إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

((( التبسم عبادة شرعية وسنة نبوية)))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ((( التبسم عبادة شرعية وسنة نبوية)))

    التبسم عبادة شرعية وسنة نبوية
    {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
    قال الزجاج: التَّبَسُّم أكثرُ ضَحِك الأَنبياءِ - عليهم الصلاة والسلام،

    قال ابن القيم
    -رحمه الله- في أهمية البشاشة :
    ( إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا ، فترى الصادق فيها من أحبى الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع )

    وقال ابنُ عيينة - رحمه الله -:
    "
    البشاشة مصيدةُ القلوب".


    ***
    الحمدُ لله الذي أماتَ وأحيا، ومنَع وأعطَى، وأرشَدَ وهدى، وأضحَكَ وأبكى،
    وصلى الله على خير مبعوث، وأكرم وارث وموروث، محمد الذي أخرجنا من الضيق إلى الفسحة، وبعث إلينا بالحنيفية السمحة وبعد:
    كم نحن بحاجة معاشر الدعاة وطلاب العلم إلى الاتصاف بخلق من أخلاق النبي صل الله عليه وسلم والتأسي به ألا وهو "التبسم"،كيما ننجح في دعوتنا ونكسب القلوب ونكسر الحواجز، فكم وللأسف نرى بعض ممن ينتسب للعلم والدعوة وعليه الجفوة والقسوة والمعاملة السيئة للآخرين فيكون ممن قال فيه النبي (إن منكم منفرين) وكم نرى ممن بضاعتهم في العلم قليلة ولكن أخلاقهم عالية وجميلة يهدي بهم الله من ضل عن سبيله.

    ولقد اتَّصف رسول الله بالتبسُّم في سائر يومه وسائر حياته؛ فكان أكثر الناس تبسُّمًا، وكان يمازح أصحابه ويلاطفهم، ولكنه لا يقول إلاَّ حقًّا، وقد روى عبد الله بن الحارث قال: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللهِ"
    صحيح مختصر الشمائل
    بل كان صل الله عليه وسلم يوصي أصحابه بهذا الخلق فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي النبي : "لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْـمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ"
    أي: بوجه طليق، ومعناه سهلٌ منبسط باسمٌ مشرق.
    [مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء (144)، وأحمد (15997)، وابن حبان (468)].
    والابتسامة باب من أبواب الخير والصدقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «{وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة» بل الأبتسامة سبب لإدخال السرور للآخرين وهذا من أحب الأعمال الى الله يقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحَبُّ الأعمالِ إلى الله - تعالى - سرورٌ تُدخِله على مسلِم))؛ الطبراني في الكبير، وهو في صحيح الجامع.
    وحينما يقلب المسلم سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينقضي عجبه من جوانب العظمة والكمال في شخصيته العظيمة صلوات ربي وسلامه عليه.
    ومن جوانب تلك العظمة ذلك التوازن والتكامل في أحواله كلها، واستعماله لكل وسائل تأليف القلوب وفي جميع الظروف.ومن أكبر تلك الوسائل التي استعملها -صلى الله عليه وسلم- في دعوته، هي تلكم الحركة التي لا تكلف شيئا، ولا تستغرق أكثر من لمحة بصر، تنطلق من الشفتين، لتصل إلى القلوب، عبر بوابة العين، فلا تسل عن أثرها في سلب العقول، وذهاب الأحزان، وتصفية النفوس، وكسر الحواجز مع بني الإنسان.تلكم هي الصدقة التي كانت تجري على شفتيه الطاهرتين، إنها الابتسامة.

    إنها الابتسامة التي لم تكن تفارق محيا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في جميع أحواله، فلقد كان يتبسم حينما يلاقي أصحابه، ويتبسم في مقامٍ إن كتم الإنسان فيه غيظه فهو ممدوح فكيف به إذا تبسم؟! وإن وقع من بعضهم خطأ يستحق التأديب، بل ويبتسم -صلى الله عليه وسلم- حتى في مقام القضاء و كانت الأبتسامة خلقاً للنبي صل الله عليه واله وسلم حين اللقاء بأصحابه وأحبابه رضي الله عنهم فهذا جرير -رضي الله عنه- يقول -كما في الصحيحين-: ما حَجَبني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلا تَبَسَّم في وجهي.
    ويأتي إليه الأعرابي بكل جفاء وغلظة، ويجذبه جذبة أثرت في صفحة عنقه، ويقول: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.

    ومع شدة عتابه -صلى الله عليه وسلم- للذين تخلفوا عن غزوة تبوك، لم تغب هذه الابتسامة عنه وهو يسمع منهم، يقول كعب -رضي الله عنه- بعد أن ذكر اعتذار المنافقين وحلفهم الكاذب: فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ «تَعَالَ» . فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ.

    ويسمع أصحابه يتحدثون في أمور الجاهلية -وهم في المسجد- فيمر بهم ويبتسم فكان
    صلَّى الله عليه وسلَّم لا يرَى غضاضةً في أن يبتسِم مع صحابته فعن سِمَاك بن حَرْب، قال: قلتُ لجابر بن سَمُرة: أكنتَ تُجالِس رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: "نَعمْ، كثيرًا، كان لا يقوم مِن مصلاَّه الذي يُصلِّي فيه الصبحَ حتى تطلعَ الشمس، فإذا طلعتْ قام، وكانوا يتحدَّثون، فيأخذون في أمرِ الجاهلية، فيَضْحَكون، ويبتسِم"؛ متفق عليه.

    بل لم تنطفئ هذه الابتسامة عن محياه الشريف، وثغره الطاهر حتى في آخر لحظات حياته، وهو يودع الدنيا -صلى الله عليه وسلم- يقول أنس -كما في الصحيحين-: بينما الْمُسْلِمُونَ في صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ. ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ!

    ولهذا لم يكن عجيبا أن يملك قلوب أصحابه، وزوجاته، ومن لقيه من الناس.

    التبسم من هدي الأنبياء
    فخلق التبسم من هدي الأنبياء والمرسلين
    الابتسامة التي أثبتها القرآن الكريم عن نبي من أنبيائه، وهو سليمان –عليه السلام- لم تكن لبشر بل كانت لحشرة صغيرة محتقرة هي النملة.

