خطر السماع للكذابين
ماهو الكذب :مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، تعمَّد ذلك أم جَهِله، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العَمْد، وتظاهرتْ نصوص الكتاب والسنَّة على تحريمه في الجملة، وكذلك الإجماع.
ماهو الكذب :مذهب أهل السنة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، تعمَّد ذلك أم جَهِله، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العَمْد، وتظاهرتْ نصوص الكتاب والسنَّة على تحريمه في الجملة، وكذلك الإجماع.
الحمد لله الذي أمر بالصدق وألبس الصادقين ثيابَ الوقار والجلال، ونهى عن الكذب ووسم الكاذبين بسيما الخزي والنَّكال، ولعَنهم على لسان نبيه؛ فقال في مُحكَم كتابه: ﴿ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مما أنبه والفت إنتباه المسلم الحريص الحصيف إليه لهو خطر سماع الكذب ،فقد يتنزه المسلم الصالح من الكذب لكنه يقع في مستنقع السماع للكذب وذلك لايقل إثماً وجرماً عن الكذب بل ربما يفوقه حيناً ، والكذابون كثيرون، لكنِ السمَّاعون لكذبهم أكثر، فريق يكذب ومنتخب يسمع، وإذا كان الكذب خطيرًا، فالاستماع له أخطر وأطم!
وتبث هذا الكذب وتروِّج له وكالات إخبارية عالمية جُعل لها ميزانيات خيالية لتضليل الشعوب وتفكيكها وتشويه الصالحين فيها ونشر الرذيلة في وسط المجتمعات الاسلامية السنية وجندت هذه الوكالات قنوات فضائحية، وجرائد صفراوية،ومواقع انترنتية تواطأت على الكذب، وقبضت ثمن الزيف، فهي تنبح ليلَ نهارَ ضد الإسلام والمسلمين.
وتبث هذا الكذب وتروِّج له وكالات إخبارية عالمية جُعل لها ميزانيات خيالية لتضليل الشعوب وتفكيكها وتشويه الصالحين فيها ونشر الرذيلة في وسط المجتمعات الاسلامية السنية وجندت هذه الوكالات قنوات فضائحية، وجرائد صفراوية،ومواقع انترنتية تواطأت على الكذب، وقبضت ثمن الزيف، فهي تنبح ليلَ نهارَ ضد الإسلام والمسلمين.
ولكثرة هؤلاء السماعين لهم وانتشارهم، يُصدَّقُ الكاذب ويُكذَّب الصادق، ويؤتمن الخائن ويُخوَّن الأمين، وما كان لأمينٍ أن يخون قط، ولكن اؤتُمِن غيرُ أمينٍ فخان.وفي ذمِّهم قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ وفي ذم السامعين لهم قال الله:﴿ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾؛ أي: فيكم مَن يسمع منهم، ويُكثِّر سوادَهم، وينقل عنهم، بل يتبنى موقفهم! والله أعلم بالظالمين، يعلم ما يدبّرون وبما يمكرون وما ينفذون، انظر: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾.
ويبين النبي صل الله عليه واله وسلم خطر الكذب الإعلامي القديم المتمثل في نشر الكذبة عبر اللقآت والندوات في محيط ضيق وبطريقة بدائية بطيئة الانتشار قياساً على زماننا الذي فيه الكذبة تصدر من كذاب قابع في زاوية من زوايا بيته أو في كهف مظلم أو في قمة جبل أو في وسط البحار يكتب الكذب من جواله المحمول وبكبسة زر تنشر في النت ويتناقلها عن أمثاله الكذابين ....وتبلغ الآفاق في دقائق معدودة وهنا ينطبق عليهم الحديث كما جاء عند البخاري رحمه الله :وفيه حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: ((مَن رأى منكم اليوم رؤيا؟))، ... قلتُ: ((طوَّفتُماني الليلة فأخبراني عما رأيتُ، قالا:
نعم، أما الذي رأيتَه يُشَق شِدْقُه، فكذَّاب يحدِّث بالكِذْبة فتُحمَل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيُصنع به ما رأيتَ إلى يوم القيامة ...))
