذا جاء في الحديث: " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ".
[1/35]
الفائدة الحادية عشر
معنى العقل
والعقل معناه: الكف عما لا يجوز، سمي العقل عقلاً لأنه يكف الإنسان عن الأشياء التي لا تليق، كما أن العقال للبعير يمنعه عن الضياع كذلك العقل، وهو خلق جعله الله في الإنسان يمنع من تعاطي ما لا يجوز.
[1/36]
الفائدة الثانية عشر
معنى اليتيم
واليتيم هو: الصغير الذي مات أبوه؛ هذا هو اليتيم، أما إذا بلغ فإنه يخرج عن حد اليتم، وكذلك لو ماتت أمه، وأبوه حي لا يسمى يتيماً لأن أباه يقوم عليه وينفق عليه ويربيه، و يتعاهده، ويحميه ، فاليتم هو: فقدان الأباء في وقت الصغر.
[1/36]
الفائدة الثالثة عشر
معنى الصراط المستقيم
عند قوله تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه))
الصراط في اللغة معناه: الطريق، والمراد هنا كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنهما طريق إلى الجنة، أي: ما أوحيته إليكم بواسطة رسولي من الأوامر والنواهي في هذا القرآن العظيم وفي السنة النبوية هذا هو الصراط، فالذي يسأل عن الطريق إلى الله، نقول هو كتاب اله، وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تابعة للقرآن، ومفسره للقرآن، فالسنة داخلة في كتاب الله عز وجل.
والمستقيم هو: المعتدل، فطريق الله عز وجل معتدل، ليس فيه ميلا، وليس فيه منعطفات، وليس فيه غموض، طريق واضح يوصلك إلى الجنة، تمشي فيه على نور، وعلى برهان، وعلى طريق واضح.
[1/40]
الفائدة الرابعة عشر
الفرق بين الأمن المطلق ومطلق الأمن
الأمن المطلق هو الذي ليس معه عذاب، وأما مطلق الأمن فهذا الذي قد يكون معه شيء من العذاب على حسب الذنوب.
فالحاصل: أن أهل التوحيد لهم الأمن بلا شك، ولكن قد يكون أمناً مطلقاً، وقد يكون مطلق أمن.
[1/48]
الفائدة الخامسة عشر
أنواع الظلم
النوع الأول: - وهو أعظمها -: ظلم الشرك، قال تعالى: ((إن الشرك لظلم عظيم)).
النوع الثاني: ظلم العبد نفسه بالمعاصي، لأنه عرض نفسه للعقوبة.
النوع الثالث: ظلم العبد للناس، بأخذ أموالهم، أو غيبتهم، أو نميمتهم، أو سرقة أموالهم، أو التعدي عليهم في أعراضهم بالغيبة والنميمة والقذف والهمز واللمز وغير ذلك من التنقص، أو في دمائهم بقتل الأبرياء بغير حق، أو بالضرب و الجرح والإهانة بغير حق، فهذا تعد على الناس.
[1/57] بتصرف
السادسة عشر
معنى لا إله إلا الله
ومعنى لا إله إلا الله، نفي العبادة عما سوى الله، وإثباتها لله سبحانه وتعالى، يعني إبطال عبادة كل ما سوى الله، وإثبات العبادة لله، فعلى هذا معنى لا إله إلا الله: لا معبود حقاً إلا الله سبحانه وتعالى.
أما لو قلت: معناها: لا معبود إلا الله، نقول: هذا ظلال عظيم، لأنك أدخلت كل المعبودات وجعلتها هي الله، جعلت الأصنام والأضرحة والكواكب وكل ما عبد من دون الله هو الله، وهذا غلط، وهو مذهب أهل وحدة الوجود، فلابد أن تأتي بكلمة حق، لأن المعبودات على قسمين:
1/ معبود بحق وهو الله.
2/ معبود بالباطل وهو ما سوى الله من كل المعبودات.
[1/61] بتصرف
الفائدة السابعة عشر
معنى {وروح منه}
وقوله تعالى: ((وروح منه)) ليس المراد أن عيسى روح من الله، بمعنى ذات الله، وإنما من روحه المخلوق، لأن الله خلق الأرواح جميعاً، ومنها روح عيسى عليه الصلاة والسلام، فكلمة ((منه)) لابتداء الغاية، يعني كلمة مبتدأة من الله، وروح مبتدأة من الله، كما تقول مثلاً هذا الرزق من اله، معناه أن الله هو الذي يسر هذا الشيء وهو الذي هيأه وخلقه.
[1/66]
الفائدة الثامنة عشر
معنى {على ما كان من العمل}
ذكر المؤلف في باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب حديث عبادة بن الصامت، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في آخرة: " أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ".
هذا وعد من الله سبحانه وتعالى لأهل التوحيد بأن الله يدخلهم الجنة، وأهل التوحيد هم : الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، هؤلاء هم أهل التوحيد وعدهم الله أن يدخلوا الجنة، فهذا فيه فضل التوحيد، وأنه سبب لدخول الجنة.
ولكن ما معنى: "على ما كان من العمل" ، في ذلك قولان لأهل العلم:
القول الأول: أدخله اله على ما كان من العمل، يعني ولو كان له سيئات دون الشرك فإن ذلك لا يحول بينه وبين دخول الجنة، إما من أول وهلة، وإما في النهاية، ففيه فضل التوحيد، وأنه يكفر الذنوب بإذن الله، أو يمنع من الخلود في النار.
القول الثاني: أدخله الله الجنة على ما كان من العمل: أي: أنه يدخل الجنة، فتكون منزلته فيها بحسب عمله، لأن أهل الجنة يتفاوتون في منازلهم بحسب أعمالهم، فمنهم من هو في أعلى الجنة، ومنهم من هو دون ذلك.
[1/70]
الفائدة التاسعة عشر
معنى تحقيق التوحيد
تحقيق التوحيد تصفيته من الشرك والبدع والذنوب.
[1/74]
الفائدة العشرون
الفرق بين باب فضل التوحيد وباب من حقق التوحيد
الفرق: أن فضل التوحيد في حق الموحد الذي ليس عنده شرك، ولكن قد يكون عنده بعض المعاصي التي تكفر بالتوحيد.
وأما باب [من حقق التوحيد..] فهو أعلى من الباب الذي قبله.
من حقق التوحيد يعني: أنه لم يشرك بالله شيئاً، ولم يكن عنده شيء من المعاصي، هذا تحقيق التوحيد، ومن بلغ هذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب، أما من كان في المرتبة التي قبلها، وهو الموحد الذي عنده ذنوب فهذا قد يغفر له، وقد يعذب بالنار، ثم يخرج منها.
[1/74] بتصرف
الفائدة الحادية والعشرون
إطلاقات الأمة
والأمة لها ثلاثة إطلاقات في القرآن:
1/ الأمة بمعنى قدوة كما في قوله تعالى: ((إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله...)).
2/ الأمة بمعنى مقدر من الزمان كما في قوله تعالى: ((وقال الذي نجا منهما واذكر بعد أمة)) أي بعد زمن وبعد مدة.
3/ الأمة بمعنى الجماعة من الناس كما في قوله تعالى: ((وإن هذه أمتكم أمة واحدة)) يعني: جماعة.
[1/75-76] بتصرف
الفائدة الثانية والعشرون
من صفات إبراهيم عليه السلام
من صفات إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ((إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين)):
1/ أنه كان أمة، يعني قدوة في الخير.
2/ أنه كان قانتاً لله ثابتاً على الطاعة مخلصاً عمله لله.
3/ أنه كان حنيفاً، مقبلاً على الله معرضاً عما سواه.
4/ أنه لم يك من المشركين، أي: بريء منهم ومن دينهم.
وهذا هو تحقيق التوحيد يكون بهذه الأمور.
[1/77-78]
الفائدة الثالثة والعشرون
الفرق بين الرياء والسمعة
الرياء معناه: أن الإسنان يتصنع أمام الناس بالتقوى، والعمل الصالح، وإتقان الصلاة وغير ذلك، من أجل أن يمدحوه، فالرياء من الرؤية أن يحب الإنسان أن يراه الناس وهو يعمل العمل الصالح من أجل أن يمدحوه.
والسمعة أن يحب الإنسان أن الناس يسمعون كلامه ويسمعون عمله ويمدحونه.
[1/96-97]
الفائدة الرابعة والعشرون
خطورة الجهل في الدعوة إلى الله
((أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) البصيرة معناها: العلم، بل هي أعلى درجات العلم، وفي هذا دليل على أنه يشترط في الداعية أن يكون على بصيرة، أي على علم بما يدعو إليه، أما الجاهل فلا يصلح للدعوة، بل لابد أن يتزود بالعلم قبل أن يشرع في الدعوة، لأنه في دعوته يتعرض إلى شبهات ومناظرات، فمن أين يجيب إذا وقف في وجه معاند أو معارض أو مشبه، كيف يستطيع الخلاص، أنه يفشل، أو يصير نكسة على الدعوة، أو يجيب بجهل ويكون الأمر أخطر، إما أن يسكت عن الجواب وينتصر عليه الخصم، وإما أن يجيب بجهل فيكون الأمر أخطر، هذا من ناحية.
والناحية الثانية: أن الداعية يحتاج إلى معرفة الحلال والحرام، فقد يقول بجهله هذا الشيء حرام وهو حلال، وقد يقول بجهله: هذا الشيء حلال وهو حرام، فالداعية يجب أن يكون على علم بما يدعو إليه، بحيث أنه يعرف الحلال والحرام، ويعرف الواجب والمستحب والمحرم والمكروه والمباح، ويعرف كيف يجيب على الاعتراضات والشبه والمجادلات، كما قال تعالى: ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))، كيف يستطيع أن يجادل بالتي هي أحسن وهو ليس عنده علم؟!
فيشترط في الداعية: أن يتأهل بالعلم، فإن بعض الدعاة اليوم ليس عندهم علم، وإنما يجيد الكلام والشقشقة والخطابة، لكن ليس عنده علم بحيث لو عرضت له أدنى شبهة، أو سئل عن أدنى مسألة في الحرام والحلال تخبط فيها.
[1/102-103]
الفائدة الخامسة والعشرون
البراءة من المشركين من أصول الدعوة
((وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) هذه براءة من الرسول صلى الله عليه وسلم من المشركين، كما تبرأ منهم خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))، ((ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))، ففيه البراءة من المشركين، يعني: قطع المحبة والمودة والمناصرة بينك وبين المشركين، لأنهم أعداء الله وأعداء رسوله، فلا يجوز لك أن تودهم بقلبك أو تناصرهم أو تدافع عنهم: ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) ، ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)).
ففي هذا دليل على أنه يجب البراءة من المشركين، وأن من أصول الدعوة إلى الله: البراءة من المشركين، أما الداعية الذي لا يتبرأ من المشركين، فهذا ليس بداعية، وليس على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وإن زعم أنه يدعو إلى الله، والكفر بالطاغوت مقدم على الإيمان بالله، كما قال تعالى: ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ))، فلابد من البراءة من المشركين، أما الذين يقولون (ما علينا من عقائد الناس، من دخل في جماعتنا وصار معنا فهو أخونا، وعقيدته له) هذه ليست دعوة إلى الله عز وجل، وإنما هي دعوة إلى الحزبية والعصبية.
[1/103-104]
الفائدة السادسة والعشرون
ما يستفاد من حديث بعث معاذ إلى اليمن
1/ فيه إرسال الدعاة إلى الله عز وجل.
2/ فيه فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه.
3/ فيه قبول خبر الواحد في العقائد وغيرها.
4/ فيه بيان منهج الدعوة، وهذا أصل عظيم، وهو أنه يتدرج فيها، ويبدأ بالأهم فالأهم.
5/ فيه دليل على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وأنه مبعوث إلى جميع العالم اليهود والنصارى وغيرهم، وإذا كان مبعوثاً إلى اليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، فغيرهم من باب أولى.
6/ فيه أن من العلماء من يجهل معنى لا إله إلا الله، لأن أهل الكتاب يدعون إليها وهم أهل الكتاب وأهل العلم.
7/ فيه دليل على أنه لا يجوز أخذ الكرايم في الزكاة، وإنما يؤخذ المتوسط.
8/ فيه دليل على التحذير من دعوة المظلوم، وأنه ليس بينها وبين الله حجاب.
[1/111]
الفائدة السابعة والعشرون
فوائد حديث إرسال علي رضي الله عنه
1/ فيه مشروعية إرسال الدعاة.
2/ فيه أن الدعوة تكون قبل القتال، ولا يجوز أن يكون القتال قبل الدعوة.
3/ فيه وصيلة الإمام لمن يبعثه للدعوة إلى الله، وأنه يخطط له المنهج السليم، ويرشده إلى الطريق الصحيح الذي يسير عليه، وأن المُرسل يستمد الإرشادات من قائدة ومن إمامه، ولا يستبد هو بشيء، لأن هذا أضبط للأمور.
4/ فيه دليل على إثبات صفة من صفات الله عز وجل، وهي المحبة.
5/ فيه دليل على معجزات من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم:
إحدها: قوله: "لأعطين الراية غداً"، وقد وقع هذا.
ثانياً: إخباره عن وقوع الفتح، وقد وقع.
ثالثاً: بصقه صلى الله عليه وسلم في عيني المريض فيشفى في الحال.
6/ فيه فضل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
7/ فيه دليل على حرص الصحابة على الخير، وأنهم يتنافسون في أمور الخير.
8/ فيه الإيمان بالقدر.
9/ فيه بيان منهج الدعوة إلى الله عز وجل.
10/ فيه بيان خطة الجهاد الشرعي.
11/ فيه دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام، وبيان أن ما هم عليه ليس هو الإسلام.
[1/119-121] بتصرف
الفائدة الثامنة والعشرون
سبب جمع المؤلف للتوحيد وكلمة لا إله إلا الله
وقول المؤلف: "تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله " هذا من عطف الدال على المدلول، المدلول هو التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله هو الدال، لأن شهادة أن لا إله إلا الله تدل على التوحيد، فهو من عطف الدال على المدلول، والشيخ رحمه الله جمع بينهما في الترجمة ليبين أن معناها واحد، فعمنى التوحيد هو لا إلا الله، ومعنى لا إله إلا الله هو التوحيد، من أجل أن لا يخفى هذا على أحد، فيظن أن التوحيد غير لا إله إلا الله، بل هما شيء واحد.
[1/123]
الفائدة التاسعة والعشرون
الفرق بين البراءة والموالاة
البراءة من براء وبريء بمعنى واحد، معناه قطع الصلة والبعد عن المتبرأ منه، بخلاف الموالاة فإن معناها: القرب والاتصال بالموالى.
[1/128]
الفائدة الثلاثون
معنى الأحبار والرهبان
الأحبار: جمع حَبْر أو حِيِر، وهو العالم، والرهبان: جمع راهب، وهو العابد.