    فهذا نبي الله سليمان عليه السلام قد تبسم لنملة صغيرة في وادٍ مترامي الأطراف عندما سمعها تحذر قومها من جيشه كما قال تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:19]،

    للدعاة خصوصاً

    قال الله تعالى لمحمد : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
    ومعنى :
    الفظ : هو سيء الخُلق
    غليظ القلب : أي قاسي القلب



    تأمل وتدبر كيف أن القرآن الكريم عبِّر بكلمة "انفضوا" للدلالة على قوة الترك أو الانتشار أو التراجع مع ما كانوا عليه من حب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –.
    ولو كنت فظا غليظ القلب، فكيف بإنسان ليس نبياً، ولا رسولاً، ولا يوحى إليه، ولا أوتي القرآن، وليس فصيحاً، وليس جميل الصورة، وليس رحيماً... ومع ذلك فهو فظ غليظ القلب.


    إعلم أيها الداعي إلى الله أن الابتسامةَ لتفعل في المدعوِّ - أحيانًا - ما لا يفعله ألْفُ كِتاب، ولا ألْف خِطاب؛ فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُقبِل بوجهِه وحديثه على أشرِّ القوم يتألَّفهم بذلك، فكان يُقبِل بوجهه وحديثه عليَّ، حتى ظننتُ أني خيرُ القوم، فقلتُ: يا رسولَ الله، أنا خيرٌ أو أبو بكر؟ قال: ((أبو بكر))، فقلت: يا رسولَ الله، أنا خيرٌ أو عمر؟ قال: ((عمر))، فقلت: يا رسولَ الله، أنا خيرٌ أو عثمان؟ قال: ((عثمان))، فلمَّا سألتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصَدَقني، فلوددتُ أني لم أكُنْ سألتُه"؛ حسَّنه في "مختصر الشمائل".

    ومِن ثَمَّ، وجَب أن تكون الابتسامة سلاحَ الداعية إلى الله - تعالى - الذي لا يُفَلُّ، والصاحِب الذي لا يُمَلُّ.
    - يقول الشيخ ابنُ عُثيمين - رحمه الله -:"وإلى جانبِ وقارِه - أي: الداعية - فيَنبغي أن يكون واسعَ الصَّدْر، منبسطَ الوجه، ليِّنَ الجانب، يأْلَف الناس ويألفونه؛ حتى لا ينفضوا مِن حوله، فكم مِن سَعةِ صدرٍ وبساطة وجهٍ ولِين أدخلتْ في دينِ الله أفواجًا من الناس".


    - وقال أبو حاتم ابن حبَّان - رحمه الله -:"الواجب على المسلِم إذا لَقِي أخاه المسلِمَ أن يُسلِّم عليه، متبسمًا إليه، فإنَّ مَن فعَل ذلك تحاتَّ - سقط - عنهما خطاياهما كما تحاتُّ ورَقُ الشجر في الشِّتاء إذا يَبس، وقد استحقَّ المحبَّة مَن أعطاهم بِشْرَ وجهه". وقيل لسعيد بن الخمس: ما أبشَّك؟! قال: "إنَّه يُقوَّم عليَّ برخيص"؛ يعني: أنَّ البشاشةَ رخيصة لا تُكلِّفه مالاً ولا جهدًا، وإنَّها غالية وقيِّمة؛ لأنَّها تجذب القلوبَ، وتقتلع أسبابَ البغضاء.


    - وقال ابن حبَّان
    : "البشاشةُ إدامُ العلماء، وسجيةُ الحُكماء؛ لأنَّ البِشْر يُطفئ نار المعاندة، ويَحرِق هيجانَ المباغضة، وفيه تحصينٌ مِن الباغي، ومنجاةٌ مِن الساعي، ومَن بشَّ للناس وجهًا، لم يكن عندَهم بدون الباذِل لهم ما يملك". إنَّ مَن ملَك الابتسامة، ملَك القلوب، التي تنجذب إلى كلِّ هاشٍّ باشٍّ، وَدود رفيق.

    - عن عُروةَ بن الزُّبَير قال:
    "أُخْبِرت أنه مكتوب في الحِكمة: يا بُني، ليكن وجهُكَ منبسطًا، ولتكن كلمتُك طيِّبة، تكن أحبَّ إلى الناس مِن أن تُعطيَهم العطاء".
    أبي هُريرَةَ - رضي الله عنه - قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّكم لن تَسَعوا الناس بأموالِكم، ولكن يَسعُهم منكم بسطُ الوجه، وحُسْن الخُلُق))، قال في صحيح الترغيب: حسنٌ لغيره.


    وما أحوجَ العلماءَ وطلاَّبَ العِلم والقُرَّاءَ إلى هذه الابتسامة الحانية، وهذه الأسارير الجاذبة، الدالَّة على التواضُعِ المؤدِّي إلى القَبول والارتياح!
    - عن سعيدٍ الزبيدي قال: "يُعجبني مِن القُرَّاء كلُّ سهْل طلْق مِضحاك، فأمَّا من تلقاه ببِشْر، ويَلقاك بعُبوس، يَمنُّ عليك بعِلْمه، فلا أكْثرَ الله في القُرَّاء ضرب هذا".
    - وقال ابن حبَّان:"لا يَجِبُ على العاقل إذا رُزِق السلوك في ميدان طاعةٍ من الطاعات، إذا رأى مَن قصَّر في سلوك قصْده، أن يَعْبَس عليه بعَمله وجهَه، بل يُظهِر البِشرَ والبشاشة له؛ فلعلَّه في سابقِ عِلم الله أن يرجِع إلى صحَّة الأَوْبة إلى قصْده، مع ما يجب عليه مِن الحمد لله، والشُّكر له على ما وفَّقه لخِدمته، وحَرَم غيرَه مِثلَه". ولو كان التوقُّرُ والتجهُّم من الدِّين لفعَلَه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
    ومن أراد الله به خيرا حسّن خلقه وليّن قلبه ونوّر محيّاه ببسمة رائقة لإخوانه تفيض عليهم أنوار السكينة وترسل عليهم نسائم الأمن، وليعلم عبوس المحيا كالح الوجه جهم الخلق أنه هو الخاسر لا غيره لأنه فقد أحبابه وأصحابه وضيّع صداقة يُدفع من أجلها القناطير المقنطرة من الذهب والفضة "وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم" (الأنفال 63).
    ** لمن نتبسم **
    >>في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الفتن والصراعات
    فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه والجار في وجه جاره ،
    >>وفي زمن كثرة فيه المشاكل الاجتماعية والمغريات الجنسية ما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته والزوجة في وجه زوجها فلا ترى إلا عبوس الوجه وتقطيب الجبين من بعض المتزوجين.
    >>وما أحوجنا إلى تلك الابتسامة من معلم في وجه طلابه وإخوانه فيكسب قلوبهم ويرفع من عزائمهم بعيداً عن القسوة والفضاضة والعنجهية والتسلط والكبريا ،لاسيما وحولك العشرات من دعاة الأهواء والضلالة يتخطفون الشباب بالمغريات والملهيات والأحزاب والجمعيات..