وكلما كان الكذب على شخصٍ ذي بالٍ، أو أمرٍ ذي بالٍ فهو مما يتسارع الناس في نقله وإشاعته فيدخل صاحبه في هذا الوعيد الشديد، والعجب العجاب أن يكون هذا السماع من بعض الدعاة وطلبة العلم والصالحين فتراهم ربما يجلس إليهم بعض الكذابين ويقرقر في آذانهم الكذبات في بعض إخوانهم من الدعاة وطلبة العلم
============
قال شيخ الاسلام رحمه الله
فصل في قوله:
( سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك)
قيل اللام لام كي اي يسمعون ليكذبوا و يسمعون لينقلوا الى قوم آخرين لم يأتوك فيكونون كذابين و نمامين جواسيس و الصواب انها لام التعدية مثل قوله سمع الله لمن حمده فالسماع مضمن معنى القبول اي قابلون للكذب و يسمعون من قوم آخرين لم يأتوك و يطيعونهم فيكون ذما لهم على قبول الخبر الكاذب و على طاعة غيره من الكفار و المنافقين مثل قوله و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة و فيكم سماعون لهم اي هم يطلبون أن يفتنوكم و فيكم من يسمع منهم فيكون قد ذمهم على اتباع الباطل فى نوعي الكلام خبره و انشائه فإن باطل الخبر الكذب و بطل الانشاء طاعة غير الرسل و هذا بعيد
ثم قال سماعون للكذب أكالون للسحت
فذكر أنهم فى غذائي الجسد و القلب يغتذون الحرام (إنتبه وتأمل؟)
بخلاف من يأكل الحلال و لا يقبل إلا الصدق
** و فيه ذم لمن يروج عليه الكذب و يقبله أو يؤثره لموافقته هواه **
و يدخل فيه قبول المذاهب الفاسدة لأنها كذب لاسيما إذا اقترن بذلك قبولها لاجل العوض عليها سواء كان العوض من ذي سلطان أو وقف أو فتوح أو هدية أو أجرة أو غير ذلك و هو شبيه بقوله إن كثير من الاحبار و الرهبان ليأكلون اموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله أهل البدع و أهل الفجور الذين يصدقون بما كذب به على الله و رسوله و أحكامه و الذين يطيعون الخلق فى معصية الخالق
ومثله هل أدلكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع و اكثرهم كاذبون فانما تنزلت بالسمع الذي يخلط فيه بكلمه الصدق الف كلمة من الكذب على من هو كذاب فاجر فيكون سماعا للكذب من مسترقة السمع
ثم قال فى السورة
لولا ينهاهم الربانيون و الأحبار عن قولهم الاثم و اكلهم السحت فقول الاثم و سماع الكذب و اكل السحت اعمال متلازمة فى العادة و للحكام منها خصوص فان الحاكم إذا ارتشى سمع الشهادة المزورة و الدعوى الفاجرة فصار سماعا للكذب اكالا للسحت قائلا للاثم
ولهذا خير نبيه صلى الله عليه و سلم بين الحكم بينهم و بين تركه لأنه ليس قصدهم قبول الحق و سماعه مطلقا بل يسمعون ما وافق أهواءهم و إن كان كذبا و كذلك العلماء الذين يتقولون الروايات المكذوبة
ارتشى سمع الشهادة المزورة و الدعوى الفاجرة فصار سماعا للكذب اكالا للسحت قائلا للاثم
ولهذا خير نبيه صلى الله عليه و سلم بين الحكم بينهم و بين تركه لأنه
ليس قصدهم قبول الحق و سماعه مطلقا بل يسمعون ما وافق أهواءهم و إن كان كذبا
و كذلك العلماء الذين يتقولون الروايات المكذوبة.
=====
أسباب تعمد الكذب
تعمد الكذب له أسباب :
أحدها : الزندقة والإلحاد في دين الله { وَيَأْبَي اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [ التوبة : 32 ]
وثانيها : نصرة المذاهب والأهواء ، وهو كثير في الأصول والفروع والوسائط .