[1/130]
الفائدة الحادية والثلاثون
معنى الحلقة
الحلقة: هي الشيء المستدير الذي يدار على العضد، أو على الذراع، أو على الأصبع، فالشيء المستدير يسمى حلقة، ومنه تحلق القوم إذا استداروا في الجلوس.
[1/138]
الفائدة الثانية والثلاثون
معنى التميمة
التميمة: خرزات تعلق على الأولاد يتقون بها العين، وكذلك ما شابهها من كل ما يعلق من الخرزات وغيرها من الحُرُوز والحُجُب، فهذا ليس بخاص بالخرز، وإنما هذا التفسير لبيان نوع من أنواع المعلقات، ومنهم من يعلق النعل على الباب، ويجعل وجه النعل مقابلاً للشخص الآتي، أو على السيارة، ويظنون أن هذه الأشياء تدفع عنهم شر الحسد، وكل هذا من أمور الجاهلية.
[1/141]
الفائدة الثالثة والثلاثون
معنى الودع
الودع: شيء يستخرج من البحر، يشبه الصدف، يعلقونه على صدورهم أو على أعناقهم أو على دوابهم يتقون به العين.
[1/142]
الفائدة الرابعة والثلاثون
اختلاف السلف في مسألة تعليق التمائم من القرآن
فقد اختلف السلف في تعليق التمائم من القرآن إلى قولين:
1/ منهم من أجاز، نظراً لأن هذا من القرآن وهو كلام الله سبحانه وتعالى، و التداوي بكتاب الله والاستشفاء بكتاب الله مشروع، ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة رضي الله عنهما.
2/ ومنهم من منع هذا ولم يرخص فيه لعموم النهي عن التمائم، ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وتلميذه إبراهيم النخعي.
وبناءً على ذلك اختلف الفقهاء من بعد الصحابة في هذه المسألة على قولين: منهم من أجاز، أخذاً برأي من أجاز من الصحابة، ومنهم من منع.
والصحيح: الرأي الثاني وهو المنع، والشيخ عبد الرحمن بن حسن وقبله الشيخ سليمان بن عبد الله رجحا منعه، وذلك لثلاثة أمور:
الأمر الأول: عموم النهي، ولم يرد دليل يخصص ذلك.
الأمر الثاني: سد الوسيلة المفضية إلى الشرك، لأننا إذا أجزنا تعليق القرآن انفتح الباب لتعليق غيره.
الأمر الثالث: أن تعليق القرآن يعرضه للامتهان، لأنه يعلق على الصبيان والصبيان لا يتجنبون النجاسة أو الدخول في مواضع القاذروات، وكذلك الجهال لا يحترمون القرآن كما ينبغي، ولا ينتبهون لذلك. وما كان سبباً لتعريض القرآن للامتهان فهو محرم.
والذين أجازوا - وهم أصحاب الرأي الأول - اشترطوا ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تكون التميمة من القرآن.
الشرط الثاني: أن تكون مكتوبة باللفظ العربي، فلا تكتب بلفظ أعجمي أو بخط لا يقرأ.
الشرط الثالث: أن يعتقد أن الشفاء من اله لا من هذه التميمة، وإنما هذه التميمة سبب فقط.
[1/149-150]
الفائدة الخامسة والثلاثون
أقوال العلماء في عقد اللحية
اختلف العلماء في تفسير عقد اللحية، منهم قال:
1/ عقد الحية عادة عند الفرس، أنهم كان عند الحروب يعقدون لحاهم تكبراً وتجبراً، ونحن قد نهينا عن التشبة بالكفار.
2/ المراد به عقد اللحية في الصلاة، لأن هذا من العبث في الصلاة، والحركة في الصلاة، وهذا مكروه في الصلاة، لأنه يدل على عدم الخشوع.
3/ أن المراد بعقد الحية ما يفعله أهل الترف من تجعيد لحاهم وتحسينها وكدها، حتى تتجعد، يقصدون بها الجمال، فهذا يكون من الترف، نعم لا بأس أن اللحية تصلح وأنها تنظف، وأنها تكرم لكن لا يصل هذا إلى حد الإسراف.
[1/152] بتصرف
الفائدة السادسة والثلاثون
مسألة الاعتماد على الله واتخاذ الأسباب
الاعتماد على الله سبحانه وتعالى في كل الأمور، وإنما نتخذ الأسباب لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب، وأما النتائج فهي عند الله سبحانه وتعالى، نحن لا نعتمد على الأسباب، وإنما نعتمد على الله، ونحن لا نعطل الأسباب، لأن الله أمرنا باتخاذها، وتعطيل الأسباب عجز وتعطيل للمنافع، التي جعلها الله سبحانه وتعالى في الأشياء، كما قال بعض العلماء: " الاعتماد على السبب شرك، وترك السبب قد في الشرع" لأن الشرع أمرك باتخاذ الأسباب، والاعتماد على الأسباب شرك لأنه اعتماد على غير الله.
فهذه مسألة يجب على طالب العلم أن يفقهها وأن يعرفها، وأن يتأملها جيداً وأن يوضحها للمسلمين، لإزاحة الشبهات، وإزاحة التضليل الذي يروح عند بعض الناس بسبب الجهل، أو بسبب سوء القصد.
[1/156]
الفائدة السابعة والثلاثون
الجواب على شبة تبرك الصحابة بريق النبي صلى الله عليه وسلم
قد يقال: أنتم تحرمون التبرك بالأشجار والأحجار والقبور، في حين أن الصحابة رضي الله عنهم كان يتبركون بريق النبي صلى الله عليه وسلم وشعره ووضوئه، أليس هذا تبركاً بمخلوق.
فالجواب على ذلك: أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه سلم وبما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم، لأنه مبارك، فما انفصل من جسده من ريق، أو عرق، أو شعر، أو وضوء، فإنه يتبرك به، أما التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لم يرد حتى مع أفضل الأمة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والعشرة المبشرين بالجنة، وأصحاب بدر، وأصحاب بيعة الرضوان، ما ذكر أن المسلمين كانوا يتبركون بهؤلاء، لا بريقهم، ولا بعرقهم، ولا بشعورهم.
فالتبرك لا يجوز، لا بالأشجار، ولا بالأحجار، ولا بالأشخاص، ولا بالحجرة النبوية، ولا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا يجوز، لأن هذه أمور لم تكن منفصلة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليست من جسده صلى الله عليه وسلم فلابد أن نعرف الجواب عن هذه الشبه، لأنهم يدلون بها.
[1/163]
الفائدة الثامنة والثلاثون
معنى الصلاة والنسك
الصلاة في الشرع يراد بها: العبادة المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم، التي تشتمل على عبادات قلبية وقولية وعملية، فالصلاة تشتمل على أنواع العبادة في القلب: من الخشوع والخشية والإقبال على الله سبحانه وتعالى، وباللسان: من التكبير، والتحميد، والثناء على الله، وتلاوة كتابه الكريم، ومناجاة الرب سبحانه وتعالى، وبالجوارح: من القيام والركوع، والسجود، والجلوس.
والنسك المراد به: ما يذبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرب والعبادة، كهدي التمتع والقران، وهدي التطوع، وهدي الجبران والأضاحي والعقيقة، هذه كلها تسمى نسكاً، فما ذبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرب إلى الله تعالى بذبحه، فهو النسك.
[1/165]
الفائدة التاسعة والثلاثون
ما يشتمله قوله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي} وقوله: {فصل لربك ونحر} وقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله " من أمور
تشتمل الآيتين والحديث كل هذه الأمور:
1/ ما ذبح للأصنام تقرباً إليها.
2/ ما ذبح للحم وذكر عليه اسم غير الله سبحانه وتعالى.
3/ ما ذبح تعظيماً لمخلوق وتحية له عند نزوله وصوله إلى المكان الذي تستقبل فيه.
4/ ما ذبح عند انحباس المكر في مكان معين أو عند قبر لأجل نزول المطر.
5/ ما ذبح عند نزول البيوت خوفاً من الجن أن تصيبه.
كل هذا يدخل في الذبح لغير الله، ويكون شركاً بالله سبحانه وتعالى.
[1/169]
الفائدة الأربعون
أقوال العلماء في معنى:"منار الأرض"
المنار: جمع منارة، وهي العلامة، والمراد بمنار الأرض للعلماء فيه ثلاثة أقوال:
1/ أن المراد بمنار الأرض: المراسيم، ومعنى غيرها يعني: قدمها أو أخرها عن مكانها.
2/ أن المراد بمنار الأرض: أعلام الحرم الذي يحرم قتل صيده وتنفيره، ويحرم قطع شجره وحشيشه، وأخذ لقطته، فقد جعل الله حول الكعبة حرماً من كل جانب، فالمراد بمنار الأرض على هذا القول: أنصاب الحرم أي: الأعلام المجعولة على الحرم من كل جانب.
3/ أن المراد بمنار الأرض: العلامات التي على الطرق، وكانت معروفة، وفي وقتنا الحاضر اللوحات التي تجعلها المواصلات على الطريق، هذه من منار الأرض، فلا يجوز لأحد أن يغير هذه الأعلام، لأنه يضلل الناس، والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
[1/171]
الفائدة الحادية والأربعون
فوائد حديث: "دخل رجل النار في ذباب"
1/ فيه جواز الإخبار عن الأمم السابقة، والتحدث عنها بما ثبت لأجل العظة والعبرة.
2/ فيه دليل على تحريم الذبح لغير الله، ومن ذبح لغير الله فقد أشرك.
3/ فيه أن المدار على أعمال القلوب، وإن كان الشيء ظاهراً تافهاً، لكن المدار على عمل القلب.
4/ فيه دليل على قرب الجنة والنار من الإنسان.
5/ فيه أن هذا الرجل الذي ذبح الذباب كان مؤمناً فدخل النار بذبحه الذباب، لأنه لو كان كافراً لدخل النار بكفره، لا بذبح الذباب.
[1/173] بتصرف
الفائدة الثانية والأربعون
فوائد قوله تعالى: {لا تقم فيه أبدا...ً}
ففي هذه الآيات:
1/ أن النيات تؤثر في الأمكنة والمباني، والنيات الخبيثة ثؤثر في الأمكنة والبقاع خبثاً، والنيات الصالحة تؤثر فيها بركة وخيراً.
2/ الحث على إصلاح المقاصد.
3/ دليل على أن الاعتبار بالمقاصد لا بالمظاهر.
4/ التنبيه على خداع المخادعين وأن يكون المؤمنون على حذر دائماً من المشبوهين ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية.
5/ فيه دليل على فضيلة مسجد قباء، وفضل أهله رضوان الله عليهم.
[1/175] بتصرف.
الفائدة الثالثة والأربعون
فوائد حديث: "نذر رجل أن ينحر إبلاً.."
1/ أن الذبح عبادة لا تجوز لغير الله.
2/ فيه مشروعية الرجوع إلى أهل العلم وسؤال أهل العلم.
3/ فيه دليل على مشروعية تثبت المفتي من حال السائل ومقاصده قبل إصدار الفتوى.
4/ أنه لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله عز وجل، لأن هذا من وسائل الشرك.
5/ فيه خطورة الذبح لغير الله، لأنه إذا كان لا يذبح لله في المكان الذي يذبح فيه لغير الله، فكيف بالذبح لغير الله؟
6/ فيه وجوب الوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة.
7/ فيه أن النذر إذا كان معصية أو أنه لا يجوز الوفاء به أو في شيء لا يملكه الناذر فإنه لا يلزمه.
8/ فيه دليل على تحريم نذر المعصية.
[1/179]
الفائدة الرابعة والأربعون
شروط المدعو
يشترط في المدعو ثلاثة شروط:
1/ أن يكون مالكاً لما يطلب منه.
2/ أن يكون يسمع الداعي.
3/ أن يكون يقدر على الإجابة.
وهذه الأمور لا تتفق إلا في الله سبحانه وتعالى، فإنه المالك، والسميع، والقادر على الإجابة، أما هذه المعبودات فهي:
أولاً: فقيرة، ليس لها ملك.
ثانياً: لا تسمع من دعاها.
ثالثاً: لو سمعت فإنها لا تقدر على الإجابة.
[1/207]
الفائدة الخامسة والأربعون
فوائد حيث: "قام فينا رسول الله عندما نزلت الآية:{وأنذر عشيرتك الأقربين}"
1/ المبادرة إلى تنفيذ أمر الله، وأن الإنسان لا يتوانى في ذلك.
2/ أن الداعية يبدأ بأقرب الناس إليه، وبأهل بيته أولاً.
3/ أنه لا يجوز الاعتماد على الأشخاص، والأولياء والصالحين، واعتقاد أنهم يقربون إلى الله، بل على الإنسان أن يعمله لنفسه، وأن يتقي الله في نفسه، وأن يتقرب إلى الله مباشرة، بدون واسطة أحد، لأن الله قريب مجيب.
4/ أن الانتساب إلى أهل البيت، أو القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنفع إلا مع العمل الصالح، أما بدون ذلك فإنها لا تنفع عند الله.
والجواب أن ينتبه المسلمون لهذه الأمور.
[1/220]
الفائدة السادسة والأربعون
معنى: "مسترق السمع"
قال صلى الله عليه وسلم: " فيسمعها مسترق السمع" المسترق هو: الذي يأخذ الشيء بسرعة وخفية، ومنها سمي السارق الذي يأخذ المال على وجه الخفية والسرعة حيث لا يراه أحد، ومسترق السمع، هو الشيطان الذي يخطف الكلمة من الوحي الذي تتكلم به الملائكة في السماء، قال تعالى: (( إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين)).
[1/223]
الفائدة السابعة والأربعون
معنى السحر والكهانة
السحر هو: عملية يعملها الساحر إما بالعقد والنفث، وإما بكلام الكفر والشرك، فهو عزائم ورقى شيطانية، وإما بمواد خبيثة تركب بعضها مع بعض ثم يتكون منها السحر، فالسحر عمل شيطاني، والسحر كفر، والساحر كافر.
وأما الكهانة فمعناها: الإخبار عن المغيبات بسبب ما يتلقاه الكاهن عن الشيطان، لأن الشيطان يخبر الكاهن بأمور غائبة عن بني آدم، لأن الشيطان عنده قدر أكبر من قدرة بني آدم، فهو يطير في الهواء، ويصل إلى السحاب، ويسترق السمع، ويطير بسرعة من الأمكنة البعيدة، فعنده مقدرة ليست عند الإنسي، فالأنسي يخضع للشيطان، ويتقرب إلى الشيطان بما يحب من الكفر بالله والشرك بالله حتى يخدمه الشيطان بما يريد من الأمور الغائبة عن بني آدم.
[1/224-225]
الفائدة الثامنة والأربعون
فوائد حديث:"إذا قضى الله الأمر في السماء..."
