وصية غريب...! الحمد لله الذي كتب الموت و الفناء على الخلق أجمعين,وجعل الجنة جزاء للموحدين المؤمنين,والنار عقابا للمشركين الكافرين,وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين,أما بعد:
أخي المسلم...
إن الناظر في أحوالنا_لا سيما في هذا الزمان المحشو بالفتن و المدلهمات_يرى غفلة خيمت على كثير منا إلا من رحم الله,غفلة عن أمر جلل,عظيم,كتبه الله و قضاه على عباده,برهم و فاجرهم,مؤمنهم و كافرهم,ألا و هو الموت,هادم اللذات,ومفرق الجماعات,وقاطع الأمنيات,وميتم البنين و البنات,إنه الواعظ الصامت,يأخذ الصحيح و السقيم,والشريف و الوضيع,والصغير و الكبير,و الغني و الفقير.
قال عز وجل في كتابه الكريم:(كل نفس ذائقة الموت)
وقال أيضا(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام)
و قال(قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبؤكم بما كنتم تعملون)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أكثروا من ذكر هادم اللذات,الموت.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء,وخذ من صحتك لمرضك,ومن حياتك لموتك.أخرجه البخاري.
أخي المسلم.. إن لتذكر الموت فضائل سامية و مصالح عالية,لكن الناس يتفاوتون في هذه الفضائل و المصالح,فمنهم محروم,ومنهم مقل,ومنهم مستكثر.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله في مختصر منهاج القاصدين:
اعلم أن المنهمك في الدنيا المكب في غرورها,يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت,فلا يذكره,وإن ذكره كرهه و فر منه,ثم الناس إما منهمك,أو تائب مبتدئ,أو عارف منتبه,فأما المنهمك فلا يذكره,وإن ذكره فيذكره لتأسف على دنياه,ويشتغل بذمه,وهذا لا يزيده ذكر الموت من الله تعالى إلا بعدا.
وأما التائب فإنه يكثر ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية,فيفي بتمام التوبة,وربما يكره الموت خيفة أن يتخطفه قبل تمامها,أو قبل إصلاح الزاد,وهو معذور في كراهة الموت,ولا يدخل بهذا تحت قوله صلى الله عليه وسلم;من كره لقاء الله كره الله لقاءه,فإنه إنما يخاف لقاء الله لقصوره وتقصيره,فهو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا بالإستعداد للقائه على وجه يرضاه,فلا يعد كارها للقائه,وعلامة هذا أن يكون دائم الإستعداد له,لا شغل له سواه,وإلا التحق بالمنهمك في الدنيا.
وأما العارف فإنه يذكر الموت دائما,لأنه موعد لقاء الحبيب,وهو لا ينسى موعد لقاء الحبيب,وهذا في الغالب يستبطئ مجئ الموت,ويحبه ليتخلص من دار العاصين,وينتقل إلى جوار رب العالمين,كما قال بعضهم:حبيب جاء على فاقة.
فإذن التائب معذور في كراهة الموت,وهذا معذور في حب الموت,وتمنيه,واعلى منهما من فوض أمره إلى الله تعالى,فصار لا يختار لنفسه موتا ولا حياة,بل تكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه,فهذا قد انتهى بفرط الحب و الولاء إلى مقام التسليم و الرضى,وهو الغاية والمنتهى.
وعلى كل حال ففي ذكر الموت ثواب وفضل,فإن المنهمك في الدنيا قد يستفيد بذكر الموت,التجافي عن الدنيا,لأن ذكره ينغص عليه نعيمه و يكدره.انتهى.
أخي المسلم...إن كثيرا من الخلق يشكون الضيق والهم والغم,وضيق الصدور,ولا يدرون ما السبب؟والسبب كما قال بعض السلف وقد سأله أحدههم قائلا:مالنا نحب ذكر الدنيا و لا نحب ذكر الآخرة؟فقال له:لأنكم عمرتم الدنيا و خربتم الآخرة,فلا تحبون الإنتقال من العمار إلى الخراب.
قال الحسن البصري:فضح الموت الدنيا,فلم يترك لذي لب فرحا,وما ألزم عبد قلبه ذكر الموت, إلا صغرت الدنيا عليه,وهان عليه جمبع مافيها.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير,وكان يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.
وقال التميمي: شيئان قطعا عني لذة الدنيا:ذكر الموت,وذكر الوقوف بين يدي الله تعالى.
وقال الدقاق:من أكثر من ذكر الموت,أكرم بثلاثة أشياء:الأولى:تعجيل التوبة,وقناعة في القلب و نشاط في العبادة,ومن نسي الموت,عوقب بثلاثة أشياء:تسويف التوبة,وترك الرضا بالكفاف,والتكاسل في العبادة.
وكان حامد القيصري يقول:كلنا قد أيقن الموت ومانرى له مستعدا,وكلنا أيقن بالجنة وما نرى لها عاملا,وكلنا أيقن بالنار وما نرى لها خائفا,فعلام تفرحون,وما عسيتم تنتظرون,فهو أول وارد عليكم من أمر الله بخير,أو بشر,فيا إخوتاه سيروا إلى ربكم سيرا جميلا...
قال شميط بن عجلان:من جعل الموت نصب عنيه,لم يبال بضيق الدنيا و لا بسعتها.
