الحمد لله الذي أوجب لعباده المؤمنين الفوز بالجنة والنعيم,ووضع قهره على من أعرض عنه وجعله في دركات الجحيم.
الحمد لله الذي شرح قلوب المؤمنين فنالوا العطايا الفاخرة,أوجبت لهم سعادة الدنيا والآخرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل التقوى والدرجات الزاخرة.وبعد:
فهذه كلمات طيبات,إخترتها من كتاب(طريق الهجرتين وباب السعادتين)للإمام ابن القيم رحمه الله,يصف فيها أحوال الناس في هذه الدنيا وأقسامهم.والإمام ابن القيم آتاه الله فقها عظيما في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,فهو خبير بأمراض القلوب وكيفية علاجها,كما قال العلامة أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري,قال :ابن القيم أحد أطباء القلوب.وصدق حفظه الله.
نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما نقول,وأن يكتب لنا الأجر والمثوبة,وإلى المقصود:
قال الإمام ابن القيم في كتابه(طريق الهجرتين وباب السعادتين):
قاعدة شريفة:الناس قسمان:علية وسفلة.فالعلية من عرف الطريق إلى ربه وسلكها قاصدا الوصول إليه.وهذا هو الكريم إلى ربه.والسفلة من لم يعرف الطريق إلى ربه ولم يتعرفها فهذا هو اللئيم الذي قال الله فيه:(ومن يهن الله فماله من مكرم)والطريق إلى الله في الحقيقة واحد لا تعدد فيه,وهو صراطه المستقيم الذي نصبه موصلا لمن سلكه قال الله تعالى:(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل)فوحد سبيله لأنه في نفسه واحد لا تعدد فيه,وجمع السبل المخالفة لأنها كثيرة متعددة,كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا ثم قال:(هذا سبيل الله)ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ثم قال:(هذه سبل ,على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه)ثم قرأ:(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)ومن هذا قوله تعالى:(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات)فوحد النور الذي هو سبيله وجمع الظلمات التي هي سبيل الشيطان .ومن فهم هذا فهم السر في إفراد النور وجمع الظلمات في قوله:(الحمد لله الذي خلق السموت والأرض وجعل الظلمت والنور)مع أن فيه سر ألطف من هذا يعرفه من يعرف منبع النور ومن أين فاض وعماذا حصل وأن أصله كله واحد.وأما الظلمات فهي متعددة بتعدد الحجب المقتضية لها,وهي كثيرة جدا,لكل حجاب ظلمة خاصة,ولا ترجع الظلمات إلى النور الهادي جل جلاله أصلا ولا وصفا ولا ذاتا ولا إسما ولا فعلا,وإنما ترجع إلى مفعولاته,فهو جاعل الظلمات ومفعولاتها متعددة متكثرة,بخلاف النور فإنه يرجع إلى اسمه وصفته,تعالى أن يكون كمثله شيء وهو نور السموات والأرض.قال ابن مسعود:ليس عند ربكم ليل ولا نهار,نور السموات الأرض من نور وجهه.ذكره الدارمي عنه .وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قلت :يا رسول الله هل رلأيت ربك؟قال:(نور أنى أراه).
والمقصود أن الطريق إلى الله واحد,فإنه الحق المبين والحق واحد,مرجعه إلى واحد.وأما الباطل والضلال فلا ينحصر,بل كل ما سواه باطل,وكل طريق إلى الباطل فهو باطل.فالباطل متعدد وطرقه متعددة.وأما مايقع في كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الإستعدادات واختلافها,رحمة منه وفضلا,فهو صحيخ لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق.وإيضاحه أن الطريق هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله,وما يرضيه متعدد متنوع فجميع ما يرضيه طريق واحد,ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال,وكلها طرق مرضاته.فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جدا لا ختلاف استعدادات العباد وقوابلهم,ولو جعلها نوعا واحدا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الإستعدادات وضعفها لم يسلكها إلا واحد بعد واحد ولكن لما اختلفت الإستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امرئ إلى ربه طريقا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله,ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد مع وحدة المعبود ودينه,ومنه الحديث المشهور(الأنبياء أولاد علات دينهم واحد)فأولاد العلات أن يكون الأب واحدا والأمهات متعددة,فشبه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة,فإنها وإن تعددت فمرجعها إلى أب واحد كلها...يتبع إن شاء الله
الحمد لله الذي شرح قلوب المؤمنين فنالوا العطايا الفاخرة,أوجبت لهم سعادة الدنيا والآخرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل التقوى والدرجات الزاخرة.وبعد:
فهذه كلمات طيبات,إخترتها من كتاب(طريق الهجرتين وباب السعادتين)للإمام ابن القيم رحمه الله,يصف فيها أحوال الناس في هذه الدنيا وأقسامهم.والإمام ابن القيم آتاه الله فقها عظيما في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,فهو خبير بأمراض القلوب وكيفية علاجها,كما قال العلامة أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري,قال :ابن القيم أحد أطباء القلوب.وصدق حفظه الله.
نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما نقول,وأن يكتب لنا الأجر والمثوبة,وإلى المقصود:
قال الإمام ابن القيم في كتابه(طريق الهجرتين وباب السعادتين):
قاعدة شريفة:الناس قسمان:علية وسفلة.فالعلية من عرف الطريق إلى ربه وسلكها قاصدا الوصول إليه.وهذا هو الكريم إلى ربه.والسفلة من لم يعرف الطريق إلى ربه ولم يتعرفها فهذا هو اللئيم الذي قال الله فيه:(ومن يهن الله فماله من مكرم)والطريق إلى الله في الحقيقة واحد لا تعدد فيه,وهو صراطه المستقيم الذي نصبه موصلا لمن سلكه قال الله تعالى:(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل)فوحد سبيله لأنه في نفسه واحد لا تعدد فيه,وجمع السبل المخالفة لأنها كثيرة متعددة,كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا ثم قال:(هذا سبيل الله)ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ثم قال:(هذه سبل ,على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه)ثم قرأ:(وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)ومن هذا قوله تعالى:(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات)فوحد النور الذي هو سبيله وجمع الظلمات التي هي سبيل الشيطان .ومن فهم هذا فهم السر في إفراد النور وجمع الظلمات في قوله:(الحمد لله الذي خلق السموت والأرض وجعل الظلمت والنور)مع أن فيه سر ألطف من هذا يعرفه من يعرف منبع النور ومن أين فاض وعماذا حصل وأن أصله كله واحد.وأما الظلمات فهي متعددة بتعدد الحجب المقتضية لها,وهي كثيرة جدا,لكل حجاب ظلمة خاصة,ولا ترجع الظلمات إلى النور الهادي جل جلاله أصلا ولا وصفا ولا ذاتا ولا إسما ولا فعلا,وإنما ترجع إلى مفعولاته,فهو جاعل الظلمات ومفعولاتها متعددة متكثرة,بخلاف النور فإنه يرجع إلى اسمه وصفته,تعالى أن يكون كمثله شيء وهو نور السموات والأرض.قال ابن مسعود:ليس عند ربكم ليل ولا نهار,نور السموات الأرض من نور وجهه.ذكره الدارمي عنه .وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قلت :يا رسول الله هل رلأيت ربك؟قال:(نور أنى أراه).
والمقصود أن الطريق إلى الله واحد,فإنه الحق المبين والحق واحد,مرجعه إلى واحد.وأما الباطل والضلال فلا ينحصر,بل كل ما سواه باطل,وكل طريق إلى الباطل فهو باطل.فالباطل متعدد وطرقه متعددة.وأما مايقع في كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الإستعدادات واختلافها,رحمة منه وفضلا,فهو صحيخ لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق.وإيضاحه أن الطريق هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله,وما يرضيه متعدد متنوع فجميع ما يرضيه طريق واحد,ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال,وكلها طرق مرضاته.فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جدا لا ختلاف استعدادات العباد وقوابلهم,ولو جعلها نوعا واحدا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الإستعدادات وضعفها لم يسلكها إلا واحد بعد واحد ولكن لما اختلفت الإستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امرئ إلى ربه طريقا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله,ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد مع وحدة المعبود ودينه,ومنه الحديث المشهور(الأنبياء أولاد علات دينهم واحد)فأولاد العلات أن يكون الأب واحدا والأمهات متعددة,فشبه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة,فإنها وإن تعددت فمرجعها إلى أب واحد كلها...يتبع إن شاء الله
تعليق