1/ فيه أن السنة النبوية تفسر القرآن، والقرآن يفسر بأحد أربعة أمور:
أولاً: يفسر القرآن بالقرآن.
ثانياً: إذا لم يكن فيه تفسير من القرآن يفسر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: إذا لم يكن فيه تفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بأقوال الصحابة.
رابعاً: إذا لم يكن هناك تفسير من الصحابة يفسر بمقتضى لغة العرب التي نزل القرآن بها.
2/ فيه إثبات صفات الله سبحانه وتعالى (العلو - الكلام).
3/ فيه بطلان التعلق على الملائكة.
4/ فيه إثبات استراق السمع من الشياطين.
5/ فيه بطلان السحر والكهانة.
[1/226-228] بتصرف
الفائدة التاسعة والأربعون
أنواع إرادة الله
وإرادته على نوعين:
1/ إرادة كونية، بها يخلق ويرزق، ويهدي ويضل، ويحيي ويميت.
2/ إرادة شرعية دينية بها يأمر عباده بما يصلحهم وينهاهم عما يضرهم.
[1/229]
الفائدة الخمسون
تعريف الوحي وأنواعه
الوحي هو: الإعلام بسرعة وخفاء، وهو على نوعين:
1/ وحي إلهام: يكون بإلهام الله بعض المخلوقات ببعض الأمور.
2/ وحي الإرسال: فهو الذي ينزل به جبريل عليه السلام إلى الرسل.
[1/229-230]
الفائدة الحادية والخمسون
أقسام العلو
قوله تعالى: ((وهو العلي)) هذا فيه إثبات العلو لله عز وجل، والعلو ثلاثة أقسام:
1/ علو الذات: فهو علي بذاته فوق مخلوقاته.
2/ علو القدر: فهو علي بالقدر سبحانه وتعالى.
3/ علو قهر: فهو علي القهر.
وأهل السنة والجماعة يثبتون العلو بأنواعه الثلاثة، أما المبتدعة فلا يثبتون إلا علو القدر والقهر قط، وأما علو الذات فينفونه، ولا يثبتون العلو لله عز وجل، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
[1/232]
الفائدة الثانية والخمسون
فوائد حديث: "إذا أراد الله أن يوحي بالأمر.."
1/ فيه إثبات الكلام لله سبحانه وتعالى.
2/ فيه إثبات الإدراك للسماوات الخوف من الله.
3/ فيه أن الملائكة يخافون من الله و يسجدونه له، فدل على أنهم عباد محتاجون إلى الله سبحانه وتعالى فقراء إلى الله، فهذا يدل على بطلان دعائهم من دون الله، واتخاذهم وسائط، وشفعاء عند الله عز وجل، والملائكة يشفعون، لكن لا يشفعون إلا بإذن الله سبحانه وتعالى.
4/ فيه دليل على تعظيم كلام الله، وتعظيم القرآن الكريم.
5/ فيه فضل جبريل عليه الصلاة والسلام.
6/ فيه دليل على أن السماوات طباق متعددة إلى سبع سماوات، وفي كل سماء سكان من الملائكة، يعمرونها بعبادة الله عز وجل.
7/ فيه دليل على أن الملائكة كل له عمل موكل به.
8/ فيه أن الملائكة لا يعلمون الغيب، ويسألون غيرهم عما خفي عليهم.
[1/233-235] بتصرف.
الفائدة الثالثة والخمسون
تعريف الشفاعة - وأنواعها - وشروطها
الشفاعة معناها: التوسط في قضاء حاجة المحتاج لدي من هي عنده، ولما انضم إليه الشافع صار شفعاًن لأن الشفع ضد الوتر، فلما كان طالب الحاجة منفرداًن ثم انضم إليه الواسطة شفعه في الطلب، ولذلك سمي شافعا، وسمي هذا العمل شفاعة.
وتنقسم الشفاعة إلى:
1/ شفاعة حسنة: وهو الذي يشفع عند السلاطين أو عند الأغنياء أو عند غيرهم لقضاء حاجة المحتاجين يعتبر عمله شفاعة طيبة يؤجر عليها.
2/ شفاعة سيئة: وهو الذي يشفع عند السلطان بتعطيل الحدود إذا وجب الحد على شخص.
هذا فيما بين الناس، أما الشفاعة عند الله تعالى تنقسم إلى:
1/ شفاعة منفيه: وهو الشفاعة التي تطلب من غير الله، وكذلك الشفاعة التي تطلب فيمن لا تبل فيه كالكافر والمشرك.
2/ شفاعة مثبته: وهي التي إذا توفر فيها شرطان:
الأول: أن تطلب من الله.
الثاني: أن تكون فيمن تقبل فيه الشفاعة، وهو المؤن الموحد الذي عنده شيء من المعاصي دون الشرك فهذا تقبل فيه الشفاعة بإذن الله.
والشفاعة المثبتة تنقسم إلى ستة أنواع:
1/ الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود وهي التي تكون من الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف.
2/ شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة في أن يدخلوا الجنة.
3/ شفاعته صلى الله عليه وسلم بعض أهل الجنة في رفعة درجاتهم في الجنة.
4/ شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب بتخفيف العذاب عليه.
5/ الشفاعة فيمن استحق النار من أهل التوحيد أن لا يدخلها.
6/ الشفاعة فيمن دخل النار من أهل التوحيد أن يخرج منها.
[1/236-240] بتصرف.
الفائدة الرابعة والخمسون
أقسام الرؤيا
الرؤيا على ثلاثة أقسام:
1/ رؤيا هي حديث نفس وأضغاث أحلام، لا أصل لها.
2/ رؤيا من الشيطان.
3/ رؤيا صحيحة وهي التي تجري على يد الملك وفيها خير، وهي جزء من النبوة.
[1/253]
الفائدة الخامسة والخمسون
أنواع الهداية، وأسباب حرمانها
الهداية هدايتان: هداية يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهداية لا يملكها.
أما الهداية التي يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي: هداية الإرشاد والدعوة والبيان ويملكها كل عالم يدعو إلى الخير.
أما الهداية المنفية فهي: هداية القلوب، وإدخال الإيمان في القلوب، فهذه لا يملكها أحد إلا الله سبحانه وتعالى.
ومن أسباب حرمان الهداية:
1/ التعصب للباطل.
2/ حمية الجاهلية.
[1/259]
الفائدة السادسة والخمسون
فوائد باب قول الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحبب..}
1/ فيه مشروعية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
2/ فيه دليل على مشروعية عيادة المريض المشرك من أجل دعوته إلى الله عز وجل.
3/ أن من قال لا إله إلا الله فإنه يقبل منه ويحكم بإسلامه، ما لم يظهر منه ما يناقض هذه الكلمة من قول أو فعل.
4/ فيه دليل على أن الأعمال بالخواتيم.
5/ فيه التحذير من جلساء السوء.
6/ فيه الرد على من زعم إسلام أبي طالب من الشيعة والخرافيين.
7/ تفسير لا إله إلا الله.
8/ فيه الرد على المرجئة، الذين يقولون: إن الإيمان هو مجرد المعرفة أو الاعتقاد.
9/ فيه تحريم الاستغفار للمشركين، والترحيم عليهم، وموالاتهم، ومحبتهم.
10/ فيه التحذير من التعصب لدين الآباء والأجداد إذا كان يخالف ما جاءت به الرسل.
11/ الرد على المشركين الذين يتعلقون بالأولياء والصالحين، ويدعونهم من دون الله.
[1/259-262] بتصرف
الفائدة السابعة والخمسون
تعريف السبب والغلو
السبب:
السبب في اللغة: ما يتوصل به إلى الشيء، ولذلك سمي الحب سبباً.
والسبب عند الأصوليين فهو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
وأما الغلو:
الغلو في اللغة: هو الزيادة عن الحد.
وفي الشرع: هو الزيادة عن الحد المشروع، يسمى غلواً، ويسمى طغياناً.
والغلو في الصالحين، هو الزيادة في مدحهم، ورفعهم فوق مكانتهم، بأن يجعل لهم شيء من العبادة.
[1/263]
الفائدة الثامنة والخمسون
الفرق بين الغلو في الأشخاص والغلو في الدين
الغلو في الشخص هو: المبالغة في مدحه، ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها.
وأما الغلو في الدين فهو: الزيادة عن الحد المشروع في العبادات، وفي مقاديرها، أو في كيفيتها.
[1/264]
الفائدة التاسعة والخمسون
ما يستفاد من أثر ابن عباس وابن القيم في قوله تعالى:
{لا تذرن ألهتكم..}
1/ تحريم الغلو في الصالحين.
2/ فيه دليل على أن الغلو في الصالحين من سنة اليهود والنصارى.
3/ فيه التحذير من التصوير ونشر الصور، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، والتصوير ممنوع لعلتين:
العلة الأولى: أنها وسيلة إلى الشرك.
العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله عز وجل.
4/ فيه دليل على تحريم البدع في الدين، وأنها تؤول إلى الشرك.
5/ فيه دليل على أن حسن النية لا يسوغ العمل غير المشروع.
6/ فيه بيان فضيلة وجود العلم والعلماء في الناس، ومضرة فقدهم.
7/ فيه التحذير من مكر الشيطان.
8/ فيه دليل على تحريم الغلو في قبور الصالحين.
9/ فيه أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.
[1/267-270] بتصرف
الفائدة الستون
لفظة مسيحي وإسرائيلي
النصارى المراد بهم: إتباع عيسى عليه السلام، وقيل: سموا نصارى نسبة إلى البلد: الناصرة في فلسطين، أو من قوله تعالى: ((قال الحواريون نحن أنصار الله)، وهم أهل ملة من الملل الكتابية، ويسمون بالنصارى.
أما أن يسموا بالمسيحيين - كما عليه الناس الآن - فهذا غلط، لأنه لا يقال: المسيحيون إلا لمن اتبع المسيح عليه السلام، أما الذي لم يتبعه فإنه ليس مسيحياً، وإنما نصراني، فاسمهم في الكتاب والسنة: النصارى.
كما أن اليهود نفروا من الاسم الخاص بهم في الكتاب والسنة وهو اليهود فسموا أنفسهم إسرائيل، وإسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام، فليسوا هم إسرائيل، وإنما هم اليهود، هذا هو اللفظ الموضوع لهم، الذي رُبطت به اللعنة والغضب من الله سبحانه وتعالى بسبب كفرهم بالله وعنادهم وتعنتهم، فهم اليهود.
نعم، يقال: بنو إسرائيل - كما سماهم الله بذلك - لأنهم من ذرية يعقوب عليه السلام في الغالب.
[1/271]
الفائدة الحادية والستون
معنى التنطع
المتنطعون: جمع متنطع، وأصل التنطع هو التقعر في الكلام إظهاراً للفصاحة، هذا هو أصل التنطع في اللغة، والمراد هنا: التنطع في الكلام، والتنطع في الاستدلال، والتنطع في العبادة.
والتنطع في الكلام معناه: أن يتكلم الإنسان بالكلمات الغريبة من اللغة التي لا يفهمها الناس، فيأتي بأسلوب وألفاظ من وحشي اللغة لا يعرفها الناس.
[1/278]
الفائدة الثانية والستون
ما يستفاد من أحاديث النهي عن الغلو
1/ التحذير من الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك يؤدي إلى الشرك.
2/ فيه الرد على أصحاب المدائح النبوية التي غلو فيها في حقه صلى الله عليه وسلم.
3/ فيه النهي عن التشبة بالنصارى.
4/ فيه مشروعية مدحه صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة: عبد الله ورسوله، الداعي إلى الله، بلغ البلاغ المبين، جاهد في الله حق جهاده.. الخ.
5/ يستفاد من ذلك: كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، وأنه حذرها من الإطراء في حقه صلى الله عليه وسلم، وحذرها من الغلو، وحذرها من التنطع.
6/ فيه أن من نهي عن شيء فإنه يذكر البديل الصالح عنه إن كان له بديل.
7/ فيه النهي عن الغلو في العبادات.
8/ فيه التحذير من التنطع فيا الكلام، والتنطع في الاستدلال، والتنطع في العبادة.
9/ فيه تكرار النصيحة حتى ترسخ وتثبت.
[1/280-282] بتصرف
الثالثة والستون
أقسام البدعة
البدعة تنقسم إلى قسمين:
1/ بدعة حقيقة: إذا أُحدث شيء لا اصل له، مثل الموالد والتبرك بالآثار.
2/ بدعة إضافية: أن نُحدث للعبادة المشروعية وقتاً أو وصفة لم يشرعها الله ورسوله، كما لو قلنا: ليلة النصف من شعبان يصلون الناس ويتهجدون، أو نصوم النصف من شعبان.
[1/282]
الفائدة الرابعة والستون
معنى الكنسية والصومعة
الكنيسة: هي معبد النصارى الذي يجتمعون فيه يوم الأحد لعبادتهم.
أما الصومعة: فهي معبد خاص لفرد من النصارى يخلو فيه، وينقطع عن الدنيا.
فالصومعة للأفراد من النصارى، وأما الكنيسة فهي للجميع.
[1/284]
الفائدة الخامسة والستون
ما يستفاد من أحاديث النهي عن الغلو في القبور
1/ تحريم البناء على القبور.
2/ فيه دليل على تحريم العبادة عند القبور، حتى ولو لم يبن عليه بنية، لا بدعاء، ولا بصلاة، ولا بذبح، ولا بنذر، ولا بغير ذلك.
3/ فيه دليل على تحريم نصب الصور من التماثيل وغيرها، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك بهذه الصور ولو على المدى البعيد.
4/ فيه دليل على أن النية الصالحة لا تسوغ العمل السيء.
5/ فيه دليل على جواز لعن الكفار أو أصحاب الكبائر على وجه العموم.
6/ فيه دليل على التحذير من التشبه بالنصارى.
7/ فيه دليل على أن الذين يبنون على القبور والذين يذهبون إليها للتعبد عندها هم شرار الخلق.
8/ فيه دليل على أن المصروين هم شرار الخلق.
9/ فيه دليل على وجوب الاهتمام بأمر العقيدة والدعوة إليها قبل كل شيء من أنواع الفساد.
10/ فيه دليل على كما حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته، ونصيحته لأمته.
11/ فيه دليل على بيان الحكمة من دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته.
[1/288-291] بتصرف
الفائدة السادسة والستون
معنى اتخاذ القبور مساجد
اتخاذ القبور مساجد على معنين:
المعنى الأول: وهو اتخاذها مصليات يصلى عندها وإن لم يبن مسجد.
المعنى الثاني: أن يبنى عليها مسجد كما حصل من اليهود و النصارى.
[1/293-294]
الفائدة السابعة والستون
ما يستفاد من حديث جندب وابن مسعود
1/ فيه إثبات المحبة لله سبحانه وتعالى.