قال سفيان الثوري رحمه الله.
...يتبع إن شاء الله...
أخي المسلم...
إن الناظر في أحوالنا_لا سيما في هذا الزمان المحشو بالفتن و المدلهمات_يرى غفلة خيمت على كثير منا إلا من رحم الله,غفلة عن أمر جلل,عظيم,كتبه الله و قضاه على عباده,برهم و فاجرهم,مؤمنهم و كافرهم,ألا و هو الموت,هادم اللذات,ومفرق الجماعات,وقاطع الأمنيات,وميتم البنين و البنات,إنه الواعظ الصامت,يأخذ الصحيح و السقيم,والشريف و الوضيع,والصغير و الكبير,و الغني و الفقير.
قال عز وجل في كتابه الكريم:(كل نفس ذائقة الموت)
وقال أيضا(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام)
و قال(قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبؤكم بما كنتم تعملون)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أكثروا من ذكر هادم اللذات,الموت.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء,وخذ من صحتك لمرضك,ومن حياتك لموتك.أخرجه البخاري.
أخي المسلم.. إن لتذكر الموت فضائل سامية و مصالح عالية,لكن الناس يتفاوتون في هذه الفضائل و المصالح,فمنهم محروم,ومنهم مقل,ومنهم مستكثر.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله في مختصر منهاج القاصدين:
اعلم أن المنهمك في الدنيا المكب في غرورها,يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت,فلا يذكره,وإن ذكره كرهه و فر منه,ثم الناس إما منهمك,أو تائب مبتدئ,أو عارف منتبه,فأما المنهمك فلا يذكره,وإن ذكره فيذكره لتأسف على دنياه,ويشتغل بذمه,وهذا لا يزيده ذكر الموت من الله تعالى إلا بعدا.
وأما التائب فإنه يكثر ذكر الموت لينبعث به من قلبه الخوف والخشية,فيفي بتمام التوبة,وربما يكره الموت خيفة أن يتخطفه قبل تمامها,أو قبل إصلاح الزاد,وهو معذور في كراهة الموت,ولا يدخل بهذا تحت قوله صلى الله عليه وسلم;من كره لقاء الله كره الله لقاءه,فإنه إنما يخاف لقاء الله لقصوره وتقصيره,فهو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا بالإستعداد للقائه على وجه يرضاه,فلا يعد كارها للقائه,وعلامة هذا أن يكون دائم الإستعداد له,لا شغل له سواه,وإلا التحق بالمنهمك في الدنيا.
وأما العارف فإنه يذكر الموت دائما,لأنه موعد لقاء الحبيب,وهو لا ينسى موعد لقاء الحبيب,وهذا في الغالب يستبطئ مجئ الموت,ويحبه ليتخلص من دار العاصين,وينتقل إلى جوار رب العالمين,كما قال بعضهم:حبيب جاء على فاقة.
فإذن التائب معذور في كراهة الموت,وهذا معذور في حب الموت,وتمنيه,واعلى منهما من فوض أمره إلى الله تعالى,فصار لا يختار لنفسه موتا ولا حياة,بل تكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه,فهذا قد انتهى بفرط الحب و الولاء إلى مقام التسليم و الرضى,وهو الغاية والمنتهى.
وعلى كل حال ففي ذكر الموت ثواب وفضل,فإن المنهمك في الدنيا قد يستفيد بذكر الموت,التجافي عن الدنيا,لأن ذكره ينغص عليه نعيمه و يكدره.انتهى.
أخي المسلم...إن كثيرا من الخلق يشكون الضيق والهم والغم,وضيق الصدور,ولا يدرون ما السبب؟والسبب كما قال بعض السلف وقد سأله أحدههم قائلا:مالنا نحب ذكر الدنيا و لا نحب ذكر الآخرة؟فقال له:لأنكم عمرتم الدنيا و خربتم الآخرة,فلا تحبون الإنتقال من العمار إلى الخراب.
قال الحسن البصري:فضح الموت الدنيا,فلم يترك لذي لب فرحا,وما ألزم عبد قلبه ذكر الموت, إلا صغرت الدنيا عليه,وهان عليه جمبع مافيها.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير,وكان يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.
وقال التميمي: شيئان قطعا عني لذة الدنيا:ذكر الموت,وذكر الوقوف بين يدي الله تعالى.
وقال الدقاق:من أكثر من ذكر الموت,أكرم بثلاثة أشياء:الأولى:تعجيل التوبة,وقناعة في القلب و نشاط في العبادة,ومن نسي الموت,عوقب بثلاثة أشياء:تسويف التوبة,وترك الرضا بالكفاف,والتكاسل في العبادة.
وكان حامد القيصري يقول:كلنا قد أيقن الموت ومانرى له مستعدا,وكلنا أيقن بالجنة وما نرى لها عاملا,وكلنا أيقن بالنار وما نرى لها خائفا,فعلام تفرحون,وما عسيتم تنتظرون,فهو أول وارد عليكم من أمر الله بخير,أو بشر,فيا إخوتاه سيروا إلى ربكم سيرا جميلا...
قال شميط بن عجلان:من جعل الموت نصب عنيه,لم يبال بضيق الدنيا و لا بسعتها.
قال سفيان الثوري رحمه الله.
...يتبع إن شاء الله...
تعليق