رسالة عاجلة
إلى أهل السنة في اليمن
إلى أهل السنة في اليمن
أما بعد :
فهذه نصائح أوجهها لنفسي أولا، ثم لإخواننا أهل السنة في يمن الإيمان وغيرها، للنجاة من تربص الأعداء، والفوز بالنعيم في الدنيا والآخرة :
أولا: أوصيكم ونفسي بوصية الله للأولين والآخرين {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:131]، فإن تقوى الله من أعظم أسباب حصول الخيرات، وتفريج الكربات، والنجاة من الفتن، قال الله تعالى: { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)} [آل عمران: 120].
"فبعد أن بين الله في الآيات السابقة شدة عداوة المنافقين للمؤمنين، وشرح ما هم عليه من الصفات الخبيثة، أمر عباده المؤمنين: بالصبر ولزوم التقوى، وأنهم إذا قاموا بذلك؛ فلن يضرهم كيد أعدائهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم؛ فإن الله محيط بهم، وبأعمالهم ومكائدهم التي يكيدونكم بها، وقد وعدكم عند القيام بالتقوى أنهم لا يضرونكم شيئا؛ فلا تشكوا في حصول ذلك!"([1])
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "...وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ الشَّدِيدَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى صَلَاحِ نُفُوسِهِمْ وَدَفْعِ الذُّنُوبِ عَنْ نُفُوسِهِمْ عِنْدَ الْمُقْتَضِي لِلْفِتْنَةِ عِنْدَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ أَيْضًا إلَى أَمْرِ غَيْرِهِمْ وَنَهْيِهِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْوَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ مِنْ الصُّعُوبَةِ مَا فِيهِ؛ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَمَرَهُمْ بِدَعْوَةِ النَّاسِوَجِهَادِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ [ووعدهم إن قاموا بذلك بالنصر والتمكين] كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } . وَكَمَا قَالَ : { إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } وَكَمَا قَالَ : { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } . وَكَمَا قَالَ : { وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }"([2]) .
وأمرُ المؤمن المبتلى بالفتن بتقوى الله بإصلاح نفسه ودفع الذنوب عنها لا يعني أنه واقع في الذنوب لا محالة! وأنه ما ابتلي إلا بسبب ذلك ؛فإن هذا قصور في العلم بالله وبشرعه وسوء ظن به سبحانه وتعالى فلقد ابتلى الله جل جلاله أتقى خلقه وأخشاهم له بأشد ما يكون من الأذى والفتن وهم أهله وخاصته وليس ذلك لهوانهم عليه وإنما ليرفعهم في الدنيا والآخرة وينصرهم نصرا عزيزا إلى غير ذلك من حكم الابتلاء العظيمة. ومع ذلك ينبغي للمؤمن أن يكون دائم المحاسبة لنفسه دائم التوبة النصوح من جميع الذنوب.
أما عما يشيعه بعض المرجفين أشباه الرجال المنتسبين إلى السنة من أن ما أصاب أهل السنة في دماج إنما كان بسبب كلامهم في الدعاة؛ فنقول لهم: كذبتم واللّه؛ فإن التحذير من أهل البدع والتميّع والضلال من تقوى اللّه، ومن أسباب النصر على الأعداء؛ والتخاذل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمداهنة على حساب الدين من أعظم أسباب الوهن والهزيمة، فكفوا عن النعيق بالباطل أيها المخذولون الذين عاقبكم الله على ذنوبكم بطمس البصائر؛ فصرتم تعدون المنكر معروفا، والمعروف منكرا؛ فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به..
وما خرج أهل السنة من دماج -بعد مئة يوم من الحصار والعدو محيط بهم يضرب بشتى الأسلحة الثقيلة، وكلما سولت له نفسه القرب انكسر- إلا منتصرين شامخي الرؤوس، سالمين، بعلمائهم ومشايخهم، بعتادهم وعدتهم، أينما حلوا نفعوا؛ فأين الهزيمة أيها الشامتون؟
ثم أقول: ألا تخافون أن ينالكم من إثم سفك الدما ء الطاهرة التي أهدرت في دماج من جراء تثبيطكم وإرجافكم ما تجدونه يوم القيامة في صحائف أعمالكم؛ فيا لخيبتكم أيها المجرمون. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما"([3]) وعنه رضي الله عنه قال :(إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله) ([4]) فنعوذ بالله من خاتمة السوء.