    أنواع التبسم


    والتبسم أنواع ذكَر الباحثون أنَّ هناك 18 نوعًا مِن الابتسامة، من بينها:الغامضة، الخجْلَى، المنافِقة، والقلقة، الساخِرة / الفوقية، القاسية، المصطنعة / الزائفة.

    أحاديث في التبسم والضحك .
    يا معشر الدعاة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
    1. عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول " ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي " [ رواه البخاري ]
    2. يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم " ..كان لا يضحك إلا تبسما ..." [ رواه الحاكم]
    قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 4861 في صحيح الجامع
    3. عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه " ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " [ رواه الترمذي]
    ( صحيح مختصر الشمائل 194 ، المشكاة 5829 التحقيق الثاني )
    4. عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم كثيراً ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم "
    [ رواه مسلم ]
    5. عن ‏عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال :‏ ‏ما كان ضحك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏إلا تبسما
    [ رواه الترمذي
    صحيح مختصر الشمائل ( 195 ) ]

    6. " كان النبي صلى الله عليه وسلم كالرجل من رجالكم ، إلا أنه كان أكرم الناس ، وألين الناس ضحّاكا بسّاما
    " [ مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص 397 ]
    ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 4386 في ضعيف الجامع .
    7. " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة
    [ رواه الترمذي ]
    صحيح - ((الصحيحة)) (572)
    8. " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق
    [ رواه
    رواه أبو يعلى والبزار وقال الالباني حسن لغيره
    9." وعن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت: "نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم فقلت: ما أضحكك، قال:«أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها» (البخاري)، بل كان يعلم بالخير لأمته فيفرح لها ويستبشر ويتبسم بل ويضحك.

    10. ‏عن ‏ ‏أنس رضي الله عنه ‏ ‏قال : ‏أصاب أهل ‏ ‏المدينة ‏ ‏قحط على عهد رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏فبينما هو يخطبنا يوم جمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله هلك ‏ ‏الكراع ‏ ‏هلك الشاء فادع الله أن يسقينا ‏ ‏فمد يديه ودعا ، قال ‏‏أنس : ‏وإن السماء لمثل الزجاجة فهاجت ريح ثم أنشأت سحابة ثم اجتمعت ثم أرسلت السماء ‏عزاليها ‏ ‏فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى فقام إليه ذلك الرجل ‏ ‏أو غيره ‏فقال يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله أن يحبسه فتبسم رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ثم قال حوالينا ولا علينا ، فنظرت إلى السحاب ‏يتصدع ‏حول ‏المدينة ‏كأنه ‏إكليل [ رواه أبو داود ]
    11. ‏عن صهيب رضي الله عنه ‏قال :‏ ‏قدمت على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏وبين يديه خبز وتمر فقال النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ادن فكل ، فأخذت آكل من التمر فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏تأكل تمرا وبك رمد قال : فقلت إني أمضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم " [ رواه ابن ماجة ]
    12. عن ‏أنس بن مالك رضي الله عنه ‏‏، قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي ‏فجذبه جذبة شديدة ، قال أنس : فنظرت إلى ‏صفحة ‏عاتق النبي ‏صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال :‏ مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت فضحك ثم أمر له بعطاء " [ رواه البخاري
    13. عن ‏أنس بن مالك ‏رضي الله عنه : ‏أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم ‏‏الاثنين ‏وأبو بكر‏ ‏يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏قد‏ ‏كشف ستر حجرة ‏عائشة ‏فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك " [ رواه‏ البخاري ]

    والإمام البخاري جمع أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وبوب لها باب : ( باب التبسم والضحك ) دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإمام مسلم كذلك في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل .. (باب تبسمه وحسن عشرته ) وبوب الشيخ الغماري الاحاديث التي فيها ( ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ) في مؤلف سماه (شوارق الانوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة )، كل هذا وغيره بيان لجوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم . وهكذا كان الصحابة رضى الله عنهم فقد قيل لعمر رضى الله عنه هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون . قال : نعم والإيمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي .


    قال الأمام البخاري رحمه الله
    **باب التبسم والضحك **


    وقالت فاطمة عليها السلام أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم فضحكت
    وقال ابن عباس إن الله هو أضحك وأبكى

    5734 حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها فتزوجها [ ص: 2259 ] بعده عبد الرحمن بن الزبير فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهدبة لهدبة أخذتها من جلبابها قال وأبو بكر جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له فطفق خالد ينادي أبا بكر يا أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم ثم قال لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك

    حدثنا إسماعيل حدثنا إبراهيم عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن محمد بن سعد عنأبيه قال استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك فقال أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي فقال عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب فقال أنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم أقبل عليهن فقال يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولم تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن إنك أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إيه يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك

    حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي العباس عن ابن عمر قال لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف قال إنا قافلون غدا إن شاء الله فقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبرح أو نفتحها فقال النبي صلى الله عليه وسلم فاغدوا [ ص: 2260 ] على القتال قال فغدوا فقاتلوهم قتالا شديدا وكثر فيهم الجراحات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غدا إن شاء الله قال فسكتوا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحميدي حدثنا سفيان بالخبر كله

    حدثنا موسى حدثنا إبراهيم أخبرنا ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت وقعت على أهلي في رمضان قال أعتق رقبة قال ليس لي قال فصم شهرين متتابعين قال لا أستطيع قال فأطعم ستين مسكينا قال لا أجد فأتي بعرق فيه تمر قال إبراهيم العرق المكتل فقال أين السائل تصدق بها قال على أفقر مني والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال فأنتم إذا

    حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة قال أنس فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء

    حدثنا ابن نمير حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا

    حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم

    *********
    الشرح
    من فتح الباري لابن حجر رحمه الله:

    باب التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ
    وَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكْتُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

    الشرح‏:‏
    قوله‏:‏ ‏(‏باب التبسم والضحك‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ التبسم مبادئ الضحك، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة وإلا فهو الضحك، وإن كان بلا صوت فهو التبسم، وتسمى الأسنان في مقدم الفم الضواحك وهي الثنايا والأنياب وما يليها وتسمى النواجذ‏.‏

    قوله‏:‏ ‏(‏وقالت فاطمة أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم فضحكت‏)‏ هو من طرف من حديث لعائشة عن فاطمة عليها السلام مر بتمامه وشرحه في الوفاة النبوية‏.‏

    قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ إن الله هو أضحك وأبكى‏)‏ أي خلق في الإنسان الضحك والبكاء، وهذا طرف من حديث لابن عباس تقدم في الجنائز، وأشار فيه ابن عباس - بجواز البكاء بغير نياحة - إلى قوله تعالى في سورة النجم ‏(‏وأنه هو أضحك وأبكى‏)‏ ثم ذكر في الباب تسعة أحاديث تقدم أكثرها وفي جميعها ذكر التبسم أو الضحك، وأسبابها مختلفة لكن أكثرها للتعجب، وبعضها للإعجاب، وبعضها للملاطفة‏:‏

    الحديث‏:‏

    حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ

    الشرح‏:‏
    حديث عائشة في قصة امرأة رفاعة، والغرض منه قولها فيه ‏"‏ وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم ‏"‏ وقد مر شرحه مستوفى في كتاب الصلاة، وقوله فيه ‏"‏ وابن سعيد بن العاص جالس ‏"‏ وقع في رواية الأصيلي عن الجرجاني ‏"‏ وسعيد بن العاص ‏"‏ والصواب الأول وهو خالد وقد وقع مسمى فيما مضى‏.‏

    الحديث‏:‏

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْأَلْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَقَالَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي لَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَمْ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ إِنَّكَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكاً فَجّاً إِلَّا سَلَكَ فَجّاً غَيْرَ فَجِّكَ

    الشرح‏:‏
    حديث سعد ‏"‏ استأذن عمر ‏"‏ تقدم شرحه مستوفى في مناقب عمر، والغرض منه قوله ‏"‏ والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال‏:‏ أضحك الله سنك ‏"‏ ويستفاد منه ما يقال للكبير إذا ضحك، وإسماعيل شيخه فيه هو ابن أبي أويس كما جزم به المزي‏.‏
    وقال أبو علي الجياني‏:‏ لعله ابن أبى أويس‏.‏

    قلت‏:‏ وقد تقدم في فضائل الأنصار حديث قال فيه البخاري ‏"‏ حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد ‏"‏ وإسماعيل هذا هو ابن أبي أويس جزما، وهو يؤيد ما جزم به المزي‏.‏

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفِ قَالَ إِنَّا قَافِلُونَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا
    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ قَالَ فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالاً شَدِيداً وَكَثُرَ فِيهِمْ الْجِرَاحَاتُ
    فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا قَافِلُونَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِالْخَبَرِ كُلِّهِ
    الشرح‏:‏
    حديث عمرو هو ابن دينار عن أبي العباس وهو الشاعر عن عبد الله بن عمر‏.‏
    كذا للأكثر بضم العين، وللحموي وحده هنا ‏"‏ عمرو ‏"‏ بفتحها والصواب الأول، وقد تقدم بيانه في غزوة الطائف مع شرح الحديث، والغرض منه هنا قوله ‏"‏ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏
    وقوله فيه ‏"‏ لا نبرح أو نفتحها ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ ضبطناه بالرفع والصواب النصب، لأن ‏"‏ أو ‏"‏ إذا كانت بمعنى ‏"‏ حتى ‏"‏ أو ‏"‏ إلى إن ‏"‏ نصبت وهي هنا كذلك‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏قال الحميدي حدثنا سفيان بالخبر كله‏)‏ تقدم بيان من وصله في غزوة الطائف، ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ حدثنا سفيان كله بالخبر ‏"‏ والمعني أنه ذكر بصريح الأخبار في جميع السند لا بالعنعنة‏.‏

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكْتُ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ قَالَ أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَيْسَ لِي قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً قَالَ لَا أَجِدُ فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ تَصَدَّقْ بِهَا قَالَ عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ فَأَنْتُمْ إِذاً
    الشرح‏:‏
    قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل وإبراهيم هو ابن سعد‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا ابن شهاب‏)‏ هذا إنما سمعه إبراهيم بن سعد من الزهري، وقد سبق في الحديث الثاني أنه روى عنه بواسطة صالح بن كيسان بينهما‏.‏ىة

    وقصة المجامع في رمضان تقدم شرحها في كتاب الصيام، وقوله فيه ‏"‏ قال إبراهيم ‏"‏ هو ابن سعد وهو موصول بالسند المذكور، وقوله ‏"‏والعرق المكتل ‏"‏ فيه بيان لما أدرجه غيره فجعل تفسير العرق من نفس الحديث، والغرض منه قوله ‏"‏ فضحك حتى بدت نواجذه ‏"‏ والنواجذ جمع ناجذة بالنون والجيم والمعجمة هي الأضراس، ولا تكاد تظهر إلا عند المبالغة في الضحك، ولا منافاة بينه وبين حديث عائشة ثامن أحاديث الباب ‏"‏ ما رأيته صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته ‏"‏ لأن المثبت مقدم على النافي قاله ابن بطال، وأقوى منه أن الذي نفته غير الذي أثبته أبو هريرة، ويحتمل أن يريد بالنواجذ الأنياب مجازا أو تسامحا وبالأنياب مرة فقد تقدم في الصيام في هذا الحديث بلفظ ‏"‏ حتى بدت أنيابه ‏"‏ والذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان في معظم أحواله لا يزيد على التبسم، وربما زاد على ذلك فضحك، والمكروه من ذلك إنما هو الإكثار منه أو الإفراط فيه لأنه يذهب الوقار، قال ابن بطال‏:‏ والذي ينبغي أن يقتدى به من فعله ما واظب عليه من ذلك، فقد روى البخاري في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ وابن ماجه من وجهين عن أبي هريرة رفعه ‏"‏ لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب‏"‏‏.‏
    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً قَالَ أَنَسٌ فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ
    الشرح‏:‏