2/ فيه دليل على أن الخلة أعلى الدرجات.
3/ فيه دليل على فضل الخليلين: محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
4/ فيه دليل على فضل أبي بكر الصديق.
5/ فيه دليل على تحريم الصلاة عند القبور، وبناء المساجد عليها.
6/ فيه دليل على بطلان الصلاة عند القبور، أو في المساجد المنبية على القبور.
7/ فيه دليل على أن الذين يتخذون القبور مساجد شرار الخلق عند الله.
8/ فيه دليل على أن الساعة لا تقوم على أهل الإيمان، وإنما تقوم على الكفار.
[1/297-299] بتصرف
الفائدة الثامنة والستون
أقوال العلماء في زيارة النساء للقبور
ذهب جمهور أهل العلم إلى تحريم زيارة النساء للقبور لهذا الحديث: "لعن الله زائرات القبور"، لعلتين:
1/ لأن المرأة ضعيفة، فإذا رأت قبر قريبها، فإنها لا تملك نفسها من النياحة ومن الجزع.
2/ المرأة عورة، فإذا ذهبت إلى المقابر واختلطت بالرجال حصل من ذلك فواحش وزنى وشر، لأنها فتنة.
وذهب بعض العلماء إلى جواز زيارة النساء للقبور أخذاً من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر بالآخرة"، قالوا: هذا لفظ عام يدخل فيه الرجال والنساء.
والجواب على ذلك من وجهين:
1/ أن قوله: فزوروها هذا الخطاب للرجال، وخطاب الرجال لا تدخل فيه النساء.
2/ أنه على فرض أن هذا الخطاب عام للرجال والنساء، فإنه مخصوص بهذا الحديث.
واحتجوا أيضاً: بأن عائشة رضي الله عنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن.
والجواب عن ذلك: أن فعل عائشة هذا محمول على أنها لم يبلغها النهي، ولو بلغها النهي لم تكن تخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجواب الثاني: وعلى فرض أنها بلغها هذا الحديث، فهذا اجتهاد منها، ولا شك أن الحجة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فبناء على ذلك فالقول الراجح هو منع النساء من زيارة القبور.
[1/306]
الفائدة التاسعة والستون
الفوائد من باب أن الغلو في القبور يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله
1/ أن الغلو في قبور الأنبياء يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله .
2/ أن الله سبحانه صان قبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجاب دعاءه، فحفظ من الغلو فيه.
3/ فيه أن العكوف على قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله.
4/ فيه الرد على من زعم أن البناء على قبور الصالحين من محبة الصالحين.
5/ فيه دليل على تحريم زيارة النساء للقبور.
6/ فيه دليل على تحريم إضاءة المقابر بالأنوار بأي وسيلة، سواء كان بالسرج أو كان بالكهرباء.
[1/307-308] بتصرف
الفائدة السبعون
أقسام العيد
والعيد ينقسم إلى قسمين:
1/ عيد زماني مشروع: عيد الفطر وعيد الأضحى وهذه أعياد الإسلام المشروع، وهناك عيد زماني ممنوع: أعياد الموالد، فهي الأعياد الزمانية المحرمة.
2/ عيد مكاني مشروع: مثل الاجتماع في المساجد في اليوم والليلة خمس مرات.
والاجتماع لصلاة الجمعة، وعيد مكاني محرم: مثل الاجتماع عند القبور.
[1/316-317] بتصرف
الفائدة الحادية والسبعون
ما يستفاد من باب حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد..
1/ امتنان الله على هذه الأمة ببعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم.
2/ إثبات صفات عظيمة من صفاته صلى الله عليه وسلم:
الأولى: ((رسول من أنفسكم)).
الثانية: ((عزيز عليه ما عنتم)).
الثالثة: ((حريص عليكم)).
الرابعة: (( بالمؤمنين رؤوف)).
الخامسة: ((رحيم)).
خمس صفات من صفاته صلى الله عليه وسلم.
3/ فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قد سد الطريق المفضية إلى الشرك.
4/ فيه دليل على وجوب العناية ببيوت المسلمين وعماراتها بالعبادة، وإبعاد وسائل الشر عنها.
5/ فيه أن القبور لا تصلح للصلاة عندها.
6/ فيه النهي عن التردد على قبره صلى الله عليه وسلم، والقيام، أو الجلوس عنده، والدعاء والصلاة عنده، لأن هذا من اتخاذه عيداً.
7/ فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم سد الطريق المفضية إلى الشرك، بنهية عن اتخاذ قبره عيداً.
8/ فيه مشروعية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان.
9/ فيه النهي عن التردد على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل الصلاة عليه والسلام عليه، لأن هذا وسيلة إلى الشرك، ومن اتخاذه عيداً.
10/ فيه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل.
11/ فيه دليل على أن من أنكر شيئاً أو أمر بشيء فإنه يطالب بالدليل.
12/ فيه دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم تبلغه صلوات أمته عليه في أي مكان كانوا من الأرض.
[1/320-322] بتصرف.
الفائدة الثانية والسبعون
من فقه النصوص التي في باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
1/ فيه دليل على أن من اليهود والنصارى من يؤمنون بالجبت والطاغوت.
2/ فيه دليل على أن الموافقة لهم في الظاهر تسمى إيماناً ولو لم يوافقهم في الباطن.
3/ فيه بيان أن في أهل الكتاب من عبد الطاغوت.
4/ فيه دليل على ذكر عيوب المردود عليه.
5/ فيه الرد على من يقول: أنه ينبغي ذكر محاسن المردود عليه وهو ما يسمونه بالموازنات.
6/ فيه دليل على أنه كان في الأمم السابقة من يبني المساجد على القبور، فلابد أن يوجد في هذه الأمة من يبني المساجد على القبور.
7/ فيه دليل على معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم حيث أخبر أنه سيكون في هذه الأمة من تشبه باليهود والنصارى.
8/ فيه دليل على تحريم التشبه باليهود والنصارى.
9/ فيه دليل أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان.
[1/329-331] بتصرف
الفائدة الثالثة والسبعون
فوائد حديث: " إن الله زوى لي الأرض.."
1/ في هذا الحديث دلائل من دلائل النبوة وهي:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ".
ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم: " سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ".
ثالثاً: إخباره صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة إذا افترقت وتقاتلت يتسلط عليها العدو، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: إخباره صلى الله عليه وسلم عن وقوقع الشرك في أمته، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
خامساً: إخباره صلى الله عليه وسلم ببقاء الطائفة المنصورة على الحق، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
2/ فيه دليل على كما شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته، حيث دعا لهم صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات المباركات العظيمة، واستجاب الله له.
3/ في هذا الحديث أن تفرق الأمة وتناحرها فيما بينها سبب لتسلط العدو عليها، وأن اجتماعها وتوحدها على الحق سبب لمنع الكفار من الاستيلاء على شيء من بلادها.
4/ في الحديث دليل على خطر الأئمة المضلين.
5/ في الحديث دليل على أنه إذا وقع في هذه الأمة قتال فيما بينهم أنه سيستمر إلى أن تقوم الساعة، ولا يرفع، ولكن يكثر ويقل أحياناً.
6/ في الحديث دليل فيما ترجم له المصنف رحمه الله من وقوع الشرك والردة في بعض هذه الأمة.
7/ في الحديث دليل على ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم، وأن من ادعى النبوة بعده فهو كافر.
8/ في الحديث دليل على بقاء الفرقة الناجية المنصورة مع كثرة الفتن والمحن والشرور.
[1/341-342] بتصرف
الفائدة الرابعة والسبعون
تعريف السحر وأنواعه
السحر في اللغة هو: كل ما لطف وخفي سببه، ومنه سمي السَّحر سحراً في آخر الليل، لأنه خفي وكل ما لطف يعني: دق، وخفي سببه عن الناس يسمى سحراً في اللغة.
أما السحر في الشرع: فالسحر عبارة عن عزائم ورقى وعقد يؤثر في بدن المسحور بالقتل أو بالمرض، أو بالإخلال بعقله، أو يفرق بين الزوجين أو يأخذ الزوج عن زوجته فلا يستطيع الوصول إليها.
وقد ذكر العلماء أن السحر المحرم على نوعين:
سحر حقيقي وهو هذا الذي ذكرنا.
وسحر تخييلي، ليس له حقيقة، وإنما هو خيال وشعوذة وهو ما يسمى بالقُمرة، فالساحر يخيل للناس شيئاً وهو ليس حقيقة.
[1/343-344]
الفائدة الخامسة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في السحر
1/ كفر الساحر، لأن الصحابة قتلوه، وما قتلوه إلا لكفره.
2/ فيه دليل على وجوب قتل الساحر قتل ردة.
3/ فيه دليل على أنه يقتل ولا يستتاب، لأنه لم يذكر في هذه الآثار أن الصحابة استتابوه، وإنما فيها أنهم قتلوه.
[1/353-356] بتصرف
الفائدة السادسة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في أنواع السحر
1/ في حديث قبيصة رضي الله عنه أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت، والحب هو السحر.
2/ في حديث ابن عباس تحريم تعلم التنجيم، وأنه نوع من أنواع السحر.
3/ في حديث أبي هريرة أن عقد الخيوط والنفث فيها بقصد التأثير والإضرار بالناس أن هذا سحر.
4/ في حديث أبي هريرة أن من تعلق على السحرة والمشعوذين والدجالين أنه يوكل إليهم، ويتخلى الله سبحانه وتعالى عنه.
5/ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه تحريم النميمة، وأنها من الكبائر، وأنها نوع من أنواع السحر.
6/ في حديث ابن عمر تحريم البلاغة التي تستخدم لنصر الباطل والدعوة إليه، والتنفير من الحق، وتشويه الحق، وأن هذا نوع من أنواع السحر.
[1/364-365]
الفائدة السابعة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في الكهان ونحوهم
1/ بطلان الكهانة ومشتقاتها من العرافة وغير ذلك من دعاوى علم الغيب.
2/ في الحديث دليل على وجوب تكذيب الكهان ونحوهم.
3/ فيها دليل على تحريم الذهاب إلى الكهان ولو لم يصدقهم.
4/ فيه دليل على أن تصديق خبر الكهان كفر بما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
5/ تدل هذه الأحاديث على وجوب معاقبة الكهان ومن يذهب إليهم منقبل ولاة الأمور لأجل إراحة المسلمين من شرهم، ووقاية المجتمع من خطرهم.
[1/370]
الفائدة الثامنة والسبعون
أنواع الرقية المباحة
النوع الأول: حل السحر بالرقية بأن يقرأ على المسحور من كتاب الله عز وجل.
النوع الثاني: حل السحر بالتعوذات وهي الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثالث: الرقية بالأدوية المباحة فهناك أدوية مباحة يذهب الله بها السحر يعرفها الحذاق وأهل التجربة وأهل العقيدة السليمة تنفع بإذن الله في إزالة السحر مع ذكر الله، ومع التعوذ، ومع الرقية، ومع قراءة القرآن.
[1/380-381] بتصرف
وتم بحمد لله نقل الفوائد المستفادة من شرح كتاب التوحيد - المجلد الأول - للشيخ صالح الفوزان، سائلاً المولى عز وجل أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من العلماء العاملين.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقله لكم أخوكم
أبو حميد الفلاسي
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
المجلد الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أنقل لكم أخوتي في الله بعض الفوائد التي استفدتها من خلال قراءة شرح كتاب التوحيد - المجلد الأول - للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله والذي بعنوان إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، سائلاً المولى عز وجل التوفيق، وأن يستفيد من هذا الموضوع أكبر قدر من الناس (1).
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أخوكم في الله
أبو حميد الفلاسي
الفائدة الأولى
تعريف الجن والإنس
الجن: هم عالم من عالم الغيب، نؤمن بهم، ولكننا لا نراهم، ولذلك سموا بالجن من الاجتنان وهو الاستتار، ويقال: جَنَّه الليل إذا ستره، ويقال: الجنين في البطن، لماذا سمي جنيناً؟ لأنه مستتر.
وأما الإنس: فمعناها بنوا آدم، من الاستئناس لأنهم يأنس بعضهم ببعض ويألف بعضهم البعض.
[1/24-25]
الفائدة الثانية
تعريف الأمة والرسول
الأمة: معناها: الجماعة والجيل والطائفة من الناس.
والرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه.
[1/26]
الفائدة الثالثة
تعريف الطاغوت
الطاغوت: مأخوذ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد في كل شيء، والطاغوت يطلق ويراد به الشيطان، وهو رأس الطواغيت - لعنه الله - ويطلق ويراد به الساحر والكاهن، والحاكم بغير ما أنزل الله، والذي يأمر الناس بإتباعه في غير طاعة الله.
[1/27]
الفائدة الرابعة
معنى الاجتناب
الاجتناب: معناه: أننا نترك الشيء ونترك الوسائل والطرق التي توصل إليه.
[1/28]
الفائدة الخامسة
معنى القضاء
القضاء له عدة معان، منها: القضاء والقدر، ومنها الحكم و الشرع، ومنها الإخبار ((وقضينا إلى بني إسرائيل)) يعني: أخبرناهم، ومنها الفراغ ((فقضاهن سبع سماوات)) ((فإذا قضيتم الصلاة)) يعني فرغتم منها.
[1/29]
الفائدة السادسة
معنى العبادة
العبادة في اللغة: هي الذل والخضوع هذا أصلها: يقال: طريق معبد يعني: طريق ذللته الأقدام بوطئها.
وأما العبادة في الشرع: فهي كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطن ".
[1/30]
الفائدة السابعة
ما هي أعظم المحرمات؟
فأعظم المحرمات هو: الشرك بالله - سبحانه-؛ فإذا قيل لك: ما هو أعظم المحرمات؟ تقول: الشرك بالله عز وجل: وإذا قيل لك: ما أعظم ما نهى الله عنه؟ تقول: الشرك بالله، وإذا قيل ما أعظم المنكرات؟ تقول الشرك بالله، وإذا قيل ما هو أكبر الكبائر؟ تقول الشرك بالله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أكبر الكبائر: الشرك بالله".
[1/31]
الفائدة الثامنة
كيف تبر والديك؟
[جاء] الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالبر، والصلة، والإكرام، والتوقير أحياءاً وأمواتاً:
أما برهم في الحياة فبالإحسان إليهما بالكلام اللين، والتواضع، والنفقة، والقيامة بخدمتهما، والتماس رضاهما في غير معصية الله تعالى كما قال تعالى: ((إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا))؛ ففي حال حياتهما يبر بهما بأنواع البر، ولا يسيء إليهما أي إساءة، لأن الإحسان إليهما بر، والإساءة إليهما عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، ففي الأمر بالإحسان إليهما نهي عن الإساءة إليهما.