ثانيا: أوصيكم ونفسي بالصبر والرضا بما قدره الله وقضاه فهو ربنا وإلهنا وهو أرحم منا بأنفسنا وأعلم بما ينفعنا وهو علام الغيوب ولقد وعدنا بالنصر إن صبرنا واتقينا{وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ } [التوبة: 111] .
بل إني أوصيكم ونفسي بشكر الله على الابتلاء؛ فإن كل ما يقضيه الله لعبده المؤمن خير له و"القواطع [في طريق الحق] محنٌ يتبين بها الصادق من الكاذب فإذا خضتها انقلبت أعوانا لك توصلك إلى المقصود"([5])." فإن مكاره الدنيا التي تصيب العبد في سبيل الله عند توطين النفس عليها ، وتمرينها عليها ومعرفة ما تؤول إليه تنقلب عند أرباب البصائر منحاً يُسرّون بها ولا يبالون بها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"([6]). وطريق ذلك الاستعانة بالله تعالى على أن تكون "عبدَه الموقوف على مراضيه سبحانه أين كانت وكيف كانت تعبت بها أو استرحت ، تنعمت أو تألمت أخرجتك إلى الناس أو عزلتك عنهم ، لا تختارُ لنفسك غير ما يختاره لك سيدك ومولاك سبحانه وتعالى ،واقف مع أمر الله تنفذه بحسب الإمكان ،ونفسك أهون عليك أن تقدم راحتها ولذتها على مرضاته سبحانه "([7]) فترى كل مصيبة هينة إلا مصيبة الدين فإن بلغت ذلك استحالت المحن عطايا والبلايا هدايا ِلما تحدث للقلب من انفتاح عين البصرة لزيادة العلم بذي الجلال والإكرام وزيادة القرب منه واستشعار معيته سبحانه "وألطاف الله فوق ما يسنح بالبال أو يدور في الخيال".
ثالثا: أوصيكم ونفسي بحسن الظن بالله تعالى والتوكل عليه فالله مولى الذين آمنوا ووليهم في الدنيا والآخرة وناصرهم ومعزهم ولو كره الكافرون؛ فيا أهل السنة إن الله معكم؛ فتوكلوا عليه وأحسنوا الظن به ولا تشكُّوا طرفة عين في حفظه لكم، ونصركم على أعدائكم ولو بعد حين، واللهُ عند ظن عبده به؛ فلا تظنوا به إلا خيرا، واعتمدوا عليه وحده، ولا يرهبنكم عتاد عدوكم الحوثي ولا عتاد غيره من الكفار؛ فإنها لا تساوي شيئا أمام من بيده ملكوت كل شيء؛ وهو يجير ولا يجار عليه؛ وهم جميعا قلوبهم بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء؛ فاستعينوا به وتوكلوا عليه عزّ جاره، وجلّ ثناؤه، لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [البقرة: 153].
فنحن إن قمنا بما أوجبه الله علينا من الإيمان والعمل الصالح؛ فالله ناصرنا على الذين كفروا، ولو كنا في أشد الضعف المادي وهم في أشد ما يكون من القوة والبطش، وهذا ظاهر عيانا لمن تدبر ما قصه الله علينا من أنباء الرسل نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، جاءوا أقوامهم بالبينات والهدى؛ فاغتر الذين كفروا منهم بما هم عليه من القوة والبأس، وتحدّوا الجبار المنتقم؛ فجعلهم حصيدا خامدين { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37] فالله عز وجل ما ذكر لنا أحوال رسله صلوات الله وسلامه عليهم إلا لنقتدي بهم، ونقتفي آثارهم فينالنا ما نالهم من النصر والتمكين.