    قوله‏:‏ ‏(‏مالك‏)‏ قال الدار قطني لم أر هذا الحديث عند أحد من رواة الموطأ إلا عند يحيى بن بكير ومعن بن عيسى، ورواه جماعة من رواة الموطأ عن مالك لكن خارج الموطأ، وزاد ابن عبد البر أنه رواه في الموطأ أيضا مصعب بن عبد الله الزبيري وسليمان بن صرد‏.‏
    قلت‏:‏ ولم يخرجه البخاري إلا من رواية مالك، وأخرجه مسلم أيضا من رواية الأوزاعي ومن رواية همام ومن رواية عكرمة بن عمار كلهم عن إسحاق بن أبي طلحة، وساقه على لفظ مالك وبين بعض غيره‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏كنت أمشي‏)‏ في رواية الأوزاعي ‏"‏ أدخل المسجد‏"‏‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏وعليه برد‏)‏ في رواية الأوزاعي ‏"‏ رداء‏"‏‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏نجراني‏)‏ بفتح النون وسكون الجيم نسبة إلى نجران بلد معروف بين الحجاز واليمن، وتقدم في أواخر المغازي‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏غليظ الحاشية‏)‏ في رواية الأوزاعي ‏"‏ الصنفة ‏"‏ بفتح المهملة وكسر النون بعدها فاء وهي طرف الثوب مما يلي طرته‏.‏
    قوله ‏(‏فأدركه أعرابي‏)‏ زاد همام ‏"‏ من أهل البادية ‏"‏ وفي رواية الأوزاعي ‏"‏ فجاء أعرابي من خلفه‏"‏‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏فجبذ‏)‏ بفتح الجيم والموحدة بعدها ذال معجمة‏.‏وفي رواية الأوزاعي ‏"‏ فجذب ‏"‏ وهي بمعنى جبذ‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏جبذة شديدة‏)‏ في رواية عكرمة ‏"‏ حتى رجع النبي صلى الله عليه وسلم في نحر الأعرابي‏"‏‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏قال أنس فنظرت إلى صفحة عاتق‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ عنق ‏"‏ وكذا عند جميع الرواة عن مالك، وكذا في رواية الأوزاعي‏.‏
    قوله ‏(‏أثرت فيها‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ بها ‏"‏ وكذا لمسلم من رواية مالك‏.‏
    وفي رواية همام ‏"‏ حتى انشق البرد وذهبت حاشيته في عنقه ‏"‏ وزاد أن ذلك وقع من الأعرابي لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى حجرته، ويجمع بأنه لقيه خارج المسجد فأدركه لما كاد يدخل فكلمه أو مسك بثوبه لما دخل، فلما كاد يدخل الحجرة خشي أن يفوته فجبذه‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏مر لي‏)‏ في رواية الأوزاعي ‏"‏ أعطنا‏"‏‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏فضحك‏)‏ في رواية الأوزاعي ‏"‏ فتبسم ثم قال مروا له ‏"‏ وفي رواية همام ‏"‏ وأمر له بشيء ‏"‏ وفي الحديث بيان حلمه صلى الله عليه وسلم وصبره على الأذى في النفس والمال والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام، وليتأسى به الولاة بعده في خلقه الجميل من الصفح والإغضاء والدفع بالتي هي أحسن‏.‏

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً

    الشرح‏:‏
    حديث جرير وهو ابن عبد الله البجلي، وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير، وابن إدريس هو عبد الله، وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، والجميع كوفيون، والغرض منه قوله ‏"‏ ولا رآني إلا تبسم ‏"‏ وتقدم في المناقب بلفظ ‏"‏ إلا ضحك ‏"‏ وهما متقاربان، والتبسم أوائل الضحك كما تقدم، وبقية شرحه هناك‏.‏

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ
    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِمَ شَبَهُ الْوَلَدِ

    الشرح‏:‏
    حديث أم سلمة في سؤال أم سليم ‏"‏ هل على المرأة من غسل ‏"‏ وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الطهارة، والغرض منه قوله ‏"‏ فضحكت أم سلمة ‏"‏ لوقوع ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها ضحكها وإنما أنكر عليها إنكارها احتلام المرأة‏.

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعاً قَطُّ ضَاحِكاً حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ

    الشرح‏:‏
    قوله‏:‏ ‏(‏عمرو‏)‏ هو ابن الحارث المصري، وأبو النضر هو سالم‏.‏
    قوله‏:‏ ‏(‏مستجمعا قط ضاحكا‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ مستجمعا ضحكا ‏"‏ أي مبالغا في الضحك لم يترك منه شيئا، يقال استجمع السيل‏:‏ اجتمع من كل موضع، واستجمعت للمرء أموره‏:‏ اجتمع له ما يحبه، فعلى هذا قوله ‏"‏ ضاحكا ‏"‏ منصوب على التمييز وإن كان مشتقا مثل لله دره فارسا أي ما رأيته مستجمعا من جهة الضحك بحيث يضحك ضحكا تاما مقبلا بكليته على الضحك، واللهوات بفتح اللام والهاء جمع لهاة وهي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم، وهذا القدر المذكور طرف من حديث تقدم بتمامه وشرحه في تفسير سورة الأحقاف‏.‏

    الحديث‏:‏
    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ح و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ قَحَطَ الْمَطَرُ فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ فَاسْتَسْقَى فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ فَمَا زَالَتْ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ غَرِقْنَا فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنْ الْمَدِينَةِ يَمِيناً وَشِمَالاً يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا وَلَا يُمْطِرُ مِنْهَا شَيْءٌ يُرِيهِمْ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ

    الشرح‏:‏
    حديث أنس في قصة الذي طلب الاستقاء ثم الاستصحاء والغرض منه ضحكه صلى الله عليه وسلم عند قول القائل ‏"‏ غرقنا ‏"‏ أورده من وجهين عن قتادة، وساقه هنا على لفظ سعيد بن أبي عروبة، وساقه في الدعوات على لفظ أبي عوانة، ومحمد بن محبوب شيخه هو أبو عبد الله البنائي البصري، وهو غير محمد بن الحسن الذي لقيه محبوب، ووهم من وحدهما كشيخنا ابن الملقن فإنه جزم بذلك وعم أن البخاري روى عنه هنا وروى عن رجل عنه، وليس كذلك بل هما اثنان أحدهما في عداد شيوخ الآخر، وشيخ البخاري اسمه محمد واسم أبيه محبوب والآخر اسمه محمد واسم أبيه الحسن ومحبوب لقب محمد لا لقب الحسن، وقد أخرج له البخاري في كتاب الأحكام حديثا واحدا قال فيه ‏"‏ حدثنا محبوب بن الحسن ‏"‏ وسبب الوهم أنه وقع في بعض الأسانيد ‏"‏ حدثنا محمد بن الحسن محبوب ‏"‏ فظنوا أنه لقب الحسن وليس كذلك‏.‏

    والحمد لله رب العالمين.

    كتبه :أبو الخطاب فؤاد بن علي السنحاني
    الأثنين 8جماد1435
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو الخطاب فؤاد السنحاني; الساعة 10-03-2014, 09:38 PM.

  • #2
    ▪قال ابن حبان رحمه الله :

    "الواجب على العاقل أن
    يستميل قلوب الناس

    ● بالمزاح المحمود
    ● ويترك التعبس".

    📚 [ روضة العقلاء (76) ].

    تعليق


    • #3
      📌كن مُصافحاً بشوشاً:

      قال النووي - رحمه الله - :

      ويستحب مع المصافحة ، البشاشة بالوجه ، والدعاء بالمغفرة وغيرها .
      روينا في صحيح مسلم ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال :
      قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق " .

      📜 الأذكار 266/1 .

