بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يُحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..............وبعد،
فأقدّم بين يدي إخواني طلبة العلم هذه الفوائد الذهبية من شرح الأربعين النووية لشيخنا العلامة المحدث أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى- اقتطفتها من ذلك الكتاب الماتع (شرح الأربعين النووية).
هذا ، وأسال الله أن ينفعنا جميعا بهذه الفوائد وأن يجزي شيخنا خيرا ويبارك فيه وفي علمه.
وستكون هذه الفوائد على شكل سلسلة:
-------------------------------فأقدّم بين يدي إخواني طلبة العلم هذه الفوائد الذهبية من شرح الأربعين النووية لشيخنا العلامة المحدث أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى- اقتطفتها من ذلك الكتاب الماتع (شرح الأربعين النووية).
هذا ، وأسال الله أن ينفعنا جميعا بهذه الفوائد وأن يجزي شيخنا خيرا ويبارك فيه وفي علمه.
وستكون هذه الفوائد على شكل سلسلة:
(الحديث الرابع)
قال الإمام البخاري -رحمه الله -:
حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن زيد بن وهب قال عبد الله: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق قال:((إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة))، وأخرجه مسلم.
الفوائد:
.هذا الحديث مخيف جداً، وذلك أن الإنسان لا يدري بماذا يختم له، لأن الأعمال بالخواتيم فعلى المسلم أن يبقى خائفاً خاضعاً ذليلاً لله سبحانه وتعالى داعياً لربه أن يختم له بالحسنى،
فمنهم من يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، قال تعالى:{وما ربك بظلّام للعبيد}،
قال الطحاوي-رحمه الله -: يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلاً، ويذل من يشاء ويخذل ويبتلى عدلاً.
..............................................
.هذا الحديث فيه كتابة الشقاوة والسعادة قبل أن يخلق العبد، ولكن الله ييسر للحسنى من عمل بالحسنى، قال تعالى:{فأما من أعطى واتقى(5) وصدق بالحسنى(6) فسنيسره لليسرى(7) وأما من بخل واستغنى(8) وكذب بالحسنى(9) فسنيسره للعسرى(10)}،
وإنما يزداد المؤمن يقيناً بهذا الحديث أنه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وأن الأمر كله لله سبحانه (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56) ،
فلا يستطيع أن يتصرف في نفسه بحيث يصيرها لعمل خير ونفسه بين جنبيه فضلاً عن غيرها، قد تزاغ وهو يشعر أنه زيغ ولكن لا يستطيع أن يملك نفسه، قال الله تعالى:(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (الصف:5) ، وقال سبحانه:( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (لأنفال:24)
..............................................
.يجب على المسلم أن يبقى داعياً لله سبحانه وتعالى أن يثبته على دينه، إمام المتقين-صلى الله عليه وسلم- يضرع إلى ربه بقوله:((يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك))، ثبت هذا عن جماعة من الصحابة، منهم: عبد الله بن عمرو بن العاص.
وفي حديث ابن عباس، وهو صحيح، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان يقول:((رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، وأهدني ويسر هداي إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شاكراً، لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً ومنيباً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي، وثبت حجتي، وأهد قلبي، واسلل سخيمة قلبي))، يطلب من الله عز وجل أن يهدي قلبه، وهو إمام المتقين، وقد قال الله سبحانه:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله}، ومع ذلك يدعو بهذه الأدعية خوفاً من الله وطمعاً في رحمته،
فعلى المسلم أن يبقى خائفاً من سوء الخاتمة إنما الأعمال بالخواتيم يا إخوان، خطر على الإنسان، يجعل القلب يبقى خائفاً من أن يسبق عليه عملٌ أو رياء أو بعض الأعمال التي لا يرضاها الله سبحانه فلا يدري إلا وخاتمة السوء تهجم عليه نسأل الله العافية والسلامة.
..............................................
.قوله:((حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق))، هذا بيان لما عليه النبي-صلى الله عليه وسلم-،
وقد جاء عن بعضهم قال: حدثنا البراء وهو غير كذوب، أيضاً هو بيان لما عليه البراء، فليس معناه قصد التعديل في هذا الموضوع إنما ذكر ما هو حاصل وما هو واقع، كان يلقب بالأمين أو بالصادق الأمين يعرفه مشركو قريش وغيرهم.