ومن المبشرات في هذا الباب ما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم من أن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:"سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ " قالوا : نعم يا رسول الله قال :"لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط جانبها الآخر ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله والله أكبر . فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا ) فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح [ الدجال ] قد خلفكم في أهليكم . فيخرجون وذلك باطل [ فيتركون كل شيء ويرجعون ] فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة [ صلاة الصبح ] فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريه دمه في حربته"أخرجه مسلم ( 8 / 175 - 176 )
وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأن القتال في آخر الزمان يكون بالسهام والسيوف! فأين تكون دبابات الكفار ومدافعهم؟! ورشاشاتهم وقنابلهم؟! والأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل؟! فالله الذي مكنهم منها، قادر على نسفها وإياهم.
فيا أيها المسلمون المقيمون في بلاد الكفر سارعوا في الهجرة منها؛ فإنها منذرة بعذاب أليم. ويا أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها اثبتوا على دين الله واستمروا في بناء صرح الإيمان لا يثنيكم عن ذلك ما يلقيه شياطين الإنس والجن في الأسماع والقلوب من التخويف من الكافرين، واقتفوا أثر نبيكم صلى الله عليه وسلم وأثر صحابته الكرام رضوان الله عليهم{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) } [آل عمران: 173ـ175] وقال تعالى{فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44]وقال الله تعالى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} [التوبة: 40].
رابعا :حذار من الحزن فلقَدْ"نَهَى اللَّهُ عِبَادَهُ عَنْ الْوَهَنِ وَالْحُزْنِ ؛ فَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }"([8]) "والحزن لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ بَلْ قَدْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَقَوْلُهُ : { وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } وَقَوْلُهُ : { إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا } وَقَوْلُهُ : { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ } وَقَوْلُهُ : { لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ . وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ مَنْفَعَةً وَلَا يَدْفَعُ مَضَرَّةً فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ. نَعَمْ لَا يَأْثَمُ صَاحِبُهُ إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِحُزْنِهِ مُحَرَّمٌ كَمَا يَحْزَنُ عَلَى الْمَصَائِبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُ عَلَى دَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا عَلَى حُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُ عَلَى هَذَا أَوْ يَرْحَمُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى لِسَانِهِ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ } وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } . وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِالْحُزْنِ مَا يُثَابُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَيُحْمَدُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَحْمُودًا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَا مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ كَالْحَزِينِ عَلَى مُصِيبَةٍ فِي دِينِهِ وَعَلَى مَصَائِبِ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا فَهَذَا يُثَابُ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ حُبِّ الْخَيْرِ وَبُغْضِ الشَّرِّ وَتَوَابِعِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْحُزْنَ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَفْضَى إلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ مِنْ الصَّبْرِ وَالْجِهَادِ وَجَلْبِ مَنْفَعَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ نُهِيَ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ حَسَبَ صَاحِبِهِ رُفِعَ الْإِثْمُ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الْحُزْنِ وَأَمَّا إنْ أَفْضَى إلَى ضَعْفِ الْقَلْبِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ كَانَ مَذْمُومًا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَ مَحْمُودًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى"([9]).
خامسا :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} [الأنفال: 45] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِ نَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [البقرة: 153].
سادسا :{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} [الشرح: 5، 6](واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً) .
وإلى كل حوثي جبار عنيد نقول: أتدرون من تحاربون؟! إنكم تحاربون رب العالمين الذي له ملك السموات والأرضين الذي خلقكم وإليه ترجعون فتوبوا إليه واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم فإن توليتم فأنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون،أنذركم عذابا أليما يحلّ بساحتكم فلا تنصرون. ونبشركم إن لم تتوبوا بخزي عظيم في الدنيا قبل الآخرة قال الله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)} [البقرة: 114].
ألا يارب إن هؤلاء قوم مجرمون فأرسل عليهم عذابا أليما إن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم دول الكفر وزلزلهم وانصرنا عليهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أم حاتم بنت علي الجزائرية
([1])تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص(130) بتصرف.
([2]) مجموع الفتاوى [28 /165]، وما بين المعكوفتين زيادة يقتضيها السياق.
([3])صحيح البخاري (6862 )
([4])صحيح البخاري (6863).
([5]) الفوائد[71].
([6]) تيسير الكريم الرحمن (ص134).
([7]) "الفوائد" لابن القيم.
([8])مجموع الفتاوى لابن تيمية[6 /117].
([9])مجموع الفتاوى لابن تيمية[10 /17].
تعليق