      قال ابن دريد - رحمه الله - :

      الطلاقة في وجه فلان ، أي البشاشة .

      📜 جمهرة اللغة 922/2 .

      قال ابن حبان - رحمه الله - :

      البشاشة إِدامُ العلماء وسَجِية الحكماء لأن البِشر يطفيء نار المُعاندة ويحرق هيجان المباغضة وفيه تحصين من الباغي ومنجاة من الساعي ومن بَش للناس وجهاً لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك .

      📜 روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 75/1 .



      ⭕⭕⭕

      تعليق


      • #4
        التزام الوقار في الكلام والتبسم والجلوس
        سعيد بن محمد آل ثابت




        الوقار والرزانة والسمت الحسن من الصفات النبيلة التي ينبغي أن يتميز بها القدوات من العلماء والدعاة وأهل الرأي. وهي من المحاسن التي تدفع الناس إلى الاقتداء بهم والاطمئنان إلى منهاجهم.




        وتأمل معي قول الحارث بن عمرو السهمي رضي الله عنه: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات، وقد أطاف به الناس. قال: فتجيء الأعراب، فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك). أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.




        وإذا كان حسن السمت الظاهر مما ينبغي التواصي به، فإن خلق الإنسان الذي يمشي به بين الناس من باب أولى، وقد ثبت عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الهَدي الصَّالح والسَّمت الصَّالح والاقتصاد جُزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا من النُّبوَّة" صححه أحمد شاكر في تحقيق مسند أحمد، وصححه الألباني في سنن أبي داود. والوقار صفة تبعث على التزام السكينة والوداعة، ويقال في اللغة: رجل وقور، أي: ذو حلم ورزانة[1].




        وينبغي لمن يربي ويتربى في محاضن العلم والدعوة، أن تزكو نفسه، وتسمو همومه وطموحاته، وأن تظهر أثر هذه التربية في حياته كلها، كما قال الحسن البصري: (قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه، وهديه، ولسانه وبصره، وبرِّه)[2]. ونحوه قول الإمام مالك: إن حقاً على طالب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعاً لأثر من مضى قبله.[3]وعندما تتأمل سير العلماء تقف على نماذج مشرقة من حسن السمت والوقار والرزانة، فها هو ذا أبو داود السجستاني - صاحب السنن المشهورة - يقول عن شيخه الإمام أحمد: (لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض فيما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم)[4].




        والوقار صفة لازمة في العبد الصالح مهما احتاج الأمر إلى إسراع وعجلة، وهل هناك أهم من تلبية نداء حي على الفلاح؟ في الحديث عن أبي هريرة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصَّلاة وعليكم بالسَّكينة والوَقَار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا" رواه البخاري ومسلم. قال النَّوويُّ: (الوَقَار في الهيئة وغض البصر، وخفض الصَّوت، والإقبال على طريقه بغير التفات ونحو ذلك، والله أعلم).[5] ومع ذلك فإن الحسنة منزلة بين السيئتين؛ فليس الوقار المقصود يعني الفظاظة والغلظة وجفاء الطبع، وأن يكون العالم أو الداعية عابس الوجه مقطب الجبين، إذ ليس ذلك من محاسن الأخلاق، ولا من علامات الشرف والسؤدد الذي ينبغي أن يتحلى به الدعاة، وإنما المقصود الترفع عن الفحش والبذاءة، والبعد عن الخفة والسفه.




        وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحك، ويمازح أصحابه رضي الله عنهم، لكنه لا يقول إلا حقاً. أخرجه أحمد والترمذي. وقوى إسناده الأرناؤوط في تحقيقه للمسند.ذلك أن الوقار يقصد به ترفع الداعية عن اللهو وسفساف الأمور، والمزاح العابث، والاشتغال بما لا فائدة فيه من دين ولا دنيا، كالاشتغال في توافه الأمور، والإفراط في التنزه، والتشجيع الرياضي، والتعصب القبلي.. ونحوها. وأحسب أن التوازن والاعتدال في شخصية الداعية يحفظ له هيبته وقدره عند الناس، ويزيد من بركته وفضله في دعوته.




        وسنشير لبعض معالم الوقار في هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيفيد منها المربي القدوة:

        الأول: الكلام:

        هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام فيستبين من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه. وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم. رواه البخاري ومسلم. قال ابن حجر: قوله: (لو عده العاد لأحصاه) أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم. وقوله: لم يكن يسرد الحديث كسردكم، أي: يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع. زاد الإسماعيلي من رواية ابن المبارك عن يونس: إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاً، فهما تفهمه القلوب. ا.هـ. وقد قال معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ معاذ ثم قال: "يا معاذ ثكلتك أمك وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم فمن كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيراً أو يسكت عن شر. قولوا خيراً تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا ". فبهذا المخلوق الصغير يعبر الإنسان عن بغيته ويفصح عن مشاعره به يطلب حاجته ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنون فؤاده بحادث جليسه ويؤانس رفيقه وبه السقطة والدنو والرفعة والعلو، وعند البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة".




        قال الشاعر:



        احذر لسانك أيها الإنسان

        لا يلدغنك إنه ثعبان





        والله إن الموت زلة لفظة

        فيها الهلاك وكلها خسران








        ومن هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام هو أنه نهى عن الصمت إلى الليل عن علي رضي الله عنه قال: حفظت عن رسول صلى الله عليه وسلم: "لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل" رواه أبو داود بإسناد حسن، أي سكوت يوم إلى الليل.
        وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، عن جابر بن سمره رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك" رواه أحمد. والتوفيق بين حديث النهي عن الصمت إلى الليل وحديث أنه كان طويل الصمت عليه الصلاة والسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصمت ويتكلم عند الحاجة.



        ومن صفات كلامه صلى الله عليه وسلم
        أنه أوتي جوامع الكلم، في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب".



        والمقصود بجوامع الكلم:


        قال النووي رحمه الله، قال الهروي: يعني به القرآن الكريم، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني[6]. وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثة لتعقل عنه". وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان رسول صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بين فضل يحفظه من جلس إليه"، وقالت: كان كلامه صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كل من سمعه.


        وثمة محاذير لسانية كرهها الشارع ينبغي التحرز منها؛ فعن جابر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا يا رسول الله قد علمنا: الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون". الثرثار: كثير الكلام تكلفاً. المتشدق: المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه. المتفيهق: من الفهق وهو الامتلاء وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره.