وقد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المبنر فقال: "آمين، آمين، آمين"، ثم قال لأصحابه: "إن جبريل عليه السلام عرض له فقال له: يا محمد من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار، قل آمين، قلت آمين، قال يا محمد من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة فمات فدخل النار، قل آمين، فقلت: آمين، قال: يا محمد من ذُكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار، قل: آمين، فقلت: آمين"؛ الشاهد من هذا أن من أدرك أبويه - أو أحدهما - فلم يبرهما فمات دخل النار بسبب العقوق دعا عليه جبريل بدخول النار وآمن على ذلك محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإحسان إليهما في حال الحياة
أما الإحسان إليهما بعد الموت فقد سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سأله رجل فقال: يا رسول الله ما بقي من بر والدي بعد موتهما؟ قال: "أن تصلي عليهما مع صلاتك" يعني تدعو لهم إذا دعوت لنفسك، "وإنفاذ عهدهما"، يعني الوصية التي أوصيا بها، "وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"، إذا كان لوالدك صديق أو لأمك صديقة فأكرم هذا الصديق، لأن إكرام صديق والدك أو صديقة والدتك إكرام لوالديك، هذا ما يبقى من البر بعد وفاة الوالدين: الدعاء، وتنفيذ وصاياهما، وصلة الرحم المرتبطة بهما من الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وسائر القرابة، والأخوة والأخوات، وأبناء الأخوة وأبناء الأخوات... إلى آخره، كل من تربطك به قرابة من جهة أبيك أو من جهة أمك فهو من ذوي الأرحام، إذا وصلته فقد بررت بوالديك. أ.هـ
[1/32-33]
الفائدة التاسعة
مسألة تحديد النسل
ومن الناس اليوم من ورث هذه الخصلة الذميمة [أي خشية كثرة الأولاد] فصاروا يسعون لتحديد النسل خشية الفقر، يقولون: يحصل في الأرض انفجار سكاني من كثرة النسل، والموارد قليلة فيحصل مجاعات، فيطلبون تحديد النسل؛ والآن قضية المطالبة بتحديد النسل قائمة على قدم وساق، والدافع لهذا هو خشيتهم الفقر، وهذا لأنهم لا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى: ولا يؤمنون أن الأرزاق من الله.
وانخدع بهذه الدعاية بعض المسلمين، فصاروا يكرهون كثرة الأولاد، وبعضهم يحاول تنظيم النسل، وبعضهم يحاول تحديد النسل، وهناك كلام فارغٌ يردد، وكل هذا باطل.
وطلب الذرية، وكثرة الذرية، كثرة الإنجاب أمر مطلوب في الإسلام، لأن هذا فيه تقوية للمسلمين، وتكثير لعدد المسلمين، وأما الرزق فهو على الله سبحانه وتعالى: ((نحن نرزقهم وإياكم)).
[1/33-34]
الفائدة العاشرة
الذمي والمستأمن
النفس التي حرم الله هي: النفس المؤمنة، وكذلك النفس المعاهدة، ولو كانت كافرة، فاله حرم قتل المؤمنين، وكذلك حرم قتل المعاهدين من الكفار الذي لهم عهد عند المسلمين بالأذمة أو بالأمان.
فالذمة وهم الذي يدفعون الجزية.
أو بالأمان وهم الذين دخلوا بلادنا بالأمان، لا يجوز قتلهم والتعدي عليهم، لأنهم في ذمة المسلمين، وفي أمان المسلمين لا يجوز خيانة ذمة المسلمين، ولهذا جاء في الحديث: " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ".
[1/35]
الفائدة الحادية عشر
معنى العقل
والعقل معناه: الكف عما لا يجوز، سمي العقل عقلاً لأنه يكف الإنسان عن الأشياء التي لا تليق، كما أن العقال للبعير يمنعه عن الضياع كذلك العقل، وهو خلق جعله الله في الإنسان يمنع من تعاطي ما لا يجوز.
[1/36]
الفائدة الثانية عشر
معنى اليتيم
واليتيم هو: الصغير الذي مات أبوه؛ هذا هو اليتيم، أما إذا بلغ فإنه يخرج عن حد اليتم، وكذلك لو ماتت أمه، وأبوه حي لا يسمى يتيماً لأن أباه يقوم عليه وينفق عليه ويربيه، و يتعاهده، ويحميه ، فاليتم هو: فقدان الأباء في وقت الصغر.
[1/36]
الفائدة الثالثة عشر
معنى الصراط المستقيم
عند قوله تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه))
الصراط في اللغة معناه: الطريق، والمراد هنا كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنهما طريق إلى الجنة، أي: ما أوحيته إليكم بواسطة رسولي من الأوامر والنواهي في هذا القرآن العظيم وفي السنة النبوية هذا هو الصراط، فالذي يسأل عن الطريق إلى الله، نقول هو كتاب اله، وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تابعة للقرآن، ومفسره للقرآن، فالسنة داخلة في كتاب الله عز وجل.
والمستقيم هو: المعتدل، فطريق الله عز وجل معتدل، ليس فيه ميلا، وليس فيه منعطفات، وليس فيه غموض، طريق واضح يوصلك إلى الجنة، تمشي فيه على نور، وعلى برهان، وعلى طريق واضح.
[1/40]
الفائدة الرابعة عشر
الفرق بين الأمن المطلق ومطلق الأمن
الأمن المطلق هو الذي ليس معه عذاب، وأما مطلق الأمن فهذا الذي قد يكون معه شيء من العذاب على حسب الذنوب.
فالحاصل: أن أهل التوحيد لهم الأمن بلا شك، ولكن قد يكون أمناً مطلقاً، وقد يكون مطلق أمن.
[1/48]
الفائدة الخامسة عشر
أنواع الظلم
النوع الأول: - وهو أعظمها -: ظلم الشرك، قال تعالى: ((إن الشرك لظلم عظيم)).
النوع الثاني: ظلم العبد نفسه بالمعاصي، لأنه عرض نفسه للعقوبة.
النوع الثالث: ظلم العبد للناس، بأخذ أموالهم، أو غيبتهم، أو نميمتهم، أو سرقة أموالهم، أو التعدي عليهم في أعراضهم بالغيبة والنميمة والقذف والهمز واللمز وغير ذلك من التنقص، أو في دمائهم بقتل الأبرياء بغير حق، أو بالضرب و الجرح والإهانة بغير حق، فهذا تعد على الناس.
[1/57] بتصرف
السادسة عشر
معنى لا إله إلا الله
ومعنى لا إله إلا الله، نفي العبادة عما سوى الله، وإثباتها لله سبحانه وتعالى، يعني إبطال عبادة كل ما سوى الله، وإثبات العبادة لله، فعلى هذا معنى لا إله إلا الله: لا معبود حقاً إلا الله سبحانه وتعالى.
أما لو قلت: معناها: لا معبود إلا الله، نقول: هذا ظلال عظيم، لأنك أدخلت كل المعبودات وجعلتها هي الله، جعلت الأصنام والأضرحة والكواكب وكل ما عبد من دون الله هو الله، وهذا غلط، وهو مذهب أهل وحدة الوجود، فلابد أن تأتي بكلمة حق، لأن المعبودات على قسمين:
1/ معبود بحق وهو الله.
2/ معبود بالباطل وهو ما سوى الله من كل المعبودات.
[1/61] بتصرف
الفائدة السابعة عشر
معنى {وروح منه}
وقوله تعالى: ((وروح منه)) ليس المراد أن عيسى روح من الله، بمعنى ذات الله، وإنما من روحه المخلوق، لأن الله خلق الأرواح جميعاً، ومنها روح عيسى عليه الصلاة والسلام، فكلمة ((منه)) لابتداء الغاية، يعني كلمة مبتدأة من الله، وروح مبتدأة من الله، كما تقول مثلاً هذا الرزق من اله، معناه أن الله هو الذي يسر هذا الشيء وهو الذي هيأه وخلقه.
[1/66]
الفائدة الثامنة عشر
معنى {على ما كان من العمل}
ذكر المؤلف في باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب حديث عبادة بن الصامت، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في آخرة: " أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ".
هذا وعد من الله سبحانه وتعالى لأهل التوحيد بأن الله يدخلهم الجنة، وأهل التوحيد هم : الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، هؤلاء هم أهل التوحيد وعدهم الله أن يدخلوا الجنة، فهذا فيه فضل التوحيد، وأنه سبب لدخول الجنة.
ولكن ما معنى: "على ما كان من العمل" ، في ذلك قولان لأهل العلم:
القول الأول: أدخله اله على ما كان من العمل، يعني ولو كان له سيئات دون الشرك فإن ذلك لا يحول بينه وبين دخول الجنة، إما من أول وهلة، وإما في النهاية، ففيه فضل التوحيد، وأنه يكفر الذنوب بإذن الله، أو يمنع من الخلود في النار.
القول الثاني: أدخله الله الجنة على ما كان من العمل: أي: أنه يدخل الجنة، فتكون منزلته فيها بحسب عمله، لأن أهل الجنة يتفاوتون في منازلهم بحسب أعمالهم، فمنهم من هو في أعلى الجنة، ومنهم من هو دون ذلك.
[1/70]
الفائدة التاسعة عشر
معنى تحقيق التوحيد
تحقيق التوحيد تصفيته من الشرك والبدع والذنوب.
[1/74]
الفائدة العشرون
الفرق بين باب فضل التوحيد وباب من حقق التوحيد
الفرق: أن فضل التوحيد في حق الموحد الذي ليس عنده شرك، ولكن قد يكون عنده بعض المعاصي التي تكفر بالتوحيد.
وأما باب [من حقق التوحيد..] فهو أعلى من الباب الذي قبله.
من حقق التوحيد يعني: أنه لم يشرك بالله شيئاً، ولم يكن عنده شيء من المعاصي، هذا تحقيق التوحيد، ومن بلغ هذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب، أما من كان في المرتبة التي قبلها، وهو الموحد الذي عنده ذنوب فهذا قد يغفر له، وقد يعذب بالنار، ثم يخرج منها.
[1/74] بتصرف
الفائدة الحادية والعشرون
إطلاقات الأمة
والأمة لها ثلاثة إطلاقات في القرآن:
1/ الأمة بمعنى قدوة كما في قوله تعالى: ((إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله...)).
2/ الأمة بمعنى مقدر من الزمان كما في قوله تعالى: ((وقال الذي نجا منهما واذكر بعد أمة)) أي بعد زمن وبعد مدة.
3/ الأمة بمعنى الجماعة من الناس كما في قوله تعالى: ((وإن هذه أمتكم أمة واحدة)) يعني: جماعة.
[1/75-76] بتصرف
الفائدة الثانية والعشرون
من صفات إبراهيم عليه السلام
من صفات إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ((إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين)):
1/ أنه كان أمة، يعني قدوة في الخير.
2/ أنه كان قانتاً لله ثابتاً على الطاعة مخلصاً عمله لله.
3/ أنه كان حنيفاً، مقبلاً على الله معرضاً عما سواه.
4/ أنه لم يك من المشركين، أي: بريء منهم ومن دينهم.
وهذا هو تحقيق التوحيد يكون بهذه الأمور.
[1/77-78]
الفائدة الثالثة والعشرون
الفرق بين الرياء والسمعة
الرياء معناه: أن الإسنان يتصنع أمام الناس بالتقوى، والعمل الصالح، وإتقان الصلاة وغير ذلك، من أجل أن يمدحوه، فالرياء من الرؤية أن يحب الإنسان أن يراه الناس وهو يعمل العمل الصالح من أجل أن يمدحوه.
والسمعة أن يحب الإنسان أن الناس يسمعون كلامه ويسمعون عمله ويمدحونه.
[1/96-97]
الفائدة الرابعة والعشرون
خطورة الجهل في الدعوة إلى الله
((أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) البصيرة معناها: العلم، بل هي أعلى درجات العلم، وفي هذا دليل على أنه يشترط في الداعية أن يكون على بصيرة، أي على علم بما يدعو إليه، أما الجاهل فلا يصلح للدعوة، بل لابد أن يتزود بالعلم قبل أن يشرع في الدعوة، لأنه في دعوته يتعرض إلى شبهات ومناظرات، فمن أين يجيب إذا وقف في وجه معاند أو معارض أو مشبه، كيف يستطيع الخلاص، أنه يفشل، أو يصير نكسة على الدعوة، أو يجيب بجهل ويكون الأمر أخطر، إما أن يسكت عن الجواب وينتصر عليه الخصم، وإما أن يجيب بجهل فيكون الأمر أخطر، هذا من ناحية.
والناحية الثانية: أن الداعية يحتاج إلى معرفة الحلال والحرام، فقد يقول بجهله هذا الشيء حرام وهو حلال، وقد يقول بجهله: هذا الشيء حلال وهو حرام، فالداعية يجب أن يكون على علم بما يدعو إليه، بحيث أنه يعرف الحلال والحرام، ويعرف الواجب والمستحب والمحرم والمكروه والمباح، ويعرف كيف يجيب على الاعتراضات والشبه والمجادلات، كما قال تعالى: ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))، كيف يستطيع أن يجادل بالتي هي أحسن وهو ليس عنده علم؟!
فيشترط في الداعية: أن يتأهل بالعلم، فإن بعض الدعاة اليوم ليس عندهم علم، وإنما يجيد الكلام والشقشقة والخطابة، لكن ليس عنده علم بحيث لو عرضت له أدنى شبهة، أو سئل عن أدنى مسألة في الحرام والحلال تخبط فيها.
[1/102-103]
الفائدة الخامسة والعشرون
البراءة من المشركين من أصول الدعوة
((وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) هذه براءة من الرسول صلى الله عليه وسلم من المشركين، كما تبرأ منهم خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ((إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))، ((ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))، ففيه البراءة من المشركين، يعني: قطع المحبة والمودة والمناصرة بينك وبين المشركين، لأنهم أعداء الله وأعداء رسوله، فلا يجوز لك أن تودهم بقلبك أو تناصرهم أو تدافع عنهم: ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) ، ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)).
ففي هذا دليل على أنه يجب البراءة من المشركين، وأن من أصول الدعوة إلى الله: البراءة من المشركين، أما الداعية الذي لا يتبرأ من المشركين، فهذا ليس بداعية، وليس على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وإن زعم أنه يدعو إلى الله، والكفر بالطاغوت مقدم على الإيمان بالله، كما قال تعالى: ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ))، فلابد من البراءة من المشركين، أما الذين يقولون (ما علينا من عقائد الناس، من دخل في جماعتنا وصار معنا فهو أخونا، وعقيدته له) هذه ليست دعوة إلى الله عز وجل، وإنما هي دعوة إلى الحزبية والعصبية.
[1/103-104]
الفائدة السادسة والعشرون
ما يستفاد من حديث بعث معاذ إلى اليمن
1/ فيه إرسال الدعاة إلى الله عز وجل.
2/ فيه فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه.