..............................................
.قوله:((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه))، البطن يحوي الأمعاء ويحوي المعدة، ويحوي غير ذلك، ولكن المقصود هنا الرحم، ويقولون: إنه إذا لُصق بغير الرحم ما يحصل حمل ولا وضع.
..............................................
.قوله:((أربعين يوماً))، النطفة تكون علقة بعد الأربعين يوماً.
..............................................
.قوله:((ثم يكون علقة مثل ذلك))، علقة من الدم لكنه متجمد.
..............................................
.قوله:((ثم يكون مضغة مثل ذلك))، أي: دم مثل اللحمة الممضوغة، ستكون مائة وعشرون يوماً، ثم بعد المائة والعشرين يرسل الله الملك، فينفخ فيه الروح.
..............................................
.وعلى هذا الحديث تبني أحكام
أنه إذا سقط الجنين بعد هذه الفترة يغسل ويكفن ويصلى عليه
وأنه إذا أسقطوه عمداً بعد هذه الفترة، فإن خرج ميتاً من إثر ضرب، أو قتلوه بعد هذه الفترة، بعض أهل العلم يقول: فيه القَوْد،
وإن قتلوه خطأ، إنما أرادوا ضرب أمه وخرج ميتاً ففيه غرة عبد أو أمة، أو ما يقول مقام ذلك،
وإن خرج حياً ومات من إثر ذلك الضرب فنقل ابن عبد البر الإجماع أن فيه الدِّيَة كاملة.
..............................................
.هذا والأقلام كثيرة، ذكر ابن القيم -رحمة الله عليه- جملة في ذلك:
القلم الأول: يدل عليه قوله تعالى:{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى}...الآية.
القلم الثاني: وهو أشرف الأقلام، ما ذُكِرَ في حديث عبادة بن الصامت أن النبي قال: (لما خلق الله القلم قال له: أكتب، قال: وما أكتب؟ قال ما هو كائن إلى يوم القيامة))، وهذا القلم الشامل.
القلم الثالث: قلم كتابة الأجنة وشقي أو سعيد، وهو المذكور في حديث ابن مسعود هذا.
القلم الرابع: قلم البلوغ، لحديث:((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل))، جاء عن علي، وعمر، وهو صحيح.
القلم الخامس: ما ذكر في حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
..............................................
.هذا الحديث فيه ذكر أطوار الإنسان وليس أطواره من أول خلقه، وإنما ذكر أطوار تكوينه في الرحم، والله سبحانه وتعالى يقول:{مالكم لا ترجون لله وقاراً(13) وقد خلقكم أطواراً(14)} ( نوح) .
وقال سبحانه مبيناً تلك الأطوار:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين(12) ثم جعلنه نطفة في قرارٍ مكين(13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(14)ثم إنكم بعد ذلك لميتون(15) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون(16)} (المؤمنون ).
..............................................
.وأول خلق الإنسان من تراب، قال تعالى:{يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب}،
ثم بعد التراب من طين، قال الله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}، يخلط الطين بالماء فبعد ذلك يكون طيناً لازباً،
وقولنا يخلط بالماء لقول الله سبحانه وتعالى:{والله خلق كل دآبة من ماء}، وقال سبحانه:{وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً}، فدل هذا على أنه من ماء.
والشافعي يقول كما في كتاب((السنن الصغرى))، للبيهقي في كتاب[طهارة المنى]، يقول: أصل خلق آدم من تراب، والتراب طاهر، ومن ماء والماء طاهر، ثم بعد ذلك يخلط الماء بالطين فيصير طيناً لازباً، قال تعالى:{أهم أشد خلقاً أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب}، طين متماسك، ثم بعد الطين المتماسك، وقال تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإٍ مسنون}، وقال تعالى:{و الجآن خلقناه من قبل من نار السموم}، والحمأ: الطين الأسود، والمسنون: هو المتغير، ثم بعد ذلك يصير صلصالاً كالفخار مثل الحجارة والفخار معروف، فهذه مراحل الإنسان في خلقه، قال تعالى:{هل أتى على الإنسان شيء من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً(1) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه}, أمشاج أي: أخلاط، {فجعلناه سميعاً بصيرا}، هذا ما يتعلق بالأطوار التي قبل تكوينه في الرحم، والحديث فيه أطوار خلقه في الرحم فقط.