وثالثها : الترغيب والترهيب لمن يظن جواز ذلك .
ورابعها : الأغراض الدنيوية لجمع الحطام .
وخامسها : حب الرياسة بالحديث الغريب . مجموع فتاوي ابن تيمية
========
من صور الكذب:
1- الكذب على الله - تعالى -:يقول المولى - عز وجل -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]؛ فحذَّر الله من هذه الآفة، ورتَّب النهي عن المعاصي ترتيبًا تصاعديًّا، فبدأ بأشدِّها، ثم أعظمها، وجعل أعلاها وأشدَّها القولَ على الله - تعالى - بلا علم، وهو كذبٌ عليه - سبحانه - فيقول الكاذب: "أمرنا الله بكذا"، بما لم يأمر به.ومن القول على الله بلا علم: الخوض بالتحليل والتحريم من غير دليل وقد عد الله هذا الأمر من الافتراء عليه - سبحانه وتعالى، فقال: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}وكتب الله - جلَّ في علاه - على المفترين عليه الخسارة في الدنيا والآخرة، فقال - تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}
2- الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن حدَّث عني بحديث يرى أنه كذبٌ؛ فهو أحد الكاذبين))[مسلم، وجوب الرواية عن الثقات.].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَكذِبوا عليَّ؛ فإنه مَن يَكذِبْ عليَّ يَلِجِ النارَ))[مسلم، باب وجوب الرواية عن الثقات.].
3- الكذب على الناس:قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28].عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما كان من خلقٍ أبغضَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكذب، وما اطَّلع على أحد من ذلك بشيء فيخرج من قلبه، حتى يعلم أنه قد أحدث توبة" "ما كان خُلُقٌ أبغضَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الكذبِ، ولقد كان الرجلُ يكذبُ عند رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الكذبةَ، فما يزالُ في نفسه عليه، حتى يعلمَ أنْ قد أحدث منها توبةً" هذا لفظ أحمد، ولفظ الترمذي: "ما كان خُلق أبغضَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكذبِ، ولقد كان الرجلُ يحدِّث عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكِذْبة فما يزال في نفسه حتى يعلمَ أنه قد أحدث منها توبةً"[رواه أحمد 6/ 152.].
4- تكذيب الصادق:عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سيأتي على الناس سنواتٌ خدَّاعات، يصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق))[صحيح سنن ابن ماجه 3261.].
5- بَهْت المسلم بما ليس فيه:قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 112].وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال - صلى الله عليه وسلم -: ((... ومَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه؛ أسكنه الله رَدْغَةَ الخَبَال حتى يخرجَ مما قال))[صحيح سنن أبي داود 3066، "1 - 2 - 3" نقلاً عن: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ ج 2 ص597.].
6- الكذب لمصلحة الدعوة: مثلما فعل بعض الوضَّاعين للحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: نحن نكذب له لا عليه، من باب مصلحة الدعوة.7- ذكر بعض الحقيقة وإخفاء بعضها؛ لهوًى في نفسه أو لشيء آخر، فيكون الخبرُ مقطوعًا عن ملابساته وسياقه
8- الكذب لإضحاك القوم:عن معاوية بن حَيْدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويلٌ للذي يحدِّث بالحديث ليُضحِكَ به القوم فيَكذِب، ويل له، ويل له))
9- التوسع في المعاريض: وهي الكلام الذي يحتمل أكثر من وجه، والمَعَارِيض إذا لم تُوضَع في موضعها الشرعي الصحيح تصبح نظيرة للكذب.
10- الفتوى بغير علم.
11- ادِّعاء رؤيا الحُلْم كذبًا.
12- أن يدَّعي المرء نفسه إلى غير أبيه.
13- القذف.