3/ فيه قبول خبر الواحد في العقائد وغيرها.
4/ فيه بيان منهج الدعوة، وهذا أصل عظيم، وهو أنه يتدرج فيها، ويبدأ بالأهم فالأهم.
5/ فيه دليل على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وأنه مبعوث إلى جميع العالم اليهود والنصارى وغيرهم، وإذا كان مبعوثاً إلى اليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، فغيرهم من باب أولى.
6/ فيه أن من العلماء من يجهل معنى لا إله إلا الله، لأن أهل الكتاب يدعون إليها وهم أهل الكتاب وأهل العلم.
7/ فيه دليل على أنه لا يجوز أخذ الكرايم في الزكاة، وإنما يؤخذ المتوسط.
8/ فيه دليل على التحذير من دعوة المظلوم، وأنه ليس بينها وبين الله حجاب.
[1/111]
الفائدة السابعة والعشرون
فوائد حديث إرسال علي رضي الله عنه
1/ فيه مشروعية إرسال الدعاة.
2/ فيه أن الدعوة تكون قبل القتال، ولا يجوز أن يكون القتال قبل الدعوة.
3/ فيه وصيلة الإمام لمن يبعثه للدعوة إلى الله، وأنه يخطط له المنهج السليم، ويرشده إلى الطريق الصحيح الذي يسير عليه، وأن المُرسل يستمد الإرشادات من قائدة ومن إمامه، ولا يستبد هو بشيء، لأن هذا أضبط للأمور.
4/ فيه دليل على إثبات صفة من صفات الله عز وجل، وهي المحبة.
5/ فيه دليل على معجزات من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم:
إحدها: قوله: "لأعطين الراية غداً"، وقد وقع هذا.
ثانياً: إخباره عن وقوع الفتح، وقد وقع.
ثالثاً: بصقه صلى الله عليه وسلم في عيني المريض فيشفى في الحال.
6/ فيه فضل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
7/ فيه دليل على حرص الصحابة على الخير، وأنهم يتنافسون في أمور الخير.
8/ فيه الإيمان بالقدر.
9/ فيه بيان منهج الدعوة إلى الله عز وجل.
10/ فيه بيان خطة الجهاد الشرعي.
11/ فيه دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام، وبيان أن ما هم عليه ليس هو الإسلام.
[1/119-121] بتصرف
الفائدة الثامنة والعشرون
سبب جمع المؤلف للتوحيد وكلمة لا إله إلا الله
وقول المؤلف: "تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله " هذا من عطف الدال على المدلول، المدلول هو التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله هو الدال، لأن شهادة أن لا إله إلا الله تدل على التوحيد، فهو من عطف الدال على المدلول، والشيخ رحمه الله جمع بينهما في الترجمة ليبين أن معناها واحد، فعمنى التوحيد هو لا إلا الله، ومعنى لا إله إلا الله هو التوحيد، من أجل أن لا يخفى هذا على أحد، فيظن أن التوحيد غير لا إله إلا الله، بل هما شيء واحد.
[1/123]
الفائدة التاسعة والعشرون
الفرق بين البراءة والموالاة
البراءة من براء وبريء بمعنى واحد، معناه قطع الصلة والبعد عن المتبرأ منه، بخلاف الموالاة فإن معناها: القرب والاتصال بالموالى.
[1/128]
الفائدة الثلاثون
معنى الأحبار والرهبان
الأحبار: جمع حَبْر أو حِيِر، وهو العالم، والرهبان: جمع راهب، وهو العابد.
[1/130]
الفائدة الحادية والثلاثون
معنى الحلقة
الحلقة: هي الشيء المستدير الذي يدار على العضد، أو على الذراع، أو على الأصبع، فالشيء المستدير يسمى حلقة، ومنه تحلق القوم إذا استداروا في الجلوس.
[1/138]
الفائدة الثانية والثلاثون
معنى التميمة
التميمة: خرزات تعلق على الأولاد يتقون بها العين، وكذلك ما شابهها من كل ما يعلق من الخرزات وغيرها من الحُرُوز والحُجُب، فهذا ليس بخاص بالخرز، وإنما هذا التفسير لبيان نوع من أنواع المعلقات، ومنهم من يعلق النعل على الباب، ويجعل وجه النعل مقابلاً للشخص الآتي، أو على السيارة، ويظنون أن هذه الأشياء تدفع عنهم شر الحسد، وكل هذا من أمور الجاهلية.
[1/141]
الفائدة الثالثة والثلاثون
معنى الودع
الودع: شيء يستخرج من البحر، يشبه الصدف، يعلقونه على صدورهم أو على أعناقهم أو على دوابهم يتقون به العين.
[1/142]
الفائدة الرابعة والثلاثون
اختلاف السلف في مسألة تعليق التمائم من القرآن
فقد اختلف السلف في تعليق التمائم من القرآن إلى قولين:
1/ منهم من أجاز، نظراً لأن هذا من القرآن وهو كلام الله سبحانه وتعالى، و التداوي بكتاب الله والاستشفاء بكتاب الله مشروع، ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة رضي الله عنهما.
2/ ومنهم من منع هذا ولم يرخص فيه لعموم النهي عن التمائم، ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وتلميذه إبراهيم النخعي.
وبناءً على ذلك اختلف الفقهاء من بعد الصحابة في هذه المسألة على قولين: منهم من أجاز، أخذاً برأي من أجاز من الصحابة، ومنهم من منع.
والصحيح: الرأي الثاني وهو المنع، والشيخ عبد الرحمن بن حسن وقبله الشيخ سليمان بن عبد الله رجحا منعه، وذلك لثلاثة أمور:
الأمر الأول: عموم النهي، ولم يرد دليل يخصص ذلك.
الأمر الثاني: سد الوسيلة المفضية إلى الشرك، لأننا إذا أجزنا تعليق القرآن انفتح الباب لتعليق غيره.
الأمر الثالث: أن تعليق القرآن يعرضه للامتهان، لأنه يعلق على الصبيان والصبيان لا يتجنبون النجاسة أو الدخول في مواضع القاذروات، وكذلك الجهال لا يحترمون القرآن كما ينبغي، ولا ينتبهون لذلك. وما كان سبباً لتعريض القرآن للامتهان فهو محرم.
والذين أجازوا - وهم أصحاب الرأي الأول - اشترطوا ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تكون التميمة من القرآن.
الشرط الثاني: أن تكون مكتوبة باللفظ العربي، فلا تكتب بلفظ أعجمي أو بخط لا يقرأ.
الشرط الثالث: أن يعتقد أن الشفاء من اله لا من هذه التميمة، وإنما هذه التميمة سبب فقط.
[1/149-150]
الفائدة الخامسة والثلاثون
أقوال العلماء في عقد اللحية
اختلف العلماء في تفسير عقد اللحية، منهم قال:
1/ عقد الحية عادة عند الفرس، أنهم كان عند الحروب يعقدون لحاهم تكبراً وتجبراً، ونحن قد نهينا عن التشبة بالكفار.
2/ المراد به عقد اللحية في الصلاة، لأن هذا من العبث في الصلاة، والحركة في الصلاة، وهذا مكروه في الصلاة، لأنه يدل على عدم الخشوع.
3/ أن المراد بعقد الحية ما يفعله أهل الترف من تجعيد لحاهم وتحسينها وكدها، حتى تتجعد، يقصدون بها الجمال، فهذا يكون من الترف، نعم لا بأس أن اللحية تصلح وأنها تنظف، وأنها تكرم لكن لا يصل هذا إلى حد الإسراف.
[1/152] بتصرف
الفائدة السادسة والثلاثون
مسألة الاعتماد على الله واتخاذ الأسباب
الاعتماد على الله سبحانه وتعالى في كل الأمور، وإنما نتخذ الأسباب لأن الله أمرنا باتخاذ الأسباب، وأما النتائج فهي عند الله سبحانه وتعالى، نحن لا نعتمد على الأسباب، وإنما نعتمد على الله، ونحن لا نعطل الأسباب، لأن الله أمرنا باتخاذها، وتعطيل الأسباب عجز وتعطيل للمنافع، التي جعلها الله سبحانه وتعالى في الأشياء، كما قال بعض العلماء: " الاعتماد على السبب شرك، وترك السبب قد في الشرع" لأن الشرع أمرك باتخاذ الأسباب، والاعتماد على الأسباب شرك لأنه اعتماد على غير الله.
فهذه مسألة يجب على طالب العلم أن يفقهها وأن يعرفها، وأن يتأملها جيداً وأن يوضحها للمسلمين، لإزاحة الشبهات، وإزاحة التضليل الذي يروح عند بعض الناس بسبب الجهل، أو بسبب سوء القصد.
[1/156]
الفائدة السابعة والثلاثون
الجواب على شبة تبرك الصحابة بريق النبي صلى الله عليه وسلم
قد يقال: أنتم تحرمون التبرك بالأشجار والأحجار والقبور، في حين أن الصحابة رضي الله عنهم كان يتبركون بريق النبي صلى الله عليه وسلم وشعره ووضوئه، أليس هذا تبركاً بمخلوق.
فالجواب على ذلك: أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه سلم وبما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم، لأنه مبارك، فما انفصل من جسده من ريق، أو عرق، أو شعر، أو وضوء، فإنه يتبرك به، أما التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لم يرد حتى مع أفضل الأمة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والعشرة المبشرين بالجنة، وأصحاب بدر، وأصحاب بيعة الرضوان، ما ذكر أن المسلمين كانوا يتبركون بهؤلاء، لا بريقهم، ولا بعرقهم، ولا بشعورهم.
فالتبرك لا يجوز، لا بالأشجار، ولا بالأحجار، ولا بالأشخاص، ولا بالحجرة النبوية، ولا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا يجوز، لأن هذه أمور لم تكن منفصلة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليست من جسده صلى الله عليه وسلم فلابد أن نعرف الجواب عن هذه الشبه، لأنهم يدلون بها.
[1/163]
الفائدة الثامنة والثلاثون
معنى الصلاة والنسك
الصلاة في الشرع يراد بها: العبادة المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم، التي تشتمل على عبادات قلبية وقولية وعملية، فالصلاة تشتمل على أنواع العبادة في القلب: من الخشوع والخشية والإقبال على الله سبحانه وتعالى، وباللسان: من التكبير، والتحميد، والثناء على الله، وتلاوة كتابه الكريم، ومناجاة الرب سبحانه وتعالى، وبالجوارح: من القيام والركوع، والسجود، والجلوس.
والنسك المراد به: ما يذبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرب والعبادة، كهدي التمتع والقران، وهدي التطوع، وهدي الجبران والأضاحي والعقيقة، هذه كلها تسمى نسكاً، فما ذبح من بهيمة الأنعام على وجه التقرب إلى الله تعالى بذبحه، فهو النسك.
[1/165]
الفائدة التاسعة والثلاثون
ما يشتمله قوله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي} وقوله: {فصل لربك ونحر} وقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله " من أمور
تشتمل الآيتين والحديث كل هذه الأمور:
1/ ما ذبح للأصنام تقرباً إليها.
2/ ما ذبح للحم وذكر عليه اسم غير الله سبحانه وتعالى.
3/ ما ذبح تعظيماً لمخلوق وتحية له عند نزوله وصوله إلى المكان الذي تستقبل فيه.
4/ ما ذبح عند انحباس المكر في مكان معين أو عند قبر لأجل نزول المطر.
5/ ما ذبح عند نزول البيوت خوفاً من الجن أن تصيبه.
كل هذا يدخل في الذبح لغير الله، ويكون شركاً بالله سبحانه وتعالى.
[1/169]
الفائدة الأربعون
أقوال العلماء في معنى:"منار الأرض"
المنار: جمع منارة، وهي العلامة، والمراد بمنار الأرض للعلماء فيه ثلاثة أقوال:
1/ أن المراد بمنار الأرض: المراسيم، ومعنى غيرها يعني: قدمها أو أخرها عن مكانها.
2/ أن المراد بمنار الأرض: أعلام الحرم الذي يحرم قتل صيده وتنفيره، ويحرم قطع شجره وحشيشه، وأخذ لقطته، فقد جعل الله حول الكعبة حرماً من كل جانب، فالمراد بمنار الأرض على هذا القول: أنصاب الحرم أي: الأعلام المجعولة على الحرم من كل جانب.
3/ أن المراد بمنار الأرض: العلامات التي على الطرق، وكانت معروفة، وفي وقتنا الحاضر اللوحات التي تجعلها المواصلات على الطريق، هذه من منار الأرض، فلا يجوز لأحد أن يغير هذه الأعلام، لأنه يضلل الناس، والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
[1/171]
الفائدة الحادية والأربعون
فوائد حديث: "دخل رجل النار في ذباب"
1/ فيه جواز الإخبار عن الأمم السابقة، والتحدث عنها بما ثبت لأجل العظة والعبرة.
2/ فيه دليل على تحريم الذبح لغير الله، ومن ذبح لغير الله فقد أشرك.
3/ فيه أن المدار على أعمال القلوب، وإن كان الشيء ظاهراً تافهاً، لكن المدار على عمل القلب.
4/ فيه دليل على قرب الجنة والنار من الإنسان.
5/ فيه أن هذا الرجل الذي ذبح الذباب كان مؤمناً فدخل النار بذبحه الذباب، لأنه لو كان كافراً لدخل النار بكفره، لا بذبح الذباب.
[1/173] بتصرف
الفائدة الثانية والأربعون
فوائد قوله تعالى: {لا تقم فيه أبدا...ً}
ففي هذه الآيات:
1/ أن النيات تؤثر في الأمكنة والمباني، والنيات الخبيثة ثؤثر في الأمكنة والبقاع خبثاً، والنيات الصالحة تؤثر فيها بركة وخيراً.
2/ الحث على إصلاح المقاصد.
3/ دليل على أن الاعتبار بالمقاصد لا بالمظاهر.
4/ التنبيه على خداع المخادعين وأن يكون المؤمنون على حذر دائماً من المشبوهين ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية.
5/ فيه دليل على فضيلة مسجد قباء، وفضل أهله رضوان الله عليهم.
[1/175] بتصرف.
الفائدة الثالثة والأربعون
فوائد حديث: "نذر رجل أن ينحر إبلاً.."
1/ أن الذبح عبادة لا تجوز لغير الله.
2/ فيه مشروعية الرجوع إلى أهل العلم وسؤال أهل العلم.
3/ فيه دليل على مشروعية تثبت المفتي من حال السائل ومقاصده قبل إصدار الفتوى.
4/ أنه لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله عز وجل، لأن هذا من وسائل الشرك.
5/ فيه خطورة الذبح لغير الله، لأنه إذا كان لا يذبح لله في المكان الذي يذبح فيه لغير الله، فكيف بالذبح لغير الله؟
6/ فيه وجوب الوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة.