..............................................
.قوله:((ثم ينفخ فيه الروح))، وقوله:{ونفخت فيه من روحي}، ليس فيه إثبات صفة الروح لله سبحانه، ولكن المقصود: ينفخ فيه من الأرواح التي عنده كذا قال أهل العلم, فإن هذه الروح مخلوقة وصفات الله تليق بجلاله سبحانه، ولا يجوز أن يعتقد أن صفات الله مخلوقة.
......................................
حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن زيد بن وهب قال عبد الله: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق قال:((إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة))، وأخرجه مسلم.
الفوائد:
.هذا الحديث مخيف جداً، وذلك أن الإنسان لا يدري بماذا يختم له، لأن الأعمال بالخواتيم فعلى المسلم أن يبقى خائفاً خاضعاً ذليلاً لله سبحانه وتعالى داعياً لربه أن يختم له بالحسنى،
فمنهم من يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، قال تعالى:{وما ربك بظلّام للعبيد}،
قال الطحاوي-رحمه الله -: يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلاً، ويذل من يشاء ويخذل ويبتلى عدلاً.
..............................................
.هذا الحديث فيه كتابة الشقاوة والسعادة قبل أن يخلق العبد، ولكن الله ييسر للحسنى من عمل بالحسنى، قال تعالى:{فأما من أعطى واتقى(5) وصدق بالحسنى(6) فسنيسره لليسرى(7) وأما من بخل واستغنى(8) وكذب بالحسنى(9) فسنيسره للعسرى(10)}،
وإنما يزداد المؤمن يقيناً بهذا الحديث أنه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وأن الأمر كله لله سبحانه (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56) ،
فلا يستطيع أن يتصرف في نفسه بحيث يصيرها لعمل خير ونفسه بين جنبيه فضلاً عن غيرها، قد تزاغ وهو يشعر أنه زيغ ولكن لا يستطيع أن يملك نفسه، قال الله تعالى:(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (الصف:5) ، وقال سبحانه:( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (لأنفال:24)
..............................................
.يجب على المسلم أن يبقى داعياً لله سبحانه وتعالى أن يثبته على دينه، إمام المتقين-صلى الله عليه وسلم- يضرع إلى ربه بقوله:((يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك))، ثبت هذا عن جماعة من الصحابة، منهم: عبد الله بن عمرو بن العاص.
وفي حديث ابن عباس، وهو صحيح، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان يقول:((رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، وأهدني ويسر هداي إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شاكراً، لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتاً ومنيباً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي، وثبت حجتي، وأهد قلبي، واسلل سخيمة قلبي))، يطلب من الله عز وجل أن يهدي قلبه، وهو إمام المتقين، وقد قال الله سبحانه:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله}، ومع ذلك يدعو بهذه الأدعية خوفاً من الله وطمعاً في رحمته،
فعلى المسلم أن يبقى خائفاً من سوء الخاتمة إنما الأعمال بالخواتيم يا إخوان، خطر على الإنسان، يجعل القلب يبقى خائفاً من أن يسبق عليه عملٌ أو رياء أو بعض الأعمال التي لا يرضاها الله سبحانه فلا يدري إلا وخاتمة السوء تهجم عليه نسأل الله العافية والسلامة.
..............................................
.قوله:((حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق))، هذا بيان لما عليه النبي-صلى الله عليه وسلم-،
وقد جاء عن بعضهم قال: حدثنا البراء وهو غير كذوب، أيضاً هو بيان لما عليه البراء، فليس معناه قصد التعديل في هذا الموضوع إنما ذكر ما هو حاصل وما هو واقع، كان يلقب بالأمين أو بالصادق الأمين يعرفه مشركو قريش وغيرهم.
..............................................
.قوله:((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه))، البطن يحوي الأمعاء ويحوي المعدة، ويحوي غير ذلك، ولكن المقصود هنا الرحم، ويقولون: إنه إذا لُصق بغير الرحم ما يحصل حمل ولا وضع.
..............................................
.قوله:((أربعين يوماً))، النطفة تكون علقة بعد الأربعين يوماً.
..............................................
.قوله:((ثم يكون علقة مثل ذلك))، علقة من الدم لكنه متجمد.
..............................................