        وحذر صلى الله عليه وسلم من (الإشاعات)، قال أبو مسعود لأبي عبد الله أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: "ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في: زعموا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بئس مطية الرجل زعموا"، وقال صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". قال الإمام النووي رحمه الله: "وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن وقد تقدم أن مذهب أهل الحق أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط في كونه إثماً والله أعلم"[7]. قال مالك رحمه الله: "أعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدث بكل ما سمع"، قال النووي رحمه الله: فمعناه أنه إذا حدث بكل ما سمع كثر الخطأ في روايته فترك الاعتماد عليه والأخذ عنه. وتدبر قول الحق سبحانه: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83]. قال ابن كثير: إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.


        وثمة مناهٍ لفظية اشتملت عليها النصوص وليس المقام لبسطها، ولكن من المهم للقدوة أن يعتني بهذا الأمر ويوليه عناية.



        الثاني: هيئة الوجه والتبسم:

        لا شك أن المسلم في حياته تعتريه أكدار وهموم وأحزان وغموم، مما يحتاج حقيقة إلى من يجلوا حلكتها، ويخترق ظلمتها بشيء من الابتسامة الرفيعة والضحكة المتزنة والدعابة المرموقة، والجدّية سمة بارزة في حياة المسلم، وهي مطلب ملح وأمر مهم، فإذا كانت صارمة فإنها لا تزرع الابتسامة على الوجه، ولا تدخل السرور على النفس.


        إن البلسم الناجع والدواء النافع في ترويح النفس وطرد الآلام وتخفيف الأحزان عن المسلم، رسم الابتسامة على شفتيه بضحكة متزنة ودعابة بريئة وابتسامة مشرقة. ودونك المنهج النبوي ينبئك عن ذلك، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول: "ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي" رواه البخاري،ويقول جابر بن سمرة رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم "...كان لا يضحك إلا تبسما..." رواه الحاكم، وعن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه قال: "ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه الترمذي، وعند مسلم عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم"، وعند الترمذي من حديث ‏عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال:‏ ‏ما كان ضحك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏إلا تبسما،وكان النبي صلى الله عليه وسلم كالرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس، وألين الناس ضحّاكاً بسّاماً[8].



        وقد عده عليه الصلاة والسلام من الأعطيات المأجور صاحبها، وذلك لعظم أثرها، وبالغ فاعليتها "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" رواه الترمذي.وقال: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" رواه مسلم. فطلاقة الوجه مع غشيان الابتسامة الصادقة من أكبر ما يعود على المسلم بالأجر دون مشقة، وبالقبول عند الناس بلا عناء، وذلك يكون باعتدال وتوسط يُدرَك بتقدير الأمور وتأطير المواقف بالأطر التربوية، وقد حُفظ ذلك الاعتدال عن إمام القدوات، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا قطُّ ضاحكًا، حتى تُرى منه لهواته، وإنَّما كان يتبسَّم" رواه البخاري ومسلم. وهذا الحديث ذكره النَّوويُّ تحت باب الوَقَار والسَّكينة في كتابهرياض الصَّالحين، وقد قال الشَّيخ ابن عثيمين مُعلِّقًا: (يعني: ليس يضحك ضَحِكًا فاحشًا بقهقهة، يفتح فمه حتى تبدو لَهاته ولكنَّه صلى الله عليه وسلم كان يبتسم أو يضحك حتى تبدو نواجِذه، أو تبدو أنيابه، وهذا من وَقَار النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا تجد الرَّجل كثير الكَرْكَرة -الذي إذا ضحك، قهقه وفتح فاه- يكون هيِّنًا عند النَّاس، وضيعًا عندهم، ليس له وقار، وأمَّا الذي يُكثر التَّبسُّم في محله، فإنَّه محبوبٌ، تنشرح برؤيته الصُّدور، وتطمئنُّ به القلوب.قال ابن حجر: (والذي يظهر من مجموع الأحاديث: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان -في مُعْظَم أحواله- لا يزيد على التَّبسُّم، ورُبَّـما زاد على ذلك، فضحك، والمكروه من ذلك إنَّما هو الإكثار منه أو الإفراط فيه؛ لأنَّه يُذهب الوَقَار)[9].



        الثالث: الجلوس:

        إن لهيئة الجلوس بين الناس رمزيات عندهم في الحكم على هدي الإنسان وعقله، وهيئة جلسة النبي صلى الله عليه وسلم قد ورد فيها عدة أحاديث دلالة أنها لم تكن عشوائية أو على أي اتجاه فكانت جلسات متعددة، ولكل مقام ما يناسبه، من هذه الأحاديث:

        حديث قيلة بنت مخرمة: أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقال العظيم آبادي في عون المعبود: قال الخطابي: هو جلسة المحتبي، وليس هو المحتبي بثوبه ولكنه الذي يحتبي بيديه. وفي القاموس: القرفصاء أن يجلس على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه، أو يجلس على ركبتيه منكباً ويلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه. والمتخشع: أي الخاشع الخاضع المتواضع. اهـ.




        ومنها حديث عبد الله بن زيد: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى، قال سعيد بن المسيب: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك. رواه الشيخان. ولكن روى جابر ما يعارضه، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره. أخرجه أبو داود وصححه الألباني. قال ابن حجر في الفتح: قال الخطابي: فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمن ذلك، قلت: الثاني أولى من ادعاء النسخ، لأنه لا يثبت بالاحتمال، وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين، وجزم ابن بطال ومن تبعه بأنه منسوخ. والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس لما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام صلى الله عليه وسلم، قال الخطابي: وفيه جواز الاتكاء في المسجد والاضطجاع وأنواع الاستراحة. انتهى. ومنها حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس احتبى بيده. رواه أبو داود وصححه الألباني. قال العظيم آبادي: احتبى بيده زاد البزار: ونصب ركبتيه أي جمع ساقيه إلى بطنه مع ظهره بيديه عوضاً عن جمعهما بثوب، فالاحتباء باليدين غير منهي عنه إلا إذا كان ينتظر الصلاة. ا.ه. وهذه الأحاديث الثلاثة بوب عليها الترمذي في كتاب الشمائل المحمدية: باب ما جاء في جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: باب ما جاء في تكأة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأسند فيه أحاديث منها: عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على وسادة على يساره، ورواه الترمذي وأبو داود في سننيهما، وصححه الألباني. ومنها عن أبي بكرة الثقفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدثكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئاً، قال: وشهادة الزور أو قول الزور. وهذا متفق عليه. ومنها عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا آكل متكئاً. رواه البخاري. ومما روي في هيئة جلسته صلى الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه عنه حتى يكون هو الذي ينصرف، وإذا صافحة لم ينزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزعها، ولم ير متقدما بركبتيه جليساً له قط. أخرجه أحمد وابن ماجه، وضعفه الألباني إلا جملة المصافحة، قال السندي: قوله (ولم ير) على بناء المفعول (جليسا له) مفعول متقدما أي لم يقدم في المجلس ركبته على ركبة جليسه، والحديث مسوق لأخلاقه الكريمة، وفي الزوائد: مدار الحديث على زيد العمي وهو ضعيف. ا.هـ. ومن ذلك ما رواه جابر بن سمرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء. أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود واللفظ له. قال العظيم آبادي: تربع في مجلسه: أي جلس مربعاً واستمر عليه. وقال جابر بن سمرة أيضاً: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متكئاً على مرفقه. رواه أحمد. وهناك هيئات نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما رواه الشريد بن سويد، قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا -وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي- فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني. ومن ذلك ما رواه بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقعد بين الظل والشمس. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وأما مد الرجل أمام الناس فلم نر فيه حديثاً صحيحاً، وقد كثر في كلام أهل العلم قولهم بجرحة من يمد رجله عند الناس، وقال النووي في المجموع: يجوز القعود متربعاً ومفترشاً ومتوركاً.. ومد الرجل، ولا كراهة في شيء من ذلك إذا لم يكشف عورته ولم يمد رجله بحضرة الناس، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على ذلك. وذكر بعض الأحاديث التي ذكرنا سابقاً، وقد روى الترمذي في السنن: أنه صلى الله عليه وسلم لم ير مقدماً ركبتيه بين يدي جليس له. وهذا الحديث ضعفه الألباني وقد ذكر الملا علي قاري والمباركفوري في شرح هذا الحديث: أنه ما كان يقدم ركبتيه على ركبتي جليسه كما يفعل الجبابرة، وقيل: أراد بالركبتين الرجلين وتقديمهما مدهما وبسطهما.