7/ فيه أن النذر إذا كان معصية أو أنه لا يجوز الوفاء به أو في شيء لا يملكه الناذر فإنه لا يلزمه.
8/ فيه دليل على تحريم نذر المعصية.
[1/179]
الفائدة الرابعة والأربعون
شروط المدعو
يشترط في المدعو ثلاثة شروط:
1/ أن يكون مالكاً لما يطلب منه.
2/ أن يكون يسمع الداعي.
3/ أن يكون يقدر على الإجابة.
وهذه الأمور لا تتفق إلا في الله سبحانه وتعالى، فإنه المالك، والسميع، والقادر على الإجابة، أما هذه المعبودات فهي:
أولاً: فقيرة، ليس لها ملك.
ثانياً: لا تسمع من دعاها.
ثالثاً: لو سمعت فإنها لا تقدر على الإجابة.
[1/207]
الفائدة الخامسة والأربعون
فوائد حيث: "قام فينا رسول الله عندما نزلت الآية:{وأنذر عشيرتك الأقربين}"
1/ المبادرة إلى تنفيذ أمر الله، وأن الإنسان لا يتوانى في ذلك.
2/ أن الداعية يبدأ بأقرب الناس إليه، وبأهل بيته أولاً.
3/ أنه لا يجوز الاعتماد على الأشخاص، والأولياء والصالحين، واعتقاد أنهم يقربون إلى الله، بل على الإنسان أن يعمله لنفسه، وأن يتقي الله في نفسه، وأن يتقرب إلى الله مباشرة، بدون واسطة أحد، لأن الله قريب مجيب.
4/ أن الانتساب إلى أهل البيت، أو القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنفع إلا مع العمل الصالح، أما بدون ذلك فإنها لا تنفع عند الله.
والجواب أن ينتبه المسلمون لهذه الأمور.
[1/220]
الفائدة السادسة والأربعون
معنى: "مسترق السمع"
قال صلى الله عليه وسلم: " فيسمعها مسترق السمع" المسترق هو: الذي يأخذ الشيء بسرعة وخفية، ومنها سمي السارق الذي يأخذ المال على وجه الخفية والسرعة حيث لا يراه أحد، ومسترق السمع، هو الشيطان الذي يخطف الكلمة من الوحي الذي تتكلم به الملائكة في السماء، قال تعالى: (( إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين)).
[1/223]
الفائدة السابعة والأربعون
معنى السحر والكهانة
السحر هو: عملية يعملها الساحر إما بالعقد والنفث، وإما بكلام الكفر والشرك، فهو عزائم ورقى شيطانية، وإما بمواد خبيثة تركب بعضها مع بعض ثم يتكون منها السحر، فالسحر عمل شيطاني، والسحر كفر، والساحر كافر.
وأما الكهانة فمعناها: الإخبار عن المغيبات بسبب ما يتلقاه الكاهن عن الشيطان، لأن الشيطان يخبر الكاهن بأمور غائبة عن بني آدم، لأن الشيطان عنده قدر أكبر من قدرة بني آدم، فهو يطير في الهواء، ويصل إلى السحاب، ويسترق السمع، ويطير بسرعة من الأمكنة البعيدة، فعنده مقدرة ليست عند الإنسي، فالأنسي يخضع للشيطان، ويتقرب إلى الشيطان بما يحب من الكفر بالله والشرك بالله حتى يخدمه الشيطان بما يريد من الأمور الغائبة عن بني آدم.
[1/224-225]
الفائدة الثامنة والأربعون
فوائد حديث:"إذا قضى الله الأمر في السماء..."
1/ فيه أن السنة النبوية تفسر القرآن، والقرآن يفسر بأحد أربعة أمور:
أولاً: يفسر القرآن بالقرآن.
ثانياً: إذا لم يكن فيه تفسير من القرآن يفسر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: إذا لم يكن فيه تفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر بأقوال الصحابة.
رابعاً: إذا لم يكن هناك تفسير من الصحابة يفسر بمقتضى لغة العرب التي نزل القرآن بها.
2/ فيه إثبات صفات الله سبحانه وتعالى (العلو - الكلام).
3/ فيه بطلان التعلق على الملائكة.
4/ فيه إثبات استراق السمع من الشياطين.
5/ فيه بطلان السحر والكهانة.
[1/226-228] بتصرف
الفائدة التاسعة والأربعون
أنواع إرادة الله
وإرادته على نوعين:
1/ إرادة كونية، بها يخلق ويرزق، ويهدي ويضل، ويحيي ويميت.
2/ إرادة شرعية دينية بها يأمر عباده بما يصلحهم وينهاهم عما يضرهم.
[1/229]
الفائدة الخمسون
تعريف الوحي وأنواعه
الوحي هو: الإعلام بسرعة وخفاء، وهو على نوعين:
1/ وحي إلهام: يكون بإلهام الله بعض المخلوقات ببعض الأمور.
2/ وحي الإرسال: فهو الذي ينزل به جبريل عليه السلام إلى الرسل.
[1/229-230]
الفائدة الحادية والخمسون
أقسام العلو
قوله تعالى: ((وهو العلي)) هذا فيه إثبات العلو لله عز وجل، والعلو ثلاثة أقسام:
1/ علو الذات: فهو علي بذاته فوق مخلوقاته.
2/ علو القدر: فهو علي بالقدر سبحانه وتعالى.
3/ علو قهر: فهو علي القهر.
وأهل السنة والجماعة يثبتون العلو بأنواعه الثلاثة، أما المبتدعة فلا يثبتون إلا علو القدر والقهر قط، وأما علو الذات فينفونه، ولا يثبتون العلو لله عز وجل، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
[1/232]
الفائدة الثانية والخمسون
فوائد حديث: "إذا أراد الله أن يوحي بالأمر.."
1/ فيه إثبات الكلام لله سبحانه وتعالى.
2/ فيه إثبات الإدراك للسماوات الخوف من الله.
3/ فيه أن الملائكة يخافون من الله و يسجدونه له، فدل على أنهم عباد محتاجون إلى الله سبحانه وتعالى فقراء إلى الله، فهذا يدل على بطلان دعائهم من دون الله، واتخاذهم وسائط، وشفعاء عند الله عز وجل، والملائكة يشفعون، لكن لا يشفعون إلا بإذن الله سبحانه وتعالى.
4/ فيه دليل على تعظيم كلام الله، وتعظيم القرآن الكريم.
5/ فيه فضل جبريل عليه الصلاة والسلام.
6/ فيه دليل على أن السماوات طباق متعددة إلى سبع سماوات، وفي كل سماء سكان من الملائكة، يعمرونها بعبادة الله عز وجل.
7/ فيه دليل على أن الملائكة كل له عمل موكل به.
8/ فيه أن الملائكة لا يعلمون الغيب، ويسألون غيرهم عما خفي عليهم.
[1/233-235] بتصرف.
الفائدة الثالثة والخمسون
تعريف الشفاعة - وأنواعها - وشروطها
الشفاعة معناها: التوسط في قضاء حاجة المحتاج لدي من هي عنده، ولما انضم إليه الشافع صار شفعاًن لأن الشفع ضد الوتر، فلما كان طالب الحاجة منفرداًن ثم انضم إليه الواسطة شفعه في الطلب، ولذلك سمي شافعا، وسمي هذا العمل شفاعة.
وتنقسم الشفاعة إلى:
1/ شفاعة حسنة: وهو الذي يشفع عند السلاطين أو عند الأغنياء أو عند غيرهم لقضاء حاجة المحتاجين يعتبر عمله شفاعة طيبة يؤجر عليها.
2/ شفاعة سيئة: وهو الذي يشفع عند السلطان بتعطيل الحدود إذا وجب الحد على شخص.
هذا فيما بين الناس، أما الشفاعة عند الله تعالى تنقسم إلى:
1/ شفاعة منفيه: وهو الشفاعة التي تطلب من غير الله، وكذلك الشفاعة التي تطلب فيمن لا تبل فيه كالكافر والمشرك.
2/ شفاعة مثبته: وهي التي إذا توفر فيها شرطان:
الأول: أن تطلب من الله.
الثاني: أن تكون فيمن تقبل فيه الشفاعة، وهو المؤن الموحد الذي عنده شيء من المعاصي دون الشرك فهذا تقبل فيه الشفاعة بإذن الله.
والشفاعة المثبتة تنقسم إلى ستة أنواع:
1/ الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود وهي التي تكون من الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف.
2/ شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة في أن يدخلوا الجنة.
3/ شفاعته صلى الله عليه وسلم بعض أهل الجنة في رفعة درجاتهم في الجنة.
4/ شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب بتخفيف العذاب عليه.
5/ الشفاعة فيمن استحق النار من أهل التوحيد أن لا يدخلها.
6/ الشفاعة فيمن دخل النار من أهل التوحيد أن يخرج منها.
[1/236-240] بتصرف.
الفائدة الرابعة والخمسون
أقسام الرؤيا
الرؤيا على ثلاثة أقسام:
1/ رؤيا هي حديث نفس وأضغاث أحلام، لا أصل لها.
2/ رؤيا من الشيطان.
3/ رؤيا صحيحة وهي التي تجري على يد الملك وفيها خير، وهي جزء من النبوة.
[1/253]
الفائدة الخامسة والخمسون
أنواع الهداية، وأسباب حرمانها
الهداية هدايتان: هداية يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهداية لا يملكها.
أما الهداية التي يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي: هداية الإرشاد والدعوة والبيان ويملكها كل عالم يدعو إلى الخير.
أما الهداية المنفية فهي: هداية القلوب، وإدخال الإيمان في القلوب، فهذه لا يملكها أحد إلا الله سبحانه وتعالى.
ومن أسباب حرمان الهداية:
1/ التعصب للباطل.
2/ حمية الجاهلية.
[1/259]
الفائدة السادسة والخمسون
فوائد باب قول الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحبب..}
1/ فيه مشروعية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
2/ فيه دليل على مشروعية عيادة المريض المشرك من أجل دعوته إلى الله عز وجل.
3/ أن من قال لا إله إلا الله فإنه يقبل منه ويحكم بإسلامه، ما لم يظهر منه ما يناقض هذه الكلمة من قول أو فعل.
4/ فيه دليل على أن الأعمال بالخواتيم.
5/ فيه التحذير من جلساء السوء.
6/ فيه الرد على من زعم إسلام أبي طالب من الشيعة والخرافيين.
7/ تفسير لا إله إلا الله.
8/ فيه الرد على المرجئة، الذين يقولون: إن الإيمان هو مجرد المعرفة أو الاعتقاد.
9/ فيه تحريم الاستغفار للمشركين، والترحيم عليهم، وموالاتهم، ومحبتهم.
10/ فيه التحذير من التعصب لدين الآباء والأجداد إذا كان يخالف ما جاءت به الرسل.
11/ الرد على المشركين الذين يتعلقون بالأولياء والصالحين، ويدعونهم من دون الله.
[1/259-262] بتصرف
الفائدة السابعة والخمسون
تعريف السبب والغلو
السبب:
السبب في اللغة: ما يتوصل به إلى الشيء، ولذلك سمي الحب سبباً.
والسبب عند الأصوليين فهو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
وأما الغلو:
الغلو في اللغة: هو الزيادة عن الحد.
وفي الشرع: هو الزيادة عن الحد المشروع، يسمى غلواً، ويسمى طغياناً.
والغلو في الصالحين، هو الزيادة في مدحهم، ورفعهم فوق مكانتهم، بأن يجعل لهم شيء من العبادة.
[1/263]
الفائدة الثامنة والخمسون
الفرق بين الغلو في الأشخاص والغلو في الدين
الغلو في الشخص هو: المبالغة في مدحه، ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها.
وأما الغلو في الدين فهو: الزيادة عن الحد المشروع في العبادات، وفي مقاديرها، أو في كيفيتها.
[1/264]
الفائدة التاسعة والخمسون
ما يستفاد من أثر ابن عباس وابن القيم في قوله تعالى:
{لا تذرن ألهتكم..}
1/ تحريم الغلو في الصالحين.
2/ فيه دليل على أن الغلو في الصالحين من سنة اليهود والنصارى.
3/ فيه التحذير من التصوير ونشر الصور، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، والتصوير ممنوع لعلتين:
العلة الأولى: أنها وسيلة إلى الشرك.
العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله عز وجل.
4/ فيه دليل على تحريم البدع في الدين، وأنها تؤول إلى الشرك.
5/ فيه دليل على أن حسن النية لا يسوغ العمل غير المشروع.
6/ فيه بيان فضيلة وجود العلم والعلماء في الناس، ومضرة فقدهم.
7/ فيه التحذير من مكر الشيطان.
8/ فيه دليل على تحريم الغلو في قبور الصالحين.
9/ فيه أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.
[1/267-270] بتصرف
الفائدة الستون
لفظة مسيحي وإسرائيلي
النصارى المراد بهم: إتباع عيسى عليه السلام، وقيل: سموا نصارى نسبة إلى البلد: الناصرة في فلسطين، أو من قوله تعالى: ((قال الحواريون نحن أنصار الله)، وهم أهل ملة من الملل الكتابية، ويسمون بالنصارى.
أما أن يسموا بالمسيحيين - كما عليه الناس الآن - فهذا غلط، لأنه لا يقال: المسيحيون إلا لمن اتبع المسيح عليه السلام، أما الذي لم يتبعه فإنه ليس مسيحياً، وإنما نصراني، فاسمهم في الكتاب والسنة: النصارى.
كما أن اليهود نفروا من الاسم الخاص بهم في الكتاب والسنة وهو اليهود فسموا أنفسهم إسرائيل، وإسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام، فليسوا هم إسرائيل، وإنما هم اليهود، هذا هو اللفظ الموضوع لهم، الذي رُبطت به اللعنة والغضب من الله سبحانه وتعالى بسبب كفرهم بالله وعنادهم وتعنتهم، فهم اليهود.
نعم، يقال: بنو إسرائيل - كما سماهم الله بذلك - لأنهم من ذرية يعقوب عليه السلام في الغالب.
[1/271]
الفائدة الحادية والستون
معنى التنطع
المتنطعون: جمع متنطع، وأصل التنطع هو التقعر في الكلام إظهاراً للفصاحة، هذا هو أصل التنطع في اللغة، والمراد هنا: التنطع في الكلام، والتنطع في الاستدلال، والتنطع في العبادة.
والتنطع في الكلام معناه: أن يتكلم الإنسان بالكلمات الغريبة من اللغة التي لا يفهمها الناس، فيأتي بأسلوب وألفاظ من وحشي اللغة لا يعرفها الناس.
[1/278]
الفائدة الثانية والستون
ما يستفاد من أحاديث النهي عن الغلو
1/ التحذير من الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك يؤدي إلى الشرك.