.قوله:((ثم يكون مضغة مثل ذلك))، أي: دم مثل اللحمة الممضوغة، ستكون مائة وعشرون يوماً، ثم بعد المائة والعشرين يرسل الله الملك، فينفخ فيه الروح.
..............................................
.وعلى هذا الحديث تبني أحكام
أنه إذا سقط الجنين بعد هذه الفترة يغسل ويكفن ويصلى عليه
وأنه إذا أسقطوه عمداً بعد هذه الفترة، فإن خرج ميتاً من إثر ضرب، أو قتلوه بعد هذه الفترة، بعض أهل العلم يقول: فيه القَوْد،
وإن قتلوه خطأ، إنما أرادوا ضرب أمه وخرج ميتاً ففيه غرة عبد أو أمة، أو ما يقول مقام ذلك،
وإن خرج حياً ومات من إثر ذلك الضرب فنقل ابن عبد البر الإجماع أن فيه الدِّيَة كاملة.
..............................................
.هذا والأقلام كثيرة، ذكر ابن القيم -رحمة الله عليه- جملة في ذلك:
القلم الأول: يدل عليه قوله تعالى:{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى}...الآية.
القلم الثاني: وهو أشرف الأقلام، ما ذُكِرَ في حديث عبادة بن الصامت أن النبي قال: (لما خلق الله القلم قال له: أكتب، قال: وما أكتب؟ قال ما هو كائن إلى يوم القيامة))، وهذا القلم الشامل.
القلم الثالث: قلم كتابة الأجنة وشقي أو سعيد، وهو المذكور في حديث ابن مسعود هذا.
القلم الرابع: قلم البلوغ، لحديث:((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل))، جاء عن علي، وعمر، وهو صحيح.
القلم الخامس: ما ذكر في حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
..............................................
.هذا الحديث فيه ذكر أطوار الإنسان وليس أطواره من أول خلقه، وإنما ذكر أطوار تكوينه في الرحم، والله سبحانه وتعالى يقول:{مالكم لا ترجون لله وقاراً(13) وقد خلقكم أطواراً(14)} ( نوح) .
وقال سبحانه مبيناً تلك الأطوار:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين(12) ثم جعلنه نطفة في قرارٍ مكين(13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(14)ثم إنكم بعد ذلك لميتون(15) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون(16)} (المؤمنون ).
..............................................
.وأول خلق الإنسان من تراب، قال تعالى:{يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب}،
ثم بعد التراب من طين، قال الله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}، يخلط الطين بالماء فبعد ذلك يكون طيناً لازباً،
وقولنا يخلط بالماء لقول الله سبحانه وتعالى:{والله خلق كل دآبة من ماء}، وقال سبحانه:{وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً}، فدل هذا على أنه من ماء.
والشافعي يقول كما في كتاب((السنن الصغرى))، للبيهقي في كتاب[طهارة المنى]، يقول: أصل خلق آدم من تراب، والتراب طاهر، ومن ماء والماء طاهر، ثم بعد ذلك يخلط الماء بالطين فيصير طيناً لازباً، قال تعالى:{أهم أشد خلقاً أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب}، طين متماسك، ثم بعد الطين المتماسك، وقال تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإٍ مسنون}، وقال تعالى:{و الجآن خلقناه من قبل من نار السموم}، والحمأ: الطين الأسود، والمسنون: هو المتغير، ثم بعد ذلك يصير صلصالاً كالفخار مثل الحجارة والفخار معروف، فهذه مراحل الإنسان في خلقه، قال تعالى:{هل أتى على الإنسان شيء من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً(1) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه}, أمشاج أي: أخلاط، {فجعلناه سميعاً بصيرا}، هذا ما يتعلق بالأطوار التي قبل تكوينه في الرحم، والحديث فيه أطوار خلقه في الرحم فقط.
..............................................
.قوله:((ثم ينفخ فيه الروح))، وقوله:{ونفخت فيه من روحي}، ليس فيه إثبات صفة الروح لله سبحانه، ولكن المقصود: ينفخ فيه من الأرواح التي عنده كذا قال أهل العلم, فإن هذه الروح مخلوقة وصفات الله تليق بجلاله سبحانه، ولا يجوز أن يعتقد أن صفات الله مخلوقة.
......................................
يُتبـــــــــع إن شاء الله....
تعليق