        وعند البخاري وغيره أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن بيعتَينِ، وعن لُبستَينِ، وعن صلاتَينِ: "نهى عن الصلاةِ بعدَ الفجرِ حتى تَطلُعَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغرُبَ الشمسُ، وعن اشتِمالِ الصمَّاءِ، وعن الاحتِباءِ في ثوبٍ واحدٍ، يُفْضي بفرجِه إلى السماءِ، وعن المُنابذَةِ، والمُلامسَةِ". وعند مسلم:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله، أو يمشي في نعل واحدة، وأن يشتمل الصماء، وأن يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجه. قال النووي: (وأما اشتمال الصماء بالمد فقال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده، لا يرفع منه جانبا، فلا يبقى ما يخرج منه يده، وهذا يقوله أكثر أهل اللغة. قالابن قتيبة:سميت صماء لأنه سد المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع. قالأبو عبيد:وأما الفقهاء فيقولون هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه. قال العلماء: فعلى تفسير أهل اللغة يكره الاشتمال المذكور لئلا تعرض له حاجة من دفع بعض الهوام ونحوها أو غير ذلك فيعسر عليه، أو يتعذر فيلحقه الضرر. وعلى تفسير الفقهاء يحرم الاشتمال المذكور إن انكشف به بعض العورة، وإلا فيكره. وأما الاحتباء بالمد فهو أن يقعد الإنسان على أليتيه، وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب أو نحوهأو بيده، وهذه القعدة يقال لها الحبوة بضم الحاء وكسرها، وكان هذا الاحتباء عادة للعرب في مجالسهم، فإن انكشف معه شيء من عورته فهو حرام. والله أعلم)[10].




        وفي الجلوس للطعام فقد روى الإمام ابن ماجه من حديث عبد الله بن بسر قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء…وفيه: فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعلني عبداً شكوراً، ولم يجعلني جباراً عنيداً ". وإسناده جيد، وقال ابن حجر: المستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثياً على ركبتيه وظهور قدميه، أو يجلس وينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى. قال ابن القيم في حكمة ذلك: لئلا يحصل الامتلاء المنهي عنه. وقال أيضا في الهدي: ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس متوركاً على ركبتيه، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر اليمنى تواضعاً لله وأدباً بين يديه، وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها، لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله تعالى عليه. وقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل متكئاً، والاتكاء على ثلاثة أنواع:

        أحدهما: الاتكاء على الجنب.

        والثاني: التربع.

        والثالث: الاتكاء على إحدى يديه وأكله بالأخرى، والثلاث مذمومة.


        وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا آكل وأنا متكئ" أخرجه الإمام أحمد والبخاري وابن ماجه.



        وهناك صفة أخرى للأكل نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الانبطاح، فعن ابن عمر أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه. رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم. وهو صحيح.





        الرابع: المشي؛ قال الله: "واقصد في مشيك"، وقال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ﴾ وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً ﴾، قال ابن القيم يصف هدي الرسول عليه الصلاة والسلام في المشي: (كان إذا مشى تكفأ تكفؤا، وكان أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها، قالأبو هريرة: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب، وقال مرة:إذا مشى تقلع، قلت: والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل المشيات وأروحها للأعضاء وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت، فإن الماشي إما أن يتماوت في مشيه ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة، وهي مشية مذمومة قبيحة، وإما أن يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الأهوج، وهي مشية مذمومة أيضا، وهي دالة على خفة عقل صاحبها، ولا سيماإن كان يكثر الالتفات حال مشيه يمينا وشمالا، وإما أن يمشي هونا، وهي مشية عباد الرحمن كما وصفهم بها في كتابه فقال: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63]، قال غير واحد من السلف: بسكينة ووقار من غير تكبر ولا تماوت، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوى له، حتى كان الماشي معه يجهد نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غير مكترث، وهذا يدل على أمرين: أن مشيته لم تكن مشية بتماوت ولا بمهانة، بل مشية أعدل المشيات [11].





        [1] "لسان العرب"، مادة: وقر.

        [2] "الزهد"؛ لابن أبي عاصم،(1 /285).

        [3] "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"؛ للخطيب البغدادي، (1 /156).

        [4] "حلية الأولياء"، (9 /164).

        [5] "شرح صحيح مسلم"؛ للنووي.

        [6] "شرح صحح مسلم".

        [7] "شرح صحيح مسلم"

        [8] "مكارم الأخلاق"؛ لابن أبي الدنيا، (ص:397).

        [9] "فتح الباري"؛ لابن حجر.

        [10] "شرح صحيح مسلم".

        [11]"زاد المعاد".

        تعليق


        • #5
          ‏قال ابن بطَّال :

          "انَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم وطلاقة الوجه من أخلاق النُّبوة وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة".

          شرح صحيح البخارى 5/193



          📉📉📉📉📉📉

          تعليق

          يعمل...
          X