2/ فيه الرد على أصحاب المدائح النبوية التي غلو فيها في حقه صلى الله عليه وسلم.
3/ فيه النهي عن التشبة بالنصارى.
4/ فيه مشروعية مدحه صلى الله عليه وسلم بصفاته الكريمة: عبد الله ورسوله، الداعي إلى الله، بلغ البلاغ المبين، جاهد في الله حق جهاده.. الخ.
5/ يستفاد من ذلك: كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، وأنه حذرها من الإطراء في حقه صلى الله عليه وسلم، وحذرها من الغلو، وحذرها من التنطع.
6/ فيه أن من نهي عن شيء فإنه يذكر البديل الصالح عنه إن كان له بديل.
7/ فيه النهي عن الغلو في العبادات.
8/ فيه التحذير من التنطع فيا الكلام، والتنطع في الاستدلال، والتنطع في العبادة.
9/ فيه تكرار النصيحة حتى ترسخ وتثبت.
[1/280-282] بتصرف
الثالثة والستون
أقسام البدعة
البدعة تنقسم إلى قسمين:
1/ بدعة حقيقة: إذا أُحدث شيء لا اصل له، مثل الموالد والتبرك بالآثار.
2/ بدعة إضافية: أن نُحدث للعبادة المشروعية وقتاً أو وصفة لم يشرعها الله ورسوله، كما لو قلنا: ليلة النصف من شعبان يصلون الناس ويتهجدون، أو نصوم النصف من شعبان.
[1/282]
الفائدة الرابعة والستون
معنى الكنسية والصومعة
الكنيسة: هي معبد النصارى الذي يجتمعون فيه يوم الأحد لعبادتهم.
أما الصومعة: فهي معبد خاص لفرد من النصارى يخلو فيه، وينقطع عن الدنيا.
فالصومعة للأفراد من النصارى، وأما الكنيسة فهي للجميع.
[1/284]
الفائدة الخامسة والستون
ما يستفاد من أحاديث النهي عن الغلو في القبور
1/ تحريم البناء على القبور.
2/ فيه دليل على تحريم العبادة عند القبور، حتى ولو لم يبن عليه بنية، لا بدعاء، ولا بصلاة، ولا بذبح، ولا بنذر، ولا بغير ذلك.
3/ فيه دليل على تحريم نصب الصور من التماثيل وغيرها، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك بهذه الصور ولو على المدى البعيد.
4/ فيه دليل على أن النية الصالحة لا تسوغ العمل السيء.
5/ فيه دليل على جواز لعن الكفار أو أصحاب الكبائر على وجه العموم.
6/ فيه دليل على التحذير من التشبه بالنصارى.
7/ فيه دليل على أن الذين يبنون على القبور والذين يذهبون إليها للتعبد عندها هم شرار الخلق.
8/ فيه دليل على أن المصروين هم شرار الخلق.
9/ فيه دليل على وجوب الاهتمام بأمر العقيدة والدعوة إليها قبل كل شيء من أنواع الفساد.
10/ فيه دليل على كما حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته، ونصيحته لأمته.
11/ فيه دليل على بيان الحكمة من دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته.
[1/288-291] بتصرف
الفائدة السادسة والستون
معنى اتخاذ القبور مساجد
اتخاذ القبور مساجد على معنين:
المعنى الأول: وهو اتخاذها مصليات يصلى عندها وإن لم يبن مسجد.
المعنى الثاني: أن يبنى عليها مسجد كما حصل من اليهود و النصارى.
[1/293-294]
الفائدة السابعة والستون
ما يستفاد من حديث جندب وابن مسعود
1/ فيه إثبات المحبة لله سبحانه وتعالى.
2/ فيه دليل على أن الخلة أعلى الدرجات.
3/ فيه دليل على فضل الخليلين: محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
4/ فيه دليل على فضل أبي بكر الصديق.
5/ فيه دليل على تحريم الصلاة عند القبور، وبناء المساجد عليها.
6/ فيه دليل على بطلان الصلاة عند القبور، أو في المساجد المنبية على القبور.
7/ فيه دليل على أن الذين يتخذون القبور مساجد شرار الخلق عند الله.
8/ فيه دليل على أن الساعة لا تقوم على أهل الإيمان، وإنما تقوم على الكفار.
[1/297-299] بتصرف
الفائدة الثامنة والستون
أقوال العلماء في زيارة النساء للقبور
ذهب جمهور أهل العلم إلى تحريم زيارة النساء للقبور لهذا الحديث: "لعن الله زائرات القبور"، لعلتين:
1/ لأن المرأة ضعيفة، فإذا رأت قبر قريبها، فإنها لا تملك نفسها من النياحة ومن الجزع.
2/ المرأة عورة، فإذا ذهبت إلى المقابر واختلطت بالرجال حصل من ذلك فواحش وزنى وشر، لأنها فتنة.
وذهب بعض العلماء إلى جواز زيارة النساء للقبور أخذاً من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر بالآخرة"، قالوا: هذا لفظ عام يدخل فيه الرجال والنساء.
والجواب على ذلك من وجهين:
1/ أن قوله: فزوروها هذا الخطاب للرجال، وخطاب الرجال لا تدخل فيه النساء.
2/ أنه على فرض أن هذا الخطاب عام للرجال والنساء، فإنه مخصوص بهذا الحديث.
واحتجوا أيضاً: بأن عائشة رضي الله عنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن.
والجواب عن ذلك: أن فعل عائشة هذا محمول على أنها لم يبلغها النهي، ولو بلغها النهي لم تكن تخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجواب الثاني: وعلى فرض أنها بلغها هذا الحديث، فهذا اجتهاد منها، ولا شك أن الحجة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فبناء على ذلك فالقول الراجح هو منع النساء من زيارة القبور.
[1/306]
الفائدة التاسعة والستون
الفوائد من باب أن الغلو في القبور يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله
1/ أن الغلو في قبور الأنبياء يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله .
2/ أن الله سبحانه صان قبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجاب دعاءه، فحفظ من الغلو فيه.
3/ فيه أن العكوف على قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله.
4/ فيه الرد على من زعم أن البناء على قبور الصالحين من محبة الصالحين.
5/ فيه دليل على تحريم زيارة النساء للقبور.
6/ فيه دليل على تحريم إضاءة المقابر بالأنوار بأي وسيلة، سواء كان بالسرج أو كان بالكهرباء.
[1/307-308] بتصرف
الفائدة السبعون
أقسام العيد
والعيد ينقسم إلى قسمين:
1/ عيد زماني مشروع: عيد الفطر وعيد الأضحى وهذه أعياد الإسلام المشروع، وهناك عيد زماني ممنوع: أعياد الموالد، فهي الأعياد الزمانية المحرمة.
2/ عيد مكاني مشروع: مثل الاجتماع في المساجد في اليوم والليلة خمس مرات.
والاجتماع لصلاة الجمعة، وعيد مكاني محرم: مثل الاجتماع عند القبور.
[1/316-317] بتصرف
الفائدة الحادية والسبعون
ما يستفاد من باب حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد..
1/ امتنان الله على هذه الأمة ببعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم.
2/ إثبات صفات عظيمة من صفاته صلى الله عليه وسلم:
الأولى: ((رسول من أنفسكم)).
الثانية: ((عزيز عليه ما عنتم)).
الثالثة: ((حريص عليكم)).
الرابعة: (( بالمؤمنين رؤوف)).
الخامسة: ((رحيم)).
خمس صفات من صفاته صلى الله عليه وسلم.
3/ فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قد سد الطريق المفضية إلى الشرك.
4/ فيه دليل على وجوب العناية ببيوت المسلمين وعماراتها بالعبادة، وإبعاد وسائل الشر عنها.
5/ فيه أن القبور لا تصلح للصلاة عندها.
6/ فيه النهي عن التردد على قبره صلى الله عليه وسلم، والقيام، أو الجلوس عنده، والدعاء والصلاة عنده، لأن هذا من اتخاذه عيداً.
7/ فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم سد الطريق المفضية إلى الشرك، بنهية عن اتخاذ قبره عيداً.
8/ فيه مشروعية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان.
9/ فيه النهي عن التردد على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل الصلاة عليه والسلام عليه، لأن هذا وسيلة إلى الشرك، ومن اتخاذه عيداً.
10/ فيه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل.
11/ فيه دليل على أن من أنكر شيئاً أو أمر بشيء فإنه يطالب بالدليل.
12/ فيه دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم تبلغه صلوات أمته عليه في أي مكان كانوا من الأرض.
[1/320-322] بتصرف.
الفائدة الثانية والسبعون
من فقه النصوص التي في باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
1/ فيه دليل على أن من اليهود والنصارى من يؤمنون بالجبت والطاغوت.
2/ فيه دليل على أن الموافقة لهم في الظاهر تسمى إيماناً ولو لم يوافقهم في الباطن.
3/ فيه بيان أن في أهل الكتاب من عبد الطاغوت.
4/ فيه دليل على ذكر عيوب المردود عليه.
5/ فيه الرد على من يقول: أنه ينبغي ذكر محاسن المردود عليه وهو ما يسمونه بالموازنات.
6/ فيه دليل على أنه كان في الأمم السابقة من يبني المساجد على القبور، فلابد أن يوجد في هذه الأمة من يبني المساجد على القبور.
7/ فيه دليل على معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم حيث أخبر أنه سيكون في هذه الأمة من تشبه باليهود والنصارى.
8/ فيه دليل على تحريم التشبه باليهود والنصارى.
9/ فيه دليل أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان.
[1/329-331] بتصرف
الفائدة الثالثة والسبعون
فوائد حديث: " إن الله زوى لي الأرض.."
1/ في هذا الحديث دلائل من دلائل النبوة وهي:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها ".
ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم: " سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ".
ثالثاً: إخباره صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة إذا افترقت وتقاتلت يتسلط عليها العدو، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: إخباره صلى الله عليه وسلم عن وقوقع الشرك في أمته، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
خامساً: إخباره صلى الله عليه وسلم ببقاء الطائفة المنصورة على الحق، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
2/ فيه دليل على كما شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته، حيث دعا لهم صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات المباركات العظيمة، واستجاب الله له.
3/ في هذا الحديث أن تفرق الأمة وتناحرها فيما بينها سبب لتسلط العدو عليها، وأن اجتماعها وتوحدها على الحق سبب لمنع الكفار من الاستيلاء على شيء من بلادها.
4/ في الحديث دليل على خطر الأئمة المضلين.
5/ في الحديث دليل على أنه إذا وقع في هذه الأمة قتال فيما بينهم أنه سيستمر إلى أن تقوم الساعة، ولا يرفع، ولكن يكثر ويقل أحياناً.
6/ في الحديث دليل فيما ترجم له المصنف رحمه الله من وقوع الشرك والردة في بعض هذه الأمة.
7/ في الحديث دليل على ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم، وأن من ادعى النبوة بعده فهو كافر.
8/ في الحديث دليل على بقاء الفرقة الناجية المنصورة مع كثرة الفتن والمحن والشرور.
[1/341-342] بتصرف
الفائدة الرابعة والسبعون
تعريف السحر وأنواعه
السحر في اللغة هو: كل ما لطف وخفي سببه، ومنه سمي السَّحر سحراً في آخر الليل، لأنه خفي وكل ما لطف يعني: دق، وخفي سببه عن الناس يسمى سحراً في اللغة.
أما السحر في الشرع: فالسحر عبارة عن عزائم ورقى وعقد يؤثر في بدن المسحور بالقتل أو بالمرض، أو بالإخلال بعقله، أو يفرق بين الزوجين أو يأخذ الزوج عن زوجته فلا يستطيع الوصول إليها.
وقد ذكر العلماء أن السحر المحرم على نوعين:
سحر حقيقي وهو هذا الذي ذكرنا.
وسحر تخييلي، ليس له حقيقة، وإنما هو خيال وشعوذة وهو ما يسمى بالقُمرة، فالساحر يخيل للناس شيئاً وهو ليس حقيقة.
[1/343-344]
الفائدة الخامسة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في السحر
1/ كفر الساحر، لأن الصحابة قتلوه، وما قتلوه إلا لكفره.
2/ فيه دليل على وجوب قتل الساحر قتل ردة.
3/ فيه دليل على أنه يقتل ولا يستتاب، لأنه لم يذكر في هذه الآثار أن الصحابة استتابوه، وإنما فيها أنهم قتلوه.
[1/353-356] بتصرف
الفائدة السادسة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في أنواع السحر
1/ في حديث قبيصة رضي الله عنه أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت، والحب هو السحر.
2/ في حديث ابن عباس تحريم تعلم التنجيم، وأنه نوع من أنواع السحر.
3/ في حديث أبي هريرة أن عقد الخيوط والنفث فيها بقصد التأثير والإضرار بالناس أن هذا سحر.
4/ في حديث أبي هريرة أن من تعلق على السحرة والمشعوذين والدجالين أنه يوكل إليهم، ويتخلى الله سبحانه وتعالى عنه.
5/ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه تحريم النميمة، وأنها من الكبائر، وأنها نوع من أنواع السحر.
6/ في حديث ابن عمر تحريم البلاغة التي تستخدم لنصر الباطل والدعوة إليه، والتنفير من الحق، وتشويه الحق، وأن هذا نوع من أنواع السحر.
[1/364-365]
الفائدة السابعة والسبعون
ما يستفاد من باب ما جاء في الكهان ونحوهم
1/ بطلان الكهانة ومشتقاتها من العرافة وغير ذلك من دعاوى علم الغيب.
2/ في الحديث دليل على وجوب تكذيب الكهان ونحوهم.
3/ فيها دليل على تحريم الذهاب إلى الكهان ولو لم يصدقهم.
4/ فيه دليل على أن تصديق خبر الكهان كفر بما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
5/ تدل هذه الأحاديث على وجوب معاقبة الكهان ومن يذهب إليهم منقبل ولاة الأمور لأجل إراحة المسلمين من شرهم، ووقاية المجتمع من خطرهم.
[1/370]
الفائدة الثامنة والسبعون
أنواع الرقية المباحة
النوع الأول: حل السحر بالرقية بأن يقرأ على المسحور من كتاب الله عز وجل.
النوع الثاني: حل السحر بالتعوذات وهي الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثالث: الرقية بالأدوية المباحة فهناك أدوية مباحة يذهب الله بها السحر يعرفها الحذاق وأهل التجربة وأهل العقيدة السليمة تنفع بإذن الله في إزالة السحر مع ذكر الله، ومع التعوذ، ومع الرقية، ومع قراءة القرآن.
[1/380-381] بتصرف
وتم بحمد لله نقل الفوائد المستفادة من شرح كتاب التوحيد - المجلد الأول - للشيخ صالح الفوزان، سائلاً المولى عز وجل أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من العلماء العاملين.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقله لكم أخوكم
أبو حميد الفلاسي
تعليق