14- شهادة الزور.خطورة الكذب:خطورة الكذب في الدنيا ← تكمن في أن مرتكبَه قد ينسف بخبر واحد - مكذوب أو منقوص - أعمالاً جليلة، ومكانة سامقة، ويرمي بالكِذْبة لا يلقي بها بالاً، تبلغ خطورتها وضررها آفاقًا بعيدة، فقد يسقط الرجل عند الناس من الثريا إلى الثرى بكلمة واحدة ملفَّقة؛ ولذلك كان التحذيرُ من الكذب بالغًا، والعقوبة المترتبة عليه شديدة؛ حتى يكون المسلمُ أبعدَ ما يكون عن هذه الآفة.عقوبة الكاذب في الدنيا: تُرَدُّ شهادتُه ولا تقبل.وفيه حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: ((مَن رأى منكم اليوم رؤيا؟))، ... قلتُ: ((طوَّفتُماني الليلة فأخبراني عما رأيتُ، قالا: نعم، أما الذي رأيتَه يُشَق شِدْقُه، فكذَّاب يحدِّث بالكِذْبة فتُحمَل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيُصنع به ما رأيتَ إلى يوم القيامة ...))[صحيح البخاري رقم 1386.].
=====
أمر الله بتجنب الكذب، وحذر منه؛ لما فيه من المفاسد، ومن ذلك:
أولاً: الكذب من خصال المنافقين، ففي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان))؛ رواه البخاري ومسلم.
ثانيًا: مَن تكرر منه الكذب حتى صار عادة، يُكتَب عند الله في صحائف الكذَّابين، وهذا من أقبح وأشنع ما يكون، كما في الحديث: ((وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا))؛ رواه البخاري ومسلم.فالمرء لا يرضى أن يصنف من قِبَل أهله وأصحابه في قائمة الكذابين، فكيف يرضى أن يكون عند خالقه كذلك؟
ثالثًا: الكاذب قد يُرَدُّ صدقُه؛ لأن الناس لا يثِقون بكلامه، قال ابن المبارك - رحمه الله تعالى -: "أول عقوبة الكاذب من كذبِه أنه يُرَدُّ عليه صدقُه"؛ رواه ابن أبي الدنيا.
واهاكم جملة من مفاسد الكذب
ذكرها ابن القيم - رحمه الله - فقال:
"وكم قد أزيلت بالكذب من دول وممالك، وخربت به من بلاد، واستُلِبت به من نِعَم، وتعطَّلت به من معايش، وفسدت به مصالح، وغُرست به عداوات، وقُطعت به مودات، وافتقر به غني، وذل به عزيز، وهتكت به مصونة، ورُميت به محصنة، وخَلَت به دُور وقصور، وعُمِّرت به قبور، وأزيل به أُنس، واستجلبت به وحشة، وأفسد به بين الابن وأبيه، وغاض بين الأخ وأخيه، وأحال الصديق عدوًّا مبينًا، ورد الغنيَّ العزيز مسكينًا، وكم فرَّق بين الحبيب وحبيبه، فأفسد عليه عيشته، ونغَّص عليه حياته، وكم جلا عن الأوطان، وكم سوَّد من وجوه، وطمَس من نور، وأعمى من بصيرة، وأفسد من عقل، وغيَّر من فطرة، وجلب من معرَّة، وقطعت به السبل، وعفَت به معالِم الهداية، ودرست به من آثار النبوة، وخفِيت به من مصالح العباد في المعاش والمعاد، وهذا وأضعافه ذرَّة من مفاسده، وجَناح بَعُوضة من مضارِّه ومصالحه، ألا فما يجلبه من غضب الرحمن، وحرمان الجنان، وحلول دار الهوان، أعظم من ذلك، وهل ملئت الجحيم ألا بأهل الكذب الكاذبين على الله وعلى رسوله وعلى دينه، وعلى أوليائه، المكذبين بالحق حمية وعصبية جاهلية؟ وهل عمرت الجنان ألا بأهل الصدق الصادقين المصدقين بالحق؟ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 32 - 34]"؛
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (2/74).
كتبه:أبو الخطاب فؤاد بن علي السنحاني
اليمن-المحويت
الأحد, 9 رمضان 1435 هـ
تعليق